العلاقة مابين الكفيل والمدين في القانون المدني

العلاقة مابين الكفيل والمدين في القانون المدني

تُعد العلاقة بين الكفيل والمدين علاقة تضامنية تبعية، حيث يلتزم الكفيل تجاه الدائن بضمان الوفاء بالدين في حال تخلف المدين الأصلي عن السداد. وتنشأ هذه العلاقة بموجب عقد الكفالة، والذي غالبًا ما يُبرم بموافقة المدين، وإن لم يشترط القانون ذلك. وتتميز هذه العلاقة بأن الكفيل لا يُسأل إلا إذا امتنع المدين عن الوفاء، كما أن للكفيل حق الرجوع على المدين بما سدّده للدائن، ويجوز له أن يطلب من الدائن أولًا الرجوع على المدين قبل مطالبته هو، إذا كان ذلك متفقًا عليه أو نص عليه القانون (وهو ما يعرف بحق التقدّم أو المناقشة). وبذلك، تُعد الكفالة وسيلة من وسائل تعزيز الثقة في المعاملات المالية، دون أن تُعفي المدين من التزامه الأصلي.

العلاقة مابين الكفيل والمدين المادة 798 في القانون المدني 

تُعد الكفالة من العقود الهامة في القانون المدني، لما لها من دور جوهري في توثيق المعاملات والالتزامات المالية، خاصة بين الأفراد والمؤسسات. وتأتي المادة 798 من القانون المدني المصري لتُحدد التزام الكفيل تجاه الدائن، وتضع الإطار القانوني الذي يحكم العلاقة بين الكفيل والمدين والدائن.

نص المادة 798 من القانون المدني المصري 

١ – يجب على الكفيل أن يخطر المدين قبل أن يقوم بوفائه الدين، وإلا سقط حقه فى الرجوع على المدين إذا كان هذا قد وفى الدين أو كانت عنده وقت الاستحقاق أسباب تقضى ببطلان الدين أو بانقضائه.

٢ – فإذا لم يعارض المدين فى الوفاء بقى للكفيل حقه فى الرجوع عليه ولو كان المدين قد دفع الدين أو كانت لديه أسباب تقضى ببطلانه أو بانقضائه.

شرح وتحليل المادة 798 من القانون المدني 

الطبيعة القانونية للكفالة

المادة 798 تُقرر القاعدة الجوهرية التي تُميز عقد الكفالة، وهي الالتزام التبعي. بمعنى أن التزام الكفيل لا ينشأ مستقلًا بذاته، وإنما يُعتبر تابعًا لالتزام المدين الأصلي. فإذا زال الالتزام الأصلي، زال تبعًا له التزام الكفيل.

 مضمون الالتزام

تنص المادة على أن الكفيل يلتزم بالوفاء “إذا لم يفِ” المدين. أي أن الكفالة لا تُفعل إلا عند إخلال المدين بالتزامه، وهو ما يعني أن الكفيل لا يُطالَب مباشرة، إلا إذا ثبت تقصير المدين في الوفاء.

 شرط استحقاق الرجوع

حتى يمكن للدائن أن يرجع على الكفيل، يجب عليه أولًا أن يُثبت أن المدين لم يلتزم بما عليه، سواء بالامتناع عن السداد أو بعجزه المالي. وهنا يظهر دور الكفيل كضامن لا كمدين أصلي.

 الكفالة عقد رضائي

لم تَشترط المادة أن يكون الكفيل قد حصل على رضا المدين أو موافقته، مما يُفهم منه أن الكفالة عقد يُمكن أن يتم بين الكفيل والدائن دون اشتراط علم المدين، طالما تم الأمر بإرادة صحيحة، وتوفرت أركان العقد.

التمييز بين الكفيل والمدين المتضامن

رغم أن الكفيل يلتزم تجاه الدائن بالوفاء إذا لم يفِ المدين، إلا أنه يختلف عن المدين المتضامن. فالمدين المتضامن يُمكن للدائن الرجوع عليه مباشرة دون الرجوع على باقي المدينين، في حين أن الكفيل يُمكنه التمسك بما يُعرف بـ”حق المناقشة”، أي طلب إلزام الدائن باستنفاد الوسائل ضد المدين الأصلي أولًا (ما لم يتنازل عن هذا الحق).

الآثار القانونية للكفالة بعد الوفاء

إذا أوفى الكفيل بالدين نيابة عن المدين، تنتقل إليه حقوق الدائن بموجب ما يُعرف بالحلول القانوني، ويجوز له الرجوع على المدين بما أدّاه عنه، بل وأحيانًا بما زاد عليه إذا تضمن العقد ذلك.

وجوب إخطار الكفيل المدين قبل الوفاء :

من المبادئ المستقرة في فقه الكفالة أن الكفيل إذا أراد الوفاء بالدين نيابة عن المدين، وجب عليه – كأصل عام – أن يُخطر المدين بعزمه على السداد، ما لم يكن هناك خطر في التأخير أو نص اتفاقي يُعفيه من ذلك. ويهدف هذا الإخطار إلى تمكين المدين من اتخاذ ما يراه مناسبًا، كأن يُسارع بالسداد لتجنب تحمل الكفيل الدين، أو أن يُبدي ما لديه من دفوع. فإذا لم يُخطر الكفيل المدين، وقام بالسداد دون علمه، فقد يُحرم من حق الرجوع عليه، أو يُقيد هذا الحق إذا أثبت المدين أنه تضرر من ذلك السداد غير المُعلن. وهذا يعكس التوازن بين حماية الكفيل من الخسارة، وضمان ألا يُثقل المدين بدين كان في وسعه تفاديه أو الطعن عليه.

إعتراض المدين على الوفاء :

للـمدين الأصلي الحق في الاعتراض على وفاء الكفيل بالدين إذا كان لديه أسباب قانونية تُبرر عدم الوفاء، كأن يكون الدين قد سقط بالتقادم، أو تم الوفاء به جزئيًا أو كليًا، أو أن هناك بطلانًا أو بُطلًا في العقد المنشئ للدين. فإذا قام الكفيل بالوفاء دون مراعاة هذه الاعتراضات، فقد يفقد حقه في الرجوع على المدين، خاصة إذا كان المدين قد نبهه إلى تلك الأسباب أو كانت معلومة للكفيل. ويهدف هذا الحق إلى حماية المدين من تحميله عبء دين لم يعد قائمًا قانونًا، ويُشجّع الكفيل على التثبت قبل السداد. كما قد يكون اعتراض المدين موجهًا للدائن نفسه، طالبًا وقف إجراءات المطالبة إذا كان الوفاء غير مستحق، مما يُلزم الكفيل بالتريث حتى يُفصل في النزاع.

المادة 799 من القانون المدني

تمثل الكفالة أداة مهمة في تأمين الدائنين، حيث تمنحهم ضمانًا إضافيًا لاستيفاء حقوقهم. ويُعد تنظيم العلاقة بين الكفيل والمدين والدائن أمرًا ضروريًا لحماية مصالح الأطراف الثلاثة. وفي هذا السياق، تأتي المادة 799 من القانون المدني المصري لتُقر مبدأ جوهريًا يُعرف بـ “حق المناقشة”، وهو من الحقوق التي تميز الكفالة عن التضامن.

نص المادة 799 من القانون المدني المصري 

إذا وفى الكفيل الدين، كان له أن يحل محل الدائن فى جميع ماله من حقوق قبل المدين. ولكن إذا لم يوف إلا بعض الدين فلا يرجع بما وفاه إلا بعد أن يستوفى الدائن كل حقه من المدين.

شرح وتحليل المادة 799

 المقصود بحق المناقشة

تنص المادة على أن الكفيل له الحق في أن يُطالب الدائن أولًا بالرجوع على المدين الأصلي قبل أن يُطالَب هو بالدين. وهذا ما يُعرف فقهيًا بـ “دفع المناقشة”، ويُعد من الضمانات القانونية الممنوحة للكفيل، لأنه ليس مدينًا أصليًا بل مجرد ضامن.

 شروط تمسك الكفيل بدفع المناقشة

لتمكين الكفيل من التمسك بهذا الدفع، يجب أن تتحقق الشروط التالية:

  1. وجود مدين أصلي لا يزال على قيد الحياة ولم يُشهر إفلاسه أو إعساره.

  2. أن يكون مكان إقامة المدين معروفًا، بحيث يمكن للدائن الرجوع عليه فعليًا.

  3. أن لا يكون الكفيل قد تنازل صراحة أو ضمنًا عن هذا الحق.

إذا تحققت هذه الشروط، فعلى الدائن أن يُلاحق المدين أولًا، ولا يُطالب الكفيل إلا إذا فشل في التنفيذ على أموال المدين.

 أثر التنازل عن دفع المناقشة

تُجيز المادة للكفيل أن يتنازل عن هذا الحق، سواء عند تحرير عقد الكفالة أو بعد ذلك، ويترتب على هذا التنازل أن يُصبح الكفيل والدين في مواجهة الدائن كأنهما في مركز المدين المتضامن، فيجوز للدائن مطالبته فورًا دون انتظار نتيجة التنفيذ على المدين.

 حكمة النص

الهدف من هذه القاعدة هو تحقيق نوع من العدالة والتوازن بين أطراف العلاقة القانونية، فالكفيل دخل العقد ليضمن الوفاء لا ليحل محل المدين. لذا أعطاه القانون هذا الحق، إلا إذا قرر هو بإرادته أن يتحمل المسؤولية الكاملة.

التمييز بين الكفالة والتضامن

ما تقرره المادة 799 من تمكين الكفيل من دفع المناقشة يُميز الكفالة عن التضامن. ففي الالتزام التضامني، يستطيع الدائن الرجوع مباشرة على أي من المدينين المتضامنين، دون حاجة لمطالبة الآخرين أولًا. أما في الكفالة، فالأصل هو عدم الرجوع على الكفيل إلا بعد استنفاد وسائل التنفيذ ضد المدين، ما لم يتنازل الكفيل عن ذلك الحق.

دعوى الحلول للكفيل :

إذا قام الكفيل بالوفاء بالدين عن المدين الأصلي، فإنه يَحل محل الدائن فيما له من حقوق تجاه المدين، بموجب ما يُعرف بـ الحلول القانوني. ويترتب على هذا الحلول أن يُصبح للكفيل الحق في الرجوع على المدين بالمبلغ الذي دفعه، بالإضافة إلى ما قد يكون للدائن من تأمينات كالرهن أو الامتياز. ويُطلق على الدعوى التي يُقيمها الكفيل ضد المدين لاسترداد ما سدّده باسم دعوى الحلول. وتُعد هذه الدعوى وسيلة قانونية تُمكِّن الكفيل من استعادة ما خرج من ذمته، وتضمن عدم إثراء المدين على حسابه دون وجه حق. ويُشترط لقبول هذه الدعوى أن يكون الكفيل قد دفع مبلغًا مستحقًا فعلًا، وأن يكون الوفاء قد تم وفقًا لأحكام القانون، دون غش أو تقصير منه.

حلول الكفيل محل الدائن عند الوفاء بالدين :

يترتب على وفاء الكفيل بالدين نيابة عن المدين أن يحل محل الدائن في جميع حقوقه، وفقًا لما تقرره قواعد الحلول القانوني المنصوص عليها في القانون المدني. ويعني ذلك أن الكفيل يُصبح له الحق في الرجوع على المدين بما أدّاه، وله أن يتمسك بجميع الضمانات والتأمينات العينية والشخصية التي كانت للدائن، كالرهن أو الكفالة أو الامتياز.

ويهدف هذا النظام إلى حماية الكفيل من الخسارة، وتمكينه من استرداد ما دفعه دون الحاجة إلى إقامة دعوى مستقلة تُثبت استحقاقه. ويشترط للحلول أن يكون الوفاء قد تم بصفة قانونية، أي أن الكفيل أوفى بدين حقيقي ومستحق، ولم يكن الوفاء على سبيل التبرع. ويُعد هذا الحلول نوعًا من نقل المركز القانوني من الدائن إلى الكفيل، بما يحفظ التوازن في العلاقات التعاقدية.

شرطان رجوع الكفيل بدعوى الحلول :

الشرط الأول : أن يقوم الكفيل بوفاء الدين عن المدين :

لكي يَثبت للكفيل حق الحلول محل الدائن، يجب أولًا أن يكون قد قام بـالوفاء الفعلي بالدين عن المدين الأصلي. ويُقصد بالوفاء هنا أن يقوم الكفيل بسداد الدين المستحق للدائن سدادًا قانونيًا، سواء أكان ذلك بكامل الدين أو بجزء منه إذا كان القابل للتجزئة.

ولا يكفي مجرد الوعد أو التعهد بالدفع، بل يجب أن يتم الوفاء بالفعل. كما يُشترط أن يكون هذا الوفاء قد تم لحساب المدين، وليس على سبيل التبرع أو تحمل الدين من غير سبب، حتى يُجيز له القانون الحلول محل الدائن والرجوع على المدين بما دفعه. ويُعد هذا الشرط جوهريًا، لأن الحلول يفترض خروج مبلغ من ذمة الكفيل ودخوله في ذمة الدائن، فينقضي الدين بالنسبة للدائن، ويبدأ الكفيل في اكتساب حقوق الرجوع على المدين.

الشرط الثاني : أن يتم الوفاء عند حلول الأجل :

من الشروط الأساسية لثبوت حق الحلول للكفيل أن يكون الوفاء قد تم عند حلول أجل الدين، أي في الوقت الذي يصبح فيه الدين مستحق الأداء قانونًا. فإذا قام الكفيل بالوفاء قبل حلول الأجل، فإنه لا يكتسب حق الحلول إلا إذا وافق المدين أو أقر القانون ذلك في حالات خاصة.

ويُعلل هذا الشرط بأن الوفاء قبل موعد الاستحقاق يُعد بمثابة تصرف تطوعي لا يُلزم المدين بالرجوع، ما لم يكن هذا الوفاء قد تم لمصلحته وبعلمه. كما أن من شأن الوفاء المبكر أن يُخل بمراكز قانونية قائمة، كأن يكون المدين يعوّل على مهلة السداد. لذلك، يشترط القانون أن يكون الوفاء واقعًا في ميعاده الصحيح حتى يُعتبر الكفيل قد قام بدوره الضامن دون تجاوز، ويستحق بذلك الحلول في حقوق الدائن كاملة.

ما يرجع به الكفيل على المدين في دعوى الحلول :

إذا أوفى الكفيل بالدين عن المدين، كان له حق الرجوع عليه بما أدّاه، وذلك بموجب دعوى الحلول القانوني. ويشمل ما يرجع به الكفيل كامل مبلغ الدين الذي سدّده للدائن، بالإضافة إلى الفوائد القانونية أو الاتفاقية إن كان قد دفعها، وكذلك المصاريف القضائية أو الإدارية التي تكبّدها بسبب الوفاء، شريطة أن تكون ضرورية ومبررة.

كما يحق للكفيل أن يتمسك بجميع الضمانات والتأمينات التي كانت للدائن قبل المدين، مثل الرهن أو حق الامتياز أو الكفالات الأخرى.

ومع ذلك، لا يجوز للكفيل أن يرجع على المدين بما دفعه إذا كان الوفاء قد تم على سبيل التبرع، أو إذا تجاوز حدود التزامه دون مبرر، كأن يدفع مبلغًا أكثر من المستحق فعليًا. وبذلك، يُعد الرجوع بموجب دعوى الحلول وسيلة قانونية تُمكن الكفيل من استرداد ما خرج من ذمته، دون أن يُحمّل عبء الدين الذي كان المدين هو الملزم الأصلي به.

ما يرجع به الكفيل على المدين إذا وفى الكفيل جزاء من الدين :

إذا قام الكفيل بوفاء جزء من الدين فقط نيابة عن المدين، فإن له الحق في الرجوع على المدين بمقدار ما دفعه فقط، لا أكثر ولا أقل. ويُعتبر هذا الوفاء الجزئي بمثابة تنفيذ جزئي للالتزام، فيحل الكفيل محل الدائن في هذا الجزء المسدَّد، ويكتسب ذات الحقوق والضمانات المقررة للدائن في حدود المبلغ المدفوع. ولا يجوز للكفيل أن يطالب المدين بما لم يقم بسداده، كما لا يتحمل المدين أكثر مما انتفع به من وفاء الكفيل. ويُشترط في الرجوع أن يكون الوفاء قد تم وفقًا للقانون، وألا يكون على سبيل التبرع. وبهذا يظل مبدأ العدالة في الرجوع حاضرًا، فلا يُثقل المدين بأكثر مما استفاد منه، وفي الوقت نفسه لا يُحرم الكفيل من استرداد ما خرج من ذمته لصالحه.

المادة 800 في القانون المدني

عقد الكفالة من العقود التي تنشئ التزامًا تبعيًا في ذمة الكفيل لضمان تنفيذ المدين الأصلي لالتزامه. وبعد أن يقوم الكفيل بالوفاء بالدين، يترتب له الحق في الرجوع على المدين، وهو ما تنظمه المادة 800 من القانون المدني المصري. وتُعد هذه المادة من النصوص الأساسية التي تُحدد الإطار القانوني لحق الكفيل في الحلول محل الدائن.

نص المادة 800 من القانون المدني المصري 

١ – للكفيل الذى وفى الدين أن يرجع على المدين سواء كانت الكفالة قد عقدت بعلمه أو بغير علمه.

٢ – ويرجع بأصل الدين وبالفوائد والمصروفات، على أنه فى المصروفات لا يرجع إلا بالذى دفعه من وقت إخباره المدين الأصلى بالإجراءات التى اتخذت ضده.

٣ – ويكون للكفيل الحق فى الفوائد القانونية عن كل ما قام بدفعه ابتداء من يوم الدفع. 

شرح وتحليل المادة 800 مدني 

 مبدأ الحلول القانوني

تنص المادة على أن الكفيل إذا أوفى الدين، فإنه يحل محل الدائن في جميع ما له من حقوق قبل المدين. وهذا ما يُعرف فقهيًا بـ الحلول القانوني، والذي يُمكّن الكفيل من الرجوع على المدين بما دفعه، ويشمل ذلك أصل الدين، والفوائد، والمصروفات، وكافة الضمانات المقررة لصالح الدائن كالرهن والامتياز.

 استثناء مهم – إذا تم الوفاء عن طيب خاطر

وضعت المادة قيدًا مهمًا على هذا الحق، وهو أن الكفيل لا يَحل محل الدائن إذا كان قد أوفى الدين عن طيب خاطر، ودون علم المدين، وكان للمدين وسيلة قانونية يُعارض بها الدين، كأن يكون الدين غير مستحق، أو أن له دفعًا قانونيًا كالتقادم أو الإبطال أو الانقضاء.

وهذا القيد هدفه حماية المدين، ومنع الكفيل من التسرع في الوفاء بديون غير قائمة، ثم الرجوع بها على المدين، خاصة إذا كان المدين يستطيع التخلص منها بدفع قانوني سليم.

 عبء الإثبات على المدين

لكي يَسقط حق الكفيل في الحلول، يجب أن يُثبت المدين أمرين:

  1. أن الكفيل أوفى دون علمه.

  2. أن لديه وسيلة قانونية يُعارض بها الدين، كالدفع بعدم الاستحقاق أو انقضاء الدين.

إذا عجز المدين عن إثبات أحد هذين العنصرين، بقي للكفيل حق الحلول قائمًا.

الفرق بين الحلول القانوني والحلول الاتفاقي

ما ورد في المادة 800 هو نوع من الحلول القانوني، أي الذي يقرره القانون تلقائيًا للكفيل الذي يفي بالدين. ويختلف عن الحلول الاتفاقي الذي قد يتفق عليه الأطراف في عقد مستقل أو في سند الوفاء، ويكون خاضعًا لشروطهم الخاصة.

الهدف من المادة

تهدف المادة إلى تحقيق التوازن بين حماية الكفيل الذي سدد الدين، ومنحه وسيلة قانونية لاسترداد ما دفعه، وبين حماية المدين من رجوع الكفيل عليه في دين كان يمكنه تفاديه بدفع مشروع.

الدعوى الشخصية لكفيل :

إلى جانب دعوى الحلول، يملك الكفيل بعد وفائه بالدين حقًا في الدعوى الشخصية ضد المدين، وهي دعوى تقوم على رابطة مستقلة بين الكفيل والمدين، سواء نشأت عن اتفاق سابق بينهما أو عن قيام الكفيل بالوفاء بدين الغير. ويستند الكفيل في هذه الدعوى إلى فكرة الإثراء بلا سبب أو إلى قواعد الرجوع بما دفعه لحساب الغير.

وبموجب هذه الدعوى، يطالب الكفيل المدين برد ما دفعه عنه، سواء كان ذلك بموجب اتفاق صريح، أو نتيجة لالتزام الكفيل بتسديد دين لم يكن ملزمًا به إلا ضمانًا.

وتُفيد الدعوى الشخصية خصوصًا في الحالات التي لا يُتاح فيها للكفيل التمسك بدعوى الحلول، كأن يكون الدين قد سقط أو كانت هناك موانع قانونية تمنع الحلول، لكنها لا تمنع الرجوع الشخصي على المدين وفقًا لما يقرره القانون من حماية لحقوق الكفيل.

رجوع الكفيل على المدين بالدعوى الشخصية ( دعوى الكفالة ) :

بعد وفاء الكفيل بالدين المستحق للدائن، يحق له أن يرجع على المدين بما دفعه، وذلك عن طريق الدعوى الشخصية، المعروفة أيضًا بـ دعوى الكفالة.

وتقوم هذه الدعوى على أساس العلاقة القانونية بين الكفيل والمدين، سواء كانت ناشئة عن عقد الكفالة ذاته، أو عن قيام الكفيل بالوفاء نيابة عن المدين. وتُتيح هذه الدعوى للكفيل أن يُطالب المدين برد ما دفعه مع ما ترتب على ذلك من مصاريف أو فوائد، باعتبار أن المدين قد تحقق له نفع مباشر من الوفاء.

وتُعد الدعوى الشخصية مستقلة عن دعوى الحلول، إذ يمكن للكفيل استخدامها حتى في الحالات التي لا تتوافر فيها شروط الحلول القانوني، كأن يكون قد أوفى قبل حلول الأجل أو دون علم المدين. وبهذا تُعد دعوى الكفالة وسيلة فعالة تُمكن الكفيل من استرداد حقه الشخصي لدى المدين، وتُؤكد على أن الكفالة لا تُحمّله التزامًا نهائيًا بل التزامًا تبعيًا قابلًا للرجوع.

الكفلاء الذين لهم الحق في مباشرة الدعوى الشخصية ( دعوى الكفالة ) :

الحق في إقامة الدعوى الشخصية (دعوى الكفالة) يثبت لكل من قام بوفاء الدين عن المدين، بشرط أن يكون قد دفعه بصفة الكفيل وليس على سبيل التبرع أو التحمل دون سبب. ويشمل ذلك الكفيل العادي، والكفيل المتضامن، وحتى من قام بالوفاء بعد انقضاء الكفالة إذا كان لا يزال يرتبط بالمدين بعلاقة قانونية أو اتفاقية تبرر الرجوع.

ويُشترط أن يكون الوفاء قد تم لحساب المدين، وألّا يكون المدين قد عارض في الوفاء وكان له سبب قانوني في ذلك. كما يحق للكفيل أن يرجع على المدين بدعوى شخصية حتى في الحالات التي لا تتوافر فيها شروط الحلول، لأن أساس هذه الدعوى هو الالتزام الشخصي القائم بين الطرفين، لا مجرد حلول الكفيل محل الدائن. وبهذا، فإن كل كفيل أوفى بالدين بشكل مشروع يمكنه مباشرة دعوى الكفالة لاسترداد ما دفعه، ما لم يكن قد تبرع أو تنازل عن حقه صراحة.

الشروط الواجب توافرها لرجوع الكفيل بالدعوى المباشرة :-

الشرط الأول : أن يكون الكفيل قد وفى الدين :

لكي يتمكن الكفيل من مباشرة الدعوى الشخصية (دعوى الكفالة) ضد المدين، يُعد الشرط الأساسي هو أن يكون الكفيل قد وفى الدين فعلاً. وهذا يعني أن الكفيل قد دفع المبلغ المستحق للدائن نيابة عن المدين وفقًا للاتفاق أو الالتزام الذي فرضته عليه الكفالة.

ويجب أن يكون الوفاء قد تم بصفة قانونية، أي بموجب التزام الكفيل تجاه الدائن، وليس بمحض إرادته أو على سبيل التبرع. كما يجب أن يكون الوفاء قد تم وفقًا لأحكام العقد أو الاتفاق الذي أبرم بين الأطراف.

ولا يكفي مجرد أن يقوم الكفيل بالتحمل المالي من دون أن يكون قد سدد الدين فعلاً، بل يجب أن يكون قد أدي المبلغ المطلوب سدادًا حقيقيًا. وفي حال عدم الوفاء من قبل الكفيل، لا يُعتبر له الحق في الرجوع على المدين بموجب الدعوى الشخصية، حيث أن أساس الحق في الرجوع هو الدفع الفعلي الذي يثبت التزام الكفيل.

الشرط الثاني : أن يتم الوفاء عند حلول أجل الدين :

عند حلول أجل الذى  وهذا يعني أن الكفيل يجب أن يقوم بسداد الدين عندما يصبح مستحقًا قانونًا، أي عندما يحين موعد الدفع المتفق عليه أو المحدد في العقد بين المدين والدائن.

إذا قام الكفيل بالوفاء قبل حلول الأجل، فإنه لا يستطيع الرجوع على المدين بموجب الدعوى الشخصية إلا إذا وافق المدين على ذلك أو إذا كان الاتفاق بين الطرفين يسمح بهذا الدفع المبكر.

أما إذا تم الوفاء بعد الأجل، فإن الكفيل يحق له الرجوع على المدين بموجب الدعوى الشخصية، لأن الوفاء تم وفقًا لما يستوجبه الالتزام القانوني. يهدف هذا الشرط إلى ضمان أن الوفاء يتم في الوقت المناسب وفقًا للأحكام المحددة، وبالتالي يُعتبر الكفيل قد أدى التزامه بشكل سليم ليتمكن من الرجوع على المدين لاحقًا.

الشرط الثالث : ألا يكون الوفاء قد حصل بخطأ من الكفيل :

من الشروط الأساسية لتمكن الكفيل من مباشرة الدعوى الشخصية (دعوى الكفالة) ضد المدين أن يكون الوفاء قد تم دون خطأ من الكفيل. بمعنى أن الكفيل يجب أن يكون قد قام بسداد الدين بناءً على التزامه القانوني أو العقدي، وألا يكون قد دفع المبلغ عن غير ضرورة أو بسبب خطأ في تقديره.

فإذا قام الكفيل بالوفاء بسبب سوء تقدير أو خطأ في فهمه للالتزام، أو إذا دفع مبلغا أكبر من المطلوب، فلا يكون له الحق في الرجوع على المدين بموجب الدعوى الشخصية. يُعد هذا الشرط مهمًا لأن الوفاء يجب أن يكون نتيجة لالتزام حقيقي وقانوني من الكفيل تجاه المدين، بحيث لا يُحمّل المدين أعباء إضافية نتيجة لخطأ غير مبرر من الكفيل. وفي حال وقوع خطأ من الكفيل في الوفاء، يجب على الكفيل تصحيح ذلك قبل أن يطالب المدين بالمبالغ المدفوعة.

ما يرجع به الكفيل على المدين فى الدعوى الشخصية : –

أصل الدين :

أصل الدين هو المبلغ الأساسي الذي يلتزم المدين بدفعه للدائن وفقًا للاتفاق بين الطرفين، دون احتساب أي فوائد أو رسوم إضافية. يمثل أصل الدين المبلغ الذي تم اقتراضه أو الذي نشأ عنه الالتزام الأصلي الذي يتعين على المدين سداده في الموعد المحدد.

وعادةً ما يُعتبر هذا المبلغ هو الركيزة الأساسية التي على الكفيل الوفاء بها إذا قام بسداد الدين نيابة عن المدين. في سياق الدعوى الشخصية للكفيل، يُعد أصل الدين هو العنصر الذي يعود الكفيل عليه لاسترداده من المدين، بحيث لا يشمل المبالغ الزائدة مثل الفوائد أو الغرامات ما لم يتم الاتفاق على ذلك بين الأطراف. ويُعد تحديد أصل الدين أمرًا مهمًا لأنه يشكل الأساس الذي يُبنى عليه أي التزام قانوني أو دعوى تتعلق بسداد الدين.

الفوائد :

الفوائد هي المبالغ التي تضاف إلى أصل الدين بسبب التأخير في السداد أو بناءً على اتفاق بين الدائن والمدين. وتُعتبر الفائدة عوضًا عن استخدام المال خلال فترة القرض أو الالتزام المالي.

تختلف الفوائد وفقًا لنوعية الاتفاق بين الأطراف؛ ففي بعض الحالات، يتم تحديد نسبة الفائدة مسبقًا في عقد الدين، بينما في حالات أخرى، قد تترتب الفوائد بموجب القانون، كالفوائد القانونية التي يتم تحديدها من قبل السلطة القضائية أو التشريعية.

تُحسب الفائدة عادةً على أصل الدين وفقًا لمعدل معين، وقد تكون فائدة ثابتة أو متحركة حسب الظروف. في حالة الكفالة، إذا قام الكفيل بالوفاء بالدين نيابة عن المدين، يمكنه الرجوع على المدين بما دفعه من أصل الدين وفوائد إذا كانت الفوائد مستحقة قانونًا أو متفق عليها بين الأطراف. الفوائد تُعتبر جزءًا من الالتزام المالي الذي يتعين على المدين سداده للكفيل إذا كان قد أوفى بالدين نيابة عنه.

المصروفات :

المصروفات هي النفقات التي يتحملها الكفيل أو الدائن أثناء عملية تنفيذ الدين أو تحصيله، وتشمل أي تكاليف تتعلق بالإجراءات القانونية أو الإدارية التي تمت لدفع أو تحصيل المبالغ المستحقة.

قد تشمل المصروفات الرسوم القضائية، أتعاب المحاماة، تكاليف تنفيذ الحكم، أو أي نفقات أخرى مرتبطة بوفاء الدين أو المطالبة به.

وعند قيام الكفيل بدفع الدين نيابة عن المدين، فإنه يحق له الرجوع على المدين بالمصروفات التي دفعها أثناء الوفاء بالدين. ويعتبر هذا الحق جزءًا من الدعوى الشخصية التي قد يرفعها الكفيل لاسترداد ما دفعه من أموال، بما في ذلك المصروفات، إلى جانب أصل الدين والفوائد المتراكمة. يشترط أن تكون المصروفات قد تم دفعها من قبل الكفيل بطريقة مشروعة، وأن تكون مرتبطة بالدين الذي قام الكفيل بسداده، حتى يحق له استردادها من المدين.

التعويض :

التعويض هو مبلغ مالي يُدفع كتعويض عن الأضرار التي لحقت بالطرف الآخر نتيجة لعدم الوفاء بالالتزامات أو الإضرار بحقوقه. في سياق الكفالة، إذا تأخر المدين في سداد الدين أو تسبب في ضرر للكفيل بسبب عدم الوفاء في الوقت المحدد، يحق للكفيل المطالبة بتعويض عن الأضرار التي لحقت به بسبب هذا التأخير أو التقصير.

يشمل التعويض المصاريف الزائدة التي تكبدها الكفيل نتيجة لتحمل الديون أو الإجراءات القانونية التي قام بها لاستيفاء الدين.

كما يمكن أن يشمل الأضرار غير المالية مثل التأثير على سمعة الكفيل أو الضرر النفسي نتيجة للتزامه بدفع الدين نيابة عن المدين. ويجب أن يكون التعويض مستحقًا قانونيًا بناءً على الضرر الفعلي الذي وقع على الكفيل، ويُحتسب وفقًا لما يراه القاضي مناسبًا في ضوء الوقائع والحيثيات المتعلقة بالقضية.

المادة 801 من القانون المدني

تتعلق المادة 801 من القانون المدني المصري بحقوق الكفيل في حال وفائه بالدين، وتعتبر هذه المادة من المواد المهمة التي تنظم العلاقات القانونية بين الكفيل والمدين والدائن. تهدف المادة إلى حماية حق الكفيل في الرجوع على المدين بعد أن يتحمل الدين نيابة عنه، وتنظيم كيفية استرداد المبالغ التي دفعها الكفيل، بالإضافة إلى التعويضات التي قد يطالب بها.

نص المادة 801 من القانون المدني:

 إذا تعدد المدينون فى دين واحد وكانوا متضامنين. فللكفيل الذى ضمنهم جميعا أن يرجع على أى منهم بجميع ما وفاه من الدين.

شرح المادة 801 مدني :

 وفاء الكفيل بالدين: 

تبدأ المادة 801 بتوضيح أن الكفيل له الحق في الرجوع على المدين بما دفعه من دين في حال قيامه بالوفاء بهذا الدين نيابة عن المدين. وهذا يعني أن الكفيل لا يصبح ملزمًا دائمًا بتسديد الدين نيابة عن المدين، بل له الحق في أن يطالب المدين بما دفعه في حال استوفى الدين عن المدين.

 ما يحق للكفيل استرداده: 

يشمل المبلغ الذي يحق للكفيل استرداده ليس فقط أصل الدين الذي دفعه، بل أيضًا أي فوائد أو مصاريف قد ترتبت على الدين نتيجة التأخير أو الإجراءات القانونية التي قد يكون الكفيل قد دفعها أثناء عملية الوفاء. هذا يتضمن المصاريف القضائية أو أتعاب المحاماة، وكذلك أي تعويضات قد يطالب بها الكفيل إذا كان قد تكبد أضرارًا بسبب الوفاء بالدين.

الضرر الذي قد يلحق بالكفيل: 

كما تذكر المادة أنه إذا تكبد الكفيل أي أضرار بسبب سداد الدين، فإنه يحق له مقاضاة المدين لاسترداد هذه الأضرار. قد تشمل الأضرار حالات مثل فقدان الفرص الاقتصادية أو التأثير السلبي على سمعة الكفيل نتيجة لدفع الدين نيابة عن المدين.

 حماية حقوق الكفيل: 

المادة 801 تهدف بشكل رئيسي إلى حماية حقوق الكفيل بعد أن يتحمل عبء الدين نيابة عن المدين. وبهذا المعنى، لا يجب على الكفيل أن يتحمل الخسائر الناتجة عن التزامه بدفع الدين إلا في حدود ما تم الاتفاق عليه بين الأطراف أو وفقًا لما نص عليه القانون.

الأثر القانوني للمادة 801:

  1. حماية للكفيل:    
    تضمن المادة 801 للكفيل حق الرجوع على المدين بعد الوفاء بالدين، مما يساعد على حماية الكفيل من تحمل العبء المالي بشكل دائم. الكفيل ليس ملزمًا بدفع الدين بشكل دائم، بل هو ملزم فقط إذا تطلب الأمر. ولذلك، بعد الدفع، يعود له الحق في استرداد المبالغ المدفوعة بما فيها الفوائد والمصاريف.

  2. الرجوع على المدين:
    يحق للكفيل أن يقيم دعوى شخصية ضد المدين لاسترداد ما دفعه، ويستطيع المطالبة بكل المبالغ المتعلقة بالدين من المدين، بما في ذلك الفوائد القانونية والمصاريف الزائدة التي تحملها نتيجة الوفاء بالدين.

  3. التعويض عن الأضرار:
    إذا تسبب المدين في ضرر للكفيل بسبب عدم سداد الدين في الوقت المحدد، يمكن للكفيل أن يطالب بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به بسبب تأخر المدين أو تعسفه في السداد.

  4. العلاقة بين الأطراف:
    المادة 801 تعزز من حماية العلاقة بين الكفيل والمدين، حيث أن الكفيل لا يتحمل العبء المالي بالكامل بعد الوفاء، بل يعود له الحق في استرداد المبالغ المدفوعة من المدين.

كفالة المدينين المتضامنين :

كفالة المدينين المتضامنين هي نوع خاص من الكفالة حيث يكون عدة مدينين ملتزمين بتسديد نفس الدين بشكل مشترك ومتضامن. في هذه الحالة، يلتزم كل مدين من المدينين المتضامنين بسداد كامل الدين بشكل فردي، وبالتالي لا يمكن للدائن مطالبة أحد المدينين بأقل من المبلغ الكامل للدين.

إذا قام الكفيل بكفالة المدينين المتضامنين، فإن التزامه يصبح أيضًا متضامنًا مع المدينين، مما يعني أنه يصبح مسؤولًا عن سداد الدين بالكامل في حال عدم وفاء المدينين.

هذه الكفالة تعد أشد في قوة الالتزام على الكفيل، لأن المدينين المتضامنين يمكنهم أن يتشاركوا في مسؤولية الدين، ولكن في حالة عدم وفاء أحدهم، يحق للدائن أن يطالب أي مدين أو كفيل من دون الحاجة لمطالبة الآخرين أولاً. لذلك، إذا وفى الكفيل الدين نيابة عن المدينين المتضامنين، فإن له الحق في الرجوع على المدينين بما دفعه، بناءً على مبدأ التضامن بين الأطراف في الكفالة.

كفالة بعض المدينين المتضامنين :

في حالة كفالة بعض المدينين المتضامنين، يتم التزام الكفيل بضمان الوفاء بالدين الذي يتضامن فيه بعض المدينين فقط، وليس جميعهم. هذه الكفالة تتعلق بالمدينين الذين يشاركون في التزام واحد، حيث يتم تحديد المدينين الذين سيكون الكفيل مسؤولًا عن ضمانهم فقط، بدلاً من أن تكون الكفالة شاملة لجميع المدينين المتضامنين.

في هذه الحالة، يكون الكفيل مُلزمًا بدفع الدين نيابة عن المدينين الذين كفلهم فقط، أي أن الكفالة لا تشمل المدينين الآخرين الذين لم يدخلوا في اتفاق مع الكفيل. وإذا قام الكفيل بالوفاء بالدين نيابة عن المدينين الذين كفلهم، يحق له الرجوع على هؤلاء المدينين لاسترداد المبالغ التي دفعها. أما بالنسبة للمدينين الذين لم يتم كفالتهم، فلا يحق للكفيل الرجوع عليهم، لأن التزامه يكون محددًا فقط بالمدينين المتفق معهم.

تعدد المدينين في إلتزام غير قابل للإنقسام :

عندما يتعدد المدينون في إلتزام غير قابل للإنقسام، يعني أن الدين لا يمكن تقسيمه بين المدينين. في هذا النوع من الالتزامات، يُعتبر كل مدين مسؤولًا عن الدين بالكامل وليس عن جزء منه فقط. وبالتالي، إذا كان هناك عدة مدينين في التزام غير قابل للإنقسام، فإن كل مدين يعتبر مسؤولًا عن الوفاء بالدين كاملاً، سواء كان الدين ثابتًا من خلال عقد أو نتيجة لحدث قانوني.

في حال عدم وفاء أحد المدينين، يحق للدائن المطالبة بأي من المدينين بالدين كاملاً. وبذلك، يمكن للدائن اختيار المدين الذي يرغب في مطالبته، دون الحاجة للبحث عن المدينين الآخرين. إذا قام الكفيل بالكفالة في مثل هذه الحالات، فإنه يكون مسؤولًا عن سداد الدين بالكامل نيابة عن المدينين في حال عدم وفائهم.

إذا دفع الكفيل الدين، له الحق في الرجوع على المدينين لاسترداد ما دفعه، بشرط أن تكون الدعوى قانونية. وهذا النوع من الالتزامات يظهر بشكل كبير في القروض المشتركة أو الحالات التي يكون فيها عدة أطراف متضامنة في الالتزام بدفع المبلغ.

إنقضاء الكفالة :

إنقضاء الكفالة بصفة تبعية :

تنقضي الكفالة بصفة تبعية عندما ينقضي الدين الأصلي الذي تكفل الكفيل بسداده، حيث يرتبط التزام الكفيل ارتباطًا وثيقًا بالدين الذي تكفل به.

بمعنى آخر، إذا انقضى الدين لأي سبب من الأسباب القانونية (مثل الوفاء، الإعفاء، أو التقادم)، فإن الكفالة تنقضي تلقائيًا.

وهذا يعني أنه لا يمكن للكفيل أن يكون ملتزمًا بسداد الدين إذا انتهت التزامات المدين الأصلية. على سبيل المثال، إذا تم سداد الدين بالكامل من قبل المدين، أو تم إعفاء المدين من الدين أو إلغاء الدين لأسباب قانونية، فإن الكفالة تُعتبر قد انتهت بصفة تبعية، حيث لا يبقى للكفيل أي التزام بعد انقضاء الدين.

كما يمكن أن يكون الحلول محل الدائن في حالة الوفاء بالدين أحد أسباب انقضاء الكفالة بصفة تبعية، حيث يصبح الكفيل هو صاحب الحق في المطالبة بالدين بعد تسديده نيابة عن المدين. من هنا، تتأثر الكفالة بشكل مباشر بانقضاء الدين الأصلي، بحيث لا يمكن أن تبقى سارية بعد انقضاء الالتزام الذي تم تكفله.

إنقضاء الإلتزام الأصلي بأسباب الإنفضاء العامة :

أولا : إنقضاء الإلتزام الأصلي بالوفاء :

يعد الوفاء هو الوسيلة الأساسية لإنقضاء الالتزام الأصلي في القانون المدني، حيث يعتبر الوفاء أداء المدين لما عليه من دَين إلى الدائن. وبموجب هذا الوفاء، يتم إنهاء الالتزام بصورة نهائية، بحيث يبرأ المدين من مسؤوليته تجاه الدائن. يشمل الوفاء دفع المبلغ المستحق أو أداء الخدمة أو تسليم المال وفقًا لما تم الاتفاق عليه في العقد.

عند وفاء المدين بالدين بالكامل، سواء كان المبلغ المالِي أو العيني، فإن الالتزام يُعتبر قد انقضى، ويتحرر المدين من التزاماته تجاه الدائن. في حالة وجود كفالة، فإن الكفيل لا يكون ملزمًا بالدفع بمجرد سداد الدين من المدين، ويعتبر التزام الكفيل قد انقضى أيضًا بصفة تبعية. لذا، يُعد الوفاء من قبل المدين هو السبب المباشر لإنقضاء الالتزام الأصلي، حيث تنقضي المسؤولية عن المدين والكفيل على حد سواء بمجرد إتمام الوفاء.

ثانيا : إنقضاء الإلتزام الأصلي بما يعادل الوفاء :

ينقضي الالتزام الأصلي بما يعادل الوفاء عندما يقوم المدين بتقديم شيء آخر يعادل المبلغ أو الخدمة المتفق عليها في العقد، وذلك بموافقة الدائن. قد يحدث ذلك في حالة تغير الموضوع الأصلي للالتزام، حيث يقدم المدين شيئًا آخر بدلاً من الأداء المتفق عليه، بشرط أن يكون هذا الشيء مساويًا أو مقاربًا لما كان مُتفقًا عليه في العقد.

في هذه الحالة، يُعتبر الوفاء قد تحقق، ويُعتبر المدين قد أدى التزامه وفقًا لما يعادل الوفاء، وبالتالي يُقضى الالتزام.

هذا النوع من الوفاء يتم في حالات قد تشمل، على سبيل المثال، تقديم عينة مشابهة أو منتج بديل عندما لا يمكن للمدين تسليم الشيء المحدد في العقد.

في حالة وجود كفالة، إذا قام المدين بتقديم بديل يساوي قيمة الدين، فإن الكفيل لا يتحمل المزيد من الالتزامات، حيث يُعتبر الدين قد سُدد بشكل كامل. ومع ذلك، يجب أن يكون البديل موافقًا لشروط العقد، ويتم الاتفاق عليه بين المدين والدائن لكي يُعد الوفاء متحققًا، ويترتب عليه انقضاء الالتزام الأصلي .

(أ) الوفاء بالمقابل :

يعد الوفاء بالمقابل من الوسائل القانونية التي تُستخدم لإنهاء الالتزامات في العقود، وهو يشير إلى تقديم أداء مقابل مقابل الدين أو الالتزام الذي تم الاتفاق عليه بين الأطراف. في سياق الوفاء بالمقابل، لا يكون المدين ملزمًا فقط بتقديم ما تم الاتفاق عليه، بل يجب أن يكون المقابل عادلًا ومتناسبًا مع ما تم التعاقد عليه.

على سبيل المثال، إذا كان العقد يتضمن بيعًا لسلعة أو خدمة، فإن المدين (البائع) قد يقدم السلعة أو الخدمة كوفاء للثمن المستحق عليه. في هذه الحالة، يعتبر المقابل هو السلعة أو الخدمة المقدمة مقابل الثمن المدفوع.

وإذا كان العقد يتضمن كفالة، فإن الكفيل يمكن أن يُعتبر قد وفى بالتزامه عند تقديم المقابل المحدد في العقد، سواء كان مالًا أو خدمة، بناءً على شروط الاتفاق. يُعد الوفاء بالمقابل وسيلة هامة لإنهاء الالتزام بصورة قانونية، وتُعتبر الكفالة قد انتهت بمجرد أن يتم الوفاء بالمقابل المتفق عليه، حيث يصبح التزام الكفيل والمدين قد تم تنفيذه.

(ب) التجديد والإنابة :

 التجديد:

التجديد هو تغيير في الالتزام الأصلي بإبرام عقد جديد يحل محل العقد القديم. هذا التغيير قد يتضمن تعديل الشروط أو إضافة أطراف جديدة أو تغيير موضوع الالتزام. عندما يحدث التجديد، يُعتبر الالتزام القديم قد انقضى وحل محله التزام جديد، مما يعني أن المدين قد تخلص من التزامه الأصلي، سواء تم التعديل بالاتفاق بين الأطراف أو نتيجة لتغييرات في شروط الوفاء. في حالات الكفالة، إذا تم تجديد الدين أو تم تعديل الالتزام المترتب على المدين، قد يتأثر الكفيل أيضًا بهذه التعديلات، ويُعتبر التزامه قد انقضى إذا كان التجديد يتضمن تغييرات جوهرية في الشروط.

الإنابة: 

أما الإنابة فهي عبارة عن توكيل شخص آخر للقيام بالوفاء بالدين أو تنفيذ الالتزام نيابة عن المدين. في هذه الحالة، يقوم المدين بتفويض شخص آخر (مناب) للقيام بالأداء بدلاً منه، ويُعتبر المدين قد أوفى بالتزامه بمجرد تنفيذ الإنابة، طالما أن الإنابة تتم وفقًا لشروط العقد. ومن ثم، قد يتحمل المناب المسؤولية في حالة إخفاقه في الوفاء، ولكن المسؤولية الأساسية تبقى على المدين الأصلي في حال عدم التزام المناب.

في كلا الحالتين، يمكن أن يؤدي التجديد أو الإنابة إلى إنقضاء الالتزام الأصلي وإعادة هيكلة العلاقة بين الأطراف المعنية.

(ج) المقاصة :

المقاصة هي إجراء قانوني يتم بمقتضاه خصم الدين الذي على الشخص من دينه المستحق لدى نفس الشخص الآخر، بحيث يتم تعويض أو تسوية الديون المتبادلة بين طرفين. في حال وجود دينين متقابلين بين شخصين، يمكن أن يتم إجراء المقاصة بين هذه الديون بدلاً من أن يتم الوفاء بهما بشكل منفصل. وفقًا لمفهوم المقاصة، لا يُطلب دفع المبلغ كاملاً من أي طرف، بل يُكتفى بتقليص المديونية من خلال تعويض الدينين المتقابلين. على سبيل المثال، إذا كان المدين يدين بدين لدى الدائن وفي نفس الوقت يكون له دين مستحق لدى نفس الدائن، فيمكن للمقاصة أن تسقط الديون المتقابلة أو تخفضها، بحيث يُخصم جزء من الدين المستحق على كل طرف وفقًا للتوافق بينهما.

في القانون المدني، يُشترط أن يكون الدينان مترابطين في التاريخ والسبب، وألا يكون أحد الدينين غير قابل للمقاصة، مثل الديون المتعلقة بالنفقة أو الحقوق الشخصية التي لا يجوز التنازل عنها. كما أن المقاصة لا تتم إلا في حالة الاتفاق بين الأطراف المعنية أو في الحالات التي يُسمح فيها قانونيًا بتنفيذ المقاصة.

(د) إتحاد الذمة :

يعد اتحاد الذمة من المفاهيم القانونية التي تشير إلى تجمع شخصين أو أكثر في ذات الذمة المالية، حيث يصبح لكل طرف التزام مشترك أو يتقاسم الطرفان مسؤولية الوفاء بالديون المترتبة عليهما. يحدث اتحاد الذمة عندما يتحد أكثر من شخص في أصل واحد من الالتزامات بحيث يُعتبرون مسؤولين بشكل جماعي عن الوفاء بالديون أو التنفيذ. يُعتبر اتحاد الذمة أساسًا في الحالات التي يلتزم فيها عدة مدينين بتسديد دين واحد، سواء كان هذا الدين مترتبًا على عقد أو على التزامات قانونية أخرى.

أحد الأمثلة الشهيرة لاتحاد الذمة هو المدينين المتضامنين، حيث يكون كل مدين منهم ملتزمًا بدفع الدين بالكامل، ويجوز للدائن مطالبة أي واحد منهم بالمبلغ كاملاً. في هذه الحالة، تُعتبر الذمة المالية واحدة من حيث المسؤولية، حيث لا يتم توزيع الدين بين الأطراف بل يكون الوفاء من أي طرف كافيًا لإطفاء الدين.

ويُعتبر اتحاد الذمة ظاهرة قانونية هامة في العقود التي تقتضي أن يكون هناك تداخل في المسؤولية بين الأطراف، حيث يُحسن من إمكانية الوفاء بالتزامات الدائن. يُظهر اتحاد الذمة كيف يمكن أن تتداخل المسؤوليات المالية بين الأشخاص عند وجود التزامات مشتركة.

ثالثا : إنقضاء الإلتزام الأصلي دون وفاء :

(أ) الإبراء :

الإبراء هو إعفاء الدائن للمدين من التزامه تجاهه، ويعتبر عملًا قانونيًا يترتب عليه انقضاء الدين نهائيًا. عندما يبرئ الدائن المدين، فإن ذلك يعني التنازل عن الحق في المطالبة بالدين، سواء كان دينًا نقديًا أو غير نقدي، فلا يجوز للدائن بعد الإبراء المطالبة بالدين أو اتخاذ إجراءات قانونية لاسترداده. يُعد الإبراء تصرفًا طوعيًا من قبل الدائن، ولا يحتاج إلى موافقة المدين، ولكنه قد يحدث بناءً على اتفاق بين الطرفين أو بناءً على إرادة الدائن فقط.

الإبراء يمكن أن يكون كليًا، حيث يُعفى المدين من الدين بالكامل، أو جزئيًا، حيث يُعفى من جزء من الدين بينما يبقى الجزء الآخر قائمًا. يمكن أن يحدث الإبراء في حالات متنوعة، مثل الإعفاء من القروض أو الإعفاء من ديون أخرى في إطار التعاملات المالية أو التجارية.

في حالة وجود كفالة، إذا قرر الدائن إبراء المدين من الدين، فإن ذلك يؤدي إلى انقضاء الكفالة أيضًا، حيث لا يبقى للدائن أي حق في المطالبة من الكفيل بعد الإبراء.

الإبراء يُعد من أهم الوسائل القانونية التي تتيح التخفيف عن المدين وإلغاء الالتزام المترتب عليه بشكل رسمي .

(ب) إستحالة التنفيذ :

تعتبر استحالة التنفيذ من الأسباب القانونية التي تؤدي إلى انقضاء الالتزام دون أن يتم الوفاء به. تحدث استحالة التنفيذ عندما يصبح تنفيذ الالتزام غير ممكن بسبب ظروف خارجة عن إرادة المدين، ويترتب على ذلك براءة المدين من التزامه. هذه الاستحالة قد تكون مادية أو قانونية.

  1. الاستحالة المادية: تعني أن تنفيذ الالتزام أصبح غير ممكن بسبب ظروف مادية أو مستحيلة، مثل تلف أو ضياع الشيء الذي كان يجب تسليمه، أو إذا حدثت أحداث قاهرة (مثل الكوارث الطبيعية) تمنع تنفيذ الالتزام.

  2. الاستحالة القانونية: تشير إلى حالة يكون فيها تنفيذ الالتزام غير قانوني أو محظورًا بموجب القانون، مثل أن يتغير التشريع أو أن يصبح التنفيذ محظورًا قانونيًا بسبب قرارات السلطات القضائية أو الحكومية.

عند حدوث استحالة التنفيذ، يُعتبر الالتزام قد انقضى تلقائيًا، ويُعفى المدين من مسؤوليته عن الوفاء بالدين. ولكن، يشترط أن تكون الاستحالة قد نشأت بعد إبرام العقد، ولا تكون نتيجة لتقصير المدين.

وفي حالة الكفالة، إذا حدثت استحالة تنفيذ الدين الأصلي، فإن التزام الكفيل ينقضي كذلك، حيث يُعتبر الدين قد انقضى بسبب الاستحالة التي تعوق الوفاء به.

إنقضاء الكفالة بصفة أصلية :

(أ) إنقضاء إلتزام الكفيل بالأسباب العامة لإنقضاء الإلتزام :

ينقضي التزام الكفيل بنفس الأسباب التي تنقضي بها الالتزامات الأخرى في القانون المدني، وذلك لأن الكفالة هي ضمان لوفاء المدين بالالتزام الأصلي. وعليه، يُعتبر التزام الكفيل تابعًا للالتزام الأصلي، ويخضع للأسباب العامة التي تؤدي إلى انقضاء أي التزام.

من بين الأسباب العامة لإنقضاء الالتزام التي تؤدي إلى انقضاء التزام الكفيل:
  1. الوفاء بالدين: إذا قام المدين بإيفاء الدين المستحق عليه، سواء كان هذا الوفاء جزئيًا أو كليًا، فإن التزام الكفيل ينقضي تبعًا لذلك، لأن السبب الذي دفع بالكفيل إلى تكبد المسؤولية قد زال.

  2. الإبراء: إذا قرر الدائن إبراء المدين من الدين كليًا أو جزئيًا، فإن التزام الكفيل ينقضي أيضًا، لأن الكفالة مرتبطة بتوفر الدين الأصلي، والذي إذا زال فإن الكفيل لا يظل ملزمًا.

  3. الاستحالة: إذا أصبح تنفيذ الالتزام مستحيلاً بسبب ظروف مادية أو قانونية خارجة عن إرادة المدين أو الكفيل، فإن التزام الكفيل ينقضي، حيث لا يمكن تحميله مسؤولية عن دين لا يمكن الوفاء به.

  4. التقادم: إذا مضت المدة الزمنية المحددة قانونًا من دون أن يطالب الدائن بالحق، فإن الدين الأصلي ينقضي بسبب التقادم، مما يؤدي إلى انقضاء التزام الكفيل.

  5. اتحاد الذمة: إذا حدث اتحاد الذمة بين المدين والكفيل، بحيث أصبح الكفيل هو المدين في نفس الدين، فإن الكفالة تنقضي بسبب اندماج المسؤوليات.

  6. الفسخ أو بطلان العقد الأصلي: في حال تم فسخ العقد الذي نشأ منه الدين أو تم بطلانه، فإن التزام الكفيل يزول كذلك، لأن الالتزام الأصلي الذي كان يكفله قد أصبح غير قائم.

بالتالي، يتبع التزام الكفيل الأسباب العامة التي تؤدي إلى انقضاء أي التزام في القانون، وتُعتبر الكفالة قد انقضت بمجرد زوال الدين الأصلي أو بسبب أي من الأسباب المذكورة أعلاه.

(ب) إنقضاء إلتزام الكفيل بأسباب خاصة بمركز الكفيل :

ينقضي التزام الكفيل ليس فقط بسبب الأسباب العامة التي تنقضي بها أي التزامات، بل أيضًا بسبب أسباب خاصة تتعلق بمركز الكفيل نفسه. وهذه الأسباب تتعلق بالظروف الشخصية أو القانونية التي تؤثر على وضع الكفيل وتؤدي إلى انقضاء التزامه. من بين هذه الأسباب:

  1. فقدان أهلية الكفيل: إذا فقد الكفيل أهليته القانونية بسبب بلوغ سن الرشد أو بسبب عجز قانوني (مثل الحكم عليه بعدم الأهلية بسبب حالة صحية أو عقلية)، فإن التزامه ينقضي. ويكون ذلك لعدم إمكانية تحميل شخص غير قادر قانونًا على الوفاء بالالتزام.

  2. إفلاس الكفيل: إذا تم إفلاس الكفيل، فإن التزامه بالكفالة ينقضي عادة. ويُعتبر ذلك من الأسباب الخاصة التي تؤثر على قدرة الكفيل على الوفاء بالالتزام الذي تكفل به. في حالات الإفلاس، يتم ترتيب الأولويات في تسوية الديون وفقًا للقانون، وقد ينقضي التزام الكفيل إذا ثبت أنه غير قادر على الوفاء.

  3. موت الكفيل: في حال وفاة الكفيل، ينقضي التزامه تجاه الدائن، إلا إذا كان الدين المترتب عليه يمكن تحصيله من التركة أو من ورثته. يختلف الوضع في هذا السياق باختلاف قوانين كل دولة، لكن القاعدة العامة هي أن التزام الكفيل ينقضي بموجب وفاته، ما لم يكن الدين مشمولًا باتفاق أو التزام خاص مع الورثة.

  4. مقاصة بين الكفيل والدائن: إذا كان الكفيل مدينًا للدائن في نفس الوقت الذي يكون فيه كفيلًا له، وكان هناك دين متقابل بينهما، فيمكن أن تحدث المقاصة بين الديون، مما يؤدي إلى انقضاء التزام الكفيل بالقدر الذي تم مقابلة الدين به.

  5. الرجوع على المدين: إذا قام الكفيل بتنفيذ التزامه في وقت لاحق، وكان المدين في وضع يمكنه من الوفاء، فيحق للكفيل أن يعود على المدين ويطلب منه إعادة المبلغ الذي دفعه. في هذه الحالة، يُعتبر التزام الكفيل قد انقضى بعد استرداد المبالغ المدفوعة.

وبذلك، يرتبط انقضاء التزام الكفيل بالأسباب الخاصة بمركزه، حيث تتعلق هذه الأسباب بحالته الشخصية، المالية، أو القانونية.

عدم إنقضاء الكفالة بموت الكفيل :

في العديد من الحالات القانونية، موت الكفيل لا يؤدي إلى انقضاء الكفالة بشكل تلقائي. بل إن التزام الكفيل يظل قائمًا، ويستمر في التأثير على الورثة أو التركة، خاصة إذا كان الدين قابلًا للتحصيل من التركة. وفقًا للقانون المدني، إذا توفي الكفيل، تنتقل التزاماته إلى ورثته، ويكون هؤلاء الورثة ملزمين بدفع الدين أو الوفاء بالالتزام الذي كان قد تكفل به الكفيل.

تستمر الكفالة في حال وفاة الكفيل، ما لم يكن هناك اتفاق خاص ينص على انقضاء الالتزام مع وفاة الكفيل. لذلك، يمكن الدائن أن يطالب ورثة الكفيل بسداد الدين، طالما أن الدين قائم، ولا يُعتبر الوفاء به مستحيلًا بسبب الوفاة.

ومع ذلك، إذا لم يكن هناك أموال كافية في التركة أو إذا كانت التركة قد تم تصفيتها بطريقة معينة، فيمكن أن يتم إعفاء الورثة من بعض الالتزامات أو أن الدائن قد يضطر إلى متابعة المطالبة من المدين الأصلي. في بعض الحالات، قد تكون الكفالة جزئية أو محددة، مما يؤثر على مدى المسؤولية المترتبة على الورثة.

في النهاية، فإن موت الكفيل لا ينهي التزامه تجاه الدائن بشكل نهائي، بل يتطلب متابعة قانونية من الورثة لتسوية الالتزامات المترتبة على الكفالة.

مكتب المحامى محمد منيب فى الهرم