السبب في عقد الهبة في القانون المدني

السبب في عقد الهبة في القانون المدني

يتمثل السبب في عقد الهبة في نية التبرع، وهي الباعث الدافع الذي يحفز الواهب على التصرف دون مقابل، ويُعد هذا السبب عنصرًا جوهريًا في صحة العقد. فالواهب لا يقصد من الهبة تحقيق ربح أو عوض، بل يتجه قصده إلى تمليك الموهوب له شيئًا من ماله دون مقابل، بدافع العاطفة أو الإحسان أو المساعدة. ويشترط في هذا السبب أن يكون مشروعًا، فإن كان مخالفًا للنظام العام أو الآداب، كأن تكون الهبة مكافأة على عمل غير مشروع، بطل العقد. كما أن الهبة التي يثبت فيها انعدام نية التبرع، كأن يكون هناك عوض حقيقي مستتر، لا تُعد هبة وإنما يُعاد تكييفها كتصرف معاوضة. وبالتالي، فإن صحة الهبة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بوجود نية التبرع كسبب مشروع ومباشر لها.

تطبيق القواعد العامة على السبب في عقد الهبة :

الهبة عقد كسائر العقود ، ولذلك يجب أن يتوافر ركن السبب في الهبة والسبب في عقد الهبة طبقا للنظرية التقليدية هو نية التبرع ، أما لسبب طبقا للمذهب الحديث ، هو الدافع الرئيسي للتبرع . وهو أمر حسي خارج عن العقد يتغير بتغيير البواعث

وقد جاء بمذكرة المشروع التمهيدي أنه :

يقصد بالسبب معناه الحديث كما يتمثله القضاء ان المصرى فرنسي في العصر الحاضر فهو بهذه المثابة الباعث المستحث في صرفات القانونية عامة لا فرق في ذلك بين التبرعات والمعاوضات .

ويفرق التقنين اللبناني بين سبب الالتزام وسبب العقد المادة (194) فسبب الالتزام هو الباعث الذي يدفع إليه مباشرة . وهو بهذا صف يتمثل فى صورة واحدة فى ظل ضرب من ضروب الالتزام .

تطبيقات للسبب غير المشروع

1- إقتران الهبة بشرط مستحيل أو بشرط غير مشروع :

إذا اقترنت الهبة بشرط مستحيل أو شرط غير مشروع، فإن لذلك أثرًا قانونيًا ينعكس على صحة التصرف. فوفقًا للقواعد العامة، إذا كان الشرط الذي تعلق به العقد مستحيلًا بطبيعته أو مخالفًا للنظام العام أو الآداب، فإن الهبة تكون باطلة. ويُعد الشرط مستحيلًا إذا استحال تحققه وقت التعاقد أو كان مخالفًا لقوانين الطبيعة أو الواقع، كأن يشترط الواهب على الموهوب له الطيران بجناحيه. أما الشرط غير المشروع فهو ذلك الذي ينطوي على مخالفة لنص قانوني أو يُخالف النظام العام أو الآداب العامة، كأن يُشترط على الموهوب له ارتكاب فعل غير قانوني أو مخالف للأخلاق. وفي جميع هذه الحالات، يؤدي اقتران الهبة بهذه الشروط إلى بطلانها بطلانًا مطلقًا، لفساد الشرط الذي أخلّ بركن من أركان التصرف أو بنظامه القانوني.

2- شرط عدم التصرف في الشئ الموهوب :

يجوز للواهب عند إبرام عقد الهبة أن يضع شرطًا يقضي بعدم تصرف الموهوب له في الشيء الموهوب، وذلك لمدة معينة أو بشكل مطلق، متى كان هذا الشرط لا يتعارض مع النظام العام أو الآداب. ويُعد هذا الشرط من القيود التي تحد من سلطة الموهوب له على الشيء الموهوب، وقد أقره القضاء والفقه باعتباره جائزًا إذا كان الغرض منه مشروعًا، كالاحتفاظ بالعين الموهوبة في الأسرة أو منع التصرف بها لفترة حماية لمصلحة معينة. غير أن هذا الشرط لا يجوز أن يكون مؤبدًا، لأن فيه مخالفة لحرية التصرف المكفولة للمالك، كما لا يجوز أن يكون تعسفيًّا أو يؤدي إلى تجريد الموهوب له من أي منفعة، وإلا اعتبر باطلًا، ويُبطل معه الشرط وحده دون أن يمتد البطلان إلى عقد الهبة ذاته، ما لم يكن الشرط جوهريًا بالنسبة للواهب.

الوعد بالهبة :

الوعد بالهبة هو تصرف قانوني يصدر من الواهب أو من يعد بالهبة، ويقضي بالتزامه في المستقبل بنقل مال أو حق إلى الموعود له دون مقابل. ويُعد الوعد بالهبة غير ملزم إذا لم يقترن بقبول الموعود له أو لم يُحرر في الشكل الرسمي المطلوب للهبة، وذلك حمايةً للواهب من التسرع أو الإغراء، نظرًا لما تنطوي عليه الهبة من تبرع يفتقر إلى العوض. ومع ذلك، يصبح الوعد بالهبة ملزمًا إذا تحقق ما يُسمى بالتنفيذ الاختياري، أي إذا قام الواهب طواعية بتنفيذ الوعد ونقل المال الموعود به إلى الموعود له، ففي هذه الحالة تُعد الهبة قد انعقدت وتنتج آثارها القانونية، ولو شاب الوعد عيب في الشكل، طالما تحقق القبض الفعلي.

النصوص القانونية

الفقرة الثانية للنص القانوني للمادة 101 مدني تنص على :-

 وإذا اشترط القانون لتمام العقد استيفاء شكل معين ، فهذا الشكل تجب مراعاته أيضا في الإتفاق الذي يتضمن الوعد بإبرام هذا العقد.

النص القانوني  للمادة 490 تنص على :-

الوعد بالهبة لا ينعقد إلا إذا كان بورثة رسمية.

أهمية الوعد بالهبة :

تتمثل أهمية الوعد بالهبة في كونه وسيلة تمهيدية لتنظيم التبرع وضمان استقراره، حيث يمنح الموعود له نوعًا من الأمان والتوقع المشروع بالحصول على المال أو الحق مستقبلاً. ويُستفاد من هذا الوعد في العلاقات الأسرية أو الاجتماعية، حيث يُستخدم لإظهار نية العطاء دون تنفيذ فوري، ما يتيح للواهب فرصة للتفكير أو ترتيب أوضاعه قبل الإقدام على نقل المال نهائيًا. كما يكتسب الوعد بالهبة أهمية خاصة في حالة اقترانه بأعمال مادية أو التزامات من جانب الموعود له بناءً عليه، مما قد يؤدي إلى إلزام الواهب بالوفاء بوعده إذا وُجد ما يبرر ذلك قانونًا كالتنفيذ الاختياري أو توافر الشكلية المطلوبة.

إشتراط الرسمية في الوعد بالهبة :

تنص المادة ٤٩٠ مدنى على أن : ” الوعد بالهبة لا ينعقد إلا إذا كان بورقة رسمية .. ويعتبر هذا النص تطبيقا خاصا للقاعدة الواردة في الفقرة الثانية من المادة ١.١ التي تقضي بأنه : « إذا اشترط القانون لتمام العقد استيفاء شكل معين، فهذا الشكل تجب مراعاته أيضا في الاتفاق الذي يتضمن الوعد بإبرام العقد » وعلة هذا واضحة .

لأن «إغفال هذا الاحتياط يعين على الإفلات من قيود الشكل الذي يفرضه القانون ، مادام أن الوعد قد يؤدي إلى تمام التعاقد المراد عقده، فيما إذا حكم القضاء بذلك ، ويكفي لبلوغ هذه الغاية أن يعدل المتعاقدان عن إبرام العقد الذي يرغب في الإفلات من القيود الخاصة بشكله ، ويعمد إلى عقد اتفاق تمهيدي أو وعد بإتمام هذا العقد .

لا يستوفي فيه الشكل المفروض ، ثم يستصدر حكما يقرر إتمام التعاقد بينهما ، وبذلك يتاح لهما أن يصلا عن طريق غير مباشر إلى عدم مراعاة القيود المتقدم ذكرها .

أثر تخلف الشكلية في الوعد بالهبة :

رأينا أن المادة ٤٩٠ مدني تنص علي أن الوعد بالهبة لا ينعقد إلا إذا كان بورقة رسمية . وينبني علي ذلك أن الوعد بالهبة الذي لم يستوف هذا الشرط ، بأن كان غير مكتوب أصلا ، أو مكتوبا في ورقة عرفية يكون باطلا بطلانا مطلقا لتخلف ركن من أركانه . ولا يجوز إجبار الواعد على تنفيذ وعده تنفيذا عينيا ، لأن ذلك من ناحية يقتضي تدخلا شخصيا من الواعد لإتمام رسمية الهبة ، وإجباره على هذا التدخل الشخصي ممتنع . ومن ناحية أخري فإن الوعد بالهبة باطل ، ولو جاز إجبار الواعد بتنفيذ وعده تنفيذ عينيا لأمكن بطريق ملتو أن يصل الشخص إلى إبرام هبة دون ورقة رسمية إذ يقتصر علي وعد بالهبة غير رسمي يصل به إلي حكم يقوم مقام الهبة

المستشار محمد منيب

هو أفضل محامي لكتابة العقود  وعقود الهبة في مصر

✅ خبرة قانونية تتجاوز 20 عامًا في كتابة العقود المدنية والتجارية والعقارية.
✅ معرفة شاملة بالقوانين المصرية وأحكام القضاء المتعلقة بالعقود والالتزامات.
✅ صياغة دقيقة تضمن عدم وجود أي ثغرات قانونية قد تؤثر على حقوق الأطراف.
✅ تحقيق العديد من النجاحات في حماية العملاء من النزاعات القانونية بسبب العقود غير الصحيحة.
✅ تقديم استشارات قانونية متخصصة لضمان أفضل الصيغ التعاقدية.

 

 

 

 

error: