عقد المقامرة وعقد الرهان في القانون المدني

عقد المقامرة وعقد الرهان في القانون المدني

يُعد كل من عقد المقامرة وعقد الرهان من العقود التي لا يُقرّها القانون المدني المصري، حيث نصت المادة (708) على أن “الالتزام الناشئ عن المقامرة أو الرهان باطل، ولو كان هناك اتفاق عليه”. فالأصل أن القانون لا يعترف بهذه العقود ولا يسبغ عليها الحماية القانونية، لأنها تقوم على عنصر المصادفة والاحتمال، وتتنافى مع النظام العام والآداب. ومع ذلك، أورد القانون استثناءً في الفقرة الثانية من ذات المادة، يُجيز فيه للمحاكم أن لا تحكم برد ما دفعه أحد الطرفين وفاءً لالتزام من هذا النوع، إذا ثبت أن من دفعه قد فعل ذلك وهو يعلم أنه لا إلزام عليه. كما أورد المشرّع بعض الصور المشروعة للرهان، كحالة الرهانات الرياضية أو العلمية إذا كانت تتضمن مهارة أو جهداً عقلياً، حيث يمكن أن تُعتبر من قبيل العقود المباحة وفقاً لظروف كل حالة. ومن ثم، فإن التفرقة تقوم على ما إذا كان العقد ينطوي على تغليب المصادفة المحضة أم يقوم على مهارة أو علم، وهو ما تحدده محكمة الموضوع.

التنظيم التشريعي للمقامرة والرهان في القانون المدني :

نظم معظم القوانين المدنية عقود المقامرة والرهان . ولكن التقنين المصرى الملغى لم يذكر شيئا بخصوصها ، مع مالها من الخطر، ومع شيوعها في مصر على أشكال مختلفة . وقد اضطر القانون الإداري والقانون الجنائي للتدخل لتجنب أخطارها . وفيما عدا ذلك ترك أمرها للقضاء ، وكان القضاء يطبق أحكام القانون الفرنسي .

أما القانون المدنى الجديد فقد نظم المقامرة والرهان في الفصل الأول من الباب الرابع الخاص بعقود الغرر من الكتاب الثاني في المادتين ۷۳۹ . ٧٤٠ .وكما نقول المذكرة الإيضاحية للتقنين المدنى (نظرة عامة) حرم المشروع المقامرة تحريما أبعد أثرا من تحريم التقنين الفرنسي . فكل اتفاق على مقامرة أو رهان يكون باطلا، ويستطيع من خسر أن يسترد ما دفعه، وله أن يثبت الدفع بجميع الطرق . أما التقنين الفرنسي فقد منع الخاسر من أن يسترد ما دفع إلا إذا كان هناك غش من الطرف الآخر .

تعريف المقامرة والرهان :

تُعرَّف المقامرة بأنها عقد يتعهد فيه كل من الطرفين بأن يدفع للآخر مبلغاً من المال أو أي شيء ذي قيمة، إذا تحقق أمر معين يتعلق بالحظ أو المصادفة البحتة، دون أن يكون لهذا الأمر علاقة بالمهارة أو الجهد. أما الرهان، فهو يشبه المقامرة من حيث قيامه على احتمال وقوع أمر غير مؤكد، إلا أنه قد يستند في بعض حالاته إلى نوع من التقدير العقلي أو المهارة، كما في الرهانات على نتائج المسابقات أو المنافسات التي تعتمد على الكفاءة. ويشترك العقدان في عنصر الخطر أو المجازفة، وفي أن كلاً منهما يؤدي إلى انتقال المال من طرف إلى آخر بناءً على نتيجة محتملة غير مضمونة. ولهذا السبب، يُعد كل منهما من العقود التي تُخالف النظام العام، وتُحاط غالباً بالمنع القانوني، ما لم تتوافر فيها شروط الاستثناء التي أوردها المشرع في حالات معينة تتصل بالمصلحة العامة أو بالمهارة العقلية أو البدنية.

أوجه الشبة والإختلاف بين عقدى المقامرة والرهان :

يتشابه عقدا المقامرة والرهان في كونهما يقومان على المجازفة وعدم التيقن، إذ يتوقف التزام أحد الطرفين بدفع مبلغ من المال أو شيء معين على تحقق أمر مستقبلي غير مؤكد، كما أن كلاً منهما ينطوي على عنصر المصادفة، ويُعدّ من العقود التي غالبًا ما يحكم القانون ببطلانها لمخالفتها النظام العام والآداب. غير أن هناك فرقًا جوهريًا بينهما، يتمثل في طبيعة العنصر الذي يُبنى عليه العقد: فعقد المقامرة يقوم أساسًا على الحظ وحده دون تدخل للمهارة أو الجهد، كما في ألعاب القمار، بينما قد يستند عقد الرهان إلى نوع من الخبرة أو المهارة أو القدرة البدنية أو الذهنية، كما هو الحال في الرهان على سباق أو مسابقة رياضية أو علمية. ولهذا السبب، قد يكون الرهان مشروعًا في بعض صوره إذا توافر فيه عنصر الجهد أو التقدير العقلي، بخلاف المقامرة التي تظل محرمة قانونًا في جميع الأحوال. ومن ثم، فإن القانون يُبطل الالتزامات الناشئة عن كلا العقدين من حيث الأصل، مع إجازته لبعض صور الرهان عند تحقق شروط معينة، مما يميز بينهما في الحكم القانوني رغم تقاربهما في البناء العام.

خصائص عقد المقامرة والرهان :

يتسم عقدا المقامرة والرهان بعدة خصائص تميزهما عن غيرهما من العقود، أبرزها قيامهما على عنصر الاحتمال والمصادفة، حيث يتوقف تحديد الطرف الرابح أو الخاسر على أمر غير محقق الوقوع وقت التعاقد. ومن خصائصهما كذلك انعدام السبب المشروع، إذ لا يوجد مقابل حقيقي أو منفعة مشروعة تعود على الطرفين، مما يجعلهما عقودًا تتنافى مع المبادئ الأساسية للمعاملات المدنية. كما يتميز العقدان بأن الالتزام فيهما غير جدي من الناحية القانونية، لأنه يقوم على مجرد المجازفة، وليس على تبادل منافع حقيقية، ولهذا يحكم القانون ببطلان الالتزام الناشئ عنهما. وتُعد الصفة الاحتمالية في محل الالتزام من الخصائص الجوهرية، إذ لا يُعرف من الطرف الملزم بالأداء إلا بعد تحقق النتيجة المتوقعة، وهو ما يجعل العقد محفوفًا بالخطر وغير مستقر. كذلك، فإن هذه العقود لا تنشئ التزامًا مدنيًا قابلاً للتنفيذ الجبري، إلا في حالات استثنائية أجازها القانون كما في بعض صور الرهان المرتبطة بالمهارة. وتنعكس هذه الخصائص جميعًا على الطبيعة القانونية للعقد، وعلى موقف المشرّع منه من حيث الحظر أو الإباحة الجزئية.

أحكام المقامرة والرهان

بطلان المقامرة والرهان :

تُعد عقود المقامرة والرهان من العقود الباطلة لقيامها على المصادفة والمخاطرة دون وجود مصلحة حقيقية مشروعة تعود على الأطراف. فهذه العقود لا تقوم على تبادل منافع حقيقية أو جهد مشروع، وإنما تقوم على كسب أحد الطرفين وخسارة الآخر اعتمادًا على الحظ وحده، مما يتنافى مع المبادئ الأساسية للعدالة والاستقرار في المعاملات. ومن ثم، فإن القانون لا يعترف بها ولا يرتب عليها أثرًا، فلا يجوز المطالبة بتنفيذها أمام القضاء، ولا تُعطى الحماية القانونية لمن يطالب بحق بموجبها. كما أن ما يُدفع تنفيذًا لها لا يُسترد في بعض الحالات إذا تم طوعًا، مما يعكس موقفًا حازمًا من هذه التصرفات التي تُشجّع على المغامرة غير المشروعة وتُخل بالنظام الاقتصادي والاجتماعي.

النص القانوني للمادة 739 مدني :-

(1) يكون باطلا كل اتفاق خاص بمقامرة أو رهان.

(2) ولمن خسر فى مقامرة أو رهان أن يسترد ما دفعه خلال ثلاث سنوات من الوقت الذى أدى فيه ما خسره ولو كان هناك اتفاق يقضى بغير ذلك . وله أن يثبت ما أداه بجميع الطرق .

إثبات المقامرة والرهان :

يُعد إثبات وجود عقد المقامرة أو الرهان مسألة دقيقة، نظرًا لما يحيط بهذه العقود من بطلان قانوني ورفض اجتماعي. وغالبًا ما يلجأ أطرافها إلى إخفائها أو تدوينها في صورة معاملات ظاهرها مشروع، مما يجعل عبء الإثبات أثقل على من يدعي وجودها. ويُشترط لإثبات المقامرة أو الرهان وجود دليل واضح وجازم على أن الاتفاق كان الغرض منه المجازفة المحضة، لا مجرد معاملة مالية أو رياضية مشروعة. وقد يتم الإثبات بالكتابة أو بالإقرار أو بشهادة الشهود في الحدود المقررة قانونًا، إلا أن القضاء يتشدد في قبول هذا الإثبات، لخطورة النتائج المترتبة عليه. فإذا ثبت أن المعاملة تخفي مقامرة أو رهانًا، جاز لمن دفع شيئًا استرداده ما لم يكن قد دفعه عن طيب خاطر، وتُرفض الدعوى التي تُرفع للمطالبة بالتنفيذ، باعتبار أن العقد باطل من الأصل ولا يرتب أي أثر قانوني.

 المستشار محمد منيب / أفضل محامى قضايا مدنى

📞 للاستفسار أو الحجز خدمة العملاء: 01006321774

📍 عنوان المكتب: 13 شارع الخليفه من شارع الهرم بجوار السجل المدني

 

error: