هبة المريض مرض الموت في القانون المدني
تُعامل هبة المريض في مرض الموت في القانون المدني معاملة الوصية، فتخضع لأحكامها من حيث الشكل والأثر، حمايةً للورثة وضمانًا لعدم المساس بحقوقهم بسبب تصرفات قد تصدر عن ضعف أو تأثير غير مشروع. ومرض الموت هو المرض الذي يغلب فيه الهلاك ويموت فيه المريض بالفعل، ويُستخلص وجوده من ظروف كل حالة، كحدة المرض وقرب الوفاة والعجز عن القيام بشئون النفس. فإذا وهب المريض مالًا في هذا المرض، فإن الهبة لا تكون نافذة إلا في حدود ثلث التركة، وما زاد عن ذلك لا يُعتد به إلا إذا أجازه الورثة بعد وفاة الواهب. وتُفترض نية التبرع في هذه الحالة ما لم يثبت عكسها، كما أن الهبة في مرض الموت تكون موقوفة على وفاة المريض، فلا تنتج أثرها إلا إذا تحقق الوفاة به، أما إذا شُفي المريض، فإن الهبة تعتبر صحيحة ومنجزة وتنتج آثارها كأي هبة عادية. وتُعد هذه القاعدة من قواعد النظام العام، فلا يجوز الاتفاق على ما يخالفها.
تعريف مرض الموت في القانون المدني :
يرجع في تحديد مرض الموت إلي الفقه الإسلامي مفسرا بقضاء تقنين للفقه الحنفي – علي أن : المحاكم ، وقد نصت المادة ١٥٩٥ من مجلة الأحكام العدلية – وهي : « مرض الموت هو الذي يغلب فيه خوف الموت ويعجز فيه المريض عن رؤية مصالحه خارجا عن داره إن كان من الذكور وعن رؤية مصالحه داخل داره إن كان من الإناث، ويمون علي ذلك الحال قبل مرور سنة ، سواء كان صاحب فراش أو لم يكن .
وإن امتد مرضه ومضت عليه سنه وهو علي حال واحدة ، كان في حكم الصحيح ، وتكون تصرفاته كتصرفات الصحيح ما لم يشتد مرضه ويتغير حاله ، ولكن لو اشتد مرضه و تغير حاله ومات قبل مضي سنة . بعد حاله اعتبارا من وقت التغيير إلى الوفاة مرض موت » .
ويستفاد مما تقدم أنه يشترط توافر ثلاثة شروط لاعتبار المرض مرض موت . أولها : أن يقعد المرض المريض عن قضاء مصالحه . وثانيها : أن يغلب فيه الموت . وثالثها : أن ينتهي بالموت فعلا . إذ من شأن هذه العلامات مجتمعة – وهي أمور موضوعية – أن تشعر المريض بدنو أجله وأنه مشرف علي الموت .
من يلحق بالمريض مرض الموت :
يلحق بالمريض مرض الموت كل شخص يكون في حالة خطر شديد تهدد حياته ويموت بالفعل في ظل هذه الحالة، حتى لو لم يكن مصابًا بمرض بالمعنى الطبي التقليدي. ومثال ذلك من يُصاب بجراح قاتلة في حادث، أو يُحتضر بسبب إصابة مفاجئة، أو يكون في حالة إعياء شديد بسبب الشيخوخة أو الاحتضار. كما يُلحق به أيضًا من يقدم على الانتحار ويموت متأثرًا بجراحه. ويُشترط في كل هذه الحالات أن يكون الشخص قد أبرم تصرفًا تبرعيًا (كالوصية أو الهبة) وهو في هذه الحالة الخطرة، وأن تكون الوفاة قد وقعت بالفعل نتيجة لها. ويُعامل تصرفه التبرعي معاملة تصرف المريض مرض الموت، فيخضع لأحكام الوصية، ولا ينفذ منه إلا ما يقع في حدود ثلث التركة، وما زاد على ذلك يتوقف على إجازة الورثة. والغاية من هذا الإلحاق هي حماية الورثة من تصرفات قد تصدر عن شخص في لحظة ضعف أو تحت تأثير خطر الموت القريب، شأنه في ذلك شأن المريض الذي يحتضر.
الحكمة من تقييد التصرف في مرض الموت :
تقوم الحكمة من تقييد تصرفات المريض في مرض الموت على مبدأ حماية التركة وضمان العدالة بين الورثة، ومنع استغلال حالة الضعف التي يكون عليها المريض في ساعاته الأخيرة. ففي هذه المرحلة، يكون الإنسان عادةً تحت ضغط نفسي وجسدي شديد، وقد يُقدم على تصرفات تبرعية بدافع العاطفة أو التأثر أو حتى بتأثير غير مشروع من الغير. لذلك، عُدّت الهبة أو التبرعات الصادرة في هذا الظرف في حكم الوصية، لا تنفذ إلا في حدود ثلث التركة، وما زاد يُشترط لإجازته رضا الورثة. وبهذا التنظيم، يوازن القانون بين حرية الشخص في التصرف في ماله، وبين حقوق الورثة المحتملين الذين يجب ألا تُهدَر حقوقهم بسبب تصرفات غير متزنة في لحظة الضعف البشري.
حكم هبة المريض مرض الموت :
تُعد هبة المريض في مرض الموت تصرفًا موقوفًا يخضع لأحكام الوصية، وفقًا للمادة 488 من القانون المدني المصري، التي تقضي بأن الهبة الصادرة في مرض الموت تُعتبر في حكم الوصية، أي لا تنفذ إلا في حدود ثلث التركة، وما زاد عن ذلك يتوقف على إجازة الورثة بعد الوفاة. ويشترط أن يكون المرض قد انتهى بوفاة الواهب، وأن تكون الهبة بلا عوض أو بأقل من قيمتها الحقيقية. فإذا تحققت هذه الشروط، تعامل الهبة معاملة الوصية حمايةً لحقوق الورثة، باعتبار أن المريض في هذه الحالة قد لا يكون في وضع نفسي أو صحي يسمح له بإجراء تصرفات مالية متزنة. أما إذا شُفي المريض من مرضه، فإن الهبة تعتبر صحيحة ونافذة كأي هبة صادرة من صحيح.
تصرف الموهوب له في الموهوب الزائد على الثلث :
إذا تصرف الموهوب له في المال الموهوب الزائد على ثلث التركة قبل وفاة الواهب المريض مرض الموت، فإن تصرفه يكون غير نافذ في حق الورثة ما لم يُجز بعد وفاة الواهب، لأن هذا الجزء من الهبة يُعد وصية، والوصية لا تنفذ إلا في حدود الثلث إلا إذا أجاز الورثة ما زاد. أما إذا تصرف الموهوب له بعد وفاة الواهب، وقبل إجازة الورثة، فإن تصرفه يبقى موقوفًا على تلك الإجازة، ولا تنتقل الملكية إلى الغير إلا إذا وافق الورثة صراحة أو ضمنًا على تجاوز حدود الثلث. أما إذا رفض الورثة الإجازة، فإن التصرف يكون باطلًا في حدود ما يزيد على الثلث، ويلزم الموهوب له أو من انتقلت إليه العين الموهوبة برد هذا الجزء للتركة. وتأتي هذه القاعدة حماية لحقوق الورثة ومنعًا للتفريط في التركة تحت تأثير ظرف استثنائي كالمرض الذي يسبق الوفاة.
إثبات مرض الموت :
يُعد إثبات مرض الموت مسألة واقعية يقدّرها قاضي الموضوع بحسب ظروف كل حالة على حدة، ولا يوجد دليل قانوني محدد لإثباته. ويستدل عليه من قرائن متعددة، مثل شهادة الأطباء، وسجلات المستشفيات، وشهادة الشهود، ومدى قدرة المريض على ممارسة أعماله المعتادة، وكذلك توقيت الوفاة بعد التصرف محل النزاع. ويشترط أن يكون المرض قد أعجز المريض عن متابعة شؤونه، وغلب فيه خطر الموت، وانتهى فعلاً بوفاته خلال مدة وجيزة. كما قد يُستدل على المرض من تصرفات المريض ذاتها، كأن يوزع أمواله دون مقابل أو يُبادر إلى تصرفات استثنائية تدل على استعداده للموت. ويكفي في الإثبات أن تقتنع المحكمة بقيام هذه الحالة بناءً على عناصر مجتمعة، دون حاجة لوجود تقرير طبي قطعي، لأن تقدير المرض يظل خاضعًا للسلطة التقديرية للقاضي.
مكتب المحامى محمد منيب فى الهرم
- ✔️ تواصل معنا الآن للحصول على استشارة قانونية مدفوعة!
✔️ ضمان السرعة والدقة في إنجاز معاملاتك القانونية.استشارة قانونية شاملة.حرصا منا على وقت عملائنا من قبل المستشار محمد منيب شخصيا خدمة مقابلة اون لاين من خلال تطبيق meet على Gmail توفر لك دعماً قانونياً عبر الانترنت . - 📞 للاستفسار أو الحجز خدمة العملاء: 01006321774
- 📞 التواصل: احجز موعد مسبق 01006321774 – 01223232529
- 📍 عنوان المكتب: 13 شارع الخليفه من شارع الهرم بجوار السجل المدني