الموظفون الدوليون

الموظفون الدوليون

كان من أبرز الآثار التي ترتبت على إنشاء المنظمات الدولية ظهور الموظفين الدوليين كأفراد يعملون في خدمة المنظمات الدولية , وبتكليف منها , وبإنشاء السكرتارية الدائمة لعصبة الأمم , وما أعقب ذلك من إزدياد عدد المنظمات الدولية التي تتبعها أمانات دائمة وتشعب نشاطها , حتى بدأت تستتر القواعد الخاصة بحقوق الموظفين الدوليين والتزاماتهم.

وذلك من خلال التقسيم التالي :

المبحث الأول : التطور التاريخي للوظيفة الدولية . 

المبحث الثاني : تعريف الموظف الدولي .

المبحث الثالث : الموظف الدولي الطبيعة القانونية لعلاقة الموظف الدولي بالمنظمة .

المبحث الرابع : حقوق الموظفين الدوليين والتزامتهم . 

المبحث الخامس : ضمانات الوظيفة الدولية .

المبحث الأول/ التطور التاريخي للوظيفة الدولية ومفهوم الموظف الدولي

المنظمة الدولية هى هيئة تسعى إلى تحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها, وقد تكون هذه الأهداف ذات اختصاص عام وشامل كمنظمة الأمم المتحدة, كما قد تكون ذات اختصاص محدود يهتم بشأن حصري من مجالات المجتمع الدولي , كمنظمة الصحة العالمية, أو منظمة التجارة العالمية وغيرها من المنظمات المختصة.

وقد أدى اعتراف المجتمع الدولي بالشخصية القانونية الدولية للمنظمات الدولية كأحد أشخاص القانون الدولي العام, ضرورة أن يكون للمنظمة جهاز وظيفي مستقل تباشر المنظمة من خلاله اختصاصاتها ووظائفها المناط بها تنفيذها, ويتكون هذا الجهاز من مجموعة من الأشخاص الطبيعيين الذين يضطلعون بممارسة هذه الاختصاصات والوظائف, وهم ما يطلق الموظظفون الدوليون الذين يمثلون الجهاز الإداري والفني للمنظمة الدولية.

وبالوقوف على مراحل تطور فكرة التنظيم الدولي, نجد أن فكرة الموظف الدولي مرت بالعديد من المراحل التاريخية, حيث ارتبطت كل من الفكرتين, حتى ظهر مفهوم الموظف

ونعرض لمراحل تطور فكرة الوظيفة الدولية تاريخيا وفقا لما يلي :

أولا : مرحلة المؤتمرات الدولية والاتحادات العالمية (1815ـ1919).

يمكن تعريف المؤتمر الدولي بأنه ” اجتماع لممثلي دولتين أو أكثر , أو شخصين أو أكثر من أشخاص القانون الدولي العام, لبحث شأن من شئونهم المشتركة, يعقد بصفة غير منتظمة, لمرة واحدة أو بصفة جورية.

وبناء على تعريفنا السابق للمؤتمرات الدولية, نجد أن فكرة وجود أمانة عامة لهذه المؤتمرات, أمرا جوهريا لتدوين وتنظيم أعمال المؤتمر, مما تطلب الأستعانة بموظفين لهم خبرة ودراية بتلك المسائل , سواء من رعايا الدولة التي يعقد المؤتمر على أراضيها أو مواطنين تابعين لدول أخرى. وتمثلت الصورة الأساسية لهؤلاء الفنيين في وظيفة الأمين العام للمؤتمر الذي كان يتولى كافة الأعمال ذات العلاقة بالمسائل التنظيمية والفنية, مثال ذلك قيام دبلوماسي انجليزي بأعمال الأمانة العامة لمؤتمر لندن عام 1840م, الذي أسفرت أعماله عن توقيع اتفاقية لندن بين الدولة العثمانية أربع دول أوربية (روسيا, النمسا, فرنسا, بريطانيا) للحد من توسعات محمد على باشا حاكم مصر على حساب أراضي الدولة العثمانية.

وإذا كانت المؤتمرات الدولية لا تمثل مرحلة الميلاد الحقيقي لفكرة الموظف الدولي في صورته الحديثة, إلا أنها بلورت فكرة الوظيفة الدولية.

وبعد فترة لمؤتمرات الدولية ظهرت مرحلة أكثر تطورا في العلاقات الدولية, تمثلت في ضرورة وجود اتحادات عالمية لتنظيم وتسهيل بعض المصالح الهامة والتي ظهرت نتيجة تقديم الروابط والمبادلات والتعريفات الجمركية, حيث يتخذ التعاون الدولي صفتي الاستمرار والثبات, مثال ذلك:

 ـ اتحاد البرق العالمي المنشأ بمقتضى اتفاقية باريس في 17 مايو 1865م.

ـ مكتب النقل الدولي المنشأ بمقتضى اتفاقية باريس عام 1890م.

ـ الاتحاد العام للبريد المنشأ بمقتضى اتفاقية برلين 1874م.

ـ الاتحاد الدولي لنشر التعريفة الجمركية, المنشأ بمقتضى اتفاقية بروكسل 1890م.

ـ اتحاد حماية الملكية الصناعية, المنشأ بمقتضى اتفاقية برلين في 9 سبتمبر 1886م.

وقد الحاجة بعد ظهور الاتحادات العالمية إلى وجود خبرة فنية لتطوير العلاقات بين الدول, وهذه الخبرة لعبت دورا في إبراز أهمية وجود موظفين مخصصين في مجالات العمل الدولي المشترك التي تهدف تلك الاتحادات العالمية إلى تحقيقها.

و أن الحاجة ظهرت إلى ضرورة إخضاع تلك المكاتب لرقابة فعالة ومستقلة وهذا ما نصت عليه لأول مرة المادة 24 من عهد عصبة الأمم, حيث نصت على أن تخضع جميع المكاتب واللجان التي تكلف بإدارة ورقابة الاتحادات الدولية التي يتم إنشاؤها مستقبلا إلى سلطة عصبة الأمم.

وهكذا تطورة فكرة الوظيفة الدولية من مرحلة التبعية لدولة المقر إلى هيئات دولية حقيقية ترتبط علاقتها الوظيفية بالأتحادات الدولية, ومن ثم تطورت الأختصاصات إلى حد أنها أصبحت تماثل اختصاصات الموظفين الدوليين بالمفهوم المعاصر. ومثال ذلك التطور الذي طرأ على وظيفة المعهد الدولي للزراعة ومقره روما والمنشأ عام 1905م. حيث اعترفت دولة المقر “إيطاليا” لموظفي المعهد بالعديد من الحصانات والأمتيازات التي جعلت موظفي المعهد بصرف النظر عن جنيسياتهم بمنأي عن الخوع لسلطة أية دولة بما فيها دولة المقر.

خصائص المرحلة الأولى (مرحلة المؤتمرات والاتحادات العالمية):

  • المؤتمرات الدولية كانت مؤقتة.
  • المؤتمر الدولية لم تكن بحاجة أفراد موظفين مستقلين بصفة دائمة.
  • كان يجري تعيين الأمين العام للمؤتمر بمعرفةالدولة المضيفة من بين موظفيها الدبلوماسيين.
  • الاتحادات العالمية ظلت خاضعة للقوانيين الإدارية لدولة المقر.
  • عدم وجود استقلالية قانونية حقيقية للأتحادات العالمية.
  • الهيئة الوظيفية للأتحادات العالمية كانت تعد جزءآ من الإدارة الوطنية لدولة المقر.
  • كانت الدولة تعتمد في تنظيم علاقاتها الدولية على البعثات الدبلوماسية المتبادلة.

 

الخلاصة :بناء على ما تقدم يمكن القول بأن فترة المؤتمرات والاتحادات العالمية التي ظهرت قبل فترة عصبة الأمم, لم ترق إلى مفهوم المنظمات الدولية بالمعنى الدقيق, إلا أن تلك المرحلة كانت من وجهة نظرنا ضرورية من أجل إنشاء المنظمات الدولية المستقلة, التي يستنبع إنشائها وجود الموظف الدولي الذي يخضع للقانون الإداري الدولي الذي يخضع للقانون الإداري الدولي , بدلا من الموظف الإداري الوطني.

ثانيا: مرحلة التنظيم الدولي (1919م ـ 1945م)

أدى تطور مفهوم القانون الدولي وتعدد أشخاصه, ودخول المنظمات الدولية ضمن نطاق الأشخاص الدوليين إلى حدوث تغيير جوهري يتعلق بالدور الذي يمكن أن تقوم به الهيكل العام لفروع تلك المنظمات, يتشكل من موظفين وفنيين يتمتعون بالخبرة والدراية والأستقرار والأستقلال, ينظم شئونهم مواثيق المنظمات الدولية.

وسوف نعرض لتلك المرحلة, في ضوء مايلي:

أولا : مرحلة عصبة الأمم.

في يوليو عام 1918م قدم أحد مستشاري الرئيس الأمريكي “ولسن” مشروعا لميثاق منظمة عالمية ذات اختصاص شامل تسمى ” عصبة الأمم ” تهدف إلى تحقيق السلام العلمي, وتسوية المنازعات بالطرق السلمية دون اللجوء إلى الحرب والمنازعات الدموية, ووضع نظام عصبة الأمم في ميثاق دولي يعرف ب”عهد عصبة الأمم” يتكون من 26 مادة وديباجة, وقد دخل هذا العهد حيز التنفيذ في بداية عام 1920م.

ينص عهد عصبة الأمم على أن تدير شئونها الهيئات التالية:

الجمعية العامة

هى أكبر هيئات العصبة عددا, وتتكون من مندوبي جميع الدول الأعضاء في العصبة, ولكن دولة عضو صوت واحد مساويا لصوت غير من باقي الدول الأعضاء, ولكن دولة عضو صوت واحد مساويا لصوت غيره من باقي الدول الأعضاء, وتجتمع الجمعية العامة اجتماعا عاديا مرة واحدة سنويا في جنيف مقر عصبة الأمم, ويجوز أن تجتمع بصفة غير عادية إذا دعت الضرورة لذلك, ويدخل في اختصاصها جميع المسائل التي تدخل ضمن دائرة نشاط العصبة, وكذلك كافة القضاية التي تهدد السلام العالمي, وتصدر الجمعية العامة قرارتها في المسائل المهمة بإجماع الأراء, إلا في المسائل الخاصة بالإجراءت كانتخاب الأعضاء غير الدائمين في المجلس والاقتراع على دخول عضو جديد في العصبة.

 ومن أهم المسائل التي تخص بها الجمعية العامة طبقا لنص المادة 4/1 من العهد اختيار أربع دول لعضوية مجلس العصبة لفترة محددة.

مجلس العصبة

ويتكون من الأعضاء الدائمين الذين ميثلون الدول الكبرى, والأعضاء غير الدائمين الذين تختارهم الجمعية من الدول الأخرى, وذلك لإتاحة الفرصة للدول الصغرى في أوربا التي عانت من ويلات الحرب, في الاشتراك كأعضاء بالعصبة.

ويعتبر المجلس الهيئة التنفيذية للعصبة, وكان عدد أعضائه عند إنشاء العصبة تسعة, منهم خمسه دائمين يمثلون دول الحلفاء الكبرى وأربعة تنتخبهم الجمعية العامة من بين الدول الأخرى بطريق التناوب, وقد عدل تشكيل المجلس بعد ذلك حتى أصبح في نهاية عهد العصبة يصم خمسة عشرة عضوا منهم سته دائمين وهم ” إنجلترا, وفرنسا, وإيطاليا,وروسيا, واليابان, وألمانيا, وتسعة غير دائمين, ويجتمع المجلس مرة واحدة على الأقل كل سنة

السكرتارية العامة

وتشمل السكرتر العام للعصبة الذي يتولى عمل سكرتير المجلس والجمعية العمومية, ويعين بقرار من المجلس بالاجتماع, وتوافق عليه الجمعية العامة بأغلبية الأراء, ويساعد السكرتير العام عددا من الأعضاء المساعدين وموظفين لإدارة شئون العصبة يعينهم السكرتير العام بموافقة المجلس, ويتولى السكرتير العام مهمة دعوة المجلس إلى الأجتماع عند قيام حالة حرب أو التهديد بحرب كما تتولى الأمانة العامة إلى جانب ذلك مهمة تسجيل ونشر المعاهدات والأتفاقيات الدولية.

 

الهيئات المستقلة الأخرى واللجان الفنية

كما كان يعمل داخل نطاق العصبة هيئات مستقلتان عنها إداريا هما محكمة العدل الدولية الدائمة, التي تعمل على تحقيق العدالة الدولية والفصل فيما يعرض عليها من منازعات, ومكتب العمل الدولي الذي يهتم ببحث مشكلات العمل والصناعة والعمال من الناحية الدولية العامة.

وبالإضافة إلى الهيئات الرئيسية توجد ثلاث هيئات فنية, هى هيئة المواصلات والمرور, وهيئة الاقتصاد والمالية, وهيئة الصحة, وذلك لدراسة مختلف المشكلات الاجتماعية .

هذا وقد اقتضى نشاط العصبة إنشاء عدة لجان فرعية تقوم بأعمال استشارية مهمتها تغذية الجمعية العامة والمجلس بالاقتراحات والمشاريع الازمة لحسن سير العمل, وتمارس هذه اللجان مهامها بصورة دائمة أو مؤقتة حسب طبيعة كل لجنة

ومن اللجان الدائمة:

  • لجنة التسليح الدولية الدائمة.
  • لجنةالتحكيم والأمن.

أما اللجان غير الدائمة فمنها على سبيل المثال:

1) لجنة الخبراء لتكوين قواعد القانون الدولي العام.

2) لجنة الطفولة.

3) لجنة التعاون الفكري.

وتتميز مرحلة عصبة الأمم بأنها كانت البداية الحقيقية لإضفاء ولإبراز الشخصية المستقلة للتنظيم الدولي, عن شخصية الدول الأعضاء المنشئة لها,والكشف عن مدلول الوظيفة الدولية الازمة لإدارة المنظمة الجديدة, التي تختلف عن طبيعة الوظيفة الوطنية في الأنظمة الداخلية للدول.

ويلاحظ على ما سبق أن الإشارة إلى لموظفين الدوليين قد وردت رسميا عند التحدث عن موظفي سكرتارية عصبة الأمم , وموظفي مكتب العمل الدولي, وكما أبانت عن ذلك المواثيق والنظم الأساسية لكل منهما, ويمكن القول أن العصبة كانت تضم بين أروقتها حوالي ثمانمائة موظف ينتمون إليلا جنسيات مختلفة.

ثانيا: الأمم المتحدة

على الرغم من أن عصبة الأمم كانت أول منظمة ذات اتحاد عالمي, إلا أنها فشلت تماما في تحقيق عالميتها, ومن ثم ترتب على فشلها قيام الحرب العالمية الثانية.

وتعود وقائع الحرب العلمية الثانية إلى عام 1939م عندما قامت ألمانيا النازية بالاعتداء على بولندا في سبتمبر 1939م بعد شهر واحد شهر واحد من توقيع معاهدت عدم التعدي مع روسيا, ولما كانت كل من فرنسا وبريطانيا قد تعهدتا بضمان استقلال بولندا فقد أعلنتا الحرب فورا على ألمانيا في سبتمبر 1939م.

وردا على غزو ألمانيا لبولندا قامت روسيا بغزو شرق بولندا واحتلته في نفس الشهر الذي احتلت فيه ألمانيا باقي الأراضي البولندية,ولمتقتصر روسيا على ذلك بل واصلت اعتداءها على دول البلطيق حتى تمكنت من الاستيلاء عليها في يوليو 1940م, وردا على الهجوم الروسي قامت ألمانيا بغزو الدنمارك في إبريل 1940م, ثم تقدمت لتستولى على النرويج والأراضي المنخفضة التي عرفت بهولندا وفرنسا فيما بعد, في الفترة من إبريل ويونيو 1940م, وهزمت بريطانيا في موقعة دنكرك الشهيرة عام 1940م أيضا.

وبقيام الأمم المتحدة تبدأ مرحلة هامة في حياة الجماعة الدولية تتميز باتساع نطاق المنظمات الدولية المتخصصة .

حيث عقب قيامها اتسعت أوجه نشاطها, وشملت ميادين ومجالات متعدده, فلم تكن مهمتها الأساسية قاصرة على العلاقات السياسية, وعلى المحافظة على السلم والأمن الدوليين وحل المنازعات الدولية بالطرق السلمية , بل تجاوزت ذلك إلى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية, وذلك في ظل الاحتفاظ والتمسك بمبدأ المساوة في السيادة بين الدول الأعضاء,

حيث تعتبر الأمانة العامة هى الهيئة الإدارية التي تشرف على تسيير أعمال هيئة الأمم المتحدة وهى مظهر لاستمرار أعمال المنظمة, وقد اعتبرها واضعو الميثاق جهاز من الأجهزة الرئيسية لهيئة الأمم المتحدة إبراز لأهمية الدور الذي تقوم به حقا في العلاقات الدولية, والأمانة لا تتكون من ممثلي الدول الأعضاء بل من موظفين دوليين, ومن هنا يقتضي علينا توضيح الهيكل لاذي تتكون منه الأمانة العامة, وإختصاصات الأمين العام الإدارية باعتبارها كبير الموظفين الدوليين على المستوى العالمي.

 

المبحث الثاني / تعريف الموظف الدولي

 

 

  • ماهية الموظف الدولي وفقا لرأي محكمة العدل الدولية

 

.. تستعين المنظمات الدولية في أداها لأعمالها, ومباشرتها لوظائفها واختصاصاتها بعدد كبير من العاملين بعضهم فني وأخر إداري, ويختلف وضع موظفي المنظمات الدولية بحسب طبيعة العلاقة التي تربطهم بهذه المنظمات الدولية من تربطهم بها علاقة تعاقدية, فيعمل بعضهم بصفة دائمة, والبعض الأخر بصفة مؤقتة, أو لإنجاز مهام محددة, بينما ترتبط فئة أخرى من هؤلاء الموظفين بمنظماتهم بمقتضى علاقة تنظيمية.

.. وقد عرفت محكمة العدل الدولية مستخدمي المنظمات الدولية, أو موظفيها في رأيها الاستشاري الصادر في 11 إبريل 1949م بشأن حق الأمم المتحدة في المطالبة بلأضرار التي ستلحق بهم أثناء تأدية واجبتهم بأنهم:” كل موظف بأجر أو بدون أجر, يعمل بصفة دائمة أم لا, أحد فروع المنظمة لممارسة لمساعدة في أداء إحدى وظائف المنظمة.

..وعلى ذلك فكل شخص يؤدي مهمة بأسم المنظمة ولحسابه ووفق تعليمات أجهزتها المختصة يعد مستخدما, أو موظفا دوليا في المنظمة الدولية .

.. ويلاحظ على الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية أن الموظف الدولي هو :” كل شخص طبيعي يعمل في خدمة المنظمة الدولية سواء بأجر أو متطوعا, وبصفة دائمة, أو مؤقتة, من أجل تحقيق الأهداف المناط بالمنظمة تحقيقها”.

 

 

 

 

  • العناصر الواجب توافرها في الموظف الدولي

ومن هذا التعريف يتضح لنا ضرورة العناصر الأتية في الموظف الدولي:

 

1)أن يستهدف نشاطه خدمة مصالح المنظمة, أو بعبارة أخرى أن يعمل لصالح كافة الدول الأعضاء بها, سواء كانت هذه المنظمة عالمية أو إقليمية, وبذلك لا ينصرف وصف الموظف الدولي إلى ممثلي الدول الأعضاء لدى المنظمة وفروعها المختلفة, فهؤلاء تعينهم الدول المعنية, ويعملون لخدمة مصالحها وحدها, وبالتالي يتبعونها تبعية مباشرة, أم الموظف الدولي فلا يسأل إلا أمام المنظمة التي يتبعها, ولو تم تعينه بناء على ترشيح من حكومات الدول الأعضاء, وتبعا لذلك فإن المنظمة تلتزم بأثار التصرفات التي تصدر من موظفيها الدوليين وتتحمل المسئولية عنهم.

 

2)أن يعمل في خدمة منظمة دولية, ويتم تعينه طبقا لقواعد ميثاقها ولوائحها الداخلية, فلا يعد موظفا دوليا من يؤدي عمله خدمة لدولة معينة أو لمؤسسة دولية لا ينطبق عليها وصف المنظمة الدولية.

 

3)أن يكون الموظف تابعا للمنظمة, بمعنى أن يؤدي عمله تحت إشراف أجهزة المنظمة الدولية ووفق أحكام ميثاقها ولوائحها, وبتعليمات وأوامر المختصين فيها وحدهم, فلا يلتقي أيت أوامر أو تعليمات من الدولة التي ينتمي إليها.

 

4)أن يتفرغ المستخدم في أداء عمله بالمنظمة كلية للعمل من أجل تحقيق أهدافها ومصلحتها, وأن يكون ذلك على سبيل الاستمرار, وليس بصفة مؤقتة, أو محددة بمهمة معينة.

 

5)أن يكون النظام القانوني للموظف الدولي محددا بطريقة دولية, وهذا ما يميز الموظف الدولي عن فئات أخرى من الأفراد الذين يعملون في خدمة منظمة دولية بصفة طارئة ويتبعون دولهم.

 

  • الفرق بين الموظف الدولي وممثل الدولة العضو في المنظمة

ويستفاد من مجموع هذه العناصر أن هناك فروقا واضحة بين الموظف الدولي وبين ممثلي الدول الأعضاء لدى المنظمة وفروعها المختلفة, من هذه الفروق ما يلي:

1)فمن حيث التبعية :

نجد أن الموظف لدولي تعينه منظمة دولية سواء كان ذلك بأختيار مباشر منها أو بناء على ترشيح حكومات الدول الاعضاء.

2)ومن حيث المسئولية  :

يستتبع ذلك أن هناك علاقة تبعية مباشرة بين الموظف الدولي والمنظمة التي يعمل بها فلا يسأل إلا أمامها, كما أن آثار تصرفاته تتصرف إليها فتلتزم بها وتتحمل المسئولية عنها, أما ممثلو الدول الأعضاء فهم موظفون تعبنهم الدول التي ينتمو إليها ومن ثم يتبعونها ويسألون أمامها كما آثار تصرفاتهم في المنظمة إنما تنصرف إلى تلك الدول.

3)أما من حيث الحصانات والأمتيازات :

فلعل أهم ما يميز الموظف الدولي عن ممثل الدولة أن الأول ممكن أن يحتج بحصاناته وامتيازاته ـ على نحو مطلق ـ قبل جميع الدول بما في ذلك الدولة التي ينتمي إليها بجنسيته , بينما لا يتمتع مندوبو الدول بالحصانات والامتيازات في مواجهة دولهم, وإنما يتمتعون بها في مواجهة غيرها من الدول, ذلك أن حصانتهم وامتيازتهم قد تقررت لصالح الدولة التي يمثلونها وليس لأشخاصهم.

 

  • شروط تعيين الموظف الدولي

.. تستعين المنظمة الدولية لأداء وظائفها وتحقيق أهدافها بمجموعة من الموظفين يعملون في خدمتها وبتكليف منها ويخضع هؤلاء الموظفين في تعينهم لمجموعة من القواعد التي ينص عليها ميثاق المنظمة ولوائحها الداخلية تشبه إلى حد كبير تلك التي تطبق على تعيين الموظفين في الأنظمة القانونية الداخلية للدول الأعضاء.

.. وتتمتع المنظمة الدولية بقدر كبير من الأستقلال والحرية في اختيار موظفيها, ويتم هذا الأختيار عن طريق المنظمة مباشرة أو عن طريق ترشيح من لدول الأعضاء, وفي كلتا الحالتين تتطلب المنظمات الدولية فيمن تقوم بتعينهمأن يكون من ذوي الكفاءات العالية بصرف النظر عن الجنس, أو الأصل, أو الدين, أو المعتقدات السياسية, أو الجنسية, ويتم تقدير مدى كفاءة الموظف المرشح للوظيفة الدولية بناء على مؤهله أو عن طريق إجراء مسابقة.

.. وعلى الرغم من أن الأصل أن تتمتع المنظمة الدولية بحرية تامة واستقلال في اختيار موظفيها, إلا أنه لوحظ أن بعض الدول ـ خاصة الكبرى ـ تمارس ضغوطها على المنظمة في اختيار موظفيها وذلك عن طريق التدخل في عملية تعيين الموظفين الدوليين, كأن تفرض تعيين بعض رعاياها في وظائف معينة بالمنظمة أو تمنع تعيين أشخاص معينين بسبب معتقداتهم السياسية.

.. والأصل أن يعين الموظف الدولي بمعرفة أو باسم الأمين العام للمنظمة باعتباره رئيس الجهاز الإداري فيها, أما الأمين نفسه وقلة من كبار موظفي المنظمة فيتم تعيينهم بمعرفة الجهاز العام للمنظمة.

.. وعلى أية حال فإن الموظفين الدوليين ينقسمون عادة إلى فئتين, فئة عالية وهى فئة الفنيين, وفئة عامة أو فئة الإداريين ولكل من الفئتين شروط تعيينها الخاصة بها وفقا للشروط التي تنطوي عليها المواثيق الدولية المنشئة للمنظمات الدولية.

..وجرى العرف على أن يعين غالبية موظفي المنظمة الدولية على وظائف دائمة, ولكن هذا لا يمنع من أن هناك عددا كبيرا منهم على وظائف مؤقتة, إما لأسباب ترجع لطبيعة المهمة أو لاعتبارات أخرى تيسر استخدام الموظف أو تجعل التخلص من أكثر يسرا, أو غير ذلك من الاعتبارات.

 

 

 

المبحث الثالث / الطببيعة القانونية لعلاقة الموظف الدولي بالمنظمة

 

ينظم ميثاق المنظمة الدولية بالإضافة إلى لوائحها الداخلية شروط التعيين في وظائفها بالإضافة إلى حقوقهم وواجباتهم وامتيازاتهم, ويكمل الميثاق ماقد يجئ في عقود العمل من أحكام خاصة, ولذلك قد يختلف المركز القانوني للموظف الدولي من منظمة إلى أخرى, إلا أن تطور عقود العمل في المنظمات الدولية أدى إلى إيراد بعض الأحكام الأساسية التي جرى العمل بها في مختلف المنظمات الدولية, فنشأت نظرية عامة للوظيفة الدولية أو مجموعة من القواعد القانونية تشكل نظاما قانونيا للموظفين الدوليين تحدد طبيعة علاقتهم بالمنظمة الدولية منذ بدء التحاقهم للعمل بها إلى نهاية صلتهم بها.

وقد أطلق الفقه الدولي على هذه القواعد اصطلاح قانون الوظيفة العامة الدولية أو القانون الإداري الدولي, والذي يعد الأن فرعا من فروع القانون الدولي العام.

وقد اختلف الفقه في تكييفه لطبيعة العلاقة بين الموظف الدولي والمنظمة الدولية.

 

الاتجاه الأول: علاقة تعاقدية

ذهب أنصار هذا الاتجاه الفقهي إلى أنه يمكن تكييفها بأنها علاقة تعاقدية اساسها عقد العمل بين الموظفة والمنظمة باعتبارها أطرافا متساوية لهذه العلاقة, ويطبق في شأنها مبدأ “العقد شريعة المتعاقدين”.

 

الاتجاه الثاني: علاقة تنظيمية

أما البعض الأخر فقد ذهب إلى تكييفها بأنها علاقة “تنظيمية” أو علاقة “إذعان” يخضع فيها الموظف الدولي لمجموعة من القواعد التنظيمية تفرضها المنظمة على الموظف باعتبارها رب العمل, وأن هذا الإذعان قاصرا على القواعد المطبقة وقت دخول الوظيفة بل يسري كذلك بالنسبة لما يجري على قواعد لائحة الموظفين, والتي تضعها المنظمة من تعديلات.

 

الإتجاه الثالث : النظرية المختلطه

ويذهب أنصار هذا الإتجاه أن العلاقة التى تربط الموظف الدولى بالمنظمة الدولية هى علاقة تنظيمية تعاقدية , وهو الرأى الذى يأخذ به غالبية الفقهاء , ويتمثل الشق التعاقدى من هذه العلاقة فى ذلك الجزء من النصوص الواردة فى العقد الذى يرتبط به الموظف الدولى بالمنظمة والذى لا يجوز للإدارة أن تنفرد بتعديله , أما الشق التنظيمى فيتمثل فى مجموعة القواعد التى تحكم الوظيفة الدولية , والتى ترد فى الأنظمة القانونية الداخلية فى المنظمة ممثلة فى لائحة موظفيها .

 

وتمثل هذه القواعد القانونية نظام عمل قانونى مرن قابل للتغيير طبقاً لإحتياجات المنظمة , فيجوز تعديلها طبقاً لما تقضى به ظروف العمل , وتسرى هذه التعديلات قبل الموظف الدولى دون حاجه لأخذ رأيه مادام التعديل لا يمس حقوقه المكتسبه فى العقد .

 

المبحث الرابع / حقوق الموظفين الدوليين والتزاماتهم

 

أولا : حقوق الموظفين الدوليين .

يكتسب الموظف الدولى مجموعة من الحقوق مصدرها ميثاق المنظمة , ولوائحها الداخلية , وعقود العمل أياً كانت الوظيفة التى يمارسها , ولعل أول هذه الحقوق حق الموظف الدولى فى تقاضى المقابل المادى المجزى الذى يكفل له المستوى اللائق لمتطلبات الوظيفة الدولية , ويتمتع الموظف الدولى بهذه الحقوق المالية مقابل الخدمات التى يؤديها للمنظمة , وتشمل هذه الحقوق المرتبات والمكافأت السنوية , والتأمينات الإجتماعية , والمعاشات , والأجازات السنوية بأجر .

ولا تخضع هذه المبالغ للضرائب التى تفرضها دولة المقر للمنظمة الدولية , أو الدولة التى ينتمى إليها الموظف , كما أن للموظف الدولى الحق فى الترقية والعلاوة الدورية .

 

ونتعرض لحقوق الموظف الدولى بقدر من الإيجاز فيما يلى :

 

  • الحق فى التعويض المادى عن الأضرار الناجمة عن تأديه العمل

يتمتع الموظف الدولى بنوع من الحماية الوظيفة – تنص عليها بعض لوائح المنظمات الدولية صراحة – تشبه تلك التى يتمتع بها الموظف العام فى النظم القانونية الداخلية بالنسبة لكل ما يصيبه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها , فتتولى المنظمة الدولية حماية موظفيها ضد كل ما يمكن أن يقع عليه من ضرر أو أعتداء بسبب تأديته لأعمال وظيفته بما فى ذلك مباشرة جميع وسائل المطالبة بالتعويض نيابة عنه وعن المستحقين له , وتعتبر هذه الحماية الوظيفة حقاً ضرورياً لضمان استقلال الموظف فى عمله وحماية لإستقلال المنظمة الدولية نفسها , وهو ما أكدته محكمة العدل الدولية فى رأيها الاستشارى الصادر فى 11 إبريل 1949م .

 

  • الحق فى ممارسة العمل فى استقلال تام

ومن الحقوق الهامة التى يتمتع بها الموظف الدولى حقه فى ممارسته لعمله فى استقلال تام بعيداً عن محاولة التأثير أو الضغط عليه بأية صورة من الصور , ويؤيد ذلك ما نص عليه ميثاق الأمم المتحدة فى الفقرة الثانية من المادة (100) من أن “يتعهد كل عضو فيها بأحترام الصفة الدولية البحتة لمسئوليات الأمين العام , والموظفين , ولا يسعى إلى التأثير فيهم عند اضطلاعهم بمسئولياتهم .

 

  • التمتع بحرية الرأى

ولما كان القانون الذى يحكم الوظيفة الدولية يستمد بعض قواعده من المبادئ العامة المعمول بها فى القوانين الإدارية للدول الأعضاء , وما يطبقه القضاء الإدارى من أحكام , لذلك نجد أن موظفى بعض المنظمات الدولية يمارسون حقهم فى الإضراب خاصة إذا انتمت غالبيتهم إلى دول يقر قانونها للموظفين بهذا الحق على أساس أن قانون معظم الدول الأعضاء يسمح بذلك .

 

وتضمن المادة (17) من لائحة موظفى الأمم المتحدة لموظفيها حرية الرأى والفكر السياسى , وذلك فى حدود لا يمس استقلاله وحيدته , أو يجعلها محل شك , وتعتبر هذه الحقوق حقوقاً لازمة لعدم المساس بالصفة الدولية للموظف الدولى , فضلاً عن كونها مقابلاً لأدائه لخدمته وضماناً لحسن هذا الأداء .

 

 

  • الحق فى الحماية الإدارية

أما فى حالة مخالفة الإدارة لشروط الخدمة الوظيفية أو اتخاذها إجراء يترتب عليه المساس بالحقوق المعترف بها للموظف الدولى فإن قانون الوظيفة الدولية يسبغ عليه حماية إدارية قضائية , وتتمثل الحماية الإدارية فى حق التظلم الإدارى أمام الأمين العام , أو اللجان المختصة بذلك , وتضم هذه اللجان عادة ممثلين عن الموظفين بجانب ممثلى الإدارة .

وقد توجد مجالس يمكن للموظف أن يستأنف أمامها قرارات هذه اللجان , مثل المجلس الإستئنافى لموظفى منظمة اليونسكو .

 

  • الحقوق الإجتماعيه

ومن الحقوق التى تقررها القواعد العامة للموظفين الدوليين حقهم فى تكوين الجمعيات والنقابات دفاعاً عن مصالحهم , وإن كانت بعض المنظمات الدولية تحرم ذلك على موظفيها , كما هو الحال بالنسبة لإتحاد المواصلات السلكية واللاسلكية الذى يمنع كبار موظفيه من الإنضمام إلى التنظيمات النقابية .

وتوجد بالفعل عدة نقابات لموظفى المنظمات الدولية المختلفة , فضلاً عن اتحاد دولى لعدد منها , ويضم هذا الإتحاد موظفى الأمم المتحدة ومنظمات العمل الدولية , والإتحاد الدولى للمواصلات السلكية واللاسلكية , واليونسكو , والصحة العامة, والأغذية والزراعة, وبعض المنظمات المتخصصة الأخرى, ويضم هذا الإتحاد أكثر من عشرة ألاف موظف دولى .

 

  • الحقوق القضائية

أما الحماية القضائية فتتمثل فى حق الموظف الدولى  فى اللجوء إلى المحاكم الإدارية الدولية لإجبار الإدارة على الالتزام بأحكام ولوائح العمل وتعويضه عن الأضرار التى تلحق به نتيجة مخالفتها , وتختص هذه المحاكم بدعاوى إلغاء القرارات الإدارية الدولية , ودعاوى التعويض عنها , هذا وتوجد محكمة إدارية لموظفى الأمم المتحدة , ومحاكم إدارية أخرى للكثير من المنظمات الدولية المتخصصة , أما على المستوى الإقليمى فقد تختص محكمة العدل الأوروبية بصفة غير أساسية بدعاوى موظفى الجماعات الأوربية الثلاث .

وتملك المحاكم الإدارية الدولية إلغاء القرار المطعون فيه , أو الحكم على المنظمة بتنفيذ الإدارة لإلتزاماتها أو دفع التعويض , وقد استحدث النظام الأساسى للمحكمة الإدارية للأمم المتحدة نصاً يجيز لأمين عام الأمم المتحدة , أو أى دولة عضو , أو الموظف صاحب الشأن طلب رأى استشارى من محكمة العدل الدولية , وذلك بعد موافقة لجنة إعادة النظر فى أحكام هذه المحكمة على إحالة الموضوع إلى محكمة العدل الدولية , وتعد موافقة اللجنة المذكورة إقراراً بإستئناف الحكم أمامها .

  • الحقوق الإقتصادية
  • المرتبات
  • بدلات السفر
  • نفقات الإستقرار (نقل الأمتعة عند التعيين)
  • نفقات الإنتقالات
  • العلاج الطبيعى
  • صناديق الإدخار
  • مكافأة نهاية الخدمة
  • التعويض عن إصابات العمل
  • دفع نفقات الجنازة

هذا بالإضافة إلى :

  • الإجازات الإعتيادية
  • الأجازات المرخصة
  • الأجازات العارضة

ثانيا : التزامات الموظفين الدوليين :

.. يلتزم الموظف الدولى فى مقابل الحقوق والإمتيازات والحصانات التى يتمتع بها بمجموعة من الواجبات تجاه وظيفته الدولية , أياً كان نوع وظيفته أو درجتها , وتحدد مواثيق المنظمات الدولية واللوائح الداخلية , وعقود العمل , واتفاقيات المقر هذه الواجبات التى يمكن تقسيمها إلى نوعين وفقاً لما يلى :

  • التزامات وظيفية

وهى التى تتعلق بواجبات الوظيفة التى يقومون بها , ويمكن تقسيمها إلى نوعين وفقأ لما يلى :

  • التفرغ للوظيفة

إذ يجب أن يكرس الموظف الدولى كل وقته لأداء مهام وظيفته , لا يباشر نشاطاً خارجياً , ولو كان ذلك بدون أجر إلا بإذن من المنظمة , وتنص النظم الخاصة بموظفى الجماعات الأوربية .

  • النزاهة والأستقلال

.. يلتزم الموظف الدولى بالعمل من أجل صالح المنظمة الدولية فى نزاهة وحيدة واستقلال , وفقاً لتعليمات رؤسائه فى المنظمة الدولية , إذ يجب عليه أن يحرص على أن تسود مصلحة المنظمة على مصالحه الخاصة , ومصالح الدولة التى ينتمى إليها بجنسيته.

.. ومقتضى هذا الواجب أنه يمتنع عليه أن يتلقى تعليمات أو توجيهات من دولته أو أية دولة أخرى كدولة المقر , فهو يعمل فى استقلال عن دولته الأصل رغم أنه يحتفظ بجنسيتها ويظل منتمياً لها , ولا يعنى ذلك أن الموظفى الدولى يضحى بشاعره الوطنية أو بعقائده السياسية , وإنما المقصود هو ضمان إستقلال الموظف الدولى حيال حكومته .

.. ويثير موضوع استقلال الموظف الدولى مشكلة التوفيق بين ولائه لدولته من جهة , وولائه للمنظمة الدولية أو شعوره بالإنتماء إلى المجتمع الدولى من جهة أخرى , والواقع أنه من غير الطبيعى أن يطالب الموظف الدولى بالتجرد من ولائه لوطنه أو مشاعره الوطنية تجاه الدولة التى ينتمى إليها بجنسيته , وإنما يجب عليه التوفيق بين هذه المشاعر , ومصالح المنظمة التى يعمل بها , بحيث إذا تعارض الولاء يجب عليه أن يكون وفياً للمنظمة الدولية حتى لو تطلب منه ذلك تحمل عبء نفسى أليم .

ج) عدم إفشاء أسار المنظمة

.. يمتنع على الموظف الدولى إفشاء أسرار المنظمة أو إذاعتها , بل وعليه أن يكتم كل ما يمكن أن يضر بالمنظمة حتى ولو لم تكن أصلا صفة السرية .

.. كما يجب عليه الإمتناع عن القيام بأية تصرفات يكون من شأنها المساس بكرامة الوظيفة الدولية , وقد دعت أهمية هذا الالتزام إلى النص عليه فى نظم المنظمات جميعها .

د) تحمل بعض الالتزامات القضائية

.. تنص بعض نظم المنظمات الدولية على تحمل موظفيها المسئولية المدنية , والمالية والدستورية هما يسببه من إتلاف بسبب الإهمال أو عدم مراعاته عمداً للوائح , أو قيامه بتصرف إدارى مخالف للنصوص الدستورية أو التنظيمية للمنظمة , مالم يكن قد قام بهذا التصرف بناء على أمر كتابى من رؤسائه بعد تنبيهه لهم بهذه المخالفات .

  • الالتزامات الوطنية

.. يلتزم الموظف الدولى بالولاء للدولة التى ينتمى إليها , فلا تنقطع صلته بدولته , أو توقف بتعيينه , لأن المنظمة الدولية ليست دولة فوق الدول التى ينتمون إليها , فالموظف الدولى يرتبط بدولته من الناحية العاطفية , والقانونية , ذلك لأن تعيينه فى المنظمة أمر لا يلغى صفته كمواطن .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المبحث الخامس / ضمانات الوظيفة الدولية

.. يتضمن النظام القانونى للمنظمات الدولية , العديد من الضمانات الإدارية والقضائية , للدفاع عن مصالح الموظف الدولى , وضمان حقوقه فى مقابل التزاماته , وهذه الضمانات الإدارية نوعان , الضمانات الإدارية المعنية بمراقبة القرار الإدارى , والضمانات القضائية .

.. وسوف أعرض لضمانات الموظف الدولى الإدارية وفقا لما يلى :

أولا : الضمانات الإدارية المعنية بمراقبة القرار الإدارى

يتطلب قيام الموظف الدولى بمهام وظيفته , صدور العديد من القرارات الإدارية ذات العلاقة بأداء الموظف لمهام الوظيفة المكلف بها , وقدر يرى الموظف أن القرار الإدارى لا يحقق صالح العميل ومنبى على أساس غير صحيح .

ويمكن تقسيم نظم الضمان الوظيفى إلى ضمانات تحقق الحماية للموظف من قرارات المنظمة أو من الدول التى يعملون بها .

 

  • الضمانات الإدارية السابقة على صدور القرار الإدارى .

.. وضعت هذه الضمانات لحماية الموظف الدولى من المنظمة أو من الدول التى يعملون بها , فمضمونها هو عرض القرارات الإدارية التى يصدرها الرئيس الأعلى أو رئيس الإدارة المختصة قبل صدورها على أجهزة أو لجان استشارية معينة , وتشكل هذه ضمانات قوية ضد الإدارة نفسها .

.. وذلك لأن تشكيلها يكون من خلال العاملين فى ممثلين من الجهاز الدولى وأخرين من الموظفين الدوليين , وقد درجت غالبية الأجهزة والإدارات الدولية على إنشاء تلك اللجان المذكورة.

.. وأخذت الأمم المتحدة بهذا الاسلوب وأنشأت لجنة استشارية مشتركة وفقاً للمادة الثامنة فى الفقرة الثانية من النظام القانونى لموظفى الأمانة العامة.

.. وهذا ما نجده أيضاً فى النظام الأساسى لموظفى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية فى المادة 50 منه بقولها : “تنشأ فى الأمانة العامة بقرار من الأمين العام لجنة تسمى ” لجنة شئون الموظفين ” تكون مهمتها إبداء الرأى والمشورة فى المسائل المتعلقة بشئون الموظفين وحسن سير الإدارة بالأمانة العامة ”

.. وهذا ما يؤكد أن أغلبية المنظمات الدولية وضعت نظاماً لإنشاء هذه اللجان , والتى يكون دورها هو إقتراح ما يناسب الموظف وما يساعد على تحسين أدائه فى الإدارة .

 

  • الضمانات الإدارية اللاحقة على صدور القرار الإدارى

.. بإستقرار كافة اللوائح الداخلية للمنظمات الدولية , نجد أنه ومن حق الموظف الدولى حسب الأحكام التى تتضمنها كافة اللوائح ونظم الموظفين المتعلقة بغالبية الإدارات والأجهزة الدولية المختلفة الطعن فى القرار الصادر فى حقه من رئيس الإدارة الدولية.

.. فى حالة إحساسه بأن القرار يلحق به ضرراً , ولهذا فقد سمحت أغلب المنظمات الدولية للموظفين المتضررين بالطعن فى القرارات الإدارية التى يمكن أن تلحق الضرر به , وفقأ للإجراءات التى انطوت عليها القواعد المنظمة لذلك فى المواثيق المنشئة للمنظمات الدولية .

 

ثانيا : الضمانات القضائية

.. من المبادئ القانونية المستقرة فى الفقه والعمل الدوليين , ضرورة وجود أجهزة قضائية دولية تضمن حماية الموظف الدولى من قرارات الإدارات المختلفة التعسفية التى قد تقع عليه. وأن يتسوفى حقوقه وفقاً لنظام قانونى معين.

.. وهو ما يطلق عليه المحاكم الإدارية مثال ذلك المحكمة الإدارية لعصبة الأمم والمحكمة الإدارية للامم المتحدة .

المرجع الاساسي الوحيد . كتاب الدكتور / عبد الهادى محمد العشري .

عميد كلية الحقوق جامعة السادات الاسبق

من صفحة 63 الى صفحة 80

2023 الدراسات العليا دبلومة القانون الدولى

من كتاب : المركز القانونى للموظف الدولى ، فى نطاق الاحكام العامة للمنظمات الدولية

مساعدة للزملاء الراغبين فى قراءة من الموبايل

error: