الدفع بإعتبار الدعوى كأن لم تكن

الدفع بإعتبار الدعوى كأن لم تكن

الدفع بإعتبار الدعوى كأن لم تكن

يُعد الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن من أهم الدفوع الشكلية في قانون المرافعات، ويهدف إلى توقيع جزاء على المدعي الذي تقاعس عن اتخاذ الإجراءات الواجبة لاستمرار الخصومة، مثل عدم إعلان صحيفة الدعوى في الميعاد القانوني أو عدم تعجيل الدعوى بعد وقفها أو شطبها.

ويترتب على قبول هذا الدفع زوال الدعوى وكأنها لم ترفع أصلاً، دون أن يمتد أثرها أو يترتب عليها أي أثر قانوني، مع احتفاظ الخصوم بحقهم في رفع دعوى جديدة إذا لم يكن الحق قد سقط بالتقادم.

الدفع بإعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم تكليف المدعى عليه الحضور في خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب

يُعتبر الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم تكليف المدعى عليه الحضور خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب من الدفوع الجوهرية في قانون المرافعات، ويُرتب المشرّع هذا الجزاء على المدعي إذا تراخى في إعلان صحيفة الدعوى خلال المدة المحددة قانونًا، باعتبار أن إعلان الصحيفة هو الإجراء الذي تنعقد به الخصومة.

فإذا لم يتم الإعلان خلال هذه المهلة، جاز للمدعى عليه أن يتمسك بهذا الدفع، ويترتب على الحكم بقبوله زوال الدعوى بأثر رجعي وكأنها لم تُرفع أصلاً، بما يحول دون ترتيب أي أثر إجرائي لها، مع بقاء الحق الموضوعي للمدعي قائمًا ما لم يسقط بالتقادم.

النص القانوني للمادة 70 من قانون المرافعات تنص على :

يجوز، بناء على طلب المدعى عليه، اعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا لم يتم تكليف المدعى عليه بالحضور في خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب، وكان ذلك راجعا إلى فعل المدعى .

نطاق سريان حكم المادة

إن نطاق سريان حكم المادة 70 من قانون المرافعات يشمل كل الدعاوى التي يتم رفعها أمام المحاكم، إذ أوجب المشرّع إعلان صحيفة الدعوى خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إيداعها قلم الكتاب، ورتّب على مخالفة ذلك الجزاء المقرر باعتبار الدعوى كأن لم تكن.

ويسري هذا الحكم على مختلف أنواع الخصومات المدنية والتجارية وغيرها مما يخضع لأحكام قانون المرافعات، دون تمييز بين دعوى وأخرى، وذلك تحقيقًا لاعتبارات النظام الإجرائي الذي يهدف إلى سرعة الفصل في المنازعات وعدم ترك الخصومة معلقة فترة طويلة دون إعلان، بما يحفظ استقرار المراكز القانونية للخصوم ويضمن حسن سير العدالة.

سريان حكم المادة على كافة الدعاوى المدنية والتجارية

يسري حكم المادة 70 من قانون المرافعات على كافة الدعاوى المدنية والتجارية على حد سواء، إذ لا يقتصر نطاق تطبيقها على نوع معين من الخصومات، بل يمتد إلى جميع الدعاوى التي تخضع لإجراءات المرافعات.

فالمشرّع استهدف من تقرير جزاء اعتبار الدعوى كأن لم تكن عند عدم إعلان الصحيفة خلال ثلاثة أشهر من إيداعها قلم الكتاب، إلزام المدعي بالجدية في مباشرة إجراءات دعواه، والحيلولة دون تركها معلقة دون أثر قانوني.

وبذلك فإن القاعدة المقررة في هذه المادة تُطبق بصفة عامة على جميع المنازعات المدنية والتجارية ضمانًا لحسن سير العدالة واستقرار المراكز القانونية للخصوم.

سريان حكم المادة على التظلم من أوامر الأداء

يسري حكم المادة 70 من قانون المرافعات على التظلم من أوامر الأداء، باعتباره دعوى ترفع وفق الإجراءات المقررة في القانون، حيث يلتزم المتظلم بإعلان صحيفة التظلم خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إيداعها قلم الكتاب، وإلا عُدّ التظلم كأن لم يكن.

فالمشرّع لم يستثنِ التظلمات من نطاق تطبيق هذه المادة، باعتبارها طريقًا للخصومة القضائية يخضع لأحكام المرافعات شأنها شأن باقي الدعاوى، وذلك ضمانًا لجدية الخصوم في مباشرة حقوقهم وعدم إبقاء النزاع معلقًا دون إعلان صحيح يؤدي إلى استقرار المراكز القانونية للمدعى عليهم.

سريان حكم المادة على الدعاوى المنظورة أمام محكمة ثاني درجه

الدعاوى المنظورة أمام محكمة الاستئناف باعتبارها محكمة ثاني درجة، إذ أن الجزاء المقرر فيها – وهو اعتبار الدعوى كأن لم تكن عند عدم إعلان الصحيفة خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إيداعها – لا يقتصر على مرحلة معينة من الخصومة، بل يمتد إلى جميع الدعاوى في مختلف درجات التقاضي .

فالمشرّع استهدف من النص إلزام الخصوم بالجدية في اتخاذ الإجراءات اللازمة لسير الدعوى أمام أي محكمة تنظرها، سواء كانت محكمة أول درجة أو ثاني درجة، تحقيقًا لاستقرار المراكز القانونية وسرعة الفصل في المنازعات.

سريان حكم المادة على إلتماس إعادة النظر

دعوى التماس إعادة النظر باعتبارها طريقًا غير عادي للطعن يرفع بصحيفة تودع قلم الكتاب وتعلن للخصم، فهي في طبيعتها دعوى جديدة تخضع لإجراءات رفع الدعاوى المنصوص عليها في القانون.

وبالتالي، إذا لم يتم إعلان صحيفة الالتماس خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إيداعها قلم الكتاب، جاز الدفع باعتباره كأن لم يكن، شأنه شأن باقي الدعاوى.

وبهذا يؤكد المشرّع على مبدأ الجدية في مباشرة إجراءات الالتماس، وعدم تركه معلقًا بغير إعلان صحيح، ضمانًا لاستقرار الأحكام والمراكز القانونية للخصوم.

عدم سريان حكم المادة على صحف الطعن بالنقض

لا يسري حكم المادة 70 من قانون المرافعات على صحف الطعن بالنقض، ذلك أن المشرّع قد أفرد لهذه الطعون نظامًا إجرائيًا خاصًا يختلف عن الدعاوى العادية، يقوم على تقديم صحيفة الطعن إلى قلم كتاب محكمة النقض في الميعاد القانوني، ثم تتولى المحكمة إعلانها إلى الخصوم.

ومن ثم فإن الجزاء المقرر في المادة 70 باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم إعلان الصحيفة خلال ثلاثة أشهر لا يطبق على الطعون بالنقض، لأن المشرّع استبعدها صراحة من نطاق هذا الحكم تحقيقًا لاعتبارات العدالة وضمانًا لعدم تقييد الحق في استعمال طريق الطعن الاستثنائي بالنقض بقيود إجرائية لم يرد بها نص خاص.

سريان حكم المادة على دعاوى الأحوال الشخصية للولاية على النفس التي ترفع أمام محكمة أول درجة

يسري حكم المادة 70 من قانون المرافعات على دعاوى الأحوال الشخصية المتعلقة بالولاية على النفس التي تُرفع أمام محكمة أول درجة، طالما أن هذه الدعاوى تُرفع بصحيفة وتخضع في إجراءاتها للقواعد العامة لقانون المرافعات.

وبذلك، يلتزم المدعي بإعلان صحيفة الدعوى خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إيداعها قلم الكتاب، وإلا جاز الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن.

ويأتي هذا التطبيق اتساقًا مع هدف المشرّع في إلزام الخصوم بالجدية في مباشرة الخصومة، وضمان سرعة الفصل في المنازعات المتعلقة بشؤون الأسرة حفاظًا على الاستقرار الأسري والمراكز القانونية للأطراف.

سريان حكم المادة على دعاوى الأحوال الشخصية التي ترفع أمام محكمة ثاني درجة بعد العمل بالقانون رقم (1) لسنة 2000

يسري حكم المادة 70 من قانون المرافعات على دعاوى الأحوال الشخصية التي تُرفع أمام محكمة ثاني درجة بعد العمل بالقانون رقم (1) لسنة 2000 بشأن تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، ذلك أن المشرّع لم يستثنِ هذه الدعاوى من الخضوع لأحكام المرافعات فيما لم يرد به نص خاص.

وإذ كانت صحيفة الاستئناف في دعاوى الأحوال الشخصية تُرفع وتُعلن شأنها شأن غيرها من الدعاوى، فإن عدم إعلانها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إيداعها قلم الكتاب يترتب عليه توقيع الجزاء المنصوص عليه في المادة 70، باعتبار الدعوى كأن لم تكن، وذلك تأكيدًا لالتزام الخصوم بالجدية وتحقيقًا لسرعة الفصل في المنازعات الأسرية.

 مكررا _ عدم سريان حكم المادة على الدعاوى التي ترفع  أمام القضاء الإداري

لا يسري حكم المادة 70 من قانون المرافعات على الدعاوى التي تُرفع أمام القضاء الإداري، ذلك أن هذه الدعاوى تخضع لقانون مجلس الدولة وإجراءاته الخاصة، والتي استقل بها المشرّع عن القواعد العامة لقانون المرافعات المدنية والتجارية.

فالمواعيد والإجراءات المتعلقة بإعلان صحيفة الدعوى أمام محاكم مجلس الدولة نظمها المشرّع بنصوص خاصة، ولا يطبق عليها الجزاء المقرر في المادة 70 باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم إعلانها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إيداعها.

وبذلك يظل نطاق تطبيق هذه المادة مقصورًا على الدعاوى الخاضعة لقانون المرافعات فقط دون غيرها من الخصومات الإدارية.

الشروط الواجب توافرها في الدفع

الشرط الأول :  عدم تكليف المدعى عليه بالحضور في خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب

يُرتب قانون المرافعات جزاءً إجرائيًا هامًا على عدم تكليف المدعى عليه بالحضور خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب، حيث يُعتبر ذلك تقاعسًا من المدعي عن استكمال إجراءات دعواه في الميعاد المقرر.

ويترتب على هذا التقاعس أن يكون للمدعى عليه الحق في الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن، وهو دفع شكلي لا يتعلق بالنظام العام، لا يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها وإنما يجب أن يتمسك به صاحب المصلحة.

ويهدف هذا الجزاء إلى حمل المدعي على الجدية في مباشرة الخصومة ومنع بقاء الدعاوى معلقة دون إعلان صحيح يترتب عليه انعقاد الخصومة.

(أ) المقصود بتكليف المدعى عليه بالحضور

هو الإجراء القانوني المتمثل في إعلان صحيفة الدعوى إلى المدعى عليه إعلانًا صحيحًا وفق الأوضاع المقررة في قانون المرافعات، متضمنًا دعوته للمثول أمام المحكمة في الزمان والمكان المحددين لنظر الدعوى.

ويُعد هذا الإعلان هو الوسيلة التي تنعقد بها الخصومة بين طرفيها، إذ من خلاله يُمكَّن المدعى عليه من العلم بموضوع الدعوى والطلبات المقدمة ضده، بما يتيح له إعداد دفاعه.

ومن ثم فإن تكليف المدعى عليه بالحضور يُعتبر إجراءً جوهريًا لا تنعقد الخصومة بدونه، ويترتب على إغفاله أو إبطاله زوال الدعوى وكأنها لم تُرفع.

(ب) حالة تعدد المستأنف عليهم

يلتزم المستأنف بإعلان صحيفة الاستئناف إلى جميع الخصوم الذين وُجه إليهم الطعن، وذلك خلال الميعاد المقرر قانونًا، إذ لا تنعقد الخصومة الاستئنافية إلا باكتمال إعلان الصحيفة لكل المستأنف عليهم.

فإذا أغفل المستأنف إعلان أحدهم إعلانًا صحيحًا في الميعاد، جاز لهذا الخصم أن يتمسك بالجزاء المقرر وهو اعتبار الاستئناف كأن لم يكن بالنسبة له، مع بقاء أثره قائمًا في مواجهة من أُعلنوا إعلانًا صحيحًا.

ويهدف هذا التنظيم إلى ضمان وحدة الخصومة الاستئنافية وتمكين جميع الأطراف من ممارسة حقهم في الدفاع على قدم المساواة.

(جـ) ميعاد الطعن

هو الفترة الزمنية التي حددها المشرّع لمباشرة طرق الطعن في الأحكام، سواء كانت عادية كالاستئناف أو غير عادية كالنقض والالتماس.

ويُعد هذا الميعاد من النظام العام، فلا يجوز الاتفاق على تمديده أو تقصيره، كما لا يجوز للمحكمة قبوله أو التغاضي عن فواته من تلقاء نفسها.

ويبدأ حساب ميعاد الطعن من تاريخ إعلان الحكم إلى الخصم المحكوم عليه، أو من تاريخ صدوره إذا كان حضورياً في مواجهة الخصم. ويترتب على فوات هذا الميعاد سقوط الحق في الطعن، واكتساب الحكم حجية الأمر المقضي به واستقراره.

(د) إضافة ميعاد المسافة

هي المدة الإضافية التي يمنحها المشرّع للخصم إذا كان موطنه يبعد عن مقر المحكمة التي يجب اتخاذ الإجراء أمامها، وذلك مراعاةً لظروف الانتقال وضمانًا لتمكينه من مباشرة حقوقه في الميعاد المقرر قانونًا.

وتضاف هذه المدة إلى المواعيد الأصلية المحددة لإجراءات الخصومة كميعاد الطعن أو الحضور، وتحدد بحسب المسافة بين محل إقامة الخصم ومقر المحكمة وفق ما نص عليه القانون.

ويترتب على إغفال احتساب ميعاد المسافة بطلان الإجراء إذا تم قبل اكتمال المدة المقررة، باعتبار أن إضافة هذه المهلة تعد من الضمانات الجوهرية لحق الدفاع.

الشرط الثاني : أن يكون عدم الإعلان خلال الميعاد راجعا إلى فعل المدعى

يشترط للحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن وفقًا للمادة 70 من قانون المرافعات أن يكون عدم إعلان الصحيفة خلال الميعاد راجعًا إلى فعل المدعي أو تقصيره، كأن يتراخى في اتخاذ إجراءات الإعلان أو يهمل في متابعة قلم المحضرين لاستكمال الإعلان.

أما إذا كان سبب التأخير خارجًا عن إرادته، كقوة قاهرة أو خطأ راجع إلى جهة الإدارة في قلم الكتاب أو قلم المحضرين دون تدخل منه، فلا يجوز توقيع هذا الجزاء عليه.

فالعبرة أن يكون المدعي هو المسؤول عن عدم الإعلان في الميعاد، إذ إن النص إنما قصد حمله على الجدية في مباشرة دعواه لا معاقبته على أمر لا يد له فيه.

النطاق الزمني لتطبيق هذا الشرط

يقصد بـ النطاق الزمني لتطبيق شرط إعلان صحيفة الدعوى خلال ثلاثة أشهر المدة التي حددها المشرّع ابتداءً من تاريخ إيداع الصحيفة قلم الكتاب وحتى انقضاء الثلاثة أشهر التالية لهذا الإيداع.

فإذا لم يتم الإعلان الصحيح خلال هذه الفترة، وكان التأخير راجعًا إلى فعل المدعي أو تقصيره، جاز الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن. أما إذا وقع الإعلان بعد انتهاء هذه المهلة فلا يُعتد به ولو كان صحيحًا في ذاته.

ويُفهم من ذلك أن نطاق تطبيق الشرط مرتبط حصراً بهذه المدة الزمنية، باعتبارها ضمانة أساسية لتحقيق سرعة الفصل في الخصومات وعدم إبقائها معلقة دون أثر قانوني.

الشرط الثالث : أن يطلب المدعى عليه القضاء بإعتبار الدعوى كأن لم يكن

يشترط لتوقيع الجزاء المقرر في المادة 70 من قانون المرافعات أن يتمسك المدعى عليه بطلب القضاء باعتبار الدعوى كأن لم تكن، إذ إن هذا الدفع يعد من الدفوع الشكلية غير المتعلقة بالنظام العام، فلا تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها.

ومن ثم يجب على المدعى عليه أن يثيره صراحة قبل التعرض لموضوع الدعوى، وإلا سقط حقه في التمسك به.

ويُعد هذا الطلب وسيلة دفاع مشروعة لحماية مركزه القانوني من دعوى لم تُستكمل إجراءاتها في الميعاد، ويترتب على الحكم بقبوله زوال الخصومة وكأنها لم تُرفع أصلاً.

كيفية التمسك بالدفع في حالة تعدد المدعى عليهم

في حالة تعدد المدعى عليهم يجب على من يرغب منهم في الإفادة من جزاء المادة 70 من قانون المرافعات أن يتمسك صراحةً بالدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن قبل التعرض لموضوعها، إذ إن هذا الدفع دفع شكلي لا يتعلق بالنظام العام.

فإذا تمسك به أحد المدعى عليهم دون الآخرين، فإن أثره يقتصر عليه وحده ولا يمتد لباقي الخصوم الذين لم يثيروه.

أما إذا أبداه جميع المدعى عليهم مجتمعين، فإنه ينتج أثره في مواجهة الجميع. وبذلك يظل الدفع شخصيًا، مرتبطًا بمصلحة من تمسك به، ولا يحقق أثره إلا في حدود من طلبه.

الشرط الرابع : ألا يكون حق المدعة عليه في التمسك بالدفع قد سقط بالتكلم في الموضوع

يشترط لصحة التمسك بالدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن، ألا يكون حق المدعى عليه قد سقط بالتكلم في الموضوع، إذ إن هذا الدفع من الدفوع الشكلية غير المتعلقة بالنظام العام، والتي يجب إبداؤها قبل التعرض لموضوع الدعوى أو إبداء أي دفع موضوعي.

فإذا بادر المدعى عليه إلى الرد على الطلبات الموضوعية للمدعي أو قدم دفاعًا يمس أصل الحق المتنازع عليه دون أن يتمسك بالدفع أولاً، عُدّ ذلك نزولًا ضمنيًا منه عن حقه في الدفع، وسقط حقه في التمسك به بعد ذلك، تحقيقًا لمبدأ استقرار الخصومة ومنع التعسف في استعمال الحقوق الإجرائية.

حضور المدعى عليه أمام المحكمة لا يسقط حقه في التمسك بالدفع

إن مجرد حضور المدعى عليه أمام المحكمة لا يترتب عليه سقوط حقه في التمسك بالدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن، ما دام لم يتعرض لموضوع الدعوى أو يُبدِ دفاعًا يمس أصل الحق قبل إبداء هذا الدفع.

فالحضور وحده يُعد إجراءً شكليًا لضمان حق الدفاع، ولا يُعتبر نزولًا عن الدفوع الشكلية المقررة لمصلحته.

ومن ثم، يظل للمدعى عليه الحق في التمسك بهذا الدفع في أول جلسة يحضرها، تحقيقًا للتوازن بين مصلحة المدعي في مباشرة دعواه ومصلحة المدعى عليه في التمسك بالضمانات الإجرائية التي كفلها له القانون.

جزاء عدم الإعلان في الميعاد

يترتب على عدم إعلان صحيفة الدعوى في الميعاد المقرر قانونًا جزاء إجرائي خطير نصت عليه المادة 70 من قانون المرافعات، وهو اعتبار الدعوى كأن لم تكن.

ويعني ذلك زوال الخصومة بأثر رجعي وكأنها لم تُرفع مطلقًا، فلا يترتب عليها أي أثر إجرائي أو قانوني، مع بقاء الحق الموضوعي على حاله ما لم يسقط بالتقادم.

ويُطبق هذا الجزاء إذا كان عدم الإعلان راجعًا إلى فعل المدعي أو تقصيره، ويشترط أن يتمسك به المدعى عليه قبل التعرض لموضوع الدعوى، باعتباره دفعًا شكليًا غير متعلق بالنظام العام.

اولا : قبل تعديل المادة 70 بالقانون رقم 70 بالقانون رقم 75 لسنة 1976

قبل تعديل المادة 70 من قانون المرافعات بالقانون رقم 75 لسنة 1976، كان النص يقرر جزاءً أكثر تشددًا، حيث كانت الدعوى تُعتبر كأن لم تكن بقوة القانون إذا لم يتم إعلان صحيفتها خلال الميعاد المقرر، دون حاجة لتمسك المدعى عليه بهذا الدفع.

أي أن الجزاء كان مطلقًا وتلقائيًا، مما كان يُعرّض الكثير من الدعاوى للزوال لمجرد التأخير في الإعلان ولو لظروف خارجة عن إرادة المدعي.

ثم جاء التعديل ليخفف من حدة هذا الأثر، فجعل الجزاء نسبيًا لا يُقضى به إلا إذا كان عدم الإعلان راجعًا لفعل المدعي، واشترط أن يطلبه المدعى عليه صراحة قبل التعرض للموضوع.

ثانيا : بعد تعديل المادة 70 بالقانون رقم 75 لسنة 1976

بعد تعديل المادة 70 من قانون المرافعات بالقانون رقم 75 لسنة 1976، تغيّر نطاق الجزاء المترتب على عدم إعلان صحيفة الدعوى خلال الميعاد، فأصبح أكثر مرونة مقارنة بما كان عليه قبل التعديل.

إذ لم تعد الدعوى تُعتبر كأن لم تكن بقوة القانون تلقائيًا، وإنما اشترط المشرّع أن يكون عدم الإعلان راجعًا إلى فعل المدعي أو تقصيره، كما جعل الجزاء نسبيًا لا توقعه المحكمة من تلقاء نفسها، بل بناءً على طلب من المدعى عليه قبل التعرض للموضوع.

وبذلك حقق التعديل توازنًا بين مصلحة المدعي في الحفاظ على دعواه ومصلحة المدعى عليه في التمسك بضماناته الإجرائية.

القضاء بالجزاء قاصر على المدعى عليه الذي تمسك بالدفع ما لم تكن الدعوى غير قابلة للتجزئة

إن القضاء بجزاء اعتبار الدعوى كأن لم تكن يظل مقصورًا على المدعى عليه الذي تمسك بالدفع، ولا يمتد أثره إلى باقي الخصوم الذين لم يثيروه، باعتباره دفعًا شكليًا شخصيًا لا يتعلق بالنظام العام.

غير أن هذا القيد يسقط إذا كانت الدعوى غير قابلة للتجزئة أو كان الالتزام محل النزاع لا يحتمل الانقسام، ففي هذه الحالة يمتد أثر الجزاء إلى جميع الخصوم بقوة الضرورة، ضمانًا لوحدة الخصومة ومنع صدور أحكام متعارضة.

وبهذا يوازن المشرّع بين الطبيعة النسبية للدفع من جهة، واعتبارات استقرار الأحكام ووحدة المراكز القانونية من جهة أخرى.

هل يجوز للمحكمة الإستئنافية القضاء بإعتبار الأستئناف كأن لم يكن إذا أبدى الدفع أمامها بعد قضائها بقبول الإستئناف شكلا ؟

لا يجوز للمحكمة الاستئنافية أن تقضي باعتبار الاستئناف كأن لم يكن إذا أُبدي الدفع بذلك بعد أن قضت بقبول الاستئناف شكلاً، لأن قبول الاستئناف من الناحية الشكلية يعني أن المحكمة قد استنفدت ولايتها في بحث الدفوع الشكلية المتعلقة برفع الطعن وإجراءاته.

وبالتالي، فإن إبداء الدفع بعد هذا القضاء يُعد غير مقبول، إذ يجب التمسك به قبل الفصل في الشكل، وإلا سقط الحق فيه. فالمشرّع ألزم المدعى عليه بإبداء الدفع في الوقت المناسب، تحقيقًا لاستقرار المراكز القانونية ومنع تعطيل سير الخصومة الاستئنافية.

آثار الحكم بإعتبار الدعوى كأن لم تكن

يترتب على الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن زوال الخصومة بأثر رجعي وكأنها لم تُرفع مطلقًا، فلا ينتج عنها أي أثر قانوني أو إجرائي، ولا يُعتد بالإجراءات التي تمت فيها من تاريخ رفعها وحتى صدور الحكم.

كما لا يُعتبر رفع الدعوى سببًا لقطع التقادم، إذ يُمحى أثرها بأكمله، ويبقى الحق الموضوعي للمدعي قائمًا ما لم يسقط بالتقادم، فيجوز له رفع دعوى جديدة متى استوفى الشروط القانونية.

ويُعد هذا الحكم بمثابة جزاء إجرائي يهدف إلى إلزام المدعي بالجدية في مباشرة دعواه ومنع تعطيل سير الخصومة أو إبقائها معلقة دون إعلان صحيح.

الوقف التعليقي في قانون المرافعات

أشطر محامي في رفع جميع الدعاوى المدنية والتجارية والجنائية أمام جميع المحاكم

إذا كنت تبحث عن أشطر محامي في رفع جميع الدعاوى المدنية والتجارية والجنائية أمام جميع المحاكم، فإن مكتب المحامي محمد منيب هو الخيار الأمثل، بخبرة واسعة ورؤية قانونية دقيقة تضمن مباشرة الدعوى وفقًا للإجراءات الصحيحة لقانون المرافعات، وصياغة الدفوع بما يحمي حقوق الموكلين أمام مختلف درجات التقاضي.

يتميز المكتب بالقدرة على التعامل مع القضايا الكبرى والمعقدة، وتقديم استشارات قانونية متكاملة تواكب أحدث التعديلات التشريعية، مما يحقق أعلى معدلات النجاح أمام المحاكم المدنية والتجارية والجنائية.

مكتب المستشار محمد منيب

عنوان المكتب : 13 شارع الخليفه من شارع الهرم بجوار السجل المدني

error: