المنقولات التي ترد عليها الهبة اليدوية في القانون المدني
الهبة اليدوية هي الهبة التي تتم بمجرد التسليم الفعلي أو الحكمي للشيء الموهوب دون الحاجة إلى تحرير عقد رسمي، ويجوز إبرامها قانونًا في المنقولات دون العقارات. ويُقصد بالمنقولات في هذا السياق كل مال مادي يمكن نقله من مكان إلى آخر دون تلف، كالمال النقدي، أو الحلي، أو الأثاث، أو المركبات، أو السلع التجارية، بل وحتى الحقوق المنقولة الممثلة في أوراق كالسندات والأسهم إذا أمكن تسليمها. ويشترط لصحة الهبة اليدوية في هذه المنقولات أن يكون التسليم قد تم فعلًا وتمكينًا حقيقيًا للموهوب له من حيازة الشيء الموهوب، لأن التسليم في هذه الحالة يُغني عن الرسمية، ويُعد تعبيرًا عن إرادة التبرع واستكمالاً لركن الانعقاد في الهبة.
تطبيقات قضائية للهبة اليدوية
إعانة وزارة المعارف :
تُعد إعانة وزارة المعارف صورة من صور الهبات أو التبرعات التي تُمنح بقصد تشجيع التعليم أو دعم الطلاب أو المؤسسات التعليمية، وهي تُعطى بدون مقابل وتُعتبر تصرفًا إداريًا ذا طابع تبرعي. وتخضع هذه الإعانة في جوهرها للقواعد العامة لعقد الهبة، من حيث توافر نية التبرع، وانتقال المال من جهة إلى أخرى دون عوض. إلا أنها تتميز بأنها صادرة من جهة إدارية (هي وزارة المعارف)، وقد تكون مشروطة بتحقيق غرض معين، كاستمرار الطالب في الدراسة أو التزام المؤسسة التعليمية ببعض الشروط. وتخضع هذه الإعانات للرقابة القانونية والإدارية للتأكد من مطابقتها للغرض الذي منحت من أجله، كما يجوز للجهة المانحة الرجوع فيها إذا تبيّن أن المستفيد لم يلتزم بالشروط المقررة.
هبه الجهاز :
هبة الجهاز تُعد من صور الهبة الشائعة في المجتمع، وتتحقق عندما يُقدم شخص – وغالبًا ما يكون أحد الأبوين – منقولات معينة تُعدّ جهازًا للزواج، كالأثاث أو الأدوات المنزلية، إلى ابنته أو ابنه المقبل على الزواج، بقصد التبرع ودون عوض. وتخضع هبة الجهاز للقواعد العامة لعقد الهبة المنصوص عليها في القانون المدني، ويُعتد بها قانونًا إذا تحققت نية التبرع، وتم تسليم الجهاز فعليًا إلى الموهوب له أو إلى من يُعد في حكمه، مثل أحد الزوجين. وقد تتم هبة الجهاز بورقة رسمية أو بالقبض، فإن لم تتوافر الرسمية، يكفي القبض الفعلي إذا تعلقت الهبة بمنقول .
الإثبات في هبه المنقول بالقبض :
تُعد هبة المنقول بالقبض استثناءً على مبدأ الشكلية في الهبة، إذ تُغني واقعة القبض الفعلي أو الحكمي عن تحرير عقد رسمي. ويترتب على ذلك أن إثبات هذه الهبة يخضع للقواعد العامة في الإثبات، فيجوز للموهوب له أن يُثبتها بجميع طرق الإثبات المقررة قانونًا، بما في ذلك شهادة الشهود والقرائن، متى كانت قيمة المنقول لا تتجاوز النصاب القانوني المنصوص عليه في المادة 60 من قانون الإثبات. أما إذا زادت قيمة المنقول على هذا الحد، فلا يجوز إثبات الهبة بالبينة إلا إذا وُجد مانع أدبي أو مادي حال دون الحصول على دليل كتابي. ويشترط لصحة الإثبات أن يكون قد تم التسليم بالفعل، لأن واقعة القبض هي التي تُكسب التصرف صفته القانونية كهبة صحيحة، ويقع عبء إثباتها على من يتمسك بها، وهو عادة الموهوب له.
إستثناء نوعين من الهبة من وجوب الشكلية أو العينية في الهبة
النوع الأول : الهبة المستترة :
الهبة المستترة هي الهبة التي يُخفي فيها الطرفان قصد التبرع تحت ستار تصرف قانوني آخر ظاهر يُخالف الحقيقة، كأن يُبرم عقد بيع صوري بثمن غير حقيقي يخفي في طياته نية التبرع. ويُعد هذا النوع من الهبات استثناءً من القاعدة التي تُوجب الشكلية في عقد الهبة، إذ لا يُشترط فيها تحرير عقد رسمي ما دامت الهبة مغطاة بتصرف آخر. وتُعتبر الهبة المستترة صحيحة ما دامت قد تحققت أركانها الجوهرية: نية التبرع، وانتقال المال إلى الموهوب له دون مقابل، ولو تحت غطاء عقد آخر. ومع ذلك، فإن هذه الهبة تظل عرضة للطعن من الغير، خاصة إذا تعلقت بحقوق الدائنين أو الورثة، كما تخضع لرقابة القضاء للتحقق من وجود نية التبرع وإخفائها في التصرف الظاهر.
أمثلة للهبة المستترة :
تتعدد صور الهبة المستترة بحسب التصرف الظاهري الذي يُخفي نية التبرع، ومن أبرز الأمثلة الشائعة: أن يُبرم شخص عقد بيع لمال منقول أو عقار لصديق أو قريب بثمن صوري لا يُدفع فعليًا، فيُظهر العقد أنه بيع، بينما هو في الحقيقة هبة. كذلك، قد تُسجل سيارة أو عقار باسم شخص آخر على سبيل المجاملة أو المساعدة دون مقابل، مع إظهار التصرف وكأنه شراء. ومن الأمثلة أيضًا أن يُنقل حساب بنكي أو يُفتح باسم الغير مع منح هذا الأخير حرية التصرف فيه دون أي التزام، أو أن يُسجل عقد إيجار باسم شخص لا يدفع أجرة فعلية. في كل هذه الصور، يخفي الشكل الظاهري نية التبرع، وتُعتبر الهبة صحيحة طالما توفرت أركانها، ولو لم تُتخذ الشكلية المطلوبة للهبة الصريحة، بشرط ألا يُقصد بها التحايل على القانون أو الإضرار بالغير.
عدم الإفصاح أو الإشارة إلى الهبة بالعقد الساتر للهبة :
يشترط في الهبة المستترة حتى تكون صحيحة أن لا يُفصح عنها أو يُشار إليها صراحة في العقد الساتر لها، أي التصرف الظاهري الذي يخفي نية التبرع. فإذا تضمن العقد الظاهري – كعقد البيع مثلاً – أي إشارة أو عبارة تكشف عن أن الغرض الحقيقي من التصرف هو التبرع، فإن ذلك يُخرِج الهبة من نطاق الهبة المستترة ويدخلها في نطاق الهبة الصريحة، مما يُوجب إخضاعها للقواعد العامة، وخاصة شرط الرسمية المنصوص عليه في المادة 488 من القانون المدني. فمجرد التنصيص في العقد على أن الثمن لم يُدفع أو أن المتصرف أراد الإعانة أو التبرع، يُعد إفصاحًا صريحًا عن الهبة، فيجعل التصرف باطلاً إذا لم تتوافر فيه شكلية الهبة. لذا، فإن الهبة المستترة لا تُحمى قانونًا إلا إذا ظلت خفية تمامًا وراء التصرف الظاهري دون أن يُفصح عنها بأي شكل.
المستشار محمد منيب المحامى
- المستشار محمد منيب المحامى بخبرة 20 سنة
- ماجستير القانون الدول
- دراسات عليا القانون الخاص
✔️ تواصل معنا الآن للحصول على استشارة قانونية مدفوعة!
✔️ ضمان السرعة والدقة في إنجاز معاملاتك القانونية.استشارة قانونية شاملة.حرصا منا على وقت عملائنا من قبل المستشار محمد منيب شخصيا خدمة مقابلة اون لاين من خلال تطبيق meet على Gmail توفر لك دعماً قانونياً عبر الانترنت .
📞 للاستفسار أو الحجز خدمة العملاء: 01006321774
📞 التواصل: احجز موعد مسبق 01006321774 – 01223232529
📍 عنوان المكتب: 13 شارع الخليفه من شارع الهرم بجوار السجل المدني