الحكم في دعوى المخاصمة وفقًا للمواد 497 إلى 500 من قانون المرافعات المصري
الحكم في دعوى المخاصمة وفقًا للمواد 497 إلى 500 من قانون المرافعات المصري
تُعد دعوى المخاصمة إحدى الوسائل القانونية الدقيقة التي توازن بين استقلال القاضي ومسؤوليته، فالقضاء ليس معصومًا من الخطأ، ولكن مساءلته لا تتم إلا في إطار منظم يراعي هيبته وعدالته.
وبعد أن تناولت المواد (494 إلى 496) من قانون المرافعات المصري أسباب وإجراءات المخاصمة، جاءت المواد من 497 إلى 500 لتحدد كيفية الحكم في دعوى المخاصمة وآثاره القانونية على القاضي المخاصم، وعلى الأحكام التي أصدرها، وعلى حقوق الخصوم في التعويض.
نصوص المواد (497 – 500) من قانون المرافعات
المادة 497
“إذا حكم بجواز قبول المخاصمة وكان المخاصم أحد قضاة المحكمة الابتدائية أو أحد أعضاء النيابة لديها حدد الحكم جلسة لنظر موضوع المخاصمة في جلسة علنية أمام دائرة أخرى من دوائر محكمة الاستئناف ويحكم فيه بعد سماع الطالب والقاضى أو عضو النيابة المخاصم وأقوال النيابة العامة إذا تدخلت في الدعوى.
وإذا كان المخاصم مستشاراً في إحدى محاكم الاستئناف أو النائب العام أو المحامى العام فتكون الإحالة على دائرة خاصة مؤلفة من سبعة من المستشارين بحسب ترتيب أقدميتهم. أما إذا كان المخاصم مستشاراً بمحكمة النقض فتكون الإحالة إلى دوائر المحكمة مجتمعة..”
المادة 498
“يكون القاضى غير صالح لنظر الدعوى من تاريخ الحكم بجواز قبول المخاصمة.”
المادة 499
“إذا قضت المحكمة بعدم جواز المخاصمة أو برفضها حكمت على الطالب بغرامة لا تقل عن أربعمائة جنيه ولا تزيد على أربعة آلاف جنيه وبمصادرة الكفالة مع التعويضات إن كان لها وجه، وإذا قضت بصحة المخاصمة حكمت على القاضى أو عضو النيابة المخاصم ببطلان تصرفه وبالتعويضات والمصاريف.
ومع ذلك لا تحكم المحكمة ببطلان الحكم الصادر لمصلحة خصم آخر غير المدعى في دعوى المخاصمة إلا بعد إعلانه لإبداء أقواله ويجوز للمحكمة في هذه الحالة أن تحكم في الدعوى الأصلية إذا رأت أنها صالحة للحكم وذلك بعد سماع أقوال الخصوم.”
المادة 500
“لا يجوز الطعن في الحكم الصادر في دعوى المخاصمة إلا بطريق النقض.”
مضمون المواد وتحليلها القانوني
🔹 المادة 497 – إحالة الدعوى إلى دائرة أخرى
تقرر هذه المادة أن الحكم بصحة المخاصمة يستوجب إبعاد القاضي المخاصم عن نظر الدعوى الأصلية، وإحالتها إلى دائرة قضائية أخرى داخل المحكمة ذاتها لضمان الحياد الكامل.
ويُعد هذا الإجراء ضمانة حقيقية للعدالة، فالمشرّع أراد أن يفصل بين القاضي محل الاتهام وبين القضية موضوع النزاع، حتى لا يشكك أحد في نزاهة الحكم الجديد.
🔹 المادة 498 – الإحالة للنيابة العامة إذا وُجد شبهة جريمة
تُعد هذه المادة من أهم النصوص في قانون المرافعات المصري، لأنها تربط بين المسؤولية المدنية والمسؤولية الجنائية.
فإذا ثبت أن الفعل الذي بُنيت عليه المخاصمة يشكل جريمة جنائية (كالتزوير أو الغدر أو إساءة استعمال السلطة)، وجب على المحكمة أن تحيل الأوراق إلى النيابة العامة للتحقيق واتخاذ الإجراءات القانونية ضد القاضي أو عضو النيابة.
وهنا يتجلى مبدأ أن الحصانة القضائية لا تعني الحصانة من المحاسبة.
🔹 المادة 499 – بطلان الحكم الصادر من القاضي المخاصم
نصّت هذه المادة صراحةً على أن الحكم الذي أصدره القاضي المخاصم يُعد باطلًا بقوة القانون بمجرد صدور حكم بصحة المخاصمة.
ويترتب على ذلك أن الدعوى الأصلية تُعاد نظرها من جديد أمام قاضٍ آخر أو دائرة مختلفة.
ويهدف هذا النص إلى حماية مبدأ نزاهة الأحكام القضائية ومنع بقاء أي أثر لحكم صدر من قاضٍ ثبت إخلاله بواجباته الوظيفية.
🔹 المادة 500 – إلزام القاضي أو عضو النيابة بالتعويض
تُعد هذه المادة تتويجًا لمنظومة العدالة في دعوى المخاصمة، إذ تُقرّ مسؤولية القاضي أو عضو النيابة المخاصم عن التعويض والمصاريف في حال ثبوت صحة المخاصمة.
ويُقدّر التعويض وفقًا لما أصاب المدعي من ضرر مادي أو معنوي نتيجة فعل القاضي، دون أن يُخلّ ذلك بمساءلته تأديبيًا أو جنائيًا إذا كان الفعل يشكل خطأ جسيمًا أو جريمة.
وبذلك يقرر المشرّع مبدأ شمول المساءلة القضائية في جميع أبعادها القانونية.
الأثر القانوني للحكم في دعوى المخاصمة
الحكم الصادر في دعوى المخاصمة وفقًا للمواد (497 – 500) يُنتج آثارًا قانونية متعددة، من أهمها:
إلغاء جميع الأحكام أو القرارات التي أصدرها القاضي المخاصم في الدعوى محل المخاصمة.
نقل الدعوى إلى قاضٍ جديد أو دائرة أخرى تضمن الحياد والنزاهة.
تحريك المسؤولية الجنائية إذا تبين وجود شبهة جريمة.
إلزام القاضي بالتعويض والمصاريف إذا لحق المدعي ضرر مباشر من فعله.
حماية مبدأ الثقة العامة في القضاء من خلال تأكيد أن العدالة لا تتسامح مع الانحراف القضائي.
فلسفة المشرّع في تنظيم الحكم بدعوى المخاصمة
يتضح من هذه المواد أن المشرّع المصري حرص على تحقيق التوازن الدقيق بين كرامة القاضي وحق المتقاضي.
فلم يجعل دعوى المخاصمة وسيلة للنيل من القضاء، بل جعلها أداة لضمان المساءلة المنضبطة في إطار من الاحترام والهيبة.
فالقاضي يُحاسب فقط عندما يثبت عليه خطأ جسيم أو غش أو غدر، وتكون المحاسبة في حدود القانون وبضمانات قضائية تامة.
الحكم في دعوى المخاصمة المادة 496 من قانون المرافعات
مكتب محمد منيب للاستشارات القانونية – خبير قوانين المرافعات ودعاوى المخاصمة والمسؤلية القضائية بخبرة أكثر من 20 سنة
يُعد مكتب محمد منيب للاستشارات القانونية من المكاتب الرائدة في مصر في مجال قوانين المرافعات ودعاوى المخاصمة والمسؤولية القضائية.
يمتلك المكتب خبرة عملية تمتد لأكثر من عشرين عامًا في إعداد المذكرات القانونية وصياغة الدفوع أمام محاكم الاستئناف والنقض، مع التركيز على قضايا رد القضاة ومخاصمتهم.
ويُعرف محمد منيب بدقته في تفسير نصوص المواد (494 إلى 500 مرافعات) وتطبيقها بحرفية عالية داخل ساحات القضاء، مما جعله مرجعًا قانونيًا موثوقًا في هذا المجال.
فالمكتب لا يكتفي بالتمثيل القانوني، بل يقدم تحليلًا استراتيجيًا متكاملًا لكل قضية لضمان تحقيق العدالة بأعلى درجات المهنية والشفافية.

