تبعة هلاك الشئ قبل التسليم في القانون المدني
تتحمل تبعة هلاك الشيء محل المقاولة قبل تسليمه إلى رب العمل على عاتق المقاول، ما دام الهلاك قد وقع قبل تمام التسليم ولم يكن بسبب يعود إلى رب العمل. ويُقصد بالتبعة هنا الخسارة الناتجة عن هلاك الشيء أو تلفه بحيث لا يمكن تسليمه كما هو متفق عليه. ويستند ذلك إلى القاعدة أن من كان الشيء في حيازته وتحت يده وقت الهلاك، يتحمل تبعته، ما لم يثبت أن الهلاك قد وقع بسبب أجنبي لا يد له فيه. وبالتالي، لا يحق للمقاول أن يطالب بالأجر أو بثمن المواد التي هلكت قبل التسليم، ويظل ملتزمًا بإعادة تنفيذ العمل أو إصلاحه، إلا إذا ثبت أن رب العمل هو المتسبب في الهلاك أو أنه قد تسلم العمل بالفعل.
هلاك الشئ بحادث فجائي :
إذا هلك الشيء محل المقاولة بحادث فجائي قبل تسليمه إلى رب العمل، فإن تبعة هذا الهلاك تقع على عاتق المقاول، ولا يستحق أجرًا عن العمل الذي هلك، ما دام لم يتم تسليمه. ويُقصد بالحادث الفجائي كل أمر غير متوقع ولا يمكن دفعه، كالحريق أو الفيضان أو الزلزال، بشرط ألا يكون للمقاول يد فيه أو خطأ ساهم في حدوثه.
ويستند ذلك إلى أن الشيء يبقى على مسؤولية المقاول حتى لحظة التسليم، إذ لا تنتقل تبعة الهلاك إلى رب العمل إلا بعد أن يصبح العمل في حيازته أو تحت تصرفه. أما إذا كان الهلاك بعد التسليم أو بسبب يعود إلى رب العمل، فإن التبعة تنتقل إليه، ولا يُسأل عنها المقاول.
هلاك الشئ بخطأ المقاول :
إذا هلك الشيء محل المقاولة بسبب خطأ من المقاول، سواء كان ذلك الخطأ عمديًا أو ناتجًا عن إهمال أو تقصير في تنفيذ العمل، فإن تبعة الهلاك تقع عليه، ويُسأل عن تعويض الضرر الذي لحق برب العمل نتيجة هذا الهلاك. وفي هذه الحالة لا يحق للمقاول المطالبة بأي أجر عن الجزء الذي هلك، ويلتزم بإعادة تنفيذ العمل على نفقته الخاصة إذا كان ذلك ممكنًا، أو تعويض رب العمل إذا تعذر التنفيذ.
ويُعد خطأ المقاول في هذه الحالة إخلالًا بالتزامه العقدي بتنفيذ العمل بعناية ووفقًا للأصول الفنية، ويخضع في مسؤوليته لأحكام المسؤولية العقدية المنصوص عليها في القانون المدني.
هلاك الشئ بخطأ رب العمل :
إذا هلك الشيء محل المقاولة بسبب خطأ رب العمل، كأن يطلب إجراء تعديلات غير مدروسة أثناء التنفيذ، أو يتدخل في العمل بشكل يؤدي إلى الإضرار به، أو يهمل في توفير الشروط اللازمة لسلامة العمل، فإن تبعة الهلاك تقع عليه، لا على المقاول. وفي هذه الحالة، لا يُسأل المقاول عن الهلاك، ويحتفظ بحقه في الأجر المتفق عليه أو في جزء منه بحسب ما تم من العمل قبل الهلاك.
كما يكون له الحق في التعويض عن الأضرار التي لحقت به نتيجة هذا الخطأ، إذا ترتب عليه زيادة في التكاليف أو ضياع للجهد والمواد، ويستند ذلك إلى القاعدة العامة في المسؤولية التي تُحمِّل المتسبب في الضرر تبعته.
الهلاك بعد التسليم :
إذا وقع الهلاك في الشيء محل المقاولة بعد تسليمه إلى رب العمل، فإن تبعة الهلاك تنتقل إليه، ولا يكون المقاول مسؤولًا عنه، ما دام العمل قد تم تسليمه بصورة مطابقة لشروط العقد وخالية من العيوب الظاهرة. ويترتب على ذلك أن المقاول يحتفظ بحقه الكامل في الأجر، ولا يُلزم بإعادة تنفيذ العمل أو تعويض رب العمل عن هذا الهلاك.
ويُستند في ذلك إلى أن التسليم يُعد قرينة على انتهاء التزام المقاول، وانتقال مخاطر الهلاك إلى رب العمل، ما لم يكن هناك غش أو عيب خفي يتحمل المقاول تبعته بموجب قواعد الضمان.
إنتقال ملكية الشئ محل المقاولة إلى رب العمل :
تنتقل ملكية الشيء محل المقاولة إلى رب العمل بمجرد إنجازه وتسليمه إليه، ما دام قد تم تنفيذه وفقًا للشروط المتفق عليها في العقد. فالمقاولة لا ترد على بيع شيء معين، وإنما على تنفيذ عمل، وبالتالي لا تنتقل الملكية تدريجيًا أثناء التنفيذ، بل تنتقل دفعة واحدة عند تمام العمل وتسليمه.
ويُعد التسليم في هذه الحالة هو الحد الفاصل بين بقاء الملكية في يد المقاول وانتقالها إلى رب العمل، ويترتب على ذلك أن يصبح الشيء على مسؤولية رب العمل بعد التسليم، وأن يحق له التصرف فيه أو استغلاله كما يشاء، ما لم يوجد اتفاق أو نص قانوني يقضي بغير ذلك.
الإلتزام بالضمان :
يُعد الالتزام بالضمان من الالتزامات القانونية التي تقع على عاتق المقاول، ويقصد به ضمان المقاول لسلامة العمل الذي قام به من العيوب الخفية التي قد تظهر بعد التسليم، والتي من شأنها أن تؤثر في متانة العمل أو صلاحيته للغرض المقصود منه.
ويشمل هذا الضمان أيضًا العيوب التي تنشأ عن خطأ في التصميم إذا كان من وضع المقاول. ويظل المقاول مسؤولًا عن هذه العيوب لمدة معينة حددها القانون (كعشر سنوات في الأعمال الثابتة بحسب المادة 651 مدني مصري)، ما لم يكن هناك اتفاق على خلاف ذلك. ولا يُعفى المقاول من هذا الضمان إلا إذا أثبت أن العيب ناشئ عن سبب أجنبي لا يد له فيه، كحادث فجائي أو خطأ من رب العمل أو الغير.
الضمان بوجه عام
(1) ضمان المقاول للمادة التي يقدمها :
إذا التزم المقاول بتقديم المادة اللازمة لتنفيذ العمل، فإنه يكون مسؤولًا عن ضمان صلاحية هذه المادة وجودتها ومطابقتها للمواصفات المتفق عليها، شأنه في ذلك شأن البائع الذي يضمن العيوب الخفية في المبيع. فإذا ظهر أن المادة التي قدمها معيبة أو غير صالحة للغرض المقصود، كان المقاول مسؤولًا عن الأضرار التي تترتب على ذلك، ويلتزم إما باستبدالها أو إصلاح العمل الناتج عنها، بالإضافة إلى التعويض إن كان له مقتضى.
ولا يُعفى المقاول من هذا الضمان إلا إذا أثبت أن العيب ناشئ عن سبب أجنبي لا يد له فيه. ويُعد هذا الالتزام من صور الضمان التي تهدف إلى حماية رب العمل وضمان تحقيق الغرض من التعاقد.
(2) مسئولية المقاول عن المادة التي يقدمها رب العمل :
إذا كانت المادة التي استُعملت في تنفيذ العمل مقدمة من رب العمل، فإن المقاول لا يكون مسؤولًا عن صلاحيتها إلا إذا كان يعلم بعيبها أو كان من المفترض أن يعلم به بحكم خبرته ومهنته، وسكت عن ذلك دون أن يُخطر رب العمل. ففي هذه الحالة، يُسأل المقاول عن أي ضرر ينشأ عن استعمال هذه المادة المعيبة، لأنه أخل بواجب الإنذار الذي يفرضه عليه القانون.
أما إذا كانت العيوب خفية ولا يمكن اكتشافها بالفحص المعتاد، فلا يُسأل عنها المقاول، وتبقى تبعة العيب على عاتق رب العمل. ويهدف هذا الحكم إلى تحقيق التوازن بين الطرفين، فلا يُحمّل المقاول ما لا يدخل في نطاق مسؤوليته، ولا يُعفى إذا كان بإمكانه تجنب الضرر بتنبيه رب العمل في الوقت المناسب.
(3) ضمان المقاول لعيب في الصنعة :
الفرض الأول : أن يكون العيب ظاهرا وقت القبول :
في الفرض الأول، إذا كان العيب في العمل ظاهرًا وقت تسليمه وقَبِله رب العمل دون أن يبدي أي تحفظ، فإن الأصل أن المقاول لا يكون مسؤولًا عن هذا العيب. ويُفترض في هذه الحالة أن رب العمل قد فحص العمل عند الاستلام ورضي به كما هو، مما يُسقط حقه في الرجوع على المقاول بالضمان.
غير أن هذا الإعفاء من المسؤولية لا يسري إذا كان قبول رب العمل قد تم بناءً على غش أو تدليس من المقاول، أو إذا كان العيب رغم ظهوره قد استُخِفَّ به اعتمادًا على تطمينات صادرة من المقاول. ويهدف هذا الحكم إلى تحقيق التوازن بين مصلحة رب العمل في الحصول على عمل سليم، ومصلحة المقاول في عدم ملاحقته عن عيوب كان يمكن كشفها بسهولة عند التسليم.
الفرض الثاني : أن يكون المقاول قد أخفى غشا العيب في الصنعة :
في الفرض الثاني، إذا كان العيب في الصنعة موجودًا وقت التسليم وكان المقاول قد تعمّد إخفاءه غشًا أو تدليسًا، فإن مسئوليته تظل قائمة رغم أن رب العمل قبل العمل دون إبداء تحفظ. فالغش يُسقط أثر القبول، لأن رضا رب العمل كان غير صحيح نتيجة خداع المقاول.
وفي هذه الحالة، يحق لرب العمل الرجوع على المقاول بالضمان والمطالبة بإصلاح العيب أو إعادة تنفيذ العمل، وله أيضًا المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحقه. ويُعتبر هذا الحكم تطبيقًا لمبدأ عام في القانون المدني، وهو أن الغش يفسد كل شيء، فلا يُمكن للمقاول أن يستفيد من القبول الظاهري للعمل إذا كان قد أخفى عيبًا عمدًا وبسوء نية.
الفرض الثالث : أن يكون العيب خفيا :
في الفرض الثالث، إذا كان العيب في العمل خفيًا، أي غير ظاهر وقت التسليم ولا يمكن لرب العمل اكتشافه بالفحص المعتاد، فإن المقاول يظل مسؤولًا عنه بموجب التزامه بالضمان. ويُعد العيب خفيًا إذا لم يكن باستطاعة رب العمل كشفه عند استلام العمل رغم بذل العناية المعتادة، وظهر بعد مرور وقت معين من الاستخدام.
وفي هذه الحالة، يجوز لرب العمل الرجوع على المقاول خلال مدة الضمان المقررة قانونًا، مطالبًا بإصلاح العيب أو إعادة تنفيذ العمل، وله كذلك المطالبة بالتعويض إذا لحقه ضرر. ولا يُعفى المقاول من هذه المسؤولية إلا إذا أثبت أن العيب ناشئ عن سبب أجنبي لا يُنسب إليه.
مكتب محامى مصر محمد منيب المحامى المصرى
- المستشار محمد منيب المحامى بخبرة 20 سنة
- ماجستير القانون الدولى
- دراسات عليا القانون الخاص
✔️ تواصل معنا الآن للحصول على استشارة قانونية مدفوعة!
✔️ ضمان السرعة والدقة في إنجاز معاملاتك القانونية.استشارة قانونية شاملة.حرصا منا على وقت عملائنا من قبل المستشار محمد منيب شخصيا خدمة مقابلة اون لاين من خلال تطبيق meet على Gmail توفر لك دعماً قانونياً عبر الانترنت .
📞 للاستفسار أو الحجز خدمة العملاء: 01006321774
📞 التواصل: احجز موعد مسبق 01006321774 – 01223232529
📍 عنوان المكتب: 13 شارع الخليفه من شارع الهرم بجوار السجل المدني