المرتب مدى الحياة من التصرفات الإحتمالية في القانون المدني

المرتب مدى الحياة من التصرفات الإحتمالية في القانون المدني

يُعد عقد المرتب مدى الحياة من التصرفات الاحتمالية في القانون المدني، لأنه يقوم على عنصر عدم اليقين في مدته ومقدار ما سيستوفيه الدائن من دفعات. فالعقد يرتبط ارتباطًا مباشرًا بحياة شخص معين، وهي مدة لا يمكن تحديدها سلفًا، فقد تطول أو تقصر بحسب مشيئة الأقدار. وهذا الطابع الاحتمالي يجعل العقد لا يُعد باطلًا ولو تبين لاحقًا أن المردود فيه غير متكافئ، لأن عنصر المخاطرة هو جوهر التصرف الاحتمالي، ويتحمله الطرفان عن وعي عند إبرام العقد. ولهذا السبب لا يجوز الطعن في هذا النوع من التصرفات بسبب الغبن، لأنه يُفترض في المتعاقدين إدراكهما لاحتمالية الربح أو الخسارة. ويُشبه المرتب مدى الحياة في طبيعته الاحتمالية عقودًا أخرى كعقد التأمين، حيث يقوم الأثر القانوني على تحقق واقعة مستقبلية غير مؤكدة، وهو ما يمنح هذا النوع من التصرفات خصوصية في التفسير والتنفيذ.

تطبيقات لإعتبار المرتب مدى الحياة عقدا إحتماليا

(أ) مرتب قرر مدى حياة شخص وجد ميتا :

إذا تم عقد مرتب مدى الحياة على أساس بقاء شخص على قيد الحياة، ثم تبين عند إبرام العقد أو بعده بفترة وجيزة أن هذا الشخص كان قد مات وقت التعاقد أو كان قد وُجد ميتًا قبل العقد، فإن العقد يكون باطلًا، لانعدام المحل أو لانعدام الرابطة الاحتمالية التي تُميز هذا النوع من العقود. فجوهر المرتب مدى الحياة أنه يقوم على عنصر الاحتمال في مدة حياة الشخص المعقود عليه، فإذا ثبت أن هذا الشخص كان ميتًا عند التعاقد، فإن الاحتمال يكون غير قائم أصلًا، ويزول بذلك الأساس الذي بُني عليه العقد. ويُعامل في ذلك معاملة العقود الاحتمالية المنعدمة السبب، ويجوز لكل من الطرفين التمسك بالبطلان واسترداد ما أداه، وفقًا لقواعد الإثراء بلا سبب إن توفرت شروطه.

(ب) تأقيت المرتب :

تأقيت المرتب يعني تحديد مدته وجعل الالتزام بأدائه مرتبطًا بأجل معين أو واقعة مستقبلية، كأن يُقرر المرتب لمدة عشر سنوات، أو حتى وفاة شخص معين. ويُعد التأقيت عنصرًا جوهريًا في بعض عقود المرتب، وبخاصة المرتب مدى الحياة، حيث تكون حياة شخص معين هي الحد الزمني للالتزام، مما يجعل العقد من العقود الاحتمالية. وقد يكون التأقيت صريحًا بنص العقد، أو ضمنيًا يُستفاد من طبيعة الاتفاق أو من الغرض منه. ويترتب على التأقيت أن ينقضي الالتزام بانتهاء الأجل المحدد، فلا يُطالب المدين بشيء بعد ذلك، ما لم يكن هناك اتفاق جديد. كما أن التأقيت يضفي طابعًا مؤقتًا على الحق، ويُميز بين المرتب المؤبد والمرتب المؤقت، وهو ما يُؤثر في قابلية المرتب للوراثة، وفي إمكان استبداله أو الطعن فيه، وفقًا للأحكام المقررة في القانون المدني.

شكل العقد :

الأصل في عقد المرتب، سواء كان مرتبًا دائمًا أو مرتبًا مدى الحياة، أنه من العقود الرضائية، أي يكفي لانعقاده توافق الإرادتين دون اشتراط شكل معين ما لم يرد نص قانوني أو اتفاق خاص يقضي بغير ذلك. ومع ذلك، إذا كان العقد يتضمن نقل ملكية عقار أو حق عيني عقاري، كأن يُنشأ المرتب في مقابل التنازل عن ملكية عقار، فإن القانون يشترط الشكل الرسمي لصحته، أي أن يُحرر في محرر رسمي طبقًا للمادة 488 من القانون المدني المصري، لأن ذلك يُعد تصرفًا في حق عيني عقاري. كذلك، قد يشترط المتعاقدان في بعض الأحوال إفراغ العقد في شكل معين كشرط للانعقاد، وعندها يأخذ الشكل المتفق عليه حكمًا ملزمًا. ويترتب على إغفال الشكل الواجب في الحالات التي يُشترط فيها، بطلان العقد، حتى ولو ثبت الاتفاق بطرق أخرى.

نوع المرتبات :

تتنوع المرتبات في القانون المدني إلى مرتب دائم ومرتب مدى الحياة، بحسب طبيعة المدة التي يُستحق فيها المرتب.
فالمرتب الدائم هو الذي يُنشأ بلا تحديد لأجل، ويُستحق على سبيل الاستمرار إلى ما لا نهاية، ما لم يتم استبداله أو الاتفاق على إنهائه وفقًا للقانون، وغالبًا ما يُقرر في مقابل مبلغ من المال أو عين، ويُعد من التصرفات الملزمة للجانبين.
أما المرتب مدى الحياة، فهو المرتب الذي يُشترط فيه أن يستمر الأداء طوال حياة شخص معين، وقد يكون هذا الشخص هو الدائن أو الغير، ويُعد من العقود الاحتمالية، لأن مدته تتوقف على واقعة غير مؤكدة هي مدة الحياة.
ويمكن أيضًا تصنيف المرتبات من حيث السبب إلى مرتب تبرعي، كأن يُمنح المرتب دون مقابل بقصد التبرع، أو مرتب معاوضة، يكون في مقابل التزام أو عوض معين.
ويمتد التصنيف كذلك إلى المرتب المنشأ بإرادة الأطراف عن طريق العقد، أو بحكم القانون، كما في حالات النفقة القانونية أو التعويضات المستمرة.

من الذي يتقرر المرتب مدى حياته ؟

يتقرر المرتب مدى الحياة عادةً لمصلحة شخص معين، وقد يكون هذا الشخص هو الدائن نفسه الذي يُنشأ له المرتب، أو شخصًا ثالثًا يُحدد في العقد، سواء كان معروفًا وقت التعاقد أو قابلاً للتعيين لاحقًا. ويجوز أن يُربط المرتب بحياة المدين أو بحياة شخص آخر غير طرفي العقد، ما دام قد تم تحديده بوضوح. ويشترط لصحة العقد أن يكون الشخص الذي يتقرر المرتب مدى حياته حيًا عند التعاقد، لأن الحياة عنصر جوهري في العقد، ووفاة هذا الشخص قبل العقد تُفقد العقد طبيعته الاحتمالية وتؤدي إلى بطلانه. وفي جميع الأحوال، فإن المرتب ينقضي بوفاة الشخص الذي قُرر المرتب على أساس حياته، ويعتبر هذا التحديد هو الحد النهائي لأجل الالتزام، بما يميز هذا النوع من العقود عن المرتبات الدائمة أو المؤقتة الأخرى.

كيفية أداة أقساط المرتب :

يُؤدى المرتب، سواء كان دائمًا أو مدى الحياة، على شكل أقساط دورية تُستحق في مواعيد محددة، وغالبًا ما تكون شهرية أو سنوية، وفقًا لما تم الاتفاق عليه في العقد أو ما جرى عليه العرف. ويجب على المدين أن يلتزم بدفع كل قسط في موعده دون تأخير، وإلا تعرّض للجزاءات القانونية مثل المطالبة بالفوائد التأخيرية أو فسخ العقد أو حتى استبدال المرتب جبريًا في حالات معينة. ويقع عبء الوفاء بالأقساط في موطن الدائن ما لم يُتفق على خلاف ذلك، ويُشترط أن يكون الوفاء كاملاً وغير مجزأ ما دام القسط قد حلّ أجله. وإذا لم يحدد العقد طريقة الأداء، يُرجع إلى القواعد العامة، مع مراعاة طبيعة الالتزام الدوري وما يتطلبه من انتظام في الوفاء.

 المستشار محمد منيب / محامى قضايا مدنى فى الهرم الجيزة

محامٍ متخصص في القضايا المدنية ، حاصل على دبلومة في القانون الخاص، ويتميز بخبرة واسعة في تمثيل العملاء أمام المحاكم وحل النزاعات المتعلقة بالإيجارات والعقود المدنية.

📍 عنوان المكتب: 13 شارع الخليفه من شارع الهرم بجوار السجل المدني

📞 للاستفسار أو الحجز خدمة العملاء: 01006321774

 

error: