وديعة الفنادق والخانات وما ماثلها من قبيل الوديعة الأضطرارية في القانون المدني

وديعة الفنادق والخانات وما ماثلها من قبيل الوديعة الأضطرارية في القانون المدني

تُعد وديعة الفنادق والخانات وما ماثلها من قبيل الوديعة الاضطرارية في نظر القانون، وذلك لأن النزيل لا يجد غالبًا بديلاً عن إيداع أمتعته ومقتنياته لدى إدارة المكان عند الإقامة فيه، فيضطر إلى تركها في غرفته أو في عهدة العاملين بالفندق دون اتفاق خاص على الحفظ. ويترتب على ذلك نشوء التزام قانوني في ذمة صاحب الفندق أو من يمثله بالمحافظة على أموال النزيل وردّها عند الطلب، حتى دون وجود عقد وديعة صريح. وتُفترض مسؤولية الفندق عن أي ضياع أو تلف يصيب هذه الأشياء، ولا يُعفى منها إلا إذا أثبت السبب الأجنبي أو خطأ النزيل. وتُشدد هذه المسؤولية حمايةً للنزيل باعتباره الطرف الضعيف في العلاقة، كما يُمنع على إدارة الفندق التنصّل منها عن طريق الشروط التعسفية أو الإعفاءات المسبقة.

نطاق الوديعة في الفنادق والخاتات ما ماثلها

أ- المودع عندهم :

المودَع عندهم في حكم الوديعة هم الأشخاص الذين تُسلَّم إليهم الأموال أو الأشياء لحفظها بسبب طبيعة عملهم أو صفاتهم، دون وجود عقد وديعة صريح بينهم وبين صاحب الشيء، ويشمل ذلك أصحاب المهن والحرف والخدمات العامة، كأصحاب الفنادق، والمطاعم، ومحلات الإصلاح، والمغاسل، ومواقف السيارات. ويُلزم هؤلاء قانونًا بالمحافظة على ما يُودع لديهم، وردّه عند الطلب، باعتبار أن تسلمهم للشيء يولد التزامًا قانونيًا بالحفظ، حتى ولو لم يكن هناك اتفاق مكتوب. وتُفترض مسؤوليتهم عن ضياع الشيء أو تلفه، ولا يُعفون منها إلا إذا أثبتوا السبب الأجنبي أو خطأ صاحب الشيء. وتُعد هذه المسؤولية صورة من صور الوديعة القانونية أو الاضطرارية، تُفرض حمايةً لحقوق العملاء وضمانًا للثقة العامة في التعاملات اليومية.

ب ـ الأشياء المودعة :

الأشياء المودعة هي كل ما يُسلَّم إلى الوديع بقصد حفظه والالتزام بردّه إلى المودِع عند الطلب أو بانتهاء الأجل، وتشمل المنقولات المادية سواء كانت نقودًا أو مجوهرات أو ملابس أو أوراقًا أو أدوات أو غيرها مما يُمكن ضبطه وحفظه. ويُشترط في الشيء المودَع أن يكون مشروعًا وقابلاً للتمييز والحفظ، وألا يكون مما يُستهلك بمجرد الاستعمال، ما لم يُتفق على خلاف ذلك. وتختلف طبيعة هذه الأشياء بحسب نوع الوديعة: ففي الوديعة العادية يجب رد ذات الشيء، أما في الوديعة الناقصة، فيُرد مثله إذا كان قابلاً للاستهلاك. ويقع على الوديع التزام بحفظ الشيء بعناية الشخص المعتاد، وعدم استعماله أو التصرف فيه إلا بإذن المودِع، ويُسأل عن ضياعه أو تلفه إذا أخلّ بهذا الالتزام.

ج- كيفية إنعقاد الوديعة :

ينعقد عقد الوديعة في القانون المدني بمجرد اتفاق الطرفين، المودِع والوديع، على تسليم شيء معين إلى الوديع ليقوم بحفظه على سبيل الأمانة، مع التزامه بردّه عند الطلب أو بانقضاء الأجل المتفق عليه. ويُعد عقد الوديعة من العقود الرضائية، فلا يُشترط لانعقاده شكل خاص أو كتابة، وإنما يكفي تلاقي الإرادتين على إنشاء الالتزام بالحفظ، ويتحقق ذلك صراحة أو ضمنًا، كما في حالات الوديعة الاضطرارية أو المهنية. ومع ذلك، لا تكتمل آثار العقد إلا بتسليم الشيء فعليًا إلى الوديع، لأن الحيازة عنصر جوهري في هذا النوع من العقود. فإذا توافر التراضي والتسليم، انعقدت الوديعة وترتبت آثارها القانونية، سواء كانت مأجورة أو غير مأجورة، وسواء تم إثباتها كتابةً أو بأي وسيلة إثبات أخرى بحسب قيمة الشيء وظروف الحال.

إثبات الوديعة :

يخضع إثبات عقد الوديعة للقواعد العامة في الإثبات المنصوص عليها في القانون المدني، فيجوز إثباته بالكتابة إذا تجاوزت قيمة الشيء المودَع النصاب القانوني للإثبات بالشهادة، أما إذا لم تتجاوز هذا النصاب، فيجوز إثباته بالبينة أو القرائن. ومع ذلك، يجوز إثبات الوديعة بكافة وسائل الإثبات، ولو تجاوزت القيمة الحدّ القانوني، إذا وُجد مانع أدبي بين الطرفين، أو إذا قامت الوديعة في ظروف استثنائية، كما هو الحال في الوديعة الاضطرارية. وتُعد حيازة الوديع للشيء قرينة قوية على وجود الوديعة، خاصة إذا لم يكن للوديع مصلحة ظاهرة في الاحتفاظ بالشيء، كما يمكن الاستدلال على وجود الوديعة من اعترافات الطرفين أو من تصرفات الوديع التي تدل على حفظه للشيء لحساب الغير.

مسئولية الوديع عن الوديعة :

تقوم مسؤولية الوديع عن الوديعة على أساس التزامه بالحفظ والرد، فإذا أخلّ بهذا الالتزام، سواء بالتفريط أو الإهمال أو إساءة الاستعمال أو التأخير في الرد، ترتبت مسؤوليته القانونية، وأُلزم بالتعويض عن الضرر الناتج. ويلتزم الوديع ببذل عناية الشخص المعتاد في المحافظة على الشيء، فإذا ثبت أنه قصّر في هذه العناية، قامت مسؤوليته، سواء أكان العقد بأجر أو بغير أجر، مع تشديد المسؤولية في حالة الوديعة المأجورة. كما يسأل الوديع عن تلف الشيء أو ضياعه إذا استعمله دون إذن المودِع أو خالف تعليماته. أما إذا هلك الشيء بسبب أجنبي كالقوة القاهرة أو الحادث المفاجئ، ودون خطأ من الوديع، فلا يكون مسؤولًا. ويظل الوديع مسؤولًا كذلك عن رد الشيء في الزمان والمكان المتفق عليهما، ويُسأل عن التأخير إذا ترتب عليه ضرر للمودِع.

(أ) نطاق مسئولية الوديع :

يشمل نطاق مسؤولية الوديع في عقد الوديعة كل ما يتعلق بالحفاظ على الشيء المودَع وعدم استعماله أو التصرف فيه دون إذن من المودِع، وردّه إليه في الوقت والمكان المتفق عليهما أو وفقًا لما تقضي به طبيعة العلاقة. وتقوم مسؤوليته على أساس الإخلال بواجب الحفظ، ويُسأل عن أي تلف أو ضياع يلحق بالشيء إذا ثبت تقصيره أو إهماله أو تجاوزه حدود الإذن. كما تمتد المسؤولية لتشمل حالة استخدام الوديع للشيء دون وجه حق، أو تسليمه إلى غيره دون إذن المودِع، إلا في حالات الضرورة. وتتفاوت درجة المسؤولية بحسب ما إذا كانت الوديعة مأجورة أو غير مأجورة، إذ تُشدَّد في الحالة الأولى. ولا يُعفى الوديع من المسؤولية إلا إذا أثبت أن الهلاك أو التلف كان بسبب أجنبي لا يد له فيه، كالقوة القاهرة أو خطأ المودِع نفسه.

(ب) تخلص الوديع من المسئولية :

يتخلص الوديع من المسؤولية إذا أثبت أنه بذل في حفظ الشيء المودَع عناية الشخص المعتاد، وأن الهلاك أو التلف لم يكن نتيجة تفريط أو إهمال منه، بل حصل بسبب أجنبي لا يمكن دفعه، كالقوة القاهرة أو الحادث المفاجئ. كما ينتفي التزامه بالتعويض إذا ثبت أن المودِع هو الذي تسبب في ضياع الشيء أو تلفه بخطئه أو بإعطاء تعليمات مخالفة لطبيعة الحفظ. ويجوز للوديع أيضًا أن يتخلص من المسؤولية إذا أنذر المودِع بضرورة تسلم الشيء وانقضت المدة دون أن يسترده، فتنتقل عندئذ تبعة الهلاك إلى المودِع. ويقع عبء الإثبات في جميع هذه الحالات على الوديع، لأن الأصل في العقد هو التزامه بالحفظ والرد، ولا يُعفى من هذا الالتزام إلا إذا أثبت انتفاء الخطأ من جانبه وتحقق السبب الأجنبي الذي أدى إلى الضرر.

(ج) تحديد قيمة التعويض عن النقود الأوراق المالية والأشياء الثمينة :

عند تحديد قيمة التعويض عن فقد أو تلف النقود أو الأوراق المالية أو الأشياء الثمينة المودعة، يُراعى في التقدير القيمة الفعلية لها وقت الهلاك أو الضياع، لا وقت الإيداع، مع التعويض عن أي ضرر إضافي أصاب المودِع نتيجة فقدها، كفوات فرصة أو خسارة محققة. وإذا كانت الوديعة من الأشياء الثمينة كالمجوهرات أو الساعات أو التحف، ولم يُخطر المودِع الوديع بطبيعتها أو قيمتها عند الإيداع، فقد يُقيد التعويض في حدود ما كان يتوقعه الوديع بحسب ظاهر الحال. أما إذا أخطره بقيمتها صراحة أو كانت طبيعتها واضحة، التزم الوديع بالتعويض الكامل عنها عند الهلاك أو التلف نتيجة خطئه أو تفريطه. ويخضع تقدير التعويض للسلطة التقديرية للقاضي، وفقًا لظروف كل حالة ومدى جسامة الضرر، مع مراعاة قواعد العدالة والإنصاف.

(د) سقوط حق المسافر قبل صاحب الفندق أو الخان :

يسقط حق المسافر في الرجوع على صاحب الفندق أو الخان بالتعويض عن فقد أو تلف أمتعته إذا تأخر دون مبرر في الإبلاغ عن الحادث بمجرد علمه به، أو إذا ثبت أن الخطأ يرجع إليه أو إلى أحد مرافقيه أو إلى الأشخاص الذين يخضعون لإشرافه. ويُشترط أن يكون الإبلاغ قد تم في وقت مناسب يُمكن فيه لصاحب الفندق اتخاذ ما يلزم للتحقيق أو تدارك الضرر، وإلا اعتُبر سكوت النزيل تفريطًا يسقط حقه في المطالبة. كما يسقط الحق إذا اتضح أن الشيء المفقود لم يكن في عهدة الفندق أو لم تُراعَ التعليمات الخاصة بالحفظ، كعدم استخدام الخزائن المخصصة للأمانات عند وجودها. ويُعتبر هذا السقوط من قبيل الجزاء على الإهمال أو سوء النية، حفاظًا على حقوق الطرف الآخر ومنعًا للادعاءات الكيدية أو المتأخرة.

(هـ) الإتفاق على تشديد مسئولية الوديع :

يجوز قانونًا الاتفاق على تشديد مسؤولية الوديع، وذلك بأن يُلزم نفسه ببذل عناية تفوق عناية الشخص المعتاد، أو أن يتحمل تبعة الهلاك أو التلف حتى في الحالات التي لا يُسأل فيها عادة، كالقوة القاهرة أو الحادث الفجائي. ويُعد هذا الاتفاق صحيحًا ومشروعًا ما دام لا يتعارض مع النظام العام أو ينطوي على غبن فاحش للوديع، ويشترط أن يكون صريحًا وواضحًا، وألا يُحمّل الوديع التزامات تتجاوز طاقته أو تتنافى مع طبيعة العقد. ويترتب على هذا التشديد أن يُسأل الوديع عن أضرار كان يُعفى منها في الأصل، مما يُعزز ضمانات المودِع ويُشدد من التزامات الحفظ، خصوصًا في الودائع ذات القيمة العالية أو الحساسة، كالوثائق والأموال والمجوهرات.

(و) هل يجوز الإتفاق على الإعفاء أو التخفيف من مسئولية الوديع ؟

يجوز من حيث الأصل الاتفاق على الإعفاء أو التخفيف من مسؤولية الوديع، ما دام ذلك لا يتعارض مع القواعد الآمرة أو النظام العام، ولكن هذا الإعفاء أو التخفيف لا يُعتد به إذا تعلق بخطأ جسيم أو غش أو تدليس من جانب الوديع، إذ تُعد هذه الحالات من القيود التي يفرضها القانون حفاظًا على حسن النية والثقة في المعاملات. ويشترط لصحة هذا الاتفاق أن يكون واضحًا وصريحًا، وأن يتم بحرية بين الطرفين دون استغلال أو ضغط. ويُراعى في تفسير مثل هذه الشروط التفسير الضيق، فلا يُفترض الإعفاء أو التخفيف إلا بنص صريح، ولا يُوسع في تطبيقه. أما في الودائع الاضطرارية أو المهنية، فقد يُقيد القانون أو العرف من إمكانية الإعفاء، حمايةً للمودِع باعتباره الطرف الضعيف في العلاقة.

(ز) عقوبة تبديد الوديعة :

يُعد تبديد الوديعة جريمة يعاقب عليها القانون الجنائي باعتبارها من جرائم خيانة الأمانة، وتتحقق هذه الجريمة إذا قام الوديع باختلاس الشيء المودَع أو استعماله لنفسه أو التصرف فيه على نحو يخالف الغرض الذي سُلِّم من أجله، مع توافر القصد الجنائي لديه، أي نية التملك أو الإضرار بالمودِع. وتكون العقوبة عادة الحبس، وقد تصل في بعض الحالات إلى الحبس المشدد إذا اقترن التبديد بظروف مشددة كاستغلال الثقة أو وجود صفة مهنية. ولا تقوم الجريمة إذا اقتصر الأمر على مجرد التأخير في الرد دون نية التملك، أو إذا أعيدت الوديعة قبل تحريك الدعوى الجنائية، ما لم يكن قد تحقق ضرر للمودِع. ويخضع تقدير قيام الجريمة والعقوبة لسلطة المحكمة الجنائية وفقًا لظروف كل حالة ومدى توافر أركان الجريمة.

محامى مصر محمد منيب المحامى ماجستير القانون الدولى

خبرة 20 سنة – ماجستر القانون الدولى – معادلة ماجستير الشريعة الاسلامية – دراسات عليا القانون الخاص

✔️ تواصل معنا الآن للحصول على استشارة قانونية مدفوعة!
✔️ ضمان السرعة والدقة في إنجاز معاملاتك القانونية.

استشارة قانونية شاملة.حرصا منا على وقت عملائنا من قبل المستشار محمد منيب شخصيا خدمة مقابلة اون لاين من خلال تطبيق meet على Gmail توفر لك دعماً قانونياً عبر الانترنت .

📞 للاستفسار أو الحجز خدمة العملاء: 01006321774

📞 التواصل: احجز موعد مسبق  01006321774  –  01223232529

📍 عنوان المكتب: 13 شارع الخليفه من شارع الهرم بجوار السجل المدني

error: