شكل عقد الدخل الدائم في القانون المدني
لا يشترط القانون المدني المصري شكلًا خاصًا لانعقاد عقد الدخل الدائم، فهو في الأصل عقد رضائي، ينعقد بمجرد تلاقي الإرادتين بين الطرفين، أي باتفاق الملتزم بأداء الإيراد والمستحق له، دون حاجة إلى الكتابة أو التوثيق إلا إذا كان العوض المقدم في العقد عقارًا، ففي هذه الحالة يجب أن يكون العقد محررًا في ورقة رسمية قابلة للتسجيل، طبقًا لقواعد الشهر العقاري. ومع ذلك، فإن كتابة العقد تُعد أمرًا عمليًا ضروريًا لإثبات الحقوق والالتزامات، خاصة في العقود طويلة الأجل ذات الطابع المالي المستمر. ويُنصح أن يتضمن العقد بيانات واضحة عن قيمة الإيراد، وتكراره، ومدته، والعوض المقابل له، وشروط الفسخ أو الفداء إن وجدت، وذلك لضمان وضوح العلاقة ومنع النزاعات.
إثبات الدخل الدائم :
يُثبت عقد الدخل الدائم وفقًا للقواعد العامة في القانون المدني، فإذا كان العقد رضائيًا ولم يشترط فيه شكل خاص، جاز إثباته بكافة طرق الإثبات، ما لم يتعلق الأمر بعقار أو تجاوزت قيمته النصاب القانوني للإثبات بالشهادة. فإذا كان العوض المقدم مقابل الإيراد عقارًا، أو تجاوزت قيمة العقد عشرة آلاف جنيه (وفقًا لنصاب الإثبات)، وجب إثباته بالكتابة أو بما يقوم مقامها من إقرار أو يمين. ويجوز أيضًا إثبات الإيراد الدائم بمستندات أخرى كالإيصالات أو التحويلات البنكية أو الشهود إذا كان ذلك جائزًا قانونًا. كما تُستخدم القرائن القانونية أو العرفية كأداة مساعدة، خاصة في حال وجود علاقة طويلة الأجل بين الطرفين يُستدل منها على وجود التزام دوري بالإيراد.
إلتزام المدين بدفع الدخل الدائم :
يلتزم المدين في عقد الدخل الدائم بأن يؤدي إلى المستحق مبلغًا ماليًا دوريًا في المواعيد المتفق عليها، سواء كانت شهرية أو سنوية أو غير ذلك، ويُعد هذا الالتزام جوهريًا في العقد، إذ يمثل المقابل المستمر للعوض الذي قدمه المستحق عند التعاقد، كبيع عقار أو دفع مبلغ نقدي. ويجب على المدين تنفيذ هذا الالتزام بدقة وفي مواعيده، لأن الوفاء المنتظم بالإيراد هو الغرض الأساسي من العقد. فإذا أخل المدين بهذا الالتزام، جاز للمستحق المطالبة بـالفسخ طبقًا لنص المادة 545 من القانون المدني، مع الاحتفاظ بحقه في الإيرادات المتأخرة، وقد يُلزم المدين أيضًا بدفع تعويض عن التأخير. ولا يجوز للمدين الامتناع عن السداد بحجة تغير ظروفه المالية، لأن العقد يُنشئ التزامًا دوريًا مستمرًا لا يسقط إلا في الحالات التي ينص عليها القانون أو يتفق عليها الطرفان صراحة.
أداء الدخل من المدين أو ورثته من بعده :
يستمر التزام المدين في عقد الدخل الدائم بأداء المبالغ الدورية المستحقة للمستحق، حتى بعد وفاته، حيث تنتقل هذه المسؤولية إلى ورثته أو خلفائه العامين، باعتبار أن العقد يُنشئ التزامًا ماليًا قابلاً للانتقال. ويلتزم الورثة بأداء الدخل من التركة وفي حدود ما آل إليهم منها، ما لم يكن العقد قد اشترط أن ينقضي الالتزام بوفاة المدين، كأن يكون الإيراد مقرونًا بحياته فقط. وإذا لم يرد في العقد ما يدل على اقتصار الالتزام على حياة المدين، فإن الدين يستمر وتظل الإيرادات واجبة الأداء من تركة المدين أو من ذمم ورثته، وفقًا لأحكام القانون المدني. أما إذا توفي المستحق، وانتهى العقد لكون الدخل مقرونًا بحياته، فإن الالتزام ينقضي، ما لم يوجد شرط يقضي بانتقال الحق إلى الغير أو إلى من يُعينه المستحق قبل وفاته.
أداء الدخل إلى الدائن أو ورثته من بعده :
يجب أداء الدخل في عقد الدخل الدائم إلى الدائن المستحق شخصيًا، طالما كان حيًّا ولم يتنازل عن حقه، ويُعد الوفاء له مبرئًا لذمة المدين. أما إذا تُوفي الدائن، فإن حقه في الإيراد ينتقل إلى ورثته أو من يُعيّنه بموجب العقد، إذا لم يكن الالتزام مقترنًا بحياته فقط. فإذا كان العقد ينص على أن الإيراد مستحق مدى حياة الدائن، فإن الالتزام ينقضي بوفاته، ولا يحق لورثته المطالبة بأي دفعات لاحقة. أما إذا كان الإيراد مرتبًا لأجل غير محدد أو مدى حياة شخص ثالث، أو لم يقترن بمدة على الإطلاق، فإن الورثة يستحقون مواصلة قبض الإيراد ضمن حقوق التركة. ويجب على المدين أن يؤدي الإيراد إلى الورثة بحسب أنصبتهم في الميراث أو وفقًا لما يتفق عليه الورثة فيما بينهم، وإلا بقي مسؤولًا في حدود عدم صحة الوفاء.
إشتراط ألا يزيد الدخل على الحد الأقصى للفائدة :
يجوز في عقد الدخل الدائم أن يُشترط ألا يزيد الإيراد الدوري المستحق للمستفيد على الحد الأقصى المقرر للفائدة القانونية، حمايةً من التحايل على قواعد الفوائد. ويُقصد بذلك أن لا يتحول عقد الدخل الدائم في جوهره إلى قرض مغلف بعقد بيع أو عقد دخل بهدف فرض فائدة مُقنَّعة تتجاوز النسب المسموح بها قانونًا. فإذا تبيَّن أن العوض المدفوع من المستفيد لا يتناسب مع مقدار الدخل المرتب له، وأن الإيراد يُمثل في حقيقته فائدة على هذا العوض تفوق الحد القانوني، فإن العقد يُعد باطلًا في هذا الجزء أو يُخفض الإيراد إلى الحد المشروع، وفقًا لما تقضي به قواعد العدالة ومنع الاستغلال. وقد استقر القضاء على أن المسمى في العقد لا يُغير من حقيقة التعامل، فالعبرة بحقيقة المقابل والغرض وليس بالتسمية، وبالتالي تُطبق أحكام الفوائد المقررة قانونًا ولو كان العقد ظاهرًا في صورة بيع أو ترتيب دخل دائم.
زمان دفع الدخل :
يتحدد زمان دفع الدخل في عقد الدخل الدائم بحسب ما يتفق عليه الطرفان في العقد، كأن يُنص صراحة على أن الأداء يتم شهريًا أو كل ثلاثة أشهر أو سنويًا. ويجب الالتزام بهذا التحديد الزمني بدقة، لأن انتظام الدفع هو جوهر العقد، ويُعد الإخلال به إخلالًا بالتزام جوهري يبرر الفسخ طبقًا للمادة 545 من القانون المدني. أما إذا لم يُحدد في العقد ميعاد معين للدفع، فإن الدفع يُستحق في نهاية كل فترة زمنية معتادة بحسب طبيعة التعامل أو العرف الجاري، وغالبًا ما يكون ذلك في نهاية كل سنة إذا لم يُتفق على خلافه. ويبدأ استحقاق أول دفعة من تاريخ انعقاد العقد أو من تاريخ آخر يُحدده الطرفان، ويُراعى أن يكون الزمن محددًا بما يُمكّن الدائن من الاعتماد على هذا الدخل كمورد ثابت.
مكان دفع الدخل :
يتحدد مكان دفع الدخل في عقد الدخل الدائم أولًا بحسب ما ينص عليه العقد، فإذا اتفق الطرفان على مكان معين لأداء الدفعات، وجب الالتزام به. أما إذا لم يوجد اتفاق صريح، فإن القاعدة العامة في القانون المدني تقضي بأن يكون الوفاء في موطن الدائن (المستحق للدخل)، ما لم يقضِ العرف أو طبيعة العقد بغير ذلك. ويُراعى في تحديد المكان أن يكون مناسبًا لتمكين الدائن من استلام الدخل الدوري دون مشقة أو تأخير، خاصةً وأن الغرض من العقد هو توفير مورد ثابت ومنتظم له. وإذا تغيّر موطن الدائن، وجب على المدين إخطاره بالمكان الجديد الذي يجب فيه الوفاء، بشرط ألا يُحمّل المدين نفقات غير معتادة. كما يجوز الاتفاق على أن يتم الدفع عن طريق تحويل بنكي أو وسيلة إلكترونية، وهو ما يُعَد وفاءً صحيحًا إذا تم وفقًا للشروط المتفق عليها.
مصروفات عقد الدخل :
تُحدد مصروفات عقد الدخل الدائم بحسب ما يتفق عليه الطرفان، لكن الأصل أن يتحمل المدين المصروفات المتعلقة بتنفيذ التزامه بأداء الدخل، مثل مصاريف التحويل أو الإرسال إذا كان الدفع يتم عن طريق البريد أو البنك، ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بخلاف ذلك. أما مصروفات تحرير العقد وتوثيقه أو تسجيله – خاصة إذا كان العوض عقارًا – فتكون على الطرف الذي يستفيد منها، أو تُوزع بين الطرفين بحسب ما يقضي به الاتفاق أو العرف. ويُراعى أن يتحمل كل طرف ما يخصه من رسوم وأعباء ضريبية ما لم يُنص في العقد على خلاف ذلك. ويُفضل دائمًا النص صراحة على كيفية توزيع المصروفات لتفادي النزاع، لا سيما في العقود طويلة الأجل التي قد تتراكم فيها التكاليف مع مرور الوقت.
مكتب المحامى محمد منيب فى الهرم
- ✔️ تواصل معنا الآن للحصول على استشارة قانونية مدفوعة!
✔️ ضمان السرعة والدقة في إنجاز معاملاتك القانونية.استشارة قانونية شاملة.حرصا منا على وقت عملائنا من قبل المستشار محمد منيب شخصيا خدمة مقابلة اون لاين من خلال تطبيق meet على Gmail توفر لك دعماً قانونياً عبر الانترنت . - 📞 للاستفسار أو الحجز خدمة العملاء: 01006321774
- 📞 التواصل: احجز موعد مسبق 01006321774 – 01223232529
- 📍 عنوان المكتب: 13 شارع الخليفه من شارع الهرم بجوار السجل المدني