الصورية و شروط تحقيقها واثار دعوى الصورية
الصورية و شروط تحقيقها واثار دعوى الصورية
أحكام الصورية بالنسبة للخلف العام
يخضع الخلف العام في شأن اثبات الصورية لنفس القواعد التى تسري في شأن سلفة المتعاقد .
غير أن التحايل على القانون قد يكون موجهاً ضد مصلحة الخلف باعتباره وارثاً وفي هذه الحالة يجوز له اثبات الصورية بكافة طرق الاثبات لانه يستند حقة من القانون مباشرة فيصبح من الغير بالنسبة للعقد .
وعلى ذلك فاذا افرعت وصية في صورة بيع , فلا يقبل من أحد المتعاقدين إثبات صورية العقد الظاهر إلا بالكتابة .
أما الوارث فيجوز له اثبات صورية البيع وحقيقة التصرف بكافة طرق الاثبات , وكذلك لا يحتج على الوارث الذي يدعى صدور التصرف من المورث في مرض الموت بالتاريخ العرفي للسند , بل له اثبات صدور التصرف في مرض الموت بجميع طرق الاثبات .
غير أن الوارث لا يجوز له اثبات الصورية في الحالتين السابقتين الا بعد وفاة مورثة اذ يصبح وارثا له مصلحة في الطعن .
أحكام الصورية بالنسبة للغير
أولاً : من هو الغير ؟
يقوم تحديد الغير في الصورية على استقرار المعاملات القانونية ووجوب حماية الذين اعتمدوا بحسن نية على تصرف – وإن كان كاذباً كله او في جزء منه – يجمع مظاهر تصرف صحيح وجروا في تعاملهم على اساسه .
وقد نصت المادة 244 / 1 مدني على ما ياتي :
” اذا ابرم عقد صوري فلدائني المتعاقدين وللخلف الخاص متى كانو حسنى النية , ان يتمسكوا بالعقد الصوري , كما أن لهم أن يتمسكوا بالعقد المستتر ويثبتوا بجميع الوسائل صورية العقد .
وقد ذهب رأي في الفقة الى أن الغير في معنى الصورية يقتصر على الخلف الخاص و الدائنين فقط , و من ثم لا يعتبر الشفيع او المدين المحال عليه من طبقة الغير .
( الوسيط د السنهوري ج 2 بند 621 , د جمال الدين زكي بند 419 )
ألا أن الرأي الراجح فقها وقضاء يذهب الى انه يقصد بالغير في الصورية فضلا عن الخلف الخاص و الدائنين الذين خصهما النص بالذكر كل من لم يكن طرفا في العقد او خلفا عاما لاحد طرفية.
د أسماعيل غانم بند 90 , د سليمان مرقص بند 698 , الاستاذ كمال عبد الغزيز ص 887 , د انور سلطان ص 171 ) .
وقد أخذت محكمة النقض بهذا الرأي على ذلك فان الغير في الصورة هم:
1 – دائنو العاقدين
2- الخلف الخاص لكل منهم
3 – كل من لم يكن طرفا في العقد او خلفا عاما لاحد طرفيه
أولاً : الدائنون العاديون :
ففي البيع الصوري مثلا يعتبر دائن المشتري و كذلك دائن البائع من الغير , سواء نشأ له في حق ذمة المشتري او البائع قبل ابرام العقد الصوري او بعد ابرامه .
ثانيا : الخلف الخاص :
فكل من تلقى حقا عينيا من احد العاقدين على الشئ موضوع العقد يعتبر من الغير بالنسبة لهذا العقد , سواء تلقي حقه قبل او بعد ابرامه .
ومثال ذلك لو باع شخص دارا بيعا صوريا فكل من كسب حقا عينا على هذه الدار قبل التصرف الصوري او بعده من البائع او المشتري يعتبر من الغير في البيع الصوري الذي تم .
ثالثاً : كل من لم يكن طرفا في العقد او خلفا عاما لاحد طرفية و كانت له مصلحة في الطعن على العقد :
وبالرغم من ان المادة 244 مدني لم تذكر الا الدائن الشخصي او الخلف الخاص للمتعاقد الا ان الصورية في العقود يصح التمسك بها لكل ذي مصلحة ولو لم تكن بنيه وبين العاقدين رابطة عقدية.
( الدكتور انور سلطان في احكام الالتزام ص 71 )
وينبني على ذلك :
1 – ان الشفيع يعتبر من الغير , واذا يجوز له ان ياخذ العقار المبيع بالشفعة مقابل الثمن الوارد في القعد ولو كان ثمنا صوريا يقل عن الثمن الحقيقي .
كما ان له ان يشفع في البيع الصوري ولو كان في حقيقتة هبة مستترة .
2 – كذلك يعتبر المدين من الغير وفقا لهذا الرأي بالنسبة للحوالة الصورية الصادرة من الدائن , ولذا يكون له اذا كان الدين متنازعا فيه ان يتخلص منه بدفع الثمن و المصروفات .
3 – يجوز لمشتري العقار الطعن بالصورية على العقد الصادر ببيع العقار ذاته من نفس البائع الى مشتر اخر او من بائع اخر الى اخر .
4 – الدائن الشحصي للمتصرف يعتبر من الغير في الصورية و لا يعتبر من الغير من اكتسب حقة من العقد الصوري كما هو الشان في المنتفع في الاشتراط لمصلحة الغير فيجوز للمتعهد التمسك قبله بصورية عقد الاشتراط ولو كان حسن النية .
( الوسيط د . السنهوري ج 2 بند 620 و ما بعده – د سليمان مرقص بند 698 ) .
للغير التمسك بالعقد المستتر :
الاصل ان العقد المستتر بحسبانة العقد الذي له وجود قانوني يسري على الغير , حتى لو كان يجهل وجوده عند قيام حقة , و اعتقد في جدية العقد الظاهر .
ويترتب عل ذلك ان لدائني البائع اذا كان البيع صوريا ان يتمسكوا بالعقد المستتر حتى يتمكنوا من التنفيذ على العين المبيعة على اساس انها لم تخرج عن ملك البائع ولهم ايضا ان يتمسكوا بأن البيع حقيقتة هبة مستترة حتى يسهل عليهم الطعن فيها بالدعوى البوليصية دون حاجة الى اثبات الغش .
كذلك الخلف الخاص الذي كسب حقا من البائع على العين المبيعة صوريا , له ان يتمسك بالعقد المستتر و مصلحتة في ذلك ظاهرة اذا كام قد كسب حقة بعد صدور البيع الصوري , وله مصلحة كذلك في التمسك بالعقد المستتر حتى لو كسب حقة قبل صدور البيع الصوري , أذا كان هذا الحق لم يشهر على الوجه الذي يوجبه القانون قبل تسجيل البيع الصوري , او حتى اذا كان قد شهر ولكن الخلف الخاص يريد ان يتجنب اجراءات حق التتبع , و الا يتحمل حق التطهير و ذلك اذا باع الراهن العين المرهونة بيعا صوريا , وكان الدائن المرتهن لم يقيد الرهن قبل تسجيل البيع الصوري فللدائن المرتهن ان يتمسك بالعقد المستتر و يطعن في العقد الظاهر بالصورية .
وكما يبيع المالك العين مرة ثانية بيعا صوريا بعد ان يكون قد باعها بيعا جديا و يسجل المشتري الثاني عقدة الصوري قبل ان يسجل المشتري الاول عقدة الجدي فللمشتري الاول ان يتمسك بالعقد المستتر و يطعن في العقد الظاهر بالصورية .
للغير ان يتمسك ايضا بالعقد الظاهر :
للغير ان يتمسك بالعقد الظاهر متى كانت له مصلحة في ذلك , ففي البيع الصوري يجوز لدائن المشتري ان يتمسك بالعقد الصوري و ليتمكن من التنفيذ بحقة على العين المبيعة , ولو نشأ حقة قبل البيع الصوري .
كما يجوز للمشتري او للمرتهن للعين المبيعة منه ان يتمسك بالعقد الصوري لتخلص له الملكية او يبقى له حقة , اذا كان حسن النية , ( م 244 / 1 ) .
و العقد الصوري لا وجود له قانونا , لكن اذا اجيز للغير التمسك به , فحماية للثقة المشروعة في المعاملات لانه اعتمد عليه ورتب تعاملة على اساسه .
ولكن اذا كان اساس تملك الغير بالعقد الظاهر هو وجوب استقرار التعامل لزم ان يكون هذا الغير حسن النية وقت تعاملة , اي بجهل وجود العقد المستتر في ذلك الوقت , و يكفي أن يجهل هذه الصورية وقت تعاملة حتى لو علم بها بعد ذلك .
فاذا كان دائنا شخصيا للمشتري و كان التصرف الصوري سابقا على حقة وحب ان يكون وقت ان اصبح دائنا للمشتري قد اعتقد ان التصرف الصوري الذي سبق حقه انما هو تصرف جدي , وقد إطمان اليه على هذا الاعتبار و كذلك الحال لو انتقل اليه حق عيني من المشتري بعد صدور التصرف الصوري فيجب ان يكون معتقدا جدية التصرف الصوري وقت انتقال الحق العيني اليه .
( الوسيط للدكتور السنهوري بند 623 – د اسماعيل غانم احكام الالتزام ص 178 )
وحسن النية مفترض , و على من يدعى العكس اثبات مايدعية فاذا ثبت علم الغير بالعقد المستتر وقت تعامله , انتفت الحكمة من حمايته , ولو من العقد المستتر – شانه في ذلك شان المتعاقدين – ولو كان هذا العقد غير مسجل .
ولما كان العلم بالعقد المستتر و اقعة مادية فانة يجوز اثباتها بكافة الطرق.
اختلف في اثر شهر القد المستتر على مركز الغير أو بعبارة أخرى، هل يجوز للغير أن يحتج بعدم علمه بالعقد المستتر بالرغم من شهره، ذهب رأي من الفقه إلى أن العقد الحقيقي إذا اشهر لم يعد مستترًا ولذا فلا يجوز أن يحتج الغير بجهله به، وأن الغير لا يستطيع عدم علمه بالعقد المستتر المسجل.
(أحكام الالتزام د. اسماعيل غانم ص 187، د. أنور سلطان ص 174)
وذهب فريق أخر إلى أن قرينة العلم المستفاد من شهر العقد المستتر ليست بالقرينة القاطعة، ولذا يجوز للغير أن يدفع دلالتها بإثبات جهله بالعقد المستتر وقت تعامله بالرغم من شهره.
(الوسيط د. السنهوري ص 623).
اثر حضور الغير في العقد الظاهر:
ثار البحث فيما يترتب على حضور الغير في العقد الظاهر واثر هذا الحضور فيما له من حقوق.
لا جدال في أن له أن يتمسك بالعقد الظاهر مادام يجهل صوريته ولكن الجدال ثار فيما إذا كان يجوز له أن يطعن بالصورية بوصفه من الغير.
فذهبت محكمة النقض إلى أنه ليس هناك ما يمنع من حرر عقد البيع ووقع عليه بصفته شاهدًا أن يطعن فيه بالصورية متى كان يستند في طعنه إلى دليل كتابي، ومؤدي ذلك إنها رتبت إلى حضور الغير في العقد في هذه الحالة أن أصبح فيما مركز المتعاقدين فيما يتعلق بإثبات الصورية، غير أنه مما هو جدير بالذكر أن محكمة النقد قد عنيت بأن تشير في حكمها إلى أن هذا الغير شاهد كان مشتركًا مع المتعاقدين في الصورية، ولعل ذلك هو الذي دفعها إلى اشتراط الدليل الكتابي، فقد كان في استطاعته في هذه الحالة رغم أنه لم يكن طرفًا في العقد أن يحصل على كتابة تُثبت صورته، أي أن استحالة الحصول على دليل كتابي وهي التي تبرر اباحة الاثبات بكل الطرق لم تتحقق في حالته.
(أحكام الالتزام د. إسماعيل غانم هامش ص 240).
تعارض مصالح الغير في الطعن بالصورية:
قد تتعارض مصالح الغير ففي البيع الصوري مثلا من مصلحة دائني البائع و خلفه الخاص اثبات الصورية و التمسك بالحقيقة و من مصلحة دائني المشتري و حلفه الخاص التمسك بالعقد الظاهر فاذا فرض على انه على اثر البيع الصوري باع المشتري العين الى مشتر ثان حسن النية , فان المشتري استنادا الى الشطر الاول من المادة 244 / 1 سيتمسك بالبيع الظاهر حتى تنتقل اليه الملكية في حين ان دائن البائع استنادا الى الشطر الثاني من نفس المادة سعمل على الكشف عن الصورية حتى يستطيع التنفيذ على العين المبيعة بوصفها لازالت على ملك مدينة , فيتعين تفضيل احدهما وقد عنى المشرع بحسم هذا التعارض
فنص في المادة 244 / 2 على انه :
” اذا تعارضت مصالح ذوي الشأن فتمسك بعضهم بالعقد الظاهر و تمسك البعض الاخر بالعقد المستتر كانت الافضالية للاولين ” .
أي انه في المثل السابق يفضل المشتري الثاني حسن النية على دائن البائع , فالمشرع بذلك يكون قد ضحى بالارادة الحقيقية وجعل العبرة بالاراضى التى يمكن التعرف عليها ، وذلك في سبيل التعامل .
( احكام الالتزام د . غانم ص 241 ) .
وترتيباً على ذلك فأن دائن المشتري في البيع الصوري يفضل على دائن البائع ، فيقوم هو دون دائن البائع بالتنفيذ على العين المبيعة صورياً ، متمسكا بالعقد الظاهر أن هو في مصلحته ويمتنع على دائن البائع ان ينفذ على هذه العين وان يتمسك بالعقد المستتر
ويترتب على ذلك أيضا أن من كسب حقا عينيا من المشتري الظاهر يفضل على من کسب حقا عينيا من البائع الظاهر
فلو أن البائع بعد أن صدر منه البيع الصوري باع مرة اخرى بیعا جديا لمشتر اخر وسجل هذا المشتري عقده ، ثم باع المشتري الظاهر بعد ذلك العقار بيعا جديا المشتر ثان ، فان المشتري من المشتري يفضل على المشتري من البائع بالرغم من أن هذا الأخير قد سجل اولا ، لأن كل منهما لايعتبر من الغير بالنسبة إلى التسجيل حتى يفضل السابق اليه آن هما لم يتلقيا الحق من شخص واحد ، وانما نحن بصدد تنازع مابين الاغيار بالنسبة إلى الصورة لا بالنسبة إلى التسجيل فنأخذ بالعقد الظاهر ، ويفضل المشتري من المشتري على المشتري من البائع ولاعبرة بالأسيقية في التسجيل ، على أن المشتري من المشتري لاتنتقل إليه الملكية الا اذا سجل عقده ، وان كان يفضل على المشتري من البائع ولو تأخر عنه في التسجيل .
( الوسيط د . السنهوري ص 1104)