دور القضاء الجنائي الدولى فى تطبيق القانون الدولى الانسانى

دور القضاء الجنائي الدولى فى تطبيق القانون الدولى الانسانى

دور القضاء الجنائي الدولى فى تطبيق القانون الدولى الانسانى

تم إنشاء العديد من المحاكم الدولية الجنائية المؤقتة – قبل إنشاء المحكمة الجنائية الدولية فى 17 تموز 1998م – لمحاكمة مجرمى الحرب الذين ارتكبوا جرائم دولية وتشكل جميعها إنتهاكات للقانون الدولى الإنسانى لاسيما لإتفاقيات جنيف لعام 1949 , وذلك أثناء النزاعات المسلحة.

ومن أبرز الأمثلة على ذلك محاكمة مجرمى الحرب الألمان واليابانيين فى محاكمات نورمبرج وطوكيو عقب الحرب العالمية الثانية , ومحاكمة الرئيس الصربى “سلوبودان ميلوسوفيتش” أمام المحكمة الجنائية الدولية ليو غسلافيا السابقة عام 1993 , ومحاكمة مجرمى الحرب أمام المحكمة الجنائية الدولية لرواندا عام 1994 .

ولم تنته هذه المحاكم بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية الدائمة على الرغم من أنها محاكم مؤقته تنتهى بزوال القضية التى تفصل فيها , حيث مازالت المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة تحاكم القادة الصرب عن جرائم والإبادة والجرائم ضد الإنسانية التى ارتكبوها فى البوسنة والهرسك وكوسوفو ضد المسلمين هنا من أجل التطهير العرقى مع أنه يقيمون فى بلادهم التى توارثوها عبر الأجداد وعبر القرون وليسوا مهاجرين أو نازحين إليها

ويمكن عرض دور القضاء الدولى فى تنفيذ أحكام القانون الدولى الإنسانى وفقاً لما يلى :

أولا : دور المحكمة الجنائية الدائمة

أيقنت الإنسانية أنه لا سبيل للقضاء على انتهاكات القانون الدولى الإنسانى التى تزايدت وتيرتها فى الأونة الأخيرة بسبب زيادة القوة التدميرية للأسلحة الحديثة , التى باتت لا تفرق بين الأهداف العسكرية والأهداف المدنية , سوى بإنشاء محكمة جنائية دولية دائمة تختصر بالمحاكمة عن انتهاكات القانون الدولى الإنسانى والمعاقبة على إرتكاب الجرائم الدولية التى تستوجب العقاب .

وقد تحقق هذا الحلم الذى ظل يراود فقهاء القانون الدولى منذ عقود بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية , لكى تتحقق المسئولية الدولية الجنائية , بجوار المسئولية الدولية المدنية , وبوجود جزاء جنائى بجوار التعويض فى حالة وجود إنتهاكات خطيرة للالتزامات الدولية خاصة عندما تصل إلى حد إرتكاب جرائم دولية ضد القانون الدولى , وضد الوجود الإنسانى فى حد ذاته وبقائه .

تم التوقيع على النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية فى مدينة روما بتاريخ 17 تموز 1998 والذى دخل حيز النفاذ فى أول تموز 2002 وقد وقع وصدق عليه أكثر من 90 دولة – كل دول العالم تقريباً – حيث وقعت كل من أمريكا وإسرائيل فى اليوم الأخير المحدد للتوقيع وهو يوم 31 كانون الثانى عام 2000 .

أولا: اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بالمعاقبة عن انتهاكت القانون الدولى الإنساني :

تختص المحكمة الجنائية الدولية بالمعاقبة على أربع طوائف من الجرائم الدولية , هى جرائم الحرب , والإبادة , والعدوان , والجرائم ضد الإنسانية , كما وردت فى نص المادة الخامسة من النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية , وجميع هذه الجرائم التى تدخل فى اختصاص المحكمة هى عبارة عن انتهاكات للقانون الدولى الإنسانى .

وقد حرص واضعوا النظام الأساسى للمحكمة على تناول هذه الجرائم التى تشكل خطراً بالغاً على الإنسانية وأمن البشرية تناولاً دقيقاً بتحديد الأفعال التى تشكل الركن المادى لها , وبالتالى فلا يجوز القياس عليها أو التوسع فيها وهو المبدأ الذى حرصت على النص عليه المادة 22 من النظام الأساسى للمحكمة .

ثانياً : دور المحاكم العسكرية الدولية المؤقتة فى تنفيذ القانون الدولى الإنسانى .

  • اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ليو غسلافيا السابقة :

تمكنت لجنة الخبراء التى أنشأها مجلس الأمن من القيام بخمس وثلاثين زيارة ميدانية تضمنت إستخراج الجثث من المقابر الجماعية وإجراء أكبر تحقيق دولى حول جريمة الأغتصاب الجماعى , كما تمكنت من جمع المعلومات اللازمة فى شأن مسئولية مرتكبى جرائم التطهير العراقى , والأغتصاب المنظم , وغيرها من الإنتهاكات للقانون الدولى الإنسانى .

وفى 22 فبراير لعام 1993 أصدر مجلس الأمن القرار رقم 808 تعقيباً على أول تقرير مؤقت للجنة الخبراء نص فيه على : (إنشاء محكمة جنائية دولية لمحاكمة الأشخاص المسئولين عن الإنتهاكات الجسيمة للقانون الدولى الإنسانى والتى ارتكبت فى أراضى يوغسلافيها السابقة منذ عام 1991 ).

 

  • اختصاص المحكمة الجنائية الدولية لرواندا

أصدر مجلس الأمن قراره رقم 935 فى يوليو عام 1994 بإنشاء لجنة خبراء للتحقيق فى الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولى الإنسانى والتى ارتكبت أثناء الحرب الأهلية فى رواندا , بما فى ذلك جرائم الإبادة الجماعية , وبناء على التقرير النهائى للجنة فى 9 ديسمبر 1994 أصدر مجلس الأمن قراره رقم 955 فى ديسمبر عام 1994 بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية لرواندا .

error: