الرفع بعدم قبول الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي

الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي

الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي

تُعد الدعوى المدنية التابعة للدعوى الجنائية إحدى أهم الآليات التي كفلها المشرّع للمضرور من الجريمة، تمكينًا له من المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به نتيجة الفعل الإجرامي، دون الحاجة إلى سلوك طريق القضاء المدني المستقل.

غير أن هذا الحق، رغم أهميته، ليس حقًا مطلقًا، وإنما يخضع لجملة من الشروط والضوابط الإجرائية والموضوعية، التي يترتب على الإخلال بها الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي.

ويُعد هذا الدفع من أخطر الدفوع الإجرائية، إذ يترتب عليه استبعاد الدعوى المدنية من نظر المحكمة الجنائية، دون التعرض لموضوعها، وهو ما يفرض ضرورة الإحاطة الدقيقة بأسبابه وحدوده وآثاره.

ماهية الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية

الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي هو دفع إجرائي شكلي، يوجه إلى حق المدعي بالحق المدني في استعمال طريق الادعاء المدني أمام المحكمة الجنائية، تأسيسًا على مخالفة أحد الشروط التي تطلبها القانون لقبول هذه الدعوى.

ويتميز هذا الدفع بأنه:

  • لا ينصب على أصل الحق في التعويض.

  • لا يتعرض لموضوع النزاع.

  • إنما يستهدف الطريق الذي سلكه المدعي للمطالبة بحقه.

ومن ثم، فإن الحكم بعدم القبول لا يحوز حجية في الموضوع، ولا يمنع المدعي المدني من اللجوء إلى القضاء المدني متى توافرت شروطه.

 الطبيعة القانونية للدفع بعدم القبول

استقر الفقه والقضاء على أن الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي هو:

  • دفع شكلي.

  • متعلق بالإجراءات.

  • مقرر لمصلحة الخصوم.

ولا يتعلق هذا الدفع بالنظام العام، إلا في حالات استثنائية، كأن تكون الدعوى الجنائية غير قائمة أصلًا، أو منعدمة قانونًا.

ويترتب على ذلك:

  • جواز التنازل عنه صراحة أو ضمنًا.

  • عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، ما لم يكن متعلقًا بالنظام العام.

 الأساس القانوني للدفع بعدم القبول

يرتكز هذا الدفع على مجموعة من المبادئ القانونية المستقرة، أهمها:

  1. مبدأ التبعية بين الدعويين الجنائية والمدنية
    فالدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي لا تقوم بذاتها، وإنما تتبع الدعوى الجنائية وجودًا وعدمًا.

  2. مبدأ عدم ازدواج الخصومة
    منعًا لعرض النزاع ذاته على أكثر من جهة قضائية.

  3. مبدأ استقرار المراكز القانونية
    حماية للمتهم من تعدد الدعاوى بشأن واقعة واحدة.

  4. احترام قواعد الاختصاص القضائي
    سواء الاختصاص النوعي أو الوظيفي.

 الحالات العامة للدفع بعدم قبول الدعوى المدنية

1. رفع الدعوى المدنية أمام القضاء المدني سلفًا

إذا سبق للمدعي بالحق المدني أن رفع دعواه بالتعويض أمام المحكمة المدنية المختصة، امتنع عليه الادعاء مدنيًا أمام القضاء الجنائي عن ذات الواقعة.

ويترتب على ذلك:

  • عدم قبول الدعوى المدنية أمام المحكمة الجنائية.

  • استمرار نظر الدعوى أمام القضاء المدني.

والعبرة في ذلك بسابقة رفع الدعوى لا بصدور حكم فيها.

2. انعدام الصفة أو المصلحة

يشترط لقبول الدعوى المدنية:

  • توافر الصفة.

  • توافر المصلحة الشخصية المباشرة.

فإذا رفعت الدعوى من شخص:

  • لا تربطه صلة قانونية بالضرر.

  • أو لم يصبه ضرر مباشر من الجريمة.

وجب الحكم بعدم قبول الدعوى المدنية.

3. عدم اتصال الضرر بالجريمة اتصالًا مباشرًا

يشترط أن يكون الضرر:

  • مباشرًا.

  • ناشئًا مباشرة عن الفعل الإجرامي.

أما إذا كان الضرر غير مباشر أو احتمالي، فلا تقبل الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي.

4. انقضاء الدعوى الجنائية

إذا انقضت الدعوى الجنائية لأي سبب من الأسباب:

  • الوفاة.

  • التقادم.

  • العفو الشامل.

فإن الدعوى المدنية التابعة تسقط تبعًا لها أمام القضاء الجنائي، ويكون الدفع بعدم القبول قائمًا.

 الدفع بعدم القبول لانتفاء شرط التبعية

1. عدم تحريك الدعوى الجنائية

لا تقبل الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي إذا لم تكن هناك دعوى جنائية قائمة أصلًا.

فلا يجوز:

  • رفع دعوى مدنية مستقلة أمام المحكمة الجنائية.

  • أو الادعاء المدني دون وجود اتهام جنائي مطروح.

2. الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية قبل الفصل في المدنية

إذا قضت المحكمة بانقضاء الدعوى الجنائية، وجب عليها:

  • الحكم بعدم قبول الدعوى المدنية.

  • دون التعرض لموضوع التعويض.

 الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية لعدم الاختصاص

1. عدم اختصاص المحكمة الجنائية نوعيًا

إذا كانت المحكمة الجنائية غير مختصة بنظر الدعوى الجنائية أصلًا، فإن:

  • اختصاصها بالدعوى المدنية ينتفي.

  • ويُقضى بعدم قبول الدعوى المدنية.

2. عدم اختصاص المحكمة الجنائية وظيفيًا

كأن تُرفع الدعوى المدنية أمام محكمة لا تزال الدعوى الجنائية خارج ولايتها الوظيفية.

 الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية لمخالفة القيد على حق الاختيار

إذا خالف المدعي المدني القيد الخاص بحقه في اختيار القضاء، بأن:

  • يرفع الدعوى أمام القضاء المدني.

  • ثم يلجأ إلى القضاء الجنائي.

وجب الحكم بعدم قبول الدعوى المدنية أمام المحكمة الجنائية.

 الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية لسبق الفصل فيها

إذا سبق الفصل في الدعوى المدنية بحكم نهائي:

  • سواء بالقبول أو الرفض.

  • سواء أمام القضاء المدني أو الجنائي.

امتنع إعادة طرحها أمام القضاء الجنائي، تأسيسًا على حجية الأمر المقضي.

 توقيت إثارة الدفع بعدم القبول

الأصل أن:

  • يُثار الدفع قبل الخوض في موضوع الدعوى.

  • ويجوز إثارته في أي مرحلة قبل إقفال باب المرافعة.

ولا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، إلا إذا تعلق بالنظام العام.

 سلطة المحكمة في التصدي للدفع

للمحكمة الجنائية:

  • أن تفصل في الدفع استقلالًا.

  • أو أن تضمه للموضوع.

غير أنه متى كان الدفع ظاهر الجدية، وجب عليها الفصل فيه قبل التعرض لموضوع الدعوى.

 الآثار المترتبة على الحكم بعدم القبول

  1. استبعاد الدعوى المدنية من نظر المحكمة الجنائية.

  2. عدم المساس بأصل الحق في التعويض.

  3. أحقية المدعي المدني في اللجوء للقضاء المدني.

  4. استمرار نظر الدعوى الجنائية دون المدنية.

 الفرق بين عدم القبول ورفض الدعوى المدنية

وجه المقارنةعدم القبولالرفض
الطبيعةشكليموضوعي
التعرض للحقلانعم
حجية الحكملانعم
إمكانية إعادة الدعوىنعملا

 موقف محكمة النقض

استقر قضاء محكمة النقض على أن:

  • الدعوى المدنية التابعة لا تقوم إلا بتوافر دعوى جنائية قائمة.

  • الحكم بعدم قبول الدعوى المدنية لا يمنع اللجوء للقضاء المدني.

  • الدفع بعدم القبول دفع جوهري يترتب على إغفاله بطلان الحكم.

 الأهمية العملية للدفع بعدم القبول

يمثل هذا الدفع:

  • أداة دفاعية فعالة للمتهم.

  • وسيلة لضبط استعمال حق الادعاء المدني.

  • ضمانة إجرائية لمنع إساءة استعمال القضاء الجنائي.

خاتمة الرفع بعدم قبول الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي

إن الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي يُعد من أدق وأهم الدفوع الإجرائية في قانون الإجراءات الجنائية، لما يترتب عليه من آثار حاسمة في مسار الخصومة.

فهو لا ينال من أصل الحق، وإنما يحمي النظام القضائي من الاضطراب، ويُرشد الخصوم إلى الطريق الصحيح لممارسة حقوقهم، ويؤكد أن العدالة لا تتحقق فقط بإقرار الحقوق، بل بحسن استعمالها في الإطار الذي رسمه القانون.

القيد الخاص بحق المدعى المدني في إختيار القضاء الجنائي

محامي جنائي محترف في الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية – محمد منيب

يُعد الأستاذ محمد منيب من المحامين الجنائيين المتخصصين في الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي، لما يمتلكه من خبرة عميقة في تحليل شروط الادعاء المدني وكشف أوجه القصور الإجرائي التي تؤدي إلى استبعاد الدعوى شكليًا دون التعرض لموضوعها.

ويعتمد في ذلك على دراسة دقيقة لعناصر التبعية بين الدعوى الجنائية والدعوى المدنية، وتحديد مدى توافر الصفة والمصلحة، وبيان حالات سبق رفع الدعوى أمام القضاء المدني أو انقضاء الدعوى الجنائية، بما يضمن حماية قانونية كاملة للمتهم واستقرار المركز القانوني.

ويمتاز محمد منيب بصياغة دفوع قانونية محكمة مدعومة بالفقه وأحكام محكمة النقض، مع اختيار التوقيت الإجرائي الصحيح لإثارة الدفع، الأمر الذي ينعكس مباشرة على قوة الموقف الدفاعي وسلامة الحكم الصادر.

فإذا كنت تبحث عن محامٍ جنائي محترف في إسقاط الدعوى المدنية غير المقبولة، فإن خبرة محمد منيب القانونية تمثل الخيار الأمثل لتحقيق دفاع فعّال قائم على أسس قانونية راسخة.

مقر مكتب المستشار محمد منيب

error: