أهم المبادئ الضابطة لسير المرافق العامة في القانون المدني
تخضع المرافق العامة في سيرها وتنظيمها لعدد من المبادئ الأساسية التي تضمن تحقيق الغاية منها، وأهم هذه المبادئ: مبدأ الاستمرارية، والذي يقتضي أن تظل المرافق العامة تؤدي خدماتها دون انقطاع، لأن توقفها يُخل بالنظام العام ويضر بالمصلحة العامة؛ ومبدأ المساواة، الذي يفرض أن تُقدَّم خدمات المرفق لجميع المنتفعين على قدم المساواة، دون تمييز بسبب الجنس أو الدين أو المركز الاجتماعي؛ ومبدأ قابلية المرفق للتعديل والتطور، والذي يخول الإدارة سلطة تعديل تنظيم المرفق أو أسلوب تقديم خدماته بما يتلاءم مع التغيرات الاجتماعية والاقتصادية. وتُعتبر هذه المبادئ من الضوابط الجوهرية التي تُميز المرفق العام عن غيره من الأنشطة، وتُكرّس الطبيعة العامة والخدمية لهذا النوع من المؤسسات.
أهم المبادئ الضابطة لسير المرافق العامة في القانون المدني
اولا : مبدأ سير المرافق العامة بإنتظام واضطراد :
يُعد مبدأ سير المرافق العامة بانتظام واضطراد من المبادئ الأساسية التي تحكم عمل المرافق العامة، ويقصد به أن تؤدي هذه المرافق خدماتها بشكل مستمر ودون انقطاع، وبصورة منتظمة تحقق استقرار الخدمة ودوامها. فهذا المبدأ يهدف إلى ضمان إشباع الحاجات العامة للمواطنين بشكل دائم، لأن توقف المرفق أو تعطله يُخل بالمصلحة العامة ويهدد النظام العام. ولذلك، تُلزم الإدارة باتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان استمرار العمل في المرفق، حتى في حالات الإضراب أو الظروف الطارئة، ويُبرر هذا المبدأ أحيانًا تدخل الإدارة لتعديل العقود أو فرض قيود على العاملين لضمان استمرارية الخدمة، باعتبار أن المصلحة العامة تعلو على المصالح الفردية.
ثانيا : قاعدة مساواة المنتفعين أمام المرافق العامة :
تُعد قاعدة مساواة المنتفعين أمام المرافق العامة من المبادئ الجوهرية التي تحكم تنظيم وتشغيل هذه المرافق، ومقتضاها أن يتمتع جميع الأفراد بحق متساوٍ في الاستفادة من خدمات المرفق، متى توافرت فيهم الشروط القانونية اللازمة لذلك، دون تمييز بسبب الجنس أو الدين أو اللغة أو الانتماء الاجتماعي أو السياسي. ويهدف هذا المبدأ إلى تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص بين المواطنين، كما يُلزم الإدارة بعدم منح مزايا لفئة دون أخرى أو فرض قيود تعسفية. ومع ذلك، لا يتعارض هذا المبدأ مع جواز التفرقة في المعاملة إذا كانت مبنية على أسباب موضوعية، مثل اختلاف فئات الاستخدام أو شرائح الاستهلاك، بشرط أن تكون التفرقة مبررة ومحققة للصالح العام.
ثالثا : قابلية نظام المرافق العامة للتغيرات والتعديلات في أي وقت :
يُعد مبدأ قابلية نظام المرافق العامة للتغيرات والتعديلات في أي وقت من المبادئ الأساسية التي تضمن مرونة المرفق العام وملاءمته للظروف المتغيرة. فالمرافق العامة لا تُدار بطريقة جامدة، بل يجب أن تتطور باستمرار لمواكبة التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية، وتلبية الحاجات العامة المتجددة للمجتمع. ويخوِّل هذا المبدأ للإدارة الحق في تعديل تنظيم المرفق أو طريقة تشغيله أو شروط الانتفاع بخدماته، حتى وإن تم ذلك خلال سريان عقود مبرمة، وذلك بهدف تحقيق المصلحة العامة. ويُعد هذا التعديل مشروعًا ما دام يستند إلى ضرورة تقتضيها طبيعة المرفق العام ولا يُخل بحقوق الأفراد إلا بالقدر اللازم لتحقيق الغاية المقصودة، مما يُظهر توازنًا بين متطلبات الخدمة العامة وضمان استقرار التعاملات القانونية.
طرق إدارة المرافق العامة
الطريقة الأولى : الإستغلال المباشر أو الريجي :
تُعد طريقة الاستغلال المباشر أو ما يُعرف بـ”الريجي” من أقدم طرق إدارة المرافق العامة، وفيها تتولى الدولة أو أحد أشخاص القانون العام تشغيل المرفق بنفسها، عن طريق موظفين عموميين تابعين لها، وتحت إشرافها الكامل. ويُعد هذا الأسلوب تجسيدًا لمفهوم الإدارة المركزية، حيث يُدمج المرفق في الهيكل الإداري للجهة العامة ويُموَّل من ميزانيتها، كما تُدرج إيراداته ومصروفاته ضمن الحسابات العامة. وتناسب هذه الطريقة المرافق التي تمس سيادة الدولة أو تتطلب رقابة صارمة، مثل مرفق القضاء أو الشرطة أو التعليم العام. وتتميّز بسهولة الرقابة عليها وارتباطها الوثيق بالسلطة العامة، إلا أنها قد تعاني من البطء وضعف الكفاءة نتيجة الإجراءات الإدارية المعقدة وقلة المرونة في التسيير.
الطريقة الثانية : المؤسسات والهيئات العامة :
تُعد طريقة المؤسسات والهيئات العامة من أساليب إدارة المرافق العامة التي تمنح هذه المرافق قدرًا من الاستقلال الإداري والمالي عن الدولة، وذلك من خلال إنشاء شخص اعتباري عام مستقل يُعرف بالمؤسسة أو الهيئة العامة. وتُستخدم هذه الطريقة عادة في إدارة المرافق ذات الطابع الاقتصادي أو الفني، مثل هيئة السكك الحديدية أو هيئة البريد أو مؤسسة الكهرباء، حيث تحتاج هذه المرافق إلى مرونة في الإدارة وسرعة في اتخاذ القرار، بما لا يتوافر في نظام الإدارة المباشرة. وتتمتع المؤسسة العامة بذمة مالية مستقلة، وتدير شؤونها من خلال مجلس إدارة، لكنها تظل خاضعة للرقابة العامة للدولة، سواء من الناحية المالية أو الإدارية، لضمان عدم انحرافها عن تحقيق المصلحة العامة.
الطريقة الثالثة : إلتزام أو (إمتياز) المرافق العامة :
تُعد طريقة الالتزام أو ما يُعرف بـامتياز المرافق العامة من الطرق التقليدية التي تلجأ إليها الدولة لإدارة بعض المرافق ذات الطابع الاقتصادي أو التجاري، وفيها تُسند إدارة واستغلال المرفق إلى شخص من أشخاص القانون الخاص، يُسمى “الملتزم”، بموجب عقد إداري، يتولى بمقتضاه تشغيل المرفق وتمويله وصيانته على نفقته، مقابل تقاضي رسوم من المنتفعين. ويخضع الملتزم لشروط محددة تضعها الإدارة، وتحتفظ الدولة بحق الرقابة والتدخل لضمان حسن سير المرفق وتحقيق المصلحة العامة. وتُستخدم هذه الطريقة غالبًا عندما لا ترغب الدولة في تحمل أعباء تشغيل المرفق أو عندما يكون من الأفضل إشراك القطاع الخاص للاستفادة من خبراته، مع الحفاظ على الطابع العام للمرفق.
الطريقة الرابعة : الإستغلال المختلط :
تُعد طريقة الاستغلال المختلط أسلوبًا وسطًا بين الإدارة العامة الخالصة والإدارة الخاصة البحتة، حيث يُدار المرفق العام عن طريق شركة مختلطة يشارك فيها كل من الدولة أو أحد أشخاص القانون العام والقطاع الخاص. وتمتاز هذه الطريقة بجمعها بين الرقابة والإشراف العام الذي تمارسه الجهة الإدارية، وبين الكفاءة والخبرة الفنية التي يوفرها الشريك الخاص. وغالبًا ما تستخدم في إدارة المرافق الاقتصادية التي تتطلب مرونة إدارية ورأسمال وخبرة فنية، مثل شركات المياه والكهرباء أو مشروعات النقل الحضري. وتخضع هذه الشركات في تنظيمها للقانون الخاص، لكنها تحت رقابة الدولة بما يضمن استمرار المرفق في أداء خدماته وفقًا للمصلحة العامة، ويمنع انحرافه نحو الأهداف الربحية البحتة.
الطريقة الخامسة : الإدارة بطريق الريجي الغير مباشر :
تُعد طريقة الإدارة بطريق الريجي غير المباشر من الأساليب الأقل شيوعًا في إدارة المرافق العامة، وتقوم على أن تتولى الدولة أو الشخص العام الإشراف الكامل على المرفق، لكنها تُسند عملية التشغيل الفني أو بعض الجوانب الفنية إلى جهة خاصة بموجب عقد أو ترخيص، دون أن تفقد الإدارة سيطرتها الكاملة على المرفق. ويظل المرفق مملوكًا للدولة وتُدرج موارده ومصروفاته ضمن ميزانيتها، ويُدار وفقًا لتوجيهاتها، بينما تقوم الجهة الخاصة بمهام تنفيذية أو تقنية فقط، مقابل أجر محدد. وتُستخدم هذه الطريقة عادة في المجالات التي تحتاج إلى خبرات متخصصة يصعب توفرها لدى الإدارة العامة، مثل صيانة الأجهزة التقنية أو إدارة نظم المعلومات، مع الحفاظ على الطابع العام للمرفق وضمان الرقابة الإدارية المستمرة.
مكتب محامى مصر المستشار محمد منيب لصياغة وقضايا عقود المقاولة
✔️ تواصل معنا الآن للحصول على استشارة قانونية مدفوعة!
✔️ ضمان السرعة والدقة في إنجاز معاملاتك القانونية.
استشارة قانونية شاملة.حرصا منا على وقت عملائنا من قبل المستشار محمد منيب شخصيا خدمة مقابلة اون لاين من خلال تطبيق meet على Gmail توفر لك دعماً قانونياً عبر الانترنت .
📞 للاستفسار أو الحجز خدمة العملاء: 01006321774
📞 التواصل: احجز موعد مسبق 01006321774 – 01223232529
📍 عنوان المكتب: 13 شارع الخليفه من شارع الهرم بجوار السجل المدني