شهادة الشهود وفقا للمواد 60 : 70 في قانون الإثبات المصري
تتناول المواد من 60 إلى 70 من قانون الإثبات المصري الأحكام المنظمة لشهادة الشهود، حيث تحدد الحالات التي يجوز فيها الإدلاء بالشهادة والقيود المفروضة عليها. وفقًا للمادة 60، يُمنع بعض الأشخاص من إفشاء معلومات حصلوا عليها بحكم وظيفتهم، إلا إذا أُذن لهم بذلك رسميًا. كما تنظم المواد التالية شروط قبول الشهادة، مثل وجوب الإدلاء بها شفويًا أمام المحكمة (المادة 63)، وإمكانية طلب سماع شهود جدد إذا رأت المحكمة ضرورة لذلك (المادة 65). وتؤكد المواد أيضًا على حق الخصوم في مناقشة الشهود (المادة 67) وعلى سلطة القاضي في تقدير قيمة الشهادة وفقًا لظروفها وملابساتها. تهدف هذه المواد إلى ضمان نزاهة الشهادة وتحقيق التوازن بين سرية المعلومات ومتطلبات تحقيق العدالة.
المادة 60 في قانون الإثبات المصري
يُعد الإثبات ركيزة أساسية في تحقيق العدالة، حيث يُمكن الأطراف من تأكيد حقوقهم أمام القضاء وفقًا لوسائل قانونية محددة. ومن بين هذه الوسائل شهادة الشهود، التي تخضع لضوابط قانونية تضمن صحتها وموثوقيتها. وفي هذا السياق، تأتي المادة 60 من قانون الإثبات المصري رقم 25 لسنة 1968، التي تضع قيودًا على الإدلاء بالشهادة في بعض الحالات، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمعلومات السرية التي يحصل عليها الأفراد بحكم وظائفهم.
نص المادة 60 من قانون الإثبات المصري
تنص المادة 60 على أنه:
في غير المواد التجارية إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمته على خمسمائة جنيه أو كان غير محدد القيمة , فلا تجوز شهادة الشهود في إثبات وجوده أو انقضائه ما لم يوجد اتفاق أو نص يقتضي بغير ذلك .
ويقدر الالتزام باعتبار قيمته وقت صدور التصرف , ويجوز الإثبات بشهادة الشهود إذا كانت زيادة الالتزام على خمسمائة جنيه لم تأت إلا من ضم الفوائد والملحقات إلى الأصل .
وإذا اشتملت الدعوى على طلبات متعددة ناشئة عن مصادر متعددة جاز الإثبات بشهادة الشهود في كل طلب لا تزيد قيمته على خمسمائة جنيه ولو كانت هذه الطالبات في مجموعها تزيد عن هذه القيمة ولو كان منشئوها علاقات بين الخصوم في أنفسهم أو التصرفات من طبيعة واحدة .
وتكون العبرة في الوفاء إذا كان جزئيا بقيمة الالتزام الأصلي .
تحليل المادة 60 من قانون الإثبات المصري
تتضمن هذه المادة عدة نقاط رئيسية تتعلق بقيود الإدلاء بالشهادة، والتي يمكن تحليلها على النحو التالي:
الأشخاص المشمولون بالحظر
تشمل هذه المادة جميع الأفراد الذين يحصلون على معلومات سرية بحكم وظائفهم، سواء كانوا:
-
موظفين عموميين في جهات حكومية أو مؤسسات الدولة.
-
أصحاب المهن ذات الطابع السري، مثل الأطباء والمحامين والمحاسبين والمصرفيين.
-
الأفراد العاملين في الأجهزة الأمنية أو الدبلوماسية، ممن يتعرضون لمعلومات تتعلق بالأمن القومي أو المصالح الاستراتيجية للدولة.
طبيعة المعلومات المحظورة
-
يجب أن تكون المعلومات قد وصلت إلى الشخص أثناء أدائه لوظيفته أو بسببها.
-
تظل سرية هذه المعلومات قائمة حتى بعد ترك الشخص لوظيفته، مما يعكس رغبة المشرع في حماية المصلحة العامة على المدى الطويل.
-
لا ينطبق الحظر على المعلومات التي أصبحت متاحة للعامة أو التي تم التصريح بالإفصاح عنها من الجهات المختصة.
الاستثناءات التي تجيز الإدلاء بالشهادة
يمكن رفع الحظر عن الإدلاء بالشهادة في الحالات التالية:
-
إذا أُعطي الإذن من الرئيس المختص، وذلك لضمان عدم تعارض الإفشاء مع المصلحة العامة.
-
إذا كانت المعلومات قد أصبحت معلومة للجمهور، مما يعني أن سريتها لم تعد قائمة.
-
إذا كان هناك نص قانوني أو أمر قضائي يلزم الشخص بالإدلاء بالشهادة في قضية معينة.
أهداف المادة 60
تهدف هذه المادة إلى تحقيق التوازن بين عدة اعتبارات قانونية وأخلاقية، أبرزها:
-
حماية المصلحة العامة: من خلال منع تسريب المعلومات التي قد تؤثر على الأمن القومي أو الاستقرار الاجتماعي.
-
صيانة حقوق الأفراد: لا سيما في المهن التي تعتمد على السرية مثل المحاماة والطب، حيث يُعتبر إفشاء الأسرار المهنية انتهاكًا للخصوصية.
-
ضمان نزاهة الإجراءات القضائية: حيث إن الشهادة يجب أن تكون عادلة ومتوافقة مع القوانين واللوائح التي تحكم الإدلاء بها.
التطبيقات العملية للمادة 60
في القضايا الجنائية
-
يُمنع أفراد الأجهزة الأمنية من الإدلاء بمعلومات حساسة دون إذن رسمي، خاصة إذا كانت تتعلق بتحقيقات جارية أو ملفات سرية.
-
لا يجوز للأطباء إفشاء أسرار مرضاهم إلا في حالات استثنائية مثل الإبلاغ عن جرائم أو إذا أُلزم بذلك قانونيًا.
في القضايا المدنية والتجارية
-
لا يجوز للمحامين كشف أسرار موكليهم، حيث يُعد ذلك خرقًا لمبدأ السرية المهنية.
-
يمنع موظفو البنوك من إفشاء بيانات العملاء إلا بأمر قضائي أو إذن رسمي من الجهات المختصة.
التحديات القانونية المرتبطة بالمادة 60
رغم أهمية هذه المادة، إلا أنها قد تثير بعض الإشكاليات في التطبيق، مثل:
-
تعارضها مع حق الدفاع: فقد يمنع تطبيقها أحد الأطراف من تقديم دليل حاسم بسبب سرية الشهادة.
-
إمكانية استغلالها لإخفاء معلومات جوهرية: مما قد يؤدي إلى إعاقة العدالة في بعض الحالات.
-
عدم وضوح بعض المصطلحات القانونية: مثل “إذن الرئيس المختص”، حيث قد يكون من غير الواضح من يملك صلاحية إعطاء الإذن في بعض الحالات.
الفرق بين المادة 60 والتشريعات المقارنة
في العديد من الدول، توجد قوانين مشابهة تحدد السرية المهنية، مثل:
-
القانون الفرنسي: يفرض قيودًا صارمة على إفشاء المعلومات الحكومية والمهنية، خاصة تلك المتعلقة بالأمن القومي.
-
القانون الإنجليزي: يعتمد على مبدأ “حصانة الشهادة” لحماية بعض الفئات المهنية من الإدلاء بمعلومات سرية دون إذن قانوني.
الخاتمة
تعتبر المادة 60 من قانون الإثبات المصري إحدى الضمانات القانونية المهمة التي تحمي سرية المعلومات وتعزز الثقة في المؤسسات العامة والخاصة. ورغم القيود التي تفرضها على الإدلاء بالشهادة، إلا أنها ضرورية لحماية المصالح العامة والخاصة. ومع ذلك، قد يكون هناك حاجة لتفسير أكثر وضوحًا لبعض جوانبها، بما يضمن عدم استخدامها كأداة لحجب المعلومات التي قد تكون ضرورية لتحقيق العدالة.
المقصود بالبينة في قانون الإثبات المصري
البينة في قانون الإثبات المصري تعني الوسيلة القانونية التي يعتمد عليها الخصم لإثبات ادعائه أمام القضاء. وتشمل البينة مختلف وسائل الإثبات التي حددها القانون، مثل الكتابة، وشهادة الشهود، والقرائن، والإقرار، واليمين. وتعد البينة جوهر عملية التقاضي، حيث يقع عبء الإثبات على من يدعي الحق وفقًا للقاعدة القانونية “البينة على من ادعى واليمين على من أنكر”. ويختلف نوع البينة المطلوبة بحسب طبيعة النزاع، فبعض التصرفات القانونية لا تثبت إلا بالكتابة، بينما يسمح في بعض الحالات الأخرى بالإثبات بشهادة الشهود أو القرائن، وفقًا لما يحدده القانون.
أنواع الشهادة في قانون الإثبات المصري
تتنوع الشهادة في قانون الإثبات المصري وفقًا لطبيعتها ومصدرها، حيث يمكن تقسيمها إلى عدة أنواع، أهمها:
(أ) الشهادة الأصلية المباشرة
الشهادة الأصلية المباشرة في قانون الإثبات المصري هي الشهادة التي يدلي بها الشاهد بناءً على ما رآه أو سمعه أو أدركه بحواسه مباشرة دون وساطة. وتُعد أقوى أنواع الشهادات من حيث الحجية القانونية، لأنها تستند إلى إدراك الشاهد الشخصي للواقعة محل الإثبات، مما يقلل من احتمالية الخطأ أو التحريف. ويشترط لصحة الشهادة المباشرة أن يكون الشاهد أهلاً للإدلاء بها، وأن تكون أقواله متسقة ومنسجمة مع باقي الأدلة في الدعوى. وتخضع هذه الشهادة لتقدير المحكمة، التي تزنها وفقًا لظروفها ومدى توافقها مع بقية عناصر الإثبات في القضية.
(ب) الشهادة السماعية
الشهادة السماعية في قانون الإثبات المصري هي الشهادة التي يدلي بها الشاهد استنادًا إلى ما سمعه من شخص آخر، دون أن يكون قد شاهد الواقعة بنفسه أو أدركها بحواسه مباشرة. وتُعد هذه الشهادة أقل حجية من الشهادة الأصلية المباشرة، لأنها تعتمد على نقل الروايات، مما يزيد من احتمالية الخطأ أو التحريف. ولهذا السبب، لا يُعتد بها كدليل رئيسي في الإثبات، إلا في بعض الحالات الاستثنائية التي تقبلها المحكمة وفقًا لظروف الدعوى، مثل عدم إمكانية الحصول على شهادة مباشرة. وتخضع الشهادة السماعية لتقدير القاضي، الذي يقرر مدى قبولها وفقًا لمبدأ الاقتناع القضائي وارتباطها بباقي الأدلة المقدمة في القضية.
(ج) الشهادة بالتسامع
الشهادة بالتسامع في قانون الإثبات المصري هي الشهادة التي يستند فيها الشاهد إلى ما يتناقله الناس شفوياً عن الواقعة محل الإثبات، دون أن يكون قد شاهدها أو سمعها مباشرة من مصدرها الأول. وتعد هذه الشهادة أضعف أنواع الشهادات، نظرًا لاحتمالية تعرضها للتحريف أو المبالغة نتيجة انتقالها عبر عدة أشخاص. ولهذا، لا يُعتمد عليها كدليل رئيسي في الإثبات، إلا في بعض الحالات الاستثنائية، مثل إثبات النَّسَب، أو الوفاة، أو الوقائع التاريخية التي يصعب الحصول على دليل مباشر بشأنها. وتخضع هذه الشهادة لتقدير المحكمة، التي قد تأخذ بها أو تستبعدها بناءً على مدى توافقها مع باقي الأدلة في الدعوى.
(د) الشهادة بالشهرة العامة
الشهادة بالتسامع في قانون الإثبات المصري هي الشهادة التي يستند فيها الشاهد إلى ما يتناقله الناس شفوياً عن الواقعة محل الإثبات، دون أن يكون قد شاهدها أو سمعها مباشرة من مصدرها الأول. وتعد هذه الشهادة أضعف أنواع الشهادات، نظرًا لاحتمالية تعرضها للتحريف أو المبالغة نتيجة انتقالها عبر عدة أشخاص. ولهذا، لا يُعتمد عليها كدليل رئيسي في الإثبات، إلا في بعض الحالات الاستثنائية، مثل إثبات النَّسَب، أو الوفاة، أو الوقائع التاريخية التي يصعب الحصول على دليل مباشر بشأنها. وتخضع هذه الشهادة لتقدير المحكمة، التي قد تأخذ بها أو تستبعدها بناءً على مدى توافقها مع باقي الأدلة في الدعوى.
عيوب الشهادة في قانون الإثبات المصري
تُعد الشهادة من وسائل الإثبات المهمة في قانون الإثبات المصري، لكنها ليست خالية من العيوب التي قد تؤثر على مصداقيتها وحجيتها. من أبرز عيوب الشهادة أنها تعتمد على الذاكرة البشرية، مما يجعلها عرضة للنسيان أو التحيز أو التأثر بالعوامل الخارجية. كما قد تكون الشهادة مغرضة أو كيدية إذا كان للشاهد مصلحة شخصية في القضية، مما قد يؤدي إلى تضليل العدالة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الشهادة السماعية أو بالتسامع تكون ضعيفة الحجية نظرًا لاحتمالية نقلها بشكل غير دقيق أو محرف. لذلك، يخضع تقييم الشهادة لسلطة القاضي التقديرية، حيث يزنها وفقًا لمدى وضوحها وتوافقها مع باقي الأدلة في القضية.
الحالات التي يجوز فيها الإثبات بشهادة الشهود
اولا : الحالات التي يجوز فيها الإثبات بشهادة الشهود بحسب الأصل
حصر هذه الحالات :
تقضى الفقرة الأولى من المادة (٦٠) من قانون الإثبات بأن: وفي غير المواد التجارية إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمته ألف جنيه أو كان غير محدد القيمة، فلا تجوز شهادة الشهود فى إثبات وجوده او انقضائه ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضى بغير على
ذلك».
ويستفاد من هذا النص، أنه يجوز إثبات المسائل الآتية بشهـادة الشهود :
1) الوقائع المادية.
(٢) التصرفات التجارية.
(٣) التصرفات المدنية التي لا تجاوز قيمتها ألف جنيه.
الحالة الأولى (الوقائع المادية )
تأصيل إجازة إثبات الوقائع المادية بشهادة الشهود
يُؤصِّل قانون الإثبات المصري جواز إثبات الوقائع المادية بشهادة الشهود على أساس طبيعتها الخاصة التي تجعل توثيقها بالكتابة أمرًا غير عملي أو مستحيلًا في كثير من الحالات. فالوقائع المادية هي الأحداث التي تقع في الواقع دون أن تتطلب تعبيرًا إراديًا مكتوبًا من الأطراف، مثل الجرائم، وحوادث السير، وأعمال الغصب والتعدي، والوفاة، والنَّسَب.
ويستند إجازة إثبات هذه الوقائع بالشهادة إلى عدة مبادئ قانونية، أبرزها:
-
قاعدة حرية الإثبات في الوقائع المادية: حيث لا يُشترط فيها الدليل الكتابي، نظرًا لأنها قد تحدث فجأة دون إمكانية توثيقها مسبقًا.
-
صعوبة الحصول على دليل كتابي: إذ إن كثيرًا من هذه الوقائع لا تُدوَّن أو تُوثَّق لحظة وقوعها، مما يجعل الشهادة الوسيلة العملية لإثباتها.
-
سلطة القاضي التقديرية: حيث يملك القاضي صلاحية تقييم شهادة الشهود ومدى توافقها مع بقية الأدلة، لضمان الوصول إلى الحقيقة القضائية.
وبذلك، يُعَد الإثبات بشهادة الشهود في الوقائع المادية ضرورة قانونية لتحقيق العدالة، مع مراعاة الضوابط التي تضمن صدق الشهادة وموثوقيتها.
تعريف الوقائع المادية
الوقائع المادية في قانون الإثبات المصري هي الأحداث أو الأفعال التي تقع في الواقع دون أن تتطلب تعبيرًا إراديًا مكتوبًا من الأطراف، وتترتب عليها آثار قانونية. وتتميز هذه الوقائع بأنها تحدث بشكل طبيعي أو بفعل الإنسان، دون الحاجة إلى اتفاق مسبق أو توثيق رسمي، مثل الوفاة، الميلاد، الجرائم، حوادث الطرق، الغصب، والتعدي.
وتختلف الوقائع المادية عن التصرفات القانونية، إذ إن الأخيرة تعتمد على الإرادة الصريحة للأطراف، بينما الوقائع المادية تحدث تلقائيًا أو بفعل طرف واحد. ونظرًا لطبيعتها، يجوز إثبات الوقائع المادية بشهادة الشهود وكافة وسائل الإثبات الأخرى، حيث يصعب غالبًا توثيقها بالكتابة وقت وقوعها.
(أ) الأفعال الضارة ( الجنح وأشباه الجنح )
الأفعال الضارة (الجنح وأشباه الجنح) في القانون المصري تُشير إلى الأفعال غير المشروعة التي تسبب ضررًا للغير، سواء كانت عمدية أو نتيجة إهمال أو تقصير، وتستوجب التعويض أو العقوبة وفقًا للقانون.
-
الجنح: هي الجرائم التي يعاقب عليها القانون بعقوبات متوسطة، مثل الحبس أو الغرامة، ومن أمثلتها الضرب المفضي إلى عاهة مستديمة، السرقة البسيطة، والتزوير في المحررات العرفية.
-
أشباه الجنح: تُشير إلى الأفعال الضارة التي لا تصل إلى حد الجريمة لكنها تُسبب ضررًا للغير، مثل الإهمال الجسيم الذي يؤدي إلى الإضرار بالآخرين، كحالات الخطأ الطبي أو حوادث السير الناتجة عن التهور.
وتُعد هذه الأفعال مصدرًا من مصادر المسؤولية التقصيرية، حيث يُلزم مرتكبها بتعويض المتضرر وفقًا للقواعد المدنية، إلى جانب العقوبات الجنائية إذا كانت تشكل جريمة يعاقب عليها القانون.
(ب) الرضا الضمني
الرضا الضمني في القانون المصري هو التعبير غير الصريح عن القبول بتصرف قانوني أو واقعة معينة، حيث يُستدل عليه من أفعال الشخص أو سلوكه دون الحاجة إلى تصريح شفهي أو كتابي. ويُعتبر الرضا الضمني شكلًا من أشكال التعبير عن الإرادة، ويتم استخلاصه من القرائن والظروف المحيطة بالتصرف.
على سبيل المثال، إذا استمر المستأجر في سكن العقار ودفع الإيجار بعد انتهاء مدة العقد دون اعتراض من المالك، فقد يُعد ذلك رضًا ضمنيًا بتجديد العقد. كذلك، فإن تنفيذ الشخص لالتزام ما دون اعتراض قد يُفسَّر على أنه موافقة ضمنية على الشروط المتعلقة به.
ويعتمد تقدير وجود الرضا الضمني على سلطة القاضي التقديرية، حيث يحدد ما إذا كانت الأفعال الصادرة عن الشخص تدل بوضوح على قبوله للتصرف أم لا، وفقًا للظروف وملابسات كل حالة.
(ج) الترخيص من المؤجر للمستأجر بالتأخير من الباطن أو التنازل عن الإيجار
في القانون المصري، لا يجوز للمستأجر تأجير العين المؤجرة من الباطن أو التنازل عن عقد الإيجار للغير إلا إذا كان هناك ترخيص صريح أو ضمني من المؤجر، وذلك وفقًا لنصوص القانون المدني وقوانين الإيجارات.
-
الترخيص الصريح: يكون من خلال اتفاق مكتوب بين المؤجر والمستأجر يجيز فيه المؤجر للمستأجر تأجير العين من الباطن أو التنازل عن العقد.
-
الترخيص الضمني: يُستدل عليه من سلوك المؤجر، مثل علمه بقيام المستأجر بتأجير العين من الباطن أو التنازل عنها وعدم اعتراضه لفترة طويلة، مما يدل على موافقته الضمنية.
وفي حال عدم وجود ترخيص من المؤجر، يحق له المطالبة بفسخ العقد وإخلاء العين إذا قام المستأجر بتأجيرها من الباطن أو التنازل عنها بالمخالفة للعقد.
(د) عيوب الرضا والأفعال التي تدل على علم الشخص بواقعة معينة
في القانون المصري، يُشترط لصحة التصرفات القانونية أن يكون الرضا صحيحًا وسليمًا، وخاليًا من العيوب التي قد تؤثر على إرادة الشخص. وتتمثل عيوب الرضا في:
-
الغلط: إذا وقع الشخص في خطأ جوهري دفعه إلى التعاقد.
-
التدليس: إذا استخدم الطرف الآخر وسائل احتيالية لحمله على التعاقد.
-
الإكراه: إذا وُضع الشخص تحت تهديد مادي أو معنوي اضطره إلى التعاقد.
-
الاستغلال (الغُبن): إذا استغل أحد الأطراف حاجة الطرف الآخر وأوقعه في التزام مجحف.
أما الأفعال التي تدل على علم الشخص بواقعة معينة، فتُستخلص من سلوكه وتصرفاته، مثل:
-
التصرف بما يتوافق مع الواقعة، كدفع أقساط دين معين دون اعتراض، مما يدل على علمه به.
-
عدم الاعتراض رغم توفر الفرصة، مثل بقاء المستأجر في العين المؤجرة بعد انتهاء العقد وسداد الإيجار، مما قد يُفسَّر بأنه علمه بتجديد العقد ضمنيًا.
-
التعامل مع الغير بناءً على الواقعة، مثل قبول الموظف تنفيذ قرارات إدارية دون اعتراض، مما يدل على علمه بها.
ويعود تقدير هذه الأفعال ودلالتها القانونية إلى سلطة القاضي التقديرية وفقًا لملابسات كل قضية.
(ه_) الغش والإحتيال على القانون
يُقصد بـ الغش والاحتيال على القانون قيام شخص أو طرف في علاقة قانونية باستخدام وسائل غير مشروعة أو حيل قانونية بقصد التهرب من أحكام القانون أو تحقيق مصلحة غير مشروعة تتعارض مع النظام العام والعدالة.
ويظهر الغش القانوني عندما يسعى الأفراد إلى استغلال الثغرات القانونية أو اللجوء إلى تصرفات شكلية تخفي نية مخالفة للقانون، مثل:
-
لجوء شخص إلى إبرام عقد صوري بهدف التهرب من التزام قانوني.
-
تصرف المدين في أمواله بشكل صوري للإضرار بحقوق الدائنين.
-
قيام شخص بتغيير جنسيته فقط للتهرب من تطبيق قانون معين عليه.
ويترتب على ثبوت الغش أو الاحتيال بطلان التصرف القانوني أو عدم نفاذه، حيث أن القانون لا يحمي من يتعمد التحايل على أحكامه. كما أن للقاضي سلطة تقدير وجود الغش وإبطاله لتحقيق العدالة ومنع إساءة استخدام القوانين.
(و) الإستيلاء ووضع اليد ورد المنقولات وإخفاء الأشياء وغير ذلك من الأفعال الإختيارية
في القانون المصري، تُعتبر الأفعال الاختيارية التي يقوم بها الشخص بإرادته الحرة ذات أهمية قانونية، حيث قد يترتب عليها آثار قانونية من التزام أو مسؤولية. ومن بين هذه الأفعال:
-
الاستيلاء ووضع اليد:
-
الاستيلاء هو سيطرة شخص على مال لا مالك له بنية تملكه، كمن يضع يده على أرض مهجورة بقصد امتلاكها.
-
وضع اليد قد يكون مشروعًا إذا توافرت فيه شروط التقادم المكسب للملكية، لكنه يصبح غير مشروع إذا كان اغتصابًا أو تعديًا على حقوق الغير.
-
-
رد المنقولات:
-
إذا كان شخص يحوز منقولًا مملوكًا للغير، فإنه يكون ملزمًا قانونًا برده لصاحبه متى طلب ذلك، خاصة إذا كان بحوزته بعقد أمانة أو قرض.
-
الامتناع عن رد المنقولات المستحقة قد يُشكل مسؤولية مدنية أو جنائية، وفقًا للظروف.
-
-
إخفاء الأشياء:
-
يُقصد به إخفاء منقولات أو أموال بغرض منع وصولها إلى أصحابها أو الجهات المختصة، مثل إخفاء أموال مدينة للحيلولة دون تنفيذ حكم قضائي.
-
قد يُشكّل هذا الفعل جريمة في بعض الحالات، مثل إخفاء أدلة أو أموال محجوز عليها قضائيًا.
-
-
غير ذلك من الأفعال الاختيارية:
-
تشمل تصرفات أخرى مثل التخلي عن ملكية شيء معين، أو التنازل عن حق، أو الإهمال في أداء التزام قانوني، وكلها تخضع للتنظيم القانوني وفقًا لطبيعة كل فعل وآثاره.
-
ويُرتب القانون المسؤولية على هذه الأفعال إذا أدت إلى إضرار بالغير أو إخلال بالتزامات قانونية، ويمنح القاضي سلطة تقدير مدى مشروعيتها والآثار المترتبة عليها.
(ز) التسلط على الإرادة
يُقصد بـ التسلط على الإرادة في القانون المصري كل تصرف أو سلوك يؤدي إلى التأثير غير المشروع على إرادة شخص آخر، بحيث يفقد حريته في اتخاذ القرار أو يُجبر على القيام بتصرف معين ضد رغبته الحقيقية. ويُعد هذا التسلط أحد عيوب الرضا التي تؤثر على صحة التصرفات القانونية.
(ح) التصرف القانوني بالنسبة للغير يعد واقعة مادية
في القانون المصري، يُعد التصرف القانوني واقعة قانونية بالنسبة لأطرافه، لكنه قد يكون مجرد واقعة مادية بالنسبة للغير. ويعني ذلك أن التصرف القانوني، مثل العقد أو الاتفاق بين شخصين، لا يُنشئ حقوقًا أو التزامات على الغير، لكنه قد يكون دليلًا أو قرينة يمكن الاستناد إليها لإثبات واقعة معينة أمام القضاء.
فعلى سبيل المثال، إذا أبرم شخصان عقد بيع لعقار، فإن هذا التصرف يُعد قانونيًا بينهما، لكنه بالنسبة للغير واقعة مادية قد يُعتد بها لإثبات حيازة المشتري للعقار، أو لإثبات نية البائع في التصرف في ملكيته. وبذلك، لا يلتزم الغير بمضمون التصرف القانوني، لكنه قد يستخدمه كدليل أو قرينة في نزاع قانوني، وفقًا لسلطة القاضي التقديرية.
(ط) الإستناد إلى قانون أجنبي
في بعض الحالات، قد يُسمح بالاستناد إلى قانون أجنبي أمام المحاكم المصرية، وذلك وفقًا لقواعد تنازع القوانين في القانون الدولي الخاص. يحدث ذلك عندما تكون هناك علاقة قانونية ذات عنصر أجنبي، مثل زواج شخصين من جنسيات مختلفة، أو إبرام عقد في دولة أجنبية لكنه يُنفَّذ في مصر.
ومع ذلك، يخضع تطبيق القانون الأجنبي لعدة ضوابط، منها:
-
عدم تعارضه مع النظام العام والآداب العامة في مصر، فإذا كان القانون الأجنبي يتضمن أحكامًا تخالف المبادئ الأساسية للقانون المصري، فلن يتم تطبيقه.
-
ضرورة إثبات مضمون القانون الأجنبي أمام المحكمة، وقد يُطلب من الأطراف تقديم ترجمة رسمية له.
-
سلطة القاضي التقديرية في قبول أو رفض الاستناد إلى القانون الأجنبي، وفقًا لظروف القضية.
ويهدف السماح بالاستناد إلى القوانين الأجنبية إلى تحقيق العدالة في القضايا ذات الطابع الدولي، مع ضمان عدم مخالفة القواعد الجوهرية للقانون المصري.
(ى) الوقائع الطبيعية
الوقائع الطبيعية هي الأحداث التي تقع بفعل الطبيعة دون تدخل الإنسان، ويترتب عليها آثار قانونية معينة. وتتميز هذه الوقائع بأنها غير خاضعة لإرادة الأشخاص، ولكنها قد تؤثر على الحقوق والالتزامات القانونية.
أمثلة على الوقائع الطبيعية:
-
الميلاد والوفاة: فهما واقعتان طبيعيتان تترتب عليهما آثار قانونية، مثل ثبوت النسب أو انتقال التركة.
-
الكوارث الطبيعية: كالزلازل والفيضانات، والتي قد تُعتبر قوة قاهرة تعفي من تنفيذ بعض الالتزامات التعاقدية.
-
التقادم: مرور الزمن يؤدي إلى اكتساب الحقوق أو سقوطها، وهو أمر يرتبط بعامل زمني طبيعي وليس بإرادة الأطراف.
ويُعتمد على هذه الوقائع في الإثبات القانوني، حيث قد تُستخدم كقرائن أو أدلة تؤثر في الحكم القضائي، وفقًا لما يحدده القانون وسلطة القاضي التقديرية.
(ك) المساس بسلامة الجسم بأى أذى
يُعد المساس بسلامة الجسم بأي أذى اعتداءً على حق الإنسان في السلامة الجسدية، وهو حق مكفول قانونًا. ويشمل هذا المفهوم أي ضرر يلحق بالجسم، سواء كان بسيطًا أو جسيمًا، متعمدًا أو ناتجًا عن إهمال.
أمثلة على المساس بسلامة الجسم:
-
الضرب والجرح والإيذاء البدني، سواء أكان بسيطًا أم أدى إلى عاهة مستديمة.
-
الإيذاء الناتج عن الإهمال أو الخطأ، مثل الأخطاء الطبية أو الحوادث بسبب الإهمال.
-
استعمال العنف بأي شكل يؤدي إلى إلحاق ضرر جسدي، حتى لو لم يكن القصد الإضرار عمدًا.
ويُرتب القانون المصري مسؤولية جنائية ومدنية على من يعتدي على سلامة جسم الغير، فتختلف العقوبات من الغرامة إلى الحبس أو السجن بحسب جسامة الفعل ونتيجته، إضافةً إلى التعويض المدني عن الأضرار الناجمة عن الاعتداء.
الأعمال المختلطة في قانون الإثبات المصري
في قانون الإثبات المصري، تُشير الأعمال المختلطة إلى التصرفات القانونية التي تُعد مدنية لطرف وتجارية لطرف آخر. ويترتب على هذه الطبيعة المختلطة اختلاف القواعد القانونية المطبقة على أطرافها، خاصة فيما يتعلق بوسائل الإثبات.
أمثلة على الأعمال المختلطة:
-
شراء تاجر لبضاعة بقصد إعادة بيعها يُعد عملًا تجاريًا بالنسبة له، لكنه عمل مدني للبائع غير التاجر.
-
القروض التي يمنحها البنك للأفراد تُعتبر تجارية للبنك ومدنية للمقترض العادي.
وفيما يخص الإثبات، فإن القاعدة العامة هي إخضاع كل طرف للقواعد التي تحكم طبيعته القانونية، أي:
-
التاجر يخضع للقواعد التجارية، حيث يجوز الإثبات بجميع الوسائل، بما في ذلك الشهادة والقرائن.
-
غير التاجر يخضع للقواعد المدنية، التي قد تتطلب الإثبات بالكتابة في المعاملات التي تتجاوز حدًا معينًا.
لكن في حال النزاع، غالبًا ما تُطبق القواعد التجارية إذا كان الطرف الآخر تاجرًا، مما يمنح مرونة أكبر في وسائل الإثبات
الحالة الثانية ( المواد التجارية )
الإثبات بشهادة الشهود هو الأصل في المواد التجارية
في القانون التجاري المصري، يُعد الإثبات بشهادة الشهود هو الأصل، وذلك نظرًا للطبيعة الخاصة للمعاملات التجارية التي تتميز بالسرعة والثقة المتبادلة، مما يجعل من غير العملي اشتراط الكتابة في كل معاملة.
مبررات الاعتماد على شهادة الشهود في الإثبات التجاري:
-
سرعة التعاملات التجارية: حيث يُبرم التجار العديد من الصفقات يوميًا، ولا يمكن توثيق كل معاملة كتابيًا.
-
وجود الثقة والاعتياد: في البيئة التجارية، تعتمد الكثير من العقود على العرف والثقة، وليس فقط على المستندات المكتوبة.
-
إتاحة الإثبات بوسائل مرنة: القانون يمنح التجار حق الإثبات بكافة الوسائل، بما في ذلك الشهادة والقرائن والدفاتر التجارية.
لذلك، إذا نشأ نزاع بين التجار، يجوز لهم الإثبات بشهادة الشهود حتى لو تجاوزت قيمة المعاملة الحدود التي تستلزم الكتابة في القواعد المدنية، ما لم يكن هناك نص قانوني أو اتفاق بين الأطراف يشترط خلاف ذلك.
المقصود بالأعمال التجارية
تُعرَّف الأعمال التجارية بأنها تلك الأعمال التي تهدف إلى تحقيق الربح من خلال التداول في النشاط الاقتصادي، سواء كان ذلك عن طريق البيع والشراء، أو تقديم الخدمات، أو العمليات المصرفية، أو أي نشاط تجاري آخر يُمارس بصفة احترافية.
وتنقسم الأعمال التجارية إلى أعمال تجارية بطبيعتها وأعمال تجارية بالتبعية وأعمال تجارية مختلطة، كما يلي:
-
الأعمال التجارية بطبيعتها: وهي التي تُعتبر تجارية بغض النظر عن صفة القائم بها، مثل البيع والشراء بقصد إعادة البيع، والنقل، والتأمين، والأعمال المصرفية.
-
الأعمال التجارية بالتبعية: وهي الأعمال المدنية التي يكتسبها التاجر الصفة التجارية إذا ارتبطت بتجارته، مثل شراء تاجر معدات لمتجره.
-
الأعمال التجارية المختلطة: وهي الأعمال التي تكون تجارية لطرف ومدنية لطرف آخر، كبيع مزارع لمحصوله إلى تاجر جملة.
ويترتب على اعتبار العمل تجاريًا الخضوع للقواعد الخاصة بالقانون التجاري، مثل سرعة الإجراءات، وحرية الإثبات، وإمكانية إعلان الإفلاس، وغيرها من الأحكام التي تُميز النشاط التجاري عن المدني.
تعربف التاجر
يُعرّف التاجر في القانون المصري بأنه كل من يزاول الأعمال التجارية على وجه الاحتراف ويتخذها نشاطًا رئيسيًا له. ويشمل ذلك الأفراد والشركات التي تمارس النشاط التجاري بصفة مستمرة بقصد تحقيق الربح.
شروط اكتساب صفة التاجر:
-
مباشرة الأعمال التجارية: أي أن الشخص يجب أن يقوم بأعمال تعتبر تجارية وفقًا للقانون، مثل البيع والشراء، والتوريد، والأعمال المصرفية.
-
الاحتراف: أي ممارسة النشاط التجاري بصفة متكررة ومنتظمة، وليس كعمل عرضي.
-
الأهلية القانونية: حيث يجب أن يكون التاجر متمتعًا بالأهلية القانونية اللازمة لإجراء التصرفات التجارية.
آثار اكتساب صفة التاجر:
-
الالتزام بمسك الدفاتر التجارية لتسجيل المعاملات.
-
الخضوع لنظام الإفلاس في حالة التوقف عن سداد الديون التجارية.
-
إمكانية الإثبات بجميع الوسائل، بما فيها الشهادة والقرائن.
ويخضع التاجر في معاملاته لأحكام القانون التجاري التي تختلف عن القواعد المدنية، نظرًا لطبيعة النشاط التجاري التي تتطلب السرعة والمرونة في التعاملات.
كيفية الإثبات في المواد التجارية المختلطة
في المواد التجارية المختلطة، وهي التي تكون تجارية لأحد الأطراف ومدنية للطرف الآخر، يختلف نظام الإثبات وفقًا لصفة كل طرف في النزاع.
القواعد العامة للإثبات في المواد المختلطة:
-
إذا كان المدعي تاجرًا والمدعى عليه غير تاجر، تُطبق قواعد الإثبات المدنية، أي أنه إذا كانت قيمة المعاملة تتجاوز الحد القانوني للإثبات بالشهادة، فالأصل أن يتم الإثبات بالكتابة، إلا في الحالات التي يجوز فيها الاستثناء.
-
إذا كان المدعى عليه تاجرًا، تُطبق القواعد التجارية، مما يسمح بالإثبات بجميع الوسائل، بما في ذلك شهادة الشهود والقرائن والدفاتر التجارية، حتى لو زادت قيمة المعاملة عن الحد المسموح به للإثبات بالشهادة في القواعد المدنية.
ويترتب على ذلك أن التاجر يتمتع بمرونة أكبر في الإثبات عند التعامل مع غير التجار، بينما يُلزم الطرف المدني بالقواعد الأكثر صرامة في الإثبات. ويملك القاضي سلطة تقديرية في قبول وسائل الإثبات وفقًا لطبيعة النزاع وظروفه.
لاعبرة في إجازة الإثبات بشهادة الشهود بطبيعة المحكمة المختصة
في قانون الإثبات المصري، لا يُؤثر اختصاص المحكمة بنظر النزاع، سواء كانت مدنية أو تجارية أو جنائية، على جواز الإثبات بشهادة الشهود، بل العبرة تكون بطبيعة التصرف القانوني أو الواقعة المطلوب إثباتها، وليس بنوع المحكمة التي تنظر القضية.
توضيح ذلك:
-
إذا كانت الواقعة المطلوب إثباتها يجوز إثباتها بالشهادة وفقًا للقانون، فإنه يُسمح بذلك أمام أي محكمة، سواء كانت مختصة مدنيًا أو جنائيًا أو تجاريًا.
-
إذا كان القانون يتطلب الإثبات بالكتابة، فلا يجوز اللجوء إلى شهادة الشهود، حتى لو كانت المحكمة الجنائية هي التي تنظر النزاع، إلا في الحالات الاستثنائية التي يسمح بها القانون.
وبذلك، فإن أساس تحديد وسيلة الإثبات هو طبيعة التصرف أو الواقعة، وليس المحكمة التي تنظر النزاع، لأن قواعد الإثبات تخضع لأحكام موضوعية لا تتأثر بالاختصاص القضائي.
جواز إثبات المواد التجارية بشهادة الشهود والقرائن فيما يخالف الكتابة أو ما يجاوزها
في القانون التجاري المصري، يتميز الإثبات بمرونة أكبر مقارنة بالقانون المدني، حيث يجوز الإثبات بشهادة الشهود والقرائن حتى لو كان ذلك مخالفًا لما هو مكتوب أو متجاوزًا له، وذلك نظرًا لطبيعة النشاط التجاري التي تتطلب السرعة والثقة دون التقيد الصارم بالكتابة.
مبررات هذه القاعدة في الإثبات التجاري:
-
التعاملات التجارية تعتمد على الثقة وسرعة الإنجاز، مما يجعل من الصعب اشتراط الكتابة في كل معاملة.
-
الكتابة ليست دائمًا متاحة في جميع الصفقات التجارية، خاصة في الحالات التي تتم شفهيًا أو بناءً على ممارسات معتادة بين التجار.
-
وجود قرائن تجارية مثل الدفاتر التجارية والمراسلات والفواتير التي يمكن الاستناد إليها في الإثبات، حتى لو لم تكن هناك مستندات مكتوبة كاملة.
وبذلك، يمنح القانون التجاري حرية أكبر للتجار في إثبات حقوقهم، بما يسمح بمراعاة طبيعة المعاملات التجارية ومتطلباتها العملية.
إستثنئان من قاعدة حرية الإثبات بشهادة الشهود في المواد التجارية
على الرغم من أن الأصل في الإثبات في المواد التجارية هو حرية الإثبات بكافة الوسائل، بما في ذلك شهادة الشهود، إلا أن هناك بعض الاستثناءات التي تتطلب الإثبات بالكتابة، حمايةً للاستقرار القانوني في المعاملات التجارية.
أهم الاستثناءات:
-
الاتفاق على اشتراط الكتابة: إذا اتفق الأطراف مسبقًا على أن يكون إثبات التصرف التجاري بالكتابة فقط، فلا يجوز الإثبات بالشهادة.
-
التصرفات التي يشترط القانون إثباتها بالكتابة: مثل الشركات التجارية التي تتطلب عقودًا مكتوبة ومسجلة، وبعض التصرفات التي يحددها القانون صراحة.
-
المعارضة في سند مكتوب: إذا كان هناك مستند مكتوب بين الأطراف، فلا يجوز إثبات ما يخالفه بشهادة الشهود، إلا في حالات خاصة مثل وجود غش أو تحايل أو سبب قانوني يبرر ذلك.
وتُطبق هذه الاستثناءات للحفاظ على الثقة والاستقرار في المعاملات التجارية، ومنع النزاعات التي قد تنشأ عن الادعاءات غير المستندة إلى دليل مكتوب.
سلطة القاضي في قبول الإثبات بشهادة الشهود في المواد التجارية
يتمتع القاضي في المواد التجارية بسلطة تقديرية واسعة في قبول الإثبات بشهادة الشهود، نظرًا للطبيعة المرنة للقانون التجاري التي تهدف إلى تسهيل المعاملات التجارية. وبموجب هذه السلطة، يملك القاضي الحق في تقدير مدى جدية وملاءمة الإثبات بالشهادة وفقًا لظروف كل قضية.
عوامل تؤثر في سلطة القاضي:
-
طبيعة النزاع التجاري: إذا كانت المعاملة التجارية تتم عادة دون مستندات مكتوبة، فقد يميل القاضي إلى قبول شهادة الشهود.
-
وجود قرائن أخرى تدعم الشهادة: مثل الدفاتر التجارية، أو المراسلات، أو العرف التجاري.
-
حسن النية والثقة في المعاملات: إذا تبين للقاضي أن الطرف الذي يطالب بالإثبات بالشهادة يعتمد على ممارسات تجارية متعارف عليها.
-
حالات الغش أو التحايل: يجوز للقاضي قبول الشهادة لإثبات الغش أو إساءة استخدام الحق حتى لو كانت هناك مستندات مكتوبة.
وبذلك، فإن القاضي ليس ملزمًا بقبول شهادة الشهود في جميع الأحوال، لكنه يملك حرية تقديرها وفقًا لمقتضيات العدالة واستقرار المعاملات التجارية.
الحالة الثالثة ( التصرف القانوني الذي لا تزيد قيمتة على ألف جنيه )
القاعدة:
تنص الفقرة الأولى من المادة (٦٠) على أنه:
في غير المواد التجارية إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمته على ألف جنيه أو كان غير محدد القيمة، فلا تجوز شهادة الشهود في إثبات وجوده أو انقضائه ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضى بغير ذلك» – ومفاد ذلك أنه يجوز إثبات التصرف القانوني في المواد المدنية، إذا كانت قيمته لا تزيد على ألف جنيه، بشهادة الشهود فإذا كانت القيمة تزيد على ألف جنيه، فلا يجوز الإثبات بشهادة الشهود إلا إذا وجد اتفاق أو نص في القانون يجيز ذلك.
فقد جعل القانون نصاب الإثبات بشهادة الشهود ألف جنيه، لأنه رأى أن اشتراط الكتابة فيما دون هذا الحد قد يعوق التعامل بين غير الملمين بالقراءة والكتابة دون مبرر إذ يتضاءل احتمال شراء ذمة الشهود كلما قلت قيمة النزاع.
غير أنه اعتبر التصرف غير مقدر القيمة في حكم التصرف الذي تجاوز قيمته ألف جنيه، وأوجب الكتابة، في إثباته.
التصرفات التى تسرى عليها القاعدة
تسري القاعدة العامة للإثبات بالكتابة على التصرفات القانونية التي تتجاوز قيمتها ألف جنيه، وذلك وفقًا لقانون الإثبات المصري، لضمان الاستقرار القانوني وتجنب المنازعات التي قد تنشأ عن الادعاءات الشفهية.
أمثلة على التصرفات التي تخضع لهذه القاعدة:
-
عقود البيع والإيجار: إذا تجاوزت قيمتها الحد القانوني المحدد.
-
القروض والاعتراف بالدين: يجب إثباتها بالكتابة إذا زادت قيمتها عن ألف جنيه، ما لم يكن هناك مانع يحول دون ذلك.
-
عقود الشركات والتصرفات التجارية الكبرى: كإنشاء الشركات أو تعديل عقودها.
-
التصرفات المتعلقة بالحقوق العينية: مثل بيع العقارات أو رهنها.
ومع ذلك، توجد استثناءات على هذه القاعدة، مثل حالات المانع الأدبي أو المادي، أو فقدان الدليل الكتابي بسبب قوة قاهرة، أو الحالات التي يجيز فيها القانون الإثبات بوسائل أخرى.
العبرة بقيمة الإلتزام وقت صدوره
في قانون الإثبات المصري، تُحدد قيمة الالتزام وقت صدوره كمعيار لتحديد ما إذا كان يجب إثباته بالكتابة أم لا، بغض النظر عن أي تغير لاحق في قيمته.
مضمون القاعدة:
-
إذا كان التصرف القانوني لا يتجاوز ألف جنيه وقت انعقاده، جاز إثباته بشهادة الشهود.
-
إذا زادت قيمة الالتزام لاحقًا بسبب الفوائد أو التعويضات أو أي إضافات أخرى، فإن ذلك لا يؤثر على وسيلة الإثبات المطلوبة، والعبرة تبقى بالقيمة الأصلية وقت التعاقد.
-
في حالة الالتزامات القابلة للتجزئة، مثل دفعات القروض أو الإيجارات الدورية، يتم النظر إلى قيمة كل التزام مستقلًا، وليس إلى مجموع الالتزامات.
تهدف هذه القاعدة إلى تحقيق استقرار في الإثبات، ومنع التحايل من خلال الادعاء بزيادات لاحقة للتأثير على طريقة الإثبات المطلوبة.
عدم التقيد بتحديد المدعى لقيمة التصرف بما لا يزيد على ألف جنيه
في قانون الإثبات المصري، لا يُعتد بقيام المدعي بتحديد قيمة التصرف القانوني بمبلغ لا يزيد على ألف جنيه بقصد التهرب من قاعدة وجوب الإثبات بالكتابة، إذا تبين أن القيمة الحقيقية للتصرف تتجاوز هذا الحد.
مضمون القاعدة:
-
لا يجوز للمدعي التحايل بتقدير قيمة التصرف بأقل من ألف جنيه لمجرد التمكن من الإثبات بشهادة الشهود، إذا كانت الوقائع والقرائن تدل على أن قيمته الحقيقية أكبر من ذلك.
-
القاضي يتمتع بسلطة تقديرية في التحقق من القيمة الحقيقية للتصرف، وله أن يعتمد على أي أدلة أو قرائن متاحة.
-
إذا ثبت أن التصرف في حقيقته يتجاوز الحد القانوني للإثبات الشفهي، فلا يُقبل الإثبات بغير الكتابة، حتى لو ادعى أحد الأطراف خلاف ذلك.
تُطبَّق هذه القاعدة لمنع التحايل على قواعد الإثبات وضمان تحقيق العدالة في المعاملات القانونية.
عدم ضم الفوائد والملحقات إلى الأصل
وفقًا لقانون الإثبات المصري، عند تحديد قيمة التصرف القانوني لمعرفة ما إذا كان يستلزم الإثبات بالكتابة، لا يتم ضم الفوائد والملحقات إلى أصل الدين، بل تؤخذ القيمة الأصلية للالتزام فقط في الاعتبار.
تطبيقات القاعدة:
-
إذا كان أصل الالتزام لا يتجاوز ألف جنيه، جاز إثباته بشهادة الشهود، حتى لو أضيفت إليه فوائد أو تعويضات لاحقة جعلت قيمته الإجمالية تتجاوز هذا الحد.
-
إذا كان أصل الالتزام يتجاوز ألف جنيه، فإنه يجب إثباته بالكتابة، حتى لو كانت الفوائد والملحقات تجعله يبدو أقل من الحد المطلوب للإثبات الكتابي.
-
تشمل الملحقات التي لا تُضم إلى الأصل: الفوائد القانونية أو الاتفاقية، التعويضات، النفقات الإضافية، وأي التزامات تبعية أخرى.
تهدف هذه القاعدة إلى تحقيق الدقة والثبات في تحديد طرق الإثبات، ومنع التحايل على القواعد القانونية بتغيير قيمة الالتزام من خلال الإضافات اللاحقة.
عدم إدماج التصرفات المستقلة
في قانون الإثبات المصري، عند تحديد ما إذا كان يجب إثبات التصرف القانوني بالكتابة، لا يتم جمع قيم التصرفات المستقلة معًا، بل يُنظر إلى كل تصرف على حدة.
مضمون القاعدة:
-
إذا كانت هناك عدة تصرفات قانونية مستقلة بين نفس الأطراف، فإن كل تصرف يُقيَّم بشكل منفصل، حتى لو كان مجموعها يتجاوز الحد الذي يستلزم الكتابة.
-
مثال: إذا أقرض شخص آخر مبلغ 800 جنيه في معاملة أولى، ثم 700 جنيه في معاملة ثانية، فلا يُشترط الإثبات بالكتابة لكل منهما، لأن كل تصرف مستقل عن الآخر، حتى لو تجاوز مجموعهما ألف جنيه.
-
الشرط الأساسي هو أن تكون التصرفات منفصلة من حيث الزمن أو الاتفاق، وألا تكون جزءًا من عقد واحد أو التزام مستمر.
تهدف هذه القاعدة إلى تجنب الإلزام غير الضروري بالكتابة في المعاملات الصغيرة، طالما أنها تمت كتصرفات مستقلة وليست ضمن إطار تعاقدي واحد.
العبرة في الوفاء الجزئي بقيمة الإلتزام الأصلي
في قانون الإثبات المصري، عند تحديد وسيلة الإثبات، فإن العبرة تكون بقيمة الالتزام الأصلي وقت نشأته، وليس بما تم الوفاء به جزئيًا بعد ذلك.
مضمون القاعدة:
-
إذا كان الالتزام عند نشأته يتجاوز ألف جنيه، فإنه يجب إثباته بالكتابة، حتى لو قام المدين بسداد جزء من المبلغ وأصبح المتبقي أقل من هذا الحد.
-
لا يجوز للمدين أن يستند إلى الوفاء الجزئي للتحايل على شرط الإثبات بالكتابة، أي أن تقليل المبلغ المستحق لاحقًا لا يُغيّر من طبيعة الالتزام الأصلي.
-
مثال: إذا كان هناك قرض بقيمة 2000 جنيه، وتم سداد 1500 جنيه، فإن المتبقي 500 جنيه لا يمكن إثباته بشهادة الشهود، لأن الالتزام الأصلي كان يتجاوز ألف جنيه ويتطلب الكتابة.
تضمن هذه القاعدة ثبات معايير الإثبات، وتمنع التحايل على قواعد القانون من خلال الوفاء الجزئي بالالتزامات الكبيرة.
إستثنئان على القاعدة
الإستثناء الأول : وجود أتفاق بين الطرفين على خلاف القاعدة
رغم أن القاعدة العامة في الإثبات تقتضي وجوب الإثبات بالكتابة في التصرفات التي تتجاوز قيمتها ألف جنيه، إلا أنه يجوز للطرفين الاتفاق على خلاف ذلك، أي السماح بالإثبات بشهادة الشهود أو بأي وسيلة أخرى.
مضمون الاستثناء:
-
يجوز للأطراف أن يتفقوا على التخلي عن شرط الكتابة والسماح بالإثبات بالشهادة أو القرائن، حتى في التصرفات التي تتجاوز الحد القانوني.
-
يمكن أن يكون الاتفاق صريحًا أو ضمنيًا، كأن يتبادل الطرفان التعامل دون اشتراط الكتابة مسبقًا.
-
هذا الاستثناء يعكس مبدأ حرية التعاقد، حيث يمنح الأطراف الحق في تحديد وسائل الإثبات التي يرونها مناسبة.
مثال تطبيقي:
-
إذا أبرم شخصان عقد قرض شفهي بقيمة 5000 جنيه واتفقا على إمكانية إثباته بشهادة الشهود، فإن ذلك الاتفاق يُلزم الطرفين، حتى لو كان الأصل في القانون يفرض الإثبات بالكتابة.
يهدف هذا الاستثناء إلى إضفاء المرونة على قواعد الإثبات، مع مراعاة إرادة الأطراف واتفاقاتهم الخاصة
الإستثناء الثاني : وجود نص على خلاف القاعدة
إلى جانب الاتفاق بين الأطراف، قد يستثني القانون بعض الحالات من القاعدة العامة التي تشترط الإثبات بالكتابة، وذلك تحقيقًا للعدالة أو التيسير في بعض المعاملات.
مضمون الاستثناء:
-
بعض القوانين تجيز الإثبات بشهادة الشهود أو بوسائل أخرى، حتى لو تجاوزت قيمة التصرف ألف جنيه.
-
هذا الاستثناء يكون وجوبيًا، أي أن الأطراف لا يحتاجون إلى الاتفاق عليه، بل يُطبق مباشرة وفقًا للنص القانوني.
أمثلة على هذا الاستثناء:
-
المعاملات التجارية: حيث يُسمح بالإثبات بشهادة الشهود، لأن العرف التجاري يقوم على السرعة والمرونة في التعاملات.
-
حالات فقدان الدليل الكتابي بسبب قوة قاهرة: مثل ضياع المستندات في حادث حريق أو سرقة، فيسمح القانون بالإثبات بطرق أخرى.
-
الإثبات ضد التجار في مسائل معينة: مثل الدفاتر التجارية التي يمكن استخدامها كوسيلة إثبات.
يهدف هذا الاستثناء إلى تحقيق التوازن بين استقرار المعاملات والحاجة إلى وسائل إثبات مرنة في بعض الحالات الخاصة.
نصاب الإثبات بشهادة الشهود في المادة (400) من التقنين المدني (الملغاة ) وفي المادة (60) من قانون الإثبات قبل تعديلها
كانت المادة 400 من التقنين المدني المصري (الملغاة) تنص على أنه لا يجوز الإثبات بشهادة الشهود في التصرفات القانونية التي تتجاوز قيمتها 10 جنيهات، إلا في الحالات التي يجيز فيها القانون ذلك، وكان هذا الحد يتماشى مع القواعد العامة التي تشترط الكتابة في المعاملات ذات القيمة المالية الكبيرة.
أما المادة 60 من قانون الإثبات قبل تعديلها، فقد رفعت هذا النصاب إلى 20 جنيهًا، حيث كان الإثبات بشهادة الشهود غير جائز في التصرفات التي تزيد قيمتها على هذا المبلغ، إلا في الحالات المستثناة بنص قانوني أو باتفاق الطرفين.
تعكس هذه النصوص (قبل التعديل) التوجه القانوني نحو التشديد في الإثبات بالكتابة، لضمان استقرار المعاملات والحد من النزاعات القضائية، إلا أن التطورات التشريعية اللاحقة رفعت هذا النصاب تدريجيًا لتواكب التغيرات الاقتصادية وتيسير الإثبات في بعض الحالات.
تطبيق نصاب الإثبات بشهادة الشهود من حيث الزمان
يخضع نصاب الإثبات بشهادة الشهود لقواعد التطبيق الزمني للقانون، مما يعني أن القواعد التي تحدد الحد الأقصى للإثبات بالشهادة تُطبق وفقًا لتاريخ نشوء التصرف القانوني، وليس وفقًا للقانون الساري وقت نظر النزاع.
ضوابط التطبيق الزمني:
-
التصرفات التي تمت قبل تعديل النصاب تظل خاضعة للنصاب القديم، حتى لو تم رفع الحد الأقصى لاحقًا.
-
التصرفات التي تتم بعد تعديل النصاب تخضع للقانون الجديد، حتى لو كانت تتعلق بعلاقات تعاقدية نشأت قبل التعديل.
-
إذا كان هناك تعديل تشريعي أثناء نظر الدعوى، فإن القاضي يلتزم بتطبيق القانون الذي كان ساريًا وقت انعقاد التصرف، وليس وقت التقاضي.
مثال تطبيقي:
-
إذا أُبرم عقد قرض في ظل قانون يحدد النصاب بـ 20 جنيهًا، فلا يجوز الإثبات بشهادة الشهود إذا تجاوز المبلغ هذا الحد، حتى لو تم رفع النصاب لاحقًا إلى 1000 جنيه بقانون جديد.
يهدف هذا المبدأ إلى تحقيق الاستقرار القانوني ومنع الاضطراب في المعاملات بسبب التعديلات التشريعية المتلاحقة.
المادة 61 من قانون الإثبات المصري
يُعد قانون الإثبات المصري من القوانين الأساسية التي تنظم إجراءات الإثبات أمام المحاكم، حيث يحدد الوسائل المشروعة لإثبات الحقوق والالتزامات. ومن بين مواده الهامة، تأتي المادة 61 التي تتناول مسألة الإثبات من خلال دفاتر التجار، وهي مسألة بالغة الأهمية في الدعاوى التجارية.
نص المادة 61 من قانون الإثبات المصري
تنص المادة 61 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 على ما يلي:
لا يجوز الإثبات بشهادة الشهود لو لم تزد القيمة على خمسمائة جنيه .
(أ) فيما يخالف أو يجاوز ما إشتمل عليه دليل كتابي .
(ب) إذا كان المطلوب هو الباقي أو هو جزء من حق لا يجوز إثباته إلا بالكتابة .
(ج) إذا طالب أحد الخصوم في الدعوى بما تزيد قيمته على خمسمائة جنيه ثم عدل عن طلبه إلا ما لا يزيد على هذه القيمة .
شرح وتحليل المادة
حجية دفاتر التجار
توضح المادة 61 أن دفاتر التجار لا تكون حجة على غير التجار، أي أن شخصًا غير تاجر لا يمكن إلزامه بما هو وارد في دفاتر التاجر إلا إذا كان هناك دليل آخر يكمله. وهذا يعكس الطبيعة الخاصة لهذه الدفاتر التي تعد وسيلة إثبات بين التجار فقط.
استخدام دفاتر التجار كدليل ضد غير التجار
رغم أن دفاتر التجار ليست حجة كاملة ضد غير التجار، فإنها تصلح لأن تكون مبدأً للكتابة، مما يعني أن القاضي يمكنه استخدامها كبداية دليل وليس كدليل كامل. وفي هذه الحالة، يجوز للقاضي استكمال هذا الدليل بشهادة الشهود، وهو ما يمنح بعض المرونة في الإثبات أمام المحاكم.
التأثير العملي للمادة 61
-
إذا كان النزاع بين تاجر وشخص غير تاجر، لا يمكن الاعتماد على دفاتر التاجر وحدها كدليل ملزم، بل يجب استكمالها بوسائل إثبات أخرى مثل الشهادات أو القرائن.
-
في حالة وجود تعاملات بين التجار، تكون دفاتر التاجر ذات حجية أقوى وفقًا للمادة 59 من القانون.
-
توفر المادة حماية للأطراف غير التجارية من أن يتم إلزامهم بدليل غير مكتمل قد يكون عرضة للتلاعب أو الخطأ.
التطبيقات القضائية للمادة 61
تأكيدًا لمضمون المادة، فقد استقر قضاء محكمة النقض المصرية على أن دفاتر التجار لا تصلح دليلاً كاملًا ضد غير التجار، ولكن يمكن أن تشكل بداية دليل يمكن استكماله بشهادة الشهود أو القرائن الأخرى، مما يعزز مبدأ العدالة في الإثبات.
خاتمة
المادة 61 من قانون الإثبات المصري تمثل ضمانة قانونية مهمة تحمي الأطراف غير التجارية من إلزامهم بما يرد في دفاتر التجار دون أدلة إضافية. كما تمنح القاضي سلطة تقديرية في استكمال الإثبات بوسائل أخرى، مما يعكس التوازن بين حماية حقوق التجار وضمان عدالة الإثبات للأطراف الأخرى.
حالات لا يجوز فيها الإثبات بشهادة الشهود ولو لم تزد القيمة على ألف جنيه
هناك حالات لا يجوز فيها الإثبات بشهادة الشهود حتى لو لم تتجاوز قيمة التصرف ألف جنيه، وفقًا لقانون الإثبات المصري. من بين هذه الحالات:
(الحالة الأولى ) ما يخالف أو يجاوز ما أشتمل عليه دليل كتابي
لا يجوز الإثبات بشهادة الشهود فيما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه دليل كتابي، وفقًا لقواعد قانون الإثبات المصري. ويعني ذلك أنه إذا تم توثيق اتفاق أو التزام معين في محرر كتابي، فلا يمكن لأحد الأطراف تقديم شهادة الشهود لإثبات أمر يتعارض مع ما ورد في هذا المستند أو يضيف إليه التزامات جديدة لم تُذكر فيه.
وتأتي هذه القاعدة لضمان استقرار المعاملات ومنع التلاعب أو تغيير مضمون الاتفاقات بعد توثيقها رسميًا. ومع ذلك، هناك استثناءات لهذه القاعدة، مثل حالات وجود غش أو تدليس أو إذا كان هناك مانع أدبي حال دون الحصول على دليل كتابي.
حكمة القاعدة
تقوم قاعدة عدم جواز الإثبات بشهادة الشهود فيما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه دليل كتابي على تحقيق الاستقرار القانوني وحماية المعاملات من التقلبات. فوجود مستند كتابي موثق يضمن وضوح الاتفاقات بين الأطراف ويحد من النزاعات التي قد تنشأ بسبب اختلاف الروايات أو الادعاءات اللاحقة.
كما تهدف القاعدة إلى تقليل فرص التزوير والاحتيال، حيث إن الاعتماد على الكتابة يجعل الاتفاقات أكثر مصداقية وقوة أمام القضاء، بخلاف الشهادة التي قد تتأثر بعوامل شخصية مثل النسيان أو التحيز. ومع ذلك، فإن القانون يوازن بين الصرامة في تطبيق هذه القاعدة وبين تحقيق العدالة، من خلال السماح بالاستثناءات في حالات مثل وجود غش أو مانع أدبي حال دون توثيق التصرف كتابيًا.
نطاق القاعدة
(أ) إنطباق القاعدة بين المتعاقدين
(ب) القاعدة قاصرة على المواد المدنية
(أ) إنطباق القاعدة بين المتعاقدين
تنطبق قاعدة عدم جواز الإثبات بشهادة الشهود فيما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه دليل كتابي بشكل رئيسي بين المتعاقدين، أي الأطراف الذين أبرموا العقد أو الاتفاق. ويعني ذلك أنه إذا تم توثيق العلاقة التعاقدية في محرر كتابي، فلا يجوز لأي من الطرفين الادعاء بعكس ما ورد فيه أو إضافة التزامات جديدة لم تُذكر باستخدام شهادة الشهود.
وتستند هذه القاعدة إلى مبدأ احترام إرادة المتعاقدين، حيث يفترض أن الكتابة تعبر بدقة عن مضمون الاتفاق، وبالتالي لا يمكن لأحد الأطراف التحايل على ذلك بإثبات أمور مخالفة بوسائل غير رسمية. ومع ذلك، لا تسري هذه القاعدة على الغير، أي من لم يكن طرفًا في العقد، حيث يمكنهم الإثبات بكافة الطرق المتاحة قانونًا، بما في ذلك الشهادة.
(ب) القاعدة قاصرة على المواد المدنية
تُعتبر قاعدة عدم جواز الإثبات بشهادة الشهود فيما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه دليل كتابي قاعدة خاصة بالمواد المدنية، ولا تمتد إلى المواد الجنائية. ويرجع ذلك إلى اختلاف طبيعة كل من النظامين القانونيين، حيث يهدف القانون المدني إلى تحقيق الاستقرار في المعاملات من خلال الاعتماد على الأدلة المكتوبة، بينما يسعى القانون الجنائي إلى كشف الحقيقة بأي وسيلة ممكنة لحماية المجتمع وتحقيق العدالة الجنائية.
ولهذا، في القضايا الجنائية، يمكن الإثبات بكافة الطرق، بما في ذلك شهادة الشهود، حتى لو كان هناك مستند كتابي يخالفها، لأن الأصل في المسائل الجنائية هو حرية الإثبات لضمان عدم إفلات الجناة من العقاب بسبب قيود شكلية.
شروط تطبيق القاعدة
الشرط الأول : أن يوجد دليل كتابي
لكي تُطبق قاعدة عدم جواز الإثبات بشهادة الشهود فيما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه دليل كتابي، يجب أن يوجد دليل كتابي صحيح يوثق التصرف القانوني أو الالتزام محل النزاع. فإذا لم يكن هناك أي مستند كتابي، فإن القاعدة لا تنطبق، ويجوز الإثبات بكافة الطرق المتاحة، بما في ذلك شهادة الشهود.
ويُشترط في الدليل الكتابي أن يكون كاملاً ومكتمل الأركان، بحيث يحدد بوضوح الحقوق والالتزامات بين الأطراف. أما إذا كان المستند ناقصًا أو غير واضح، فقد يسمح القاضي باستكماله بوسائل إثبات أخرى، مثل الشهادة أو القرائن. كما أن وجود دليل كتابي لا يمنع الإثبات بالشهادة في حالات الاستثناء، مثل وجود غش أو تدليس أو قوة قاهرة منعت الحصول على مستند مكتوب.
الشرط الثاني : أن يكون المراد إثباته يخالف أو يجاوز ما أشتمل عليه دليل كتابي
لكي تُطبق قاعدة عدم جواز الإثبات بشهادة الشهود فيما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه دليل كتابي، يجب أن يكون الأمر المراد إثباته مناقضًا لما ورد في الدليل الكتابي أو يتضمن إضافة جديدة لم ترد فيه. فإذا كان الإثبات يتعلق بأمر مختلف تمامًا عن مضمون المستند، فلا تسري القاعدة، ويجوز الإثبات بالشهادة.
فمثلاً، إذا كان هناك عقد بيع مكتوب يحدد سعرًا معينًا للمبيع، فلا يجوز لأحد الأطراف الادعاء بسعر مختلف واللجوء لشهادة الشهود لإثبات ذلك، لأن هذا يخالف ما ورد في الدليل الكتابي. وكذلك، إذا حاول أحد الأطراف إثبات شرط إضافي لم يُذكر في العقد، كوجود ضمان إضافي، فإن ذلك يُعد تجاوزًا لمضمون المستند، وبالتالي لا يُقبل الإثبات بالشهادة.
أما إذا كان المطلوب إثباته لا يتعارض مع الكتابة ولا يضيف إليها، وإنما يتعلق بأمر آخر لم يذكر أصلًا في المستند، فيمكن إثباته بكافة الوسائل، بما فيها الشهادة.
الوضع بالنسبة لبعض المسائل
بالرغم من أن قاعدة عدم جواز الإثبات بشهادة الشهود فيما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه دليل كتابي تُطبق بصفة عامة في المواد المدنية، إلا أن هناك بعض المسائل التي يختلف فيها التطبيق وفقًا لطبيعتها.
فعلى سبيل المثال، في المعاملات التجارية، يُسمح بالإثبات بشهادة الشهود حتى لو تجاوزت القيمة المحددة قانونًا، نظرًا لطبيعة التعاملات التجارية التي تعتمد على السرعة والثقة المتبادلة أكثر من التوثيق الكتابي.
أما في المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية، مثل الزواج أو الطلاق، فإن القانون يشترط الكتابة في بعض الحالات لحماية الحقوق، لكنه قد يقبل الإثبات بالشهادة في حالات استثنائية، كوجود موانع أدبية حالت دون التوثيق.
وفي دعاوى المسؤولية التقصيرية، مثل التعويض عن الضرر الناتج عن الفعل غير المشروع، لا يكون هناك عادةً التزام كتابي، ولذلك يمكن الإثبات بكافة الوسائل، بما في ذلك شهادة الشهود.
وهكذا، فإن تطبيق القاعدة يختلف باختلاف نوع القضية، مما يعكس مرونة القانون في تحقيق العدالة وفقًا لظروف كل حالة.
(1) تجديد الدين
تجديد الدين هو أحد أسباب انقضاء الالتزام، ويعني استبدال التزام قديم بالتزام جديد يختلف عنه في مصدره أو موضوعه أو أطرافه، بحيث ينقضي الالتزام الأصلي ويحل محله التزام جديد. ويشترط لصحة تجديد الدين أن يكون هناك تغيير جوهري في الالتزام، مثل استبدال الدائن أو المدين أو تعديل محل الالتزام نفسه.
ويتم التجديد عادةً بإرادة الأطراف، ويجب أن يكون واضحًا وصريحًا، فلا يُفترض التجديد بمجرد تعديل بعض شروط الدين، بل يجب أن يكون القصد منه إنهاء الالتزام القديم واستبداله بجديد. كما أن التجديد لا يفترض، بل يجب إثباته بدليل كتابي وفقًا لقواعد الإثبات، خاصة إذا كان الدين الأصلي موثقًا كتابيًا.
ومن أمثلة التجديد، أن يتفق الدائن والمدين على استبدال دين نقدي قديم بالتزام جديد، مثل تقديم عقار كضمان بدلاً من السداد النقدي، أو أن يتم تغيير المدين بحيث يتعهد شخص آخر بسداد الدين مكان المدين الأصلي بموافقة الدائن.
(2) الخطأ المادي أو الحسابي في كشف حساب
قد يحدث خطأ مادي أو حسابي في كشف الحساب نتيجة سهو أو إدخال بيانات غير دقيقة أثناء إعداد الحسابات، مثل أخطاء الجمع أو الطرح أو تسجيل مبلغ غير صحيح. وفي هذه الحالة، يحق لمن صدر له كشف الحساب أن يطعن فيه ويطلب تصحيحه، بشرط أن يُثبت وجود الخطأ بوسائل الإثبات المقبولة قانونًا، مثل المستندات المحاسبية أو الخبرة الفنية.
ولا يُعتبر كشف الحساب ملزمًا بشكل مطلق إذا شابه خطأ مادي أو حسابي واضح، حيث يجوز تصحيحه دون الحاجة إلى اتفاق جديد بين الأطراف، وذلك وفقًا للقواعد العامة في تصحيح الأخطاء الحسابية. ومع ذلك، يجب أن يتم التصحيح في أقرب وقت ممكن بعد اكتشاف الخطأ، لتجنب أي التزامات غير صحيحة قد تترتب على البيانات الخاطئة.
(3) إثبات صدور إذن شفوى خلاقا للشرط المكتوب
إذا كان هناك شرط مكتوب ينص على وجوب الحصول على إذن كتابي لتنفيذ تصرف معين، فلا يجوز إثبات صدور إذن شفوي يخالف هذا الشرط بشهادة الشهود أو القرائن، وفقًا لقاعدة عدم جواز الإثبات بالشهادة فيما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه دليل كتابي.
ويُستثنى من ذلك بعض الحالات التي يجوز فيها إثبات الإذن الشفوي رغم وجود شرط كتابي، مثل وجود مانع أدبي حال دون الحصول على إذن كتابي، أو إذا كان هناك غش أو تدليس أدى إلى عدم توثيق الإذن كتابيًا. كما قد يسمح القاضي بالإثبات بطرق أخرى، مثل القرائن القوية أو المراسلات المتبادلة بين الأطراف، إذا دلت على وجود الإذن الشفوي بالفعل.
(4) عدم ذكر سبب الإلتزام
عدم ذكر سبب الالتزام في العقد أو المحرر لا يؤثر على صحته ما لم يكن السبب غير مشروع أو مخالفًا للنظام العام والآداب. فالأصل في الالتزامات أنها مفترضة المشروعية، وبالتالي لا يشترط ذكر السبب في العقد صراحة، إلا إذا طعن أحد الأطراف في مشروعية الالتزام أو أنكر وجود سبب له.
وفي حالة النزاع، يجوز لمن له مصلحة أن يثبت السبب الحقيقي للالتزام بكافة طرق الإثبات، خاصة إذا كان هناك ادعاء بأن الالتزام يخفي تصرفًا آخر غير مشروع، مثل التحايل على القانون أو إخفاء رهن في صورة بيع. أما إذا تبين أن الالتزام بلا سبب أو أن سببه غير مشروع، فإنه يُعد باطلًا وفقًا للقواعد العامة في القانون المدني.
(5) إثبات عيوب الرضا
يُقصد بـ إثبات عيوب الرضا إثبات أن إرادة أحد المتعاقدين لم تكن حرة وسليمة عند إبرام العقد، بسبب وقوعه في الغلط أو التدليس أو الإكراه أو الاستغلال. ويُعد إثبات هذه العيوب أمرًا جوهريًا، لأنه إذا ثبت وجود أحدها، جاز للمتضرر طلب إبطال العقد أو تعديله وفقًا لما يقتضيه العدل.
ويجوز إثبات عيوب الرضا بكافة طرق الإثبات، بما في ذلك شهادة الشهود والقرائن، حتى لو كان التصرف يتطلب الإثبات بالكتابة، لأن هذه العيوب تتعلق بالنظام العام وتهدف إلى حماية الإرادة الحرة للمتعاقدين. كما يمكن اللجوء إلى أدلة أخرى مثل المراسلات، التسجيلات، أو أي دلائل مادية تثبت أن أحد الأطراف تعرض للخداع أو الضغط غير المشروع عند التعاقد.
(6) إثبات التاريخ الذي حررت فيه الورقة
يُقصد بـ إثبات التاريخ الذي حُررت فيه الورقة التأكد من التاريخ الحقيقي الذي تم فيه تحرير المستند، وهو أمر مهم في كثير من التصرفات القانونية، خاصة فيما يتعلق بالأولوية بين الحقوق، واحتساب المدد القانونية، وتحديد سريان الآثار القانونية للعقد.
ويتم إثبات تاريخ الورقة بطرق متعددة، منها التصديق عليها من جهة رسمية مثل الشهر العقاري، أو تسجيلها في السجلات التجارية أو الضريبية، أو وجود واقعة ثابتة رسمياً تُشير إلى تاريخها، مثل وفاة أحد الموقعين على المستند أو استخدامه في دعوى قضائية. كما يمكن إثبات التاريخ بالشهادة أو القرائن إذا لم يكن هناك إلزام قانوني بالتوثيق الرسمي.
(7) الغش والإحتيال على القانون
يُقصد بـ الغش والاحتيال على القانون لجوء الأفراد إلى وسائل احتيالية أو تصرفات شكلية بقصد الالتفاف على القواعد القانونية الإلزامية، بهدف تحقيق مصلحة غير مشروعة أو تفادي التزامات قانونية. ويتميز هذا السلوك بأنه ظاهريًا يتوافق مع نصوص القانون، لكنه في حقيقته يخالف مقصده وأهدافه.
ومن أمثلة ذلك، قيام شخص بإبرام عقد صوري لنقل ملكية أمواله للغير بغرض التهرب من الدائنين، أو لجوء طرف أجنبي إلى الزواج الصوري للحصول على جنسية دولة معينة. وعند اكتشاف الغش، يحق للمحكمة عدم الاعتداد بالتصرفات الاحتيالية وإبطالها أو تعديل آثارها، تحقيقًا لمبدأ عدم جواز التحايل على القانون وحماية الحقوق المشروعة للأطراف الأخرى.
(8) تفسير العقود
تفسير العقود هو العملية التي يلجأ إليها القاضي أو المحكم لفهم وتوضيح المقصود من نصوص العقد عندما تكون غامضة أو تحتمل أكثر من معنى. ويهدف التفسير إلى الكشف عن النية المشتركة للمتعاقدين دون التقيد بالحرفية المطلقة للألفاظ، مع مراعاة طبيعة العقد وظروف التعاقد.
ويعتمد التفسير على عدة قواعد قانونية، منها قاعدة تفسير الشك لمصلحة المدين، ووجوب قراءة العقد كوحدة متكاملة بحيث لا يتم اجتزاء نص دون النظر إلى باقي البنود. كما يجوز للقاضي الاستعانة بالعرف الجاري بين الأطراف أو السوابق التعاقدية لتوضيح الغموض. وإذا كان النص واضحًا فلا محل للتفسير، إذ لا اجتهاد مع وضوح العبارات وفقًا للقانون.
الحالة الثانية : إذا كان المطلوب هو الباقي أو هو جزء من حق لا يجوز إثباته إلا بالكتابة
إذا كان المطلوب إثباته هو الباقي من حق لا يجوز إثباته إلا بالكتابة، أو جزء من هذا الحق، فإن القاعدة العامة تمنع الإثبات بشهادة الشهود، لأن الجزء تابع للكل، وما دام الأصل لا يجوز إثباته بالشهادة، فإن القاعدة تمتد إلى الباقي أو الجزء.
ومثال ذلك، إذا كان هناك اتفاق مكتوب على قرض بمبلغ كبير لا يجوز إثباته إلا بالكتابة، فلا يمكن لأحد الأطراف الادعاء بسداد جزء منه أو المطالبة بالباقي استنادًا إلى شهادة الشهود فقط. ويهدف هذا المبدأ إلى الحفاظ على استقرار المعاملات ومنع التحايل على قاعدة وجوب الإثبات بالكتابة من خلال الادعاء بجزء من الالتزام فقط.
القاعدة
تنص القاعدة العامة في الإثبات على أنه لا يجوز الإثبات بشهادة الشهود فيما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه دليل كتابي، وذلك تحقيقًا للاستقرار في المعاملات ومنع النزاعات التي قد تنشأ نتيجة اختلاف الروايات أو الادعاءات اللفظية.
وتهدف هذه القاعدة إلى إعطاء الكتابة حجية أقوى في الإثبات، خاصة في التصرفات القانونية التي تتجاوز حدًا معينًا من القيمة، حيث يتطلب القانون وجود دليل مكتوب لضمان الجدية وحماية حقوق الأطراف. ومع ذلك، هناك استثناءات لهذه القاعدة، مثل حالة وجود غش أو تدليس، أو إذا وُجد مانع أدبي حال دون توثيق التصرف كتابيًا، مما يسمح بالإثبات بالشهادة تحقيقًا للعدالة.
الحالة الثالثة : إذا طالب أحد الخصوم في الدعوى بما تزيد قيمته على ألف جنيه ثم عدل عن طلبه إلى ما لايزيد على هذه القيمة
إذا قام أحد الخصوم في الدعوى بالمطالبة بحق تزيد قيمته على ألف جنيه، ثم عدل عن طلبه إلى ما لا يزيد على هذا الحد، فإن ذلك لا يؤثر على قواعد الإثبات، ولا يغير من وجوب الإثبات بالكتابة.
فالقاعدة تنظر إلى الحق المدعى به في أصله وليس بعد تعديله، فإذا كان الحق عند المطالبة الأولى يتجاوز الحد الذي يستوجب الإثبات بالكتابة، فلا يجوز للمدعي التحايل بتخفيض قيمة المطالبة ليتمكن من الإثبات بشهادة الشهود. وبهذا، فإن التعديل اللاحق للطلب لا يُبيح وسيلة إثبات لم تكن جائزة منذ البداية، حفاظًا على استقرار القواعد القانونية ومنع التحايل عليها.
القاعدة
تنص القاعدة العامة في الإثبات على أنه لا يجوز الإثبات بشهادة الشهود فيما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه دليل كتابي، وذلك لضمان استقرار المعاملات وحماية الحقوق من التقلبات الناتجة عن الادعاءات اللفظية.
وتعني هذه القاعدة أنه إذا كان التصرف القانوني يتطلب دليلًا كتابيًا وفقًا للقانون، فلا يمكن إثباته أو نفيه بشهادة الشهود وحدها. وتهدف هذه القاعدة إلى تجنب التلاعب والتزوير، خاصة في المعاملات المالية والعقود المهمة. ومع ذلك، فقد وضع القانون استثناءات تتيح الإثبات بالشهادة في بعض الحالات، مثل وجود غش أو تدليس، أو إذا كان هناك مانع أدبي حال دون توثيق التصرف كتابةً، مما يحقق التوازن بين حماية الحقوق وتحقيق العدالة.
المادة 62 من قانون الإثبات المصري
يُعد قانون الإثبات المصري أحد الركائز الأساسية في تنظيم وسائل الإثبات أمام المحاكم، حيث يحدد طرق الإثبات القانونية وشروط قبول الأدلة. وتأتي المادة 62 من القانون لتتناول مسألة جوهرية تتعلق باليمين الحاسمة، باعتبارها وسيلة إثبات نهائية قد يلجأ إليها أحد الخصوم للفصل في النزاع عندما لا يكون هناك دليل قاطع آخر. تهدف هذه المقالة إلى تحليل نص المادة 62، وبيان تطبيقاتها العملية، وأهم الأحكام القضائية ذات الصلة.
نص المادة 62 من قانون الإثبات المصري
تنص المادة 62 من قانون الإثبات المصري رقم 25 لسنة 1968 على ما يلي:
يجوز الإثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بالكتابة إذا وجد مبدأ ثبوت الكتابة .
وكل كتابة تصدر من الخصم يكون من شأنها أن تجعل وجود التصرف المدعي قريب الاحتمال تعتبر مبدأ ثبوت الكتابة .
شرح وتحليل نص المادة
ماهية اليمين الحاسمة
اليمين الحاسمة هي وسيلة إثبات تُستخدم عندما يعجز أحد الخصوم عن تقديم دليل قانوني على صحة ادعائه، فيلجأ إلى طلب توجيه اليمين إلى خصمه لحسم النزاع. ويترتب على حلف اليمين أو النكول عنها الفصل في النزاع بشكل نهائي.
حق الخصوم في توجيه اليمين الحاسمة
تنص المادة على أن اليمين الحاسمة يمكن توجيهها من أي من الخصمين إلى الآخر في أي مرحلة من مراحل الدعوى، سواء أثناء نظر القضية في محكمة أول درجة أو خلال مراحل الاستئناف.
سلطة المحكمة في رفض توجيه اليمين
رغم أن الأصل هو حق الخصم في توجيه اليمين، إلا أن المادة 62 تمنح المحكمة سلطة تقديرية في رفض توجيهها إذا رأت أن ذلك يشكل تعسفًا. ومن أمثلة التعسف:
-
توجيه اليمين بشكل متكرر دون مبرر.
-
استخدامها للضغط على الخصم بشكل غير عادل.
-
أن يكون توجيهها في مسألة لا يجوز الحلف عليها قانونًا.
التطبيقات العملية للمادة 62
متى تُقبل اليمين الحاسمة؟
-
إذا لم يكن هناك دليل كتابي أو أي وسيلة إثبات أخرى متاحة.
-
إذا تعذر على المدعي تقديم دليل على صحة ادعائه.
-
إذا كانت الواقعة المطلوب إثباتها مما يجوز إثباتها باليمين وفقًا للقانون.
حالات رفض المحكمة لتوجيه اليمين
-
إذا كان الطلب بقصد المماطلة أو الإضرار بالخصم.
-
إذا كان الموضوع محل النزاع متعلقًا بمسائل لا يجوز إثباتها باليمين، مثل الحقوق غير القابلة للتصرف.
الفرق بين اليمين الحاسمة واليمين المتممة
-
اليمين الحاسمة: توجهها الخصوم بعضهم لبعض وتفصل في النزاع نهائيًا.
-
اليمين المتممة: توجهها المحكمة لأحد الخصوم لاستكمال دليل ناقص، ولا تُحسم بها القضية بمفردها.
خاتمة
تُعد المادة 62 من قانون الإثبات المصري من النصوص الجوهرية التي تنظم استخدام اليمين الحاسمة كوسيلة إثبات، مع منح المحكمة سلطة تقديرية لمنع التعسف في استخدامها. ويتضح من التطبيقات القضائية أن هذه اليمين قد تكون حاسمة في الفصل في الدعاوى، ولكن لا يمكن استخدامها بغير ضوابط وإلا رفضتها المحكمة.
التصرفات التي لا يجوز إثباتها بشهادة الشهود رغم وجود مبدأ ثبوت بالكتابة
وفقًا لقانون الإثبات المصري، هناك تصرفات قانونية لا يجوز إثباتها بشهادة الشهود حتى في وجود مبدأ ثبوت بالكتابة، ومن أبرز هذه التصرفات التصرفات التي تتطلب شكلية معينة أو تلك التي يفرض القانون إثباتها بالكتابة كضمان لحماية الحقوق. ومن الأمثلة على ذلك: العقود التي تزيد قيمتها على 500 جنيه، والتصرفات العقارية كبيع الأراضي أو العقارات، وعقود الزواج والطلاق، والتصرفات التي يشترط القانون توثيقها رسميًا. والسبب في ذلك هو ضرورة تحقيق الاستقرار في التعاملات القانونية والحد من المنازعات التي قد تنشأ بسبب الشهادات الشفهية، مما يضمن وضوح الأدلة وقطعية الإثبات.
الشروط الواجب توافرها في مبدأ الثبوت بالكتابة
الشرط الأول : وجود ورقة مكتوبة
يشترط في مبدأ الثبوت بالكتابة أن توجد ورقة مكتوبة صادرة عن الخصم المراد إلزامه، أي أن تتضمن مستندًا خطيًا يمكن الاستناد إليه كدليل غير كامل. وهذه الكتابة قد تكون في صورة خطاب، إيصال، مسودة عقد، مذكرة شخصية، أو حتى ورقة غير موقعة، طالما أنها تنسب إلى الخصم وتدل على وجود التصرف القانوني المدعى به. ولا يشترط أن تكون هذه الورقة مستوفية لجميع شروط الدليل الكتابي الكامل، ولكن يجب أن تتضمن إشارات أو عبارات تفيد بوجود العلاقة القانونية بين الطرفين. وتُعد هذه الكتابة حجر الأساس الذي يسمح للمحكمة بالانتقال إلى وسائل الإثبات الأخرى، مثل شهادة الشهود أو القرائن، لاستكمال الإثبات.
مضمون الشرط
يتعلق مضمون شرط وجود ورقة مكتوبة في مبدأ الثبوت بالكتابة بضرورة أن تتضمن هذه الكتابة إشارة صريحة أو ضمنية إلى الواقعة القانونية المدعى بها، بحيث تجعل وجودها قريب الاحتمال. ويعني ذلك أن المستند المكتوب لا يلزم أن يكون عقدًا رسميًا أو مستوفيًا لجميع الشروط الشكلية، ولكنه يجب أن يحمل دلالة واضحة على التصرف القانوني محل النزاع. فقد تكون الكتابة ناقصة أو غير موقعة، لكنها تكفي إذا كانت صادرة عن الخصم أو منسوبة إليه بطريقة تجعل التصرف المدعى به غير مستبعد. ويُترك تقدير مدى كفاية هذه الكتابة للمحكمة، التي تنظر في ملابسات كل قضية على حدة لتحديد ما إذا كانت تؤيد الادعاء بشكل مقبول.
هل يعتبر الكلام المسجل على شريط جهاز تسجيل مبدأ ثبوت بالكتابة
لا يُعتبر الكلام المسجل على شريط جهاز تسجيل مبدأ ثبوت بالكتابة وفقًا لقواعد الإثبات التقليدية في القانون المصري، لأن مبدأ الثبوت بالكتابة يشترط وجود مستند مكتوب يحمل دلالة على التصرف القانوني المدعى به. والتسجيلات الصوتية، رغم إمكانية استخدامها كقرينة أو وسيلة مساعدة في الإثبات، لا تُعد كتابةً بالمعنى القانوني الدقيق، لأنها لا تتضمن عناصر الدليل الكتابي الذي يتطلبه القانون. ومع ذلك، قد تأخذ المحكمة بهذه التسجيلات كقرينة تعزز أدلة أخرى، أو يتم الاعتداد بها إذا أقترنت باعتراف صريح من الخصم، ولكنها بمفردها لا تكفي لإقامة مبدأ الثبوت بالكتابة.
توافر شرط الكتابة مسألة قانونية
يُعد توافر شرط الكتابة في مبدأ الثبوت بالكتابة مسألة قانونية تخضع لتقدير المحكمة وفقًا لقواعد الإثبات المنصوص عليها في القانون. فالمحكمة هي الجهة المختصة بالفصل في مدى كفاية الورقة المقدمة لإثبات وجود التصرف القانوني المدعى به، وما إذا كانت هذه الكتابة تجعل التصرف قريب الاحتمال. ويعتمد هذا التقدير على طبيعة المستند، ومحتواه، وظروف إصداره، ومدى ارتباطه بالواقعة محل النزاع. لذا، فإن تقدير وجود مبدأ الثبوت بالكتابة ليس مجرد مسألة موضوعية بل يخضع لرقابة محكمة النقض، التي تتحقق من مدى التزام المحكمة بتفسير النصوص القانونية بشكل صحيح عند قبول أو رفض هذه الوسيلة من وسائل الإثبات.
الشرط الثاني : صدور الكتابة من الخصم
يشترط في مبدأ الثبوت بالكتابة أن تصدر الكتابة من الخصم المراد إلزامه أو تكون منسوبة إليه بطريقة تجعلها حجة عليه. وهذا يعني أن الورقة المقدمة كدليل يجب أن تحمل دلالة واضحة على أن الخصم كتبها بنفسه، أو وقّع عليها، أو أقرّ بمحتواها بأي وسيلة من وسائل الإثبات المقبولة قانونًا. ولا يشترط أن تكون الكتابة في شكل رسمي أو موثقة، بل يكفي أن تتضمن إشارة إلى التصرف القانوني المدعى به. كما يجوز أن تكون الكتابة صادرة عن وكيل الخصم أو أي شخص يعمل بتوجيه منه، طالما كان مضمونها يعبر عن إرادته. ويبقى لمحكمة الموضوع سلطة تقدير مدى صحة نسبة هذه الكتابة إلى الخصم وفقًا للظروف والأدلة المقدمة في القضية.
مضمون الشرط
يتعلق مضمون شرط صدور الكتابة من الخصم بضرورة أن تكون الورقة التي يستند إليها المدعي في إثبات مبدأ الثبوت بالكتابة منسوبة إلى الخصم المراد إلزامه بطريقة لا تدع مجالًا للشك. ويعني ذلك أن يكون الخصم قد كتبها بخط يده، أو وقّع عليها، أو أرسلها بنفسه، أو أقرّ بها بأي وسيلة قانونية. كما يمكن أن تصدر الكتابة عن وكيله أو ممثله القانوني إذا كانت في نطاق سلطته. ولا يشترط أن تكون الكتابة موجهة مباشرة إلى الطرف الآخر، فقد تكون مذكرة داخلية، أو مسودة عقد، أو حتى رسالة غير رسمية، طالما أنها تتضمن اعترافًا ضمنيًا أو صريحًا بالتصرف محل النزاع. وتبقى سلطة المحكمة في تقدير مدى كفاية هذه الكتابة لتكوين مبدأ الثبوت خاضعة لرقابة محكمة النقض.
صدور الكتابة ممن يمثل الخصم
يتعلق مضمون شرط صدور الكتابة من الخصم بضرورة أن تكون الورقة التي يستند إليها المدعي في إثبات مبدأ الثبوت بالكتابة منسوبة إلى الخصم المراد إلزامه بطريقة لا تدع مجالًا للشك. ويعني ذلك أن يكون الخصم قد كتبها بخط يده، أو وقّع عليها، أو أرسلها بنفسه، أو أقرّ بها بأي وسيلة قانونية. كما يمكن أن تصدر الكتابة عن وكيله أو ممثله القانوني إذا كانت في نطاق سلطته. ولا يشترط أن تكون الكتابة موجهة مباشرة إلى الطرف الآخر، فقد تكون مذكرة داخلية، أو مسودة عقد، أو حتى رسالة غير رسمية، طالما أنها تتضمن اعترافًا ضمنيًا أو صريحًا بالتصرف محل النزاع. وتبقى سلطة المحكمة في تقدير مدى كفاية هذه الكتابة لتكوين مبدأ الثبوت خاضعة لرقابة محكمة النقض.
صدور الكتابة من الخصم مسألة قانونية
يشمل شرط صدور الكتابة من الخصم أن تكون صادرة عنه شخصيًا أو عن من يمثله قانونًا، مثل الوكيل أو النائب أو الممثل القانوني. فإذا كانت الكتابة قد صدرت عن وكيل الخصم في حدود صلاحياته المخولة له بموجب وكالة رسمية، أو عن ممثل الشركة في نطاق اختصاصه، فإنها تُعد حجة على الموكل أو الجهة الممثلة، ويمكن اعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة. كما أن الكتابة الصادرة عن أحد الموظفين التابعين للخصم، إذا كانت متعلقة بعمله وبعلم وإقرار صاحب الشأن، يمكن أن تُستخدم كدليل كتابي غير مكتمل. ومع ذلك، إذا تجاوز الممثل حدود صلاحياته أو لم يكن مخولًا رسميًا، فإن هذه الكتابة قد لا تكون ملزمة للخصم، وتخضع لتقدير المحكمة وفقًا لظروف القضية.
الشرط الثالث : أن يكون من شأن الكتابة أن تجعل المدعى به قريب الأحتمال
يشترط في مبدأ الثبوت بالكتابة أن تكون الورقة المكتوبة كافية لجعل التصرف المدعى به قريب الاحتمال، أي أن تتضمن إشارات أو عبارات تفيد بوقوع التصرف محل النزاع أو ترجح حدوثه. ولا يشترط أن يكون المستند دليلاً كاملاً، لكنه يجب أن يحمل من الدلالات ما يكفي لإقناع المحكمة بأن التصرف قد وقع بالفعل. فقد تكون هذه الكتابة في شكل مراسلات، إيصالات، مسودات عقود، أو أي مستند آخر يشير إلى وجود علاقة قانونية بين الأطراف. وتقدير ما إذا كانت الكتابة تجعل الادعاء قريب الاحتمال هو مسألة متروكة لسلطة المحكمة، التي تدرس السياق والملابسات المحيطة بالمستند لتحديد مدى قوته في دعم الادعاء.
المقصود بقرب الإحتمال
المقصود بقرب الاحتمال في نطاق مبدأ الثبوت بالكتابة هو أن تكون الكتابة المقدمة دالة على وجود التصرف المدعى به أو على الأقل ترجح وقوعه، حتى وإن لم تكن دليلاً كاملاً بذاتها. ويعني ذلك أن المستند يجب أن يتضمن إشارات أو عبارات تفيد بوجود علاقة قانونية بين الخصمين، أو تدل على التزام محتمل، بحيث لا يكون الادعاء مجرد افتراض أو ادعاء لا سند له. ولا يشترط أن تكون الكتابة صريحة أو تفصيلية، بل يكفي أن تجعل الواقعة المدعى بها قابلة للتصديق بشكل معقول. ويخضع تقدير مدى تحقق هذا الشرط لسلطة المحكمة، التي تزن الأدلة والملابسات المحيطة بالواقعة للحكم على مدى اقتراب التصرف من الحقيقة.
تفصيل في إحتمال دلالة الكتابة
تختلف درجة احتمال دلالة الكتابة على التصرف القانوني المدعى به وفقًا لطبيعة المستند وظروف إعداده ومحتواه. فقد تكون الدلالة قوية ومباشرة عندما تتضمن الكتابة إشارة واضحة إلى التصرف، مثل ذكر مبلغ مالي في إيصال مرتبط ببيع معين، أو الإشارة إلى اتفاق ضمني بين الطرفين. وقد تكون الدلالة غير مباشرة ولكنها كافية إذا احتوت الكتابة على عبارات تفيد بوجود علاقة سابقة أو تعامل بين الخصمين، مما يجعل الادعاء قريب الاحتمال. أما إذا كانت الدلالة غامضة أو بعيدة عن موضوع النزاع، فإنها قد لا تكفي لتكوين مبدأ الثبوت بالكتابة. وتقدير مدى كفاية هذه الدلالة يعتمد على سلطة المحكمة، التي تدرس المستند في ضوء باقي الأدلة والظروف المحيطة بالقضية.
(أ) الدلالة المباشرة :
الدلالة المباشرة في مبدأ الثبوت بالكتابة تعني أن تتضمن الكتابة إشارة واضحة وصريحة إلى التصرف القانوني المدعى به، بحيث لا يكون هناك مجال كبير للتأويل أو الشك في ارتباطها بالواقعة محل النزاع. وتتحقق هذه الدلالة عندما يحتوي المستند على تفاصيل جوهرية تتعلق بالتصرف، مثل ذكر أطراف العقد، موضوع الالتزام، المبلغ المتفق عليه، أو شروط التعاقد. ومن الأمثلة على ذلك: إيصال مكتوب يثبت دفع جزء من ثمن بيع عقار، أو رسالة موقعة تتضمن اعترافًا صريحًا بدين معين. وفي هذه الحالة، تكون الكتابة دليلًا قويًا على وقوع التصرف، مما يجعل الادعاء قريب الاحتمال ويسمح للمحكمة باستكمال الإثبات بوسائل أخرى مثل شهادة الشهود أو القرائن.
(ب) الدلالة غير مباشرة :
الدلالة غير المباشرة في مبدأ الثبوت بالكتابة تعني أن تحتوي الكتابة على إشارات أو عبارات ضمنية يمكن أن تؤدي إلى استنتاج وقوع التصرف القانوني المدعى به، حتى وإن لم يكن مذكورًا بشكل صريح. وتتحقق هذه الدلالة عندما يكون المستند مرتبطًا بالتصرف بطريقة غير مباشرة، مثل مراسلات بين الطرفين تتضمن نقاشًا حول التزامات معينة، أو مسودة عقد لم يُوقَّع لكنها تشير إلى وجود اتفاق سابق، أو إيصال دفع جزء من المبلغ دون تحديد سبب الدفع صراحة. وفي هذه الحالة، لا يكون المستند بذاته كافيًا للإثبات لكنه يجعل التصرف المدعى به قريب الاحتمال، مما يتيح للمحكمة قبول وسائل إثبات أخرى مثل شهادة الشهود أو القرائن لتأكيد الادعاء.
تقدير ما إذا كانت الكتابة تعجل وجود التصرف قريب الإحتمال من عدمه مسألة موضوعية
يُعد تقدير ما إذا كانت الكتابة تجعل وجود التصرف قريب الاحتمال من عدمه مسألة موضوعية تخضع لسلطة محكمة الموضوع، حيث تقوم المحكمة بفحص المستند المقدم وظروفه وملابساته لتحديد مدى دلالته على الواقعة المدعى بها. فالمحكمة تنظر في طبيعة الكتابة، ومدى ارتباطها بالتصرف محل النزاع، وما إذا كانت تتضمن إشارات مباشرة أو غير مباشرة تؤيد وقوعه. كما تضع في اعتبارها قرائن الأحوال وسياق العلاقة بين الأطراف. ويُعد هذا التقدير مسألة واقع لا تخضع لرقابة محكمة النقض، إلا إذا كان هناك خطأ في استخلاص الدلالة أو مخالفة لقواعد الإثبات، مما قد يؤدي إلى الطعن على الحكم لعيب في التسبيب أو الفهم القانوني الخاطئ للأدلة.
آثار وجود مبدأ الثبوت بالكتابة
آثار وجود مبدأ الثبوت بالكتابة تتمثل في إتاحة الفرصة للمدعي لاستكمال إثبات دعواه بوسائل إثبات أخرى، حيث لا يُعد هذا المبدأ دليلاً كاملاً في حد ذاته، لكنه يسمح باللجوء إلى شهادة الشهود أو القرائن لإثبات التصرف القانوني محل النزاع. ويترتب على ذلك أن المحكمة، بمجرد اقتناعها بأن الكتابة تجعل الادعاء قريب الاحتمال، تفتح الباب أمام وسائل الإثبات المكملة لتأكيد الواقعة المدعى بها. كما أن وجود مبدأ الثبوت بالكتابة يُقيّد حرية الخصم المنكر، حيث يصبح ملزمًا بالرد على الأدلة الإضافية التي يقدمها المدعي، مما يعزز موقف الأخير أمام المحكمة.
التمسك بمبدأ الثبوت بالكتابة والإحالة إلى التحقيق
يحق لمن يتمسك بمبدأ الثبوت بالكتابة أن يطلب من المحكمة الإحالة إلى التحقيق لاستكمال الإثبات بوسائل أخرى، مثل شهادة الشهود أو القرائن، وذلك عندما تكون الكتابة المقدمة تجعل التصرف المدعى به قريب الاحتمال لكنها لا ترقى إلى دليل كتابي كامل. ويجب على المحكمة، قبل الإحالة إلى التحقيق، أن تتحقق من توافر شروط مبدأ الثبوت بالكتابة، ومنها أن تكون الكتابة صادرة عن الخصم أو من يمثله، وأن تشير إلى التصرف المدعى به، ولو بشكل غير مباشر. فإذا اقتنعت المحكمة بذلك، جاز لها قبول طلب التحقيق، مما يُمكن المدعي من تعزيز موقفه القانوني عبر وسائل الإثبات المكملة.
سلطة المحكمة في تكوين عقيدتها دون الإحالة إلى التحقيق
تتمتع المحكمة بسلطة تقديرية واسعة في تكوين عقيدتها بشأن مدى كفاية مبدأ الثبوت بالكتابة لإثبات التصرف المدعى به، ويجوز لها رفض الإحالة إلى التحقيق إذا رأت أن الكتابة المقدمة لا تجعل الادعاء قريب الاحتمال، أو أن الأدلة الأخرى غير كافية لتعزيزها. فلا يُلزم القانون المحكمة بإحالة النزاع إلى التحقيق تلقائيًا، بل لها أن تستخلص قناعتها من الكتابة ذاتها، والظروف المحيطة بها، وسائر الأدلة المتاحة. كما أن لها أن تستبعد شهادة الشهود إذا وجدت أن الادعاء يفتقر إلى أساس جدي. ومع ذلك، فإن قرارها بعدم الإحالة إلى التحقيق يجب أن يكون مبررًا تسبيبيًا حتى لا يكون عرضة للطعن أمام محكمة النقض.
للمحكمة أن تأمر بالإثبات بشهادة الشهود عملا بالمادة (70) من قانون الإثبات
وفقًا للمادة 70 من قانون الإثبات المصري، يجوز للمحكمة من تلقاء نفسها أن تأمر بالإثبات بشهادة الشهود، حتى في الحالات التي لا يكون الإثبات بها جائزًا إلا بالكتابة، إذا رأت أن هناك مسوغًا قويًا يدعو إلى ذلك. ويهدف هذا النص إلى تحقيق العدالة وتمكين المحكمة من الوصول إلى الحقيقة الواقعية، خاصة إذا كانت هناك ظروف استثنائية تجعل الاعتماد على الدليل الكتابي وحده غير كافٍ أو غير متاح. وتستخدم المحكمة هذه السلطة التقديرية عندما تجد أن الإثبات بالشهادة ضروري لاستكمال قناعتها بشأن النزاع، وفي هذه الحالة يُصبح قرارها بالإحالة إلى الشهود ملزمًا للأطراف، ويتعين عليهم الامتثال له.
المادة 63 من قانون الإثبات المصري
يُعد قانون الإثبات المصري من أهم القوانين المنظمة للطرق التي يمكن للأفراد من خلالها إثبات حقوقهم أمام المحاكم. ومن القواعد الأساسية في الإثبات أن التصرفات القانونية التي تتجاوز قيمتها حدًا معينًا لا يجوز إثباتها إلا بالكتابة، وذلك لضمان استقرار المعاملات وتقليل النزاعات. ومع ذلك، فقد أورد المشرّع بعض الاستثناءات على هذه القاعدة، ومن بينها ما نصّت عليه المادة 63 من قانون الإثبات المصري، والتي تجيز الإثبات بشهادة الشهود في حالات وجود مانع أدبي أو مادي حال دون الحصول على دليل كتابي.
النص القانوني للمادة 63
تنص المادة 63 من قانون الإثبات المصري على أنه:
يجوز كذلك الإثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بدليل كتابي .
(أ) إذا وجد مانع مادي أو أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي .
(ب) إذا فقد الدائن سنده الكتابي بسبب أجنبي لا يد له فيه .
المقصود بالمانع الأدبي والمادي
المانع الأدبي
يقصد بالمانع الأدبي الحالة التي تجعل من غير المعتاد أو من المحرج طلب كتابة عقد أو مستند يثبت التصرف القانوني، وذلك بسبب طبيعة العلاقة بين الأطراف. ومن أمثلة ذلك:
-
التعاملات المالية بين أفراد الأسرة، مثل القروض أو التصرفات بين الأب وأبنائه أو بين الأزواج، حيث يكون طلب الكتابة أمرًا غير مألوف.
-
التعاملات بين الأصدقاء المقربين أو شركاء الحياة، حيث يُفترض وجود ثقة متبادلة تجعل أحد الأطراف يمتنع عن طلب كتابة المستندات.
ويُترك تقدير وجود المانع الأدبي للمحكمة، التي تستند إلى العرف والعلاقات الاجتماعية السائدة في تحديد ما إذا كان المانع قائمًا أم لا.
المانع المادي
أما المانع المادي، فيشير إلى الظروف الخارجية التي تحول دون الحصول على دليل كتابي، وهي حالات يكون فيها إعداد أو الاحتفاظ بالمستند الكتابي غير ممكن لأسباب خارجة عن إرادة الأطراف. ومن أمثلة ذلك:
-
احتراق أو تلف المستندات نتيجة حادث مفاجئ.
-
فقدان الأوراق أثناء السفر أو بسبب قوة قاهرة.
-
حالات الاستعجال التي لا تتيح فرصة لإثبات التصرف كتابةً، مثل شراء سلعة ضرورية بشكل فوري دون تحرير عقد.
وفي هذه الحالات، تستطيع المحكمة السماح بالإثبات بشهادة الشهود إذا اقتنعت بأن المانع المادي حقيقي وأن الأطراف لم يتمكنوا فعليًا من توثيق التصرف كتابةً.
الشروط اللازمة لتطبيق المادة 63
للاستفادة من الاستثناء الوارد في المادة 63، يجب توافر الشروط التالية:
-
وجود تصرف قانوني يتطلب إثباته بالكتابة
-
أي أن يكون هناك التزام قانوني يتجاوز الحد المقرر قانونًا للإثبات بالكتابة، مثل عقد بيع أو قرض أو هبة.
-
-
قيام مانع أدبي أو مادي يمنع الكتابة
-
يجب أن يثبت المدعي أمام المحكمة أن هناك سببًا أدبيًا أو ماديًا حقيقيًا حال دون توثيق التصرف كتابةً.
-
-
ألا يكون هناك دليل كتابي قائم
-
إذا وُجد دليل كتابي، فلا مجال لتطبيق المادة 63، لأن القاعدة الأساسية تفرض الإثبات بالكتابة عند توفرها.
-
-
تقدير المحكمة لمدى كفاية الشهادة
-
المحكمة تملك سلطة تقديرية في قبول أو رفض الإثبات بشهادة الشهود، وذلك وفقًا لملابسات القضية والأدلة المقدمة.
-
أثر تطبيق المادة 63 في الدعاوى القضائية
عند قبول المحكمة للإثبات بشهادة الشهود بناءً على المادة 63، يترتب على ذلك عدة آثار قانونية، منها:
-
فتح باب الإثبات بالشهادة، مما يمنح الطرف الذي لم يستطع الحصول على دليل كتابي فرصة لإثبات حقوقه عبر شهود العيان.
-
تخفيف القيود الصارمة للإثبات بالكتابة، بما يحقق التوازن بين مصلحة المدعي في إثبات حقه ومصلحة المدعى عليه في عدم تعرضه لدعاوى كيدية.
-
تقدير المحكمة لأهمية الشهادة، حيث لا تلتزم المحكمة بقبول الشهادة تلقائيًا، بل تقوم بفحصها والتأكد من مصداقيتها ومدى تطابقها مع وقائع القضية.
التمييز بين المادة 63 والمادة 62 من قانون الإثبات
-
المادة 62 تقرر القاعدة العامة، وهي أن التصرفات القانونية التي تتجاوز قيمتها حدًا معينًا لا يجوز إثباتها إلا بالكتابة، ما لم يوجد مبدأ ثبوت بالكتابة.
-
المادة 63 تُعتبر استثناءً، حيث تجيز الإثبات بشهادة الشهود عند وجود مانع أدبي أو مادي حال دون توثيق التصرف بالكتابة.
وبالتالي، فإن المادة 63 أوسع نطاقًا من المادة 62، لأنها تسمح بالإثبات بالشهادة حتى لو لم يكن هناك مبدأ ثبوت بالكتابة، طالما ثبت وجود المانع.
خاتمة
تُعد المادة 63 من قانون الإثبات المصري ضمانة هامة لتحقيق العدالة، حيث تتيح للأطراف إثبات حقوقهم حتى في الحالات التي يكون فيها الحصول على دليل كتابي مستحيلًا أو غير مناسب اجتماعيًا. ومع ذلك، فإن تطبيقها يخضع لتقدير المحكمة، التي يجب أن تتحقق من جدية المانع قبل السماح بالإثبات بشهادة الشهود، منعًا لاستغلال هذا الاستثناء في تقديم دعاوى كيدية أو ادعاءات غير صحيحة. وبالتالي، فإن المادة 63 تحقق توازنًا مهمًا بين حماية الحقوق ومنع التلاعب بوسائل الإثبات، مما يعكس مرونة القانون في التعامل مع الواقع العملي.
حالتان يجوز فيهما الإثبات بشهادة الشهود قيما كان يجب إثباته بدليل كتابي
الحالة الأولى : وجود مانع مادي أو أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي
تتحقق الحالة الأولى لتطبيق المادة 63 من قانون الإثبات المصري عندما يوجد مانع مادي أو أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي، مما يجعل الإثبات بشهادة الشهود جائزًا رغم القاعدة العامة التي تشترط الكتابة.
-
المانع الأدبي: يقوم عندما تكون العلاقة بين الأطراف تجعل من غير المعتاد أو المحرج قانونيًا طلب إثبات التصرف كتابةً، مثل التعاملات المالية بين الأقارب، الأزواج، الأصدقاء المقربين، حيث يُفترض وجود ثقة تمنع توثيق الاتفاقات رسميًا.
-
المانع المادي: يتحقق عندما تكون هناك ظروف قهرية تمنع الحصول على دليل كتابي، مثل ضياع أو تلف المستندات بسبب حادث، أو وقوع التصرف في ظروف طارئة أو مستعجلة لم تتح فرصة لتوثيقه كتابةً.
وفي هذه الحالات، يجوز لمن يدّعي حقًا أن يثبت تصرفه بشهادة الشهود، بشرط أن تقتنع المحكمة بوجود المانع وبأن عدم الكتابة لم يكن بسبب إهماله أو تقاعسه.
مضمون القاعدة
مضمون القاعدة التي تقررها المادة 63 من قانون الإثبات المصري يتمثل في أنه، كأصل عام، لا يجوز الإثبات بشهادة الشهود في التصرفات القانونية التي تتجاوز قيمتها الحد المقرر قانونًا للإثبات بالكتابة. ولكن استثناءً من هذه القاعدة، يجوز اللجوء إلى شهادة الشهود إذا قام مانع أدبي أو مادي حال دون الحصول على دليل كتابي.
وهذا الاستثناء يهدف إلى تحقيق التوازن بين مبدأ استقرار المعاملات ومتطلبات العدالة، حيث يُدرك المشرّع أن هناك حالات قد لا يكون فيها توثيق التصرف ممكنًا أو مقبولًا اجتماعيًا. ولذلك، متى ثبت وجود المانع، يجوز للمحكمة أن تسمح بالإثبات بالشهادة، مع احتفاظها بسلطة تقديرية في تقدير مدى جدية المانع وظروف الواقعة.
نطاق القاعدة
اولا : المانع المادي
يقصد بالمانع المادي تلك الظروف الخارجية التي تجعل الحصول على دليل كتابي أمرًا غير ممكن أو متعذرًا بسبب عوامل خارجة عن إرادة الأطراف. وفي هذه الحالة، يسمح القانون بالإثبات بشهادة الشهود، رغم أن الأصل هو وجوب الإثبات بالكتابة، وذلك تحقيقًا للعدالة ومنعًا لضياع الحقوق بسبب ظروف قهرية.
تعريف المانع المادي :
المانع المادي هو كل ظرف خارجي يجعل الحصول على دليل كتابي أمرًا مستحيلًا أو شديد الصعوبة، دون أن يكون ذلك ناتجًا عن إهمال أو تقصير من أحد الأطراف. ويتمثل هذا المانع في أحداث أو ظروف قهرية أو استثنائية تحول دون تحرير مستند مكتوب لإثبات التصرف القانوني.
ويُعتبر المانع المادي أحد الحالات التي تجيز، وفقًا للمادة 63 من قانون الإثبات المصري، اللجوء إلى شهادة الشهود لإثبات ما كان يجب إثباته بالكتابة، بشرط أن تقتنع المحكمة بأن هذا المانع كان حقيقيًا وضروريًا، وليس مجرد وسيلة للتحايل على قاعدة الإثبات بالكتابة.
إفادة الدائن والمدين على السواء من المانع المادي
يُفيد كلٌ من الدائن والمدين من وجود المانع المادي، حيث يمكن لأي منهما التمسك به كسبب لعدم توفر دليل كتابي، واللجوء إلى الإثبات بشهادة الشهود. فإذا كان الدائن لم يتمكن من الحصول على مستند كتابي يُثبت حقه بسبب المانع المادي، فله أن يطالب بالإثبات بالشهادة لإثبات دينه. وفي المقابل، إذا ادعى المدين أنه قام بالوفاء بالدين ولكن لم يستطع الحصول على إيصال أو مستند كتابي يثبت ذلك بسبب مانع مادي، فيجوز له أيضًا الاعتماد على شهادة الشهود لإثبات السداد.
وبذلك، يحقق هذا الاستثناء التوازن بين طرفي العلاقة القانونية، بحيث لا يُحرم أي منهما من وسائل الإثبات المتاحة لمجرد تعذر التوثيق الكتابي لأسباب خارجة عن إرادته. ومع ذلك، يبقى تقدير وجود المانع المادي ومدى جديته خاضعًا لسلطة المحكمة.
مثالان للمانع المادي
اولا : الوديعة الإضطرارية
تُعرَّف الوديعة الاضطرارية بأنها الحالة التي يضطر فيها شخص إلى إيداع شيء مملوك له لدى شخص آخر بسبب ظرف طارئ أو قوة قاهرة تمنعه من الاحتفاظ به بنفسه، كحالة نشوب حريق، أو فيضان، أو حرب، أو كارثة طبيعية. ونظرًا للطابع الاستعجالي لهذه الوديعة، فإنه يكون من الصعب أو المستحيل في كثير من الأحيان إثباتها بالكتابة.
ولذلك، يُعد المانع المادي في هذه الحالة مبررًا لقبول الإثبات بشهادة الشهود وفقًا للمادة 63 من قانون الإثبات المصري، حيث لا يمكن إلزام المودع بالحصول على مستند كتابي في ظروف قهرية. ومع ذلك، يجب على من يتمسك بالوديعة الاضطرارية أن يُثبت للمحكمة قيام الظرف الطارئ الذي دفعه إلى الإيداع، حتى يكون له الحق في الإثبات بالشهادة.
شروط الوديعة الإضطرارية
لكي تُعتبر الوديعة اضطرارية ويُقبل إثباتها بشهادة الشهود وفقًا للمادة 63 من قانون الإثبات المصري، يجب توافر الشروط التالية:
-
وجود ظرف طارئ أو قوة قاهرة
-
يجب أن يكون هناك حدث مفاجئ وخارج عن إرادة المودِع يجبره على تسليم الشيء لشخص آخر، مثل حريق، فيضان، حرب، كارثة طبيعية، أو خطر وشيك يهدد ممتلكاته.
-
-
استحالة الحصول على دليل كتابي
-
يجب أن يكون الظرف الطارئ قد منع المودِع من توثيق الوديعة كتابةً، إما لضيق الوقت أو لعدم توافر وسائل التوثيق، مما يجعل من غير الممكن الحصول على إيصال أو مستند إثبات.
-
-
إيداع الشيء لدى شخص آخر لحفظه
-
يجب أن يكون هناك تسليم فعلي للشيء المودَع إلى شخص آخر بقصد حفظه لحين زوال الخطر أو انتهاء الظروف التي استوجبت الإيداع.
-
-
انتفاء الإهمال أو التقصير من جانب المودِع
-
لا يُقبل الدفع بالوديعة الاضطرارية إذا كان المودِع قد أهمل في توثيقها رغم قدرته على ذلك، أو إذا لم يكن هناك خطر حقيقي يستوجب الإيداع.
-
عند تحقق هذه الشروط، يجوز لصاحب الوديعة اللجوء إلى شهادة الشهود لإثباتها أمام المحكمة، التي لها سلطة تقديرية في قبول هذا الإثبات بناءً على مدى اقتناعها بوجود الوديعة والظروف التي أحاطت بها.
هل يشترط أن يكون الخطر غير متوقع ؟
لا يُشترط أن يكون الخطر الذي أدى إلى الوديعة الاضطرارية غير متوقع تمامًا، بل يكفي أن يكون خطرًا جادًا يستوجب التصرف الفوري دون إمكانية الحصول على دليل كتابي. فقد يكون الخطر متوقعًا من حيث المبدأ، ولكن توقيت حدوثه أو شدته تجعله مفاجئًا بحيث لا يترك للمودع فرصة كافية لتحرير مستند يثبت الوديعة.
على سبيل المثال، قد يكون الشخص على علم بوجود فيضانات موسمية في منطقة معينة، لكنه لم يكن يتوقع أن تصل شدتها إلى درجة تستدعي إخلاء ممتلكاته فورًا وإيداعها لدى الغير. كذلك، في حالات الاضطرابات الأمنية أو الحروب، قد يكون من المعروف احتمال حدوث خطر، لكن اندلاع الأحداث بشكل مفاجئ قد يدفع الشخص إلى التصرف بسرعة دون توثيق الإيداع كتابيًا.
وبالتالي، فإن العبرة ليست في مدى توقع الخطر، وإنما في كونه قد فرض حالة استعجال حقيقية تمنع المودع من توثيق الوديعة، مما يبرر اللجوء إلى شهادة الشهود لإثباتها.
ثانيا : وديعة الفنادق والحانات وما ماثلها
المقصود بهذه الوديعة
المقصود بـ “وديعة الفنادق والحانات وما ماثلها” هو إيداع أمتعة النزلاء أو الزوار في الفنادق أو الحانات أو المنشآت المماثلة، حيث يُفترض أن صاحب الفندق أو الحانة يتولى حفظ ممتلكات النزيل أو الزائر كجزء من الخدمات المقدمة له. هذه الوديعة تنشأ عادةً دون الحاجة إلى اتفاق كتابي مسبق، إذ يُعتبر تسليم الأمتعة إلى إدارة المنشأة إيداعًا ضمنيًا، مع وجود التزام قانوني على صاحب الفندق أو الحانة بالحفاظ على الممتلكات وعدم التسبب في تلفها أو فقدانها.
على الرغم من أن هذه الوديعة تتم غالبًا دون مستند كتابي، فإن القانون يقر بوجودها ويعطي لصاحب المنشأة مسؤولية قانونية تجاه الأمتعة المودعة. في حالة حدوث تلف أو ضياع للأمتعة، يجوز للنزيل الإثبات بشهادة الشهود على أن الوديعة قد تمّت، خصوصًا إذا لم يتم تحرير أي مستند كتابي يؤكد تسليم الأمتعة.
كيفية إنعقاد الوديعة
ينعقد عقد الوديعة عندما يُسلم الشخص الشيء المملوك له إلى شخص آخر يُعرف بالوديع، على أن يكون الهدف من هذا التسليم هو حفظ الشيء، مع عدم وجود نية لنقل ملكيته. ويشترط في إنعقاد الوديعة أن يتوافر القبول من الوديع، أي أن الشخص الذي سيحفظ الشيء يجب أن يوافق على استلامه لغرض الحفظ.
الوديعة يمكن أن تكون عقدًا شفويًا أو كتابيًا، حسب نوع المعاملة وظروفها. في الحالات العادية، يمكن أن يتم إتمام الوديعة شفهيًا عن طريق تسليم الشيء إلى الوديع مع إبداء النية الواضحة من الطرفين بأن الشيء قد تم إيداعه بهدف الحفظ. في حالات أخرى، قد يُفضل أن يكون هناك اتفاق مكتوب يوضح شروط الوديعة ومسؤوليات كل طرف.
وفي حالة الوديعة الاضطرارية، مثل تلك التي تحدث في الفنادق أو المنشآت المشابهة، يُعتبر تسليم الأمتعة إلى إدارة الفندق أو الحانة إيداعًا ضمنيًا دون الحاجة إلى توثيق كتابي، ويُفترض أن هناك اتفاقًا ضمنيًا بين الطرفين على حفظ الممتلكات أثناء فترة الإقامة.
المانع المادي نسبي وليس مطلقا
المانع المادي في قانون الإثبات يُعد نسبيًا وليس مطلقًا، بمعنى أن تأثيره يتوقف على الظروف والملابسات الخاصة بكل حالة على حدة. فليس كل حادث أو ظرف يُعد مانعًا ماديًا، وإنما يجب أن يكون المانع قد حال فعليًا دون إمكانية الحصول على دليل كتابي في وقت محدد وبالطريقة المعتادة.
بالتالي، ما قد يُعتبر مانعًا ماديًا في حالة معينة قد لا يُعتبر كذلك في حالة أخرى. على سبيل المثال، إذا كان الظرف القهري يمكن التنبؤ به أو كان له حلول بديلة (مثل الاستعانة بخدمات نقل إلكتروني لتوثيق اتفاق)، فقد لا يُعد هذا مانعًا ماديًا في نظر المحكمة. بينما إذا كانت هناك ظروف طارئة وفورية (مثل حريق أو حادث مفاجئ)، يمكن للمحكمة أن تقبل الإثبات بشهادة الشهود.
وهكذا، يتعين أن تكون المحكمة قادرة على تقدير مدى واقعية وشدة المانع في كل حالة على حدة، وهو ما يجعل المانع المادي مسألة تقديرية وليست قاعدة مطلقة.
إثبات المانع المادي
إثبات المانع المادي هو المسؤولية التي تقع على عاتق الشخص الذي يتمسك به لإثبات وجود الظروف التي حالَت دون الحصول على دليل كتابي. ولإثبات المانع المادي، يجب على المدعي أن يُظهر أن الظروف القهرية أو الطارئة التي واجهها كانت غير قابلة للتوقع أو خارج عن إرادته، وأنه لم يكن في وسعه الحصول على المستندات المطلوبة في الوقت المناسب.
يمكن إثبات المانع المادي من خلال الشهادات التي يقدّمها الأطراف المعنيون أو من خلال المستندات التي تثبت حدوث الظروف الطارئة، مثل تقارير الحوادث أو الشهادات التي تثبت وجود حادث، كارثة طبيعية، أو خطر مفاجئ. على المحكمة أن تقيم صدق هذه الأدلة وتقدر مدى قوة العلاقة بين المانع المادي والتصرف الذي يرفض المدعي إثباته بالكتابة.
وفي النهاية، يظل للمحكمة السلطة التقديرية الكاملة في تحديد مدى جدية المانع المادي، بناءً على الأدلة والشهادات المقدمة، لتقرر ما إذا كان يجوز قبول الإثبات بالشهادة في غياب الدليل الكتابي.
تقدير المانع المادي
تقدير المانع المادي يعد من الأمور التي تترك للمحكمة سلطة تقديرية كبيرة، حيث تقوم المحكمة بفحص الظروف والملابسات الخاصة بكل حالة على حدة لتحديد ما إذا كان المانع المادي حقيقيًا أم لا. يعتمد هذا التقدير على ما إذا كانت الظروف الطارئة أو القاهرة قد حالَت فعلاً دون قدرة الطرف المعني على الحصول على دليل كتابي، مع الأخذ في الاعتبار أن المانع يجب أن يكون جديًا وقاهرًا، وليس مجرد عذر أو مبرر غير مقنع.
على المحكمة أن توازن بين مصداقية الأدلة التي يقدمها المدعي، مثل الشهادات أو المستندات التي قد تُظهر وقوع حادث، مثل الحريق أو الكارثة الطبيعية، وبين القدرة الفعلية على إثبات التصرف بالكتابة في تلك اللحظة. كما تُراعي المحكمة أن يكون المانع قد حال دون الكتابة فعلًا، وليس مجرد عدم رغبة من المدعي في توثيق التصرف.
بناءً على ذلك، يُعتبر تقدير المانع المادي أمرًا مرتبطًا بظروف كل قضية على حدة، مع حرص المحكمة على ضمان العدالة ومنع أي تحايل على القواعد القانونية.
إثبات رد الوديعة الأضطرارية يخضع للقواعد العامة
إثبات رد الوديعة الاضطرارية يخضع للقواعد العامة للإثبات، بمعنى أنه يجب على المودع إثبات استلامه للأشياء المودعة في حالة تعرضه لادعاء بأن الوديعة قد تم ردها. وبالرغم من أن الوديعة الاضطرارية تنشأ في ظروف استثنائية، إلا أن التوثيق الرسمي أو الكتابي لا يعد شرطًا لإثبات ردها، بل يمكن إثبات ذلك باستخدام وسائل الإثبات الأخرى مثل شهادة الشهود أو تقديم الأدلة الظرفية التي تدل على أن المودع قد استرد ممتلكاته من الشخص الذي كان قد أودعها لديه، مثل شهادة العاملين في الفندق أو الحانة أو أي شخص آخر كان حاضرًا أثناء تسليم الوديعة.
ومع ذلك، يجب أن يكون رد الوديعة وفقًا لما تقره القواعد العامة للإثبات، حيث يُعد إثبات رد الوديعة مسؤولية على عاتق الشخص الذي يدعي الرد. وبالتالي، يجب على المودع أن يثبت أن الوديعة قد تم ردها في الوقت والمكان المناسبين، ويظل للمحكمة أن تُقيّم المصداقية ومدى قوة الأدلة المقدمة في هذا الشأن.
ثانيا : المانع الأدبي
تعريف المانع الأدبي
المانع الأدبي هو السبب الذي يمنع الشخص من الحصول على دليل كتابي بسبب اعتبارات اجتماعية أو نفسية أو أخلاقية، مثل الخوف من إحراج الطرف الآخر أو القلق من تبعات توثيق التصرف. يختلف المانع الأدبي عن المانع المادي في أنه لا يتعلق بظروف قهرية أو خارجة عن إرادة الشخص، بل يكون ناتجًا عن التحفظ الشخصي أو المشاعر النفسية التي قد تحول دون اتخاذ خطوة معينة في توثيق المعاملة كتابيًا.
على سبيل المثال، قد يتجنب الشخص كتابة عقد مع أحد أقاربه أو أصدقائه لتجنب التوترات أو الخلافات الشخصية التي قد تنشأ بسبب توثيق الاتفاق. في هذه الحالة، يُعتبر المانع الأدبي مبررًا للجوء إلى شهادة الشهود لإثبات المعاملة، رغم أن الأصل هو ضرورة توثيق المعاملات الكتابية.
ويشترط في المانع الأدبي أن يكون واقعيًا وقويًا بما يكفي ليؤثر في قدرة الشخص على الحصول على المستند الكتابي، ولذا فإن المحكمة هي التي تُقرر ما إذا كان المانع الأدبي في كل حالة قد كان مبررًا، وفقًا للظروف الخاصة بكل قضية.
أمثلة من قضاء النقض للمانع الأدبي
أوضحت محكمة النقض في بعض أحكامها وجود المانع الأدبي كأحد الأسباب المبررة لقبول الإثبات بشهادة الشهود بدلاً من الكتابة. وقد استقر القضاء على أن المانع الأدبي يتمثل في تلك الظروف التي تحجم الشخص عن توثيق التصرف الكتابي بسبب الاعتبارات الاجتماعية أو النفسية التي قد تترتب على توثيق المعاملة.
(أ) علاقة الخطبة
الخطبة هي مرحلة من مراحل العلاقة بين الرجل والمرأة، والتي تتم قبل الزواج بهدف التعارف والاتفاق على النية في الزواج، وتعد علاقة قانونية وأخلاقية بين الطرفين، حيث يعبّر كل منهما عن رغبته في التزوج من الآخر. وعلى الرغم من أن الخطبة لا تترتب عليها حقوق وواجبات قانونية كما في عقد الزواج، إلا أن لها تأثيرًا قانونيًا في بعض الحالات.
من الناحية القانونية، قد تنشأ التزامات محددة أثناء الخطبة، مثل الاتفاق على المهر أو الشروط المتعلقة بالزواج، وتُعتبر الخطبة في بعض الأحيان تمهيدًا لتحضير الوثائق والمستندات اللازمة لعقد الزواج. كما يمكن أن تظهر منازعات قانونية في حالة فسخ الخطبة، سواء كان الفسخ من جانب الرجل أو المرأة، حيث يمكن أن يُطلب من الطرف الذي أخل بالوعد تعويض الطرف الآخر عن الأضرار الناتجة عن الفسخ غير المبرر.
من جانب آخر، لا يُعد الخطبة عقدًا ملزمًا قانونيًا بالمعنى الكامل، بل هي وعد بالزواج، لذلك لا تترتب عليها الحقوق والواجبات الخاصة بالزواج إلا إذا تم إتمام العقد. وفي حالة حدوث فسخ الخطبة لأسباب غير مشروعة، قد تنشأ مسؤولية قانونية عن الأضرار التي يتسبب فيها الفسخ، مثل فقدان فرص الزواج أو الإضرار بالسمعة.
(ب) علاقة الزوجية
العلاقة الزوجية هي رابطة قانونية وأخلاقية تنشأ بين الرجل والمرأة بعد إتمام عقد الزواج، وهي تمثل الأساس لتنظيم الحياة المشتركة بين الزوجين. في هذا الإطار، تتضمن العلاقة الزوجية حقوقًا وواجبات متبادلة، حيث يلتزم كل من الزوج والزوجة بدور محدد في الحياة الزوجية، وتتأسس على المودة والرحمة، كما نصت على ذلك الآيات القرآنية.
من الناحية القانونية، تتعدد الحقوق الزوجية، مثل حق كل طرف في المعاملة بالاحترام، وحق المرأة في المهر، وحق كل طرف في النفقة والعيش المشترك. كما تترتب على العلاقة الزوجية مسؤوليات قانونية، مثل حق الزوجة في الاستقلال المالي إذا كانت عاملة، وحق الزوج في إدارة شؤون الأسرة.
كما تترتب على العلاقة الزوجية حقوق الأبناء في حالة وجودهم، ويكون للزوجين حق الرعاية والقيام بواجبات التربية والتعليم. وفي حالة حدوث خلافات زوجية قد تؤدي إلى الطلاق أو الفسخ، تُعد العلاقة الزوجية نقطة انطلاق للنظر في حقوق الزوجين، مثل تقسيم الممتلكات و حق الحضانة.
وبالتالي، تُعتبر العلاقة الزوجية علاقة متكاملة لا تقتصر على التعايش المشترك فحسب، بل تتضمن التزامات قانونية تهدف إلى ضمان حقوق الأطراف وتنظيم الحياة الأسرية وفقًا للمعايير القانونية.
(ج) صلة القرابة والمصاهرة
صلة القرابة هي العلاقة التي تربط بين الأفراد بسبب النسب، وتتمثل في الروابط العائلية بين الأشخاص الذين يتحدون في نسب واحد، مثل الأبناء، الآباء، الإخوة، والأجداد، وتشمل القرابة المباشرة (كالوالدين والأبناء) والقرابة غير المباشرة (كالأعمام والأخوال). وتُعتبر صلة القرابة أساسًا للعلاقات الاجتماعية والشرعية، ويترتب عليها العديد من الحقوق والواجبات، مثل النفقة و الميراث وحق الحضانة.
أما المصاهرة فهي العلاقة التي تنشأ من الزواج بين شخص وآخر، حيث يتم الربط بين العائلات عبر الزواج. وبذلك، تخلق المصاهرة روابط اجتماعية بين الزوجين وأسرهم، كعلاقة بين الزوج وأهل الزوجة أو الزوجة وأهل الزوج. وعلى الرغم من أن المصاهرة لا تنشأ عن نسب دموي، إلا أن لها تأثيرًا قانونيًا، حيث تترتب عليها حقوق مثل النفقة، حق الحضانة في حال الطلاق، وحق الميراث في بعض الحالات.
كما أن المصاهرة تمثل أحد الأسس القانونية في تحديد المنع من الزواج، حيث تحظر الشريعة الإسلامية الزواج بين الأقارب في درجة معينة من القرابة المباشرة، كما تحظر الزواج بين المصاهرين (مثل الزوجة وأب الزوج).
وبذلك، تعد كل من صلة القرابة والمصاهرة جزءًا من الروابط القانونية والاجتماعية التي تنظم التفاعلات الأسرية وتؤثر في الحقوق والواجبات بين الأفراد.
محاولات التسوية بين العامل ورب العمل لا تعد مانعا أدبيا
محاولات التسوية بين العامل و رب العمل لا تُعد مانعًا أدبيًا في سياق الإثبات، وذلك لأن الهدف من هذه المحاولات يكون الوصول إلى حل ودي أو اتفاق بين الطرفين بشأن النزاعات العمالية دون اللجوء إلى المحكمة. ومع أن هناك اعتبارات اجتماعية ونفسية قد تدفع الأطراف إلى تجنب توثيق الاتفاقات أو النزاعات بشكل رسمي في البداية، إلا أن هذه المحاولات لا تشكل مانعًا قانونيًا يمكن أن يبرر إثبات الشهادات بدلاً من المستندات الكتابية.
في مثل هذه الحالات، يعتبر المانع الأدبي الذي قد يطرحه أحد الأطراف مثل الخوف من التصعيد أو إفساد العلاقة الشخصية مع الطرف الآخر، غير كافٍ قانونيًا لتبرير الاستغناء عن الإثبات الكتابي. وذلك لأن التسوية الودية تعتبر مجرد مرحلة مؤقتة تهدف إلى الحفاظ على العلاقة العملية، ولا تعتبر سببًا مقبولًا في القضاء للإعفاء من تقديم الأدلة الرسمية. وبالتالي، يجب على الأطراف الالتزام بالإثبات القانوني السليم إذا استمرت النزاعات ولم تُحل بالطرق الودية.
قيام المانع الأدبي على العادة الجارية والتقاليد السائدة
قد يقوم المانع الأدبي على العادة الجارية أو التقاليد السائدة في المجتمع، حيث تُعتبر هذه العادات والتقاليد أسبابًا نفسية واجتماعية تمنع الشخص من اتخاذ خطوة قانونية أو رسمية معينة، مثل توثيق اتفاق أو إجراء معاملة رسمية. في بعض المجتمعات، قد تكون العادات والتقاليد غير المعلنة هي التي تحكم العلاقة بين الأطراف، مما يجعل أحدهم يتجنب توثيق الاتفاقات الرسمية خشية حدوث إحراج اجتماعي أو تعكير للعلاقات.
على سبيل المثال، في بعض الثقافات، قد يُعتبر توثيق الاتفاقات المالية أو الأسرية بين الأقارب أو الأصدقاء مرفوضًا اجتماعيًا، مما يخلق مانعًا أدبيًا يحول دون استخدام الأدلة الكتابية أو التوثيق الرسمي. ففي مثل هذه الحالات، يتجنب الأفراد توثيق معاملاتهم خوفًا من أن يؤدي ذلك إلى تفسير خاطئ أو تفسير غير مرغوب فيه من المجتمع، الأمر الذي قد يضر بالسمعة أو يؤدي إلى توتر في العلاقات الاجتماعية.
وعليه، يحق للأطراف التي تخضع للعادة الجارية أو التقاليد السائدة اللجوء إلى الإثبات بشهادة الشهود بدلًا من المستندات الكتابية، إذا كان هذا المانع الأدبي قائمًا في المجتمع ولا يمكن تجاهله. لكن من المهم أن يكون هذا المانع قويًا ومقنعًا بما يكفي ليبرر عدم التوثيق الكتابي، مما يترك تقدير ذلك للمحكمة وفقًا للظروف الخاصة بكل حالة.
وجوب تمسك الخصم بالمانع الأدبي
تمسك الخصم بالمانع الأدبي يُعد أمرًا ضروريًا لإثبات وجود هذا المانع، حيث لا يمكن للمحكمة قبول المانع الأدبي كسبب لعدم تقديم دليل كتابي إلا إذا تمسك به الخصم الذي يدعيه وأبرز الأدلة التي تدعمه. فالمطالبة بالمانع الأدبي يجب أن تتم وفقًا لإجراءات قانونية محددة، حيث يتحتم على الخصم الذي يواجه المانع أن يُعلن عنه صراحة أثناء سير الدعوى ويُبين طبيعته وأسبابه المبررة لعدم وجود التوثيق الكتابي.
وفي حال عدم تمسك الخصم بالمانع الأدبي، قد يُعتبر ذلك بمثابة تخلي عن الحق في التمسك به، ويصبح من الصعب عليه التذرع بهذا المانع لاحقًا في الدعوى. ولذلك، يُشترط أن يُظهر الخصم بوضوح أن التقاليد الاجتماعية أو الأعراف أو الاعتبارات الشخصية قد حالت دون توثيق المعاملة كتابيًا. وإذا كان المانع الأدبي غير موضح بوضوح أو لم يتم التمسك به في الوقت المناسب، فإن المحكمة قد تُصر على قبول الإثبات الكتابي أو رفض الإثبات بشهادة الشهود.
بناءً على ذلك، يُعد تمسك الخصم بالمانع الأدبي بمثابة شرط أساسي لقبوله كسبب قانوني لعدم تقديم الوثائق الكتابية، وهو ما يتطلب دقة ووضوحًا في عرض الأدلة التي تدعم هذا المانع.
خضوع وجود المانع لتقدير محكمة الموضوع
وجود المانع الأدبي يخضع لتقدير محكمة الموضوع، وهي التي تملك السلطة التقديرية الكاملة في فحص الأدلة والشهادات المقدمة من الأطراف لتحديد مدى صحة المانع الأدبي ومدى تأثيره على القدرة على تقديم دليل كتابي. فالمحكمة هي الجهة المسؤولة عن تقييم الظروف الخاصة بكل حالة على حدة، ومنها العادات الاجتماعية، والاعتبارات النفسية، والتقاليد السائدة التي قد تؤثر في الشخص وتمنعه من توثيق المعاملة.
تقوم المحكمة بموازنة الأدلة المتاحة، مثل الشهادات أو التوثيقات التي تُظهر وجود مانع أدبي من عدمه، وقد تكون هذه الأدلة مقنعة أو غير كافية بالنسبة للمحكمة. وعلى سبيل المثال، إذا تمسك المدعي بوجود مانع أدبي، يجب على المحكمة أن تقدر ما إذا كان هذا المانع قويًا ومعقولًا بما يكفي لدعمه في سياق القضية.
إن تقدير وجود المانع الأدبي يرتبط في النهاية بتقدير محكمة الموضوع للواقعة، وتبقى لها الحرية الكاملة في قبول أو رفض هذا المانع بناءً على الظروف الاجتماعية أو النفسية التي تقدّم لها.
ثالثا : فقد الدائن سنده الكتابي بسبب أجنبي لا يد له فيه
يعد فقد الدائن سنده الكتابي بسبب سبب أجنبي لا يد له فيه من الحالات التي يُمكن أن يُعفى فيها الدائن من تقديم الدليل الكتابي لإثبات حقه. في مثل هذه الحالات، يُعتبر فقدان السند الكتابي ناتجًا عن ظروف خارجة عن إرادة الدائن، مثل حريق أو سرقة أو كارثة طبيعية أو أحداث قاهرة أخرى أدت إلى ضياع أو تلف السند.
عندما يتعرض الدائن لهذا الموقف، يُمكنه التمسك بشهادة الشهود أو أي دليل آخر لإثبات صحة الالتزام أو الحق الذي كان يدعمه السند الكتابي المفقود. وبذلك، يُفسح القانون المجال أمام الدائن لإثبات حقه رغم فقدانه للسند الكتابي، على أن تكون الأدلة البديلة كافية لإثبات وجود الدين أو المعاملة التي كان السند يتضمنها.
إلا أنه في هذه الحالة، يُشترط أن يكون فقد السند الكتابي بسبب حادث غير متوقع أو ظروف قهرية لا يمكن تجنبها، وأن يقدم الدائن دليلًا على فقدانه وتفسيرًا منطقيًا لهذا الفقدان. في مثل هذه الحالات، تكون سلطة المحكمة في تقدير الأدلة والشهادات واسعة لتحديد ما إذا كانت الظروف التي يذكرها الدائن حقيقية بما يكفي لقبول الإثبات بشهادات الشهود أو الأدلة البديلة.
القاعدة والحكمة منها ونطاقها
القاعدة القانونية المتعلقة بفقد السند الكتابي بسبب سبب أجنبي لا يد للدائن فيه تقوم على مبدأ حماية حقوق الأفراد وعدم تحميلهم تبعات غير عادلة نتيجة ظروف خارجة عن إرادتهم. تقوم الحكمة من هذه القاعدة على تسهيل الإثبات وحماية حقوق الدائنين الذين قد يتعرضون لحالات قهرية تؤدي إلى فقدان مستنداتهم الكتابية، مثل الحوادث الطبيعية أو السرقة أو أي حادث آخر يعوق قدرتهم على تقديم السند الكتابي.
من خلال هذه القاعدة، يُسمح للدائن باللجوء إلى وسائل إثبات بديلة كالشهادات أو القرائن لإثبات دينه أو معاملته التي كانت موثقة بالسند المفقود. وبالتالي، فإن القاعدة تعمل على حماية مصالح الدائن بشكل عادل دون أن يُحرم من حقه بسبب ظروف خارجة عن إرادته.
أما نطاق القاعدة، فيقتصر على الحالات التي يكون فيها فقدان السند الكتابي نتيجة لأسباب خارجة عن إرادة الشخص، ويجب على الدائن إثبات أن الفقدان لم يكن بسبب إهماله أو تقصيره. كما يُشترط أن تكون الظروف القاهرة التي أدت إلى الفقدان مقنعة للمحكمة، وأن يقتصر التطبيق على الحالات التي تتعلق بالأدلة الكتابية الأصلية.
ما يشترط لسريان حكم الأستثناء
لسريان حكم الاستثناء في حالة فقد السند الكتابي بسبب سبب أجنبي لا يد للدائن فيه، يشترط توافر عدة عناصر أساسية يجب أن تثبت أمام المحكمة :
الشرط الأول : إثبات سبق وجود السند الكتابي
إثبات سبق وجود السند الكتابي يعد أمرًا بالغ الأهمية في الحالات التي يدعي فيها أحد الأطراف فقدان السند الكتابي، أو في حال عدم القدرة على تقديمه لأسباب خارجة عن إرادته. في هذه الحالات، يمكن للطرف الذي كان يمتلك السند الكتابي أن يلجأ إلى وسائل إثبات بديلة، مثل الشهادات أو القرائن أو التسجيلات، لإثبات أن السند الكتابي كان موجودًا بالفعل في وقت سابق.
يُعد إثبات سبق وجود السند الكتابي خطوة أساسية لأنه يُظهر للمحكمة أن الدين أو المعاملة التي كانت موثقة في السند الكتابي كانت موجودة بالفعل، حتى وإن لم يمكن تقديم السند ذاته. يمكن أن يكون هذا الإثبات من خلال الشهادات التي يقدّمها الشهود الذين شهدوا على توقيع السند أو التعاملات الموثقة به، أو من خلال الأدلة الأخرى مثل المستندات الموازية أو المعاملات البنكية أو أي توثيق رسمي يُظهر أن السند الكتابي كان قائمًا في وقت سابق.
وفي بعض الحالات، إذا استطاع المدعى إثبات وجود السند الكتابي في السابق، قد يُسمح له بتقديم أدلة بديلة لدعمه، مما يضمن حماية حقوقه في حالة عدم تمكنه من تقديم السند المفقود.
الشرط الثاني : إثبات فقد السند بسبب أجنبي
إثبات فقد السند الكتابي بسبب سبب أجنبي يُعتبر أمرًا جوهريًا في الحالات التي يطالب فيها أحد الأطراف بالاستفادة من هذا الفقدان كدليل على عدم إمكانية تقديم السند الكتابي. ويُشترط على الدائن الذي يزعم فقد السند الكتابي بسبب سبب أجنبي لا يد له فيه أن يُقدّم دليلًا قاطعًا على أن الفقدان حدث نتيجة لظروف خارجة عن إرادته، مثل حريق أو سرقة أو كارثة طبيعية، أو أي حادث آخر غير قابل للتوقع أو التحكم فيه.
يمكن للدائن إثبات فقد السند بإثبات وقوع الحادث الذي أدى إلى الفقدان، مثل تقديم محضر الشرطة في حالة السرقة أو الحريق، أو تقارير من الجهات المعنية التي تؤكد وقوع الكارثة أو الحدث القهري. كما قد يكون من المفيد تقديم شهادات من أشخاص آخرين كانوا شاهدين على الحدث أو من يمكنهم التأكيد على أن السند قد فُقد بسبب حادث أجنبي.
إذا نجح الدائن في إثبات وقوع السبب الأجنبي الذي أدى إلى فقد السند، يمكنه اللجوء إلى وسائل إثبات أخرى مثل الشهادات أو القرائن لتقديم الأدلة البديلة وإثبات الحق المدعى فيه، مع مراعاة أن يكون السبب الأجنبي غير ناتج عن تقصير من جانبه في الحفاظ على السند.
كيفية الإثبات
الإثبات في القضايا القانونية يتطلب تقديم أدلة قوية تدعم الادعاء أو الدفاع في الدعوى. وهناك عدة طرق للإثبات يمكن استخدامها وفقًا للظروف و نوع القضية، بما في ذلك الإثبات الكتابي و الإثبات الشفوي و الإثبات المادي.
-
الإثبات الكتابي: يعتبر من أقوى طرق الإثبات، ويشمل العقود و المستندات و الرسائل وأي أوراق رسمية يمكن استخدامها لتوثيق المعاملات والحقوق. ويُعتبر السند الكتابي دليلًا قاطعًا في أغلب الحالات، خاصة إذا كان موثقًا بالشكل القانوني الصحيح.
-
الإثبات بالشهادات: إذا لم يكن هناك سند كتابي أو إذا فُقد السند، يمكن إثبات الحق بشهادة الشهود. يجب أن تكون الشهادات متوافقة مع الحقائق ومبنية على معرفة مباشرة بالواقعة أو المعاملة.
-
الإثبات بالقرائن: يمكن أيضًا الاستعانة بالقرائن التي تُستنتج من الوقائع المحيطة. وهي أدلة غير مباشرة يمكن أن تساعد في إثبات أمر معين، مثل حدوث حادث بناءً على آثار مادية أو نتائج ملموسة.
-
الإثبات عن طريق الخبراء: في بعض القضايا المعقدة، قد يتم الاستعانة بخبراء لإبداء رأيهم في أمور فنية أو علمية تحتاج إلى تحليل متخصص، مثل القضايا الطبية أو الهندسية.
-
الإثبات المادي: يشمل الأدلة الملموسة مثل الأشياء أو الآثار أو الصور التي يمكن أن تثبت حدوث الواقعة أو وجود الحق المدعى.
كيفية الإثبات تعتمد على نوع الدعوى و القانون المنطبق، ويجب أن يحرص الطرف الذي يدعي شيئًا على تقديم الأدلة المقبولة قانونيًا. في النهاية، يتم تقدير قوة الأدلة من قبل محكمة الموضوع، التي تملك السلطة لتحديد مدى قبول الأدلة ومدى مصداقيتها.