الوديعة الإضطرارية في القانون المدني
الوديعة الاضطرارية في القانون المدني هي تلك التي تَحدث في ظروف استثنائية يُضطر فيها الشخص إلى إيداع ماله عند آخر دون اتفاق مسبق، كما في حالة الكوارث أو الحريق أو الغرق أو السرقة، حيث يجد المودِع نفسه مجبرًا على تسليم الشيء لشخص معين من باب الضرورة لا الاختيار. وتخضع هذه الوديعة لأحكام خاصة تختلف عن الوديعة الاتفاقية، إذ يلتزم من تلقّى الشيء بحفظه وردّه، حتى ولو لم يكن هناك اتفاق صريح، باعتبار أن الالتزام ينشأ من واقعة مادية يرتب عليها القانون التزامات قانونية. ويُعامل الوديع في هذه الحالة على أنه أمين بحكم الضرورة، ويُلزم ببذل عناية الشخص المعتاد في حفظ الشيء، ويُسأل عن أي تفريط أو إهمال يقع منه، كما يُلزم برد الشيء عند زوال سبب الإيداع الاضطراري أو بطلب المودِع.
شرط الوديعة الإضطرارية :
يشترط لقيام الوديعة الاضطرارية أن تطرأ ظروف قهرية أو مفاجئة تضطر صاحب المال إلى إيداعه لدى شخص آخر دون اتفاق مُسبق، كما في حالات الحريق أو الفيضان أو السرقة أو الهلاك الوشيك، بحيث لا يكون للمودِع سبيل آخر لحماية ماله إلا إيداعه عند الغير. ويجب أن يكون الدافع إلى الإيداع هو الضرورة، لا الرغبة أو الاختيار، وأن يتم تسليم الشيء إلى الوديع في وقت الخطر الفعلي، لا بعد زواله. كما يُشترط أن يقبل الطرف الآخر الشيء، إما صراحة أو ضمنًا، كأن يتسلمه دون اعتراض. ويترتب على توافر هذه الشروط قيام التزام قانوني في ذمة الوديع بحفظ الشيء وردّه، ويُعامل كمن وُضع في يده الشيء على سبيل الأمانة رغم عدم وجود عقد، التزامًا بمقتضيات العدالة ومنعًا للإضرار بالمودِع.
هل يشترط أن يكون الخطر غير متوقع ؟
لا يُشترط في الوديعة الاضطرارية أن يكون الخطر غير متوقع تمامًا، وإنما يكفي أن يكون خطرًا جديًا وداهمًا يجعل من المستحيل أو المتعذر على المودِع حماية ماله بوسائل عادية أو باتفاق مسبق. فالعبرة ليست بعدم التوقع المطلق، بل بطبيعة الخطر ومدى استعجاله ووقوعه في لحظة لا تسمح بالإعداد أو الترتيب المسبق. فقد يكون الخطر متوقعًا من حيث المبدأ، كاحتمال نشوب حريق في مكان معين، لكن إذا تحقق فجأة وأصبح تهديدًا فعليًا للمال، فإن الإيداع في هذه الحالة يُعد اضطراريًا. وبالتالي، فإن عنصر “الضرورة” هو الأساس، لا عنصر “المفاجأة”، ويُقدّر ذلك وفقًا لظروف كل حالة وما إذا كان المودِع قد اضطر فعلاً إلى تسليم الشيء حفظًا له من خطر وشيك.
أحكام الوديعة الإضطرارية
1- إثبات الوديعة :
يخضع إثبات عقد الوديعة للقواعد العامة في الإثبات، فيُجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات إذا لم تتجاوز قيمتها النصاب القانوني المقرر للإثبات بالشهادة، أما إذا زادت عن هذا النصاب، فيجب إثباتها بالكتابة ما لم توجد حالة استثنائية تجيز خلاف ذلك، كوجود مانع أدبي أو قيام حالة ضرورة. ويجوز إثبات الوديعة بالبينة أو بالقرائن القوية إذا كانت وديعة اضطرارية، نظرًا لعدم وجود وقت لإبرام عقد مكتوب. كما يُمكن أن تُستدل على وجود الوديعة من ظروف الحال، مثل وجود الشيء في حيازة شخص لا يدّعي ملكيته، واعترافه الضمني باستلامه على سبيل الأمانة. ويخضع تقدير الأدلة في هذا الشأن لسلطة القاضي التقديرية، مع مراعاة طبيعة العلاقة بين الطرفين، وسلوك الوديع، والظروف المحيطة بالتسليم.
2- الأجر في الوديعة :
الأصل في عقد الوديعة أنه عقد تبرعي، لا يلتزم فيه المودِع بأجر للوديع، ما لم يُتفق على خلاف ذلك صراحة أو يستفاد ذلك ضمنًا من طبيعة العلاقة بين الطرفين أو من ظروف الحال. فإذا تم الاتفاق على أجر، أصبح الوديع مستحقًا له، ويلتزم المودِع بدفعه وفقًا لما تم الاتفاق عليه. أما إذا لم يوجد اتفاق، ولكن كانت الوديعة مأجورة بطبيعتها – كما هو الحال في الودائع لدى المصارف أو أصحاب المهن – استحق الوديع أجراً يُقدّره القاضي بحسب العرف أو العدل. ويُستحق الأجر بمجرد تنفيذ الوديع لالتزامه بحفظ الشيء، ولو لم تكتمل مدة الحفظ كاملة، ما لم يشترط خلاف ذلك. ويُعد الأجر من الالتزامات الأساسية التي تنشأ في ذمة المودِع حال كون الوديعة مأجورة، ويجوز للوديع أن يتمسك بحقه في الحبس على الشيء حتى يُوفيه المودِع الأجر المستحق.
3- مسئولية الوديع :
تقوم مسئولية الوديع في عقد الوديعة على أساس تقصيره في حفظ الشيء المودَع أو مخالفته للالتزامات التي يفرضها عليه القانون أو الاتفاق. ويلتزم الوديع ببذل عناية الشخص المعتاد في المحافظة على الشيء، فإن أهمل أو فرّط أو استعمل الشيء دون إذن، أو خالف تعليمات المودِع، قامت مسئوليته المدنية، ويلتزم بالتعويض عن الأضرار الناتجة. وتكون مسئوليته أشد إذا كانت الوديعة مأجورة، حيث يُطالَب حينها بعناية الشخص الحريص. أما إذا هلك الشيء أو تلف بسبب قوة قاهرة أو حادث فجائي، ودون أن يصدر من الوديع خطأ أو تفريط، فلا يُسأل عن ذلك. وتقع عليه كذلك مسئولية رد الشيء بعينه عند انتهاء الوديعة، وفي الزمان والمكان المتفق عليهما، وإلا عُدّ متأخرًا في الوفاء ووجب التعويض إن ترتب ضرر على هذا التأخير.
4- عدم جواز الإتفاق على إعفاء الوديع من المسئولية أو على تخفيف المسئولية عنه :
لا يجوز الاتفاق على إعفاء الوديع من المسئولية أو على تخفيفها إذا ترتب على ذلك الإعفاء أو التخفيف إهدار لالتزامه الجوهري بالمحافظة على الشيء المودَع، وذلك حماية للمودِع وضمانًا لسلامة التعاملات. وقد استقر القضاء والفقه على أن مثل هذا الاتفاق يكون باطلًا إذا شمل حالات الغش أو الخطأ الجسيم من جانب الوديع، لأن هذه الصور لا يجوز التحلل من تبعاتها باتفاق مسبق. ويُعد هذا الحظر من النظام العام، فلا يجوز النزول عنه لما فيه من مخالفة لواجبات الحفظ والأمانة التي يقوم عليها عقد الوديعة. ومع ذلك، يجوز الاتفاق على تخفيف المسئولية في الحدود التي لا تمس جوهر الالتزام ولا تؤدي إلى التفريط في حقوق المودِع، كأن يُحدد التعويض بمقدار معين إذا كان ذلك في إطار حسن النية، ودون الإعفاء من الخطأ الجسيم أو العمد.
الوديعة في الفنادق والخانات وما مثلها :
تُعد الوديعة في الفنادق والخانات وما يماثلها من الأماكن المُعدة لاستقبال الجمهور نوعًا خاصًا من الوديعة، تخضع لأحكام خاصة في القانون المدني، نظراً لطبيعة العلاقة بين النزيل وصاحب الفندق أو مدير المنشأة. فمتى أقام الشخص في فندق، فإن الأشياء التي يأتي بها وتُسلَّم ضمنًا أو صراحة إلى إدارة الفندق تُعد في حكم الوديعة، ويلتزم الفندق بالمحافظة عليها وردها، ويُسأل عن ضياعها أو تلفها، ما لم يثبت السبب الأجنبي أو خطأ النزيل. وتُشدّد المسئولية في هذه الحالة، إذ تُفترض مسئولية صاحب الفندق بمجرد تحقق الضرر، ما لم يُقم الدليل على عكس ذلك، لأن النزيل غالبًا لا يتمكن من مراقبة أمتعته بنفسه. ويُحظر على صاحب الفندق التنصل من هذه المسئولية باتفاق مُسبق، ويجوز للنزيل المطالبة بالتعويض عند الإخلال بالالتزام بالحفظ، حتى لو لم يكن هناك عقد وديعة صريح.
الوديعة في الفنادق والخانات وما مثلها المادة 727 من القانون المدني
تتناول المادة 727 حالة خاصة من عقد الوديعة، وهي عندما يكون الشيء المودَع من الأموال القابلة للاستهلاك بطبيعتها، كالنقود أو المواد الغذائية أو الوقود، ويُرخَّص للوديع في استعماله. في هذه الحالة، لا يُعامل العقد كوديعة بالمعنى الدقيق، بل يُعتبر قرضًا، ولو سُمِّي وديعة.
النص القانوني للمادة 727 مدني :-
(1) يكون أصحاب الفنادق والخانات وماثلها فيما يجب عليهم من عناية يحفظ الأشياء التى يأتي بها المسافرون والنزلاء مسئولين حتى عن فعل المترددين على الفندق أو الخان .
(2) غير أنهم لا يكونون مسئولين فيما يتعلق بالنقود والأوراق المالية والأشياء الثمينة عن تعويض يجاوز خمسين جنيهاً . ما لم يكونوا قد أخذوا على عاتقهم حفظ هذه الأشياء وهم يعرفون قيمتها ، أو يكونوا قد رفضوا دون مسوغ أن يتسلموها عهدة فى ذمتهم ، أو يكونوا قد تسببوا فى وقوع الضرر بخطأ جسيم منهم أو من أحد تابعيهم .
الوديعة في الفنادق والخانات وما مثلها المادة 728 من القانون المدني
تتعلق المادة 728 بحالة خاصة من الوديعة، وهي الوديعة المهنية، أي عندما يُودَع الشيء عند شخص بسبب مزاولته لمهنة يكون من مقتضاها تسلم مثل هذا الشيء لغرض الحفظ أو الصيانة أو العمل عليه. ويقوم هذا النوع من الوديعة تلقائيًا عند تسليم الشيء للمحترف، حتى ولو لم يُبرم عقد مكتوب.
النص القانوني للمادة 728 مدني :-
(1) على المسافر أن يخطر صاحب الفندق أو الخان بسرقة الشيء أو ضياعه أو تلفه بمجرد علمه بوقوع شيء من ذلك . فإن أبطأ فى الأخطار دون مسوغ سقطت حقوقه.
(2) وتسقط بالتقادم دعوى المسافر قبل صاحب الفندق أو الخان بانقضاء ستة أشهر من اليوم الذي يغادر فيه الفندق أو الخان .
مكتب محامى مصر محمد منيب المستشار القانونى
✔️ تواصل معنا الآن للحصول على استشارة قانونية مدفوعة!
✔️ ضمان السرعة والدقة في إنجاز معاملاتك القانونية.استشارة قانونية شاملة.حرصا منا على وقت عملائنا من قبل المستشار محمد منيب شخصيا خدمة مقابلة اون لاين من خلال تطبيق meet على Gmail توفر لك دعماً قانونياً عبر الانترنت .
📞 للاستفسار أو الحجز خدمة العملاء: 01006321774
📞 التواصل: احجز موعد مسبق 01006321774 – 01223232529
📍 عنوان المكتب: 13 شارع الخليفه من شارع الهرم بجوار السجل المدني