عقد إلتزام المرافق العامة في القانون المدني

عقد إلتزام المرافق العامة في القانون المدني

عقد التزام المرافق العامة هو عقد إداري يُمنح بمقتضاه شخص من أشخاص القانون الخاص – يُسمى “الملتزم” – الحق في استغلال مرفق عام اقتصادي لمدة معينة، مقابل التزامه بإنشاء أو تشغيل هذا المرفق وتقديم خدماته للجمهور تحت رقابة السلطة العامة. ويتميز هذا العقد بأن محله مرفق عام يجب أن يسير بانتظام واطراد، كما أن الملتزم يتحمل نفقات التشغيل والصيانة، ويستوفي رسوم الخدمة من المنتفعين بها، على أن يلتزم باحترام القواعد والضوابط التي تفرضها الإدارة لتحقيق المصلحة العامة. وتخضع هذه العقود في الغالب لأحكام القانون العام، وتُطبق عليها مبادئ خاصة كفكرة “توازن العقد” و”نظرية الظروف الطارئة”، التي تهدف إلى الحفاظ على استمرارية المرفق العام رغم التغيرات الاقتصادية أو الطارئة.

تعريف المرفق العام في القانون المدني :

المرفق العام في القانون المدني هو كل نشاط تنظمه وتباشره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام بقصد إشباع حاجات عامة للمواطنين، ويكون ذلك بصفة منتظمة ومستمرة وتحت رقابة وإشراف السلطة العامة. ويتميز المرفق العام بارتباطه بالمصلحة العامة، وخضوعه لمبادئ أساسية مثل مبدأ الاستمرارية، ومبدأ المساواة بين المنتفعين، ومبدأ قابلية المرفق للتعديل والتطوير وفقًا للظروف. وقد يتم إدارة المرفق العام مباشرة بواسطة الدولة (الإدارة المباشرة)، أو يُعهد به إلى الغير بموجب عقد التزام، أو يُدار عن طريق شركات عامة أو مختلطة.

خصائص المرفق العام

1- يجب أن يكون المرفق العام من إنشاء الدولة :

يُشترط في المرفق العام أن يكون من إنشاء الدولة أو أحد أشخاص القانون العام، لأنه يُعبّر عن إرادة السلطة العامة في إشباع حاجة جماعية تدخل ضمن نطاق المصلحة العامة. ولا يكفي أن يكون النشاط نافعًا أو يخدم الجمهور حتى يُعد مرفقًا عامًا، بل يجب أن تتدخل الدولة صراحة أو ضمنًا في إنشائه وتنظيمه وتحديد أهدافه، باعتبارها الجهة الوحيدة التي تملك سلطة إضفاء الصفة العامة على نشاط معين. وهذا الشرط يميز المرفق العام عن النشاط الخاص، ويؤكد ارتباطه الوثيق بالسلطة العامة ومبادئها، كالخضوع للرقابة، وتحقيق العدالة والمساواة في تقديم الخدمة.

2- يجب أن يكون المرفق بقصد تحقيق خدمة عامة :

يشترط في المرفق العام أن يُنشأ بقصد تحقيق خدمة عامة، أي أنه يهدف إلى إشباع حاجة عامة للمجتمع تمس المصلحة الجماعية، وليس تحقيق الربح أو المنفعة الخاصة. فالغاية من المرفق العام هي تقديم خدمة ضرورية أو أساسية للجمهور، مثل التعليم أو الصحة أو الأمن أو النقل العام، بشكل منتظم وميسر ومتساوٍ. وهذا القصد هو ما يميز المرفق العام عن المشروع الخاص، إذ إن النشاط لا يُعتبر مرفقًا عامًا لمجرد أهميته أو انتشاره، ما لم يكن موجّهًا أصلاً لتحقيق مصلحة عامة تحت إشراف ورقابة السلطة الإدارية المختصة.

3- يجب ألا يكون المقصود أساسا من المرفق العام هو الحصول على الربح :

من المبادئ الأساسية في تعريف المرفق العام أنه لا يُنشأ بقصد تحقيق الربح، وإنما يهدف في الأساس إلى إشباع حاجة عامة للمجتمع. فالدولة أو الشخص العام لا يسعى من خلال إنشاء المرافق العامة إلى الكسب المادي، بل إلى خدمة المواطنين وتحقيق الصالح العام. وقد يحقق المرفق العام فائضًا مالياً نتيجة تنظيمه الجيد أو كفاءة إدارته، إلا أن هذا الربح لا يكون هو الغاية المقصودة من إنشائه، بل هو نتيجة عرضية. ولذلك يظل المرفق العام متميزًا عن المشروع الخاص، الذي يكون هدفه الأساسي هو الربح وتحقيق مصالح فردية، بينما يرتبط المرفق العام بالمصلحة العامة ويخضع لرقابة الدولة ومبادئ العدالة والمساواة.

4- خضوع المرافق العامة لبعض القواعد القانونية الموحدة :

تخضع المرافق العامة في تنظيمها وتشغيلها لبعض القواعد القانونية الموحدة التي تميزها عن الأنشطة الخاصة، وذلك لضمان تحقيق المصلحة العامة واستمرار تقديم الخدمة بانتظام واطراد. ومن أبرز هذه القواعد: مبدأ الاستمرارية، الذي يفرض عدم توقف المرفق عن أداء خدماته مهما كانت الظروف؛ ومبدأ المساواة بين المنتفعين، بحيث يحصل الجميع على الخدمة دون تمييز؛ ومبدأ قابلية المرفق للتعديل والتطور، الذي يسمح للإدارة بإدخال التعديلات اللازمة على تنظيم المرفق وفقًا للظروف المتغيرة. وتُطبّق هذه القواعد على جميع المرافق العامة، سواء كانت تدار بطريقة مباشرة أو عن طريق الالتزام أو الشركات العامة، لضمان خضوعها لنظام قانوني يراعي طبيعتها وهدفها الأساسي في خدمة المجتمع.

أنواع المرافق العامة

المرافق الإدارية :

المرافق الإدارية هي نوع من المرافق العامة التي تنشئها الدولة أو أحد أشخاص القانون العام بهدف تقديم خدمات ضرورية وغير ربحية للجمهور، وتُعدّ من صميم وظائف السلطة العامة. وتشمل هذه المرافق مجالات مثل الأمن والدفاع والعدل والتعليم والصحة، حيث تُقدَّم الخدمات فيها مجانًا أو برسوم رمزية، ويكون هدفها الأساسي هو تحقيق المصلحة العامة وليس تحقيق الربح. وتُدار المرافق الإدارية عادةً بواسطة الإدارة العامة بشكل مباشر، وتخضع لأحكام القانون العام، وتُطبّق عليها المبادئ الأساسية للمرافق العامة، مثل الاستمرارية والمساواة وقابلية التطوير، لضمان سيرها بانتظام واطراد وخدمة المواطنين بعدالة وكفاءة.

المرافق الإقتصادية ( الصناعية والتجارية) :

المرافق الاقتصادية، والتي تُعرف أيضًا بالمرافق الصناعية والتجارية، هي نوع من المرافق العامة تنشئها الدولة أو الأشخاص العامة بهدف ممارسة نشاط اقتصادي يشبه ما يقوم به الأفراد، مثل النقل العام، وتوزيع الكهرباء، والمياه، والبريد، وشركات الإنتاج الصناعي. وعلى الرغم من أن هذه المرافق قد تُحقق أرباحًا، فإن هدفها الأساسي لا يكون الربح، بل إشباع حاجة عامة تتطلب تدخل الدولة لضمان تقديمها بانتظام وبأسعار مناسبة. وتمتاز هذه المرافق بأنها تخضع لنظام قانوني مزدوج، فهي تُدار بأساليب القانون الخاص، لكن مع مراعاة بعض قواعد القانون العام، كالمساواة بين المنتفعين واستمرارية الخدمة. ويُتاح للدولة تعديل شروط تقديم الخدمة إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك، مما يميزها عن المشروعات الخاصة ذات الطبيعة الربحية البحتة.

المرافق القومية والمرافق الإقليمية والمرافق البلدية :

تنقسم المرافق العامة من حيث نطاق نشاطها والجهة المختصة بإنشائها وإدارتها إلى ثلاثة أنواع رئيسية: المرافق القومية، وهي التي تُنشئها وتديرها الدولة على المستوى الوطني لخدمة جميع المواطنين، مثل مرفق القضاء أو الدفاع أو مصلحة الجوازات؛ والمرافق الإقليمية، وهي التي تنشئها الهيئات الإدارية على مستوى المحافظات أو الأقاليم، وتُقدَّم خدماتها لسكان إقليم معين، مثل مرفق النقل الإقليمي أو المستشفيات العامة في نطاق المحافظة؛ أما المرافق البلدية، فهي التي تُنشئها الوحدات المحلية كالمجالس البلدية أو المدن، وتُقدّم خدمات محلية مباشرة، كتنظيف الشوارع، والإنارة، وتوزيع المياه داخل المدينة. ويُراعى في كل نوع من هذه المرافق أن يتناسب نطاق خدمته مع طبيعة الحاجة العامة التي يُراد إشباعها، لضمان الكفاءة والفعالية في تقديم الخدمات العامة.

المرافق النقابية أو المهنية :

المرافق النقابية أو المهنية هي نوع خاص من المرافق العامة تُنشئها الدولة أو تُمنح الشخصية الاعتبارية لتنظيم مهنة معينة، وتُسند إدارتها إلى هيئات منتخبة من أعضاء المهنة أنفسهم، مثل نقابات المحامين أو الأطباء أو المهندسين. ويكون الغرض الأساسي من هذه المرافق هو تنظيم شؤون المهنة، وحماية مصالح أعضائها، ورفع مستواهم العلمي والمادي، وضمان الالتزام بآداب المهنة وقواعدها. وعلى الرغم من أن هذه المرافق لا تهدف إلى الربح، إلا أنها قد تزاول بعض الأنشطة ذات الطابع الاقتصادي لخدمة أعضائها، كإنشاء صناديق للمعاشات أو تقديم خدمات صحية. وتتمتع المرافق النقابية بقدر من الاستقلال الإداري، لكنها تخضع في بعض جوانبها لرقابة الدولة لضمان توافقها مع المصلحة العامة والنظام القانوني العا

المرافق التي لها شخصية معنوية والمرافق التي ليس لها شخصية معنوية :

تنقسم المرافق العامة من حيث تمتعها بالشخصية المعنوية إلى نوعين: مرافق عامة ذات شخصية معنوية مستقلة، وهي التي تُمنح بموجب القانون كيانًا قانونيًا مستقلًا عن الدولة، مثل الجامعات، والنقابات، والهيئات العامة، ويكون لها ذمة مالية مستقلة وتتمتع بقدر من الاستقلال الإداري والمالي، مما يمكنها من مباشرة نشاطها بكفاءة وتحقيق أهدافها بمرونة تحت رقابة الدولة؛ أما المرافق التي لا تتمتع بشخصية معنوية مستقلة، فهي تابعة بشكل مباشر للجهة الإدارية التي أنشأتها، كالمرافق التي تديرها الوزارات أو الإدارات المركزية، وتُعد جزءًا من شخصيتها المعنوية، وتخضع لإشرافها الكامل من حيث التمويل والإدارة. ويُحدَّد منح الشخصية المعنوية للمرفق بحسب طبيعة نشاطه ومدى الحاجة لاستقلاله عن الجهاز الإداري للدولة.

المرافق الإلزامية والمرافق الإختيارية :

تنقسم المرافق العامة من حيث مدى التزام الإدارة بإنشائها إلى مرافق إلزامية ومرافق اختيارية. فـالمرافق الإلزامية هي تلك التي يفرض القانون أو الدستور على الدولة أو الجهات الإدارية المختصة إنشاؤها وتشغيلها، لأنها ضرورية لتحقيق المصلحة العامة وحماية الحقوق الأساسية للمواطنين، مثل مرفق القضاء، والتعليم الإلزامي، والأمن والصحة العامة؛ أما المرافق الاختيارية، فهي التي تملك الإدارة حرية تقدير إنشائها أو عدم إنشائها بحسب الحاجة والإمكانات المتاحة، مثل إنشاء دار ثقافة أو حديقة عامة أو نادٍ رياضي. ويُراعى في ذلك أن المرافق الإلزامية تُعد من صميم واجبات الدولة، بينما تُنشأ المرافق الاختيارية إذا رأت الإدارة أن في إنشائها فائدة عامة دون أن يكون هناك التزام قانوني مباشر.

مكتب محامى مصر

✔️ تواصل معنا الآن للحصول على استشارة قانونية مدفوعة!
✔️ ضمان السرعة والدقة في إنجاز معاملاتك القانونية.استشارة قانونية شاملة.حرصا منا على وقت عملائنا من قبل المستشار محمد منيب شخصيا خدمة مقابلة اون لاين من خلال تطبيق meet على Gmail توفر لك دعماً قانونياً عبر الانترنت .

📞 للاستفسار أو الحجز خدمة العملاء: 01006321774

📞 التواصل: احجز موعد مسبق  01006321774  –  01223232529

📍 عنوان المكتب: 13 شارع الخليفه من شارع الهرم بجوار السجل المدني

error: