الحقوق العينية التبعية أو التأمينات العينية في القانون المدني
تُعد الحقوق العينية التبعية، أو ما يُعرف بالتأمينات العينية، من الوسائل القانونية التي تُمنح للدائن لضمان استيفاء حقه من المدين، وهي لا تنشأ إلا تبعًا لوجود دين أصلي. وتمنح هذه الحقوق للدائن سلطات خاصة على مال معين، سواء كان هذا المال مملوكًا للمدين أو للغير، وتُتيح له حق التتبع والتقدم على سائر الدائنين في استيفاء دينه. ومن أبرز صور التأمينات العينية: الرهن الرسمي، الرهن الحيازي، وحق الامتياز. وتكمن أهمية هذه الحقوق في أنها توفر ضمانًا فعّالًا للدائن، مما يسهم في تعزيز الثقة بين أطراف المعاملات المدنية ويقلل من مخاطر عدم السداد.
الحقوق العينية التبعية أو التأمينات العينية في القانون المدني المادة 1030 في القانون المدني
المادة 1030 من القانون المدني المصري تتعلق بحالات “الحق في الانتفاع” وتوضح الشروط والآثار المترتبة على هذا الحق. ينظم القانون المصري في هذا السياق الحقوق العينية التي تتيح للفرد الانتفاع بشيء مملوك لشخص آخر، وبالتالي يتعين معرفة كيفية تطبيق هذا الحق وما يرتبط به من التزامات وآثار قانونية.
نص المادة 1030 من القانون المدني :
الرهن الرسمى عقد به يكسب الدائن على عقار مخصص لوفاء دينه حقا عينيا، يكون له بمقتضاه أن يتقدم على الدائنين العاديين والدائنين التالين له فى المرتبة فى استيفاء حقه من ثمن ذلك العقار فى أى يد يكون
تعريف الانتفاع:
الانتفاع هو حق عيني يمكن صاحبه من استخدام شيء مملوك للغير واستخراج الثمار والعوائد منه، سواء كانت هذه الثمار مادية (مثل المحاصيل الزراعية) أو غير مادية (مثل الإيجار). يختلف هذا الحق عن الملكية، حيث لا يتمتع المنتفع بحق بيع الشيء أو نقله إلى شخص آخر، بل يقتصر على استخدامه والاستفادة منه.
خصائص حق الانتفاع:
-
حق عيني: يعني أن الحق يتعلق بالمال نفسه وليس بالشخص. المنتفع يملك حقًا مباشرًا في الاستفادة من الشيء المملوك للغير، ولكن ليس له الحق في التصرف فيه.
-
مؤقت أو دائم: قد يكون حق الانتفاع موقتًا لفترة معينة كما هو الحال في الاتفاقات التي تحدد مدة زمنية للانتفاع، أو قد يكون دائمًا طالما بقي الشيء في حالة صالحة للاستخدام.
-
غير قابل للتحويل: لا يمكن للمنتفع أن يبيع أو يهب حق الانتفاع للآخرين إلا إذا كان ذلك منصوصًا عليه في العقد أو وفقًا للقانون.
ثالثًا: أحكام الانتفاع:
وفقًا للمادة 1030 من القانون المدني، ينشأ حق الانتفاع بموجب اتفاق بين الأطراف المعنية (المنتفع والمُلك) أو بحكم القانون في بعض الحالات. عندما يتم تأسيس هذا الحق، يتحمل المنتفع بعض الالتزامات القانونية:
-
صيانة الشيء: يتعين على المنتفع الحفاظ على الشيء في حالته الأصلية ولا يجوز له إحداث تغييرات جوهرية فيه. إذا كان الشيء يحتاج إلى صيانة، يصبح المنتفع مسؤولًا عن هذه الصيانة بشكل مستمر.
-
عدم الإضرار بالشيء: المنتفع ملزم بعدم إلحاق الضرر بالشيء أو استخدامه بطريقة قد تضر به. إذا حدث تلف للشيء نتيجة لإهمال المنتفع أو تعديه، فإنه يكون ملزمًا بالتعويض.
-
دفع أجر الانتفاع: في حالة وجود اتفاق بين الأطراف يقتضي دفع أجر مقابل حق الانتفاع، يكون المنتفع ملزمًا بدفع هذا الأجر وفقًا للشروط المتفق عليها.
-
انتهاء الحق: ينتهي حق الانتفاع في عدة حالات، من أبرزها انقضاء المدة المتفق عليها إذا كان الانتفاع محددًا بزمن، أو إذا تلف الشيء بحيث يصبح غير صالح للاستخدام.
رابعًا: الآثار القانونية للانتفاع:
تترتب على حق الانتفاع العديد من الآثار القانونية، منها:
-
إيجاد علاقة قانونية بين الطرفين: يحدد العقد أو التصرف القانوني الذي ينشئ حق الانتفاع حقوق والتزامات كل من المنتفع والمالك، مما يعزز من حماية المصالح لكلا الطرفين.
-
حماية المنتفع من التعرض: في حالة تعرّض المنتفع لمشكلة من قبل أي شخص يطالبه بإنهاء الانتفاع، يكون له الحق في الدفاع عن هذا الحق قانونيًا.
-
حق الاستغلال والثمار: المنتفع له الحق في استغلال الشيء والحصول على الثمار الناتجة عنه. وهذا يتضمن جميع أنواع الثمار، سواء كانت مادية أو عينية.
الفرق بين الانتفاع والملكية:
بينما يحق لصاحب الملكية التصرف في الشيء كيفما يشاء، بما في ذلك بيعه أو رهنه أو تأجيره، يقتصر حق المنتفع على استخدام الشيء واستغلاله دون التصرف فيه. كما أن حق الملكية هو حق دائم، في حين أن حق الانتفاع قد يكون محدودًا بمدة معينة أو حتى بتوافر حالة معينة.
سادسًا: تطبيقات عملية:
-
في الحياة العملية، يمكن أن يُستخدم حق الانتفاع في الحالات التي يكون فيها الشخص بحاجة للاستفادة من ممتلكات الآخرين لفترة معينة دون أن يكون له حق التصرف الكامل في هذه الممتلكات، مثل استخدام أرض زراعية أو منزل للإقامة دون أن يكون للمنتفع حق بيع أو تأجير العقار.
-
الانتفاع في العقارات: من الأمثلة العملية على الانتفاع هو أن يكون شخصًا منتفعًا بعقار يمتلكه شخص آخر ويحق له استخدامه لأغراض معينة (مثال: أرض زراعية أو منزل للإقامة) مقابل دفع أجر أو أي التزام آخر.
تعريف الرهن الرسمي :
الرهن الرسمي هو حق عيني تبعي يُمنح للدائن على عقار مملوك للمدين لضمان الوفاء بدين معين. في هذا النوع من الرهن، يظل المدين محتفظًا بملكية العقار، لكن الدائن يحصل على حق تأمين لاستيفاء دينه في حال عدم الوفاء به. يتم تسجيل الرهن الرسمي في السجل العقاري ليكون له أثر قانوني تجاه الغير، مما يعزز حماية الدائن ويمنحه أولوية في استيفاء دينه من عائد بيع العقار المرهون إذا لزم الأمر. يختلف الرهن الرسمي عن الرهن الحيازي في أنه لا يتطلب تسليم العقار إلى الدائن، بل يكفي أن يتم التسجيل بشكل رسمي.
خصائص الرهن الرسمي :
يتميز الرهن الرسمي بعدة خصائص قانونية تجعله من أقوى وسائل التأمين العيني.
أولًا، هو حق عيني تبعي، أي أنه لا يقوم إلا لضمان دين أصلي، ويمنح الدائن سلطة مباشرة على العقار المرهون. ثانيًا، لا يترتب إلا بتوافر الشكل الرسمي، حيث يُشترط لإنشائه كتابة العقد في محرر رسمي وتسجيله في السجل العقاري، وإلا عُدّ كأن لم يكن. ثالثًا، لا يستلزم نقل الحيازة، فيبقى العقار في حيازة الراهن، مما يسمح له بالانتفاع به أو تأجيره. وأخيرًا، يمنح الرهن الرسمي للدائن حق التقدم وحق التتبع، حيث يمكنه استيفاء دينه بالأولوية من ثمن العقار عند بيعه، وتتبع العقار في يد أي مالك جديد له حتى بعد انتقال الملكية.
خصائص الرهن الرسمي :
يتمتع الرهن الرسمي في القانون المدني بعدد من الخصائص التي تميّزه عن غيره من التأمينات العينية. فهو أولًا حق عيني تبعي لا ينشأ إلا لضمان دين، ويترتب على عقار مملوك للمدين دون نقل الحيازة. كما أنه يتطلب شكلية خاصة لإنشائه، إذ لا ينعقد إلا بموجب عقد رسمي يُسجَّل في السجل العقاري، فلا ينتج أي أثر قانوني تجاه الغير إلا بعد التسجيل. ويمنح الرهن الرسمي للدائن حق التتبع، أي إمكانية التنفيذ على العقار المرهون في يد أي مالك له، وحق التقدُّم على باقي الدائنين في استيفاء حقه من ثمن العقار. وبهذا، يُعد الرهن الرسمي من أكثر الوسائل أمانًا لحماية حقوق الدائنين، مع المحافظة على حيازة المدين للعقار.
الشروط الموضوعية في عقد الرهن الرسمي :
يشترط لصحة عقد الرهن الرسمي توافر الشروط الموضوعية العامة اللازمة لانعقاد أي عقد، وهي: الرضا، والمحل، والسبب، بالإضافة إلى شروط خاصة تتعلق بطبيعة الرهن. فيجب أن يكون الراهن مالكًا للعقار المرهون أو له حق عيني عليه يجيز له إنشاء الرهن، وأن يكون العقار مما يصح رهنه قانونًا، أي من الأموال غير المنقولة القابلة للتسجيل. كما يشترط أن يكون الدين المضمون دينًا محقق الوجود ومعلوم المقدار، أو على الأقل قابلًا للتحديد عند التنفيذ. ويشترط أيضًا أن يكون الرهن ضمانًا لالتزام مشروع. فإذا اختلّ أحد هذه الشروط، بطل عقد الرهن الرسمي من الناحية القانونية.
أهلية المرتهن والراهن :
يشترط لصحة عقد الرهن الرسمي أن تتوفر في كل من الراهن والمرتهن الأهلية القانونية اللازمة. فيجب أن يكون الراهن مالكًا للعقار المرهون، وأن يكون متمتعًا بأهلية التصرف في الأموال العقارية، أي أن يكون راشدًا وغير محجور عليه، لأن الرهن الرسمي تصرف ناقل لحق عيني يتطلب أهلية كاملة. أما المرتهن، فيكفي أن تتوفر لديه أهلية التعاقد، لأنه يكتسب حقًا عينيًا تبعيًا على العقار دون أن يتحمل عبئًا مباشرًا في التصرف. وفي حال كان أحد الطرفين ناقص الأهلية أو عديمها، فإن الرهن يكون قابلًا للإبطال أو باطلًا بحسب الأحوال.
إنشاء الرهن المادة 1031 من القانون المدني :
تُعد المادة 1031 من المواد الجوهرية في تنظيم الرهن الرسمي، إذ تبيّن القاعدة الأساسية التي تنظم نفاذ الرهن في حق الغير، وترتيب الأولوية بين الدائنين المرتهنين. فالرهن الرسمي، وإن تم بالاتفاق بين الأطراف، لا يكون له أثر قانوني في مواجهة الغير إلا إذا قُيّد في السجل العقاري. كما تُرتّب المادة مراكز الدائنين بحسب تاريخ القيد، لا بحسب تاريخ العقد.
نص المادة 1031 من القانون المدني
(١) لا ينعقد الرهن إلا إذا كان بورقة رسمية.
(٢) ونفقات العقد على الراهن إلا إذا اتفق على غير ذلك.
الشرح التفصيلي لأحكام المادة
القيد شرط للنفاذ في مواجهة الغير
المادة تنص صراحة على أن الرهن لا ينفذ في حق الغير إلا بعد القيد. والمقصود بالغير هنا:
-
باقي الدائنين العاديين أو المرتهنين الآخرين.
-
من انتقلت إليهم ملكية العقار بعد الرهن.
فإذا لم يتم قيد الرهن، لا يكون للمرتهن أي حق عيني يمكنه من التتبع أو التقدم على غيره، حتى وإن تم الاتفاق على الرهن كتابة وبشكل رسمي.
ضرورة استمرار القيد
لا يكفي مجرد قيد الرهن مرة واحدة، بل يجب الاحتفاظ بالقيد قائمًا في السجل العقاري حتى انقضاء الرهن رسميًا، أي حتى يتم محو القيد، سواء بسبب سداد الدين أو أي سبب آخر من أسباب الانقضاء.
ترتيب الرهون بحسب تاريخ القيد
حتى وإن سبق أحد الدائنين الآخر في إنشاء الرهن، فإن الأولوية في استيفاء الدين تكون لمن قيد أولًا، لأن القانون يُرتّب الحقوق بحسب تاريخ القيد وليس بحسب تاريخ العقد. وهذا يعكس مبدأ “الأولوية بالتسجيل لا بالإنشاء”.
الحكمة من نص المادة
تسعى المادة 1031 لتحقيق جملة من الأهداف التشريعية المهمة:
-
حماية الغير من الرهون غير الظاهرة، وضمان علنية الرهون.
-
تحقيق العدالة بين الدائنين من خلال ترتيب الأولوية بناءً على الوقائع المعلنة قانونًا.
-
ضمان استقرار المعاملات العقارية وموثوقيتها.
-
تشجيع الدائنين على الإسراع بتسجيل رهونهم لتأمين مركزهم القانوني.
الطبيعة القانونية للقيد
القيد في السجل العقاري ليس مجرد وسيلة لإثبات الرهن، بل هو شرط لازم لنفاذه في حق الغير، أي أن الرهن الرسمي لا ينتج آثاره القانونية كحق عيني تبعي إلا بالقيد. وبدونه، لا يُعتبر الرهن قد نشأ قانونًا في مواجهة الغير.
أمثلة تطبيقية للمادة 1031
مثال 1: إذا قام المدين برهن عقاره لصالح دائن (أ) يوم 1 مارس، ثم رهن نفس العقار لدائن آخر (ب) يوم 5 مارس، ولكن الدائن (ب) قام بتقييد رهنه في السجل العقاري قبل (أ)، فإن (ب) يكون له الأولوية في الاستيفاء، رغم أن عقده أُبرم لاحقًا.
مثال 2: إذا رُهن عقار دون قيد، فإن المشتري الجديد للعقار لا يكون ملزمًا بالرهن، لأنه غير نافذ في حقه.
التمييز بين تاريخ العقد وتاريخ القيد
-
تاريخ العقد هو لحظة إنشاء الرهن باتفاق الطرفين.
-
تاريخ القيد هو لحظة نفاذ الرهن في مواجهة الغير، وهو التاريخ الحاسم لترتيب الأولويات بين الدائنين.
وعليه، العبرة ليست بالأسبقية في الاتفاق، وإنما بالأسبقية في القيد.
علاقة المادة 1031 بالمواد الأخرى
-
المادة 1030 مدني: تؤكد أن الرهن الرسمي لا ينعقد إلا إذا تم في محرر رسمي وتم تسجيله.
-
المادة 1033 مدني وما بعدها: تنظم كيفية تجديد القيد ومحو الرهن.
-
ترتبط أيضًا بالمادة 1040 مدني التي تُبين آثار الرهن في حال البيع الجبري.
موقف الفقه والقضاء
أكّد الفقهاء على أن المادة 1031 تُعد تطبيقًا عمليًا لمبدأ علنية الرهن، الذي يهدف إلى حماية الثقة العامة في السجلات العقارية. كما استقر القضاء على أن عدم قيد الرهن يعني انعدام أثره تجاه الغير، حتى ولو أُبرم بشكل صحيح بين الطرفين.
الرسمية ركن في العقد :
تُعد الرسمية في بعض العقود ركنًا أساسيًا لانعقاد العقد وليس مجرد وسيلة لإثباته، ويُقصد بها أن يُبرم العقد في محرر رسمي يُحرره موظف عام مختص. فإذا اشترط القانون الرسمية، فإن تخلف هذا الركن يؤدي إلى بطلان العقد بطلانًا مطلقًا. ومثال ذلك: عقود الرهن الرسمي ونقل الملكية العقارية، حيث نص القانون على عدم انعقادها إلا إذا تمت في شكل رسمي. ويهدف اشتراط الرسمية إلى تحقيق غايات مهمة، مثل حماية الأطراف من التسرع، وضمان الثبوت، وتحقيق العلنية، خاصة في التصرفات الخطيرة أو المعقدة.
حكمة الرسمية :
تكمن حكمة الرسمية في العقود في تحقيق مجموعة من الأهداف القانونية والعملية التي تعزز الأمان القانوني وحماية المتعاقدين. فهي أولًا تهدف إلى إضفاء الجدية والوضوح على التصرفات القانونية، خاصة تلك التي تتعلق بحقوق مهمة كالعقارات والرهون. كما تساهم الرسمية في حماية الطرف الضعيف من الاستغلال أو التسرع، من خلال تدخل موظف عام مختص يوضح آثار العقد للأطراف. فضلًا عن ذلك، تؤدي الرسمية إلى تحقيق العلنية والثبوت، حيث يُسجل العقد في سجلات رسمية يمكن الرجوع إليها، مما يمنع المنازعات المستقبلية ويُسهّل إثبات الحقوق أمام الغير.
هل تلتزم الرسمية في رضا الدائن المرتهن ؟
لا تُعتبر الرسمية مجرد وسيلة لإثبات العقد، بل هي ركن أساسي في صحة بعض العقود، مثل عقد الرهن الرسمي، حيث يُشترط لتكوين الرهن أن يتم في محرر رسمي حتى يكون نافذًا في مواجهة الغير. أما بخصوص رضا الدائن المرتهن، فالرسمية لا تقتصر على رضا الأطراف المتعاقدة، بل إنها تتطلب تدخل الموظف العام المختص لإضفاء الشكل الرسمي على العقد. وبالتالي، فإن الرسمية لا تعتمد فقط على رضا الدائن المرتهن أو المدين، بل على توافر الشروط الشكلية التي يحددها القانون لضمان حماية الحقوق العينية وضمان تأمين الدائنين. لذا، رضا الدائن لا يعفي من ضرورة إتمام الإجراءات الرسمية، التي تعد شرطًا لصحة الرهن.
المقصود بالرسمية :
المقصود بـ الرسمية في العقود هو اشتراط أن يتم إبرام العقد وفقًا لإجراءات شكلية خاصة يحددها القانون، بحيث يتم توقيعه في محرر رسمي صادر عن موظف عام مختص أو أمام جهة قانونية معترف بها. هذه الإجراءات تهدف إلى ضمان الوضوح والشفافية في التصرفات القانونية، خاصة في المعاملات التي تتعلق بالحقوق العقارية أو الحقوق التي قد تؤثر على الغير. والهدف من الرسمية هو حماية الأطراف من التسرع أو الاستغلال، وضمان عدم وجود نزاعات مستقبلية، فضلاً عن تأمين التسجيل العلني للعقد في السجلات الرسمية، مما يضمن ثبوت الحقوق القانونية لأصحابها.
عقد الرهن الرسمي الذي يبرم في الخارج :
عقد الرهن الرسمي الذي يُبرم في الخارج يخضع لمجموعة من القواعد الخاصة التي تتعلق بالتطبيق الدولي للقوانين. ففي حال تم إبرام عقد رهن رسمي في دولة غير الدولة التي يقع فيها العقار المرهون، يتطلب القانون المحلي أن يتم تسجيل هذا الرهن في السجل العقاري المحلي ليصبح نافذًا في مواجهة الغير داخل الدولة المعنية.
أي أن الرهن الذي يتم إبرامه في الخارج لا يُعتَبر نافذًا في الدولة التي يقع فيها العقار إلا إذا تم تقييده رسميًا في السجلات العقارية الخاصة بها، وفقًا للقواعد التي تحكم تسجيل الحقوق العينية العقارية. وإذا كان هناك اتفاقيات دولية بين الدولتين، قد تسهل الاعتراف بالرهن إذا تم إبرامه في الخارج، خاصة إذا كانت هناك اتفاقيات بشأن الاعتراف بالحقوق العينية بين الدول. ولكن، إذا لم تكن هناك اتفاقيات مشابهة، فقد يواجه هذا العقد صعوبة في النفاذ أو قد يحتاج إلى إجراءات إضافية لإثبات صحته في الدولة المعنية.
الجزاء على تخلف الرسمية :
يُعد تخلف الرسمية عن بعض العقود التي يشترط فيها القانون الرسمية بمثابة بطلان عقدي، أي أن العقد الذي يُبرم دون اتباع الإجراءات الرسمية يُعتبر باطلًا ولا يترتب عليه أي آثار قانونية.
فهذا البطلان لا يتعلق فقط بعدم صحة العقد بين الأطراف المتعاقدة، بل يمتد ليشمل عدم نفاذ العقد في مواجهة الغير، مما يعني أن أي تصرفات أو حقوق مترتبة على هذا العقد لن تكون معترفًا بها أمام الغير.
على سبيل المثال، في عقد الرهن الرسمي، إذا لم يتم تسجيل الرهن في السجل العقاري الرسمي، لا يمكن للمرتهن التمسك بالرهن في مواجهة الدائنين أو الأطراف الأخرى. وبالتالي، فإن الجزاء المترتب على تخلف الرسمية هو بطلان العقد، مما يعكس أهمية الشكل الرسمي كشرط أساسي لصحة وفاعلية التصرفات القانونية التي قد تؤثر على حقوق الأطراف أو على الغير.
الوعد بعقد الرهن الرسمي :
الوعد بعقد الرهن الرسمي هو اتفاق بين الأطراف يتم بموجبه الالتزام بإبرام عقد رهن رسمي في المستقبل، ويكون هذا الوعد ملزمًا للأطراف إذا توافرت الشروط اللازمة لذلك. ومع ذلك، فإن الوعد بعقد رهن رسمي لا يترتب عليه إنشاء حق رهن رسمي مباشر، لأنه لا يُعد عقدًا نهائيًا، وإنما هو مجرد تعهد من أحد الأطراف (عادة المدين) بتقديم عقار كضمان لدين في المستقبل.
ويجب أن يتم إبرام العقد الرسمي الفعلي وفقًا للإجراءات الشكلية التي يحددها القانون، مثل التوثيق في محضر رسمي وتسجيل الرهن في السجل العقاري ليصبح نافذًا في مواجهة الغير. وعليه، فإن الوعد بعقد رهن رسمي لا يُنتج أثرًا قانونيًا في مواجهة الغير إلا إذا تم الوفاء بالوعد وأُبرم العقد الرسمي بشكل صحيح.
الوكالة في عقد الرهن الرسمي :
الوكالة في عقد الرهن الرسمي هي تصرف قانوني يتم بموجب وكالة يُفوّض فيها الشخص (الوكيل) من قبل آخر (الموكل) لإتمام إجراءات عقد الرهن الرسمي نيابة عنه. في هذه الحالة، يُعتبر الوكيل هو الشخص الذي يقوم بالتصرف وإتمام عملية الرهن، مثل توقيع العقد أمام الموظف العام المختص وتسجيل الرهن في السجل العقاري.
وعلى الرغم من أن الوكيل يتصرف نيابة عن الموكل، إلا أن الرهن الرسمي لا ينشأ إلا إذا تمت الإجراءات الشكلية وفقًا للقانون، ويجب أن يتوافر في الوكالة شرط الكتابة وأن يكون الموكل قد فوض الوكيل صراحة للقيام بعملية الرهن الرسمي.
كما يشترط أن تكون الوكالة قابلة للتنفيذ في الأمور العقارية، أي أن تُتيح للوكيل التصرف في الحقوق العينية الخاصة بالعقار. في حال كانت الوكالة غير صحيحة أو لم تتوافر فيها الشروط اللازمة، فإن عقد الرهن الرسمي قد يُعتبر باطلاً أو غير نافذ.
نفقات عقد الرهن :
نفقات عقد الرهن هي التكاليف التي يتحملها الأطراف المتعاقدة لإتمام وإجراءات الرهن الرسمي. وتشمل هذه النفقات رسوم التوثيق والتسجيل في السجل العقاري، وكذلك أي تكاليف أخرى تتعلق بإعداد العقد الرسمي مثل أتعاب المحاماة أو الرسوم الإدارية التي قد تفرضها الجهة المختصة.
بالإضافة إلى ذلك، قد يتحمل الراهن نفقات أخرى مثل التقييم العقاري إذا كان مطلوبًا لتحديد قيمة العقار المرهون. عادةً ما يتفق الأطراف على توزيع هذه النفقات بينهما، وقد يتحملها الراهن باعتباره الطرف الذي يملك العقار ويقوم بإجراءات الرهن.
وفي حال كانت النفقات عالية أو معقدة، يمكن أن يتم تحديدها في اتفاق خاص بين الأطراف. بشكل عام، تُعد النفقات جزءًا من التكاليف التي تترتب على إتمام عقد الرهن الرسمي، ومن المهم أن تكون واضحة منذ بداية التعاقد لتجنب النزاعات المستقبلية.
المادة 1032 من القانون المدني
يُعد الرهن الرسمي من أبرز التأمينات العينية التي تُمنح للدائن لضمان استيفاء حقه من عقار مملوك للمدين أو للغير. وقد نظم المشرّع أحكام الرهن الرسمي بدقة في القانون المدني، ومن بين النصوص المهمة التي تحدد نطاق الرهن الرسمي وأثره، تأتي المادة 1032 مدني، التي تُبيّن ما يشمله الرهن من ملحقات العقار.
نص المادة 1032 مدني:
(١) يجوز أن يكون الراهن هو نفس المدين كما يجوز أن يكون شخصا آخر يقدم رهنا لمصلحة المدين.
(٢) وفى كلتا الحالتين يجب أن يكون الراهن مالكا للعقار المرهون وأهلا للتصرف فيه.
مضمون المادة :
المادة 1032 توضح أن الرهن الرسمي لا يقتصر فقط على العقار المرهون بصورته الأصلية عند إبرام العقد، بل يمتد ليشمل:
-
ملحقات العقار التي تُعد عقارًا بحكم طبيعتها أو تبعيتها.
-
الإنشاءات الجديدة التي تُقام على العقار بعد الرهن.
-
الغراس أي الأشجار أو النباتات التي تُزرع فيه بعد إبرام عقد الرهن.
ويتم هذا الامتداد بقوة القانون، ما لم يُتفق صراحة بين الأطراف على استثناء هذه الإضافات من مضمون الرهن.
الأثر القانوني :
هذا النص يُمكِّن الدائن المرتهن من التمسك بالرهن على العقار بجميع مكوناته الحالية والمستقبلية، مما يعزز مركزه القانوني عند التنفيذ. فعند بيع العقار المرهون جبريًا، يشمل البيع الملحقات والإنشاءات والغراس، فتكون جزءًا من الثمن الذي يُستوفى منه دين المرتهن.
استثناء امتياز المزارع :
نصت المادة على حماية خاصة للمزارع الذي يغرس في العقار المرهون، وذلك بمنحه امتيازًا على الغراس، يسبق حق الدائن المرتهن، مما يعكس رغبة المشرع في تحقيق التوازن بين حقوق الدائن وحقوق الغير ممن يساهمون في تحسين العقار.
أهمية الاتفاق الخاص :
رغم أن امتداد الرهن يشمل ما يُضاف للعقار، فإن المادة أجازت الاتفاق على خلاف ذلك، بحيث يمكن للراهن والمرتهن استثناء الإنشاءات أو الغراس من مضمون الرهن، شريطة أن يكون ذلك صريحًا.
تطبيقات عملية
-
إذا قام الراهن ببناء منزل جديد على أرض سبق رهنها، فإن هذا البناء يدخل ضمن الرهن تلقائيًا.
-
إذا قام مزارع بزراعة أشجار مثمرة في أرض مرهونة، فله الحق في الحصول على مستحقاته عن هذه الغراس قبل المرتهن، عند بيع العقار.
-
إذا اتفق الطرفان على استثناء الغراس من الرهن، فلا يكون للدائن حق فيها.
ممن يصدر الرهن ؟
يصدر الرهن الرسمي من مالك العقار الذي يرغب في تقديم هذا العقار كضمان لدين، سواء كان هو المدين نفسه أو شخصًا آخر يقدمه ضمانًا لدين غيره، ويُطلق عليه في هذه الحالة “الضامن العيني”.
ويشترط فيمن يُصدر الرهن أن يكون مالكًا للعقار المرهون وقت إنشاء الرهن، وأن يكون له أهلية التصرف فيه، أي أن يكون كامل الأهلية من الناحية القانونية .
ولا يجوز للمدين أن يرهن عقارًا لا يملكه، إلا إذا كان قد حصل على إذن صريح من المالك، لأن الرهن لا ينشأ إلا من صاحب الحق العيني. ويجوز كذلك أن يتم الرهن من خلال وكيل عن المالك، بشرط أن تتضمن الوكالة نصًا صريحًا يُجيز إنشاء الرهن الرسمي.
ملكية الراهن للمال المرهون :
يُشترط في عقد الرهن الرسمي أن يكون الراهن مالكًا للعقار المرهون ملكية تامة وقت إبرام العقد، لأن الرهن لا ينشئ حقًا عينيًا تبعيًا إلا على مال مملوك للراهن. فلا يصح رهن مال لا يملكه الشخص، وإلا كان الرهن باطلًا أو غير نافذ في حق المالك الحقيقي .
كما يشترط أن تكون هذه الملكية قابلة للتصرف، أي ألا يكون العقار محجوزًا عليه أو ممنوعًا من التصرف فيه بحكم القانون. وإذا رهن شخص عقارًا لا يملكه، ثم انتقلت إليه الملكية لاحقًا، فإن الرهن لا يصح إلا إذا أقر المالك الجديد الرهن أو أُعيد إبرامه بعد التملك. وهذا الشرط يضمن استقرار التعاملات ويحمي حقوق الدائن المرتهن.
رهن حق الإنتفاع وملكية الرقبة :
يجوز قانونًا رهن حق الانتفاع كما يجوز رهن ملكية الرقبة كلٌ على حدة، بحسب ما إذا كان الراهن يملك أحد هذين الحقين دون الآخر .
فـحق الانتفاع هو حق عيني يخول صاحبه استعمال الشيء واستغلاله دون أن يكون مالكًا لرقبته، وبالتالي يمكن رهنه رهنًا رسميًا لصالح الدائن، على أن ينقضي الرهن بانتهاء مدة الانتفاع أو بوفاة المنتفع إذا كان الحق شخصيًا .
أما ملكية الرقبة، فيجوز أيضًا رهنها دون الحاجة إلى ضم الانتفاع، ويظل الدائن المرتهن في هذه الحالة غير قادر على استعمال الشيء أو استغلاله ما دام الانتفاع قائمًا للغير. وهذا الفصل بين حق الانتفاع والملكية يُمكّن كلاً من مالك الرقبة والمنتفع من إجراء تصرف مستقل في نطاق ما يملكه، بشرط أن يكون الحق قابلاً للتداول قانونًا.
أهلية مباشرة عقد الرهن :
(أ) بالنسبة للراهن :
الراهن هو الشخص الذي يقدم العقار كضمان للدين في عقد الرهن الرسمي، ويجب أن تتوافر فيه الأهلية القانونية اللازمة لإجراء هذا التصرف.
ففي حالة الرهن، يجب أن يكون الراهن مالكًا للعقار المرهون، أي أنه يملك حق التصرف فيه، سواء كان العقار أرضًا أو منقولًا . كما يجب أن يكون الراهن بالغًا عاقلًا وألا يكون محجورًا عليه بسبب السفه أو الغفلة .
في حال كان الراهن قاصرًا أو محجورًا عليه، فإنه يحتاج إلى إذن من وليه أو وصيه لإتمام عقد الرهن. بالإضافة إلى ذلك، إذا كان الراهن يرهن مالًا لا يملكه، فإن الرهن في هذه الحالة يكون باطلًا أو لا يُعتد به إلا إذا وافق المالك الحقيقي أو أُبرم الرهن بعد انتقال الملكية إليه.
(ب) بالنسبة للدائن المرتهن :
الدائن المرتهن هو الشخص الذي يحصل على ضمان رهن رسمي من المدين أو من شخص آخر لصالحه. يجب أن تتوافر في الدائن المرتهن الأهلية القانونية لإبرام عقد الرهن، ولكن لا يشترط أن يكون مالكًا للعقار المرهون .
يكفي أن يكون الدائن مؤهلاً قانونًا للحصول على حقوق عينية، بمعنى أنه بالغ، عاقل، ولديه القدرة على إبرام العقد .
قد يكون الدائن شخصًا طبيعيًا أو اعتباريًا، مثل البنوك أو المؤسسات المالية، ولا يُشترط أن يكون هو المستفيد المباشر من الدين، بل يجوز أن يكون نائبه أو وكيله. في حالة إذا كان الدائن ناقص الأهلية أو محجورًا عليه، فإن عقد الرهن يصبح غير صحيح إلا إذا حصل على موافقة من محكمة أو ولي أمره حسب الأحوال.
الولاية اللازمة لمباشرة عقد الرهن :
الولاية اللازمة لمباشرة عقد الرهن تتعلق بالأشخاص الذين لا يتمتعون بالأهلية القانونية الكاملة لإجراء التصرفات القانونية مثل القصر أو المحجور عليهم بسبب السفه أو الغفلة .
في حالة القاصر، لا يمكنه إبرام عقد الرهن إلا إذا كان قد حصل على إذن من الولي أو الوصي حسب الحالة. ففي القوانين المصرية، يتطلب إبرام عقد الرهن بالنسبة للقاصر موافقة الولي أو الوصي على هذا التصرف لضمان حماية حقوقه .
أما في حالة المحجور عليه، فيجب أن يحصل على إذن من المحكمة أو من الوصي لتوثيق عقد الرهن. دون هذه الولاية القانونية، يكون عقد الرهن قابلًا للإبطال لمصلحة الشخص الذي لا يملك الأهلية، مما يعكس حرص المشرع على حماية حقوق الأشخاص غير الأهلين.
المادة 1033 من القانون المدني
تعد المادة 1033 من القانون المدني المصري من المواد الجوهرية التي تنظم جوانب هامة في عقود الرهن الرسمي، حيث تركز على مفهوم الحق العيني في الرهن، وتحديد كيفية تأثير هذا الحق على العقار المرهون في حال تصرف الراهن في هذا العقار.
نص المادة 1033 من القانون المدني:
(١) إذا كان الراهن غير مالك للعقار المرهون فإن عقد الرهن يصبح صحيحا إذا أقره المالك الحقيقى بورقة رسمية، وإذا لم يصدر هذا الإقرار فإن حق الرهن لا يترتب على العقار إلا من الوقت الذى يصبح فيه هذا العقار مملوكا للراهن.
(٢) ويقع باطلا رهن المال المستقبل.
شرح وتفسير النص:
المادة 1033 تتعلق بتأثير عقد الرهن الرسمي في حالة تصرف الراهن في العقار المرهون، سواء كان ذلك عن طريق الإيجار أو أي تصرف آخر مثل البيع أو الهبة. وهنا نلاحظ ما يلي:
-
استمرار الرهن على العقار: عند قيام الراهن بتصرفات على العقار المرهون، مثل إيجاره أو بيعه، لا ينتهي الرهن إلا إذا كان هناك اتفاق صريح يقضي بذلك. وهذا يعني أن الرهن يظل قائمًا على العقار نفسه حتى إذا تم التصرف فيه من قبل الراهن.
-
استمرار الرهن على المنفعة الناتجة من التصرف: إذا أجر الراهن العقار المرهون، يظل الرهن قائمًا على المنفعة الناتجة من الإيجار، أي أن الدائن المرتهن يظل يملك حقًا عينيًا على المبالغ المستحقة من الإيجار الناتج عن العقار المرهون.
-
الاتفاق على خلاف ذلك: في حالة وجود اتفاق بين الراهن والمرتهن ينص على إلغاء الرهن أو تعديله في حالة التصرف في العقار (مثل البيع أو الإيجار)، فإنه يعمل وفقًا لهذا الاتفاق. ولذلك، فإن النص يتيح للطرفين حرية التفاوض بشأن ما إذا كان يجب على الرهن أن يستمر أم لا بعد التصرف في العقار.
أهمية المادة 1033:
تكمن أهمية المادة 1033 في أنها تحافظ على حقوق الدائن المرتهن في حالة حدوث تصرفات من جانب الراهن، مثل بيع العقار أو تأجيره. بمعنى آخر، حتى إذا قام الراهن بتغيير وضع العقار أو تحويله إلى منفعة، فإن الرهن يظل قائمًا، ويظل للمرتهن حقه في العقار وكذلك في العوائد الناتجة عن هذا العقار.
حماية حقوق الدائن المرتهن:
-
استمرار الرهن على العقار: يساعد النص في حماية مصالح الدائن المرتهن، حيث يمنع الراهن من التفريط في حقوقه دون ضمان.
-
حماية حقوق المالك الجديد أو المستأجر: بفرض استمرارية الرهن حتى بعد التصرف في العقار، يضمن أن الدائن يمكنه المطالبة بحقوقه حتى لو تغيرت الملكية أو تم تأجير العقار.
أمثلة توضيحية:
-
مثال على الإيجار: إذا رهن شخص منزلًا، ثم قام بتأجيره، يظل الرهن قائمًا على المنزل وعلى الإيجار الذي يحصل عليه من المستأجر، ويحق للدائن المرتهن أن يستولي على قيمة الإيجار إذا لزم الأمر.
-
مثال على التصرف في العقار: إذا رهن شخص شقة ثم باعها، يظل الرهن قائمًا على الشقة وعلى العوائد الناتجة عن البيع (مثل الأقساط المدفوعة من المشتري إذا كان البيع مؤجلًا). ولكن إذا تم الاتفاق بين المشتري والراهن على أنه سيتم إلغاء الرهن عند البيع، يكون لهذا الاتفاق أثره.
المقصود برهن ملك الغير :
رهن ملك الغير هو أحد التصرفات القانونية التي يتم فيها تقديم مال لا يملكه الشخص كضمان لدين، بمعنى أن الراهن لا يملك العقار أو المال الذي يقدمه كرهَن .
وعلى الرغم من أن هذا التصرف لا يُعتبر جائزًا بشكل عام، إلا أنه في بعض الحالات قد يكون قابلًا للاعتراف قانونًا إذا وافق المالك الحقيقي للمال المرهون على هذا التصرف، أو إذا كان الرهن قد تم بناءً على إذن من المالك .
وإذا تم رهن ملك الغير دون موافقته، فإن هذا الرهن لا يُعتبر نافذًا في مواجهة المالك الأصلي، وقد يكون قابلًا للإبطال من جانبه . لذا، يُشترط في عقد الرهن أن يكون الراهن مالكًا للمال المرهون أو أن يحصل على إذن صريح من المالك ليتمكن من رهنه.
حكم رهن ملك الغير فيما بين المتعاقدين :
رهن ملك الغير فيما بين المتعاقدين يُعد تصرفًا غير نافذ تجاه المالك الحقيقي إذا لم يُوافق هذا المالك على الرهن. بمعنى آخر، إذا قام شخص برهن مال لا يملكه، فإن هذا الرهن يكون نافذًا فقط بين المتعاقدين (الراهن والمرتهن)، أي أن الراهن والمرتهن يلتزمان ببنود عقد الرهن .
ولكن في حال اختار المالك الأصلي رفض الرهن أو إبطال التصرف، فإن هذا الرهن لا يُعتبر مُلزمًا بالنسبة له، ولا يمكن للمرتهن أن يتمسك بالرهن في مواجهة المالك. لذلك، يُشترط في عقد الرهن أن يكون الراهن مالكًا للمال المرهون أو أن يحصل على موافقة المالك أو إذن قانوني بالتصرف. وفي حال إجازة المالك للرهن، يصبح الرهن نافذًا في حقه أيضًا.
تصحيح رهن ملك الغير :
تصحيح رهن ملك الغير يحدث عندما يقوم شخص برهن مال لا يملكه، ولكن يتم لاحقًا تصحيح الوضع القانوني بإذن من المالك الحقيقي للمال المرهون .
إذا تم رهن مال الغير دون موافقة المالك، يكون هذا الرهن قابلًا للإبطال من قبل المالك، ولكن إذا وافق المالك لاحقًا على الرهن أو أجازه، فإن ذلك يؤدي إلى تصحيح التصرف وجعله نافذًا في حق المالك .
في هذه الحالة، يعتبر الرهن صحيحًا وكأن المالك كان قد وافق عليه من البداية. التصحيح يمكن أن يتم عن طريق توكيل المالك أو موافقته الصريحة على الرهن بعد إتمامه، مما يمنح العقد القوة القانونية اللازمة. وبذلك، يُصبح الرهن نافذًا في مواجهة المالك ويُحفظ حق المرتهن في العقار المرهون.
حكم رهن ملك الغير بالنسبة للمالك الحقيقي :
رهن ملك الغير بالنسبة للمالك الحقيقي يُعد غير نافذ في حقه إلا إذا وافق المالك على الرهن. إذا قام شخص برهن مال لا يملكه، فإن هذا التصرف يُعتبر باطلًا فيما يتعلق بالمالك الحقيقي، حيث لا يملك الراهن الحق في التصرف في مال لا يخصه .
وبالتالي، يمكن للمالك الأصلي إبطال الرهن أو رفضه إذا لم يكن قد أعطى موافقته المسبقة. إذا وافق المالك الحقيقي على الرهن بعد وقوعه، يصبح هذا التصرف نافذًا في حقه ويعتبر الرهن مصححًا. ومع ذلك، إذا لم يُوافق المالك على الرهن، فإن حقوقه تبقى محمية ولا يمكن للمرتهن ممارسة حقه على المال المرهون إلا إذا أقر المالك بذلك.
رهن العقار المستقبل :
رهن العقار المستقبل هو رهن يتم على عقار لم يوجد بعد، أي أنه يتم تقديم ضمان على ملكية عقار لم يتم إنشاؤه أو الحصول عليه بعد . ويُعد هذا النوع من الرهن من التصرفات القانونية المشروعة في بعض الأنظمة القانونية، ولكن يشترط لتحقيقه وجود اتفاق بين الطرفين على العقار المستقبل وعلى أن يتم تحديده بوضوح في العقد .
ومن أجل أن يكون رهن العقار المستقبل نافذًا قانونًا، يجب أن يكون العقار الذي سيتم رهنه محددًا بدقة أو قابلًا للتحديد فور وجوده .
على سبيل المثال، إذا كان شخص قد اشترى قطعة أرض لبناء عقار عليها، يجوز له أن يرهن هذا العقار المستقبلي (العقار الذي سيبنى في المستقبل)، بشرط أن تكون الأرض المرهونة في ملكيته. ورهن العقار المستقبل يواجه بعض الصعوبات القانونية في بعض الأنظمة القانونية، حيث قد يُشترط وجود ضمانات إضافية مثل العقوبات أو التأمينات لضمان تنفيذ العقد في حال عدم وجود العقار في المستقبل.
رهن المالك الظاهر :
رهن المالك الظاهر هو حالة يحدث فيها رهن لمال مملوك لشخص لا يمتلكه فعليًا، ولكن يظهر كمالك له في التعاملات القانونية . بمعنى آخر، الشخص الذي يرهن المال في هذه الحالة يُسمى “المالك الظاهر”، حيث يعتقد الأطراف المتعاملون معه أنه مالك العقار أو المال، بينما قد يكون المال مملوكًا لشخص آخر .
في هذه الحالة، يُمكن أن يصبح الرهن نافذًا بين المتعاقدين (الراهن والمرتهن) طالما أن الراهن كان يظهر كمالك للعقار، ولكن هذا الرهن لا يكون نافذًا في مواجهة المالك الحقيقي إلا إذا وافق هذا المالك على الرهن أو أقر به. يعد رهن المالك الظاهر أحد القضايا المعقدة في القانون لأنه ينطوي على مخاطر تتعلق بحماية حقوق المالك الفعلي للعقار، لذا يجب على المرتهن التحقق من ملكية الراهن للعقار المرهون قبل إتمام العقد لضمان عدم تعريض حقوقه للخطر.
رهن الأموال الموزعة تطبيقا لقوانين الإصلاح الزراعي :
رهن الأموال الموزعة تطبيقًا لقوانين الإصلاح الزراعي يتعلق بالأراضي الزراعية التي تم توزيعها على الفلاحين أو المستفيدين وفقًا لقوانين الإصلاح الزراعي التي تهدف إلى توزيع الأراضي الكبيرة على صغار الفلاحين .
وفي هذه الحالة، يكون هناك حظر أو قيود قانونية على رهن الأراضي الموزعة، حيث تعتبر هذه الأراضي جزءًا من حقوق الفلاحين المستفيدين من قوانين الإصلاح الزراعي، وبالتالي لا يجوز لهم رهنها إلا في حدود معينة وبشروط مقيدة .
في بعض الدول، يفرض القانون حظرًا على رهن الأراضي التي تم توزيعها إلا بعد مرور فترة زمنية معينة أو تحت شروط خاصة، وذلك للحفاظ على استقرار الملكية الزراعية وضمان استمرار استخدامها في الزراعة وعدم تصرف المستفيدين بها بطريقة قد تؤثر على أهداف الإصلاح الزراعي .
كما يمكن أن يكون الرهن نافذًا جزئيًا في حالات معينة إذا كان الفلاح قد سدد نسبة من ثمن الأرض أو في حال حصوله على موافقة الجهات المختصة. ومن ثم، فإن رهن الأراضي الموزعة بموجب هذه القوانين يتطلب الالتزام بشروط وقوانين خاصة لضمان عدم الإضرار بأهداف الإصلاح الزراعي.
رهن الأموال المشترط عدم التصرف فيها :
رهن الأموال المشترط عدم التصرف فيها هو نوع من الرهن يتم فيه تقديم المال كضمان للدين مع شرط يقضي بعدم جواز تصرف الراهن في المال المرهون طوال فترة الرهن. هذا الشرط يعني أن الراهن يلتزم بعدم بيع المال المرهون أو نقله أو التصرف فيه بأي صورة من الصور دون إذن المرتهن .
في هذه الحالة، يظل المال المرهون ملزمًا بالقيود التي وضعها العقد، بحيث لا يجوز للراهن التصرف فيه بحرية إلا في حالة حصوله على موافقة المرتهن .
يتسم هذا النوع من الرهن بوجود حماية إضافية للدائن المرتهن، حيث يمنحه ضمانًا أقوى بأن المال المرهون سيظل في حوزته أو تحت السيطرة القانونية حتى يتم الوفاء بالدين. وإذا قام الراهن بخرق هذا الشرط وتصرف في المال المرهون، فإن هذا قد يؤدي إلى إبطال التصرف أو حتى فسخ عقد الرهن، ويحق للمرتهن اتخاذ الإجراءات القانونية لاسترداد المال أو قيمة الدين.
المادة 1034 من القانون المدني
تُعتبر المادة 1034 من القانون المدني المصري من المواد الهامة التي تتعلق بتنظيم عقود الرهن الرسمي، حيث تُنظم الأحكام الخاصة بتنفيذ الرهن وكيفية تأثيره على المال المرهون. وهي تُعنى بتحديد حقوق والتزامات الدائن المرتهن و الراهن في حالة تصرف الأخير في المال المرهون، وتُوضّح التأثيرات القانونية المترتبة على ذلك التصرف.
نص المادة 1034 من القانون المدني المصري:
يبقى قائما لمصلحة الدائن المرتهن الرهن الصادر من المالك الذى تقرر إبطال سند ملكيته أو فسخه أو إلغاؤه أو زواله لأى سبب آخر، وإذا كان هذا الدائن حسن النية فى الوقت الذى ابرم فيه الرهن.
شرح وتفسير النص:
المادة 1034 تتناول حالتين مهمتين في عقد الرهن الرسمي:
-
استمرار الرهن على العقار المرهون:
-
إذا قام الراهن (المدين) بتصرفات على العقار المرهون مثل الإيجار أو البيع أو التصرف بأي شكل آخر، فإن الرهن يظل قائمًا على العقار ذاته.
-
الرهن لا ينتهي بمجرد تصرف الراهن في العقار المرهون، بل يستمر حتى مع انتقال ملكية العقار أو تغيير وضعه القانوني، ما لم يُتفق على خلاف ذلك بين الأطراف.
-
-
استمرار الرهن على المنفعة الناتجة:
-
إذا قام الراهن بتأجير العقار المرهون، فإن الرهن يظل قائمًا على الإيجار أو المنفعة الناتجة عن العقار.
-
هذا يعني أن المرتهن يظل يحق له الحصول على الإيجار أو العوائد من العقار المرهون في حال حدوث تصرف مثل الإيجار، إلا إذا كان هناك اتفاق ينص على غير ذلك.
-
-
الاستثناءات في حالة الاتفاق على خلاف ذلك:
-
في بعض الأحيان، قد يتفق الطرفان (الراهن والمرتهن) على أن الرهن ينقض أو ينتهي إذا حدث تصرف في المال المرهون، ويصبح لهذا الاتفاق قوة قانونية في حدود ما يقره العقد.
-
أهمية المادة 1034 :
تعد المادة 1034 من المواد التي تهدف إلى حماية حقوق الدائن المرتهن، حيث تضمن له استمرار الضمان على العقار المرهون حتى لو حدث تصرف في العقار مثل بيعه أو تأجيره. هذه المادة تُعتبر بمثابة حماية إضافية للدائن، إذ تمنحه الحق في استمرار الرهن والحصول على المنفعة الناتجة عن العقار المرهون، مثل إيجار العقار.
أيضًا، تضمن المادة عدم قدرة الراهن على التخلص من التزاماته المترتبة على الرهن بسهولة عن طريق التصرف في العقار المرهون، مما يساهم في ضمان استقرار حقوق الدائن في حالات تصرف المدين.
أمثلة تطبيقية على المادة 1034:
-
مثال على الإيجار:
-
إذا قام شخص برهن شقة سكنية للبنك كضمان لدين، ثم قام بتأجير الشقة لمستأجر، فإن الرهن يظل قائمًا على الشقة وعلى مبلغ الإيجار الذي يحصل عليه المستأجر. يحق للبنك (الدائن المرتهن) الحصول على الإيجار كجزء من ضمان الدين.
-
-
مثال على التصرف في العقار:
-
إذا قام شخص برهن قطعة أرض للبنك ثم قام ببيع الأرض لشخص آخر، فإن الرهن يظل قائمًا على الأرض المباعة، ويظل للبنك (الدائن المرتهن) الحق في استرداد الدين من المشتري إذا لزم الأمر، طبقًا لقواعد الرهن.
-
الاستثناءات من القاعدة:
-
يمكن للطرفين (الراهن والمرتهن) أن يتفقا على شروط خاصة تنص على إلغاء الرهن في حالة تصرف الراهن في المال المرهون. مثلًا، قد يتفق الراهن والمرتهن على أن الرهن يُلغى إذا قام الراهن ببيع العقار المرهون أو إذا قام بأي تصرف آخر.
-
في هذه الحالة، يصبح الاتفاق بين الطرفين هو الفيصل، ولا يُلزم القانون باستمرار الرهن.
الرهن الصادر من المالك الذي زالت ملكيته :
الرهن الصادر من المالك الذي زالت ملكيته هو رهن يتم فيه تقديم مال كضمان لدين من شخص كان يملك هذا المال ولكن فقد ملكيته له بعد الرهن .
في هذه الحالة، إذا قام الشخص (الراهن) برهن مال لا يملكه، فإن هذا الرهن يكون غير نافذ في مواجهة المالك الجديد للمال، حيث لا يمكن للراهن رهن شيء لا يملكه بالفعل . وإذا زالت ملكية الراهن للعقار أو المال المرهون بسبب البيع أو أي تصرف آخر، يبقى الرهن مستمرًا في حق الدائن المرتهن طالما أن المال المرهون كان ملكًا للراهن وقت الرهن .
لكن إذا انتقلت ملكية المال إلى شخص آخر، فإن الرهن يكون نافذًا فقط بين الراهن والدائن المرتهن، وتترتب عليه آثار في حق المالك الجديد وفقًا لما إذا كان هذا المالك الجديد قد علم بالرهن أو لا. في كثير من الحالات، يشترط القانون أن يُسجل الرهن في السجلات الرسمية لكي يكون مقيدًا في مواجهة الجميع، بما في ذلك المالك الجديد.
الشروط الواجب توافرها لبقاء الرهن الصادر من المالك الذي زالت ملكيته :
الشرط الأول : أن يكون الراهن مالكا للعقار المرهون في لحظة إتعقاد الرهن الرسمي :
يُعتبر هذا الشرط من الأساسيات القانونية التي تضمن صحة عقد الرهن. فإذا لم يكن للراهن ملكية العقار وقت إبرام الرهن، فإن الرهن يُعتبر باطلًا ولا يمكن أن يكون له أي آثار قانونية .
ذلك لأن الرهن هو حق عيني يثبت على المال المرهون ويُعتبر وسيلة لتأمين حق الدائن في حالة عدم الوفاء بالدين، وبالتالي فإن الراهن يجب أن يكون مالكًا حقيقيًا للعقار حتى يكون له الحق في تقديمه كضمان. وإذا تبين بعد إبرام الرهن أن الراهن ليس مالكًا للعقار المرهون، يُمكن للدائن المرتهن أن يُطالب بإبطال الرهن، كما لا يُمكنه اتخاذ أي إجراءات قانونية مرتبطة بالمال المرهون. هذا الشرط يُعزز من حماية حقوق الأطراف ويُساعد في تفادي التصرفات غير المشروعة أو الاحتيالية.
الشرط الثاني : أن يكون الدائن المرتهن حسن النية :
هذا الشرط يعكس الأمانة والـنزاهة في التعاملات القانونية، ويعتبر من الشروط الأساسية لضمان صحة عقد الرهن . فحسن النية يعني أن الدائن المرتهن يجب أن يكون مخلصًا في تصرفاته ويجب ألا يكون لديه علم بأن الراهن لا يملك العقار المرهون أو أنه قد أجرى تصرفًا غير مشروع يتعلق بالعقار المرهون .
إذا كان الدائن المرتهن على علم بأن الراهن ليس مالكًا حقيقيًا للعقار المرهون أو أنه قام بتصرفات غير قانونية، فإنه يفقد حقه في حماية الرهن، ويصبح العقد قابلًا للإبطال .
في المقابل، إذا كان الدائن حسن النية وكان يعتقد بصدق أن الراهن يملك العقار المرهون وكان يعامله على هذا الأساس، فإن الرهن يظل صحيحًا في حقه، حتى وإن تبين فيما بعد أن الراهن لم يكن مالكًا للعقار في الواقع. لذلك، يُعد الشرط الخاص بحسن النية ضمانًا أساسيًا لحماية مصالح الأطراف المتعاملة وضمان تطبيق العدالة في العقود.
الشرط الثالث : زوال ملكية الراهن بأثر رجعي :
زوال ملكية الراهن بأثر رجعي يعني أن ملكية الراهن للعقار المرهون تُعتبر ملغاة اعتبارًا من تاريخ سابق على التصرف الذي أدى إلى فقدان الملكية، وذلك في حال حدوث تصرف غير قانوني أو غش من قبل الراهن.
في هذه الحالة، لا يمكن للراهن الاستمرار في تقديم العقار المرهون كضمان، حتى وإن كان التصرف قد وقع بعد إبرام عقد الرهن. وهذا يشمل الحالات التي يتم فيها نقل الملكية أو بيع العقار بطريقة غير قانونية أو من خلال تصرفات مُلغاة بموجب حكم قضائي .
عند زوال الملكية بأثر رجعي، يُعتبر العقد المبرم مع الدائن المرتهن غير نافذ في حق المالك الجديد، ولا يمكن للدائن متابعة تنفيذ الرهن. من الناحية القانونية، يُحتسب زوال الملكية كأنه لم يحدث، مما يؤدي إلى إبطال الرهن في مواجهة المالك الجديد، خاصة إذا كانت التصرفات التي أدت إلى فقدان الملكية قد تمت دون علم أو موافقة الأطراف المعنية. وبالتالي، تُعد حماية حقوق الدائن المرتهن من هذا النوع من التصرفات أمرًا بالغ الأهمية لضمان استقرار المعاملات القانونية.
أثر توافر شروط المادة (1034) :
يترتب على توافر شروط المادة 1034 من القانون المدني أثرٌ مهم يتمثل في بقاء الرهن الرسمي قائمًا ونافذًا، حتى في حال قيام الراهن بالتصرف في العقار المرهون بعد عقد الرهن، سواء كان التصرف بيعًا أو إيجارًا أو غير ذلك .
فوفقًا للمادة، إذا توافرت الشروط القانونية للرهن – وأهمها أن يكون الراهن مالكًا للعقار عند إبرام العقد، وأن يكون الدائن المرتهن حسن النية – فإن الرهن يظل سارياً في مواجهة الغير، بما في ذلك من آلت إليه ملكية العقار أو من انتفع به .
ويشمل هذا الأثر كذلك امتداد الرهن إلى المنفعة الناتجة عن العقار، مثل الأجرة أو الريع، ما لم يوجد اتفاق صريح على خلاف ذلك. وبذلك تُحقق المادة حماية فعّالة للدائن المرتهن، وتمنع الراهن من الإضرار بحقوقه من خلال التصرفات اللاحقة على الرهن، كما تُكرّس مبدأ استقرار المعاملات وضمان الوفاء بالدين من المال المرهون.
المادة 1035 من القانون المدني
تُعد المادة 1035 من القانون المدني المصري إحدى المواد الجوهرية التي تُنظِّم آثار الرهن الرسمي، وخصوصًا من حيث سريانه في مواجهة الغير. وتكمن أهميتها في تأكيد مبدأ علنية الرهن من خلال وجوب تسجيله في السجلات العقارية، وذلك تحقيقًا للأمان القانوني واستقرار المعاملات العقارية.
نص المادة 1035 مدني مصري:
(١) لا يجوز أن يرد الرهن الرسمى إلا على عقار ما لم يوجد نص يقضى بغير ذلك.
(٢) ويجب أن يكون العقار المرهون مما يصح التعامل فيه وبيعه بالمزاد العلنى، وأن يكون معينا بالذات تعيينا دقيقا من حيث طبيعته وموقعه، وأن يرد هذا التعيين أما فى عقد الرهن ذاته أو فى عقد رسمى لاحق، وإلا وقع الرهن باطلا.
شرح وتحليل نص المادة 1035 مدني :
1. ضرورة القيد: تنص المادة على أن الرهن الرسمي لا ينتج أثره تجاه الغير إلا إذا تم قيده في السجل العقاري. فالرهن، وإن كان صحيحًا بين طرفيه (الراهن والمرتهن) بمجرد انعقاده واستيفاء أركانه، إلا أنه لا يُحتج به على الغير – كالدائنين الآخرين أو المشتريين – إلا من لحظة القيد.
2. أثر القيد: بمجرد قيد الرهن، يصبح للدائن المرتهن حق عيني تبعي على العقار، ويمكنه اتخاذ الإجراءات القانونية لاستيفاء دينه عن طريق التنفيذ على العقار المرهون في حال عدم الوفاء بالدين. كما يُمكِّن هذا القيد الدائن من مواجهة الغير بهذا الحق.
3. ترتيب الأولوية: تُقرر المادة أن ترتيب أولوية الدائنين المرتهنين يُحدد وفقًا لتاريخ القيد، وليس بناءً على تاريخ العقد. أي أن الأسبقية في استيفاء الحقوق من قيمة العقار عند التنفيذ تكون لمن قيد أولًا، حتى لو كان عقده أُبرم بعد عقود أخرى لم تُقيد.
أهمية المادة 1035:
-
تحقيق علنية الرهن: القيد يجعل الرهن معلومًا للكافة، ويمنع التصرفات الخفية أو التحايل على حقوق الغير.
-
حماية الغير حسن النية: فعدم القيد يحرم الدائن من الاحتجاج بالرهن في مواجهة من اكتسب حقًا على العقار دون علم بالرهن.
-
استقرار المعاملات العقارية: لأن ترتيب الأولوية لا يرتبط بزمن التعاقد بل بزمن القيد، مما يجعل من السهل على المتعاملين التحقق من الوضع القانوني للعقار.
تطبيقات عملية:
-
إذا أبرم شخص رهنًا رسميًا لصالح دائن، ثم أبرم رهنًا آخر في اليوم نفسه لصالح دائن ثانٍ، فإن الدائن الذي يبادر إلى القيد أولًا هو من تكون له الأولوية في استيفاء حقه، حتى لو كان عقده لاحقًا في التاريخ.
-
إذا لم يُقيد الرهن في السجل العقاري، ثم باع الراهن العقار إلى شخص آخر، فإن المشتري لا يُلزم بالرهن غير المقيد، ويُعد مالكًا للعقار خاليًا من أي حقوق للمرتهن.
وجوب ورود الرهن الرسمي على العقار :
من أبرز خصائص الرهن الرسمي في القانون المدني أنه يجب أن يرد على عقار، أي أنه لا يجوز إنشاؤه إلا على مال ثابت لا يمكن نقله، مثل الأراضي والمباني والمنشآت الثابتة .
ويرجع ذلك إلى أن الرهن الرسمي هو حق عيني تبعي يُسجَّل في السجل العقاري، وبالتالي لا يمكن أن يرد إلا على الأموال التي يمكن إخضاعها لنظام الشهر العقاري، وهو ما لا ينطبق على المنقولات .
كما أن العقار بطبيعته يُعد ضمانًا أكثر استقرارًا من المنقول، مما يوفر حماية حقيقية للدائن المرتهن. ولهذا، إذا وقع الرهن على منقول تحت مسمى “رهن رسمي”، فإن هذا الرهن يكون باطلًا لوقوعه على غير محل جائز قانونًا.
الأصل عدم جواز رهن الأموال المنقولة :
يُعد من المبادئ المستقرة في القانون المدني أن الأصل هو عدم جواز رهن الأموال المنقولة رهنًا رسميًا، وذلك لأن الرهن الرسمي من خصائصه أن يُسجل في السجل العقاري، وهو نظام لا ينطبق إلا على العقارات دون المنقولات .
فالرهن الرسمي يُنشئ حقًا عينيًا تابعًا على عقار معين، ويُشترط لنفاذه القيد في السجلات العقارية، وهي بطبيعتها لا تُطبق على المنقول. أما الأموال المنقولة، فإن تأمينها يتم غالبًا من خلال الرهن الحيازي أو الرهن التجاري، حيث تُنقل حيازة المنقول إلى الدائن المرتهن أو طرف ثالث. ولهذا، إذا وُرد الرهن الرسمي على منقول، كان ذلك مخالفًا للقانون، ويُعد الرهن باطلًا لانعدام أحد شروطه الجوهرية وهو محل الرهن.
رهن بعض المنقولات إستثناء :
رغم أن الأصل في القانون المدني هو عدم جواز رهن المنقولات رهنًا رسميًا، إلا أن هناك بعض الاستثناءات التي أقرها المشرع وسمح فيها بإنشاء رهن رسمي على منقولات معينة، وذلك في حالات محددة نص عليها القانون صراحة .
ومن أبرز هذه الاستثناءات:
رهن السفن والطائرات، حيث يجوز إنشاؤه وفقًا لقوانين خاصة تنظم تسجيلها ورهنها في سجلات رسمية مماثلة للسجل العقاري. كذلك، سمح المشرع في بعض التشريعات الحديثة بإنشاء رهن رسمي على بعض المنقولات المعنوية، مثل حقوق الملكية الفكرية أو الحقوق المالية المستقبلية، بشرط تسجيلها في سجلات خاصة أُعدّت لهذا الغرض. ويُعد هذا التوجه استجابة لحاجة المعاملات الاقتصادية الحديثة التي أصبحت تتطلب ضمانات مرنة ومتطورة، مع الحفاظ على شرط الإشهار والتسجيل لضمان علنية الرهن وحماية الغير حسن النية.
وجوب أن يكون العقار المرهون مما يصح التعامل فيه وبيعه بالمزاد العلني :
من الشروط الأساسية لصحة الرهن الرسمي أن يكون العقار المرهون قابلاً للتعامل فيه قانونًا، أي مما يجوز بيعه والتصرف فيه، سواء بين الأفراد أو من خلال إجراءات التنفيذ الجبري. ويشترط كذلك أن يكون من الأموال التي يمكن بيعها بالمزاد العلني عند عدم وفاء الدين، لأن وظيفة الرهن هي تأمين الدائن عن طريق تمكينه من التنفيذ على العقار المرهون واستيفاء حقه من ثمنه .
ولذلك، لا يجوز أن يرد الرهن الرسمي على أموال عامة أو أملاك الدولة التي لا يجوز التصرف فيها، أو على العقارات التي لا يمكن نقل ملكيتها أو التصرف فيها قانونًا، مثل بعض أراضي الإصلاح الزراعي أو الأملاك ذات الطبيعة الوقفية أو المحظور التصرف فيها. فإذا ورد الرهن على عقار لا يجوز التعامل فيه أو لا يمكن بيعه بالمزاد العلني، فإن الرهن يكون باطلًا لعدم مشروعية محله، وينعدم أثره في مواجهة الغير.
وجوب أن يكون العقار معينا تعيينا دقيقا ( مبدأ تخصيص الرهن ) :
يشترط لصحة الرهن الرسمي أن يكون العقار المرهون معينًا تعيينًا دقيقًا، وهو ما يُعرف في الفقه بمبدأ تخصيص الرهن. ويقصد به أن يتم تحديد العقار محل الرهن بشكل واضح لا يثير اللبس أو الغموض، من حيث الموقع والمساحة والحدود والبيانات المساحية أو العقارية المسجلة .
ويُعد هذا التحديد ضروريًا لأنه يُمكّن الدائن المرتهن من مباشرة حقوقه في التنفيذ الجبري عند الاقتضاء، كما يضمن عدم امتداد الرهن إلى أموال أخرى مملوكة للراهن. كما أن هذا التعيين الدقيق يُعد شرطًا أساسيًا لإجراء قيد الرهن في السجل العقاري، وهو ما يكسب الرهن حجية في مواجهة الغير. وبالتالي، فإن عدم تحديد العقار محل الرهن بدقة يُؤدي إلى بطلان الرهن لانعدام المحل أو لعدم مشروعيته بسبب الغموض.
المادة 1036 من القانون المدني
يُعد الرهن الرسمي أحد أهم التأمينات العينية التي تُوفّر للدائن ضمانًا قويًا لاستيفاء حقه من أموال المدين، ويُشترط لقيامه توافر عدد من الشروط الشكلية والموضوعية. ومن الجوانب المهمة التي نظمها القانون في هذا السياق، ما يتعلق بـ نطاق الرهن ومدى امتداده إلى ملحقات العقار. وهنا تبرز المادة 1036 من القانون المدني المصري، التي تُحدد بشكل واضح ما إذا كان الرهن يقتصر على العقار وحده أم يمتد إلى ما يتصل به من ملحقات وتوابع.
نص المادة 1036 مدني
يشمل الرهن ملحقات العقار المرهون التى تعتبر عقارا ويشمل بوجه خاص حقوق الارتفاق والعقارات بالتخصيص والتحسينات والإنشاءات التى تعود بمنفعة على المالك، ما لم يتفق على غير ذلك، مع عدم الإخلال بامتياز المبالغ المستحقة للمقاولين أو المهندسين المعماريين المنصوص عليه فى المادة ١١٤٨.
شرح وتحليل النص
-
امتداد الرهن إلى التوابع
تنص المادة بوضوح على أن الرهن لا يقتصر على العقار محل الرهن فقط، بل يمتد ليشمل ما يُعد من ملحقات العقار وتوابعه. وهذه التوابع تشمل كل ما هو متصل بالعقار ويُعد متممًا له في الاستعمال، مثل:-
الغراس والأشجار في الأراضي الزراعية.
-
الآلات الثابتة في المصانع.
-
الأبنية والمنشآت التي تُقام على الأرض المرهونة.
-
الحقوق المتصلة بالعقار، كحق المرور أو الري إن كانا مرتبطين بالعقار المرهون.
-
-
شرط عدم الاتفاق على خلاف ذلك
المشرع أعطى للمتعاقدين الحرية في استبعاد بعض التوابع من الرهن، بشرط أن يكون ذلك باتفاق صريح. فإذا اتفق الراهن والمرتهن على أن الرهن لا يشمل بعض الملحقات، فإن الرهن يقتصر حينها على ما تم تحديده دون غيره. -
زمن وجود الملحقات
يقرر النص أن امتداد الرهن إلى التوابع لا يُشترط أن تكون قائمة وقت القيد، بل يمتد الرهن حتى إلى التوابع التي تُضاف بعد قيد الرهن. وهذا يعزز من مركز الدائن المرتهن ويمنع الراهن من التهرب من التزامه بزيادة قيمة العقار بملحقات غير مشمولة بالرهن.
الحكمة من النص
تكمن الحكمة من هذا النص في تحقيق استقرار الرهن وضمان فاعليته كأداة للائتمان، حيث إن التوابع غالبًا ما تكون ذات قيمة مادية تضيف إلى العقار نفسه، فاستبعادها قد يُفرغ الرهن من فائدته. كما يمنع النص الراهن من محاولة الإضرار بالدائن عن طريق فصل العقار عن توابعه أو إدخال تحسينات لا تدخل في نطاق الرهن.
التطبيقات العملية
-
إذا تم رهن أرض زراعية، ثم غرس الراهن فيها أشجارًا بعد قيد الرهن، فإن الأشجار تدخل في الرهن تلقائيًا ما لم يُتفق على استثنائها.
-
في حالة رهن مصنع، فإن الآلات الثابتة المرتبطة بالمبنى تدخل ضمن الرهن الرسمي، باعتبارها من توابع العقار.
مشتملات الرهن :
يشمل الرهن الرسمي، بحسب القواعد العامة في القانون المدني، العقار المرهون ذاته بالإضافة إلى جميع ملحقاته وتوابعه التي تُعد جزءًا لا يتجزأ منه أو مكمّلة لاستعماله واستغلاله، ما لم يوجد اتفاق يقضي بخلاف ذلك.
وتشمل هذه المشتملات – على سبيل المثال – الأبنية والغراس والآلات الثابتة والمرافق الدائمة المتصلة بالعقار، وكذلك الحقوق المتعلقة به كحق المرور أو الري، طالما كانت ضرورية للانتفاع بالعقار .
بل إن الرهن يمتد أيضًا إلى هذه التوابع سواء كانت موجودة وقت القيد أو أُضيفت بعده، وفقًا لما تقرره المادة 1036 من القانون المدني. ويهدف هذا الامتداد إلى تعزيز الضمانة المقدمة للدائن، وتحقيق استقرار التعاملات العقارية، ومنع الراهن من تجزئة محل الرهن أو تفريغه من عناصره الجوهرية.
الملحقات المنصوص عليها بالمادة :
المادة 1036 من القانون المدني المصري تُحدد أن الرهن الرسمي يشمل ملحقات العقار المرهون التي تُعتبر من توابعه، ما لم يوجد اتفاق على خلاف ذلك. وتتمثل الملحقات التي تشملها هذه المادة في:
-
الأبنية: إذا كانت هناك منشآت أو مبانٍ قد أُقيمت على الأرض المرهونة.
-
الغراس: الأشجار أو المزروعات الثابتة التي تم غرسها في الأرض المرهونة.
-
الآلات الثابتة: مثل الآلات أو المعدات الثابتة التي تُستخدم في الإنتاج أو الاستعمال الدائم في العقار.
-
المرافق الأساسية: مثل شبكات المياه أو الكهرباء أو الصرف الصحي التي تُعتبر جزءًا من العقار وتخدمه.
كما يُشمل أيضًا أي توابع أخرى تكون متصلة بالعقار وتُعد جزءًا من استعماله المعتاد. هذه الملحقات تدخل ضمن نطاق الرهن حتى لو أُضيفت بعد قيد الرهن، إلا إذا تم الاتفاق بين الطرفين على استبعادها.
باختصار، هذه المادة تهدف إلى ضمان استمرارية الرهن الرسمي ليشمل كل ما يرتبط بالعقار بشكل جوهري، ويمنع الراهن من محاولة التفريغ من عناصره الجوهرية أو إضعاف ضمانة الدائن
حقوق الإرتفاق :
حقوق الارتفاق هي حقوق عينية ترد على عقار معين، وتتمثل في حق الانتفاع بعقار آخر لمصلحة العقار الذي يملكه صاحب حق الارتفاق (المنتفع). هذا الحق يهدف إلى تمكين صاحب العقار المهيمن من الاستفادة من العقار المرتفق (المتضرر) في نطاق معين، بما لا يتعدى حدود ذلك الانتفاع. يختلف حق الارتفاق عن حق الملكية في أن صاحب حق الارتفاق لا يمتلك العقار المرتفق بشكل كامل، بل له الحق في الاستفادة منه بطرق معينة ومحدودة.
العقارات بالتخصيص :
العقارات بالتخصيص هي العقارات التي تكون مملوكة لشخص معين وتُخصص لاستخدام معين يخدم مصلحة أو حاجة معينة، ولكنها تظل مرتبطة بمصلحة العقار الآخر. فالعقار يُعتبر عقارًا بالتخصيص عندما يكون جزءًا من الممتلكات أو المنافع المرتبطة بعقار آخر، ويُستخدم لأغراض محددة، كأن يتم تخصيص جزء من الأرض لخدمة مرفق أو منشأة خاصة بعقار آخر، مثل تخصيص قطعة أرض من أجل استخدام محطة مياه أو شبكة كهرباء تخدم عقارًا آخر.
وتُعد العقارات بالتخصيص جزءًا من مفهوم الحقوق العينية التبعية التي تخدم العقارات المستفيدة من هذه المرافق. وتتميز بأنها تظل مرتبطة دائمًا بالعقار المثقل بها، بمعنى أنه إذا تم بيع العقار المستفيد، فإن التخصيص يظل قائمًا ويُنتقل مع الملكية الجديدة.
هذه العقارات تُعد ضرورية لضمان استمرارية الخدمات الخاصة بالعقار المخصص له، ويُمكن أن تشمل الطرق الخاصة، أو المعدات الثابتة، أو حتى الأراضي المخصصة للبناء التي تخدم احتياجات معينة لمرافق حيوية.
التحسينات والإنشاءات :
التحسينات والإنشاءات هي التعديلات أو الإضافات التي يُجريها المالك على العقار بهدف تحسينه أو تطويره لزيادة قيمته أو لتلبية احتياجات معينة. وتشمل هذه التحسينات كل ما يُضاف إلى العقار من بناء أو تعديل أو تحسين في الأرض أو البناء أو المرافق، مثل إضافة غرفة أو بناء مرفق جديد أو تجديد الأنظمة الكهربائية أو الصحية في العقار.
التحسينات قد تكون إنشاءات جديدة تُضاف إلى العقار، مثل بناء مباني جديدة أو إنشاء ملاحق تتصل بالعقار، أو قد تكون تعديلات على الهياكل القائمة بهدف تحسين وظيفتها أو جماليتها. وتختلف الإنشاءات عن الصيانة البسيطة في أنها تؤدي إلى زيادة قيمة العقار أو تحسين حالته العامة، بينما تهدف الصيانة فقط إلى الحفاظ على العقار في حالته الأصلية.
من الناحية القانونية، التحسينات والإنشاءات قد تؤثر على العقار المرهون، ففي بعض الحالات قد تُعتبر جزءًا من العقار وتظل خاضعة للرهن، خصوصًا إذا تم الإشارة إليها صراحة في عقد الرهن.
عدم الإخلال بإمتياز المقاولين أو المهندسين :
إمتياز المقاولين أو المهندسين هو حق قانوني يُمنح للمقاولين أو المهندسين الذين قاموا بتنفيذ أعمال البناء أو الإصلاح على عقار، ويتيح لهم حق الحصول على أموالهم من خلال احتفاظهم بامتياز على العقار الذي تم العمل عليه. ويعتبر هذا الامتياز حقًا عينيًا يمكنه أن يترتب على العقار بشكل تلقائي عند تنفيذ الأعمال، حتى لو لم يتم تسجيله في السجلات الرسمية. ويهدف هذا الامتياز إلى حماية حقوق المقاولين والمهندسين في الحصول على مستحقاتهم المالية مقابل الأعمال التي قاموا بها.
ومع ذلك، يجب أن يُلاحظ أنه لا يجوز للراهن أو مالك العقار أن يُخِلّ بحقوق المقاولين أو المهندسين المرتبطة بهذا الامتياز، حتى لو كان العقار قد خضع لرهن رسمي أو تأمينات عينية أخرى. بمعنى آخر، إمتياز المقاولين أو المهندسين يظل قائمًا ولا يُمكن لأي اتفاق آخر، مثل الرهن الرسمي، أن يُؤثر عليه أو يتقدم عليه إلا في حالات معينة ينظمها القانون. هذا يحمي حقوقهم المالية ويضمن لهم القدرة على استيفاء مستحقاتهم بشكل مستقل عن أي التزامات أو رهون قائمة على العقار.
إمتداد الرهن إلى ملحقات العقار قاعدة مفسرة لإدارة المتعاقدين :
يُعد إمتداد الرهن إلى ملحقات العقار من القواعد القانونية التي تفسر طريقة إدارة العلاقة بين المتعاقدين في عقد الرهن الرسمي. بحسب هذه القاعدة، يشمل الرهن الرسمي ملحقات العقار المرهون، مثل الأبنية والغراس والمرافق الثابتة، بما يعني أن العقار المرهون لا يقتصر على الأرض أو البناء ذاته فقط، بل يمتد ليشمل كل ما يُعتبر جزءًا من استعماله المعتاد أو مرتبطًا به بشكل جوهري. هذا الامتداد لا يُقيد بمكان أو زمان معين، بل يشمل أي ملحقات سواء كانت موجودة وقت قيد الرهن أو أُضيفت لاحقًا.
هذه القاعدة تفسر نية المتعاقدين عند إبرام عقد الرهن، حيث يتبين أن الهدف هو ضمان استمرارية التأمين على كل ما يخدم العقار المرهون ويحسن من قيمته، وذلك دون الحاجة إلى اتفاقات منفصلة تتعلق بكل ملحق على حدة. تُعتبر هذه القاعدة جزءًا من ضمانات الدائن المرتهن، فهي تزيد من نطاق الرهن ليشمل كل ما يمكن أن يؤثر في قيمة العقار ويخدمه، مما يجعل العقد أكثر أمانًا وفاعلية في حماية حقوق الدائن.
المادة 1037 من القانون المدني
تُعد المادة 1037 من القانون المدني المصري من المواد الهامة التي تتعلق بـ الرهن الرسمي، حيث تنظم إمكانية انتقال الرهن من عقار إلى آخر. وتنطوي هذه المادة على تحديد عدد من الإجراءات والضوابط التي تحكم انتقال الحقوق المتعلقة بالرهن من العقار المرهون إلى عقار آخر في حال حدوث تغييرات أو إعادة تصرفات على العقار الأصلي. وتستهدف المادة تحقيق استقرار حقوق الدائنين وضمان عدم المساس بحماية حقوقهم في ظل حدوث تغييرات على العقار المرهون.
نص المادة 1037 :
يترتب على تسجيل تنبيه نزع الملكية أن يلحق بالعقار ما يغله من ثمار وإيراد عن المدة التى أعقبت التسجيل، ويجرى فى توزيع هذه الغلة ما يجرى فى توزيع ثمن العقار.
شرح وتحليل النص
تأتي هذه المادة لتوضيح القواعد التي تحكم انتقال الرهن في حالة انتقال ملكية العقار المرهون أو إذا تم فرض رهن على عقار آخر. تركز المادة بشكل رئيسي على مبدأ استمرار الرهن على العقار المرهون الأصلي، أي أن الرهن يظل قائمًا على العقار الذي تم تحديده في عقد الرهن الرسمي. وفي حال رغبة الراهن في نقل الرهن إلى عقار آخر، يجب أن يكون هناك اتفاق صريح بين الأطراف المعنية لتعديل هذا الوضع.
ما تفعله المادة 1037 هو أنها تحمي حقوق الدائنين وتضمن أنهم لن يفقدوا ضماناتهم بسبب التغييرات في العقار المرهون أو نقله إلى عقار آخر، دون رضا الأطراف المعنية أو بدون وجود اتفاق صريح على ذلك.
تفسير أثر المادة في علاقات الأطراف
-
حماية حقوق الدائن:
إذا قام مالك العقار المرهون ببيع العقار أو نقل ملكيته إلى شخص آخر، فإن هذا النقل لا يؤثر على الرهن، إلا إذا تم الاتفاق على خلاف ذلك. الرهن يبقى على العقار الأول كما هو، دون أن ينتقل تلقائيًا إلى العقار الجديد. -
الاستمرار في العقار المرهون:
إستمرار الرهن على العقار الأول يهدف إلى حماية الدائن وضمان تنفيذ التزاماته. فإذا حاول الراهن نقل الرهن إلى عقار جديد من دون موافقة الدائن، يظل الرهن مرتبطًا بالعقار الأول دون التأثير عليه. -
الاستثناء في حالة الاتفاق:
في حال تم الاتفاق بين الأطراف على نقل الرهن إلى عقار آخر، فإنه يمكن تعديل شروط العقد لتشمل العقار الجديد، بشرط أن يتم ذلك وفقاً لقانون الرهن وأحكامه.
الحكمة من النص
تكمن الحكمة من المادة 1037 في حماية حقوق الدائن في العقار المرهون. قد يُطلب من الدائن ضماناته عندما يتم نقل ملكية العقار المرهون، وقد يكون الدائن غير موافق على نقل الرهن إلى عقار آخر. لذا أقر المشرع إمكانية الإبقاء على الرهن على العقار المرهون الأصلي حتى في حال نقل ملكيته، وفي الوقت ذاته سمح للطرفين بتعديل العقد إذا رغبا في ذلك.
الآثار العملية للمادة 1037
-
إذا تم بيع العقار المرهون:
إذا قام الراهن ببيع العقار المرهون إلى شخص آخر، يظل الرهن مستمرًا على العقار الأول ولا ينتقل تلقائيًا إلى العقار الجديد. يظل الرهن قائمًا لضمان حقوق الدائن حتى سداد الدين. -
إذا أراد الراهن نقل الرهن إلى عقار آخر:
يتطلب الأمر اتفاقًا بين الأطراف المعنية (الراهن والدائن) لنقل الرهن إلى عقار جديد. في حال غياب هذا الاتفاق، يظل الرهن قائمًا على العقار الأول ولا ينتقل إلى العقار الجديد.
الثمار والإيرادات :
الثمار والإيرادات هي ما يغله العقار المرهون من منافع، سواء كانت طبيعية كالمنتجات الزراعية أو مدنية كالإيجارات أو العوائد المالية الناتجة عن استغلال العقار .
وتدخل هذه الثمار والإيرادات ضمن مشتملات الرهن الرسمي متى وُجدت وكانت مستحقة بعد تسجيل الرهن، ما لم يُتفق على خلاف ذلك .
ويُشترط أن تكون هذه الثمار غير منفصلة عن العقار وقت الرهن، أو أنها نتجت عنه خلال سريان الرهن الرسمي. ويستفيد منها الدائن المرتهن، حيث تُعتبر ضمانًا إضافيًا للدين المضمون، ويحق له الحجز عليها أو اقتطاع قيمتها عند التنفيذ على العقار إذا لم يُوفَ الدين، مما يُعزز من قوة الرهن ويوسّع نطاقه.
المادة 1038 من القانون المدني
يُعد الرهن الرسمي أحد أهم الحقوق العينية التبعية في القانون المدني، وهو يخول الدائن المرتهن حقًا عينيًا على عقار مملوك للمدين أو للغير، يضمن له استيفاء حقه من ثمن هذا العقار عند بيعه بالمزاد العلني في حالة عدم الوفاء بالدين. وتفصيلًا لهذا النظام، جاءت المادة 1038 من القانون المدني المصري لتنظم الآثار القانونية المترتبة على انتقال ملكية العقار المرهون إلى الغير، وتحديدًا ما إذا كان الرهن يبقى نافذًا في مواجهة المالك الجديد.
نص المادة 1038 مدني :
يجوز لمالك المبانى القائمة على أرض الغير أن يرهنها وفى هذه الحالة يكون للدائن المرتهن حق التقدم فى استيفاء الدين من ثمن الأنقاض إذا هدمت المبانى، ومن التعويض الذى يدفعه مالك الأرض إذا استبقى المبانى وفقا للأحكام الخاصة بالالتصاق.
شرح وتحليل المادة 1038
الحق العيني للدائن المرتهن
المادة 1038 تُقرر أن الرهن الرسمي يُنشئ حقًا عينيًا لصالح الدائن، لا مجرد حق شخصي. وهذا يعني أن الدائن لا يُطالب فقط المدين بوفاء الدين، بل يكون له ضمان فعلي على عقار معين، فيتمكن من تتبعه وبيعه لاستيفاء حقه.
استمرار الرهن رغم انتقال ملكية العقار
تُؤكد المادة أن الرهن يظل قائمًا حتى لو انتقلت ملكية العقار إلى شخص آخر غير المدين. ويُطلق على من انتقلت إليه الملكية اسم “الحائز”، سواء كانت الملكية انتقلت إليه عن طريق البيع أو الهبة أو الميراث.
حق التتبع
وهذه من الخصائص الأساسية للرهن الرسمي. فالدائن المرتهن له الحق في تتبع العقار المرهون في أي يد يكون، ورفع دعوى التنفيذ عليه لاستيفاء دينه، دون الحاجة إلى الرجوع على الحائز شخصيًا (إلا في حالات معينة). وهذا يعزز من قوة الرهن ويجعله وسيلة فعالة لضمان الحقوق.
استيفاء الدين من ثمن العقار
عند بيع العقار المرهون بالمزاد العلني نتيجة عدم الوفاء بالدين، يحق للدائن المرتهن أن يُستوفى دينه من الثمن الناتج عن البيع، مع أولوية على باقي الدائنين بحسب ترتيب الرهون.
أهمية المادة 1038
-
حماية الدائن المرتهن: المادة تضمن بقاء حق الدائن قائمًا وفعّالًا حتى في حالة تغير مالك العقار.
-
الاستقرار في التعاملات العقارية: يعلم من يشتري عقارًا مرهونًا أنه يشتريه مثقلاً بالرهن، ما لم يُطهره أو يسدد الدين.
-
تكريس لمبدأ التتبع: وهو من المبادئ الجوهرية للحقوق العينية التبعية، حيث لا يسقط الحق العيني بتغيير الحيازة أو الملكية.
تطبيقات عملية
إذا باع المدين العقار المرهون إلى شخص آخر، فإن الرهن يظل قائمًا ويستطيع الدائن المرتهن أن:
-
يُطالب ببيع العقار المرهون في يد المالك الجديد.
-
يُباشر إجراءات التنفيذ عليه كما لو كان لا يزال في يد المدين الأصلي.
-
يتمتع بأولوية في استيفاء حقه من ثمن البيع.
رهن المباني المقامة على ملك الغير :
يجوز قانونًا أن ينعقد الرهن الرسمي على مبانٍ أو إنشاءات مقامة على أرض مملوكة للغير، بشرط أن تكون هذه المباني مملوكة للراهن نفسه استقلالًا عن الأرض .
ففي هذه الحالة، يكون محل الرهن هو البناء فقط دون الأرض التي أُقيم عليها، ويُقيد الرهن في هذه الحالة على المبنى باعتباره مالاً عقاريًا مستقلاً. غير أن هذا النوع من الرهن قد يُثير إشكالات عملية، خصوصًا في حال هدم البناء أو زواله، أو عند تنفيذ الرهن حيث يُطرح تساؤل حول مدى إمكانية بيع المبنى منفردًا دون الأرض. لذلك، يجب أن يُحدد في العقد استقلال المبنى عن ملكية الأرض، وأن يكون البناء قابلاً قانونًا وف
نيًا للانفصال والتصرف فيه على نحو مستقل، وهو ما قد يحدث مثلًا في حالات حق السطحية أو الإيجار الطويل.
المادة 1039 من القانون المدني
يندرج الرهن الرسمي ضمن الحقوق العينية التبعية التي تمنح الدائن ضمانًا عينيًا على مال معين، وغالبًا ما يكون هذا المال عقارًا. وتحدد نصوص القانون المدني المصري القواعد المنظمة لهذا الرهن، ومنها المادة 1039 التي تعالج مسألة دقيقة ومهمة، وهي الرهن الواقع على جزء شائع من عقار، أي في حالة اشتراك عدة أشخاص في ملكية عقار واحد على الشيوع، ورغبة أحدهم في رهن حصته فقط.
نص المادة 1039 مدني :
(١) يبقى نافذا الرهن الصادر من جميع الملاك لعقار شائع، أيا كانت النتيجة التى تترتب على قسمة العقار فيما بعد أو على بيعه لعدم إمكان قسمته.
(٢) وإذا رهن أحد الشركة حصته الشائعة فى العقار أو جزءا مفرزا من هذا العقار، ثم وقع فى نصيبه عند القسمة أعيان غير التى رهنها، انتقل الرهن بمرتبته إلى قدر من هذه الأعيان يعادل قيمة العقار الذى كان مرهونا فى الأصل، ويعين هنا القدر بأمر على عريضة. ويقوم الدائن المرتهن بإجراء قيد جديد يبين فيه القدر الذى انتقل إليه الرهن خلال تسعين يوما من الوقت الذى يخطره فيه أى ذى شأن بتسجيل القسمة. ولا يضر انتقال الرهن على هذا الوجه برهن صدر من جميع الشركاء ولا بامتياز المتقاسمين.
شرح وتحليل المادة :
الرهن في المال الشائع :
المال الشائع هو المال الذي يملكه أكثر من شخص دون أن تكون حصة كل منهم مفرزة. وتجيز المادة 1039 للمالك الشريك أن يرهن حصته الشائعة، لكنها تُقيد نفاذ هذا الرهن تجاه باقي الشركاء بشرط جوهري، وهو إفراز الحصة المرهونة عن طريق القسمة.
شرط نفاذ الرهن :
حتى يكون الرهن نافذًا في مواجهة باقي الشركاء، يجب:
-
إما أن يرضى الشركاء الآخرون بالرهن صراحة.
-
أو أن تتم قسمة العقار الشائع وتُخصص الحصة المرهونة لصاحبها (الراهن)، بحيث تُصبح مفرزة، وعندها يمكن تنفيذ الرهن فعليًا.
حماية الشركاء :
هذه المادة تهدف إلى حماية حقوق باقي الشركاء في العقار الشائع. فالرهن على حصة غير مفرزة قد يضر بمصالحهم، كأن يُؤدي إلى بيع جزء من العقار بالمزاد العلني بشكل يؤثر على الانتفاع به أو إداراته.
أهمية المادة ك:
-
✅ تحقق التوازن بين حرية التصرف وحقوق الغير: فهي لا تمنع الشريك من رهن حصته، لكنها تحمي الشركاء من آثار الرهن إلى حين القسمة.
-
✅ تحول دون الإضرار بالعقار الشائع: لأنها تمنع إدخال أطراف خارجية (مثل الدائنين المرتهنين) في علاقة الشيوع دون رضا باقي الشركاء.
-
✅ تنظم علاقات الشركاء قانونيًا وتقلل من النزاعات حول تنفيذ الرهن على المال الشائع.
رهن العقار المملوك على الشيوع :
الرهن الصادر من جميع الشركاء :
إذا اتفق جميع الشركاء في عقار مملوك على الشيوع على رهن العقار بكامله، فإن هذا الرهن يكون صحيحًا ونافذًا في مواجهةهم جميعًا، وينشأ عنه رهن رسمي على كامل العقار المشترك .
ويُعامل هذا الرهن في حكمه كأنه ورد على مال مفرز، لأن اتحاد إرادة الشركاء جميعًا يُغني عن شرط الإفراز أو القسمة، ويمنح الدائن المرتهن ضمانًا مستقرًا على العقار بأكمله .
ويحق للدائن في هذه الحالة أن يُباشر حقوقه العينية في مواجهة أي حائز للعقار، كما يتمكن من التنفيذ عليه واستيفاء حقه من ثمنه عند بيعه بالمزاد، وفقًا للقواعد العامة في الرهن الرسمي.
الرهن الصادر من أحد أو بعض الشركاء :
إذا قام أحد الشركاء، أو بعضهم دون الآخرين، برهن حصته الشائعة في عقار مملوك على الشيوع، فإن هذا الرهن يكون صحيحًا من حيث المبدأ، لكنه لا ينفذ في حق باقي الشركاء إلا إذا حصلت قسمة وخصّصت الحصة المرهونة للراهن، وذلك تطبيقًا لحكم المادة 1039 من القانون المدني .
ويترتب على ذلك أن للدائن المرتهن حقًا في تتبع الحصة المرهونة فقط، دون أن يكون له أي حق على باقي العقار أو حيازة الشركاء الآخرين. ويهدف هذا التنظيم إلى حماية الشركاء من إدخال الغير في علاقة الشيوع دون رضاهم، كما يحافظ على استقرار الملكية الشائعة ويمنع تفتيتها أو تعقيد إدارتها دون اتفاق جماعي.
(أ) رهن أحد الشركاء أو بعضهم لحصة شائعة :
يجوز لأحد الشركاء أو بعضهم في مال مملوك على الشيوع أن يقوموا برهن حصتهم الشائعة فيه، ويكون هذا الرهن صحيحًا وملزمًا لهم باعتبار أن كل شريك يملك حصته وله حرية التصرف فيها. ومع ذلك، فإن هذا الرهن لا يكون نافذًا في مواجهة الشركاء الآخرين ما لم تتم قسمة المال الشائع وتُفرز الحصة المرهونة وتُخصص للراهن.
وتستند هذه القاعدة إلى المادة 1039 من القانون المدني التي تهدف إلى منع التأثير على حقوق باقي الشركاء دون رضاهم، وتفادي إدخال الغير (الدائن المرتهن) في المال الشائع قبل تحديد نصيب الراهن تحديدًا دقيقًا.
(ب) رهن أحد الشركاء أو بعضهم لجزء مفرز :
إذا قام أحد الشركاء أو بعضهم في مال مملوك على الشيوع بـرهن جزء مفرز من العقار الشائع على أنه يمثل حصته، فإن هذا التصرف يُعد باطلًا أو غير نافذ في حق باقي الشركاء، ما لم تكن قد تمت قسمة رسمية أفرزت هذا الجزء للراهن .
وذلك لأن الملكية الشائعة لا تتيح لأي شريك أن يتصرف في جزء معين من المال باعتباره مملوكًا له دون اتفاق أو قسمة، إذ أن الحصص الشائعة تكون في كامل المال دون تحديد لأجزاء مادية. وبالتالي، فإن هذا الرهن لا ينتج أثره القانوني، لا في مواجهة الشركاء ولا في مواجهة الغير، ما لم يتم الإفراز وفقًا للقواعد القانونية، حفاظًا على مبدأ احترام الوضع القانوني للملكية الشائعة وعدم المساس بحقوق الشركاء الآخرين.
رهن أحد الشركاء للعقار كله :
إذا أقدم أحد الشركاء في عقار مملوك على الشيوع على رهن العقار كله، فإن هذا الرهن لا يكون صحيحًا إلا في حدود حصته الشائعة فقط، ويُعد باطلًا فيما تجاوز تلك الحصة . فالشريك في المال الشائع لا يملك سوى حصته المعنوية غير المفرزة، ولا يجوز له قانونًا أن يتصرف في العقار كله كأنه مالك منفرد، لأن ذلك يُشكل تعديًا على حقوق باقي الشركاء .
ويُعتبر هذا التصرف في حقيقته رهنًا لحصة شائعة فقط، ويخضع بالتالي لحكم المادة 1039 من القانون المدني، التي تشترط لنفاذ الرهن في مواجهة باقي الشركاء أن تتم قسمة وتُفرز الحصة المرهونة. أما ما زاد عن نصيب الراهن، فلا يُعتد به قانونًا ولا ينتج أي أثر في مواجهة الشركاء أو الغير.
المادة 1040 من القانون المدني
تعتبر المادة 1040 من القانون المدني المصري من المواد المهمة في تنظيم الحقوق العينية التبعية، وبالتحديد في إطار الرهن الرسمي. حيث أنها تتعامل مع رهن العقار المملوك على الشيوع وكيفية تعامل الدائن المرتهن مع الشركاء الآخرين في حالة الرهن. هذه المادة تضع القواعد التي تهدف إلى حماية حقوق الشركاء في العقار الشائع وتحقيق التوازن بين حقوق الدائن المرتهن وحقوق الملاك الآخرين. وفي هذه المقالة، سنتناول شرحًا مفصلًا لنص المادة 1040 مع تسليط الضوء على تطبيقاتها القانونية.
نص المادة 1040 من القانون المدني المصري
يجوز أن يترتب الرهن ضمانا لدين معلق على شرط أو دين مستقبل أو دين احتمالى. كما يجوز أن يترتب ضمانا لاعتماد مفتوح أو لفتح حساب جار على أن يتحدد فى عقد الرهن مبلغ الدين المضمون أو الحد الأقصى الذى ينتهى إليه هذا الدين.
شرح وتحليل المادة 1040 :
-
الرهن في المال الشائع المال الشائع هو العقار الذي يمتلكه أكثر من شخص دون أن تكون حصصهم مفرزة. في مثل هذه الحالة، يمتلك كل شريك حصة غير مفرزة في العقار، مما يعني أنه لا يحق لأي منهم التصرف في جزء معين من العقار دون اتفاق مسبق مع الشركاء الآخرين أو إجراء قسمة.
-
الرهن الصادر من أحد الشركاء وفقًا للمادة 1040، إذا قرر أحد الشركاء رهن حصته في العقار المملوك على الشيوع، فلا يعد هذا الرهن نافذًا في حق باقي الشركاء ما لم يوافقوا على ذلك أو يتم إفراز الحصة المرهونة. ويُقصد بالإفراز تخصيص الجزء المملوك لكل شريك بحيث يصبح واضحًا ومحددًا، مما يسهل تطبيق الرهن عليه.
-
حماية حقوق باقي الشركاء الهدف الأساسي من هذه المادة هو حماية حقوق الشركاء في العقار الشائع. فإذا كان أحد الشركاء يرغب في رهن حصته، لا يجوز له ذلك بشكل مؤثر في العقار بأسره دون موافقة الشركاء الآخرين أو إجراء قسمة تفصل الحصة المرهونة. وهذا يضمن أن باقي الشركاء لا يتأثرون بتصرفات فردية قد تؤثر في حقوقهم أو في قيمة العقار المشترك.
-
حالة الإفراز الإفراز هنا يشير إلى عملية تقسيم العقار الشائع إلى حصص مفرزة يتم تخصيص كل جزء منها لصاحبه. في حالة الإفراز، يُصبح لكل شريك حقًا محددًا في العقار يمكنه التصرف فيه بحرية، بما في ذلك الرهن.
أهمية المادة 1040 في ضمان استقرار المعاملات العقارية :
تسهم المادة 1040 في تنظيم العلاقة بين الشركاء في العقار الشائع والدائنين المرتهنين. حيث توفر ضمانات لكل طرف:
-
للشركاء: تضمن هذه المادة عدم تأثير تصرفات أحد الشركاء في حقوق الآخرين أو في قيمة العقار الشائع ككل.
-
للدائنين: تمنح هذه المادة الدائن فرصة لتأمين حقه في حالة موافقة الشركاء أو عند تنفيذ القسمة وتخصيص الحصة المرهونة.
جواز قيام الرهن ضمانا لدين معلق على شرط أو دين مستقبل أو إحتمالي :
يُسمح قانونًا بقيام الرهن لضمان دين معلق على شرط أو دين مستقبلي أو دين احتمالي، بشرط أن يكون الدين المرهون ضامنًا له موجودًا في الوقت الذي يتم فيه عقد الرهن .
فالرهن يُعتبر حقًا عينيًا تبعيًا يُسجل لضمان الوفاء بدين قد لا يكون مستحقًا في وقت إبرام الرهن. في حالة الدين المعلق على شرط، لا يُنفذ الرهن إلا إذا تحقق الشرط، وإذا كان الدين مستقبليًا أو احتماليًا، فإنه يُمكن أن يتم الرهن طالما كان الدين متوقعًا أو معلقًا على حدث مستقبلي قد يتحقق. وبذلك، يُمكّن الرهن من تأمين الحقوق في حالات غير مؤكدة، مما يساهم في تسهيل المعاملات المالية، لكنه يتطلب ضمانات واضحة تضمن ارتباط الرهن بالديون المقررة أو المحتملة في المستقبل.
عدم جواز قيام الرهن ضمانا لإلتزام طبيعي :
لا يجوز قيام الرهن ضمانًا لالتزام طبيعي، وهو الالتزام الذي لا يترتب عليه حق قانوني قابل للتنفيذ في القضاء. ففي حين أن الرهن هو حق عيني تبعي يضمن الوفاء بدين مستحق قانونًا، فإنه لا يمكن استخدامه لضمان الالتزامات الطبيعية التي لا ترتب التزامات قانونية ملزمة أو قابلة للتنفيذ.
على سبيل المثال، إذا كان الالتزام ناتجًا عن وعد أو عمل غير ملزم قانونيًا (مثل الديون الأخلاقية أو الواجبات الاجتماعية)، فإن الرهن لا يمكن أن يُستخدم كضمان لهذا النوع من الالتزامات. يُشترط أن يكون الدين محل الرهن قابلًا للتنفيذ أمام المحكمة حتى يتم الاعتراف به وتطبيقه قانونًا.
المادة 1041 من القانون المدني
تعد المادة 1041 من القانون المدني المصري من المواد المهمة التي تنظم مسألة الرهن الرسمي، تحديدًا في العلاقة بين الدائن المرتهن والراهن، خاصة في الحالات التي يتعامل فيها الرهن مع الأموال المرهونة. حيث تتناول هذه المادة أحكامًا مهمة حول تسليم المال المرهون وإمكانية حصول الدائن المرتهن على هذا المال عندما يكون الراهن في حالة التقصير أو الإخلال بالتزامه. سنتناول في هذه المقالة شرحًا مفصلاً لأحكام المادة 1041، وتطبيقاتها القانونية وأثرها على المعاملات المالية.
نص المادة 1041 من القانون المدني المصري
كل جزء من العقار أو العقارات المرهونة ضامن لكل الدين، وكل جزء من الدين مضمون بالعقار أو العقارات المرهونة كلها، ما لم ينص القانون أو يقض الاتفاق بغير ذلك.
عدم تجزئة الرهن :
عدم تجزئة الرهن يعني أنه لا يمكن تقسيم الرهن الذي يتم على مال معين إلى أجزاء مستقلة، بحيث لا يمكن للدائن المرتهن أن يتعامل مع جزء من المال المرهون بشكل منفصل عن بقية المال. ويعود ذلك إلى أن الرهن هو حق عيني تبعي يظل قائمًا على المال بالكامل، ولا يجوز تفتيته أو تجزئته بين أجزاء من المال المرهون .
فإذا كان المال المرهون يتألف من عدة أجزاء (مثل عقار يحتوي على عدة وحدات أو شقة مع مرفقات)، فإن الرهن يشمل المال المرهون بأسره، ويظل الرهن قائمًا على كامل العقار أو المال المرهون حتى يتم الوفاء بالدين بالكامل. وهذا المبدأ يحمي الدائن المرتهن ويضمن له ضمانًا كاملاً للحق المضمون، دون تقليل من قيمته أو تفكيكه إلى أجزاء قد تؤثر في قدرة الدائن على استيفاء دينه.
قاعدة عدم تجزئة الرهن لا تتعلق بالنظام العام :
تُعد قاعدة عدم تجزئة الرهن من القواعد التي لا تتعلق بالنظام العام، مما يعني أنه يمكن للأطراف المتعاقدة الاتفاق على تجزئة الرهن في حال رغبتهم في ذلك، طالما تم الاتفاق بشكل واضح وصريح بين الدائن والراهن .
وهذا يتيح مرونة للأطراف في تعديل شروط العقد وفقًا لاحتياجاتهم الخاصة. ومن ثم، فإن هذه القاعدة لا تمنع الأطراف من تعديل أو تجزئة الرهن إذا كانت هذه التعديلات في مصلحة الجميع ولم تتعارض مع القوانين الأخرى، مثل قوانين الملكية أو الحقوق العينية. إلا أن هذا لا يعني أن التجزئة تصبح مسموحة في كل حالة، بل يتوقف الأمر على الاتفاق بين الأطراف والظروف الخاصة بالمعاملة.
المادة 1042 من القانون المدني
تعتبر المادة 1042 من القانون المدني المصري واحدة من المواد الأساسية التي تنظم الحقوق العينية التبعية، وبالتحديد في سياق الرهن الرسمي. حيث أن المادة 1042 تتعامل مع أثر انتقال ملكية المال المرهون، وكيفية تأثيره على حقوق الدائن المرتهن. إذ تضمن هذه المادة حماية حقوق الدائن حتى في حالة انتقال ملكية المال المرهون إلى شخص آخر. وفي هذه المقالة، سنعرض تفسيرًا للمادة 1042، ونوضح تطبيقاتها العملية وآثارها على المعاملات العقارية.
نص المادة 1042 من القانون المدني المصري
(١) لا ينفصل الرهن عن الدين المضمون، بل يكون تابعا له فى صحته وفى انقضائه، ما لم ينص القانون على غير ذلك.
(٢) وإذا كان الراهن غير المدين كان له إلى أجانب تمسكه بأوجه الدفع الخاصة به أن يتمسك بما للمدين التمسك به من أوجه الدفع المتعلقة بالدين، ويبقى له هذا الحق ولو نزل عنه المدين.
شرح وتحليل المادة 1042
-
انتقال ملكية المال المرهون: تنص المادة 1042 على أن انتقال ملكية المال المرهون إلى شخص آخر لا يؤثر على استمرار الرهن. فإذا تم بيع أو نقل ملكية العقار المرهون إلى شخص جديد، فإن الرهن يظل قائمًا على المال المرهون، حتى وإن تغيرت الملكية.
-
حماية حقوق الدائن المرتهن: الغرض الأساسي من هذه المادة هو حماية حقوق الدائن المرتهن، حيث تضمن له الاستمرار في استيفاء دينه من المال المرهون بغض النظر عن أي تغيير في الملكية. أي أن الدائن يستطيع استيفاء حقه من المال المرهون حتى إذا انتقلت ملكيته إلى شخص آخر، ويظل الرهن في هذه الحالة ساريًا.
-
طريقة انتقال الملكية: المادة تشير إلى أن الانتقال قد يكون بأي طريقة، سواء كان ببيع أو بالهبة أو بالحوالة أو بأي صورة أخرى من صور نقل الملكية. فالركيزة الأساسية هي أن الرهن لا ينقضي لمجرد انتقال الملكية من شخص إلى آخر.
-
حماية الاستقرار القانوني: من خلال هذه المادة، يعزز المشرع من استقرار الحقوق القانونية للدائنين المرتهنين، حيث يضمن استمرار حقهم في المطالبة بالمال المرهون في حال انتقال الملكية. وبالتالي، تكون هناك حماية أكبر لاستمرار الضمانات المقررة للديون، وهو ما يعزز الثقة في المعاملات المالية.
أثر المادة 1042 على المعاملات المالية
المادة 1042 تلعب دورًا أساسيًا في حماية المعاملات العقارية التي تشمل رهن العقارات، خاصة فيما يتعلق بالبيع أو انتقال ملكية العقار المرهون إلى طرف ثالث. فإذا كان الدائن المرتهن قد رهن عقارًا لضمان دين، ثم تم نقل ملكية العقار إلى شخص آخر، فإن الدائن المرتهن لا يتأثر، ويظل حقه قائمًا على العقار المرهون.
على سبيل المثال:
-
إذا قام “أ” برهن عقار لصالح “ب” لضمان قرض، ثم قام “أ” ببيع العقار إلى “ج”، فإن الرهن يظل قائمًا على العقار حتى بعد انتقال ملكيته إلى “ج”. وفي هذه الحالة، يمكن لـ “ب” (الدائن المرتهن) أن يطالب “ج” بتسديد الدين من المال المرهون في حال إخلال “أ” بالالتزامات المالية.
التطبيقات العملية للمادة 1042
تسهم المادة 1042 في تقوية الثقة في النظام المالي والائتماني، إذ تضمن للدائنين المرتهنين أن حقوقهم لا تضيع بتغيير ملكية المال المرهون. هذا يُعدُّ ضمانًا مهمًا في المعاملات المالية التي تشمل العقارات أو الأموال المرهونة.
إذا كان أحد الأشخاص قد قرر رهن عقار لضمان سداد قرض، ثم قام بنقل ملكيته إلى شخص آخر، فإن هذا الشخص الجديد، إذا كان قد علم بوجود الرهن، يظل ملزمًا بتحمل آثار هذا الرهن على العقار. ويستمر الدائن المرتهن في المطالبة بحقوقه من العقار المرهون، حتى بعد التغيير في الملكية.
إرتباط مصير الرهن بمصير الدين المضمون :
يُعد الرهن من الحقوق العينية التبعية التي تضمن الوفاء بالدين، ولذلك يرتبط مصير الرهن ارتباطًا وثيقًا بـ مصير الدين المضمون. فإذا تم سداد الدين كاملاً، ينقضي الرهن تلقائيًا ويُرفع من سجلات الملكية. أما إذا تم الإخلال بالدين أو عدم سداد المبلغ المستحق، يمكن للدائن المرتهن اتخاذ الإجراءات اللازمة لاستيفاء دينه من المال المرهون. بمعنى آخر، يبقى الرهن قائمًا طالما أن الدين مستمر، ويستمر الضمان حتى يتم الوفاء الكامل بالدين أو التنازل عنه. هذا الارتباط بين الرهن و الدين يعكس أهمية الرهن كضمان قانوني يتيح للدائن استرداد حقه من المال المرهون في حالة تعثر المدين.
حق الكفيل في التمسك بأوجه الدفع المتعلقة بالدين :
حق الكفيل في التمسك بأوجه الدفع المتعلقة بالدين يعد من الحقوق الأساسية التي تحميه في حال اتخاذ الدائن إجراءات قانونية ضده. فالكفيل، كطرف ضامن، لا يلتزم بسداد الدين إلا في حالة إخفاق المدين الأصلي في الوفاء به.
لذلك، يحق للكفيل التمسك بكافة أوجه الدفع التي تخص الدين، مثل الدفع بعدم وجود الدين أو الدفع بانقضاء الدين أو الدفع بالإعفاء من الوفاء لوجود أسباب قانونية تمنع ذلك. كما يمكن للكفيل التمسك بأي دفوع تتعلق بالعقد أو بأي تعديلات تطرأ عليه، إذا كانت تؤثر في وجود أو مقدار الدين. هذا الحق يتيح للكفيل الدفاع عن نفسه وتخفيف العبء المالي عنه في حال كانت هناك موانع قانونية تحول دون تنفيذ التزامه.
موقع محامى مصر . كوم
MohamyMasr.Com
المستشار القانونى: محمد منيب المحامى
عنوان المكتب: 13 شارع الخليفه من شارع الهرم بجوار السجل المدني
اشهر محامى احوال شخصية شاطر فى القاهرة