الدفوع المتعلقة برد القضاة ومخاصمتهم في القانون المصري

الدفوع المتعلقة برد القضاة ومخاصمتهم في القانون المصري

الدفوع المتعلقة برد القضاة ومخاصمتهم في القانون المصري

تُعد الدفوع المتعلقة برد القضاة ومخاصمتهم من أهم الوسائل التي كفلها القانون المصري لضمان حياد القضاء ونزاهته، وتحقيق مبدأ العدالة بين الخصوم.
وقد نظمها قانون المرافعات المدنية والتجارية بدقة، بهدف حماية الثقة العامة في المؤسسة القضائية ومنع أي شبهة تحيز أو مصلحة شخصية قد تؤثر في إصدار الأحكام.
وتتصل هذه الدفوع اتصالًا مباشرًا بحقوق الدفاع وضمانات المحاكمة العادلة، فهي تمثل توازنًا دقيقًا بين حق المتقاضي في قاضٍ محايد، وبين احترام هيبة القضاء واستقراره.


 مفهوم الدفوع المتعلقة برد القضاة ومخاصمتهم

الدفوع المتعلقة برد القضاة هي إجراءات قانونية يحق لأحد الخصوم أن يطلب بموجبها استبعاد قاضٍ من نظر الدعوى إذا توافرت ظروف أو أسباب تثير الشك في حياده.
أما مخاصمة القضاة، فهي إجراء استثنائي يهدف إلى مساءلة القاضي عن أفعال ارتكبها أثناء تأدية وظيفته القضائية ترتب عنها ضرر لأحد الخصوم، متى كانت تلك الأفعال مشوبة بالغش أو الخطأ الجسيم أو الإنكار المتعمد للعدالة.


 الأساس القانوني لرد القضاة ومخاصمتهم

نظم المشرع المصري أحكام رد القضاة في المواد من (146 إلى 153) من قانون المرافعات المدنية والتجارية،
بينما نظم مخاصمة القضاة في المواد من (494 إلى 500) من نفس القانون.


 أسباب رد القضاة طبقًا للمادة (146) من قانون المرافعات

حددت المادة 146 الأسباب التي يجوز فيها رد القاضي، ومن أبرزها:

  1. إذا كان للقاضي أو لزوجته مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في الدعوى.

  2. إذا كان بين القاضي وأحد الخصوم قرابة أو مصاهرة حتى الدرجة الرابعة.

  3. إذا كان القاضي وكيلًا لأحد الخصوم أو وصيًا أو قيّمًا عليه.

  4. إذا كان قد سبق له أن أبدى رأيًا في موضوع الدعوى أو قام بعمل من أعمال التحقيق فيها.

  5. إذا كان القاضي قد رفع دعوى مماثلة أو كان خصمًا لأحد الأطراف.

تهدف هذه الأسباب إلى ضمان الحياد الكامل للقاضي وتفادي أي مؤثرات قد تؤثر في استقلاله الذهني أو نزاهة قراره.


 إجراءات رد القضاة

1. تقديم طلب الرد

يُقدَّم طلب الرد بمذكرة موقعة من الطالب يوضح فيها أسباب الرد، ويُقدَّم إلى المحكمة المختصة قبل أي دفع أو دفاع في الدعوى الأصلية.

2. أثر تقديم طلب الرد

بمجرد تقديم طلب الرد، يُوقف القاضي المطلوب رده عن نظر الدعوى مؤقتًا حتى يتم الفصل في طلب الرد.

3. الفصل في الطلب

تُحال مذكرة الرد إلى غرفة المشورة للنظر فيها، وتفصل المحكمة في الطلب بعد سماع أقوال الطرفين.
ويصدر الحكم إما بقبول الرد واستبعاد القاضي من الدعوى، أو برفضه واستمرار نظره فيها.


 الآثار المترتبة على قبول أو رفض طلب الرد

  • إذا قُبل الطلب: يُستبعد القاضي من نظر الدعوى، وتُحال القضية إلى دائرة أخرى.

  • إذا رُفض الطلب: يُلزم الطالب بغرامة لا تقل عن 200 جنيه ولا تزيد على 2000 جنيه، تعويضًا عن تعطيل سير العدالة.

  • كما قد يتحمل الطالب نفقات الطلب إذا تبين أنه تعمد الكيد أو التعطيل.

مخاصمة القضاة وفقًا للمادة (494) من قانون المرافعات

نصت المادة (494)

(1) إذا وقع من القاضى أو عضو النيابة في عملهما غش أو تدليس أو غدر أو خطأ مهنى جسيم.

(2) إذا امتنع القاضى من الإجابة على عريضة قدمت له أو من الفصل في قضية صالحة للحكم وذلك بعد إعذاره مرتين على يد محضر يتخللهما ميعاد أربع وعشرين ساعة بالنسبة إلى الأوامر على العرائض وثلاثة أيام بالنسبة إلى الأحكام في الدعاوى الجزئية والمستعجلة والتجارية وثمانية أيام في الدعاوى الأخرى.

ولا يجوز رفع دعوى المخاصمة في هذه الحالة قبل مضى ثمانية أيام على آخر إعذار.

(3) في الأحوال الأخرى التي يقضى فيها القانون بمسئولية القاضى والحكم عليه بالتعويضات.

1. شروط قبول دعوى المخاصمة

  • أن يكون القاضي قد ارتكب غشًا أو خطأ جسيمًا.

  • أن يكون قد ترتب ضرر مباشر للخصم من جراء هذا السلوك.

  • أن تُقام الدعوى أمام المحكمة المختصة خلال المواعيد القانونية.

2. إجراءات رفع دعوى المخاصمة

  • تُقام الدعوى بتقرير في قلم كتاب محكمة الاستئناف أو النقض (بحسب درجة القاضي).

  • يُودع الطالب كفالة مالية تحددها المحكمة لضمان الجدية.

  • تُفصل المحكمة أولًا في قبول الدعوى شكلًا قبل نظر الموضوع.


 الآثار القانونية لمخاصمة القضاة

  • لا يترتب على مجرد تقديم دعوى المخاصمة وقف نظر الدعوى الأصلية، إلا إذا أمرت المحكمة المختصة بذلك.

  • إذا ثبتت مسؤولية القاضي، يُحكم عليه بالتعويض لصالح المتضرر.

  • أما إذا تبين أن المخاصمة كيدية أو غير جادة، يُغرم الطالب غرامة مالية ويُحكم عليه بالمصروفات.


 فلسفة المشرع المصري من تنظيم الرد والمخاصمة

يهدف المشرع المصري من إقرار هذين النظامين إلى:

  1. تحقيق مبدأ حياد القاضي وضمان عدالة المحاكمة.

  2. حماية حق المتقاضين من أي انحراف في تطبيق القانون أو إساءة استخدام السلطة القضائية.

  3. صون كرامة القضاء بعدم التوسع في قبول طلبات الرد والمخاصمة إلا في الحالات المبررة قانونًا.

  4. تحقيق التوازن بين استقلال القاضي ومسؤوليته القانونية.


 تطبيقات قضائية لمحكمة النقض

أكدت محكمة النقض المصرية في العديد من أحكامها على أن:

“الرد ليس وسيلة للطعن في القاضي، وإنما ضمانة للخصم في أن يُفصل في دعواه قاضٍ خالٍ من مظنة التحيز.”
كما قررت أن:
“دعوى المخاصمة لا تُقبل إلا في حالة الخطأ الجسيم أو الغش الواضح، ولا يُقصد بها الطعن في الأحكام الصادرة.”


خاتمة الدفوع المتعلقة برد القضاة ومخاصمتهم 

يتضح مما سبق أن الدفوع المتعلقة برد القضاة ومخاصمتهم تمثل إحدى الدعائم الأساسية لنزاهة القضاء في النظام القانوني المصري. فهي تحقق التوازن بين حق المتقاضي في محاكمة عادلة واحترام هيبة القضاة واستقلالهم.
ولذلك، يجب استعمال هذه الدفوع بمسؤولية ووفق ضوابط القانون، حتى لا تتحول من وسيلة لحماية العدالة إلى أداة للتعطيل أو الكيد.

مع تحيات موقع محامي مصر

كما لك التواصل معنا لحجز موعد الاستشارة المستشار محمد منيب المحامي
لتواصل اضغط هنا01006321774

وللواتساب اضغط هنا 01223232529

كما تتابعنا على صفحتنا على الفيس بوك 

ملحوظة هامة : الإستشارة القانونية مع المستشار محمد منيب بتحديد موعد مسبق

error: