الطبيعة الإجرائية للدفع بالارتباط بين الدعاوى
الطبيعة الإجرائية للدفع بالارتباط بين الدعاوى
دراسة تحليلية في ضوء القواعد الإجرائية وقضاء محكمة النقض
تُعد الدفوع الإجرائية من أهم الوسائل القانونية التي أتاحها المشرّع للخصوم لتنظيم سير الخصومة وضمان نظرها أمام المحكمة المختصة وعلى الوجه الصحيح. ومن بين هذه الدفوع يبرز الدفع بالارتباط بوصفه دفعًا ذا طبيعة خاصة، لا يهدف إلى إنهاء الخصومة أو الفصل في موضوعها، وإنما يستهدف إعادة ترتيب مسار الدعوى متى توافر ارتباط بينها وبين دعوى أخرى منظورة أمام جهة قضائية مختلفة.
وتتجلى أهمية الدفع بالارتباط في كونه وسيلة لتحقيق وحدة الخصومة ومنع تضارب الأحكام، مع الحفاظ على التوازن بين احترام قواعد الاختصاص وتحقيق العدالة الناجزة. ومن ثم فإن تحديد الطبيعة الإجرائية للدفع بالارتباط يكتسب أهمية خاصة، لما يترتب عليه من آثار تتعلق بميعاد إبدائه، وسلطة المحكمة في تقديره، ومدى تعلقه بالنظام العام.
أولًا: ماهية الدفع بالارتباط ومفهومه القانوني
1- تعريف الدفع بالارتباط
الدفع بالارتباط هو دفع إجرائي يُثار عندما تكون هناك دعويان أو أكثر معروضتان على القضاء، تقوم بينهما رابطة قانونية أو واقعية تجعل من الملائم أو اللازم نظرهما معًا أمام محكمة واحدة، تحقيقًا لحسن سير العدالة ومنعًا لصدور أحكام متعارضة.
ولا يشترط لتحقق الارتباط وحدة الخصوم أو السبب أو الموضوع على نحو كامل، بل يكفي وجود عنصر مشترك يؤثر في الفصل في النزاع.
2- تمييز الدفع بالارتباط عن غيره من الدفوع
يختلف الدفع بالارتباط عن:
الدفع بعدم الاختصاص: الذي يستهدف نفي ولاية المحكمة أصلًا.
الدفع بعدم القبول: الذي يوجه إلى الحق في الدعوى.
الدفع بالبطلان: الذي ينصب على إجراء معين.
إذ إن الدفع بالارتباط لا ينكر اختصاص المحكمة، وإنما يهدف إلى ضم دعوى إلى أخرى أو إحالتها لوجود ارتباط.
ثانيًا: الأساس القانوني للطبيعة الإجرائية للدفع بالارتباط
1- ارتباط الدفع بتنظيم الخصومة لا بموضوعها
الصفة الإجرائية للدفع بالارتباط ترجع إلى أنه:
لا يتعرض لموضوع الحق.
ولا يفصل في النزاع الموضوعي.
وإنما ينظم سير الخصومة القضائية.
ومن ثم فهو دفع شكلي يرمي إلى توحيد نظر الدعاوى المرتبطة.
2- عدم مساسه بأصل الحق
قبول الدفع بالارتباط أو رفضه لا يمس أصل الحق المتنازع عليه، وإنما يحدد فقط المحكمة التي تنظر النزاع أو طريقة نظره.
ثالثًا: الدفع بالارتباط وعلاقته بالنظام العام
1- الارتباط غير القابل للتجزئة
إذا كان الارتباط غير قابل للتجزئة:
أصبح الدفع متعلقًا بالنظام العام.
جاز إثارته في أي مرحلة من مراحل الدعوى.
تعيّن على المحكمة إعماله من تلقاء نفسها.
2- الارتباط البسيط
أما إذا كان الارتباط بسيطًا:
لا يتعلق الدفع بالنظام العام.
يجب إبداؤه في الوقت المناسب.
تخضع إجابته لسلطة المحكمة التقديرية.
رابعًا: الطبيعة الإجرائية للدفع بالارتباط من حيث ميعاد إبدائه
1- القاعدة العامة
الأصل أن:
الدفوع الإجرائية يجب إبداؤها قبل الخوض في الموضوع.
وينطبق ذلك على الدفع بالارتباط في صورته غير المتعلقة بالنظام العام.
2- الاستثناء
في حالات الارتباط غير القابل للتجزئة:
يجوز إبداء الدفع في أي وقت.
ولو لأول مرة أمام محكمة النقض.
خامسًا: سلطة المحكمة في تقدير الدفع بالارتباط
1- نطاق السلطة التقديرية
تتمتع محكمة الموضوع بسلطة واسعة في:
تقدير قيام الارتباط.
تحديد نوعه.
تقرير ضم الدعاوى أو رفضه.
ولا رقابة لمحكمة النقض على هذا التقدير متى كان سائغًا.
2- التزام المحكمة بالتسبيب
مع ذلك، تلتزم المحكمة:
ببيان الأسباب التي بنت عليها قضاءها.
وخاصة عند قبول الدفع وترتيب آثار إجرائية مهمة عليه.
سادسًا: الآثار الإجرائية المترتبة على الدفع بالارتباط
1- في حالة قبول الدفع
يترتب على قبول الدفع بالارتباط:
إحالة الدعوى أو ضمها.
امتداد الاختصاص القضائي.
توحيد نظر الدعاوى أمام محكمة واحدة.
2- في حالة رفض الدفع
إذا رفضت المحكمة الدفع:
تستمر في نظر الدعوى.
لا يترتب بطلان على الرفض.
تظل الأحكام الصادرة صحيحة ومنتجة لآثارها.
سابعًا: الدفع بالارتباط والتمييز بين الامتداد الوجوبي والاختياري
الطبيعة الإجرائية للدفع بالارتباط تقتضي التفرقة بين:
الامتداد الوجوبي: في حالات الارتباط غير القابل للتجزئة، حيث تلتزم المحكمة بالضم.
الامتداد الاختياري: في حالات الارتباط البسيط، حيث يترك الأمر لتقدير المحكمة.
ثامنًا: موقف قضاء محكمة النقض من الطبيعة الإجرائية للدفع بالارتباط
استقر قضاء محكمة النقض على أن:
الدفع بالارتباط من الدفوع الإجرائية.
لا يترتب على إثارته الفصل في موضوع النزاع.
تقدير قيامه ونوعه من مسائل الواقع.
وأكدت المحكمة أن:
“مجرد الارتباط لا يسلب المحكمة اختصاصها، ولا يوجب عليها ضم الدعاوى إلا إذا كان الارتباط غير قابل للتجزئة.”
تاسعًا: أثر الطبيعة الإجرائية للدفع بالارتباط على الطعن
نظرًا لطبيعته الإجرائية:
لا يجوز الطعن على الحكم الصادر في الدفع استقلالًا.
إلا مع الطعن على الحكم الموضوعي.
ما لم يكن متعلقًا بالنظام العام.
عاشرًا: التقييم الفقهي للطبيعة الإجرائية للدفع بالارتباط
يرى الفقه أن:
الدفع بالارتباط أداة مرنة لتنظيم الخصومة.
يحقق التوازن بين الانضباط الإجرائي والعدالة العملية.
يمنع تضارب الأحكام دون المساس بأصل الحق.
خاتمة الطبيعة الإجرائية للدفع بالارتباط بين الدعاوى
خلصنا مما سبق إلى أن الدفع بالارتباط يتمتع بطبيعة إجرائية خالصة، تهدف إلى تنظيم سير الخصومة القضائية لا الفصل في موضوعها، وتتحدد آثاره ومدى تعلقه بالنظام العام وفقًا لنوع الارتباط القائم بين الدعاوى. ويظل هذا الدفع من أهم الأدوات الإجرائية التي تعكس مرونة النظام القضائي وقدرته على استيعاب تشابك المنازعات دون الإخلال بقواعد الاختصاص.
المحكمة المختصة في حالات توافر صحة الدفع بالإرتباط وإمتداد الإختصاص
ريادة قانونية في الدفوع الإجرائية والدفع بالارتباط وتنظيم الخصومة القضائية – الأستاذ محمد منيب
يمثل الأستاذ محمد منيب – المحامي أحد الأسماء البارزة في مجال الدفوع الإجرائية المتقدمة، ولا سيما الدفع بالارتباط بين الدعاوى وما يرتبط به من تنظيم الخصومة القضائية وتحديد المحكمة المختصة وامتداد الاختصاص.
ويعتمد الأستاذ محمد منيب في ممارسته المهنية على فهم دقيق للطبيعة الإجرائية للدفع بالارتباط، بما يتيح توظيفه كأداة قانونية فعالة لإعادة ترتيب مسار الدعوى، وتحقيق وحدة الخصومة، ومنع تضارب الأحكام دون المساس بأصل الحق محل النزاع.
وتتسم الصياغة القانونية التي يقدمها الأستاذ محمد منيب بالجمع بين العمق الفقهي والتطبيق العملي، خاصة في القضايا التي يثور فيها الخلاف حول توقيت إبداء الدفع بالارتباط، ومدى تعلقه بالنظام العام، وسلطة المحكمة في قبوله أو رفضه.
ولهذا فإن اللجوء إلى محامٍ متخصص في الدفوع الإجرائية وتنظيم الخصومة القضائية مثل الأستاذ محمد منيب يُعد خيارًا قانونيًا استراتيجيًا يضمن إدارة الدعوى بكفاءة عالية، وحماية المراكز القانونية للخصوم، والوصول إلى أفضل النتائج القضائية الممكنة.
مقر مكتب المستشار / محمد منيب
📞 للاستفسار أو الحجز خدمة العملاء: 01006321774
📞 التواصل: احجز موعد مسبق 01006321774 – 01223232529
📍 عنوان المكتب: 13 شارع الخليفه من شارع الهرم بجوار السجل المدني

