نظام العضوية فى المنظمات الدولية

نظام العضوية فى المنظمات الدولية

أنشئت المنظمات الدولية للقيام بعمل مشترك اتفقت عليه مجموعة من الدول , وتشترط المنظمات الدولية شروطاً خاصة للعضوية فيها , وتقم المنظمات الدولية بتنظيم إجراءات طلب العضوية وقبول الطلب , وكذلك تعليق العضوية والأنسحاب والفصل من المنظمة , وتقتضى دراسة نظام العضوية فى المنظمات الدولية بيان الموضوعات الأتية :

نظام العضوية فى المنظمات الدولية

المطلب الأول : القبول فى المنظمة .                                     المطلب الثاني : عوارض العضوية .

المطلب الأول / القبول فى المنظمة

حق العضوية فى المنظمة الدولية قاصراً أساساً على الدول كاملة السيادة لأنها وحدها التى تملك التعبير عن إرادتها , وتباشر أمورها فى الداخل والخارج دون رقابة من أحد , ومع ذلك فقد جرى العمل أحياناً داخل المنظمات الدولية بمنح عضويتها لغير الدول , وتختلف العضوية حسب المركز القانونى للوحدة الدولية المعنية , كما تتبع إجراءات محددة لقبول العضوية . ونعرض هذا الموضوع من خلال التقسيم التالى :

الفرع الأول : أنواع العضوية                                              الفرع الثانى : إجراءات قبول العضوية

الفرع الأول / أنواع العضوية

تقوم المنظمات الدولية بتكييف علاقاتها مع الدول والهيئات الأخرى من حيث العضوية بحث تعطى لكل دولة أو هيئة مركزاً قانونياً فى المنظمة يتناسب مع وضعه بالنسبة للمنظمة .

ويجرى التمييز بين عدة أنواع من صور العضوية فى المنظمات الدولية هى :

  • العضوية الكاملة .
  • العضوية الجزئية .
  • العضوية المشاركة .
  • القبول بصفة مراقب .
  • إعطاء الصفة الإستشارية لهيئة غير حكومية فى المنظمة .

ونعرض لهذه الأنواع من العضوية وفقاً لما يلى :

  • العضوية الكاملة

هى العضوية التى يترتب على اكتساب العضو لها التمتع بكافة الحقوق والمزايا والتزامه بكافة الواجبات التى تنطوى عليها أحكام الميثاق المنشئ للمنظمة , وتمنح العضوية الكاملة فى المنظمة الدولية للدول دون غيرها من الكيانات الأخرى , وتنص أغلب الإتفاقات المنشئة صراحة على هذا الشرط مثل ميثاق الأمم المتحدة , وميثاق جامعة الدول العربية , وميثاق منظمة الوحدة الإفريقية , وميثاق منظمة المؤتمر الإسلامية .

 

  • العضوية الجزئية

يقصد بالعضوية الجزئية العضوية التى تمارس فى بعض هيئات أو فروع المنظمة الدولية دون غيرها , بمعنى أن لا يكون العضو ممثلاً فى جميع هيئات المنظمة , وإنما يتمتع فى الهيئات الممثل فيها بكافة مزايا وحقوق العضوية الكاملة .

واستخدمت الأمم المتحدة وكالاتها المتخصصة العضوية الجزئية منذ أوائل الخمسينات وكان الغرض منها تمثيل الدول الدول غير الأعضاء فى الهيئات غير فى السياسية للأمم المتحدة ووكالاتها , فكان قبول الدول المنقسمة مثل ألمانيا وفيتنام وكوريا فى الهيئات المتفرعة عن المجلس الاقتصادى والاجتماعى , مثل اللجان الاقتصادية الإقليمية , كما أن سويسرا فى النظام الأساسى لمحكمة العدل الدولية .

وأستخدمت الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة العضوية الجزئية فى قبول حركات التحرر الوطنية حيث قبلت عضوية حركة التحرير الفلسطينية فى اللجنة الاقتصادية الإقليمية لغرب أسيا منذ يوليو 1977 , وهى لجنة تتفرع عن المجلس الاقتصادى والاجتماعى .

 

  • العضوية المشاركة

يتمتع العضو المشارك بوضع قانونى خاص يتميز عن العضو الكامل فى كل ما يتعلق بالمزايا والواجبات المترتبة على العضوية .

وقد يفرض الاتفاق المنشئ للمنظمة الدولية أحكام خاصة للعضوية المشاركة كما هو الحال فى المجموعة الإقتصادية الأوروبية , فيشير إلى أهم القواعد التى تنظم وضع العضو المشارك , ثم يعطى كيان المنظمة صلاحيات قبول الأعضاء المشاركين , ويرجع فى تحديد تفاصيل إرتباطاتهم إلى اتفاقيات تبرمها المنظمه مع هؤلاء الأعضاء , وقد تستخدم المجموعة الأوروبية نظام العضوية المشاركة تمهيداً للعضوية الكاملة فى المنظمة , وتستخدم بعض الوكالات المتخصصة للأمم المتحدة العضوية المشاركة لإتاحة الفرصة لمشاركة الأقاليم غير المستقلة فى عملها , مثل المنظمة العالمية للصحة , ومنظمة الأغذية والزراعية , ومنظمة اليونسكو , والمنظمة الدولية للسياحة .

 

  • القبول بصفة مراقب

.. يجوز أن تدعو المنظمة الدولية بعض الدول غير الأعضاء فيها أو الهيئات الأخرى لحضور اجتماعات المنظمة بصفة مراقب .

.. وهذا المركز القانونى هو أضعف ما تعطيه المنظمة للمثلين داخلها , فلا يعتبر المراقب عضواً فى المنظمة , وإنما يدعى للحضور للتمتع ببعض الحقوق التى تمنحها المنظمة بالقدر الذى تراه وتسحبها منه بدون قيد أو شرط .

وتهدف دعوة المراقبين إلى تمكين دول أو هيئات أخرى ليست أعضاء فى المنظمة من التعرف على أنشطة المنظمة لغير التعاون والتنسيق , وكثيراً ما تكون الدعوة متبادلة.

.. كما يهدف هذا النظام لغرض التعاون والتنسيق , وكثيراً ما تكون الدعوة متبادلة , كما يهدف هذا النظام إلى مساعدة حركات التحرير للحصول على استقلالها بالحضور فى المنظمة وإبداء الرأي فى القضايا التى تهمها .

.. ويجوز أن تكون دعوة المراقب لحضور جميع جلسات المنظمة , كما يجوز أن تقتصر الدعوة على حضور جلسات هيئة معينة , أو بعض الهيئات دون الأخرى , وغالباً ما يمنع المراقب من حضور الجلسات السرية للمنظمة أو الهيئة .

ولا يتمتع المراقب بحق التصويت على القرارات , ولا الترشيح للمناصب المنتخبة , غير أنه يجوز طلب مشاركته فى القرارات الإجرائية  أو تلك التى تتصل بالقضايا التى تهمه مباشرة .

.. ولعل من أبرز أمثلة المراقبين فى المنظمات الدولية , دعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة منظمة التحرير الفلسطينية للتحدث عن قضيتها فى الجمعية العامة , وبعد خطاب ياسر عرفات رئيس المنظمة , دعت الجمعية  العامة منظمة التحرير لحضور اجتماعات وأعمال مؤتمرات الأمم المتحدة بصفة مراقب  .

 

  • إعطاء الصفة الإستشارية لهيئة غير حكومية

.. تمنح بعض المنظمات الدولية الصفة الإستشارية لهيئات غير حكومية , وتمكنها بذلك من التعرف على نشاطات المنظمة وتقديم رأيها فيها.

.. وتمنح الصفة الإستشارية بقرار من المنظمة , وتسحبه المنظمة  فى أى وقت , إذ تبين لها أن الهيئة المتمتعة بهذه الصفة كما تحتفظ أيضا سويسرا وهى ليست عضواً فى الأمم المتحدة ببعثة مراقبة لدى الأمم المتحدة فى نيويورك , وأيضاً فى المقر الأوروبى فى جنيف, وقد حظيت الدول غير الأعضاء بعناية المنظمة, ويستدل على ذلك من تقرير الأمين العام عن أعمال المنظمة فى الفترة من 16 يونيو 1966 إلى 15 يونيو 1967م الذى جاء فيه :” يجب أن يسمح للدول الصغيرة بأن تحتفظ ببعثات مراقبة فى مقر الأمم المتحدة, وفى مكتب الأمم المتحدة فى جنيف, إذا رغبت فى ذلك, وهذا سوف يمكن الدول الصغيرة أن تستفيد تماماً من نظام الأمم المتحدة دون إجهاد مواردها, لا تستخدمه لأغراض الدولية التى منحت من أجلها ” .

.. ويحدث مثلاً إذا قامت هيئة غير حكومية ذات طابع إنسانى مثل لجنة العفو الدولية بإتباع اتجاهات سياسية لا تتناسب مع رسالتها الإنسانية .

.. ويمكن أن تقوم المنظمة بتنظيم الأحكام الخاصة بمنح الصفة الاستشارية داخلها , وتقوم أغلب الوكالات المتخصصة فى الأمم المتحدة , وكذلك المنظمات الإقليمية كمجلس أوربا ومنظمة الدول الأمريكية بتنظيم الصفة الإستشارية داخلها.

ولعل أبرز نظام هو الذى وضعه المجلس الأقتصادى والأجتماعى للأمم المتحدة , فقام بتقسيم الهيئات غير الحكومية إلى أصناف ثلاثة بحسب اهتمام الهيئة بنشاطات المجلس وشمولية اختصاصاتها وعمومية تمثيلها .

 

الفرع الثانى/ إجراءات قبول العضوية

قد تقتصر العضوية فى المنظمات الدولية على الدول الأطراف فى الاتفاق المنشىء لها كمجلس التعاون لدول الخليج العربية , ولكن غالباً ما تفتح المنظمة أبوابها لأعضاء جدد وفق شروط وإجراءات تحددها فى التوثيق المنشئة لها .

ومن المنظمات ما يميز بين الأعضاء الأصليين الذين أسسوا المنظمة وأبرموا الاتفاق المنشئ, وبين الأعضاء المنضمين للاتفاق, مثال ذلك منظمة الأمم المتحدة ومنظمة الأغذية والزراعة, وصندوق النقد الدولى , الوكالة الدولية للطاقة الذرية .

وتختلف المنظمات فى تحديد شروط العضوية , وكذلك فى إجراءات القبول فى المنظمة .

أولاً : شروط العضوية فى المنظمات الدولية

تنقسم العضوية فى المنظمة الدولية إلى نوعين :

  • اعضاء أصليون

..وهم الدول المؤسسة للمنظمة, أى الدول التى اشتركت فى وضع التوثيق المؤسسة للمنظمة, ومن أمثلة ذلك الدول التى أشتركت فى مؤتمر سان فرنسيسكو بالولايات المتحدة الأمريكية لإقرار ميثاق الأمم المتحدة , والدول التى اشتركت فى مؤتمر أديس أبابا سنة 1963 , وعددها 32 دولة لإقرار ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية.

..وهولاء الأعضاء يعتبروا هم المؤسسون للمنظمة الدولية, وليس هناك شروطاً موضوعية أو إجرائية لإكتسابهم صفة العضوية فى المنظمة .

  • الأعضاء المنضمون

..وهم الدول التى يقبل طلب انضمامها للمنظمة بعد نشوئها وإعلان قيامها, ولما كانت الوثيقة المنشئة للمنظمة ليست سوى معاهدة دولية فإنها لا يجوز الانضمام لتلك المنظمة إلا إذا وجد بها نص يجيز الانضمام إليها وفقاً لشروط معينة .

وتشترط هيئة الأمم المتحدة ما يلى :

.. تنص المادة (4) من الميثاق على أنه ” تكون العضوية فى الأمم المتحدة لجميع الدول الأخرى المحبة للسلام التى تقبل بالالتزامات التى يتمضنها هذا الميثاق والتى ترى الهيئة أنها قادرة على تنفيذ هذه الإلتزامات وراغبة فى ذلك ” .

.. ويتبين من النص السابق أن الميثاق أسند صلاحية القرار للهيئات القائمة فى الأمم المتحدة ( الجمعية العامة , ومجلس الأمن ) فيما يتعلق بقدرة الدولة على تنفيذ الالتزامات , وأدى هذا أثناء الحرب الباردة إلى مزايدات بين الكتلة المقابلة , ومن ثم بقيت طلبات عدة دول معلقة , إلى أن حسمت محكمة العدل الدولية المسألة بقولها ” ، إن أى شرط تضيفه الدول للشروط المحددة فى المادة (4) يكون مخالفاً للميثاق , وبذلك تكون المحكمة قد وضعت حدا للممارسة التى تعلق قبول دولة على شرط المخالفة على التوازن السياسى للقوتين العظمتين فى الأمم المتحدة .

..وفى المنظمات الإقليمية تضع مواثيقها شروطا لا يمكن توافرها إلا فى الدول التى تعنيها المنظمة , ففى جامعة الدول العربية مثلا تنطوى المادة الأولى من الميثاق على الشروط الواجب توافرها لقبول عضوية الدول فى الجامعة , ومن هذه الشروط شرط أنه ” لكل دولة عربية مستقلة الحق فى أن يتضمن رغبتها واستعدادها لتبنى هذا الميثاق , ويتم الإنضمام بموافقة المؤتمر ” .

ثانياً : إجراءات الإنضمام إلى المنظمة

.. تختلف إجراءات الإنضمام إلى المنظمات الدولية من منظمة إلى إخرى , وينصب هذا الاختلاف على إختصاص النظر فى الطلب والأغلبية اللازمة لقبول العضوية , بالإضافة إلى الإجراءات المتعلقة بتقديم طلب العضوية , وإحترام الأجال , وتدرس الطلب فى هيئات المنظمة .

.. ويتطلب ميثاق الأمم المتحدة إجراءات مشددة للإنضمام إلى عضويتها , انطوت عليها بقدر من التفصيل المواد (58) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمن , والمواد (113) من اللائحة الداخلية للجمعية العامة , حيث يتعين أن يقدم طلب الأنضمام إلى الأمين العام مصحوباً بإستعداد الدولة طالبة الإنضمام لقبول كافة الالتزامات الواردة فى الميثاق , ويرفع الأمين العام هذا الطلب إلى مجلس الأمن , فيحيله رئيس المجلس إلى لجنة قبول الأعضاء لتفحصه وترفع تقريراً عنه إلى مجلس الأمن قبل بدء الدورة العادية للجمعية العامة بخسمة عشرة يوما .

.. وفى ضوء هذا التقرير يصدر مجلس الأمن توصية للجمعية العامة بقبول الدولة , وتحال هذه التوصية إلى الجمعية العامة فتقوم بالتصويت عليه , فإذا وافق عليه بأغلبية ثلثى الأعضاء الحاضرون المشتركون فى التصويت صارت الدولة عضواً فى الأمم المتحدة .

.. وتعتبر إجراءات القبول فى منظمة الوحدة الإفريقية من أيسر الإجراءات اللازمة للأنضمام إلى المنظمة الدولة , حيث تكتف بموافقة الأغلبية المطلقة لقبول الدولة الجديدة تشدداً حيث يتطلب الميثاق صدور قرار من مجلس الجامعة .

.. وتأخذ بعض المنظمات الدولية بفكرة العضوية الألية , والتى بمقتضاها تصبح الدولة عضواً إذا توافرت الشروط المطلوبة للعضوية فيها بعد أن تعلن هذه الدولة رغبتها فى الأنضمام إلى المنظمة كما هو الحال فى منظمة اليونسكو , ومنظمة العمل الدولية , وهيئة الطيران المدنى الدولية  .

.. ويتمتع العضو الجديد بعد الانضمام بكافة الحقوق والمزايا الممنوحة للأعضاء الأخرين , إلا إذان نص الميثاق على مزايا خاصة للأعضاء المؤسين أو تضمن استثناء صريحة وردت فى الاتفاق المنشئ أو فى الأحكام الخاصة بالمنظمة .

 

المطلب الثانى / عوارض العضوية

.. تتمتع المنظمات الدولية بسلطة اتخاذ التدابير المناسبة فى حالة إخلال أحد الأعضاء بالواجبات الواردة فى الميثاق , أو تلك التى تقرها الهيئات المختصة , وقد يتعرض الميثاق لهذه التدبير , وقد يغفل الإشارة إليها , وفى هذه الحالة يبقى حق المنظمة قائماً فى اتخاذ ما تراه مناسباً من التدابير ضد الدولة المخلة بواجباتها تجاه المنظمة أو باقى الدول الأعضاء .

وتتراوح التدابير والإجراءات التى تتخذها المنظمة ضد الدولة العضو التى أخلت بالتزاماتها ما بين :

  • الحرمان من التصويت .
  • الحرمان من التمثيل فى بعض هيئات المنظمة .
  • الحرمان من خدمات المنظمة .
  • تعليق العضوية أو تجميدها .
  • الفصل من المنظمة .
  • الإنسحاب من المنظمة .

ونعرض لهذه التدابير بإيجاز كما يلى :

أولاً : الحرمان من التصويت

.. قد يتمثل الإجراء المتخذ ضد الدولة المخلة بالتزاماتها فى المنظمة فى حرمانها من التصويت , فلا تشترك مستقبلاً فى إتخاذ القرار , ويتخذ هذا الإجراء غالباً ضد الدولة التى تتخلف لأجل غير مقبول فى دفع مساهماتها فى نفقات فى نفقات المنظمة , عملاً بقاعدة ” من لا يدفع لا يشترك فى القرار” .

.. ويجوز أن يكون الحرمان من التصويت فى بعض المنظمات الدولية تلقائياً عندما يصل تأخير الدولة تسديد مساهماتها من الموازنة إلى ما يعادل الأداء والمستحق عليها عن السنتين الأخيرتين أو السنة الأخيرة فقط , أو حتى الستة أشهر , أو السبعة الأخيرة , ويكون الحرمان فى جميع الحالات بقرار صريح تصدره الهيئة المختصة فى المنظمة .

ويحدث أن يستثنى المنظمة فى تطبيق الأحكام الخاصة بالحرمان من التصويت حالات الدول الفقيرة , أو تلك التى تمر بأوضاع اقتصادية سيئة لا تسمح لها بسداد مساهماتها فى الأجل المحدد , مثل ما فعلت المنظمة الدولية الإستشارية للملاحة البحرية ( امكو ) فى نوفمبر 1979 بالنسبة لجمهورية الدومنيكان .

.. وقد لا يقتصر الحرمان من التصويت على مجرد التخلف عن سداد المستحقات المالية فى الأجل المحدد , بل يمكن أن يستخدم فى حالات أخرى نادرة , وخاصة الدولة التى تمتنع عن تنفيذ الأحكام أو القرارات التى تتخذها المنظمة , مثال ذلك المنظمة الدولية للطيران المدنى فى نطاق الفصل الثامن عشر من الدستور .

ثانياً : الحرمان من التمثيل فى بعض هيئات المنظمة

..وتتخذ المنظمة هذا الإجراء بمقتضى نص صريح فى ميثاقها كما هو الحال فى مجلس أوربا المادة (9) , وقد تتخذه المنظمة دون الحاجة إلى وجود نص فى الميثاق مثل مجلس أوربا المادة (9) , وقد تتخذه المنظمة دون الحاجة إلى وجود نص فى الميثاق مثل ما قامت به الجمعية العامة للأمم المتحدة حين رفضت أوراق تفويض الممثلين عن حكومة جنوب أفريقيا فى 12 /11 / 1974م كإجراء ضد سياسة التمييز العنصرى التى تتبعها ضد السكان السود الأصليين , وبقائها فى ناميبيا بالرغم من إعلان الأمم المتحدة عن استقلال هذا الأقليم .

ثالثاً : الحرمان من خدمات المنظمة

.. قد تقوم المنظمة بحرمان العضو المخل بواجباته من الخدمات التى تمنح عادة للأعضاء الأخرين , مثال ذلك ما يفعله صندوق النقد الدولى فى حاللات عدة خاصة بعد تعديل 30 / 4 / 1976م كالانتفاع بإحتياطى الصندوق , أو عقد الاتفاقات المعدة لميزان المدفوعات , ويهدف هذا الإجراء إلى دفع الدولة المخلة للكف عن الإخلاء والعودة إلى حياتها الطبيعية فى المنظمة .

رابعا: تعليق العضوية أو تجميدها

.. يجوز للمنظمة الدولية إذا أخل العضو بالتزاماته إخلالا كبيراً , حرمانه من جميع الحقوق والمزايا المترتبة على العضوية , وتسمى هذه العقوبة تعليق أو تجميد العضوية , بمعنى أن الدولة المعاقبة تصبح وكأنها غير عضو فى المنظمة إلى حين الكف عن الإخلال أو رفع قرار التعليق إلى التجميد .

.. ومن أبرز الأمثلة على تعليق أو تجميد العضوية فى المنظمات الدولية ما قام به مجلس جامعة الدول العربية فى بغداد فى نوفمبر 1978م بإتخاذ قرار بتجميد عضوية مصر بعد توقيعها لأتفاقية السلام مع إسرائيل .

خامساً : الفصل من المنظمة .

..يقصد بالفصل إنهاء عضوية الدولة من المنظمة الدولية إجبارياً, وهو جزاء يترتب على إمعان الدولة فى الخروج على أحكام الوثيقة المؤسسة للمنظمة, وإجراء الفصل يعتبر من أخطر العقوبات التى تتخذها المنظمة ضد أحد أعضائها, ولذلك أحاطت المنظمات الدولية أتخاذه بالعديد من الضمانات والقيود لتجعل من استخدامه أمرا نادراً.

.. وهذا ما أخذت به جامعة الدول العربية, وعهد عصبة الأمم , وميثاق الأمم المتحدة

 ففى ميثاق جامعة الدول العربية نجد الفقرة الثانية من المادة (18) تتكلم عن الفصل وتقرر إذا توافرت الشروط الأتية :

  • إخلال الدولة بواجبات الميثاق , وهذه مسألة تقديرية متروكة لمجلس الجامعة .
  • أن يصدر قرار الفصل الأسباب التى بنى عليها المجلس هذا القرار .

وعندما يصدر قرار الفصل تبلغه الأمانة العامة لجامعة الدول العربية إلى الدولة المفصولة والدول الأخرى , وتسقط عضوية الدولة من تاريخ صدور قرار الفصل, كما يسقط بالتالى كافة الحقوق والإلتزامات المترتبة على العضوية .

وقد استحدث ميثاق الأمم المتحدة نظاماً رتب على أساسه فصل العضو من الهيئة الدولية على مرحلتين :

المرحلة الأول : يتم فيها إيقاف مباشرة حقوق العضوية , وهو إجراء حق به أن يكون بمثابة إنذار موجه من المنظمة إلى العضو الذى انتهك حرمة الميثاق , وهذا ما نصت عليه المادة (5) من الميثاق : ” يجوز للجمعية العامة أن توقف أى عضو اتخذ مجلس الأمن قبله عملاً من أعمال المنع أو القمع عن مباشرة حقوق العضوية ومزاياها , ويكون ذلك بناء على توصية مجلس الأمن , ولمجلس الأمن أن يرد لهذا العضو مباشرة تلك الحقوق والمزايا ” .

المرحلة الثانية :  إذا لم يرتدع العضو بعد الإجراء المحدد فى المادة (5) وأمعن فى انتهاك أحكام الميثاق , فإن للمنظمة أن تتخذ ضده إجراء أفضل من الهيئة وفقاً للقواعد الموضحة فى المادة (6) من الميثاق التى نصت على أنه إذا أمعن عضو من أعضاء الأمم المتحدة فى انتهاك مبادئ الميثاق جاز للجمعية العامة أن تفصله من الهيئة بناء على توصية مجلس الأمن .

.. وتجدر الإشارة إلى أن الامم المتحدة لم تستخدم عقوبة الفصل من العضوية حتى اليوم من إنشائها فى أكتوبر 1945م , وإن جرت محاولات فصل جنوب إفريقيا من الأمم المتحدة أثناء إنعقاد الدورة 29 للجمعية العامة سنة 1974م , حيث رفض مجلس الأمن طرد جنوب إفريقيا عند مناقشته لهذا الموضوع فى نوفمبر 1974م , نظراً لإستخدام المملكة المتحدة وفرنسا وأمريكا لحق الفيتو .

 

سادسا : الإنسحاب من المنظمة

.. يترتب على الإنسحاب أحد الأعضاء من المنظمة انتهاء عضويته فيها , بمعنى أنه لم يعد طرفاً فى الإتفاق المنشئ , ولا يلتزم بما قد تتخذه المنظمة من قرارات فى المستقبل .

.. وقد تنص الإتفاقيات المنشئة للمنظمات الدولية صراحة على حق الدول الأعضاء فى الإنسحاب مع بيان دقيق للشروط والإجراءات التى يجب إتباعها فى هذا الشأن .

  • أن بعض المنظمات الدولية تحرم الإنسحاب من المنظمة إلا بعد مرور ثلاث سنوات من إنشائها , مثل ذلك المنظمة الدولية للطيران المدنى ( مادة 95 ) .
  • وهناك منظمات دولية أخرى تتطلب ضرورة إخطار الدولة برغبتها فى الإنسحاب قبل سنة فى نفاذه , مثل ذلك جامعة الدول العربية مادة (18) ومنظمة الوحدة الإفريقية مادة (32 ) .
  • وقد وضعت اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات قاعدة عامة عند الانسحاب من المعاهدات المتعددة الأطراف وهى الإخطار قبل سنة من موعد الإنسحاب ( المادة 65 ) ويعمل بهذه القاعدة حالة غياب نص .
  • وهناك منظمات دولية لا تشترط الإخطار المسبق , وإنما يكون الإنسحاب فورياً شريطة أن يكون العضو قد سوى أوضاعه المالية مع المنظمة , مثال ذلك صندوق النقد الدولى , ومنظمة المؤتمر الإسلامى .

.. غير أن هناك بعض المنظمات الدولية لا تنص مواثيقها على إجراء الإنسحاب , حرصاً على كفالة الإستقرار والدوام للمنظمة , ومع ذلك أثبتت الممارسة العملية أنه قد حدثت حالات انسحاب من عضوية العديد من المنظمات الدولية التى أغفلت مواثيقها النص صراحة على الأنسحاب , مثل ذلك منظمة اليونسكو , ومنظمة الصحة العالمية .

.. وعلى الرغم من اتفاق المؤتمرون فى سان فرانسيسكو على عدم إيراد نص صريح يتعلق بالإنسحاب من العضوية , إلا أن اللجنة الخاصة التى وضعت مشروع الميثاق قد تقدمت إلى المؤتمر بتصريح تفسيرى اعترفت فيه بعدم إمكانية إجبار دولة على البقاء عضواً فى المنظمة فى ظروف استثنائية تبرر تركها للمنظمة , وأقرت الدولة العضو إمكانية الإنسحاب فى هذه الظروف .

 

المطلب الثالث/ البنيان الداخلى للمنظمة الدولية

تمهيد وتقسيم

المنظمة الدولية هى شخص قانونى دولى يتمتع بإرادة مستقلة عن الدول الأعضاء ويباشر اختصاصات ووظائف ذاتية , ويتم التعبير عن هذه الإرادة عن طريق مجالسها وجمعياتها , وهذه المجالس تستعين فى مباشرتها لعملها بمجموعة من العاملين لوضع نشاطات المنظمة موضوع التنفيذ , ويطلق عليها اسم الموظفين الدوليين أو المستخدمين .

ونعرض البنيان الداخلى للمنظمة الدولية فى هذا الفصل فى ضوء التقسيم التالى :

الفرع الأول : أجهزة وفروع المنظمة الدولية .

الفرع الثانى : حصانات وإمتيازات المنظمات الدولية .

الفرع الثالث : المسئولية الدولية للمنظمات الدولية .

الفرع الأول/ أجهزة وفروع المنظمة الدولية

.. كانت المراحل الأولى للتنظيم الدولى والتى اتخذت صورة مؤتمرات دولية , لا تقوم إلا على جهاز عامل واحد يضم ممثلين عن كافة الأعضاء , وذلك نظراً للطبيعة الخاصة لهذه المؤتمرات التى تجعلها قابلة للدوام , ولأن ما كانت تعالجه من مشاكل أمراً محدوداً ينتهى فى العادة بإبرام اتفاقية دولية.

..  ولكن نظراً لتطور فكرة التنظيم الدولى واتخاذها شكل منظمات دولية دائمة تعالج مشاكل مستمرة , فإن ذلك قد اقتضى ضرورة وجود أجهزة دائمة للمنظمة تستطيع أن تواجه هذه المشاكل بصفة دورية , ولعل أبرز ما يميز المنظمات الدولية فى الأونة الأخيرة هو تعدد أجهزتها

..فالأمم المتحدة تتكون اليوم من فروع رئيسية هى الجمعية العامة , ومجلس الأمن , والمجلس الأقتصادى والإجتماعى , ومجلس الوصاية , ومحكمة العدل الدولية , والأمانة العامة , إلى جانب أكثر من ثمانية عشر من الوكالات المتخصصة المرتبطة بالأمم المتحدة .

 

ويذهب فقه القانون الدولى إلى أن تعدد أجهزة المنظمات الدولية يرجع إلى عدة أسباب .

  • تعدد وزيادة اختصاصات المنظمة الدولية واتساع دائرة نشاطها جعل استحالة أن يتحمل عبء كل ذلك جهاز منفرد , ولهذا فإن الإتجاه العام هو توزيع هذه الاختصاصات على أكثر من جهاز دائم .
  • للتوفيق بين مبدأ المساواة بين الدول الأعضاء , تتشكل المنظمات الدولية بصفة عامة من جهازين رئيسيين , جهاز عام يتم فيه تمثيل كافة الدول الأعضاء فى المنظمة على أساس مبدأ المساواة , وجهاز محدود العضوية يمثل فيه عدد محدود من الدول يمكن فيه مراعاة عدم المساواة النسبية بين الدول الأعضاء من الأعضاء الأخرى. ومن أهم الأمثلة على ذلك الأمم المتحدة , فالجمعية العامة تتكون من جميع الدول الأعضاء تتساوى جميعها داخل الجمعية , والجهاز الثانى هو مجلس الأمن الذى يتكون من خمسة عشر دولة من بينهم الدول الخمس الكبرى وهى : الولايات المتحدة الأمريكية , والإتحاد السوفيتى (روسيا حالياً), والصين, وبريطانيا, وفرنسا, وهؤلاء الأعضاء تلزم موافقتهم لإتخاذ المجلس القرارات المهمة .
  • أسباب فنية , وتظهر هذه الأسباب الفنية فى المنظمات الدولية التى يكون لها فرعاً تشريعياً يختص بالمناقشة والمداولة, وإصدار القرارات, وفرعاً تنفيذياً يختص بإتخاذ الإجراءات الكفيلة بتنفيذ قرارات المنظمة وإتخاذ القرارات السريعة, هذا إلى جانب وجود فرع فى المنظمات الدولية يختص بالشئون الإدارية .

 

ويلاحظ أن أجهزة المنظمات الدولية تنقسم إلى أجهزة رئيسية, وأجهزة ثانوية, وفروع محدودة العضوية, وفروع بسيطة, وفروع مختلطة, وذلك على النحو التالى.

إذا نظرنا إلى المنظمات الدولية بصفة عامة فإننا نجدها تشتمل عادة على ثلاثة أجهزة رئيسية تعمل بصفة مستمرة وتتمثل فى جهاز عام , وجهاز تنفيذى , وجهاز إدارى , وقد تتضمن بعض المنظمات الدولية أجهزة رئيسية أخرى إذا اقتضت ذلك طبيعة المنظمة وما عود إليها من وظائف واختصاصات .

والأجهزة الرئيسية فى المنظمات الدولية غالباً كما يلى :

الجهاز العام

الجهاز التنفيذى

الجهاز الإدارى

  • الجهاز العام

..ويطلق عليه الجمعية العامة , أو المؤتمر العام , ويتألف من ممثلين عن كل الدول الأعضاء بالمنظمة , ومثاله فى الأمم المتحدة الجمعية العامة , وفى منظمة الوحدة الإفريقية , مؤتمر رؤساء الدول والحكومات الإفريقية , وتمثل كافة الدول الأعضاء فى هذا الجهاز العام على قدم المساواة , ويعد الجهاز العام للمنظمة الهيئة الفعالة فيها وصاحب الأختصاص العام الذى يملك مناقشة المشاكل ذات الأهمية المشتركة للدول , ولذلك نصت المادة (10) من ميثاق الأمم المتحدةعلى أن للجمعية العامة أن تناقش أيه مسألة , أو أمر يدخل فى نطاق هذا الميثاق , أو يتصل بسلطات فرع من الفروع المنصوص عليها فيه , أو وظائفه .

.. ويختص الجهاز العامة للمنظمة بانتخاب أعضاء فروع المنظمة واختيارالسكرتيرالعام للمنظمة , كما يبحث ويقر ميزانية المنظمة , فضلاً عن قيامه ببحث وتلقى التقارير المرسلة من أجهزة المنظمة , أو من الدول الأعضاء , كما يقوم أيضاً برسم السياسة العامة للمنظمة .

.. وينعقد الجهاز العام للمنظمة عادة بصفة دورية , كما هو الحال فى الأمم المتحدة فالجمعية العامة تعقد دورتها العادية يوم الثلاثاء الثالث من شهر سبتمبر من كل عام وفى منظمة الوحدة الأفريقية يعقد مجلس رؤساء الدول والحكومات الأفريقية دورته العادية فى شهر يوليو من كل عام .

.. وفيما يتعلق بنظام التصويت داخل الجهاز العام للمنظمة , فالأصل أن لكل عضو من الأعضاء صوت واحد , وهذا ما نص عليه ميثاق الأمم المتحدة فى المادة 18/1  “يكون لكل عضو فى الأمم المتحدة صوت واحد فى الجمعية العامة”.

..كما نص ميثاق منظمة الوحدة الإفريقية فى المادة 10 /1 على أن ” لكل عضو فى منظمة الوحدة الأفريقية صوتاً واحداً فى مؤتمر رؤساء الدول والحكومات “, ومعنى ذلك أن وفد الدولة العضو الذى يمثلها فى اجتماعات المنظمة له صوت واحد داخل الجهاز العام وذلك أياً كان عدد مندوبيها ومهما تعدد مستشاريها .

.. ومع ذلك فإننا نجد أن بعض المنظمات الدولية خاصة المنظمات ذات الطابع الاقتصادى والمالى , قد خرجت عن قاعدة المساواة فى القيمة بين أصوات الدول الأعضاء وأخذت بما يعرف بإسم الأغلبية الموزونة , ومؤداها أن يكون لكل دولة عضو عدد من الأصوات يتعادل مع أهميتها فى المنظمة , ومن أمثلة ذلك البنك الدولى للإنشاء والتعمير الذى يقضى ميثاقه بإعطاء كل دولة عضو 250 صوتاً , ويضاف إليها صوت واحد عند كل حصة إضافية تملكها الدولة فى رأس مال المنظمة عند التصويت فى مجلس المحافظين , والذى يعتبر الجهاز الأعلى للمنظمة .

.. أما عن العدد اللازم للتصويت فبعض المنظمات تشترط الإجماع عند التصويت فى الجهاز العام , كميثاق جامعة الدول العربية , وميثاق حلف الأطلنطى , وبعض المنظمات الأخرى تأخذ بقاعدة الأغلبية , كما هو الحال فى الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية .

  • الجهاز التنفيذى للمنظمة

..ترتب على تطور المنظمات , وتعدد اختصاصاتها , وزيادة عدد أعضائها , وبروز الحاجة إلى جهاز تنفيذى إلى جانب الجهاز العام , يعهد إليه القيام بتنفيذ قرارات المنظمات الدولية والتعرض للمشاكل العاجلة , مثاله مجلس الأمن فى الأمم المتحدة .

.. ويتألف الجهاز التنفيذى عادة من عدد محدود من الدول الأعضاء يتم اختيارهم وفق نظام خاص تضعه الوثيقة المنشئة للمنظمة الدولية , وبمراجعة وثائق المنظمات الدولية نجد أن هناك عدة طرق قد تم اتباعها فى تشكيل الأجهزة التنفيذية .

الطريقة الأولى : يتم تحديد أعضاء الجهاز التنفيذى بالاسم فى الوثيقة المنشئة للمنظمة الدولية , إلا أن العمل الدولى لم يجر حتى الأن على أتباع هذه الطريقة , إلا محاولات قد تمت أثناء وضع عهد عصبة الأمم وميثاق الأمم المتحدة ولكن لم يكتب لها النجاح .

الطريقة الثانية : يشكل الجهاز التنفيذى من أعضاء مؤقتين , بمعنى أنه يتم اختيار أعضائه بصفة دورية حيث يستبدلون بعد كل فترة بغيرهم وفقاً للنظام الذى تضعه مواثيق هذه المنظمات , وقد أخذ بهذه الطريقة ميثاق الأمم المتحدة بصدد تشكيل المجلس الاقتصادى والاجتماعى .

الطريقة الثالثة : طريقة مختلطة بمعنى أنه قد يأخذ بالطريقتين معا , أى يتم تشكيل الجهاز التنفيذى، من أعضاء دائمين وأعضاء مؤقتين، مثال ذلك مجلس الأمن فى منظمة الأمم المتحدة.

.. و يتولى الجهاز العام للمنظمة الدولية عادة مهمة اختيار أعضاء الجهاز التنفيذى وهذا الإختيار يمكن أن يتم وفق إعتبارات متعددة مثل:

  • الاختيار على أساس التوزيع الجغرافى العادل.
  • الإختيار على أساس مدة قدرة الدولة على المساهمة فى نشاط المنظمة.

.. و من ناحية الإختصاص فإن مجلس التنفيذى يعهد الية بإختصاصات محددة مطلقة يراعى فيها أن الجهاز الذى يعمل بصفة مستمرة والأقدر على التحرك السريع لمراجهة المشاكل العاجلة التى تدخل فى إختصاص المنظمة الى جانب أنة الجهاز الذى يوضع قرارات المنظمة ونشاطاتها موضع التنفيذ.

.. والأصل العام هو عقد الجهاز التنفيذى لجلساتة فى المقر الرئيسي للمنظمة إلا إذا إقتضت الظروف عقد الجلسات فى مكان أخر.

..وينظم العمل داخل الجهاز التنفيذى وفق لائحة داخلية يتولى هذا الجهاز وضعها عادة بنفسة الى جوانب بعض النصوص التى تنطوى عليها بنود الوثيقةالمنشئه للمنظمة. ويجتمع الجهاز التنفيذى فى دورات انعقاد عادية، ويعمل بصفة مستمرة من خلال أعضائة المتواجدين بصفة دائمة فى مقر المنظمة.

  • الجهاز الإدارى للمنظمة:

..الإختصاصات وتوسعت نشاطات هذة المنظمات ،ويوفر الجهاز الإدارى الخدمات الإدارية، و يتكون من أمين عام وأمناء مساعدين وإدارات وأقسام مختلفة يتولى العمل فيها العديد من الموظفين يطلق عليها الأمانة العامة أو السكرتارية العامة , والأمين العام للمنظمة هو الذى يقوم بإدارة شئونها وتوجيه نشاطات الأمانة العامة , ويعتبر ممثلها القانونى , ومن هنا فهو على قمة الجهاز الإدارى للمنظمة .

ويتم إختيار الأمين العام عادة بواسطة أجهزة المنظمة , وقد يكون ذلك بواسطة الجهاز العام , أو الجهاز التنفيذى , وقد يكون إختياره بواسطة الجهازين معاً كما هو الحال بالنسبة لإختيار الأمين العام للأمم المتحدة , حيث تنص المادة (97) من الميثاق على أنه: ” يكون للهيئة أمين عام ممن تحتاجهم من الموظفين , وتعين الجمعية العامة الأمين العام بناء على توصية مجلس الأمن , والأمين العام هو الموظف الإدارى الأكبر فى الهيئة ” , وتنص المادة (12) من ميثاق جامعة الدول العربية على أن مجلس الجامعة هو الذى يتولى إختيار الأمين العام لجامعة الدول العربية بأكثرية ثلثى دول الجامعة .

ويتم إختيار الأمين العام بواسطة الجهاز العام للمنظمة, ففى الأمم المتحدة مثلا يتم إختياره بقرار من الجمعية العامة بناء على توصية من مجلس الأمن , وفى منظمة الوحدة الإفريقية يتم إختياره بواسطة مجلس رؤساء الدول والحكومات الأفريقية, ويعاون الأمين العام عدد من الأمناء المساعدين يعينهم كذلك الجهاز العام للمنظمة, ثم مجموعة من الموظفين بالأمانة العامة يقوم الأمين العام بتعيينهم وفقاً لما تنص عليه المادة (101/ 1) من الميثاق الأمم المتحدة من أنه ” يعين الأمين العام موظفى الأمانة العامة طبقاً للوائح التى تضعها الجمعية العامة ” , كذلك تنص المادة (12) من ميثاق جامعة الدول العربية على أنه ” ويعين الأمين العام للجامعة بموافقة مجلس الجامعة الأمناء المساعدين , والموظفين الرئيسيين فى الجامعة ” . وتتخلص اختصاصات الجهاز الإدارى للمنظمة فيما يلى :

  • أنه أداة الإتصال بين أجهزة المنظمة , وكذلك بين أجهزة المنظمة وأعضائها , وبين المنظمة وغيرها من المنظمات الدولية المتعاونة معها .
  • التحضير لإجتماعات فروع المنظمة .
  • إعداد التقرير السنوى للمنظمة .
  • إعداد مشروع الميزانية والقيام ببعض التصرفات المالية .
  • حفظ الوثائق والملفات الخاصة بإجتماعات فروع المنظمة.
  • إنشاء وإلغاء الفروع والمكاتب الإدارية والفنية .
  • متابعة القرارات التى تصدرها أجهزة المنظمة .
  • المشاركة فى إجتماعات أجهزة المنظمة .
  • القيام بدور سياسى بهدف تسوية المشكلات التى تواجه المنظمة .

ثانياً : الفروع الثانوية للمنظمة الدولية

وهى فروع  تنشأ بقرار من أحد أجهزة المنظمة , ومثال ذلك ما تنص عليه المادة (22) من ميثاق الأمم المتحدة : ” أن للجمعية العامة أن تنشئ من الفروع الثانوية ما تراه ضرورياً للقيام بوظائفها ” .

وتحتل هذه الفروع مكانة هامة فى المنظمة الدولية , إذ عن طريقها يتحقق تسير أعمال المنظمة الدولية بالإضافة إلى أن منح الفروع الرئيسية سلطة إنشاء فروع ثانوية من شأنه أن يجعل هيكل هذه المنظمات مرناً وليس جامداً ” .

والأجهزة الثانوية قد تنشأ بصفة دائمة أو مؤقتة , وقد يعمل بها موظفون دوليون, أو بعض الخبراء أو مندوبو الدول الأعضاء .

كنا أن الأجهزة الثانوية محددة الاختصاصات وفقاً لما يتقرر بواسطة الأجهزة الرئيسية التى أنشأها , وقد تختص الأجهزة الثانوية بالبحث والدراسة أو بحل المنازعات الدولية مثل لجان التحقيق , ولجان الوساطة , ولجان التحكيم , كما قد يتولى هذه الأجهزة مباشرة بعض الإختصاصات الإدارية , أو الفنية .

 

الفرع الثانى / حصانات وإمتيازات المنظمات الدولية

أولاً: الأساس القانونى لحصانات وإمتيازات المنظمة الدولية وموظفيها

يتمتع الموظفون الدوليون بعدد من الحصانات والإمتيازات – بغض النظر عن جنسيتهم – حتى يتمكنوا من أداء وظائفهم على الوجه الأكمل وفى جو من الثقة والطمأنينة , وقد تقررت هذه الحصانات والإمتيازات التى تمنح للدبلوماسيين ومن فى حكمهم , مع ملاحظة أن هناك فروقاً هامة بين حصانات وإمتيازات الموظف الدولى , وتلك التى يتمتع بها المبعوث الدبلوماسى , فبينما يحتج بحصانة الموظف الدولى تجاه كافة الدول بما فى ذلك الدولة التى يتبعها بجنسيته , نجد أنه لا يجوز الإحتجاج بحصانة المبعوث الدبلوماسى تجاه الدولة التى يمثلها .

وتختلف الحصانات والإمتيازات التى يتمتع بها الموظفون الدوليون عن تلك التى يتمتع بها المبعوثون الدبلوماسيون أيضاً من حيث جزاء عدم مراعاتها , إذ يترتب على عدم مراعاة حصانات وإمتيازات الموظفين الدبلوماسيين تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل , فى حين لا يوجد هذا الجزاء بالنسبة لحصانات وإمتيازات الموظف الدولى .

وتستند الحصانات والإمتيازات التى يتمتع بها الموظفون الدوليون إلى أساس إتفاقى , وإن كانت تتجه الأن نحو إكتساب صفة القواعد العرفية , وقد جرت العادة على أن ينص على مبدأ تلك الحصانات والإمتيازات فى دستور المنظمة ذاته , ومثال ذلك ما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة (105) من ميثاق الأمم المتحدة من أنه : ” يتمتع المندوبون من أعضاء الأمم المتحدة وموظفو هذه الهيئة بالمزايا والإعفاءات التى يتطلبها إستقلالهم فى القيام بمهام وظائفهم المتصلة بالهيئة ” .

ولا تحوى دساتير المنظمات الدولية – عادة – سوى نصوص عامة فى هذا الخصوص أما تفصيل الإمتيازات والحصانات فتحددها وثائق دولية أخرى , كالإتفاقات الملحقة بدستور المنظمة الدولية , مثل بروتوكول الإمتيازات والحصانات التى يتمتع به موظفو الجماعة الأوربية للفحم والصلب , والإتفاقيات العامة الأخرى والمنفصلة عن دستور المنظمة مثل الإتفاق العام المتعلق بإمتيازات وحصانات الأمم المتحدة المبرم سنة 1946م , والمعاهدات الخاصة التى تبرمها المنظمة مع دولة من الدول مثل الإتفاق المبرم بين فرنسا ومنظمة اليونسكو .

ثانيا: صور الحصانات والإمتيازات التى يتمتع بها الموظف الدولى

  • الحصانة القضائية

من مظاهر استقلال النظام القانونى للوظيفة الدولية عدم خضوع موظفى المنظمات الدولية للقضاء المحلى للدول سواء من الناحية الجنائية أو المدنية , وتختلف الأوضاع من منظمة إلى أخرى بالنسبة لحصانة الموظف الدولى قضائياً .

 

وتسير أغلبية المنظمات الدولية على التفرقة بين الموظفين الدوليين التابعين لها فى مدى الحصانات التى يتمتعون بها , فتنقسم إلى فئات على أساس المسئولية التى تتحملها كل فئة , وتقرر لكل فئة مقدماً ما تحتاج إليه كل منها من حصانات وإمتيازات لأداء أعمالها .

 

وتطبيقاً لهذا المبدأ نجد أن الإتفاق العام الخاص بمزايا وحصانات الأمم المتحدة الصادر فى 13 فبراير 1946م يقضى بمنح الحصانة القضائية الكاملة – التى يتمتع بها الدبلوماسيون طبقاً للقانون الدولى – إلى كل من الأمين العام والأمناء المساعدين , أما باقى موظفى الأمم المتحدة فلهم حصانةً قضائيةً فى شأن كل من يقولون أو يكتبون بصفة رسمية .

 

وتسير الوكالات الدولية المتخصصة على نفس النهج فتمنح لرئيس الوكالة ونوابه الحصانة القضائية الكاملة , أما باقى موظفى الوكالة فحصاناتهم القضائية تماثل حصانة أقرانهم فى الأمم المتحدة على أساس التفرقة بين الدرجات القيادية فى المنظمات الدولية والوظائف المهنية الأخرى .

 

ويتكرر النص على هذه المبادىء بالنسبة للمنظمات الدولية الأخرى مثل الجماعة الإقتصادية الأوربية ( السورق الأوربية المشتركة ) , ومنظمة الدول الأمريكية ومجلس أوربا , ومعاهدة شمال الأطلنطى , ويأخذ البعض منها بنظرة موسعة يتعلق بنطاق الحصانة القضائية الكاملة التى تتمتع بها فئات معينة من الموظفين الدوليين فيقرر استمرارها حتى بعد إنتهاء الوظيفة الدولية , ويتلائم هذا الإتجاه الموسع من المحكمة من الحصانة القضائية , والتى تؤكد استمرارها حتى بعد أن يكف الموظف عن صفته الدولية .

 

ولا شك أن الحصانة القضائية لا تعنى تخويل الموظف حق إنتهاك القانون وإنما هى ضمان لإستقلاله الكامل ضد تدخل السلطات المحلية , ويرى فريق من الفقهاء أن الحصانة عن الأعمال غير الرسمية ليس لها ما يبررها بالنسبة للموظفين الدوليين , ومن ثم فلا يجوز للموظف الدولى أن يدعى تلك الحصانة عند عدم النص عليها , ذلك أن تفسير تلك الحصانة لا يجوز أن يتم على نحو يسئ إلى العلاقة بين المنظمة والدول المضيفة .

 

وقد ثار جدل طويل حول ما يعتبر من التصرفات رسمياً وما يعتبر شخصياً , فأقترح فريق من الفقهاء إنشاء جهاز قضائى إدارى للإشراف على مدى تمتع الموظف الدولى بالحصانة القضائية والحالات التى يجوز فيها التمسك بهذه الحصانة , وقد اتخذت منظمة العمل الدولية خطوة موفقة فى هذا الإتجاه إذ منحت محكمتها الإدارية اختصاصها بالإشراف على الأمور المتعلقة بالحصانات .

 

رفع الحصانة القضائية

جرى العرف على منح المنظمات الدولية – ممثلة فى أمينها العام – حق رفع الحصانة عن الموظف الدولى بناء على طلب الدولة المضيفة حتى يتاح لهذه الدولة محاسبته على ما أتاه من أفعال , وتقدير مناسبة الإسقاط أمر متروك لتقدير المنظمة كقاعدة عامة , أما إذا كان المقصود هو رفع الحصانة عن الأمين العام نفسه فالذى يملك تقدير مناسبة إسقاط الحصانة عنه هو الجهاز العام فى المنظمة .

 

وقد جرت العادة فى المنظمات الدولية على رفع الحصانة فى المخالفات الخاصة , بالمرور , كما جرى عرف الأمم المتحدة على رفع الحصانة عن موظفيها فى قضايا الإصابة إذا لم يتم التوصل إلى تسوية رضائية حفاظاً لحقوق الغير

 

  • الحصانة القضائية

يتمتع الموظفون الدوليون بحصانة مالية فتعفى رواتبهم من الضرائب , ويهدف هذا النظام إلى تحقيق المساواة بين روات جميع الموظفين فى المنظمة بصرف النظر عن إختلاف جنسياتهم , وإختلاف التشريعات الضريبية فى بلد كل منهم , فإخضاع كل موظف دولى لنظام الضرائب الخاص ببلده يخل بهذه المساواة فضلاً عما يحمله خضوعه للتشريع الضريبى فى وطنه من السماح لدولته بتحقيق مكاسب مالية من وجود مواطنيها بين الموظفين الدوليين , بينما تتحمل باقى الدول الأعضاء رواتبهم , ويضمن الإعفاء الضريبى حماية جيدة للموظف الدولى التى يمكن أن تتأثر إذا كان معروضاً لتحكم الدولة فى فرض الضرائب على رواتبه .

 

ويسرى هذا الإعفاء على الراتب الرسمى للموظف الدولى دون موارد دخله الأخرى , وقد نص على هذا المبدأ على الإتفاق العام للأمم المتحدة وكذلك فى الإتفاقات الخاصة بالوكالات الدولية المتخصصة , وجرى العمل على ذلك فى الغالبية العظمى من المنظمات الدولية .

 

وتنص بعض اتفاقيات المقر التى تعقد بين المنظمات الدولية والدول المضيفة على إعفاء المعاش الذى يتقاضاه الموظف الدولى من ضريبة الدخل ورأس المال مثل إتفاق منظمة العمل الدولية مع سويسرا , وما زال خاضعاً للضريبة المحلية فى دول أخرى وهى حالات استثنائية تنكر فيها بعض الدول المضيفة على مواطنيها التمتع بالإمتيازات المالية وهو وضع غير مألوف فى المجتمع الدولى .

 

ومن الإمتيازات المالية التى يتمتع بها الموظف الدولى إعفاء ما يستورده من حاجاته الشخصية ومنقولات منزله من الرسوم الجمركية , ويتمتع بذات الإعفاء عند مغادرته مقر وظيفته مغادرة نهائية .

 

وينعم الموظف الدولى فى بعض البلاد بالتسهيلات الخاصة بتحويل النقد التى يتمتع بها قرناؤه من الموظفين الدبلوماسيين , ولهذه التسهيلات أهميتها فى البلاد التى تتشدد فيها الرقابة على النقد .

 

  • الإعفاء من الخدمة العسكرية

ترجع الحكمة من إعفاء بعض الدول الموظفين الدوليين من موطنيها من الخدمة العسكرية إلى أن فرض الخدمة العسكرية على هؤلاء إنما يؤدى إلى تعطيل عمل المنظمة الدولية وشل حركتها إذا ما إستدعى موظفوها أو عدد كبير منهم لأداء الخدمة العسكرية, ولذلك حرصت بعض الإتفاقات المبرمة بين بعض المنظمات الدولية , وبعض الدول الأخرى على تقرير هذا الإعفاء , ومثال ذلك الإتفاق المبرم بين كندا وهيئة الطيران المدنى الدولية بشأن المركز الرئيسى , وهذا هو ما اخذ به اتفاق الحصانات والإمتيازات الدولية مع كل من سويسرا وفرنسا وإيطاليا والنمسا , أما اتفاق الوكالات الدولية المتخصصة فقد قصد حق التمتع بهذا الإعفاء على المواطنين الذين يدرى الإتفاق على أسمائهم مع دولهم , بينما خلال إتفاق الحصانات والإمتيازات الخاص بالجماعة الإقتصادية الأوربية ( السوق الأوربية المشتركة ) ومجلس أوربا وحلف الأطلنطى من أية إشارة إلى هذا الإعفاء .

 

  • جوازات المرور الدبلوماسية

يتمتع موظفو المنظمات الدولية بجوازات سفر تقبلها الدول الأعضاء وتعتفرف بها كوثائق مشروعة للمرور مادام مرفقاً بها شهادة من المنظمة بأن الموظف مرتجل لأعمال رسمية , وتسمى هذه الوثائق ” بتذاكر المرور ” وهى تخول لحاملها حق التمتع بكافة التسهيلات , وقد نص الإتفاق العام للأمم المتحدة على إصدار الهيئة لجوازات مرور تقبلها الدول الأعضاء تيسر الإنتقال للموظف الدولى دون حاجة إلى جوازه الوطنى أو إلى تأشيرات الدخول والخروج .

 

ويعامل الأمين العام وبعض كبار موظفى الأمم المتحدة الذين يستخدمون هذه الجوازات فى ارتحالهم معاملة المبعوثين الدبلوماسيين , وتطبق هذه القواعد على موظفى الوكالات الدولية المتخصصة .

 

ويعفى الموظف الدولى وأسرته كذلك من إجراءات وقيود الهجرة والتسجيل المتعلقة بالأجانب .

 

وتنظم المعاهدة الخاصة بمزايا وحصانة الأمم المتحدة المبرمة فى 13 فبراير 1946م وتلك المتعلقة بمزايا وحصانات الوكالات المتخصصة والمبرمة فى 11 نوفمبر 1947م , بالإضافة إلى إتفاقيات المقر واللوائح المختلفة المتعلقة بموضوع امتيازات الفئات المختلفة من موظفى الأمم المتحدة ووكالاتها .

 

الفرع الثالث / المسئولية الدولية للمنظمات الدولية

 

  • الأساس القانونى لمزايا وحصانات المنظمات الدولية

يستند وجود الحصانات الدبلوماسية إلى العرف الدولى , ومن ثم فهى تستمد أساسها من القانون الدولى , ومع ذلك فقد قننت قواعد الحصانات فى عدة اتفاقيات دولية منها اتفاقية هافانا 1928م , والإتفاق بين الولايات المتحدة الأمريكية والفلبين سنة 1946م , والمعاهدة الفرنسية الإيرانية سنة 1929م , كذلك اعترفت نصوص بعض القوانين الداخلية بحصانات وامتيازات الممثلين الدبلوماسيين فجاءت كاشفة عن قواعد قانونية مستقرة , وفى 2 مارس 1961م , انعقد مؤتمر فيينا للعلاقات الدبلوماسية تحت رعاية الأمم المتحدة فناقش مشروع الاتفاقية الذى أعدته لجنة القانون الدولى , وانتهى المؤتمر بعقد اتفاقية فيينا للعلاقات والحصانات الدبلوماسية فى 18 إبريل 1961م , التى قننت القواعد التى تحكم العلاقات الدبلوماسية والتى سبق وأن اعترفت بها الشعوب منذ عهد سحيق.

وقد طورت نصوص الإتفاقية الوضع التقليدى للنظام القانونى للمثلين الدبلوماسيين ووضعته فى إطار جديد يتفق مع التطورات الجديدة للعلاقات الدولية .

وقد برر الفقه الدولى تمتع المبعوثين الدبلوماسيين بالحصانات والإمتيازات الدبلوماسية بعدة مبررات أهمها ما يعرف بنظرية ” مصلحة الوظيفة ” والتى ترى أن الحصانات والإمتيازات أمر ضرورى لمباشرة الوظيفة الدبلوماسية بدون عوائق , لأن الموظف الدبلوماسى لا يمكنه أن يقوم بعمله على الوجه الأكمل , إذا قررنا خضوعه بصورة كاملة لقانون الدولة المعتمدة , وتعد هذه النظرية أكثر النظريات اتفاقاً وتمشياً مع الإتجاهات الحديثة فى أسس النظم القانونية .

وقد جمعت اتفاقية فيينا بين هذه النظرية ونظرية أخرى تسمى بنظرية ” الصفة التمثيلية ” فقد نصت مقدمته على أن ” الدول الأطراف فى هذه الإتفاقية , اقتناعاً منها بأن الغاية من الإمتيازات والحصانات ليست تمييز الأفراد ولكنها ضمان للمباشرة الفعالة لوظائف البعثات الدبلوماسية بإعتبارها ممثلة للدول ” .

  • الحصانات التى تتمتع بها المنظمات الدولية

تتمتع المنظمات الدولية بمجموع من الحصانات التى يمكن إرجاعها إلى تمتعاً بالشخصية القانونية أو لأنها لازمة لمباشرة وظائفها , ويمكن تقسيم الحصانات التى تتمتع بها المنظمات الدولية إلى نوعين هما :

  • الحصانة القضائية
  • حرمة المبانى والسجلات

 

أولاً : الحصانة القضائية

تتمتع المنظمات الدولية بحق التملك والتصرف كأثر مباشر لتمتعها بالشخصية القانونية , وتحمى الحصانة القضائية المنظمة ضد أى إجراء قانونى يمس أموالها , وممتلكاتها ومقرها , وقد نص الإتفاق العام بشأن إمتيازات وحصانات الأمم المتحدة على أن الأمم المتحدة وممتلكاتها ومقرها أياً كان مكانها تتمتع بحصانة ضد أى إجراء قانونى , اللهم ما تنازل عنه الأمم المتحدة صراحة فى حالة معينة بالذات .

ويعتبر هذا النوع من الحصانات من الحقوق الجوهرية التى تتمتع بها المنظمات الدولية إذ أنه يجنبها سوء نية المحاكم الوطنية , ومثاله ما ينص عليه الكثير من اتفاقيات الحصانة الدولية من حماية ملكية المنظمات , أياً كان مكانها وذلك ضد المطالبة , أو الصادرة , أو نزع الملكية , أو أى نوع أخر من التدخل سواء عن طريق الجهاز الإدارى , أو القضائى , التشريحى لدولة ما , ومع ذلك فقد نص الإتفاق العام بين الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية على أن من الممكن اتخاذ الإجراءات المدنية مثل الحجز على الملكية الخاصة طبقاً للشروط التى يقبلها الأمين العام .

ورغم أن هذه الحماية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بحرمة المبانى إلا أنها فى الواقع متميزة عنها وتعطى بالنسبة لحقوق الملكية حماية أوسع .

 

ثانياً : حرمة المبانى والسجلات

حصانة مبانى المنظمات الدولية وسجلاتها هى مجموعة من الحقوق اللازمة لمباشرة وظائفها , ومثالها الحقوق الخاصة بحرية الإجتماع , وعدم جواز دخول مبانى الدبلوماسية , والرمز ( الشفرة ) , وعدم جواز فرض أية رقابة على الرسائل , والغرض من حماية المبانى الدولية وسجلاتها هو حفظ كرامة المنظمة وأسرارها وضمان استقلالها , وهو أمر لازم لتحقيق أغراضها .

وقد تقررت حرمة المبانى الدولية فى كثير من الاتفاقيات المتعلقة بالمنظمات الدولية كما هو الحال فى الاتفاق العام الخاص بالأمم المتحدة والاتفاقات الخاصة بالوكالات المتخصصة , وأن هذه الأتفاقيات العامة المتعلقة بالحصانات الدولية تكتفى عادة بتقرير حرمة المبانى كقاعدة عامة دون معالجة الظروف الخاصة التى يجوز فيها للسلطات المحلية لدولة المقر دخول تلك المبانى , أما الاتفاقات الخاصة بالمراكز الرئيسية للمنظمات الدولية فتحوى نصوصاً فى هذا الخصوص , ومثال ذلك الإتفاق الخاص بين منطقة المركز الرئيسى فى حالة موافقة الأمين العام , وطبقاً للشروط التى يقبلها , ولعل أهم تطبيقات هذا الإستثناء الحالات التى ترتكب فيها جرائم عامة داخل مبنى المنظمة , فمثلا ينص الاتفاق السالف الإشارة إليه على أن يطبق القانون الجنائى الأمريكى على الجرائم التى ترتكب داخل المقر الرئيسى للأمم المتحدة ما لم يكن مخالفا لتعليمات ولوائح الأمم المتحدة , فدخول رجال الأمن فى هذه الحالة بموافقة الأمين العام , أمر تبرره اعتبارات عملية حاسمة , إذ لا تتمتع المنظمات الدولية بالتسهيلات الوقائية اللازمة لحمايتها , وليس لها هيئة تحقيق أو وسائل مناسبة للقبض على المتهمين أو المشتبه فيهم أو محاكم جنائية , ولذلك فليس هناك بديل منطقى سوى تطبيق القانون الجنائى المحلى أياً كانت عيوب هذا الحل .

ومن المسائل المرتبطه بموضوع الجرائم التى ترتكب فى المبانى الدولية مسألة لجوء الأشخاص اللذين يتجنبون القبض عليهم طبقاً للقانون المحلى إلى مبانى المنظمة وعلى الرغم من خلو الإتفاقات العامة والخاصة بالمنظمات الدولية من نصوص تنكر عليها منح الملجأ , إلا أن هذا النص قد عولج فى الاتفاقيات الخاصة مثل الإتفاق الخاص بالمقر الرئيسى بين الولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة والذى نص على أنه : ” دون الإخلال بالنصوص التى تتعلق بحرية دخول منطقة المقر الرئيسى , فإن الأمم المتحدة تمنع من أن تصبح المنطقة ملجأ سواء للأشخاص اللذين يتجنبون القبض عليهم طبقاً للقانون المحلى والأتحادى للولايات المتحدة الأمريكية لإبعادهم إلى دولة أخرى أو الأشخاص اللذين يحاولون الهرب من تطبيق الإجراءات المدنية ” .

ويستفاد من هذا النص أن المنظمات الدولية ممنوعة أساساً من أن تصبح ملجأ , ومع ذلك يستثنى من هذه القاعدة الإعتراف لها بحق إجابة طلب الإيواء داخل مبانيها الدولية فى حالات الحرب أو الإضطرابات لدواعى إنسانية بحتة , ومثال ذلك عندما تتعرض حياة موظفيها أو بعض الأشخاص بسبب جنسيتهم أو ديانتهم للخطر .

هذا عن حرمة المبانى , أما حرمة السجلات فهى لا تثير مشاكل خاصة إذ أنها تهدف أساسا إلى إبقاء الصفة السرية للسجلات الرسمية , وهو أمر يتمتع بقبول عام على المستوى الدولى , وتكفل هذه الحرمة حفظ كرامة وضمان حرية مناقشاتها وعدم إنتهاك أسرارها والسماح للموظفين الدوليين بمباشرة واجباتهم اليومية فى استقلال كامل .

ويعتبر نص المادة 105/2 من ميثاق الأمم المتحدة من أهم النصوص الخاصة بإمتيازات وحصانات وإعفاءات الموظفين الدوليين , حيث نصت على أنه : ” يتمتع المندوبون من أعضاء الأمم المتحدة وموظفو هذه الهيئة بالمزايا والإعفاءات التى يتطلبها استقلالهم فى القيام بمهام وظائفهم المتصلة بالهيئة ” .

 

ثالثا: امتيازات المنظمات الدولية

تتمتع المنظمات الدولية بمجموعة من الامتيازات الضريبية والتسهيلات النقدية فضلاً عن تمتعها بتسهيلات خاصة بالمواصلات والاتصالات .. وغيرها .

  • الامتيازات الضريبية

وتشمل الامتيازات الضريبية التى تتمتع  بها المنظمات الدولية إعفائها من الخضوع للضرائب المباشرة بما فى ذلك الضرائب المفروضة على انتقال رؤوس الأموال والمبادلات النقدية , وتشمل الامتيازات الضريبية أيضاً إعفاء المنظمة من الضرائب المحلية وضرائب المبيعات فى الحالات التى يتعلق فيها الأمر بمشتريات هامة للاستعمال الرسمى للمنظمة .

  • الإعفاء من الرسوم الجمركية

كذلك تتمتع المنظمة الدولية بالإعفاء من الرسوم الجمركية والممنوعات والقيود المفروضة على الصادرات والواردات , وقد تقرر هذا الإعفاء لتأمين تزويد المنظمة بحاجاتها وتسهيل نقلها لمعداتها من بلد إلى أخر , ومن أهم تطبيقات هذا الإعفاء , إعفاء مطبوعاتها الرسمية من الرسوم الجمركية , وإمتداده إلى القيود والمنع , فمطبوعات الأمم المتحدة بما فى ذلك الاسطوانات وأفلام الدعاية لا تخضع للرقابة دخولاً وخروجاً .

  • تسهيلات المواصلات والاتصالات

أما عن تسهيلات المواصلات والاتصالات فبمقتضاها لا تخضع مراسلات المنظمة للرقابة فمن حقها مثلا التمتع بحصانة وامتيازات الحقيبة الدبلوماسية , واستخدم الرمز ” الشفرة ” فى رسائلها , ومن حقها أيضاً الاستفادة من التخفيضات التى تجريها شركات الطيران الدولية ووسائل النقل البحرى على سفر وتنقل أعضاء السلك الدبلوماسى والموظفين الدوليين .

 

حصانات الموظفين الدوليين

كى يتمكن الموظف الدولى من تأدية مهام وظيفته على الوجه الأكمل فى جو من الاطمئنان والثقة والاستقرار , تتعهد الدول الأعضاء فى المنظمة الدولية عادة فى الميثاق  المنشئ للمنظمة , بمنح الموظف الدول الأعضاء فى المنظمة الدولية عادة فى الميثاق المنشئ للمنظمة , بمنح الموظف الدولى قدراً مناسباً من الحصانات والأمتيازات اللازمة لتحقيق الاعتبارات المشار إليها , وتأتى تفصيلات هذه الحصانات والامتيازات فى اتفاقيات خاصة تعقد لهذا الغرض بين المنظمة ودولة المقر , أو بين المنظمة والدول الأعضاء فيها .

وهناك العديد من الاتفاقيات التى ابرمت بشأن حصانات الموظفين الدوليين , منها اتفاقية حصانات وامتيازات الأمم المتحدة الموقعة فى 13 فبراير 1946م , واتفاقية امتيازات وحصانات جامعة الدول العربية الموقعة فى 9 أبريل 1953 .

وقد يخلط الكثيرون بين حصانات الموظفين الدوليين والحصانات والامتيازات الدبلوماسية , ويرجع ذلك إلى وجود تشابه بين الفئتين , وإن كل منهما يهدف إلى أمر قدر من الاختلاف على الأقل من الناحية الشكلية , حيث أن حصانات وامتيازات البعثات الدبلوماسية نشأت بنشأة عرفية , قد قننت بصورة رسمية فى اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية الموقعة عام 1961م , فى حين أن الامتيازات والحصانات الخاصة بالموظفين الدوليين مقررة بمقتضى الاتفاقية المنشئة للمنظمة الدولية , إلا فى حالة عدم وجود نص فى الإتفاقية فيرجع إلى القواعد العامة التى تحكم حصانات البعثات الدبلوماسية .

والموظفون الدوليين ليسوا سواءً فى هذا التمتع بالحصانات والأمتيازات , ولكن يجرى العمل التمييز بين ثلاث فئات هم :

  • كبار الموظفين الدوليين مثل الأمناء العاملين والأمناء المساعدين وقضاء محكمة العدل الدولية , هؤلاء يتمتعون بكافة الحصانات والامتيازات المعترف بها لرجال السلك الدبلوماسى .
  • الموظفون المهنيون : وهذا الفئة يصدر قرار تعيينهم من المنظمة ولا يتمتع أفرادها إلا بالحصانات اللازمة لأدائهم وظائفهم .
  • الكتبة والعمال وصغار الموظفين : وهذه الفئة لا تمتع بأى امتيازات أو حصانات .

اقرا ايضا : السؤال الثانى الخاص بالموظف الدولى

المرجع الاساسي الوحيد . كتاب الدكتور / عبد الهادى محمد العشري .

عميد كلية الحقوق جامعة السادات الاسبق

من صفحة 40الى صفحة 63

2023 الدراسات العليا دبلومة القانون الدولى

من كتاب : المركز القانونى للموظف الدولى ، فى نطاق الاحكام العامة للمنظمات الدولية

مساعدة للزملاء الراغبين فى قراءة من الموبايل

تابعنا على صفحتنا على الفيس بوك

error: