آثار توافر شروط الوكالة الظاهرة في القانون المدني
يترتب على توافر شروط الوكالة الظاهرة في القانون المدني أن ينصرف أثر التصرف الذي أبرمه من ظهر بمظهر الوكيل إلى الموكل، كما لو كانت هناك وكالة حقيقية، وذلك حمايةً للغير حسن النية الذي تعامل اعتمادًا على هذا المظهر المشروع. ويُعد الموكل في هذه الحالة ملتزمًا بكل ما يترتب على التصرف من حقوق والتزامات، بالرغم من عدم صدور توكيل فعلي منه. وهذا الأثر يقوم على قرينة قانونية لا تقبل إثبات العكس تجاه الغير حسن النية، ويُعَد تطبيقًا لمبدأ حماية الثقة المشروعة واستقرار التعاملات، ومن ثم فإن الموكل لا يستطيع التذرع بعدم وجود وكالة حقيقية للتنصل من أثر التصرف.
آثار توافر شروط الوكالة الظاهرة
(أ) فيما يتعلق بين الموكل والغير :
فيما يتعلق بالعلاقة بين الموكل والغير، فإن الأصل أن آثار التصرف الذي يبرمه الوكيل باسم الموكل تنصرف مباشرة إلى الموكل، متى كان الوكيل قد تصرف في حدود سلطته ووفقًا لما فُوِّض فيه. فإذا استوفت الوكالة شروطها، أصبح الموكل هو الطرف الحقيقي في العلاقة القانونية، فيكتسب الحقوق ويتحمل الالتزامات الناتجة عن التصرف، وكأنّه هو من أبرمه بنفسه. أما إذا تجاوز الوكيل حدود الوكالة أو تصرف بدون تفويض، فلا تنصرف آثار التصرف إلى الموكل إلا إذا أقرّه صراحة أو ضمنًا. ويُراعى دائمًا في العلاقة بين الموكل والغير حسن نية هذا الأخير، خاصة في الحالات التي تتعلق بالوكالة الظاهرة.
(ب) فيما بين الموكل والوكيل الظاهر :
فيما بين الموكل والوكيل الظاهر، فإن العلاقة لا تقوم على وكالة حقيقية، لعدم وجود تفويض فعلي من الموكل، وإنما تستند إلى مظهر خارجي أو خطأ منسوب إلى الموكل أوجد لدى الغير اعتقادًا مشروعًا بوجود هذه الوكالة. ولهذا، فإن الموكل لا يكون ملتزمًا تجاه الوكيل الظاهر بأي التزامات خاصة بالوكالة، كدفع الأجر أو رد النفقات، ما لم يكن هناك اتفاق صريح بينهما. ومع ذلك، يحق للموكل أن يرجع على الوكيل الظاهر إذا تسبب له في ضرر نتيجة تصرف غير مشروع، كأن يطالبه بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به نتيجة انتحاله صفة وكيل دون سند.
الأساس القانوني لنظرية الوكالة الظاهرة :
الأساس القانوني لنظرية الوكالة الظاهرة يقوم على مبدأ حماية الثقة المشروعة واستقرار المعاملات، وهو من المبادئ الراسخة في القانون المدني. فحين يظهر شخص بمظهر الوكيل، ويكون هذا المظهر ناتجًا عن خطأ يُنسب إلى الموكل، كالإهمال أو السكوت عمّا يوجب البيان، فإن القانون يُرتب على هذا المظهر آثارًا قانونية، التزامًا تجاه الغير حسن النية. ويستند هذا إلى قاعدة عامة في المسؤولية التقصيرية، وهي أن “من ألحق بغيره ضررًا بخطئه يلزم بالتعويض”، كما يُعد امتدادًا لنظرية النيابة، حيث تُستبدل الإرادة الظاهرة بالإرادة الحقيقية كلما اقتضت مصلحة التعامل ذلك.
مسئولية الموكل نحو الغير عن خطأ وكيله :
يسأل الموكل نحو الغير عن خطأ وكيله إذا وقع هذا الخطأ أثناء تنفيذ الوكالة أو بسببها، وذلك على أساس القواعد العامة في المسؤولية التقصيرية، وبوجه خاص تطبيقًا لنظرية المسؤولية عن فعل الغير. فمتى كان الوكيل ينفذ ما كُلّف به باسم الموكل، فإن الأخير يُعتبر مسؤولًا عن الأضرار التي تصيب الغير نتيجة خطأ الوكيل، ولو لم يكن الموكل قد ارتكب خطأ شخصيًا. ويشترط لقيام هذه المسؤولية أن يكون الخطأ قد وقع أثناء أداء الوكالة وفي نطاقها، وألا يكون الغير قد أسهم في الخطأ أو أقر به. ويُستند في ذلك إلى مبدأ حماية الغير حسن النية وضمان استقرار التعاملات.
الوكيل المسخر الذي يعمل بإسم مستعار :
الوكيل المُسَخَّر الذي يعمل باسم مستعار هو شخص يتعاقد مع الغير باسمه الشخصي، في حين أن التصرف يتم في الحقيقة لحساب موكل خفي لا تظهر صفته في العقد. وفي هذه الصورة من الوكالة، لا يعلم الغير بوجود الموكل، ويعتقد أنه يتعامل مع الوكيل لحسابه الخاص، مما يجعل العلاقة القانونية تنشأ بين الغير والوكيل ظاهريًا. ولا تنصرف آثار التصرف إلى الموكل إلا إذا كشف الغير عن شخصه أو إذا قرر القانون ذلك لاعتبارات تتعلق بحماية حسن النية أو مقتضيات التعامل. وتُستخدم هذه الصورة في بعض الحالات لأغراض معينة كإخفاء هوية الموكل، لكنها قد تُثير إشكالات قانونية في تحديد الطرف الحقيقي الملتزم أو المستفيد من العقد.
الوكالة بالعمولة في قانون التجارة تقابل التسخير في القانون المدني :
الوكالة بالعمولة في قانون التجارة تُقابل نظام التسخير في القانون المدني، إذ أن الوكيل بالعمولة يتعاقد باسمه الشخصي ولكن لحساب موكله، فلا يُفصح عن صفته كوكيل أمام الغير. ويُنشئ هذا الوضع علاقة مباشرة بين الوكيل بالعمولة والطرف الآخر في العقد، في حين تظل العلاقة بين الوكيل والموكل علاقة داخلية لا تُؤثّر في الغير. ويشترك هذا النظام مع فكرة “الوكيل المُسخّر” في القانون المدني، حيث يعمل الشخص لحساب غيره مع الاحتفاظ بمظهر التعامل لحسابه الخاص. غير أن الوكالة بالعمولة تُنظّم تحديدًا في القانون التجاري وتُعد من صور الوكالة المهنية التي غالبًا ما ترتبط بالنشاط التجاري، ويستحق الوكيل فيها عمولة نظير قيامه بالعمل، بينما التسخير في القانون المدني قد يكون عرضيًا وغير تجاري بطبيعته.
تمييز تسخير الوكيل عما يختلط به :
يُميز تسخير الوكيل عن غيره من الأنظمة المشابهة كالوكالة الظاهرة أو الوكالة بالعمولة من خلال عنصر جوهري، وهو أن الوكيل المُسخّر يتعامل مع الغير باسمه الشخصي دون أن يكشف عن صفته كوكيل، لكن لحساب موكل خفي، فينشأ الالتزام مباشرة بين الوكيل والغير، ولا يظهر الموكل في العلاقة القانونية. وهذا يختلف عن الوكالة الظاهرة التي يظهر فيها الوكيل كوكيل، وإن لم تكن له سلطة حقيقية، فينعقد العقد باسم الموكل لا باسمه هو. كما يختلف عن الوكالة بالعمولة التي تُنظَّم تجاريًا، ويكون فيها الوكيل محترفًا يتصرف باسمه ولحساب الموكل، لكن مع خضوعه لقواعد خاصة تتعلق بالتزاماته وحقه في العمولة. أما في حالة التسخير المدني، فالأساس هو علاقة داخلية خفية لا تنعكس على الغير إلا في حدود معينة، مما يجعل تمييزها ضروريًا لتحديد من يرتب التصرف آثاره تجاهه.
أمثلة لأسباب إلتجاء الموكل إلى تسخير الوكيل
(أ) الأسباب المشروعة :
تكون الأسباب التي تدفع الموكل إلى تسخير وكيل يتعامل باسمه لكنها لحساب الموكل أسبابًا مشروعة إذا لم تتضمن تحايلاً على القانون أو مخالفة للنظام العام أو الآداب. ومن أبرز هذه الأسباب المشروعة: الحفاظ على السرية التجارية، كأن يلجأ الموكل إلى وكيل مُسخّر لإتمام صفقة شراء أو بيع دون الكشف عن هويته تفاديًا لتقلب الأسعار أو المضاربة، أو الرغبة في عدم إثارة انتباه المنافسين في السوق. كما قد يكون الهدف من التسخير تجنب تأثير العلاقات الشخصية أو الاجتماعية على سير التعاقد، أو مجرد رغبة في الخصوصية. فمتى كان الغرض من التسخير لا يمس بحقوق الغير ولا يخالف القانون، اعتُبر سببًا مشروعًا، وأنتج آثاره القانونية وفقًا للقواعد العامة.
(ب) الأسباب غير المشروعة :
تكون الأسباب التي يلجأ بسببها الموكل إلى تسخير وكيل باسمه الشخصي لكنها لحسابه غير مشروعة إذا انطوت على تحايل على القانون أو غش أو مخالفة للنظام العام أو الآداب. ومن أبرز الأمثلة على ذلك: استخدام الوكيل المُسخّر لإبرام تصرف قانوني محظور على الموكل قانونًا، كأن يستعمل شخص شركة وهمية أو شخصًا آخر في شراء عقار لا يحق له قانونًا تملكه، أو التهرب من الضرائب أو القيود القانونية على التعاقد، أو الالتفاف على حقوق الدائنين أو الأحكام القضائية. كما يُعد غير مشروع إذا كان الهدف من التسخير الإضرار بالغير أو خداعه، أو التواطؤ في إخفاء المالك الحقيقي للمال محل التصرف. وفي هذه الحالات، يكون التصرف باطلًا أو قابلًا للإبطال بحسب الأحوال، ولا تُحمى العلاقة الخفية بين الموكل والوكيل من قبل القانون.
محمد منيب محامى في القضايا المدنى
✔️ تواصل معنا الآن للحصول على استشارة قانونية مدفوعة!
✔️ ضمان السرعة والدقة في إنجاز معاملاتك القانونية.
استشارة قانونية شاملة.حرصا منا على وقت عملائنا من قبل المستشار محمد منيب شخصيا خدمة مقابلة اون لاين من خلال تطبيق meet على Gmail توفر لك دعماً قانونياً عبر الانترنت .
📞 للاستفسار أو الحجز خدمة العملاء: 01006321774
📞 التواصل: احجز موعد مسبق 01006321774 – 01223232529
📍 عنوان المكتب: 13 شارع الخليفه من شارع الهرم بجوار السجل المدني