أحكام عامة في قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية
يعد قانون الإثبات من القوانين الإجرائية التي تنظم الوسائل التي يمكن من خلالها إثبات الحقوق والالتزامات أمام القضاء. وتتمثل الأحكام العامة في قانون الإثبات في المبادئ الأساسية التي تحكم طرق الإثبات وعبء الإثبات في الدعاوى المدنية والتجارية.
من أهم هذه الأحكام أن المدعي هو المكلف بإثبات دعواه، بينما يكون على المدعى عليه إثبات دفعه أو نفيه لما يدعيه الخصم. كما أن الإثبات يجب أن يكون بالوسائل التي يحددها القانون، والتي تشمل الكتابة، الشهادة، القرائن، الإقرار، اليمين، والخبرة.
ويتميز الإثبات في المواد المدنية والتجارية بمبدأ حرية الإثبات في المعاملات التجارية، حيث يجوز الإثبات بكافة الطرق بما فيها الشهادة والقرائن، خلافًا للمواد المدنية التي غالبًا ما تشترط الإثبات بالكتابة إذا زادت قيمة التصرف عن حد معين. كما يتمتع القاضي بسلطة تقديرية في تقدير الأدلة وترجيح بعضها على البعض وفقًا لظروف القضية.
المادة 1 من قانون الإثبات المصري
يعد قانون الإثبات من القوانين الإجرائية المهمة التي تنظم كيفية تقديم الأدلة أمام المحاكم لإثبات الحقوق والالتزامات. وتأتي المادة الأولى من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية لتضع الأساس العام لقواعد الإثبات، حيث تحدد المبادئ الأساسية التي تحكم وسائل الإثبات ومدى سلطة القاضي في تقدير الأدلة.
نص المادة الأولى من قانون الإثبات
تنص المادة الأولى من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية على أن:
على الدائن إثبات الالتزام وعلى المدين إثبات التخلص منه
تحليل نص المادة
تتضمن المادة الأولى مبدأً جوهريًا في الإثبات، وهو توزيع عبء الإثبات بين الخصوم في الدعاوى المدنية والتجارية، حيث تقرر قاعدة أساسية مفادها أن:
-
من يدعي وجود حق أو التزام عليه إثباته (أي الدائن في الغالب).
-
من يدعي سقوط الالتزام أو انقضاؤه عليه إثبات ذلك (أي المدين عادة).
الأساس القانوني للمادة
تعكس المادة الأولى قاعدة عامة مستقرة في الفقه القانوني، وهي أن الأصل براءة الذمة، بمعنى أن الشخص يعتبر غير ملزم بأي التزام حتى يثبت العكس. وعليه:
-
يقع على الدائن عبء تقديم الدليل على وجود الدين أو الالتزام.
-
بينما يقع على المدين عبء إثبات انقضاء الدين، سواء بالوفاء أو بالمقاصة أو بالتقادم أو بأي سبب قانوني آخر.
تطبيقات المادة في العمل القضائي
-
في العقود المدنية
-
إذا رفع شخص دعوى يطالب فيها بمبلغ مالي استنادًا إلى عقد، فعليه أن يقدم المستندات أو الأدلة التي تثبت وجود العقد وقيمة المبلغ المستحق.
-
إذا دفع المدين بأنه سدد الدين بالفعل، فعليه تقديم إيصالات السداد أو أي دليل يثبت الوفاء بالالتزام.
-
-
في المعاملات التجارية
-
إذا ادعى تاجر وجود دين ناشئ عن معاملة تجارية، فعليه إثبات ذلك بالمستندات التجارية مثل الفواتير أو السجلات المحاسبية.
-
أما إذا ادعى الطرف الآخر سقوط الدين بالتقادم، فيتحمل عبء إثبات انقضاء المدة القانونية.
-
-
في حالات الصورية
-
إذا ادعى أحد الورثة أن مورثه قام ببيع صوري لعقار بغرض إخفائه عن التركة، فعليه إثبات الصورية بكافة وسائل الإثبات المتاحة.
-
أهمية المادة الأولى في قانون الإثبات
-
تحقيق العدالة والتوازن بين الخصوم: حيث توزع عبء الإثبات بشكل منصف بين الدائن والمدين.
-
ضمان استقرار المعاملات القانونية: إذ تجبر الأطراف على الاحتفاظ بالمستندات والوثائق الداعمة لحقوقهم.
-
تيسير عمل القضاء: حيث يعتمد القاضي على الأدلة المقدمة وفقًا لقواعد الإثبات المحددة في هذه المادة.
الاستثناءات من القاعدة العامة في الإثبات
رغم أن المادة الأولى تحدد المبدأ العام، إلا أن هناك استثناءات نصت عليها قوانين أخرى، مثل:
-
الالتزامات الناشئة عن العمل غير المشروع: حيث يقع عبء الإثبات غالبًا على من يدعي وقوع الضرر.
-
المسئولية الطبية: في بعض الحالات، قد يخفف المشرع عبء الإثبات عن المريض ويلزم الطبيب بإثبات عدم خطئه.
-
القرائن القانونية: حيث تعفي بعض القوانين الخصوم من تقديم دليل كامل إذا كان هناك افتراض قانوني لصالحهم.
خاتمة
تشكل المادة الأولى من قانون الإثبات حجر الأساس في تحديد من يقع عليه عبء الإثبات في القضايا المدنية والتجارية. وهي تعكس مبدأ قانونيًا مستقرًا مفاده أن المدعي هو الذي يتحمل إثبات ادعائه، بينما المدعى عليه يتحمل إثبات تخلصه من الالتزام. ويمثل هذا المبدأ ضمانة لتحقيق العدالة وضمان استقرار المعاملات القانونية.
تعريف الإثبات في قانون الإثبات في المواد المدنية التجارية
الإثبات في القانون هو الوسيلة التي يتم من خلالها إقامة الدليل على وجود واقعة قانونية أو عدم وجودها، بهدف تأكيد الحق أو دفع الادعاء أمام القضاء. ويُعرَّف الإثبات في المواد المدنية والتجارية بأنه إقامة الدليل أمام القضاء بالطرق التي يحددها القانون لإثبات حق متنازع عليه أو نفيه.
ويشمل الإثبات مجموعة من الوسائل القانونية التي يتم من خلالها تقديم الأدلة، مثل الكتابة، الشهادة، القرائن، الإقرار، اليمين، والخبرة. ويختلف الإثبات في المواد المدنية عن الإثبات في المواد التجارية، حيث يتميز الأخير بمرونة أكبر، إذ يجوز الإثبات فيه بجميع الطرق بما في ذلك الشهادة، نظرًا للطبيعة السريعة للمعاملات التجارية، بينما يتطلب الإثبات في المسائل المدنية الكتابة في بعض الحالات حمايةً للحقوق ومنعًا للنزاع.
أهمية الإثبات
يعد الإثبات من الركائز الأساسية لتحقيق العدالة، فهو الوسيلة التي تمكن الأفراد من تأكيد حقوقهم أو الدفاع عنها أمام القضاء. ومن دون الإثبات، تصبح الادعاءات مجرد أقوال غير ملزمة، مما يؤدي إلى ضياع الحقوق وانتشار الفوضى القانونية.
تكمن أهمية الإثبات في ضمان استقرار المعاملات القانونية، إذ يحدد الطرق المشروعة لإثبات الحقوق والالتزامات، مما يحقق الأمان القانوني ويقلل من النزاعات. كما أنه يسهم في تحقيق العدالة من خلال تمكين القاضي من الوصول إلى الحقيقة واتخاذ قرارات مبنية على أدلة قانونية سليمة. بالإضافة إلى ذلك، فإن قواعد الإثبات تحمي الأطراف من الادعاءات الكيدية وتضمن مبدأ المساواة أمام القانون، حيث يتوجب على كل طرف تقديم الأدلة التي تثبت صحة موقفه وفقًا لما يحدده القانون.
عمومية قواعد الإثبات
تتميز قواعد الإثبات في القانون بطابعها العام، حيث تُطبق على جميع الخصومات المدنية والتجارية وفقًا لما يحدده القانون. وتعني عمومية قواعد الإثبات أن هذه القواعد ليست مقتصرة على نوع معين من القضايا، بل تمتد لتشمل كافة النزاعات التي تتطلب إثبات الحقوق أو نفيها أمام القضاء.
وتتجلى هذه العمومية في المبادئ الأساسية التي تحكم الإثبات، مثل مبدأ عبء الإثبات يقع على من يدعي، ومبدأ تقييد أو حرية الإثبات وفقًا لطبيعة المعاملة. ففي المواد المدنية، قد يُشترط الإثبات بالكتابة لحماية الحقوق، بينما تتمتع المواد التجارية بمرونة أكبر، حيث يجوز الإثبات بكافة الوسائل.
كما أن قواعد الإثبات تتسم بالثبات والاستقرار، لكنها قد تتطور أو تُستثنى في بعض الحالات وفقًا لمتطلبات العدالة والتشريعات الخاصة، مثل الإثبات الإلكتروني في المعاملات الحديثة، مما يعكس تكيّف القانون مع التطورات الاقتصادية والتكنولوجية.
تنظيم الإثبات
يتم تنظيم الإثبات في القانون من خلال مجموعة من القواعد التي تحدد الوسائل المشروعة لإثبات الحقوق والالتزامات أمام القضاء، مع بيان نطاق كل وسيلة وشروط استخدامها. ويهدف هذا التنظيم إلى تحقيق التوازن بين حماية الحقوق واستقرار المعاملات، وبين منح القاضي سلطة تقديرية في تقدير الأدلة المقدمة.
ويشمل تنظيم الإثبات تحديد عبء الإثبات، أي الجهة المسؤولة عن تقديم الدليل، وهو عادةً يقع على عاتق المدعي، بينما يكون على المدعى عليه إثبات دفوعه. كما يشمل تحديد وسائل الإثبات، مثل الكتابة، الشهادة، القرائن، الإقرار، اليمين، والخبرة، مع بيان متى يجوز استخدام كل وسيلة.
ويختلف تنظيم الإثبات في المواد المدنية عن المواد التجارية، حيث يكون الإثبات في المواد المدنية أكثر تقييدًا، خاصة في التصرفات التي تتجاوز قيمة معينة، والتي يجب إثباتها بالكتابة، بينما يتمتع الإثبات في المواد التجارية بمرونة أكبر، إذ يجوز الإثبات بجميع الوسائل نظرًا لسرعة المعاملات التجارية.
(أ) مذهب الإثبات الحر أو المطلق
يقوم مذهب الإثبات الحر أو المطلق على مبدأ عدم تقييد الأطراف بوسائل إثبات محددة، حيث يجوز الإثبات بجميع الطرق المتاحة، بما في ذلك الشهادة، والقرائن، والإقرار، والكتابة، وغيرها. ويستند هذا المذهب إلى أن الهدف الأساسي من الإثبات هو الوصول إلى الحقيقة بغض النظر عن الوسيلة المستخدمة، مما يمنح القاضي سلطة تقديرية واسعة في تقييم الأدلة واتخاذ القرار بناءً على قناعته الشخصية.
ويُطبق هذا المذهب بشكل رئيسي في المواد الجنائية، حيث يحق للقاضي الاعتماد على أي وسيلة لإثبات الجريمة، نظرًا لخطورة العقوبات المفروضة وأهمية كشف الحقيقة. كما نجده في بعض المعاملات التجارية، حيث يسمح القانون بحرية الإثبات لتسهيل العمليات التجارية التي تتسم بالسرعة والثقة المتبادلة. ومع ذلك، فإن القوانين المدنية غالبًا ما تأخذ بنظام الإثبات المقيد، الذي يشترط وسائل محددة مثل الكتابة في المعاملات ذات القيمة العالية، لحماية الحقوق ومنع النزاعات.
(ب) مذهب الإثبات القانوني أو المقيد
يقوم مذهب الإثبات القانوني أو المقيد على مبدأ تحديد وسائل الإثبات مسبقًا، بحيث لا يجوز إثبات الحق إلا بالطرق التي نص عليها القانون، مثل الكتابة، والإقرار، واليمين، والخبرة، مع وضع قيود على استخدام بعض الوسائل كالشهادة في المعاملات المدنية التي تتجاوز قيمة معينة.
يهدف هذا المذهب إلى تحقيق الاستقرار القانوني ومنع النزاعات حول صحة الأدلة، حيث يفرض قيودًا واضحة على الأطراف، مما يحد من إمكانية التلاعب أو الادعاءات الكيدية. ويُطبق هذا المذهب بشكل أساسي في القانون المدني، خاصة في العقود والتصرفات المالية التي تتطلب إثباتًا رسميًا لضمان وضوح الحقوق والالتزامات.
ورغم مزاياه في حماية المعاملات، إلا أن هذا المذهب قد يتسم بالجمود أحيانًا، لذلك تم التخفيف من صرامته في بعض القوانين الحديثة، مثل السماح بالإثبات الإلكتروني، لمواكبة التطورات التكنولوجية وتيسير المعاملات القانونية.
(ج) مذهب الإثبات المختلط
يجمع مذهب الإثبات المختلط بين مذهب الإثبات القانوني (المقيد) ومذهب الإثبات الحر (المطلق)، حيث يحدد القانون وسائل إثبات معينة في بعض الحالات، بينما يترك للقاضي حرية تقدير الأدلة في حالات أخرى. ويهدف هذا المذهب إلى تحقيق التوازن بين حماية الحقوق من جهة، ومنح القاضي مرونة في الوصول إلى الحقيقة من جهة أخرى.
يُطبق هذا المذهب في العديد من الأنظمة القانونية الحديثة، حيث يُفرض الإثبات بالكتابة في التصرفات المدنية التي تتجاوز قيمة معينة، بينما يُسمح بالإثبات بالشهادة أو القرائن في بعض الحالات الاستثنائية، مثل وجود مانع أدبي أو مادي حال دون الحصول على دليل كتابي. كما يُعتمد الإثبات الحر في بعض القضايا التجارية والجنائية، حيث تكون سرعة الإجراءات وكشف الحقيقة أكثر أهمية من التقيد بوسائل إثبات محددة.
ويتميز مذهب الإثبات المختلط بقدرته على تحقيق العدالة والمرونة القانونية، حيث يضمن الحماية القانونية للمعاملات المهمة، مع مراعاة الظروف العملية التي قد تستوجب تخفيف القيود على وسائل الإثبات.
الأدلة المباشرة والأدلة غير المباشر
تنقسم الأدلة في الإثبات القانوني إلى أدلة مباشرة وأدلة غير مباشرة، وذلك وفقًا لعلاقتها بالواقعة محل الإثبات.
الأدلة المباشرة:
هي الأدلة التي تثبت الواقعة القانونية بشكل قاطع ودون الحاجة إلى استنتاجات إضافية. أي أنها ترتبط مباشرة بالواقعة المطلوب إثباتها، مثل اعتراف المتهم بارتكاب الجريمة، أو وجود عقد مكتوب يثبت اتفاقًا معينًا. وتتميز هذه الأدلة بأنها أقوى وأوضح في الإثبات، لأنها تقدم دليلًا مباشرًا على الواقعة محل النزاع.
الأدلة غير المباشرة (القرائن):
هي الأدلة التي لا تثبت الواقعة محل الإثبات بشكل صريح، لكنها تستند إلى وقائع أخرى تدل عليها بطريق الاستنتاج. ومن أمثلتها العثور على أداة الجريمة بحوزة المتهم أو وجود آثار أقدامه في مسرح الجريمة. وتعتمد قوة هذه الأدلة على مدى منطقيتها وترابطها، كما يترك للقاضي سلطة تقديرها بناءً على الظروف المحيطة بها.
وتكمن أهمية الأدلة غير المباشرة في أنها قد تكون الوسيلة الوحيدة للإثبات في بعض الحالات التي لا تتوفر فيها أدلة مباشرة، مما يجعلها أداة مهمة في تحقيق العدالة، خاصة في القضايا الجنائية حيث قد يسعى الجاني إلى إخفاء الأدلة المباشرة.
المبادئ العامة في الإثبات
تقوم قواعد الإثبات على مجموعة من المبادئ العامة التي تهدف إلى تحقيق العدالة وضمان استقرار المعاملات القانونية. ومن أهم هذه المبادئ:
(أ) مبدأ حياد القاضي
مبدأ حياد القاضي هو أحد المبادئ الأساسية التي تقوم عليها العدالة القانونية، ويعني أن القاضي يجب أن يكون محايدًا في جميع مراحل القضية، ولا يجوز له الانحياز لأي طرف من أطراف النزاع. القاضي في النظام القانوني يُعتبر حَكَمًا نزيهًا لا يتأثر بأي عوامل خارجية أو شخصية، بل يعتمد في قراراته على الأدلة والوقائع المعروضة أمامه وفقًا للقانون.
يُعد هذا المبدأ من الضمانات الأساسية التي تضمن الحق في محاكمة عادلة، حيث يُفترض أن يكون القاضي خاليًا من أي تأثيرات قد تؤثر على تقديره للأدلة أو تطبيقه للقانون. لذلك، يجب على القاضي تجنب أي موقف قد يؤدي إلى الشك في حياديته، سواء كان ذلك من خلال علاقات شخصية مع أحد أطراف الدعوى أو من خلال مشاركته في قضايا مشابهة.
كما يتعين على القاضي أن يلتزم بالشفافية والعدالة في تفسير وتطبيق القوانين، ويجب أن يكون حكمه مبنيًا على الوقائع والأدلة المقدمة فقط، دون تأثر بتوجهات أو مصالح خارجية.
(ب) عدم جواز حكم القاضي بعلمه الشخصي
مبدأ عدم جواز حكم القاضي بعلمه الشخصي هو أحد المبادئ الجوهرية في النظام القضائي الذي يضمن حيادية العدالة. هذا المبدأ ينص على أنه لا يجوز للقاضي أن يستند إلى معلومات أو معارف شخصية لديه خارج نطاق القضية المطروحة أمامه للحكم في النزاع. بمعنى آخر، يجب أن يعتمد القاضي فقط على الأدلة والوقائع التي يتم تقديمها في جلسات المحاكمة، ولا يجوز له الاعتماد على ما لديه من معرفة سابقة أو معلومات اكتسبها من مصادر غير قانونية.
الغرض من هذا المبدأ هو ضمان العدالة والمساواة بين الأطراف في الدعوى، حيث يحق لكل طرف تقديم الأدلة والشهادات التي يراها مناسبة لدعم موقفه. فإذا حكم القاضي بناءً على معلومات شخصية أو غير مدونة في محاضر المحكمة، فإن ذلك يؤدي إلى التأثير على نزاهة المحاكمة وحرمان الأطراف من الحق في الدفاع بشكل كامل.
كما أن هذا المبدأ يعكس قواعد الإثبات التي تنص على ضرورة تقديم الأدلة داخل قاعة المحكمة، ما يضمن أن جميع الأطراف يتمتعون بفرص متساوية في عرض قضيتهم، ويتيح للقاضي اتخاذ قراراته بناءً على الوقائع المدعومة بالأدلة القانونية.
(ج) الدور الإيجابي للقاضي في الإثبات
يمثل الدور الإيجابي للقاضي في الإثبات أحد الأسس التي تضمن تحقيق العدالة في المحاكمات. رغم أن القاضي لا يتدخل بشكل مباشر في تقديم الأدلة، إلا أن له دورًا مهمًا في إدارة عملية الإثبات وتوجيه الأطراف نحو إبراز الأدلة اللازمة لدعم دعاويهم. يتعين على القاضي أن يحرص على أن تكون كافة الأدلة المقدمة متوافقة مع القوانين والإجراءات المعمول بها، مع ضمان حق كل طرف في تقديم أدلته ومناقشتها.
من أبرز جوانب الدور الإيجابي للقاضي هو توجيهه للأطراف في ما يتعلق بالأدلة المتاحة وكيفية جمعها وتقديمها، خاصة في الحالات التي تكون فيها الأدلة غامضة أو غير واضحة. كما يمكن للقاضي أن يقترح أساليب الإثبات المناسبة في الحالات التي يتعذر فيها الوصول إلى دليل مباشر، مثل الاستعانة بالخبراء أو إجراء تحقيقات إضافية لإظهار الحقيقة.
كذلك، يعزز القاضي من دوره الإيجابي من خلال تقديره للأدلة بشكل موضوعي وعادل، حيث لا يقتصر على تحليل الأدلة الظاهرة، بل يُقيّم قوة كل دليل بناءً على ظروف القضية، مما يساهم في الوصول إلى حكم عادل. ولذلك، يعتبر الدور الإيجابي للقاضي جزءًا أساسيًا من ضمان سير العدالة وتقديم حماية قانونية فعالة لجميع الأطراف.
(د) حق الخصوم في الإثبات ومبدأ المجابهة بالدليل
يُعتبر حق الخصوم في الإثبات من الحقوق الأساسية التي تكفلها القوانين للأطراف في أي نزاع قانوني. يتيح هذا الحق لكل طرف في القضية تقديم الأدلة والشهادات التي تدعم موقفه أو تدحض ادعاءات الطرف الآخر. وبالتالي، يُعطى لكل خصم الفرصة الكاملة لإثبات صحة دعواه أو نفي دعوى الخصم بناءً على الأدلة المتاحة له، مما يعزز مبدأ العدالة ويضمن توازن الفرص بين الأطراف في القضية.
أما مبدأ المجابهة بالدليل، فهو مبدأ قانوني يقضي بأنه لا يجوز للطرف أن يعتمد في محاكمته على أدلة لم يطلع عليها الخصم الآخر. بمعنى آخر، يجب أن تُعرض الأدلة أمام جميع الأطراف في نفس الوقت، مما يتيح لهم الفرصة لمناقشتها والاعتراض عليها أو دعمها. يساعد هذا المبدأ على تحقيق العدالة ويمنع أي طرف من المفاجأة أو التلاعب بالأدلة، حيث يُسمح لكل طرف بتقديم ملاحظاته حول الأدلة المعروضة.
يجسد هذان المبدآن ضمانات أساسية لضمان محاكمة عادلة، حيث يحق لكل خصم أن يواجه الأدلة التي يُستند إليها ضدّه، مما يعزز من نزاهة العملية القضائية ويسهم في الوصول إلى حكم عادل بناءً على الأدلة الموضوعية المتاحة.
(ه_) لا يجوز للخصم أن يصطنع دليلا لنفسه
يعد مبدأ عدم جواز اصطناع الأدلة أحد المبادئ الأساسية في النظام القضائي، حيث يُحظر على أي طرف في الدعوى أن يقوم بتقديم دليل مصطنع أو مزور لصالحه بهدف التأثير على سير المحاكمة. هذا المبدأ يعكس أهمية النزاهة والصدق في جميع مراحل الإثبات، إذ يُشترط أن تكون الأدلة المقدمة أمام المحكمة حقيقية ومبنية على وقائع مثبتة قانونيًا.
إن اصطناع الأدلة يعد مخالفة قانونية قد تؤدي إلى إبطال الدعوى أو التشكيك في صحة الأدلة المقدمة، كما قد يعرض الشخص الذي يقوم بذلك للمسؤولية القانونية أو العقوبات الجنائية في بعض الحالات. من الأمثلة على ذلك تزوير الوثائق أو اختلاق الشهادات التي تهدف إلى التلاعب بالحقائق.
ويعزز هذا المبدأ من حماية العدالة ويؤكد على أن المحكمة يجب أن تستند فقط إلى الأدلة المشروعة التي تم جمعها وفقًا للقانون، مما يضمن أن يتم اتخاذ القرار بناءً على حقائق ووقائع واقعية وليس على أدلة مفتعلة تهدف إلى التضليل.
(و) لا يجوز إجبار الشخص على تقديم دليل ضد نفسه
يعد مبدأ عدم إجبار الشخص على تقديم دليل ضد نفسه من المبادئ الأساسية التي تضمن حماية حقوق الأفراد في النظام القانوني. يعكس هذا المبدأ حق الدفاع الذي يتمتع به كل شخص، حيث يُمنع إجبار أي فرد على تقديم أدلة قد تُستخدم ضد مصلحته أو تعرّضه للمسؤولية القانونية.
ويستند هذا المبدأ إلى فكرة الحق في الصمت وحق الشخص في عدم تقديم أي معلومات قد تضر به، خاصة في القضايا الجنائية. على سبيل المثال، لا يجوز للسلطات القضائية أو غيرها من الجهات المختصة أن تجبر المتهم على الإدلاء بأقوال أو تقديم مستندات قد تُستخدم ضده، مثل الإكراه على الاعتراف بجريمة لم يرتكبها.
ويعزز هذا المبدأ من العدالة وحماية الحقوق الأساسية للأفراد، حيث يهدف إلى منع أي شكل من أشكال الاستغلال أو التعسف من قبل السلطات، ويضمن أن تُبنى الأحكام على أدلة مستقلة وقانونية بعيدًا عن الضغط أو الإكراه
(ز) قواعد الإثبات والنظام العام
تُعتبر قواعد الإثبات جزءًا من النظام العام في القانون، وهو ما يعني أن هذه القواعد لا يمكن للأطراف الاتفاق على مخالفتها أو تعديلها، حتى ولو كان ذلك لصالحهم. تتمثل أهمية هذا المبدأ في أن قواعد الإثبات تهدف إلى ضمان تحقيق العدالة وحماية الحقوق من خلال إرساء قواعد ثابتة تحكم كيفية تقديم الأدلة وطريقة تقييمها، مما يضمن حماية النظام القانوني من الفوضى أو التلاعب.
يعني اعتبار قواعد الإثبات جزءًا من النظام العام أن القاضي ملزم بتطبيق هذه القواعد بغض النظر عن إرادة الأطراف، فإذا خالف القاضي هذه القواعد قد يُعتبر حكمه باطلًا. على سبيل المثال، في الحالات التي يُشترط فيها الإثبات بالكتابة في المعاملات التي تتجاوز قيمة معينة، لا يجوز للطرفين الاتفاق على قبول إثبات شفوي لهذه المعاملات.
تسهم هذه القواعد في استقرار النظام القانوني وضمان المساواة بين جميع الأطراف، كما تمنع أي تحايل قد يؤدي إلى التأثير على نزاهة المحاكمة أو التقليل من حماية الحقوق.
الإتفاق على إشهاد شاهد معين
يعد الاتفاق على إشهاد شاهد معين من المواضيع التي تثير اهتمامًا في قانون الإثبات، حيث يُمنع أي طرف في الدعوى من التعاقد مع شاهد لتقديم شهادة لصالحه بشكل متعمد أو بناءً على اتفاق مسبق. يشمل هذا المبدأ حالة قيام أحد الأطراف بمحاولة التأثير على الشاهد أو دفعه للإدلاء بشهادة مزورة أو مشوهة من أجل دعم موقفه في القضية.
تُعتبر الشهادة شهادة صادقة يجب أن تُعبر عن الواقع الذي شهده الشاهد، ولا يجوز أن تخضع لأي نوع من الضغط أو الإغراءات من قبل الأطراف المتنازعة. لذا، الاتفاق المسبق على إشهاد شاهد معين يُعد غير قانوني إذا كان الهدف منه التلاعب بالحقيقة أو تقديم أدلة غير موضوعية، وهو ما يُعد مخالفًا لقواعد العدالة.
ويؤكد النظام القانوني على أن الشهادة يجب أن تُستمد من الحقائق التي شهد بها الشخص بشكل مستقل، ومن ثم يجب أن يتسم الشاهد بالنزاهة والموضوعية، حيث يُسمح له بالإدلاء بشهادته دون أي تأثير خارجي. كما يُعتبر أي اتفاق مشبوه بين الأطراف لإشهاد شاهد معين مخالفًا للنظام العام وقد يُعرض الشخص المتورط للمسؤولية القانونية.
سريان قانون الإثبات من حيث الزمان
يسري قانون الإثبات من حيث الزمان على الوقائع التي تحدث بعد دخوله حيز التنفيذ، ولا يُمكن تطبيقه بأثر رجعي على الوقائع السابقة التي تمت قبل سريانه. فالقانون يُنظم كيفية إثبات الوقائع والحقوق في المستقبل، أي من تاريخ سريانه فقط، ولا يؤثر على التصرفات القانونية أو المعاملات التي تم إبرامها قبل ذلك التاريخ.
ومع ذلك، تستثنى بعض الحالات من هذا المبدأ، خاصة عندما يكون هناك نص صريح في القانون يقضي بتطبيقه على الوقائع السابقة أو يخص التصرفات التي تمت قبل دخوله حيز التنفيذ. كما أن بعض القوانين قد تضع استثناءات معينة في الحالات الاستثنائية التي تتعلق بتعديل القواعد الإجرائية أو تنظيم وسائل الإثبات بشكل يهدف إلى تسهيل إجراءات التقاضي.
بذلك، يمكن القول إن قانون الإثبات لا يُطبق بأثر رجعي إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك، مما يضمن الحفاظ على الاستقرار القانوني والعدالة في التعامل مع الوقائع التي حدثت قبل سريانه.
اولا : إجراءات الإثبات
تعتبر إجراءات الإثبات من الخطوات الأساسية في أي دعوى قضائية، حيث تهدف إلى تقديم الأدلة والشهادات التي تدعم حقوق الأطراف أمام المحكمة. وتبدأ هذه الإجراءات عادة بتقديم الطلبات المبدئية من قبل الأطراف لتحديد الأدلة التي يرغبون في استخدامها، سواء كانت شهادات، مستندات، أو قرائن. بعد ذلك، يتم تحديد جلسات المحاكمة التي يتم خلالها عرض الأدلة وطلب الشهادات.
من أهم خطوات إجراءات الإثبات هي إعلان الشهود وتحديد الأشخاص الذين قد يكون لهم دور في تقديم الشهادة، سواء من خلال استدعائهم للمحكمة أو عبر الاستماع إلى شهاداتهم في الجلسات المقررة. كما تتضمن الإجراءات أيضًا جمع الوثائق والمستندات اللازمة التي تدعم الدعوى، مثل العقود، الرسائل، التقارير الطبية، أو أي مستندات أخرى تعتبر ضرورية لإثبات الواقعة محل النزاع.
إذا كانت القضية تتطلب الإثبات الفني أو الخبرة، فإن المحكمة قد تطلب تعيين خبير لإعداد تقرير فني يساعد في تحديد صحة الوقائع أو تقدير الأضرار. كما قد تتضمن الإجراءات طلب إجراء تحقيقات إضافية أو جمع معلومات من أطراف ثالثة.
في النهاية، بعد عرض الأدلة والشهادات، تمنح المحكمة الأطراف الفرصة لإجراء المرافعات النهائية التي تتضمن تلخيص الموقف القانوني والدليل القوي الذي يستند إليه كل طرف، ليتم اتخاذ الحكم النهائي بناءً على الأدلة المعروضة.
ثانيا : القواعد الموضوعية
القواعد الموضوعية هي القواعد القانونية التي تحدد الحقوق والواجبات الأساسية للأفراد في المجتمع، وتتمحور حول تنظيم العلاقات القانونية بين الأفراد والجهات المختلفة. هذه القواعد تتعلق بجوهر الحقوق والالتزامات، وتحدد المعاملة القانونية التي يجب أن يتم بموجبها التعامل في مختلف الظروف. على سبيل المثال، القواعد التي تنظم العقوبات الجنائية، العقود المدنية، أو حقوق الملكية تعتبر من القواعد الموضوعية.
تختلف القواعد الموضوعية عن القواعد الإجرائية التي تختص بتحديد كيفية تطبيق القواعد القانونية، مثل إجراءات التقاضي، وكيفية تقديم الدعاوى، أو كيفية جمع الأدلة. بينما تركز القواعد الموضوعية على تحديد الحقوق ذاتها، سواء كانت حقوق مالية أو شخصية، وتهدف إلى تنظيم العلاقات في المجتمع بشكل قانوني.
على سبيل المثال، قانون العقوبات يتناول القواعد الموضوعية التي تحدد الجرائم والعقوبات المترتبة عليها، بينما قانون الإثبات يتعامل مع القواعد الإجرائية المتعلقة بكيفية إثبات هذه الجرائم أمام المحكمة.
بناءً عليه، القواعد الموضوعية هي الأساس الذي ينظم حياة الأفراد في المجتمع ويضمن احترام الحقوق والواجبات، وتُعد من أهم أدوات النظام القانوني الذي يسعى لتحقيق العدالة بين جميع الأطراف.
(أ) الأدلة التي تعد مقدما
الأدلة التي تعد مقدمًا هي الأدلة التي يتم تقديمها من قبل الأطراف في الدعوى قبل بدء الجلسات أو أثناء مراحل المحاكمة الأولى. تتضمن هذه الأدلة الوثائق والمستندات التي يتعين على الأطراف إرفاقها مع عرائض الدعاوى أو الدفاع لكي يكون للخصم الآخر وقت كافٍ للاطلاع عليها ومناقشتها. من أهم الأمثلة على الأدلة التي تعد مقدمًا هي العقود، الرسائل، الفواتير، الشهادات، والتقارير الطبية، التي يُفترض أن تكون معروفة للأطراف منذ بداية النزاع.
تتطلب بعض القوانين أن يتم تقديم الأدلة مقدمًا في مواعيد معينة لضمان شفافية المحاكمة ومنع أي مفاجآت قد تحدث أثناء سير القضية، مما يُتيح للطرف الآخر الفرصة للتحضير لمناقشة تلك الأدلة. على سبيل المثال، إذا كانت هناك شهادة طبيب أو تقرير فني متعلق بالقضية، فيجب على الطرف الذي ينوي الاستناد إليها أن يقدمها قبل الجلسة المحددة حتى يتمكن الطرف الآخر من الاطلاع عليها وتقديم دفوعه.
كما يمكن أن تشمل الأدلة التي تعد مقدمًا الاستدعاءات الخاصة بالشهود، حيث يتعين على الأطراف إبلاغ المحكمة والشهود مسبقًا بأماكن وتوقيت الاستماع إليهم. هذه الإجراءات تهدف إلى ضمان أن تكون المحاكمة عادلة ومتوازنة، بحيث يتيح لكل طرف الوقت الكافي للإعداد والمراجعة.
(ب) الأدلة التي يجري إعدادها أثناء الخصومة
الأدلة التي يجري إعدادها أثناء الخصومة هي الأدلة التي يتم تقديمها أو جمعها خلال سير الدعوى، أي بعد بدء المحاكمة وأثناء مراحل التقاضي. تختلف هذه الأدلة عن الأدلة التي يتم تقديمها مقدمًا، حيث يمكن للأطراف إعداد أدلتهم وجمعها خلال فترة الإجراءات القضائية وفقًا لما يستجد من وقائع أو اكتشافات جديدة في القضية. تشمل هذه الأدلة غالبًا الشهادات، الوثائق الجديدة التي تظهر أثناء سير المحاكمة، أو التقارير الفنية التي يمكن أن تُطلب من الخبراء بعد سماع الأطراف للدفوع.
من الأمثلة على الأدلة التي يتم إعدادها أثناء الخصومة الاستماع إلى الشهود، حيث يمكن للطرفين تقديم شهادات إضافية أو استدعاء شهود جدد لم تكن هناك حاجة لإحضارهم في البداية. كما يمكن أن تتضمن هذه الأدلة التحقيقات الميدانية أو الخبرات الفنية التي يتم الحصول عليها بناءً على طلب المحكمة أو الأطراف لتوضيح جوانب معينة من القضية.
يتسم إعداد الأدلة أثناء الخصومة بمرونة أكبر مقارنة بالأدلة التي يتم تقديمها مقدمًا، حيث يُسمح للطرفين بتطوير موقفهم القانوني وفقًا لما يظهر من وقائع أو مستجدات، شريطة أن تكون هذه الأدلة قانونية ومقبولة من المحكمة، وأن يتم إطلاع الطرف الآخر عليها حتى يتاح له الحق في مناقشتها.
ثالثا : القرائن القانونية
القرائن القانونية هي أدلة غير مباشرة تُستخدم في الإثبات لإثبات واقعة معينة بناءً على وجود واقعة أخرى تعتبر بمثابة دليل على الواقعة محل الإثبات. تُعتبر القرائن استنتاجات قانونية تتيح للمحكمة أن تصل إلى نتيجة معينة بناءً على مجموعة من الأدلة المتوافقة مع قانون معين أو مبدأ عام. القرائن القانونية تختلف عن الأدلة المباشرة في أنها لا تُثبت الواقعة بشكل قاطع، بل تعتمد على الاستدلال والربط بين الوقائع الماثلة أمام المحكمة.
تعد القرائن القانونية أداة هامة في العديد من الأنظمة القانونية لأنها تساهم في إثبات الأمور التي يصعب إثباتها بشكل مباشر. على سبيل المثال، إذا تم العثور على شخص في مكان الجريمة ومعه الأدوات المستخدمة فيها، يمكن اعتبار هذه القرائن دليلاً غير مباشر على ارتكاب الجريمة.
وتتنوع القرائن القانونية حسب النظام القانوني، فقد تكون قرائن بسيطة تستند إلى منطق أو عرف، أو قرائن قانونية صارمة منصوص عليها في القانون. على سبيل المثال، القرينة القاطعة التي ينص عليها قانون معين قد لا تسمح للطرف الآخر بتقديم أدلة تناقض هذه القرينة.
على الرغم من أهمية القرائن القانونية في دعم الأدلة، فإن القاضي له سلطة تقديرية في تقييم قوة القرينة ومدى انسجامها مع الأدلة الأخرى المعروضة، وبالتالي فإن القرائن لا تمنح اليقين المطلق، لكنها تساعد في إضاءة جوانب القضية التي قد تكون غامضة أو صعبة الإثبات.
عبء الإثبات في قانون الإثبات
عبء الإثبات هو المبدأ الذي ينص على أن كل طرف في الدعوى القضائية يتحمل مسؤولية إثبات الادعاء الذي يقدمه أمام المحكمة. وفقًا لهذا المبدأ، يجب على المدعي أن يقدم الأدلة والشهادات التي تدعم صحة ما يدعيه، بينما يقع على المدعى عليه عبء نفي الادعاءات أو تقديم دفوع قانونية لإبطال دعوى المدعي.
في القانون المدني، المدعي هو الذي يتحمل عبء إثبات الواقعة التي يدعيها، فإذا لم يتمكن من تقديم الأدلة الكافية التي تؤكد صحة دعواه، قد يخسر القضية حتى إذا كانت هناك شكوك حول صحة الأدلة المقدمة من المدعى عليه. من ناحية أخرى، إذا قدم المدعى عليه دليلًا يرد على الدعوى أو يدحض الادعاء المقدم ضده، فقد ينتقل عبء الإثبات إلى المدعي لإثبات صحة ادعائه من جديد.
يُعد هذا المبدأ من أهم قواعد العدالة القضائية، حيث يضمن أن الأطراف يتحملون المسؤولية عن تقديم الأدلة التي تدعم مواقفهم القانونية. كما أن عبء الإثبات يرتبط مباشرة بمفهوم الافتراضات القانونية، مثل افتراض البراءة في القضايا الجنائية، حيث يُعتبر الشخص بريئًا حتى يُثبت العكس.
بالتالي، يعتبر عبء الإثبات من القواعد الأساسية التي تضمن التوازن بين حقوق الأطراف، وتحقيق العدالة من خلال تقديم الأدلة الكافية والمقنعة للمحكمة.
المكلف بالإثبات
المكلف بالإثبات هو الطرف الذي يقع عليه عبء إثبات الواقعة أو الحق الذي يدعيه أمام المحكمة. في النظام القانوني، يُشترط من كل طرف أن يقدم الأدلة اللازمة التي تؤكد صحة ادعائه أو موقفه في الدعوى. فبناءً على مبدأ عبء الإثبات، يكون المكلف بالإثبات هو الشخص الذي يؤكد حقًا أو واقعة معينة ويجب عليه أن يثبت صحتها باستخدام الأدلة المسموح بها قانونًا.
في الدعوى المدنية، عادة ما يكون المكلف بالإثبات هو المدعي الذي يطلب من المحكمة إصدار حكم لصالحه، ولذلك يجب عليه تقديم الأدلة التي تدعم دعواه. أما في الدعوى الجنائية، فإن المكلف بالإثبات عادة ما يكون النيابة العامة التي يجب عليها إثبات ارتكاب الجريمة من قبل المتهم.
من جهة أخرى، قد ينتقل عبء الإثبات في بعض الحالات إلى المدعى عليه، إذا قدم المدعي بعض الأدلة أو القرائن التي تثير الشكوك حول صحة دفاعه. على سبيل المثال، إذا كان المدعى عليه ينكر التهمة الموجهة إليه، لكنه يعترف ببعض الأفعال التي تمثل جزءًا من الجريمة، فقد يُطلب منه إثبات أن أفعاله كانت مبررة قانونًا.
يعتبر تحديد المكلف بالإثبات من الأمور الأساسية التي تؤثر على مسار القضية ونتيجتها، حيث يضمن أن يتقدم كل طرف بدفاعه مدعومًا بالأدلة التي تثبت صحة ما يدعيه، مما يساعد المحكمة في إصدار حكم عادل بناءً على الحقائق المدعومة بالأدلة.
تبادل عبء الإثبات بين الطرفين
تبادل عبء الإثبات بين الطرفين هو مبدأ قانوني يعبر عن الحالة التي يتعين فيها على كل طرف في النزاع القضائي أن يقدم الأدلة اللازمة لدعم مواقفه القانونية في مراحل مختلفة من الدعوى. في الحالات العادية، يكون المدعي هو المكلف بإثبات صحة ادعائه، في حين أن المدعى عليه يمكنه أن ينفي هذا الادعاء أو يقدّم دفوعًا قانونية لإبطال الدعوى. ولكن في بعض الأحيان، تتبادل الأطراف عبء الإثبات، خاصة عندما تتغير معطيات القضية أو يظهر دليل جديد.
تحدث هذه التبادلات في حالات خاصة، مثل عندما يقدم أحد الأطراف قرائن قوية أو أدلة ظاهرة قد تدفع الطرف الآخر إلى إثبات عكس ما قُدم. على سبيل المثال، إذا ادعى المدعى عليه دفعًا قانونيًا مثل الحق في الدفاع عن النفس، قد يُطلب منه تقديم الأدلة التي تدعم هذا الادعاء. وفي تلك الحالة، ينتقل عبء الإثبات من المدعي إلى المدعى عليه.
كما يحدث تبادل عبء الإثبات في بعض القضايا التي تتعلق بالحقائق التي يصعب على المدعي إثباتها في البداية، لكن بمجرد أن يقدم المدعى عليه دليلًا يرد على الدعوى، يترتب على المدعي أن يقدم أدلة إضافية لدعم موقفه. هذه المرونة في تبادل عبء الإثبات تساهم في ضمان العدالة و تكافؤ الفرص بين الأطراف، حيث يتم منح كل طرف الفرصة لإثبات صحة موقفه بما يتماشى مع الحقائق والأدلة المطروحة أمام المحكمة.
الأصل في الإلتزامات براءة الذمة
يُعتبر الأصل في الالتزامات براءة الذمة من المبادئ الأساسية في قانون الالتزامات والعقود. هذا المبدأ ينص على أن كل شخص يُعتبر برئًا من أي التزام حتى يُثبت العكس. بمعنى آخر، لا يُفترض أن يكون الشخص ملزمًا بأداء أي التزام أو سداد أي دين إلا إذا تم إثبات أن هناك علاقة قانونية أو اتفاقًا يترتب عليه هذا الالتزام.
في هذا السياق، يُحظر تحميل الشخص مسؤولية مالية أو قانونية إلا في حالة إثبات أن هناك علاقة قانونية محددة بينه وبين الطرف الآخر تُوجب عليه الوفاء بالالتزامات. فعلى سبيل المثال، في المعاملات التجارية أو المدنية، إذا كانت هناك دعوى ضد شخص ما تُطالبه بأداء دين أو تنفيذ عقد، يجب على الطرف المدعي إثبات وجود الالتزام لكي يتمكن من إجبار المدعى عليه على الوفاء به.
يُعد هذا المبدأ من حماية حقوق الأفراد، حيث يُسهم في ضمان أن لا يُحمل أي شخص عبئًا قانونيًا أو ماليًا بدون وجود دليل واضح يثبت هذا الالتزام. بالتالي، فإنه يضع على عاتق المدعي عبء إثبات الدين أو الالتزام قبل أن يتم فرضه على المدعى عليه.
الأصل في الحقوق العينية أن يكون الحائز صاحب الحق
الأصل في الحقوق العينية هو أن الحائز يعتبر صاحب الحق في المال أو الممتلكات التي يتصرف فيها، وذلك طالما أن الحيازة تمت وفقًا للشروط القانونية المقررة. في هذا السياق، يشير مبدأ الحيازة إلى أن الشخص الذي يسيطر فعليًا على شيء معين يعتبر مالكه أو صاحب الحق فيه، إلا إذا ثبت خلاف ذلك. هذا المبدأ يترتب عليه أن الحيازة تكون قرينة على الملكية، أي أن الحائز يتمتع ب الحقوق المترتبة على الملكية أو الحق العيني الذي يحوزه، مثل حق الانتفاع أو حق الاستعمال.
من الناحية القانونية، فإن الحيازة تعتبر وسيلة لإثبات الحقوق العينية في المال، حيث إن الحائز الذي يمتلك حقًا عينيًا في شيء معين يعتبر هو صاحب الحق في ذلك الشيء إلى أن يتم إثبات عكس ذلك. وهذا يُعد مبدأ أساسيًا في قانون الملكية و الحقوق العينية، ويهدف إلى حماية الاستقرار القانوني في التعاملات اليومية، خاصة في المعاملات العقارية والتجارية.
على الرغم من أن الحيازة تعد قرينة على الملكية أو الحق العيني، إلا أن هذا لا يمنع من وجود استثناءات قد تُثبت فيها الطعن على الحيازة أو إبطالها، مثل حالات الحيازة التي تمت عن طريق التعدي أو الخداع. ولكن في الحالة العادية، يُفترض أن الحائز هو صاحب الحق طالما أنه يمارس حيازة فعلية للمال.
نظرية متكاملة للأوضاع الظاهرة
تقوم نظرية الأوضاع الظاهرة على أساس أن الحقوق والالتزامات القانونية التي تنشأ بين الأطراف يجب أن تستند إلى الظروف والظواهر التي تكون ظاهرة أو مرئية للغير، بحيث يُفترض أن يكون للأطراف الذين يتعاملون مع الشخص الذي يظهر بمظهر صاحب الحق في التعامل، مركز قانوني صحيح وفقًا لما يراه الآخرون بناءً على الأوضاع الظاهرة.
هذه النظرية تهدف إلى تحقيق العدالة وحسن النية في التعاملات القانونية، حيث إذا كان شخص ما يتصرف بمظهر من يتصرف في مال أو حق معين، وكان هذا التصرف ظاهرًا وواضحًا للغير، فإن الطرف الثالث الذي تعامل معه يُعتبر محقًا في اعتقاده بأن الشخص الذي يظهر بمظهر صاحب الحق هو فعلاً صاحب الحق.
على سبيل المثال، إذا كان شخص ما يملك حق الانتفاع بعقار، ويظهر للآخرين أنه مالك العقار ويستغل العقار كما لو كان مالكًا له، فإنه يمكن أن يُعتبر صاحب حق في العقار بناءً على الأوضاع الظاهرة، حتى لو كانت هناك حقيقة قانونية مختلفة. ويهدف هذا إلى حماية مصالح الأطراف المتعاملين بحسن نية من أي ضرر قد ينشأ عن تعرضهم للغش أو التلاعب.
تعتبر نظرية الأوضاع الظاهرة من الأسس التي تدعم الاستقرار في المعاملات القانونية، حيث لا يمكن أن يتم التعامل مع حقوق الأشخاص بناءً على مواقف وأوضاع غير ظاهرة أو مشكوك فيها، بل يجب احترام الحق في الحماية القانونية للأوضاع الظاهرة التي يعتمد عليها الأطراف في تعاملاتهم.
عدم إلتزام المحكمة بتكليف الخصوم بإقامة الدليل على دفاعهم
عدم التزام المحكمة بتكليف الخصوم بإقامة الدليل على دفاعهم هو مبدأ قانوني يعكس مسؤولية كل طرف في الدعوى في تقديم الأدلة التي تدعم موقفه القانوني. طبقًا لهذا المبدأ، لا تكون المحكمة ملزمة بتوجيه تكليف إلى الأطراف لإثبات دفاعاتهم أو تقديم أدلتهم، بل يعود ذلك إلى الخصوم أنفسهم الذين يتحملون عبء إثبات دعواهم أو دحض الادعاءات ضدهم.
المحكمة في هذا السياق لا تلعب دورًا في تحفيز الأطراف على تقديم أدلة أو الشهادات التي تدعم قضيتهم، وإنما تقتصر مهمتها على مراقبة صحة الأدلة المقدمة وفقًا للقانون و تقييمها بناءً على ما يطرحه الخصوم من مستندات أو شهادات. وبالتالي، يجب على المدعي تقديم الأدلة اللازمة لدعم دعواه، وكذلك يجب على المدعى عليه أن يقدم الأدلة التي تدعم دفوعه أو تناقض الادعاء.
إن هذا المبدأ يعكس مبدأ تكافؤ الفرص بين الأطراف في الدعوى، حيث يُفترض أن كل طرف مسؤول عن تقديم الأدلة المناسبة في الوقت المناسب دون انتظار من المحكمة أن تطلب منه ذلك. فإذا لم يتمكن الطرف من تقديم الأدلة في الوقت المناسب أو من إثبات دفاعه، فإن المحكمة تقتصر على تطبيق القانون بناءً على الأدلة المتاحة فقط، مما قد يؤدي إلى حسم النزاع لصالح الطرف الآخر.
تحديد من يتحمل عبء الإثبات يخضع لرقابة محكمة النقض
يُعد تحديد من يتحمل عبء الإثبات من القواعد الأساسية في أي دعوى قضائية، حيث يتعين على المحكمة تحديد الطرف الذي يقع عليه عبء إثبات ادعاءاته أو دفاعه. ويخضع هذا التحديد لرقابة محكمة النقض في حالة الطعن على حكم المحكمة الابتدائية أو الاستئنافية، وذلك لضمان تطبيق القواعد القانونية بشكل صحيح.
إذا أخطأت المحكمة في تحديد المسؤول عن عبء الإثبات أو في توزيع هذا العبء بشكل غير صحيح، فإن محكمة النقض تكون لها صلاحية مراجعة هذا التحديد، كون ذلك يعد من المسائل القانونية التي تؤثر على صحة الحكم. ففي بعض الأحيان قد تقع المحكمة في خطأ في تفسير القواعد القانونية المتعلقة بتوزيع عبء الإثبات بين الأطراف، مما يؤدي إلى ظلم أحد الأطراف أو إخلال بحقوقه.
بناءً على ذلك، فإنه من حق محكمة النقض مراقبة هذا التحديد والبت في مدى مطابقته للقانون، وفي حال وجود خطأ في هذا الصدد، يمكنها أن تنقض الحكم وتعيده إلى المحكمة المختصة لإعادة النظر فيه وفقًا للقواعد القانونية الصحيحة. هذا يضمن تحقيق العدالة وضمان أن كل طرف يحصل على الفرصة الكاملة لإثبات دعواه أو دحض الادعاء الموجه إليه في إطار الحقوق القانونية المقررة له.
تطبيقات للمكلف بعبء الإثبات في بعض المنازعات
بعض منازعات القانون المدني
(1) عبء إثبات ملكية أراضي طرح النهر
يعد عبء إثبات ملكية أراضي طرح النهر من المسائل القانونية المعقدة التي تثير العديد من التساؤلات حول ملكية هذه الأراضي وكيفية إثباتها. وفقًا للقانون، فإن أراضي طرح النهر هي الأراضي التي تفيض بها المياه عند حدوث الفيضانات أو عندما يرتفع منسوب الأنهار، وغالبًا ما تكون هذه الأراضي غير محددة الملكية بشكل واضح.
عبء إثبات ملكية أراضي طرح النهر يقع عادة على الشخص الذي يدعي ملكية هذه الأراضي، سواء كان فردًا أو جهة حكومية. بما أن هذه الأراضي قد تكون مملوكة للدولة أو في بعض الأحيان لا تخضع لحقوق ملكية محددة، فإن الشخص الذي يطالب بملكية هذه الأراضي يجب عليه تقديم أدلة واضحة ومقنعة تثبت أن الأرض كانت في حيازته لفترة طويلة، أو أنه قد حصل على ملكيتها بناءً على تصرفات قانونية صحيحة.
من الأدلة التي يمكن أن تُستخدم لإثبات ملكية أراضي طرح النهر هي الوثائق الرسمية مثل عقود الملكية القديمة، أو التصرفات القانونية السابقة، بالإضافة إلى الشهادات أو القرائن التي تثبت الاستعمال المستمر للأرض من قبل المدعي. كما أن بعض المحاكم قد تأخذ في الاعتبار الاستمرار في الحيازة لفترات طويلة من الزمن كقرينة على الملكية.
إذا كان المدعي يثبت أن الأرض كانت في حيازته لفترة طويلة من الزمن، يمكن أن يتم إقرار ملكيته بناءً على نظرية الحيازة الطويلة. ومع ذلك، لا يُعفى المدعي من عبء الإثبات في مثل هذه الحالات، ويجب عليه أن يُظهر دليلًا موثوقًا على أنه كان يملك الأرض وفقًا للقانون، خاصة إذا كان هناك نزاع حول الملكية مع جهات أخرى، مثل الدولة أو الهيئات المحلية.
(2) عبء إثبات إدعاء الحكومة الملكية
عند إدعاء الحكومة ملكية الأرض أو الممتلكات، فإن عبء إثبات هذا الادعاء يقع على عاتق الحكومة نفسها، حيث يتعين عليها تقديم الأدلة التي تؤكد أن الأرض أو الممتلكات التي تدعي ملكيتها هي فعلاً من أموال الدولة أو ممتلكاتها. في هذا السياق، يجب أن تُثبت الحكومة الأساس القانوني الذي يمكنها من المطالبة بالملكية، سواء كان ذلك بموجب قوانين خاصة أو قرارات إدارية أو مستندات قانونية رسمية.
من أبرز الأدلة التي يمكن أن تقدمها الحكومة لإثبات ملكيتها تشمل الوثائق الرسمية مثل سجلات الأراضي، العقود الإدارية، أو القرارات الوزارية التي تحدد ملكية الدولة لتلك الأراضي أو الممتلكات. كما يمكن أن تعتمد الحكومة على التصرفات السابقة أو المراسلات الرسمية التي تشير إلى الحق في الملكية.
إذا كان الادعاء يشمل أراضي أو ممتلكات تابعة للدولة، فإن الحكومة يمكن أن تُقدم أدلة على استغلالها أو التحكم بها لفترة طويلة، أو تعرض السوابق القانونية التي تدعم وضع اليد أو الحيازة من قبل الدولة. يجب على الحكومة أن تثبت ملكيتها بوضوح وتقديم مستندات غير قابلة للشك ليثبت حقها في هذه الممتلكات، وذلك لضمان حقوق الأطراف الأخرى الذين قد يكونون في نزاع مع الدولة حول ملكية نفس الممتلكات.
من المهم أن يكون عبء الإثبات على الحكومة عند إدعاء الملكية، حيث يُفترض أن الملكية الخاصة تُعتبر استثناء، وأن الملكية العامة يجب أن تكون موثقة رسميًا وفقًا للقانون لضمان حقوق الأفراد وحمايتهم من أي تداخل أو تعدٍ على ممتلكاتهم.
(3) عبء إثبات إجازة العقد
إجازة العقد هي التصريح أو الموافقة التي يُبديها الشخص على عقد كان قد أبرمه آخرون نيابة عنه دون أن يكون له القدرة القانونية في وقت توقيع العقد. في حالات معينة، قد يُطالب الطرف الذي استفاد من العقد بتقديم إثبات إجازته لهذا العقد ليصبح ساري المفعول وملزمًا قانونًا.
عبء إثبات إجازة العقد يقع على الشخص الذي يدعي أن العقد قد تم إجازته من قبل الشخص الذي تم التعاقد نيابة عنه. أي أن الشخص الذي يطالب بإثبات أن العقد أصبح نافذًا يجب عليه أن يقدم دليلًا ملموسًا على أن الإجازة قد تمت، سواء كان ذلك من خلال وثائق رسمية، أو إقرار خطي، أو شهادات تدل على أن الطرف المعني قد وافق على العقد بعد التوقيع عليه.
الإجازة قد تكون صريحة أو ضمنية؛ ففي الحالة الأولى، يقدم الطرف الذي يدعي الإجازة إقرارًا مباشرًا بالموافقة على العقد، بينما في الحالة الثانية، قد يُستدل على الإجازة من خلال سلوكيات الطرف المعني التي تشير إلى قبوله التعاقد، مثل قيامه بتنفيذ بنود العقد أو استلام المزايا المترتبة عليه.
من الضروري أن يثبت الشخص الذي يدعي الإجازة أن الموافقة قد تمت وفقًا للقانون، حيث قد تكون الإجازة محددة أو مقيدة بشروط معينة. وبناءً على ذلك، يُعتبر عبء الإثبات في هذه الحالة أمرًا جوهريًا في تحديد مدى نفاذ العقد وإلزامية بنوده.
(4) عبء إثبات المسئولية العقدية
في المسؤولية العقدية، يقع عبء إثبات المسؤولية على المدعي، أي الشخص الذي يدعي أن هناك إخلالًا بالعقد أو تقصيرًا في تنفيذه من قبل الطرف الآخر. يتعين على المدعي أن يثبت أن الطرف الآخر قد أخل بالتزاماته المنصوص عليها في العقد، وأن هذا الإخلال قد تسبب في ضرر مباشر له.
لتحديد المسؤولية العقدية، يجب على المدعي إثبات وجود العقد، وإثبات إخلال الطرف الآخر ببنوده، وكذلك أن هذا الإخلال قد ألحق به ضررًا نتيجة لذلك. على سبيل المثال، إذا كانت الدعوى تتعلق بعقد بيع، يجب على المدعي إثبات أن البائع قد أخل بتسليم البضاعة في الوقت المحدد أو سلم بضاعة غير مطابقة للمواصفات المتفق عليها.
كما أن عبء الإثبات في المسؤولية العقدية يشمل أيضًا إثبات العلاقة السببية بين الإخلال بالعقد والضرر الواقع. بمعنى آخر، يجب على المدعي أن يثبت أن الضرر الذي وقع عليه هو نتيجة مباشرة لهذا الإخلال، وألا يكون هناك سبب آخر أدى إلى وقوع الضرر.
إذا لم يتمكن المدعي من إثبات هذه العناصر بشكل كافٍ، قد يُحكم لصالح المدعى عليه، باعتبار أن عبء إثبات المسؤولية يقع على من يدعيها. في حالات معينة، قد يتم توزيع عبء الإثبات بين الأطراف في الدعوى، خاصة إذا كان المدعى عليه يقدّم دفوعًا قوية يمكن أن تؤدي إلى نقل عبء الإثبات إلى المدعي لإثبات صحة ادعائه.
(5) عبء إثبات تنفيذ لإلتزامات في العقود التبادلية
في العقود التبادلية، حيث يتبادل الطرفان الالتزامات، يكون عبء إثبات تنفيذ الالتزامات على كل طرف يطالب بتنفيذ التزامه أو يدعي الإخلال به. العقود التبادلية هي تلك التي يُلزم كل طرف فيها بالوفاء بمقابل أو مقابل محدد للطرف الآخر، مثل عقود البيع أو الإيجار أو المقاولة، حيث يلتزم كل طرف بتقديم شيء مقابل شيء.
عبء إثبات تنفيذ الالتزامات يقع على الطرف الذي يطالب بتنفيذ العقد أو إثبات الوفاء بالتزامه. فإذا كان أحد الأطراف يدعي أنه نفذ التزامه كما هو مقرر في العقد، فيجب عليه أن يقدم الأدلة الكافية لإثبات ذلك، مثل إيصالات الدفع أو التقارير الفنية أو الشهادات التي تؤكد تنفيذ الالتزام المتفق عليه. على سبيل المثال، إذا كان الطرف قد التزم بتوريد بضاعة معينة، يجب عليه إثبات تسليم البضاعة أو موافقتها للمواصفات المنصوص عليها في العقد.
من ناحية أخرى، إذا ادعى الطرف الآخر إخلالًا بالعقد أو عدم تنفيذ الالتزامات، فيجب عليه إثبات هذا الإخلال، على أن عبء إثبات الإخلال يقع عليه أيضًا. أي أنه يجب على الطرف الذي يدعي أن الطرف الآخر لم ينفذ التزامه أن يبرهن على عدم الوفاء بالعقد أو الضرر الناتج عن هذا الإخلال.
بالتالي، فإن عبء الإثبات في العقود التبادلية يتحملها الأطراف بشكل متبادل، وكل طرف مطالب بإثبات تنفيذ التزاماته أو إثبات الإخلال بها وفقًا للظروف، وذلك لضمان استيفاء كل طرف لحقوقه والالتزامات المتفق عليها.
(6) عبء إثبات المسئولية التقصيرية
في المسؤولية التقصيرية، عبء الإثبات يقع على المدعي، أي الشخص الذي يطالب بتعويض الأضرار الناتجة عن فعل غير مشروع أو تقصير من طرف آخر. يتعين على المدعي إثبات توافر عناصر المسؤولية التقصيرية وهي: وجود خطأ من الطرف المدعى عليه، علاقة سببية بين الخطأ والضرر، و حدوث الضرر فعلاً.
أولاً، يجب على المدعي إثبات الخطأ الذي ارتكبه المدعى عليه، سواء كان إهمالًا أو تصرفًا غير قانوني. على سبيل المثال، في حالة الحوادث المرورية، يجب على المدعي أن يثبت أن المدعى عليه كان مخالفًا لقواعد المرور أو تصرف بطريقة تسبب في الحادث.
ثانيًا، يجب على المدعي إثبات أن هذا الخطأ كان السبب المباشر في حدوث الضرر الذي لحق به، أي أن هناك علاقة سببية بين تصرف المدعى عليه والضرر الذي وقع. على سبيل المثال، في حالة الضرر الناتج عن حادث، يجب إثبات أن الإصابة أو الأضرار المادية كانت نتيجة مباشرة للتصرفات غير القانونية للطرف الآخر.
أخيرًا، يجب على المدعي إثبات الضرر الذي لحق به بسبب الخطأ، سواء كان ضررًا ماديًا أو معنويًا، مثل الأضرار الجسدية أو الأضرار النفسية أو الخسائر المالية.
من جانب آخر، إذا قدم المدعى عليه دفوعًا مثل عدم وجود خطأ أو عدم وجود علاقة سببية أو عدم حدوث ضرر، يكون من حق المدعي إثبات عكس ذلك بتقديم الأدلة اللازمة لإثبات المسؤولية التقصيرية.
(7) عبء إثبات خطأ الطبيب
في الدعاوى التي تتعلق بالمسؤولية الطبية، عبء إثبات خطأ الطبيب يقع على المريض أو المدعي، الذي يدعي أن الطبيب قد ارتكب خطأ طبيًا أدى إلى إلحاق الضرر به. يُعد إثبات الخطأ الطبي أمرًا حاسمًا في تحديد مسؤولية الطبيب عن الأضرار التي قد تصيب المريض نتيجة لتقصيره أو إخلاله بالمعايير الطبية المتعارف عليها.
يجب على المدعي (المريض) أن يثبت أن الطبيب قد خالف واجب الرعاية الطبية المفروض عليه. وهذا يشمل إثبات أن الطبيب لم يتبع المعايير الطبية المهنية السائدة في تقديم العلاج أو التشخيص أو إجراء العملية الجراحية، مما أدى إلى ضرر مباشر للمريض. على سبيل المثال، إذا تم إجراء عملية جراحية بطريقة خاطئة أو لم يتم تشخيص المرض بشكل صحيح، يجب على المريض تقديم أدلة طبية وشهادات من خبراء في المجال الطبي لإثبات أن الطبيب قد ارتكب خطأ في العلاج أو الإجراء الطبي.
علاوة على ذلك، يجب على المريض إثبات العلاقة السببية بين الخطأ الطبي و الضرر الناتج عنه. فالمريض مطالب بإثبات أن الخطأ الذي ارتكبه الطبيب كان هو السبب المباشر للضرر، سواء كان ضررًا ماديًا مثل الإصابات الجسدية أو ضررًا معنويًا مثل الألم النفسي أو الخسائر المالية.
من ناحية أخرى، يمكن للطبيب تقديم دفاعات مختلفة مثل عدم وجود خطأ أو وجود أسباب أخرى للضرر. وفي هذه الحالة، عبء الإثبات يكون على المريض لإثبات وجود الخطأ وإثبات العلاقة السببية بين هذا الخطأ والضرر الناتج، مما يجعل تقديم الأدلة الطبية المتخصصة أمرًا ضروريًا في مثل هذه الدعاوى.
(8) عبء إثبات الصورية
الصورية في القانون تشير إلى حالة يتم فيها إبرام عقد ظاهري يبدو كعقد حقيقي لكنه في الواقع لا يعكس الإرادة الحقيقية للأطراف. يتم اللجوء إلى إثبات الصورية عندما يدعي أحد الأطراف أن العقد الذي تم توقيعه بينه وبين الطرف الآخر هو عقد صوري، أي أنه لا يعبر عن النية الحقيقية للأطراف ويهدف إلى إخفاء حقيقة معينة أو التلاعب بالقانون.
عبء إثبات الصورية يقع على الطرف الذي يدعي أن العقد صوري. فعلى المدعي أن يقدم أدلة قوية تُظهر أن العقد المبرم ليس هو ما يعبر عن الإرادة الفعلية للطرفين. تتنوع هذه الأدلة بين القرائن أو الأدلة الكتابية أو الشهادات التي تدل على أن العقد في الواقع كان يُستخدم لأغراض أخرى غير تلك التي يبدو عليها. على سبيل المثال، قد تكون هناك مراسلات بين الأطراف أو تصرفات أخرى تشير إلى أن العقد المبرم كان مجرد وسيلة لإخفاء حقيقة معينة، مثل التهرب من الضرائب أو تجنب الالتزامات القانونية.
قد تشمل الأدلة المستخدمة في إثبات الصورية أيضًا الشهادات من أطراف أخرى على معرفة بخلفية العقد أو الظروف المحيطة به عند التوقيع عليه. كما يمكن أن تُستخدم القرائن الظاهرة على أن العقد تم تنفيذه على نحو مخالف لما تم الاتفاق عليه فعلاً.
في المقابل، إذا تمكن المدعى عليه من دحض الادعاء بإثبات أن العقد كان صحيحًا وحقيقيًا، فإن عبء إثبات الصورية يسقط عن المدعي، ويُعتبر العقد ملزمًا للأطراف.
(9) عبء إثبات إعسار المدين في دعوى عدم نفاذ التصرف ( الدعوى البوليصية )
في الدعوى البوليصية، والتي تُرفع من الدائنين للطعن في تصرفات المدين التي قد تكون تهدف إلى إخفاء ممتلكاته أو التهرب من سداد الديون، يقع عبء إثبات إعسار المدين على الدائن الذي يرفع الدعوى. الدعاوى البوليسية تهدف إلى إبطال التصرفات التي أبرمها المدين، مثل بيع أمواله أو التبرع بها، إذا كانت تلك التصرفات قد تمت في فترة قريبة من تاريخ حدوث الإعسار أو كانت تهدف إلى إخفاء الأصول من أجل التهرب من دفع الديون.
إعسار المدين يعني أنه أصبح غير قادر على الوفاء بديونه أو دفع التزاماته المالية. في هذا السياق، يجب على الدائن أن يثبت أن المدين كان في حالة إعسار وقت إجراء التصرف الذي يدعي أنه باطل. يُعتبر عبء الإثبات في هذه الحالة على الدائن، ويجب أن يقدم أدلة قاطعة على أن المدين كان غير قادر على سداد ديونه وقت إبرام التصرف، مثل الوثائق المالية التي تُظهر حجم الديون والإيرادات و الممتلكات الخاصة بالمدين في تلك الفترة.
علاوة على ذلك، يتعين على الدائن إثبات أن التصرف الذي قام به المدين كان غير قانوني أو غرضه التحايل على حقوق الدائنين. فمجرد إثبات الإعسار لا يعني أن التصرف باطل تلقائيًا، بل يجب أن يُظهر الدائن أن هذا التصرف كان في غرض غير مشروع، مثل نقل الممتلكات إلى شخص آخر بهدف التهرب من سداد الديون.
إذا لم يتمكن الدائن من إثبات إعسار المدين أو التصرف غير المشروع، فقد يتم رفض الدعوى البوليسية، ويبقى التصرف ساريًا.
(10) عبء إثبات الإثراء بلا سبب
في دعوى الإثراء بلا سبب، يتعين على المدعي (الشخص الذي يطالب بالحصول على تعويض) إثبات أن الطرف الآخر قد اكتسب ثروة أو منفعة بطريقة غير قانونية أو غير مشروعة، دون أن يكون له سبب قانوني يدعمه. الإثراء بلا سبب يحدث عندما يحصل شخص على منفعة مالية أو مصلحة اقتصادية على حساب شخص آخر دون أن يكون بينهما علاقة عقدية أو موافقة قانونية، مما يخلق تفاوتًا غير مبرر في الثروات.
(11) عبء إثبات رد المنقولات المؤجرة إلى المؤجر
في حالة عقد إيجار المنقولات، يقع عبء إثبات رد المنقولات المؤجرة إلى المؤجر على المستأجر عند انتهاء مدة الإيجار أو عند طلب المؤجر استرجاع المنقولات. بموجب القانون، يُفترض أن المستأجر هو المسؤول عن إعادة المنقولات إلى المؤجر في نهاية العقد أو عند طلب المؤجر ذلك، ويجب على المستأجر أن يُثبت أنه قام بإعادة المنقولات إلى المؤجر في الحالة المتفق عليها.
عبء الإثبات يقع على المستأجر لأنه هو الذي يدعي تنفيذ الالتزام برد المنقولات. إذا ادعى المؤجر أن المنقولات لم تُعاد أو أن المستأجر لم يلتزم بإعادتها، يصبح على المستأجر تقديم الأدلة التي تثبت إعادة المنقولات في الوقت والمكان المحدد في العقد.
من بين الأدلة التي يمكن أن يستخدمها المستأجر لإثبات رد المنقولات هي إيصالات التسليم أو الشهادات أو الصور الفوتوغرافية التي قد تُظهر حالة المنقولات عند إعادتها. كما قد يتضمن تقرير فني أو محضر استلام من المؤجر يثبت استلام المنقولات بعد انتهاء مدة الإيجار.
إذا فشل المستأجر في إثبات رد المنقولات أو في تقديم الأدلة اللازمة لذلك، قد يُعتبر ملزمًا بدفع تعويض للمؤجر عن المنقولات غير المعادة أو المفقودة أو التالفة، ما لم يُثبت أن ذلك كان ناتجًا عن قوة قاهرة أو إهمال غير مقصود.
(12) عبء إثبات تجدد الإيجار بعد التنبيه بإلإخلاء
في حالة الإيجار، إذا قام المؤجر بتنبيه المستأجر بالإخلاء بعد انتهاء مدة الإيجار، فإن عبء إثبات تجدد الإيجار يقع على المستأجر إذا كان يدعي أن الإيجار قد تم تجديده أو استمر بعد التنبيه. وذلك لأن المؤجر يمكن أن يطالب بإخلاء العقار بناءً على انتهاء العقد، بينما المستأجر قد يدعي أن هناك اتفاقًا جديدًا ضمنيًا أو رسميًا بتجديد الإيجار.
عبء الإثبات في هذه الحالة يقع على المستأجر لإثبات أن العلاقة الإيجارية قد تجددت بعد التنبيه بالإخلاء. في حال عدم وجود اتفاق كتابي أو إثبات صريح يوضح تجديد الإيجار، يجب على المستأجر تقديم أدلة قوية على تجديد العقد أو استمراره، مثل قبول المؤجر دفع الإيجار بعد انتهاء المدة المحددة، أو قيام المؤجر بتنفيذ أو السماح بالتصرفات التي تشير إلى تجديد العقد، مثل السماح بالانتفاع بالعقار أو عدم اتخاذ إجراءات لإخلاء العقار.
كما يمكن أن يُعتبر قبول المؤجر لدفعات الإيجار بعد التنبيه بالإخلاء بمثابة إشارة إلى تجديد العقد أو القبول الضمني للاستمرار في العلاقة الإيجارية. ولكن إذا لم يتمكن المستأجر من تقديم الأدلة اللازمة لإثبات التجديد، قد يُحكم عليه بإخلاء العقار بناءً على التنبيه بالإخلاء الصادر من المؤجر.
بالتالي، إذا ادعى المستأجر تجدد الإيجار بعد التنبيه بالإخلاء، فإنه يقع عليه عبء إثبات هذا التجديد سواء كان ضمنيًا أو بناءً على اتفاق جديد بين الطرفين.
(13) عبء إثبات صورية الثمن الثابت بعقد البيع في دعوى الشفعة
في دعوى الشفعة، التي تهدف إلى حماية حقوق الشريك في العقار المشاع أو المجاور، قد يُثار الادعاء بأن الثمن الثابت في عقد البيع صوري، أي أن الثمن المدون في العقد لا يعكس القيمة الحقيقية للعقار، بل هو مجرد تمويه بهدف إخفاء حقيقة البيع أو للتهرب من حقوق الشريك في الشفعة.
في هذه الحالة، عبء إثبات صورية الثمن يقع على المدعي (الشريك الذي يطالب بالشفعة)، ويجب عليه أن يقدم أدلة قوية تشير إلى أن الثمن المدون في عقد البيع ليس هو الثمن الحقيقي. قد تتنوع هذه الأدلة بين القرائن التي تدل على اختلاف كبير بين الثمن المدون في العقد و القيمة السوقية للعقار وقت البيع، مثل تقديم تقديرات خبير عقاري أو شهادات من أطراف على معرفة بسعر العقار الفعلي في السوق في ذلك الوقت.
كما يمكن أن تشمل الأدلة مراسلات بين البائع والمشتري أو تصرفات أخرى تشير إلى أن الثمن المدون كان أقل بكثير من القيمة الحقيقية للعقار. فإذا تمكن المدعي من إثبات أن الثمن في عقد البيع كان صوريًا بهدف إخفاء صفقة حقيقية أو التلاعب بحقوق الشريك في الشفعة، فإنه يمكنه أن يطالب بالشفعة بناءً على الثمن الحقيقي أو على الأقل تصحيح الثمن في العقد وفقًا للقيمة السوقية الفعلية.
على الجانب الآخر، إذا لم يتمكن المدعي من إثبات صورية الثمن وتقديم الأدلة اللازمة، قد يُرفض طلبه بالشفعة.
(14) عبء إثبات صورية البيع الثاني في الشفعة
في دعوى الشفعة، قد يثار الادعاء بصورية البيع الثاني، والذي يحدث عندما يقوم البائع ببيع العقار إلى طرف آخر بعد أن قام ببيعه لأحد الأطراف الذي يحق له طلب الشفعة. يترتب على ذلك أن البيع الثاني قد يكون صوريًا بغرض التهرب من حقوق الشفعة المقررة قانونًا، حيث يُقصد من هذا البيع الإيهام بوجود تصرف قانوني آخر من أجل منع الشريك أو الجار من ممارسة حقه في الشفعة.
عبء إثبات صورية البيع الثاني يقع على المدعي بالشفعة، وهو الشخص الذي يطالب بالحق في استرجاع العقار الذي تم بيعه من خلال دعوى الشفعة. يجب على المدعي أن يثبت أن البيع الثاني ليس بيعًا حقيقيًا بل هو مجرد تصرف صوري بهدف التهرب من تطبيق حق الشفعة.
يتعين على المدعي تقديم أدلة قوية تثبت أن البيع الثاني كان غير حقيقي أو أنه تم بمقابل أقل من قيمته الحقيقية أو أنه كان مبنيًا على اتفاقات غير ظاهرة أو بنية إخفاء التصرف الفعلي. من بين الأدلة التي قد يستخدمها المدعي لإثبات صورية البيع الثاني: شهادات الشهود الذين يمكن أن يثبتوا أن البيع لم يكن حقيقيًا، أو التحقيق في السعر المدفوع مقارنة بالقيمة السوقية للعقار، أو مراسلات تشير إلى نية التحايل على حقوق الشفعة.
إذا تمكن المدعي من إثبات أن البيع الثاني كان صوريًا، يمكن للمحكمة أن تقرر إبطال هذا البيع أو أن تمنح المدعي حق الشفعة بناءً على البيع الأول الفعلي، حيث يحق له أن يشتري العقار بالسعر الذي تم به البيع الحقيقي.
إذا لم يتمكن المدعي من تقديم الأدلة اللازمة لإثبات صورية البيع الثاني، فإنه قد يُرفض طلب الشفعة وتظل المعاملة قائمة وفقًا للبيعة الثانية.
(15) عبء إثبات الضرر في عقد التأمين
في عقد التأمين، يُعتبر إثبات الضرر من الأمور الأساسية التي يجب على المؤمن له (المستفيد من التأمين) إثباتها لكي يحق له المطالبة بالتعويض من شركة التأمين. عبء إثبات الضرر يقع على المؤمن له، الذي يجب عليه تقديم دليل واضح على أن الضرر الذي وقع عليه قد تحقق فعلاً وأنه يستحق تعويضا بموجب عقد التأمين.
يجب على المؤمن له إثبات وقوع الضرر وفقًا للمخاطر المحددة في وثيقة التأمين، ويجب أن يكون الضرر من النوع الذي يغطيه العقد، سواء كان ضررًا ماديًا أو معنويًا أو خسارة مالية. قد يتم ذلك عن طريق تقديم الأدلة المادية مثل التقارير الفنية، شهادات الخبراء، محاضر الشرطة في حالة الحوادث، أو صور توضح حجم الضرر.
إذا كان الضرر ناتجًا عن حادث أو حادثة محددة، يجب على المؤمن له تقديم شهادات أو تقرير رسمي من السلطات المعنية، مثل الشرطة أو الدفاع المدني، أو أي وثائق أخرى تُثبت حجم الضرر وأسبابه. في بعض الحالات، قد يتطلب الأمر تقديم تقرير من خبير في المجال المتعلق بالضرر (مثل خبير في التقييم العقاري أو خبير في حوادث السيارات) لتحديد مدى الضرر أو الخسارة.
في حالة عدم تمكن المؤمن له من إثبات وقوع الضرر أو عدم تقديم الأدلة اللازمة التي تدعمه، فإن شركة التأمين قد ترفض دفع التعويض، وذلك لأن عبء الإثبات يقع عليه، ولا يُعتبر الضرر محققًا إلا إذا تم تقديم الأدلة الكافية.
(16) عبء إثبات عقد الوكالة
فيما يتعلق بعقد الوكالة، يقع عبء الإثبات على الوكيل أو الموكل حسب الحالة التي يثار فيها النزاع. ففي الحالات التي يتم فيها التنازع بشأن وجود عقد الوكالة أو صحته، يجب على الطرف الذي يدعي وجود الوكالة أن يثبت إبرام العقد بينه وبين الطرف الآخر.
إذا كان الوكيل هو الذي يدعي أن له تفويضًا من الموكل للقيام بعمل معين نيابة عنه، فإن عليه إثبات عقد الوكالة أو وجود تفويض رسمي. قد يشمل ذلك تقديم وثيقة مكتوبة توضح شروط الوكالة، أو شهادات من أطراف أخرى على توقيع العقد أو التفاهم بين الموكل والوكيل. في حالة كانت الوكالة شفوية، يمكن للوكيل إثبات ذلك من خلال إظهار الأدلة الظرفية أو تقديم شهادات تدعم ادعاءاته.
أما إذا كان المدعى عليه (مثل الطرف الثالث الذي أبرم الوكالة معه) ينكر وجود الوكالة أو يشكك في صحتها، فإن عبء إثبات وجود عقد الوكالة يعود على المدعي (سواء كان الوكيل أو الموكل)، الذي يجب أن يقدم دليلًا قاطعًا على صحة الوكالة مثل الوثائق الرسمية أو الشهادات أو الإيصالات التي تدل على وجود الوكالة.
إذا لم يتمكن الطرف الذي يدعي وجود الوكالة من إثبات ذلك، فقد يترتب على ذلك عدم اعتراف المحكمة بعقد الوكالة، وبالتالي قد لا يُعتبر التصرف الذي قام به الوكيل ملزمًا للطرف الآخر.
(أ) الوكالة المكتوبة
الوكالة المكتوبة هي عقد قانوني يتم بموجبه تفويض شخص (الموكل) لشخص آخر (الوكيل) للقيام بأعمال قانونية معينة نيابة عنه، ويتم توثيقها كتابةً. تعد الوكالة المكتوبة أحد أنواع الوكالات التي تضمن وضوح العلاقة بين الموكل والوكيل، وتحدد بوضوح الحقوق و الواجبات التي تُمنح للوكيل، بالإضافة إلى حدود التفويض الممنوح له.
تعتبر الوكالة المكتوبة أكثر قوة قانونية من الوكالة الشفوية، لأنها توفر دليلًا ماديًا على تفويض الوكيل، مما يسهل إثبات صحة العقد في حالة حدوث أي نزاع بين الأطراف. غالبًا ما يتم استخدام الوكالة المكتوبة في الحالات التي تتطلب إجراء معاملات مهمة مثل التوقيع على العقود أو البيع أو الشراء أو إدارة الأموال أو تقديم الخدمات القانونية أو المالية.
(ب) الوكالة الشفوية
الوكالة الشفوية هي عقد تفويض يتم بين الطرفين (الموكل والوكيل) دون الحاجة إلى توثيق مكتوب، حيث يتم الاتفاق شفويًا على تفويض الوكيل للقيام بأعمال معينة نيابة عن الموكل. تختلف الوكالة الشفوية عن الوكالة المكتوبة في أنها لا تحتاج إلى توقيع عقد مكتوب أو وثائق رسمية، بل تقوم على التفاهم الشفهي بين الطرفين.
رغم أن الوكالة الشفوية تعتبر صحيحة قانونًا في العديد من الأنظمة القانونية، إلا أن إثباتها قد يكون صعبًا في حال حدوث نزاع بين الموكل والوكيل أو مع أطراف ثالثة. إذ قد لا تكون هناك دلالات مادية تؤكد وجود التفويض أو تحديد نطاقه بشكل دقيق، مما قد يؤدي إلى صعوبة في إثبات حقوق الطرفين أمام المحكمة .
(ج) سريان قواعد الإثبات السابقة على الغير
تتعلق سريان قواعد الإثبات السابقة على الغير بكيفية تأثير الأدلة والقواعد القانونية الخاصة بالإثبات في الدعوى على الأطراف الثالثة التي لم تكن طرفًا مباشرًا في العلاقة القانونية الأصلية. قد يحدث أن تكون هناك قواعد إثبات تم تطبيقها في دعاوى سابقة تتعلق بطرفين معينين، ويطلب من المحكمة سريان تأثير هذه القواعد على الغير في القضايا التي تشمل أطرافًا ثالثة.
سريان القواعد السابقة على الغير يعني أن الأحكام المتعلقة بالإثبات التي تم اتباعها في نزاع سابق يمكن أن تكون مُلزمة للأطراف الثالثة أو قد تؤثر على الحقوق أو الواجبات الخاصة بهم. فمثلًا، إذا تم اعتماد دليل معين في دعوى سابقة وأصبح القرار النهائي ملزمًا للأطراف المعنية، فقد يترتب على الأطراف الغير أن يتعاملوا مع هذا الدليل أو القرار القضائي كأساس قانوني في دعاويهم المتعلقة بالمسألة ذاتها.
(د) إثبات الوكالة الضمنية
الوكالة الضمنية هي نوع من أنواع الوكالات التي لا يتم إبرامها بشكل صريح أو كتابي، بل يتم استنتاجها من خلال تصرفات أو أفعال الطرفين (الموكل والوكيل) التي تشير إلى وجود تفويض ضمني من الموكل للوكيل للقيام ببعض الأعمال نيابة عنه. في هذه الحالة، لا يشترط أن يكون هناك اتفاق شفوي أو مكتوب واضح يثبت الوكالة، بل يُكتفى بما يتم ملاحظته من سلوكيات أو تصرفات تؤكد أن هناك تفويضًا ضمنيًا قد تم.
إثبات الوكالة الضمنية يعتمد على القرائن و الدلائل التي يمكن أن تثبت أن هناك نية حقيقية من الموكل بتفويض الوكيل للقيام بتصرفات معينة.
(17) عبء إثبات إخفاء بيع الوفاء رهنا
في بعض الحالات القانونية، قد يثار ادعاء إخفاء بيع الوفاء رهناً، حيث يتم الاتفاق بين البائع والمشتري على بيع عقار مع الاحتفاظ بحق الرهن كضمان للوفاء بالثمن. في مثل هذا النوع من المعاملات، يظل العقار رهناً لدى البائع حتى يسدد المشتري كامل الثمن. وفي حال إخفاء هذه المعاملة عن الغير، مثل عدم إظهار الرهن في السجلات الرسمية أو عدم إخبار الأطراف الأخرى بطبيعة البيع، يمكن أن تنشأ نزاعات قانونية تتطلب إثبات أن العقد أخفى حقيقة كونه بيع وفاء رهناً.
عبء إثبات إخفاء بيع الوفاء رهناً يقع عادة على الطرف الذي يدعي الإخفاء، سواء كان الدائن أو الطرف الآخر في المعاملة. يتطلب هذا من المدعي تقديم أدلة تدل على أن العقد لم يكن مجرد بيع عادي، بل كان عقد بيع وفاء مع احتفاظ بالملكية كضمان.
(18) عبء إثبات خسارة الشركة
في حالات النزاع القانوني المتعلقة بالشركات، مثل الدعاوى التي تتعلق بالتعويضات أو الاسترداد المالي أو المسؤولية التقصيرية، قد يثار ادعاء بوجود خسارة مالية لحقت بالشركة نتيجة تصرفات أو أفعال غير قانونية من قبل طرف آخر. في هذه الحالات، يقع عبء إثبات خسارة الشركة على الطرف الذي يدعي حدوث الخسارة، وغالبًا ما يكون ذلك الشركة نفسها أو مساهميها الذين يطلبون تعويضًا.
إثبات خسارة الشركة يتطلب تقديم دليل مادي يثبت أن الشركة قد تعرضت لخسارة حقيقية، وليس مجرد إدعاء بوجود ضرر. يشمل ذلك تقديم بيانات مالية دقيقة، مثل الميزانية العمومية وقائمة الدخل، التي تظهر الفرق بين إيرادات الشركة و نفقاتها، بالإضافة إلى التقارير المالية المدققة التي يمكن أن تثبت التأثير المباشر للخسارة على أرباح الشركة.
(19) عبء إثبات القانون الإجنبي
عندما يتم رفع دعوى قضائية تتعلق بعلاقات قانونية دولية أو عند وجود عنصر أجنبي في النزاع (مثل وجود أطراف من دول مختلفة أو وقائع حدثت في دولة أخرى)، قد يثار سؤال حول سريان القانون الأجنبي في القضية. في هذه الحالات، يكون عبء إثبات القانون الأجنبي على الطرف الذي يدعي سريان هذا القانون. هذا يعني أن الطرف المدعي يجب عليه إثبات أن القانون الأجنبي الذي يطلب تطبيقه هو قانون ساري و مقبول من قبل النظام القضائي المحلي.
إثبات القانون الأجنبي يتطلب دليلًا على محتوى ذلك القانون و طريقة تطبيقه، لأن المحكمة الوطنية لا تكون عادةً على دراية مباشرة بالقوانين الأجنبية، وقد ترفض تطبيق قانون أجنبي ما لم يتم تقديم إثبات قاطع لوجوده وسريانه.
(20) عبء إثبات العرف
العرف هو مجموعة من التقاليد أو الممارسات المتبعة من قبل الناس في مجال معين والتي يُتفق على اتباعها بشكل غير مكتوب، لكن تُعتبر ملزمة قانونًا في بعض الحالات. قد يُثار الاستناد إلى العرف في الدعاوى القانونية عند النزاع حول شروط غير مكتوبة أو اتفاقات شفهية تم تفسيرها بناءً على ما هو سائد في مجال معين أو مجتمع معين. في مثل هذه الحالات، يقع عبء إثبات العرف على الطرف الذي يدعي سريانه، أي يجب على المدعي إثبات أن العرف المتبع في المنطقة أو المجال المعني هو جزء من القواعد القانونية التي تنطبق على النزاع.
إثبات العرف يتطلب تقديم أدلة واضحة على وجوده والتزام الناس به على مر الزمن. وفي النظام القانوني، قد يُطلب من الطرف الذي يستند إلى العرف أن يقدم دليلًا قويًا يُثبت أن هذا العرف مستقر ومعمول به من قبل الغالبية في نفس المجال أو البيئة التي يُستند إليها.
(21) عبء إثبات العادات الإتفاقية
العادات الاتفاقية هي الممارسات أو الإجراءات التي يتم الاتفاق عليها بين الأطراف في عقد أو اتفاق، وتصبح ملزمة للطرفين كما لو كانت جزءًا من العقد نفسه، رغم أنها قد لا تكون منصوصًا عليها بشكل صريح في الوثائق أو النصوص القانونية. يمكن أن تكون العادات الاتفاقية متبعة بين الأطراف في علاقة تجارية أو مهنية لفترة طويلة من الزمن، وقد يُحتج بها في النزاعات القانونية المتعلقة بتفسير العقود أو تحديد حقوق وواجبات الأطراف.
عبء إثبات العادات الاتفاقية يقع على الطرف الذي يدعي سريان هذه العادات. بمعنى آخر، إذا كانت إحدى الأطراف ترغب في الاستناد إلى عادة اتفاقية في النزاع القائم، عليها أن تقدم أدلة واضحة تُثبت أن هذه العادة كانت معتَمدة ومتبعة من قبل الأطراف في الاتفاقية لفترة زمنية معينة، بحيث أصبحت جزءًا لا يتجزأ من تنظيم علاقتهم.
بعض منازعات قوانين إيجار الأماكن
تتعدد المنازعات القانونية التي قد تنشأ في سياق إيجار الأماكن، خاصة مع تزايد القوانين المتعلقة بحماية المستأجرين أو تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر. وفيما يلي بعض أبرز المنازعات القانونية التي قد تنشأ في هذا السياق :
1 – عبء إثبات أجرة الأساس
أجرة الأساس هي المبلغ الذي يتم تحديده كأساس لحساب الأجرة في عقد الإيجار، خاصة في الحالات التي يتطلب فيها القانون أو العقد تحديد الأجرة بناءً على معايير معينة، مثل المساحة أو القيمة السوقية للعقار. عبء إثبات أجرة الأساس يقع عادة على الطرف الذي يدعي سريان هذه الأجرة أو يعتمد عليها في نزاع قانوني، مثل المؤجر في حال كان يطالب المستأجر بدفع مبلغ معين بناءً على أجرة الأساس.
إثبات أجرة الأساس يتطلب تقديم أدلة واضحة على كيفية تحديد الأجرة استنادًا إلى المعايير المتفق عليها بين الأطراف أو التي يحددها القانون. يجب على المدعي أن يثبت أن الأجرة التي يتم المطالبة بها تم تحديدها بناءً على أسس قانونية سليمة و مستندات معتمدة.
2 – عبء إثبات إقامة الزوج والأولاد والوالدين إقامة دائمة مع المستأجر
في بعض القضايا القانونية المتعلقة بعلاقات الإيجار، قد يثار ادعاء من المستأجر أو الأطراف الأخرى بأن الزوج و الأولاد و الوالدين للمستأجر يقيمون معه بشكل دائم في المكان المؤجر. قد يكون هذا الادعاء مرتبطًا بمنازعات قانونية تتعلق بحق الإقامة أو حق الانتفاع من العقار أو في حالة سعي المستأجر للتمسك بشروط معينة في العقد أو في حالات إخلاء أو فسخ العقد.
عبء إثبات إقامة الزوج والأولاد والوالدين مع المستأجر يقع عادة على الطرف الذي يدعي ذلك، سواء كان المستأجر نفسه أو المؤجر الذي يطالب بإثبات عدم الإقامة المستمرة للأطراف الأخرى في المكان المؤجر. يتعين على المدعي تقديم أدلة قاطعة لإثبات إقامة دائمة للأطراف المذكورة، مما قد يشمل إثبات سكن دائم في محل الإيجار.
3 – عبء إثبات العلاقة الإيجارية
العلاقة الإيجارية هي العلاقة القانونية التي تنشأ بين المؤجر و المستأجر بناءً على عقد إيجار، حيث يلتزم المؤجر بتسليم المستأجر العقار لاستخدامه مقابل أجر دوري (أجرة الإيجار). في حالة النزاع بين الأطراف بشأن العلاقة الإيجارية، يقع عبء إثبات هذه العلاقة على الطرف الذي يدعي وجودها. عادةً ما يكون هذا العبء على المستأجر الذي يطالب بحقوقه من التمسك بالعقد أو إثبات شروط الإيجار، إلا في بعض الحالات التي قد يرفع فيها المؤجر الدعوى.
إثبات العلاقة الإيجارية يتطلب تقديم أدلة واضحة على وجود عقد إيجار صحيح ومستمر بين الأطراف، وتوضيح شروطه. قد يكون عقد الإيجار شاملًا للشروط الأساسية مثل المكان المؤجر، و مدة الإيجار، و مقدار الأجرة.
4 – عبء إثبات صورية الإيجار المفروش
الإيجار المفروش هو عقد إيجار يتم فيه تأجير عقار مزود بالأثاث أو المفروشات. في بعض الحالات، قد يتم الادعاء بوجود صورية في عقد الإيجار المفروش، أي أن العقد ليس حقيقيًا أو تم إبرامه بهدف التمويه أو التحايل على القوانين، مثل التملص من الالتزامات القانونية أو التهرب من دفع الضرائب أو تحقيق مصلحة غير قانونية. وفي هذه الحالات، فإن عبء إثبات صورية الإيجار المفروش يقع على الطرف الذي يدعي وجود الصورية، سواء كان المؤجر أو المستأجر.
إثبات صورية عقد الإيجار المفروش يتطلب تقديم أدلة تشير إلى أن العقد الذي يُزعم أنه إيجار مفروش ليس سوى واجهة أو حيلة لتمرير عملية غير قانونية. يشمل ذلك، على سبيل المثال، إظهار أن العقار في الواقع غير مفروش أو أن الأثاث الموجود في العقار ليس ملكًا للمستأجر، أو أن العقد يهدف إلى إخفاء علاقة قانونية أخرى.
5 – عبء إثبات تنازل المستأجر عن العين المؤجرة أو تأجيرها من الباطن بغير إذن كتابي صريح أو تركها للغير بقصد الإستغناء عنها نهائيا
عبء إثبات تنازل المستأجر عن العين المؤجرة أو تأجيرها من الباطن بغير إذن كتابي صريح أو تركها للغير بقصد الاستغناء عنها نهائيًا
في العديد من عقود الإيجار، قد يتضمن العقد شرطًا ينص على منع تنازل المستأجر عن العين المؤجرة أو تأجيرها من الباطن أو تركها للغير بدون إذن كتابي صريح من المؤجر. في حال حدوث نزاع بين المؤجر والمستأجر حول التصرف في العين المؤجرة، يقع عبء إثبات حدوث التنازل أو التأجير من الباطن أو ترك العين للغير على الطرف الذي يدعي ذلك، وهو عادةً المؤجر الذي يزعم أن المستأجر قد انتهك شروط العقد.
لإثبات تنازل المستأجر عن العين المؤجرة أو تأجيرها من الباطن بغير إذن كتابي، يجب على المدعي تقديم أدلة قاطعة تدل على أن المستأجر قد تصرف في العين المؤجرة بطرق غير قانونية أو في مخالفة لشروط العقد.
بعض منازعات قانون التجارة
تتعدد المنازعات التي قد تنشأ في إطار قانون التجارة، وهو القانون الذي ينظم الأعمال التجارية والعلاقات بين التجار والشركات في مختلف المجالات. وتختلف المنازعات التجارية وفقًا للطبيعة الخاصة للأعمال التجارية، وقد تتعلق بنزاعات بين التجار أنفسهم أو بين التجار و العملاء أو الشركاء أو الموردين. إليك بعض من أبرز منازعات قانون التجارة:
1 – عبء إثبات صفة التاجر
صفة التاجر هي أحد العناصر الأساسية في العديد من المنازعات القانونية المتعلقة بالأعمال التجارية، حيث يتطلب القانون إثبات أن الشخص المعني يعتبر تاجرًا وفقًا للتعريفات القانونية. في كثير من الحالات، يقع عبء إثبات صفة التاجر على الشخص الذي يدعي أن الطرف الآخر يمتلك هذه الصفة. إذ يُعتبر الشخص تاجرًا إذا كان يمارس النشاط التجاري بشكل مستمر وبنية الربح.
تستند صفة التاجر إلى عدة معايير من بينها حجم النشاط التجاري، واستمرارية الأعمال التجارية، والقصد من الربح، ولذلك يتعين على من يطالب بإثبات صفة التاجر تقديم أدلة واضحة تثبت أن الشخص المعني يقوم بمزاولة النشاط التجاري وفقًا للمعايير القانونية المحددة.
2 – عبء إثبات إحتراف الزوجة الأجنبية التجارة
في بعض الأنظمة القانونية، قد تترتب على الزوجة الأجنبية في إطار الزواج مع شخص من جنسية أخرى بعض الحقوق والالتزامات التي تتعلق بمزاولة التجارة. في حالة وجود نزاع قانوني حول ما إذا كانت الزوجة الأجنبية قد احترفت التجارة أو مزاولتها بشكل احترافي، فإن عبء إثبات احتراف التجارة يقع على الطرف الذي يدعي أنها مزاولة النشاط التجاري.
احتراف التجارة يعني أن الزوجة الأجنبية تمارس النشاط التجاري بشكل مستمر وبنية الربح، سواء من خلال إدارة الأعمال أو الاشتراك في التجارة بطريقة قانونية. وعليه، يتعين على من يطالب بإثبات احتراف التجارة من الزوجة الأجنبية أن يقدم أدلة واضحة ومقنعة لدعم هذا الادعاء.
3 – عبء إثبات سوء نية حامل الورقة التجارية
في سياق المعاملات التجارية، تُعتبر الورقة التجارية مثل الشيك أو السند الاذني من الأدوات الأساسية في تسوية المدفوعات. ولكن في بعض الحالات، قد يثار تساؤل حول سوء نية حامل الورقة التجارية، خاصة إذا كان هناك ادعاء بأن حامل الورقة كان على علم بتعرض الورقة للتزوير أو كان يعلم بوجود عيب قانوني في الورقة عند قبولها أو تداولها.
في هذه الحالات، يقع عبء إثبات سوء نية حامل الورقة التجارية على الشخص الذي يدعي هذا السوء، سواء كان هذا الشخص هو المدين أو الطرف الذي تضرر من تداول الورقة التجارية. لا يُفترض دائمًا أن يكون حامل الورقة التجارية في سوء نية، وبالتالي يجب أن يُثبت المدعي أن الحامل كان على علم بتزوير الورقة أو أن الورقة كانت محلا لعيب قد يؤدي إلى إبطالها أو عدم قبولها.
4 – عبء إثبات أن الشيك حرر تأمينا للوفاء
في بعض الحالات، قد يُحرر الشيك ليس كوسيلة دفع مباشرة، ولكن كضمان أو تأمين للوفاء بدين مستقبلي أو التزام قائم. وهذا النوع من الشيكات يعرف بـ الشيك التأميني، حيث يتم تسليمه للطرف الآخر كوسيلة لضمان الوفاء بالدين في المستقبل.
عبء إثبات أن الشيك حرر تأمينا للوفاء يقع على الشخص الذي يدعي أن الشيك تم تحريره كضمان وليس كوسيلة دفع مباشرة. هذا الادعاء يتطلب تقديم أدلة واضحة تؤكد أن الشيك لم يكن يُقصد منه دفع المبلغ المحدد بشكل نهائي، بل كان مجرد أداة لضمان الوفاء بالتزامات مستقبلية.
5 – عبء إثبات توقف التاجر عن دفع ديونة التجارية في دعوى شهر الإفلاس
في دعوى شهر الإفلاس، يتعين على المدعي أن يثبت أن التاجر قد توقف عن دفع ديونه التجارية بصفة عامة، وهذا يعد من الشرائط الأساسية لإثبات الحالة التي تبرر طلب الإفلاس. توقف التاجر عن الدفع يعد مؤشرًا على عجزه المالي، حيث لا يستطيع الوفاء بالتزاماته تجاه دائنيه التجاريين.
عبء إثبات توقف التاجر عن دفع ديونه التجارية يقع عادة على طالب شهر الإفلاس أو المدعي الذي يسعى لإثبات هذه الحالة. في العادة، يجب أن يقدم المدعي أدلة قاطعة تُظهر أن التاجر قد توقف عن سداد ديونه التجارية بشكل مستمر، مما يجعله غير قادر على الوفاء بالتزاماته.
6 – عبء إثبات عقد السمسرة
في القانون المدني، يُعد عقد السمسرة من العقود التي تُبرم عندما يتفق شخص (السمسار) مع شخص آخر على أن يُسهل له إتمام صفقة أو عقد مع طرف ثالث مقابل عمولة. ويشمل هذا العقد أن السمسار يعمل كوسيط بين الأطراف لتسهيل تنفيذ المعاملات التجارية أو العقارية أو أي نوع آخر من العقود.
عبء إثبات عقد السمسرة يقع على الطرف الذي يدعي وجود هذا العقد، سواء كان السمسار أو العميل الذي يطالب بتطبيق بنود العقد. إذ يتعين على المدعي أن يقدم أدلة قاطعة على وجود الاتفاق بين الأطراف على السمسرة والشروط المتفق عليها، مثل العمولة التي يتعين دفعها مقابل الخدمة.
7 – عبء إثبات عقد النقل
يعد عقد النقل من العقود التي تتم بين طرفين، حيث يتعهد أحدهما (النقل) بنقل شيء معين من مكان إلى آخر مقابل أجر. ويشمل ذلك نقل الأشخاص أو البضائع أو الممتلكات من نقطة انطلاق إلى نقطة وصول محددة وفقًا للاتفاق المبرم بين الطرفين.
عبء إثبات عقد النقل يقع على الطرف الذي يدعي وجود العقد، سواء كان الناقل أو العميل. يتعين على المدعي أن يثبت وجود العقد والاتفاق بين الطرفين على شروط النقل، بما في ذلك الطريق و المكان و الأجر المتفق عليه.
8 – عبء إثبات مسئولية الناقل عن الأضرار التي تلحق الراكب أثناء تنفيذ عقد النقل
في حالة وقوع أضرار للراكب أثناء تنفيذ عقد النقل، يتعين على الراكب أو المدعي الذي يطالب بالتعويض إثبات مسؤولية الناقل عن تلك الأضرار. وفقًا للقانون، يعتبر الناقل مسؤولًا عن الأضرار التي قد تصيب الراكب أثناء عملية النقل، إلا إذا تمكن من إثبات قوة قاهرة أو حادث غير متوقع يخرج عن إرادته.
عبء إثبات مسؤولية الناقل يقع على الراكب أو المدعي الذي يدعي أن الأضرار قد نتجت بسبب إهمال أو تقاعس من جانب الناقل أثناء تنفيذ عقد النقل. يجب على المدعي إثبات أن الأضرار كانت نتيجة مباشرة لفعله أو تقصيره.
9 – عبء إثبات مسئولية الناقل الجوي
في حالة حدوث أضرار للركاب أو البضائع أثناء النقل الجوي، يقع عبء الإثبات على الراكب أو مالك البضائع الذي يطالب بتعويض بسبب الأضرار التي لحقت به أثناء الرحلة الجوية. في هذا السياق، يجب على المدعي إثبات أن الضرر قد نتج عن مسؤولية الناقل الجوي وفقًا لقواعد مسؤولية الناقل الجوي في الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية مونتريال لعام 1999، التي تحدد المسؤولية القانونية للناقل الجوي تجاه الركاب والبضائع.
عبء إثبات المسؤولية يقع على المدعي الذي يدعي وقوع ضرر، حيث يتعين عليه إثبات عدة عناصر، بما في ذلك وجود علاقة تعاقدية مع الناقل الجوي (من خلال تذكرة السفر أو عقد الشحن الجوي)، والضرر الذي لحق به، وعلاقة السببية بين الضرر وعمل الناقل الجوي.
بعض منازعات قانون العمل
1- عبء إثبات علاقة العمل
يعد عبء إثبات علاقة العمل من القضايا الأساسية في قانون العمل، حيث يتعين على الشخص الذي يطالب بحقوقه في إطار العلاقة العمالية إثبات وجود هذه العلاقة وتوافر شروطها. في معظم الحالات، يكون عبء الإثبات على العامل إذا كان هو الذي يطالب بحقوقه، مثل الأجور أو التعويضات أو أي مستحقات أخرى.
على الرغم من أن صاحب العمل هو الذي يتولى غالبًا إثبات أي خروج عن شروط العقد أو إنكار العلاقة العمالية، إلا أن العامل عادة ما يكون ملزمًا بإثبات وجود علاقة العمل.
2 – عبء إثبات الوفاء بأجر العامل
يعد عبء إثبات الوفاء بأجر العامل من القضايا الشائعة في قانون العمل، حيث يتعين على صاحب العمل إثبات أنه قد سدد الأجر المستحق للعامل وفقًا للعقد أو القوانين المعمول بها. ويشمل هذا الإثبات الأجر الأساسي و البدلات و الحوافز و التعويضات التي يتعين دفعها للعامل مقابل العمل الذي قام به.
عبء إثبات الوفاء بالأجر يقع على صاحب العمل، فإذا ادعى العامل عدم دفع أجره أو جزء منه، يكون على صاحب العمل تقديم الدليل المادي الذي يثبت دفع الأجر المستحق.
3 – عبء إثبات التعسف في إنهاء عقد العمل
في منازعات إنهاء عقد العمل، يقع عبء إثبات التعسف على العامل إذا ادعى أن فصله كان تعسفيًا وغير مبرر قانونيًا. حيث يتعين عليه تقديم الأدلة التي تثبت أن إنهاء عقده من قبل صاحب العمل كان تعسفيًا، أي أنه تم دون سبب مشروع أو مبرر قانوني أو مخالفًا لأحكام قانون العمل.
طرق إثبات التعسف في إنهاء عقد العمل:
-
عدم وجود سبب وجيه للفصل: يجب على العامل أن يثبت أن الفصل تم بدون مخالفة قانونية من جانبه أو بدون إخلال بالتزاماته التعاقدية، أي أن صاحب العمل لم يكن لديه مبرر قانوني لإنهاء العقد.
-
عدم اتباع الإجراءات القانونية: في بعض القوانين، يكون لصاحب العمل التزام بإخطار العامل مسبقًا قبل فصله أو منحه فرصة للدفاع عن نفسه. إذا لم يلتزم صاحب العمل بهذه الإجراءات، يمكن للعامل استخدام ذلك كدليل على التعسف.
-
شهادات الشهود: يمكن للعامل الاستعانة بشهادات زملائه في العمل أو أي شهود آخرين لتأكيد أن الفصل كان تعسفيًا، ولم يكن نتيجة تقصير أو إهمال من جانبه.
-
القرائن والمستندات: مثل خطابات الفصل، رسائل البريد الإلكتروني، أو أي إشعارات رسمية من الشركة، قد تساعد في إثبات عدم وجود سبب وجيه لإنهاء العقد.
-
إثبات سوء نية صاحب العمل: في بعض الحالات، قد يكون الفصل انتقاميًا بسبب تقديم العامل شكوى ضد صاحب العمل أو بسبب نشاطه النقابي، مما يدل على التعسف في إنهاء العقد.
موقف صاحب العمل
على الجانب الآخر، إذا أثبت العامل أن الفصل كان تعسفيًا، فإن عبء الإثبات ينتقل إلى صاحب العمل لإثبات أن الفصل كان مبررًا ومستندًا إلى أسباب مشروعة مثل الإخلال الجسيم من قبل العامل أو ظروف اقتصادية قاهرة.
النتائج القانونية للتعسف في الفصل
إذا ثبت أن الفصل كان تعسفيًا، فقد يكون للعامل الحق في التعويض، أو إعادته إلى عمله، وفقًا لأحكام قانون العمل في الدولة التي يتم فيها النزاع.
بعض منازعات قانون المرافعات
يعد قانون المرافعات أحد القوانين الأساسية التي تنظم إجراءات التقاضي أمام المحاكم، وتثور العديد من المنازعات المتعلقة بتطبيق أحكامه، سواء فيما يخص الاختصاص القضائي، أو الإعلانات القضائية، أو سير الدعوى، أو تنفيذ الأحكام.
1 – الأصل في الإجراءات أن تكون روعيت
يعد مبدأ افتراض صحة الإجراءات من القواعد الأساسية في قانون المرافعات، حيث يفترض أن جميع الإجراءات القضائية تمت وفقًا للقانون ما لم يثبت العكس. ويعني هذا المبدأ أن المحكمة لا تفترض بطلان أي إجراء تم اتخاذه أثناء سير الدعوى، بل يقع عبء إثبات العيب أو المخالفة على من يدعي عدم صحة الإجراء.
تطبيقات المبدأ:
-
الإعلانات القضائية:
-
يفترض أن إعلان الخصم بصحيفة الدعوى أو الأحكام قد تم وفقًا للقانون، وعلى من يدعي عدم إعلانه أو بطلان الإعلان إثبات ذلك.
-
-
إجراءات التقاضي وسير الدعوى:
-
يفترض أن الجلسات انعقدت في مواعيدها المحددة، وأن الخصوم تم تمكينهم من تقديم دفاعهم، ما لم يثبت العكس.
-
-
تنفيذ الأحكام:
-
يفترض أن إجراءات تنفيذ الأحكام القضائية تمت بصورة صحيحة، وعلى من ينازع في صحة التنفيذ أن يقدم الدليل على وجود خلل في الإجراءات.
-
-
إجراءات الطعن:
-
يفترض أن الطعن في الأحكام قد تم وفق المواعيد المحددة، وأنه استوفى شروطه الشكلية، ما لم يثبت الطاعن وجود عيب يبرر بطلان الإجراء.
-
أهمية المبدأ:
-
يحقق الاستقرار في الإجراءات القضائية، فلا يمكن الطعن عليها بمجرد الادعاء دون دليل.
-
يمنع التعسف في استخدام الدفوع الشكلية لإطالة أمد التقاضي دون مبرر.
-
يضمن سرعة الفصل في المنازعات ويقلل من النزاعات حول صحة الإجراءات.
وبناءً على هذا المبدأ، لا يُحكم ببطلان الإجراءات إلا إذا ثبت وجود عيب جوهري أثر على حقوق الخصوم، وكان البطلان مقررًا بموجب نص صريح في القانون.
2 – عبء الإثبات في حالة ضياع الصورة التنفيذية الأولى
إذا فقدت الصورة التنفيذية الأولى للحكم القضائي، يثور التساؤل حول عبء إثبات فقدانها وإمكانية الحصول على صورة تنفيذية جديدة. والأصل أن الصورة التنفيذية الأولى لا تُسلم إلا مرة واحدة، ولا يجوز إصدار صورة أخرى إلا في حالات استثنائية، وفقًا لما تنص عليه قوانين المرافعات المدنية والتجارية.
في هذه الحالة، يقع عبء الإثبات على من يطلب استخراج صورة تنفيذية جديدة، حيث يجب عليه إثبات ضياع الصورة الأولى وعدم إمكانية استردادها، وغالبًا ما يتم ذلك من خلال:
-
تقديم طلب رسمي للمحكمة المختصة يوضح فيه فقدان الصورة التنفيذية الأولى.
-
إثبات واقعة الضياع بأي وسيلة مقبولة، مثل شهادة من الجهة التي كانت بحوزتها الصورة التنفيذية أو محضر فقد محرر من الشرطة.
-
إثبات أنه لم يتصرف بالصورة التنفيذية الأولى أو يسلمها لشخص آخر بطريقة تمنعه من استردادها.
وتقرر المحكمة إصدار صورة تنفيذية جديدة بعد التحقق من صحة الادعاء، مع إلزام طالبها بتقديم ضمانات أو تعهدات بعدم استخدام الصورة التنفيذية الأولى إذا تم العثور عليها لاحقًا، وذلك لمنع إساءة استخدامها.
3 – عبء إثبات التنفيذ الجبري
يقع عبء إثبات صحة إجراءات التنفيذ الجبري على الدائن الحاصل على السند التنفيذي، حيث يجب عليه إثبات استيفائه لجميع الشروط القانونية اللازمة لمباشرة التنفيذ. ويشمل ذلك إثبات:
-
وجود سند تنفيذي صالح للتنفيذ، مثل حكم قضائي نهائي، أو عقد موثق، أو محرر رسمي قابل للتنفيذ.
-
إعلان المدين بالسند التنفيذي وفقًا للإجراءات القانونية المحددة، لضمان علمه بالتنفيذ وإتاحة الفرصة له للوفاء الطوعي.
-
انقضاء المهلة القانونية للسداد دون وفاء المدين بالالتزام، مما يبرر الانتقال إلى التنفيذ الجبري.
-
اتخاذ الإجراءات التنفيذية وفقًا للقانون، مثل الحجز على أموال المدين، أو بيع ممتلكاته بالمزاد العلني، أو غيرها من طرق التنفيذ المتاحة.
أما إذا طعن المدين في صحة التنفيذ الجبري، كأن يدعي عدم قانونية الإجراءات أو سداد الدين، فيقع عليه عبء إثبات ادعائه، وذلك من خلال تقديم ما يثبت الوفاء أو المخالفة الإجرائية في التنفيذ.
4 – عبء إثبات شروط الإيداع مع التخصيص أو التخصيص أو قصر الحجز
في حالات الإيداع مع التخصيص أو التخصيص أو قصر الحجز، يقع عبء الإثبات على المدين أو الدائن، وفقًا للظروف القانونية لكل حالة:
-
الإيداع مع التخصيص:
-
إذا قام المدين بإيداع مبلغ مالي أو شيء معين للوفاء بالتزامه، فعليه إثبات أن الإيداع تم وفقًا للشروط القانونية، وأنه خصص هذا الإيداع لصالح الدائن.
-
يجب عليه تقديم إيصالات الإيداع الرسمية، أو أي مستند رسمي يثبت أن الإيداع تم وفقًا للإجراءات المتبعة قانونًا.
-
-
التخصيص:
-
إذا ادعى أحد الأطراف تخصيص أموال معينة لتنفيذ التزام محدد، فعليه إثبات وجود اتفاق أو نص قانوني يبرر هذا التخصيص.
-
يقع عبء الإثبات على المدعي من خلال تقديم العقود أو المستندات الرسمية التي تثبت التخصيص.
-
-
قصر الحجز:
-
إذا أراد المدين طلب قصر الحجز على أموال معينة دون غيرها، فعليه إثبات أن تلك الأموال كافية للوفاء بالدين، وأن توسيع نطاق الحجز غير ضروري.
-
يقع عليه تقديم ما يثبت قيمة الأموال المحجوزة ومدى كفايتها لتغطية الدين، مثل تقارير تقييم الأصول أو كشوف الحسابات المالية.
-
وفي جميع هذه الحالات، إذا اعترض الدائن على الإجراء، فيتحمل عبء إثبات عدم كفاية الأموال المودعة أو المخصصة للوفاء بالالتزام، أو عدم مشروعية طلب المدين.
عبء الإثبات في دعوى إسترداد المنقولات المحجوزة
في دعوى استرداد المنقولات المحجوزة، يقع عبء الإثبات على المدعي الذي يطالب باسترداد المنقولات، حيث يجب عليه إثبات ملكيته لهذه المنقولات وعدم خضوعها للحجز القانوني. ويتم ذلك من خلال تقديم:
-
مستندات أو عقود ملكية تثبت أن المنقولات تخصه وليس المدين المحجوز عليه، مثل فواتير الشراء أو عقود الهبة أو أي مستند رسمي آخر.
-
إثبات أن المنقولات كانت في حيازته أو أنها انتقلت إليه بطريقة مشروعة قبل توقيع الحجز.
-
إثبات أن الحجز وقع على منقولات مملوكة له دون وجه حق، وليس على أموال المدين الفعلي.
أما إذا اعترض الدائن أو الحاجز على طلب الاسترداد، فيقع عليه عبء إثبات أن هذه المنقولات مملوكة للمدين المحجوز عليه، أو أنها خضعت للحجز وفقًا للقانون. وفي هذه الحالة، يكون للقاضي سلطة تقديرية في الترجيح بين الأدلة المقدمة من الطرفين للفصل في الدعوى.
المادة 2 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية
يعتبر قانون الإثبات المصري أحد الركائز الأساسية في تنظيم وسائل الإثبات أمام المحاكم، حيث يحدد القواعد العامة التي تحكم كيفية تقديم الأدلة وإثبات الحقوق والالتزامات. وتأتي المادة (2) من قانون الإثبات المصري ضمن المبادئ التأسيسية لهذا القانون، حيث تحدد نطاق تطبيقه ومجالاته.
نص المادة 2 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية
تنص المادة (2) من قانون الإثبات المصري رقم 25 لسنة 1968 على ما يلي:
يجب أن تكون الوقائع المراد إثباتها متعلقة بالدعوى ومنتجه فيها وجائزا قبولها .
الشرح والتحليل
تقرر هذه المادة مبدأً جوهريًا في الإثبات، وهو مبدأ “البينة على من ادعى واليمين على من أنكر”، الذي يعد من المبادئ المستقرة في الفقه الإسلامي والقوانين المدنية الحديثة. وينطوي هذا المبدأ على عدة جوانب قانونية يمكن تحليلها كما يلي:
1- عبء الإثبات
يقع عبء الإثبات على عاتق المدعي، أي أن الشخص الذي يدعي وجود حق له في مواجهة آخر يكون هو المسؤول عن تقديم الدليل على صحة ادعائه. وهذا يتوافق مع القاعدة العامة التي تقضي بأن الأصل هو براءة الذمة، وعلى من يدعي خلاف ذلك أن يثبت دعواه.
2- إثبات الالتزام من قبل الدائن
إذا كان شخص يطالب آخر بتنفيذ التزام معين (كأداء دين أو تنفيذ عقد)، فعليه أن يثبت وجود هذا الالتزام، سواء كان ذلك بعقد مكتوب، أو بشهادة شهود، أو بأي وسيلة أخرى من وسائل الإثبات المقبولة قانونًا.
3- إثبات التخلص من الالتزام من قبل المدين
بمجرد أن يقدم الدائن دليلاً على وجود الالتزام، ينتقل عبء الإثبات إلى المدين، الذي يكون عليه إثبات قيامه بتنفيذ التزامه أو وجود سبب قانوني يبرر عدم التنفيذ، كأن يكون قد سدد الدين بالفعل، أو أن الالتزام قد انقضى بالتقادم، أو أن هناك قوة قاهرة منعته من التنفيذ.
التطبيقات القضائية للمادة 2
في التطبيقات العملية، تعتمد المحاكم المصرية على هذه المادة عند الفصل في النزاعات المدنية والتجارية، ومن أبرز التطبيقات ما يلي:
-
في دعاوى المطالبة بالدين، يكون على الدائن تقديم دليل على استحقاقه للمبلغ المطلوب، بينما يمكن للمدين إثبات الوفاء به عن طريق تقديم إيصال أو أي دليل آخر.
-
في المنازعات العقدية، إذا ادعى أحد الأطراف أن الطرف الآخر أخل بالتزام تعاقدي، فعليه إثبات وجود العقد أولًا ثم الإخلال به، بينما يمكن للطرف المدعى عليه أن يدفع بأنه قد نفذ التزاماته.
-
في قضايا التعويض، يكون على المدعي إثبات الخطأ والضرر والعلاقة السببية بينهما، بينما يمكن للمدعى عليه الدفع بعدم مسؤوليته عن الضرر.
التمييز بين عبء الإثبات ووسائل الإثبات
-
عبء الإثبات يتعلق بتحديد من يقع عليه واجب تقديم الدليل.
-
وسائل الإثبات هي الطرق التي يمكن استخدامها لإثبات الادعاء، مثل المستندات، الشهادات، الإقرار، القرائن، واليمين الحاسمة.
الخاتمة
تعد المادة (2) من قانون الإثبات المصري حجر الأساس في تنظيم عبء الإثبات، حيث تقرر أن الدائن هو المسؤول عن إثبات وجود الالتزام، بينما يقع على المدين عبء إثبات براءة ذمته. ويعكس هذا المبدأ التوازن بين الحقوق والالتزامات في النظام القانوني، لضمان تحقيق العدالة وحماية حقوق الأطراف المتنازعة.
الشروط الواجب توافرها في الوقائع المراد إثباتها
في قانون الإثبات المصري، يجب أن تتوافر بعض الشروط في الوقائع التي يرغب الأطراف في إثباتها أمام المحكمة، وذلك لضمان قبول الأدلة المقدمة وصحة الإجراءات القانونية المتبعة. وهذه الشروط تتمثل في:
الشرط الأول : أن تكون الواقعة متعلقة بالدعوى
أحد الشروط الأساسية التي يجب أن تتوافر في الوقائع المراد إثباتها هو أن تكون الواقعة متعلقة بالدعوى. بمعنى أن الواقعة يجب أن تكون ذات صلة مباشرة وارتباط وثيق بالقضية المعروضة أمام المحكمة. لا يجوز للأطراف إثبات وقائع لا تؤثر على الحكم في الدعوى أو لا تدخل في نطاق النزاع القانوني المطروح.
هذا الشرط يهدف إلى ضمان تركيز الإجراءات القانونية على الوقائع التي لها تأثير فعلي على القضية وتساهم في تحديد حقوق الأطراف وواجباتهم. بمعنى آخر، يجب أن تكون الواقعة محل الإثبات جزءًا من عناصر القضية التي سيتم النظر فيها من قبل القاضي.
على سبيل المثال، في دعوى مطالبة بدين، لا يمكن للمدعي أن يثبت واقعة لا علاقة لها بإثبات الدين ذاته مثل وقوع حادث سير، إلا إذا كانت هذه الواقعة تؤثر على قدرة المدعى عليه على السداد أو كانت مرتبطة بالدعوى بطريقة مباشرة.
بالتالي، يُعد هذا الشرط عنصرًا مهمًا في تحديد مدى أهمية الوقائع المقدمة في المحكمة، حيث لا تُقبل الأدلة التي لا تساهم في توضيح أو دعم الحق أو الالتزام المطروح للنظر في الدعوى.
الشرط الثاني : أن تكون الواقعة منتجة في الدعوى
في الوقائع المراد إثباتها هو أن تكون الواقعة منتجة في الدعوى. وهذا يعني أن الواقعة يجب أن يكون لها تأثير مباشر على تحديد حقوق الأطراف أو واجباتهم في القضية المعروضة أمام المحكمة. فالواقعة المنتجة هي تلك التي تساهم في إثبات أو نفي الحق المدعى به أو تؤثر في مصير الدعوى بشكل إيجابي أو سلبي.
إذا كانت الواقعة لا تساهم في تغيير نتيجة الدعوى أو في إظهار الحقيقة، فإنها تعتبر غير منتجة، وبالتالي لا يجوز إثباتها في المحكمة. على سبيل المثال، إذا كان المدعي يطالب بتعويض بسبب إهمال في تنفيذ عقد، فإن إثبات حادث سير وقع للطرف الآخر قبل التعاقد لا يعد واقعة منتجة في الدعوى، لأن الحادث لا يؤثر على موضوع الدعوى أو على تنفيذ العقد المتنازع عليه.
وتتمثل أهمية هذا الشرط في أنه يضمن أن الأدلة التي يتم تقديمها تركز على الجوانب الجوهرية للنزاع، مما يسهم في تسريع إجراءات المحاكمة وتجنب الانشغال بتفاصيل غير ذات صلة قد تشتت القضية. وبهذا، تظل الوقائع المنتجة هي التي تدعم أو تنفي الادعاء وتساعد في الوصول إلى حكم عادل ومناسب.
الشرط الثالث : أن تكون الواقعة جائزة القبول
في الوقائع المراد إثباتها هو أن تكون الواقعة جائزة القبول، وهو يعني أنه يجب أن تكون الواقعة قابلة للقبول قانونًا في إطار الإجراءات القضائية، أي أن تكون مشروعة وتتوافق مع النظام العام والآداب. فلا يمكن إثبات وقائع مخالفة للقانون أو تهدد استقرار المجتمع أو تتعارض مع المبادئ الأخلاقية المعترف بها.
على سبيل المثال، لا يجوز للمدعي إثبات واقعة تتعلق بممارسات غير قانونية، مثل القذف أو السب، أو تقديم أدلة تم الحصول عليها بطرق غير قانونية، كالتجسس أو التزوير. كذلك، لا يمكن قبول الوقائع التي تؤدي إلى زعزعة النظام العام أو تتضمن أفعالًا تخالف الحريات الشخصية للأفراد.
إضافة إلى ذلك، يجب أن تكون الواقعة متوافقة مع ما هو مسموح به من وسائل الإثبات القانونية، فلا يُقبل أن تُستخدم وسيلة إثبات غير قانونية أو ممنوعة من قبل المشرع.
بالتالي، يهدف هذا الشرط إلى حماية حقوق الأفراد وضمان التزام المحاكم بالقوانين والمعايير الأخلاقية في كل الإجراءات القانونية المتخذة، مما يساهم في تحقيق العدالة ويحول دون قبول الوقائع التي قد تضر بالنظام العام أو تتعارض مع المبادئ القانونية المعترف بها.
شرطان بديهيان
الشرطان البديهيان هما مبدآن أساسيان يتمتعان بأهمية كبيرة في قانون الإثبات المصري، حيث يشكلان قاعدة عامة في عملية الإثبات أمام المحاكم. وتتمثل هذان الشرطان في:
-
الشرط الأول: أن يكون المدعى عليه قد أنكر الواقعة
هذا الشرط يعني أنه لا يمكن إلزام أي شخص بإثبات أمر لا ينازع فيه، حيث لا يجوز فرض عبء الإثبات على المدعى عليه بشأن وقائع لم يتم إنكارها أو لم يتم الطعن في صحتها. فإذا اعترف المدعى عليه بالواقعة المدعى بها، فلا حاجة لإثباتها، ويعتبر هذا الاعتراف كافيًا. -
الشرط الثاني: أن يكون المدعى عليه قادرًا على نفي الواقعة
إذا كان المدعى عليه ينكر الواقعة، فيجب أن يكون لديه القدرة على تقديم الأدلة التي تبرئه أو تدحض ادعاء المدعي. فإن لم يكن لديه ما يثبت نفي الواقعة، يصبح عبء الإثبات على عاتقه، ويُفترض أنه لم يُنفِ الواقعة بشكل جاد.
هذه الشروط تشكل الأساس لضمان أن عملية الإثبات تظل منطقية وعادلة، بحيث لا يُطالب الشخص بإثبات أمر غير متنازع فيه، ويُتاح للطرف الآخر الفرصة لنفي الادعاءات باستخدام الأدلة المتاحة له.
المادة 3 من قانون الإثبات المصري
تعد المادة 3 من قانون الإثبات المصري من المواد المهمة التي تحدد الأساس القانوني للإثبات في القضايا المدنية والتجارية. القانون المصري للإثبات ينظم كيفية تقديم الأدلة في المحاكم لضمان تحقيق العدالة وتوضيح حقوق الأطراف. وتُعتبر المادة 3 من هذا القانون أساسية لأنها تضع القواعد العامة التي تُحدد الطرق والوسائل التي يمكن من خلالها إثبات الوقائع في القضايا المختلفة.
نص المادة 3 من قانون الإثبات المصري
تنص المادة 3 من قانون الإثبات المصري رقم 25 لسنة 1968 على ما يلي:
إذا ندبت المحكمة أحد قضائها لمباشرة إجراء من إجراءات الإثبات وجب عليها أن تحدد أجلا لا يجاوز ثلاثة أسابيع لمباشرة هذا الإجراء .
ويعين رئيس الدائرة عند الاقتضاء من يخلف القاضي المنتدب .
الشرح والتحليل
تتضمن المادة 3 مبدأً مهمًا يتعلق بالإثبات في القضايا المدنية والتجارية، وهو مبدأ اعتبار الكتابة وسيلة إثبات أساسية، والذي يهدف إلى حماية الحقوق والالتزامات من خلال تقديم أدلة كتابية تُثبت الوقائع التي تترتب عليها آثار قانونية.
1. الكتابة كوسيلة إثبات أساسية
تؤكد المادة على أن الكتابة هي الوسيلة الرئيسية لإثبات الوقائع التي لها آثار قانونية، وخاصة في المعاملات المدنية والتجارية. الكتابة هنا تشمل جميع الأنواع، مثل العقود المكتوبة، المراسلات، الإيصالات، والشيكات. وهذا يهدف إلى حماية الأطراف من أي ادعاءات كاذبة أو خلافات بشأن اتفاقات أو معاملات لم يتم توثيقها.
2. استثناءات من القاعدة العامة
تسمح المادة 3 بإثبات ما يخالف أو يجاوز ما هو ثابت في الكتابة في حالات معينة. هذه الاستثناءات تشمل:
-
الوثيقة المكتوبة: إذا كانت هناك وثيقة مكتوبة أخرى تخالف أو توضح بشكل أدق المعاملة أو الاتفاق الذي تم.
-
الحكم القضائي: يمكن للمحكمة، في حالة وجود نزاع حول صحة وثيقة مكتوبة، أن تُصدِر حكمًا قضائيًا قد يُغير أو يُبطل بعض بنود الاتفاق المكتوب.
-
الإقرار الرسمي: في بعض الحالات، يمكن للشخص المعني أن يُقر أمام جهة مختصة (مثل المحكمة أو موثق رسمي) بتقديم إقرار رسمي يتضمن تراجعًا عن محتوى الوثيقة أو تصحيحًا لها.
3. الحالات التي يمكن فيها تجاوز الكتابة
يمكن للوقائع التي تم إثباتها بواسطة الكتابة أن تُخالف بواسطة وسائل أخرى فقط في الحالات التي يسمح فيها القانون بذلك، كما في:
-
الشهادات: يمكن أن تُقبل شهادة الشهود في بعض الحالات التي تتعلق بالحقوق الشخصية أو العقوبات التي لا يمكن للكتابة أن تحل محلها.
-
الإقرار: يمكن للأطراف الإقرار ببعض الوقائع شفويًا في حالة وجود استثناء قانوني لذلك، مثل الإقرار بالدين في بعض القضايا المالية.
4. أهمية المادة 3 في ضمان العدالة
هذه المادة مهمة لأنها تضع حدودًا للإثبات في المعاملات المدنية والتجارية، حيث تشدد على ضرورة توثيق المعاملات بواسطة الكتابة لتجنب النزاعات التي قد تنشأ عن الادعاءات الشفهية أو غير الموثقة. كما تُسهم هذه المادة في ضمان الشفافية والمصداقية في الأعمال التجارية وتقلل من حالات التزوير أو التحريف في الدعاوى المدنية.
التطبيقات القضائية للمادة 3
في الممارسة القضائية، يتم تطبيق المادة 3 بشكل واسع في القضايا التجارية والمدنية. ففي القضايا المتعلقة بالعقود، مثل بيع العقارات أو القروض أو الاتفاقات التجارية، يتم الاعتماد على الوثائق المكتوبة كأدلة أساسية لإثبات الحقوق والالتزامات بين الأطراف.
-
في دعاوى العقارات: إذا كان هناك عقد بيع أو اتفاقية تأجير، يتم إثبات تلك المعاملات باستخدام الوثائق المكتوبة.
-
في الدعاوى التجارية: يُحتكم إلى الاتفاقات المكتوبة بين الأطراف، كالعقود التجارية أو الفواتير، ويجب أن تكون هذه المستندات صحيحة وموقعة من الأطراف لتكون صالحة كدليل أمام المحكمة.
الخاتمة
تُعد المادة 3 من قانون الإثبات المصري من المواد المهمة التي توفر إطارًا قانونيًا لحماية الحقوق في المعاملات المدنية والتجارية. من خلال التأكيد على الكتابة كوسيلة أساسية للإثبات، فإن المادة 3 تضمن تنظيم المعاملات بشكل يحمي الأطراف من أي ادعاءات غير مستندة إلى أدلة موثوقة. ورغم ذلك، فإن القانون يتيح بعض الاستثناءات في حالات محددة، مما يساهم في الحفاظ على مرونة النظام القانوني وسهولة تطبيقه في مختلف أنواع القضايا.
تحديد أجل لا يجاوز ثلاثة أسابيع لمباشرة القاضي المنتدب إجراء الإثبات
تنص بعض القوانين على ضرورة تحديد أجل لا يجاوز ثلاثة أسابيع لمباشرة القاضي المنتدب لإجراءات الإثبات، وذلك لضمان سرعة الفصل في القضايا وتجنب التأخير في الإجراءات القانونية. يهدف هذا التحديد الزمني إلى تحقيق العدالة بشكل سريع وفعال، حيث يعزز من الكفاءة القضائية ويقلل من المماطلة التي قد تحدث في بعض القضايا.
من خلال تحديد هذا الأجل، يُلزَم القاضي المنتدب باتخاذ الإجراءات اللازمة للإثبات في فترة زمنية محددة، سواء كان ذلك عبر الاستماع للشهادات، فحص المستندات، أو أي إجراء آخر يتطلبه سير الدعوى. ويُعد هذا التحديد ضروريًا في القضايا التي تتطلب إثبات وقائع معينة بسرعة، مثل القضايا التجارية أو العقوبات التي تستدعي اتخاذ تدابير سريعة لحماية حقوق الأطراف.
يُعتبر هذا الشرط جزءًا من السياسة التشريعية التي تهدف إلى تسريع الفصل في القضايا وتحقيق العدالة بصورة أكثر فعالية، مما يساعد على تقليل تراكم القضايا ويزيد من ثقة الأفراد في النظام القضائي.
تعيين من يخلف القاضي المنتدب
في بعض الحالات، قد يتعين على المحكمة تعيين من يخلف القاضي المنتدب في حال غيابه أو عدم قدرته على الاستمرار في أداء مهامه، سواء بسبب مرض أو تقاعد أو أي سبب آخر. يشمل هذا التعيين عادة تحديد قاضي آخر لتولي الإجراءات التي كان القاضي المنتدب مشرفًا عليها، مثل متابعة سير إجراءات الإثبات، الاستماع إلى الشهادات، أو البت في الطلبات المتعلقة بالدعوى.
يعد تعيين من يخلف القاضي المنتدب أمرًا مهمًا لضمان استمرارية سير الدعوى وعدم التأثير على حقوق الأطراف بسبب غياب القاضي. وعادة ما يُعيّن القاضي البديل من بين القضاة المختصين الذين يتمتعون بالخبرة اللازمة في نوع القضايا المطروحة. ويتم هذا التعيين من قبل المحكمة المختصة، ويُبلّغ الأطراف بذلك لضمان الشفافية وإتمام الإجراءات القضائية في الوقت المحدد.
يهدف هذا التعيين إلى تجنب تأخير الفصل في القضايا وضمان استمرارية الإجراءات القانونية دون انقطاع، بما يحافظ على الحقوق القانونية للأطراف ويسهم في تسريع الإجراءات القضائية.
هل يجوز للمحكمة مباشرة إجراء الإثبات بنفسها ؟
يجوز للمحكمة أن تُباشر إجراء الإثبات بنفسها في بعض الحالات، وذلك وفقًا للقانون المصري. على الرغم من أن عادةً ما يتم تكليف القاضي المنتدب أو الأطراف في الدعوى بإجراء الإثبات، إلا أن المحكمة لها الحق في أن تقوم بذلك مباشرة إذا رأت ضرورة لذلك.
تتمثل هذه الحالة في حال كان هناك حاجة ملحة لإثبات واقعة معينة بشكل فوري أو إذا كانت الظروف تتطلب تدخل المحكمة بشكل مباشر لتسريع الإجراءات أو لضمان العدالة. مثلًا، إذا كان هناك خطر من ضياع الأدلة أو كان طرف من الأطراف يماطل في تقديم الإثبات، يمكن للمحكمة اتخاذ الإجراءات اللازمة بنفسها، مثل إجراء المعاينات أو الاستماع إلى الشهادات مباشرة.
وعلى الرغم من أن المحكمة قد تُباشر بعض إجراءات الإثبات، إلا أن ذلك لا يعفي الأطراف من تقديم الأدلة والشهادات المطلوبة، بل يظل دور المحكمة في الإشراف على سير الإجراءات وضمان تحقيق العدالة. في هذه الحالة، تقوم المحكمة بالتحقيق في الوقائع وتقديم تقرير يتضمن الأدلة التي تم جمعها، مما يسهم في تسريع الفصل في الدعوى.
المادة 4 من قانون الإثبات المصري
تعد المادة 4 من قانون الإثبات المصري رقم 25 لسنة 1968 من المواد الجوهرية التي تلعب دورًا محوريًا في تحديد كيفية تعامل المحكمة مع الأدلة المقدمة في القضايا المدنية والتجارية. تنص هذه المادة على أن المحكمة هي المسؤولة عن تقدير قيمة الأدلة ومدى تأثيرها في إثبات الوقائع المزعومة في الدعوى. حيث تبرز أهمية هذه المادة في إتاحة المجال للمحكمة لتحقيق العدالة من خلال إتاحة الفرصة لتقدير الأدلة وفقًا للمعايير القانونية والواقعية.
نص المادة 4 من قانون الإثبات
تنص المادة 4 من قانون الإثبات على الآتي:
إذا كان المكان الواجب إجراء الإثبات فيه بعيدا عن مقر المحكمة جاز لها أن تندب لإجرائه قاضي محكمة المواد الجزئية الذي يقع هذا المكان في دائرتها و وذلك مع مراعاة الميعاد المنصوص عليه في المادة السابقة .
الشرح والتحليل
تتعلق المادة 4 بموضوع تقدير الأدلة في القضايا التي يتم النظر فيها أمام المحكمة. هذه المادة تُمكّن المحكمة من تقييم قوة الأدلة المعروضة أمامها بناءً على المبادئ القانونية و الحقائق الواقعية في القضية، بما يضمن تحقيق العدالة في كل حالة على حدة. وسوف نتناول في هذا السياق عدة جوانب مهمة تتعلق بهذه المادة.
1. تقدير قيمة الأدلة
تُركز المادة 4 على أن المحكمة هي المسؤولة عن تقدير قيمة الأدلة المقدمة إليها، وهذا يعكس مبدأً قانونيًا مهمًا وهو أن القضاء هو الذي يملك السلطة التقديرية بشأن الأدلة المعروضة أمامه. وعلى الرغم من أن للأطراف حق تقديم الأدلة والشهادات، فإن المحكمة وحدها هي التي تحدد ما إذا كانت هذه الأدلة قوية بما يكفي لدعم القضايا المطروحة. وتعمل المحكمة على تقييم مدى مصداقية الأدلة وقدرتها على إثبات أو دحض الوقائع المثارة في الدعوى.
2. تقييم الأدلة وفقًا لحكم القانون
عند تقييم الأدلة، تتطلب المادة 4 من المحكمة أن تلتزم بالقانون أثناء عملية تقدير قوة الأدلة. فالمحكمة ملزمة بتطبيق القواعد القانونية عند وزن الأدلة. هذا يعني أنه يجب على المحكمة أن تلتزم بالمعايير القانونية الخاصة بكل نوع من الأدلة، سواء كانت مستندات، شهادات، قرائن، أو أدلة إلكترونية. وتهدف هذه القاعدة إلى ضمان أن يتم تقييم الأدلة على أسس قانونية سليمة، بعيدًا عن الاجتهادات أو الآراء الشخصية للقاضي.
3. وزن الأدلة وتقدير قوتها
كما تنص المادة على أن المحكمة يجب أن تزن الأدلة في ضوء قوتها وضعفها، وهو ما يُعرف بـ السلطة التقديرية في اختيار الأدلة الأكثر تأثيرًا في القضية. فعند وجود عدة أدلة تتعلق بالواقعة نفسها، تقوم المحكمة بموازنة الأدلة ومعرفة أيها أكثر مصداقية وقدرة على التأثير في الحكم النهائي. يتطلب ذلك أن تكون المحكمة قادرة على تمييز الأدلة التي تدعم ادعاء الطرف المدعي أو المدعى عليه، وتقدير مدى تأثيرها في مجريات الدعوى.
4. تأثير الأدلة في القضية
المحكمة يجب عليها أيضًا أن تُحدد ما إذا كانت الأدلة المقدمة من الأطراف تقوي القضية أو تضعفها. يمكن أن يتم ذلك عبر فحص مدى تطابق الأدلة مع الحقائق المثارة في الدعوى أو كيفية ارتباطها بالوقائع القانونية التي تسعى الأطراف لإثباتها أو نفيها. على سبيل المثال، إذا كانت الشهادات المقدمة تؤيد ادعاء المدعي أو المدعى عليه، فإن المحكمة تأخذ ذلك في الحسبان أثناء الفصل في القضية. وفي المقابل، إذا كانت الأدلة ضعيفة أو غير كافية لدعم الادعاء، يمكن أن تؤدي إلى تضعيف حجج الأطراف.
أهمية المادة 4 في ضمان العدالة
تكتسب المادة 4 أهمية خاصة لأنها توفر إطارًا قانونيًا واضحًا يسمح للمحكمة بتقدير الأدلة بشكل يتوافق مع مبادئ العدالة. بتطبيق هذه المادة، تضمن المحكمة أن الأدلة التي تقدم في القضايا المدنية والتجارية تكون موضع تقييم دقيق وعادل، مما يساهم في تسريع عملية الفصل في القضايا وتقليل التأخير. كما أن هذه المادة تحمي الأطراف من القرارات القضائية الجائرة الناتجة عن تقليل أهمية الأدلة أو إغفالها دون أن يتم فحصها بالشكل المناسب.
أيضًا، يعزز هذا النظام من الشفافية القضائية ويقلل من احتمال حدوث التزوير أو الاحتيال، حيث يُشترط أن تُقيّم المحكمة الأدلة بدقة بناءً على ما يتوافق مع القوانين المقررة، مما يُزيد من مصداقية الإجراءات القانونية.
التطبيقات القضائية للمادة 4
تجد المادة 4 تطبيقًا واسعًا في القضايا التجارية و القضايا المدنية حيث يكون تحديد قوة الأدلة مؤثرًا بشكل كبير في النتيجة النهائية للدعوى. على سبيل المثال:
-
في القضايا التجارية: تقوم المحكمة بتقييم قوة الأدلة المتعلقة بالاتفاقات التجارية مثل العقود والفواتير، وتقدير مدى تطابقها مع الوقائع القانونية.
-
في القضايا العقارية: يمكن أن تتعلق الأدلة بالعقود العقارية أو التصريحات الشفوية للأطراف، ويُطلب من المحكمة أن تزن هذه الأدلة بعناية لضمان تحقيق العدالة.
الخاتمة
تعتبر المادة 4 من قانون الإثبات المصري من المواد التي تضمن للعدالة القضائية أن تتم بطريقة دقيقة وشفافة. من خلال إعطاء المحكمة صلاحية تقدير الأدلة، فإن هذه المادة تؤكد على أهمية السلطة التقديرية للقاضي في تحديد مدى تأثير الأدلة في القضية. كما تضمن أن يتم تقييم الأدلة وفقًا للمعايير القانونية المتفق عليها، مما يساهم في ضمان حكم عادل يتفق مع الحقيقة والواقع.
بعد المكان الواجب إجراء الإثبات فيه عن مقر المحكمة
يحدد قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية أنه يمكن إجراء بعض إجراءات الإثبات بعيدًا عن مقر المحكمة، وذلك في بعض الحالات التي تقتضي ظروف الدعوى أو الوقائع التي يتم إثباتها ذلك. على سبيل المثال، في حال كانت الأدلة المتعلقة بالقضية توجد في مكان بعيد عن مقر المحكمة، مثل المستندات أو الشهادات التي تحتاج إلى الاستماع إليها من شهود يقيمون في مناطق أخرى، أو في القضايا التي تتطلب إجراء معاينات أو فحوصات في مكان وقوع الحادث أو الواقعة.
وفي مثل هذه الحالات، يجوز للمحكمة أن تقوم بتوجيه القاضي المنتدب أو أحد ممثلي المحكمة لإجراء عملية الإثبات في المكان المناسب الذي يقع فيه الدليل أو الشاهد، بما يضمن عدم التأخير في الفصل في الدعوى. هذا يُساعد في تسهيل إجراءات الإثبات ويسهم في توثيق الوقائع المتصلة بالقضية بشكل أكثر دقة، حيث يتم جمع الأدلة في موقع حدوث الواقعة بدلاً من انتظار نقل الأدلة إلى مقر المحكمة.
الهدف من هذا التوجه هو تسريع الإجراءات القضائية وتقليل العقبات التي قد تواجه الأطراف في إثبات حقوقهم، وخاصة في الحالات التي تتطلب تحقيقات ميدانية أو شهادات من أطراف غير قادرين على الحضور إلى المحكمة.
المادة 5 من قانون الإثبات المصري
تعد المادة 5 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية رقم 25 لسنة 1968 من المواد المهمة التي تساهم في تنظيم عملية الإثبات أمام المحاكم المصرية. توفر هذه المادة أساسًا قانونيًا في كيفية إثبات بعض الوقائع في القضايا التي تتعلق بالعقود والمعاملات المدنية والتجارية. إذ تهدف المادة 5 إلى تحديد كيفية تقديم الأدلة في القضايا التي تتعلق بالمسائل التي لا يمكن إثباتها بالأدلة المكتوبة أو المشهود عليها.
تتمثل أهمية المادة 5 في تحديد حالات الإثبات التي لا تقبل فيها الأدلة الكتابية، ويُسمح فيها بإثبات الوقائع بطرق أخرى، مما يساعد في تيسير سير العدالة وضمان عدم تعارض أو عرقلة في سير الدعاوى القضائية.
نص المادة 5 من قانون الإثبات المصري
تنص المادة 5 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية على ما يلي:
الأحكام الصادرة بإجراءات الإثبات لا يلتزم تسبيبها ما لم تتطلب قضاء قطعيا .
ويجب إعلان الأوامر الصادر بتعيين تاريخ إجراء الإثبات وإلا كان العمل باطلا .
ويكون الإعلان بناء على طلب قلم الكتاب بميعاد يومين .
الشرح والتحليل
1. قاعدة الإثبات بالكتابة
المادة 5 تشكل امتدادًا للقاعدة القانونية التي تفرض أن الإثبات يكون عادة بالكتابة، خاصة في المعاملات المدنية والتجارية التي تتطلب توثيقًا رسميًا لحماية الحقوق والالتزامات. تشير المادة إلى أن الأصل في الإثبات هو الكتابة، ولكنها تنص على أن الوقائع أو المعاملات التي تم إثباتها في الكتابة لا يمكن تغييرها أو تجاوزها إلا في حالات استثنائية ومحددة.
2. استثناءات الإثبات من الكتابة
تسمح المادة 5 ببعض الاستثناءات التي تتيح إثبات ما يخالف أو يجاوز ما هو ثابت في الكتابة، وهي تشمل:
-
الوثيقة المكتوبة: في بعض الحالات الاستثنائية، يجوز أن يتم إثبات ما يخالف أو يجاوز ما هو ثابت في الكتابة بواسطة وثيقة مكتوبة أخرى، مثل إضافة شرط جديد على عقد تم توقيعه مسبقًا.
-
الحكم القضائي: إذا صدر حكم قضائي في قضية مماثلة أو تتعلق بنفس الموضوع، يمكن أن يُستخدم هذا الحكم في إثبات أو نفي الوقائع التي تم الاتفاق عليها في الكتابة. وهذا يساهم في تعزيز العدالة من خلال إمكانية استغلال السوابق القضائية.
-
الإقرار الرسمي: يمكن للطرف المعني أن يُقر بأمر معين بشكل رسمي أمام المحكمة أو أحد الهيئات المعترف بها قانونًا، مثل الإقرار بدين أو تصحيح ما هو ثابت في وثيقة مكتوبة.
3. ضمانات تطبيق الاستثناءات
تفرض المادة 5 ضمانات محددة تضمن أن هذه الاستثناءات لا تُستخدم بشكل تعسفي أو للتلاعب في الوقائع. فمن أجل إثبات ما يخالف أو يجاوز ما هو ثابت في الكتابة، يجب أن تكون الأدلة البديلة قانونية وموثوقة، مثل وثائق موثقة أو أحكام قضائية صادرة من محكمة مختصة أو إقرارات رسمية مدعومة بالإجراءات القانونية المناسبة.
4. دور المحكمة في تطبيق المادة 5
تتطلب المادة 5 من المحكمة تقييم الأدلة بعناية، خاصة في الحالات التي تتعلق بإثبات ما يخالف أو يجاوز ما هو ثابت في الكتابة. في هذه الحالة، تكون المحكمة مسؤولة عن فحص ما إذا كانت الوثائق الإضافية أو الإقرارات الرسمية تمثل دليلًا قويًا يسمح بتعديل ما هو ثابت في العقد أو الاتفاق الكتابي. تعتمد المحكمة في هذا التقييم على قواعد قانونية متوازنة لضمان تحقيق العدالة.
أهمية المادة 5 في ضمان العدالة
تُعد المادة 5 مهمة في تحقيق العدالة في قضايا المعاملات المدنية والتجارية، حيث تقدم مرونة في التعامل مع الوقائع التي يصعب إثباتها من خلال الأدلة المكتوبة وحدها. قد يتعرض الأطراف في المعاملات التجارية أو المدنية أحيانًا لمواقف حيث تكون الأدلة المكتوبة غير كافية لإثبات الواقعة بشكل كامل، ومن ثم تُتيح المادة 5 إمكانية استكمال الإثبات بطرق أخرى لضمان عدم الإضرار بحقوق الأطراف.
كما أن المادة توفر حماية لحقوق الأفراد في المعاملات القانونية والتجارية، حيث تمنع حدوث تعسف في استخدام الأدلة وتُضفي الشرعية على الوثائق والإقرارات الرسمية، مما يُساهم في تعزيز الثقة في النظام القضائي وضمان النزاهة في سير الإجراءات القانونية.
التطبيقات القضائية للمادة 5
في الممارسة العملية، تطبق المادة 5 في العديد من القضايا التي تتطلب إثبات وقائع لا يمكن إثباتها فقط من خلال الوثائق المكتوبة. على سبيل المثال:
-
في القضايا العقارية: إذا كانت هناك عقد بيع عقار ولكنه لا يتضمن بعض التفاصيل التي قد تظهر لاحقًا، يمكن للطرفين تقديم وثائق أخرى أو إقرار رسمي لتعديل أو توضيح بعض البنود.
-
في القضايا التجارية: قد يُطلب من الأطراف تقديم إثباتات إضافية لوقائع لا يمكن إثباتها من خلال الفواتير أو العقود المكتوبة فقط، مثل تصحيح بيانات أو شروط متفق عليها شفويا.
الخاتمة
تعتبر المادة 5 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية من المواد الأساسية التي تضمن توازنًا في التعامل مع الأدلة أمام المحاكم. من خلال السماح بإثبات ما يخالف أو يجاوز ما هو ثابت في الكتابة في حالات معينة، تسهم المادة في تسهيل إجراءات الإثبات وتوفير حلول مرنة لضمان حقوق الأطراف. في الوقت نفسه، تضع هذه المادة ضوابط صارمة تمنع استخدامها بشكل تعسفي، مما يضمن سلامة الإجراءات القضائية ويعزز من تحقيق العدالة.
عدم تسبيب الأحكام الصادرة بإجراءات الإثبات مالم تتضمن قضاء قطعيا
تنص بعض التشريعات على أن الأحكام الصادرة عن المحكمة بشأن إجراءات الإثبات لا تُشترط لها التسبيب، ما لم تتضمن قضاءً قطعياً. وهذا يعني أن المحكمة لا تكون ملزمة بتوضيح الأسباب الكاملة التي أدت إلى اتخاذ قراراتها في ما يتعلق بإجراءات الإثبات، مثل قبول أو رفض طلبات معينة تخص تقديم الأدلة أو توجيه الأسئلة إلى الشهود.
ويُستثنى من ذلك الحالات التي يكون فيها حكم المحكمة متعلقًا بقرار نهائي وحاسم (قضاء قطعي) يؤثر بشكل مباشر في سير الدعوى ويُحدد نتيجة معينة لا يمكن تعديلها أو الطعن فيها. في هذه الحالات، يتعين على المحكمة تسبيب حكمها وشرح الأسباب القانونية والواقعية التي أدت إلى اتخاذ هذا القرار القطعي.
الغرض من هذه القاعدة هو تسريع الإجراءات القانونية وتجنب التعقيد الزائد في مسائل الإثبات التي عادةً ما تكون جزءًا من إجراءات أولية أو تمهيدية لا تؤثر في جوهر الدعوى. ولكن، في المقابل، عندما يُصدر الحكم قضاءً قطعياً، يُعتبر واجباً على المحكمة أن تقدم مبررات قانونية واضحة لضمان الشفافية والعدالة، وضمان قابلية الحكم للطعن والمراجعة إذا لزم الأمر.
تيبيب الأحكام المستعجلة بإثبات الحالة أو بسماع الشاهد
تعتبر الأحكام المستعجلة في القضايا التي تتعلق بإثبات الحالة أو سماع الشاهد من الأحكام التي تٌصدر بشكل سريع نظراً للطابع العاجل للطلب المقدم. ورغم أن هذه الأحكام تكون عادة غير نهائية وتستهدف تأمين حالة مؤقتة لحين الفصل في الموضوع الرئيسي، فإن القانون يقتضي ضرورة تسبيب هذه الأحكام في بعض الحالات.
عند إصدار حكم مستعجل يتعلق بـ إثبات الحالة أو سماع الشاهد، يجب على المحكمة أن تُبيّن الأسباب القانونية التي استندت إليها في اتخاذ هذا القرار المستعجل، مع توضيح كيف أن هذه الإجراءات ضرورية لحماية الحقوق أو الحفاظ على الوضع الراهن في القضية. ذلك لأن إثبات الحالة أو سماع الشهادات يتطلب غالبًا تدخلاً سريعًا للحفاظ على الأدلة أو منع الضرر المحتمل.
وفي هذا السياق، يُعد التسبيب في الأحكام المستعجلة ضروريًا لضمان الشفافية و العدالة، وذلك حتى يكون من الممكن مراجعة القرار إذا طرأ ما يستدعي الطعن فيه أو التعديل عليه في المستقبل. على الرغم من أن هذه الأحكام لا تتسم بالنهاية القطعية، فإن تسبيبها يُعد خطوة حاسمة لضمان سلامة الإجراءات وحمايتها من التعسف أو الخطأ.
لا يلزم إعلان الخصوم بالأحكام الصادرة بإجراءات الإثبات
في ما يتعلق بالأحكام الصادرة بشأن إجراءات الإثبات، لا يُشترط عادةً إعلان الخصوم بهذه الأحكام، وذلك لأن هذه الأحكام لا تُعتبر أحكامًا نهائية أو قاطعة تؤثر بشكل مباشر في حقوق الأطراف في الدعوى. تكون هذه الأحكام غالبًا متعلقة بإجراءات تمهيدية أو أولية، مثل تحديد موعد لإثبات حالة معينة أو قبول أو رفض طلبات تتعلق بالأدلة والشهادات.
المبدأ هنا أن إجراءات الإثبات تهدف إلى توضيح الحقائق التي سيتم النظر فيها لاحقًا أثناء محاكمة الدعوى، لذا لا يحتاج الخصوم إلى إشعار رسمي بهذه الأحكام. ورغم ذلك، إذا تم اتخاذ قرار يتعلق بتدابير حاسمة أو أحكام قطعية خلال مراحل الإثبات، فإن الإعلان يصبح ضروريًا لضمان حقوق الأطراف في الطعن على هذا القرار أو تقديم اعتراضات.
ومع ذلك، يبقى من المهم أن هذه الأحكام تعتبر جزئية ولا تُؤثر في الموضوع الرئيسي للقضية، وبالتالي فإن عدم الإعلان عنها لا يؤثر على سير الدعوى النهائية، مما يساهم في تسريع الإجراءات القضائية وتفادي التأخير.
وجوب إعلان منطوق الأوامر الصادرة بتعيين تاريخ إجراء الإثبات
في إطار تنظيم إجراءات الإثبات في القضايا المدنية والتجارية، يُشترط إعلان منطوق الأوامر الصادرة عن المحكمة التي تحدد تاريخ إجراء الإثبات للأطراف المعنية. يتعين على المحكمة أن تقوم بإبلاغ الأطراف أو محاميهم بتاريخ إجراء الإثبات المحدد، سواء كان ذلك في شكل سماع الشهادات أو المعاينات أو أي إجراء آخر من إجراءات الإثبات التي تم تحديدها.
يهدف هذا الإعلان إلى ضمان اطلاع الأطراف على الموعد المحدد، مما يمكنهم من الاستعداد بشكل مناسب لهذه الإجراءات، سواء من خلال تقديم الأدلة المطلوبة أو حضور الجلسات أو تسليم الشهادات. ويُعد هذا الإعلان خطوة هامة في ضمان العدالة و الشفافية، حيث يتيح للأطراف فرصة كافية للتفاعل مع القرار الذي اتخذته المحكمة.
كما أن إعلان هذا المنطوق يُعد من الإجراءات الأساسية لضمان أن الأطراف لا يتعرضون لضرر أو مفاجآت بشأن مواعيد الإجراءات، مما يساعد في تسريع سير الدعوى وتجنب التأخير في تنفيذ قرار المحكمة.
المادة 6 من قانون الإثبات المصري
تعتبر المادة 6 من قانون الإثبات المصري رقم 25 لسنة 1968 من المواد المهمة في تنظيم عملية الإثبات في القضايا المدنية والتجارية. حيث تحدد المادة 6 الأحكام المتعلقة بسلطة المحكمة في تقدير الأدلة التي يتم تقديمها من قبل الأطراف في الدعوى، وتحديد الأثر الذي تترتب عليه هذه الأدلة. تأتي هذه المادة لتعزز مبدأ السلطة التقديرية للمحكمة في تحديد مدى قوة الأدلة واعتبارها في سياق الدعوى.
نص المادة 6 من قانون الإثبات المصري
كلما استلزم إتمام الإجراء أكثر من جلسة , أو أكتر من يوم ذكر المحضر اليوم والساعة اللذان يحصل التأجيل إليهما , ولا محل لإخبار من يكون غائبا بهذا التأجيل .
الشرح والتحليل
1. سلطة المحكمة في تقدير الأدلة
تعكس المادة 6 أحد المبادئ الأساسية في نظام الإثبات القضائي المصري، وهو أن المحكمة هي التي تتولى تقدير الأدلة المقدمة في الدعوى، وفقًا لما تراه مناسبًا، استنادًا إلى معايير قانونية وفنية. يُسمح للمحكمة بأن تقيّم الأدلة التي تقدمها الأطراف بشكل موضوعي، حيث تعتبر السلطة التقديرية للمحكمة جزءًا أساسيًا من العملية القضائية. في هذا السياق، يُمنح القاضي حرية تقدير الأدلة بدون التقيد بأسس ثابتة، طالما أن هذا التقدير يتوافق مع مبادئ العدالة والقانون.
2. وزن الأدلة وفقًا لاقتناع المحكمة
على الرغم من أن المادة 6 تمنح المحكمة سلطة تقدير الأدلة، فإن هذه السلطة لا تكون مطلقة، بل ترتبط بـ الاقتناع الشخصي للقاضي، الذي يتعين عليه أن يزن الأدلة بعناية وموضوعية. يتم ذلك استنادًا إلى المعايير القانونية المعترف بها، مثل مصداقية الشهادات، و قوة الوثائق، و طبيعة الأدلة المقدمة، وكذلك تأثيرها في إثبات أو دحض الوقائع المثارة في الدعوى. بمعنى آخر، القاضي يقرر مدى قوة الأدلة وفقًا لما يتفق مع حقيقة الدعوى ومع ما يقنعه بناءً على الوقائع التي يتم تقديمها له.
3. العلاقة بين تقدير الأدلة ووفقًا للمبادئ القانونية
تشير المادة 6 أيضًا إلى أن تقدير المحكمة للأدلة يجب أن يكون في إطار المبادئ القانونية التي تحكم النظام القضائي. وبذلك، يتعين على القاضي أن يكون تقديره للأدلة وفقًا للمعايير القانونية المتفق عليها، بحيث يتجنب أي تحيز أو استخدام غير قانوني لهذه السلطة. إذا لم يتفق التقدير مع المعايير القانونية، يمكن أن يُعد القرار القضائي باطلاً أو عرضة للطعن. وبالتالي، تساهم هذه المادة في ضمان عدم تجاوز القاضي لحدود سلطته التقديرية وتطبيق العدالة بطريقة قانونية ومنصفة.
4. تأثير تقدير الأدلة على سير الدعوى
يؤثر تقدير الأدلة الذي تقوم به المحكمة على سير الدعوى بشكل مباشر، حيث يمكن أن يُفضي إلى إثبات أو نفي الوقائع التي تم الاستناد إليها من قبل الأطراف. على سبيل المثال، إذا كانت المحكمة تقدر شهادة شهود معينة أو مستندات بطريقة تُقوي حجة أحد الأطراف، فإن ذلك سيؤدي إلى زيادة احتمالية فوز هذا الطرف. والعكس صحيح، إذ قد يؤدي تقدير المحكمة للأدلة إلى ضعف الحجة المقدمة من أحد الأطراف وبالتالي التأثير على نتيجة الدعوى.
5. التوازن بين تقدير الأدلة والشفافية
من خلال المادة 6، يُشدد على أهمية الشفافية في تقدير الأدلة. على الرغم من أن للمحكمة السلطة التقديرية، فإنها ملزمة بتوضيح سبب وزنها للأدلة بهذا الشكل عند صدور الحكم، حيث يساعد هذا في تعزيز مبدأ العدالة، حيث يحق للأطراف فهم الأسباب التي دفعت المحكمة إلى اعتبار الأدلة في صالح أحد الأطراف أو ضد الآخر. تساهم هذه الشفافية في ضمان ثقة الأطراف في النظام القضائي، حيث يمكن للطرف الذي لم يرضه الحكم أن يُراجع التقدير ويقرر إذا ما كان سيتقدم بالطعن أم لا.
أهمية المادة 6 في النظام القضائي
المادة 6 تلعب دورًا بالغ الأهمية في تنظيم كيفية تقدير الأدلة في القضايا المدنية والتجارية. من خلال منح المحكمة سلطة تقدير الأدلة، تتيح المادة للقاضي إمكانية اتخاذ القرار الأكثر عدالة بناءً على الأدلة المتاحة أمامه. كما أنها تدعم حرية القاضي في تقييم الأدلة وفقًا للوقائع، مما يسهل الوصول إلى أحكام سليمة تعكس الواقع وتتماشى مع المبادئ القانونية.
تعتبر المادة 6 أداة أساسية لضمان مرونة النظام القضائي، حيث أن تقدير الأدلة يعتمد على الظروف المحيطة بكل قضية على حدة. كما تضمن المادة أن يكون القرار القضائي مبنيًا على أسس قانونية سليمة، مع مراعاة أن القاضي يجب أن يُقدر الأدلة على أساس المنطق القانوني السليم، مما يساهم في تقليل احتمالية إصدار أحكام غير دقيقة أو جائرة.
التطبيقات العملية للمادة 6
في الواقع، تُستخدم المادة 6 بشكل متكرر في القضايا التجارية و القضايا المدنية التي تتضمن تقديم أدلة متنوعة مثل المستندات والشهادات والقرائن. على سبيل المثال:
-
في القضايا التجارية: قد تكون الأدلة المقدمة على شكل عقود تجارية أو فواتير، ويقوم القاضي بتقدير مدى صحتها أو مدى تطابقها مع الوقائع.
-
في القضايا العقارية: يمكن أن تشمل الأدلة صورًا فوتوغرافية للعقار أو تقارير من خبراء، ويحتاج القاضي إلى تحديد قوتها في إثبات ملكية العقار.
الخاتمة
تعتبر المادة 6 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية من المواد الجوهرية التي تعزز سلطة المحكمة التقديرية في تقدير الأدلة المقدمة في القضايا. فهي تتيح للقاضي حرية كبيرة في تقييم الأدلة وفقًا للمعايير القانونية والواقعية، بما يضمن تحقيق العدالة في كل دعوى على حدة. ومن خلال توضيح أسباب تقدير الأدلة، تساهم المادة 6 في تعزيز الشفافية القضائية، مما يعزز الثقة في النظام القضائي ويضمن الحقوق القانونية للأطراف المتنازعة.
أستلزام إتمام الإجراء أكثر من جلسة
في بعض الحالات القضائية، قد يتطلب إتمام إجراءات الإثبات أو نظر الدعوى أكثر من جلسة واحدة. ويحدث ذلك عندما تكون الوقائع المعروضة على المحكمة تتطلب وقتًا أطول لجمع الأدلة أو سماع الشهادات أو إجراء المعاينات. على سبيل المثال، إذا كانت القضية تتضمن عددًا كبيرًا من الشهود أو تحتاج إلى إجراءات معقدة مثل فحص مستندات متعددة أو إجراء خبرات فنية، فقد يتعذر إتمام كل هذه الإجراءات في جلسة واحدة.
وفي مثل هذه الحالات، تقرر المحكمة تحديد مواعيد جديدة لاستكمال الإجراءات، مما يضمن العدالة و الدقة في جمع الأدلة وفحصها. كما أن هذا الإجراء يتيح فرصة كافية للأطراف لإعداد دفاعاتهم أو تقديم مستندات إضافية. الهدف من ذلك هو تجنب التسرع في اتخاذ القرارات التي قد تؤثر سلبًا على حقوق الأطراف في الدعوى، وضمان أن كل خطوة من خطوات الإثبات تتم بعناية ووفقًا للقانون.
المادة 7 من قانون الإثبات المصري
تعد المادة 7 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية رقم 25 لسنة 1968 من المواد المهمة التي تنظم عملية الإثبات في النظام القضائي المصري. تهدف هذه المادة إلى تنظيم طرق إثبات الوقائع وتحديد المسؤوليات المتعلقة بتقديم الأدلة في الدعاوى القضائية. من خلال فهم هذه المادة، نتمكن من معرفة كيفية تعامل النظام القضائي مع الأدلة والوثائق والقرائن في سياق الدعوى، وكذلك دور المحكمة في تقدير الأدلة وفقًا لما يقتضيه القانون.
نص المادة 7 من قانون الإثبات المصري
تنص المادة 7 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية على ما يلي:
تقدم المسائل العارضة المتعلقة بإجراءات إثبات للقاضي المنتدب وما لم يقدم له منها لا يجوز عرضه على المحكمة وما يصدره القاضي المنتدب من القرارات في هذه المسائل يكون واجب النفاذ وللخصوم الحق في إعادة عرضها على المحكمة عند نظر القضية ما لم ينص القانون على غير ذلك.
الشرح والتحليل
1. سلطة المحكمة في إثبات الوقائع
تمنح المادة 7 المحكمة سلطة تقدير الأدلة في القضايا المدنية والتجارية، وتسمح لها بإثبات الوقائع التي لا يوجد دليل عليها في أوراق الدعوى. بمعنى آخر، إذا كانت الأطراف في الدعوى قد فشلت في تقديم دليل مكتوب أو موثق لدعم واقعة معينة، فإن المحكمة يمكنها اللجوء إلى وسيلة أخرى لإثبات تلك الواقعة.
هذه السلطة تساهم في تحقيق العدالة، حيث تُتيح للمحكمة إثبات الوقائع التي قد تكون حاسمة في القضية، حتى وإن كانت الأدلة التقليدية (مثل المستندات المكتوبة) غير متوفرة. كما أن هذا الإجراء يمنح المحكمة المرونة اللازمة لضمان وصول الحقيقة كاملة، بغض النظر عن الشكل الذي قد يتخذ فيه الإثبات.
2. استخدام الشهادات والقرائن
تنص المادة على أن المحكمة يمكن أن تعتمد على الشهادات أو القرائن لإثبات الوقائع التي لا يوجد دليل عليها.
-
الشهادات: يمكن للمحكمة الاستعانة بشهادات الشهود الذين يدلون بمعلومات قد تساهم في إثبات الوقائع المتنازع عليها. يكون الشاهد في هذه الحالة مصدرًا مباشرًا لإثبات حقيقة ما، ووفقًا لقانون الإثبات، يتم قبول الشهادات باعتبارها دليلًا قانونيًا في معظم الحالات.
-
القرائن: القرينة هي علامة أو دليل غير مباشر يُستخدم لإثبات شيء ما بناءً على الربط المنطقي بين الحدث المدعى به والظروف المحيطة به. على سبيل المثال، يمكن استخدام القرائن لاستنتاج وجود واقعة معينة بناءً على مجموعة من الأحداث أو الظروف ذات الصلة.
3. أهمية هذه المادة في تعزيز العدالة
تعتبر المادة 7 ضرورية في تحقيق العدالة في القضايا التي تتضمن صعوبة في تقديم الأدلة المباشرة. في بعض الحالات، قد يكون من الصعب جمع الأدلة المكتوبة أو الوثائق التي تدعم إحدى الوقائع، لذلك يسمح هذا النص للمحكمة بالاعتماد على وسائل أخرى مثل الشهادات والقرائن. هذا يساعد في تفادي ضياع الحقوق بسبب نقص الأدلة المادية، ويوفر حلول مرنة تساعد في الوصول إلى الحقيقة.
4. دور المحكمة في تقدير الأدلة
وفقًا للمادة 7، يتحمل القاضي مسؤولية كبيرة في تقييم الأدلة المقدمة له. سلطة المحكمة التقديرية في قبول الشهادات أو القرائن تعتبر عنصرًا أساسيًا في هذه المادة، حيث تعتمد المحكمة على حسها القضائي وقناعتها الخاصة لتحديد مدى قوة الأدلة ومدى تأثيرها في إثبات الوقائع المطروحة.
وبناءً على هذه السلطة التقديرية، يمكن للمحكمة أن تأخذ بعين الاعتبار الظروف المحيطة بالقضية، وتُقيّم الأدلة في إطارها، مما يعزز من قدرة المحكمة على إصدار أحكام قائمة على تقدير شامل لكل الجوانب المتعلقة بالدعوى.
5. ضمانات القانون في تطبيق المادة 7
على الرغم من أن المادة 7 تمنح المحكمة سلطة تقدير الأدلة في قضايا الإثبات، فإن هذا التقدير لا يكون مطلقًا، بل يجب أن يستند إلى معايير قانونية منطقية، بحيث لا يتم قبول الأدلة غير الموثوقة أو المبنية على افتراضات غير مؤكدة. علاوة على ذلك، يحق للأطراف في الدعوى الطعن في قرار المحكمة إذا كان لديهم اعتراضات على كيفية تقدير الأدلة، مما يضمن العدالة في استخدام السلطة التقديرية للمحكمة.
التطبيقات العملية للمادة 7
تستخدم المادة 7 في العديد من القضايا التي تتطلب إثبات الوقائع التي يصعب تقديم أدلة صريحة عليها، مثل:
-
القضايا العقارية: قد يتعين على المحكمة إثبات ملكية عقار أو تحديد حدود معينة عندما تكون الأوراق الرسمية أو العقود غير واضحة أو مفقودة.
-
القضايا التجارية: يمكن أن تتطلب إثبات التزامات بين الأطراف في صفقات تجارية أو عقود تُستدل من خلال الشهادات أو القرائن.
في هذه الحالات، تلعب المادة 7 دورًا كبيرًا في حماية حقوق الأطراف وضمان عدم ضياع القضايا بسبب نقص الأدلة التقليدية.
الخاتمة
المادة 7 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية تعد من المواد الجوهرية التي تساهم في ضمان الوصول إلى الحقيقة في القضايا المدنية والتجارية. من خلال السماح للمحكمة باستخدام الشهادات والقرائن في إثبات الوقائع التي لا يوجد عليها دليل في أوراق الدعوى، تُوفر هذه المادة مرونة في إجراء الإثبات وتحقيق العدالة. كما أن المادة تؤكد على سلطة المحكمة التقديرية في تقدير الأدلة بشكل يضمن فحص كل الأدلة المتاحة بعناية وموضوعية، مما يعزز الثقة في النظام القضائي المصري ويمنع تعسف أي طرف في استخدام الأدلة.
المقصود بالطلبات العارضة المتعلقة بإجراءات الإثبات
تُعرف الطلبات العارضة في سياق إجراءات الإثبات بأنها الطلبات التي يقدمها أحد الأطراف في الدعوى خلال سير الإجراءات والتي لا تكون مرتبطة مباشرة بالموضوع الأساسي للدعوى، ولكنها تتعلق بتقديم أو إثبات أدلة أو إجراء معين يعين المحكمة على تحقيق الحقيقة المتعلقة بالقضية.
قد تشمل هذه الطلبات على سبيل المثال: طلبات إجراء خبرة فنية، أو طلبات سماع شهادة شهود، أو إثبات حالة، أو إجراء معاينة ميدانية. هذه الطلبات لا تُعد جزءًا من الموضوع الرئيسي للنزاع، ولكنها تُعد إجراءات ضرورية لضمان تقديم أدلة جديدة أو تحقيق ظروف معينة قد تؤثر في القرار القضائي النهائي.
تعتبر هذه الطلبات عادية في الدعاوى التي تحتوي على إجراءات إثبات معقدة، وتكون المحكمة مخولة في قبولها أو رفضها بناءً على مصلحة الدعوى ومدى تأثيرها في توضيح الوقائع أو دعم الأدلة التي قدمها الأطراف.
المادة 8 من قانون الإثبات المصري
تعد المادة 8 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية المصري رقم 25 لسنة 1968 من المواد المهمة التي تتعلق بمسألة حجية المحررات الرسمية ودورها في إثبات الوقائع. تعتبر هذه المادة جزءًا أساسيًا في تنظيم الأدلة الكتابية في النظام القضائي المصري، حيث تتعلق بتوضيح القدرة التامة للمحررات الرسمية في إثبات ما ورد فيها، وتحدد في الوقت نفسه الشروط التي يمكن من خلالها الطعن أو تعديل ما ورد في هذه المحررات. تعد هذه المادة من المواد الجوهرية التي تساهم في استقرار المعاملات و العدالة القانونية في النظام القضائي.
نص المادة 8 من قانون الإثبات المصري
تنص المادة 8 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية على ما يلي:
على القاضي إذا أحال القضية على المحكمة لأي سبب أن يعين لها أقرب جلسة مع إعلان الغائب من الخصوم بتاريخ الجلسة بواسطة قلم الكتاب .
شرح وتحليل المادة 8
1. تعريف المحررات الرسمية
المحررات الرسمية هي الوثائق التي يتم إعدادها أو توثيقها من قبل السلطات أو الجهات الرسمية، مثل المحررات التي يتم توثيقها في الشهر العقاري أو المحاكم، أو العقود التي يوقعها الأطراف أمام كاتب العدل أو موظفي الدولة المختصين. تتميز المحررات الرسمية عن غيرها من الوثائق بأنها تكون موثقة قانونًا، مما يعني أنها تحمل حجية أقوى في الإثبات ولا يُسمح للطرفين في الدعوى بتقديم إثباتات مخالفة لما ورد فيها إلا في حالات استثنائية.
2. حجية المحررات الرسمية في الإثبات
المادة 8 تعزز حجية الوثائق الرسمية في إثبات الوقائع، وتعتبر المحررات الرسمية دليلًا قاطعًا على ما ورد فيها. فعند تقديم عقد رسمي أو محرر رسمي إلى المحكمة، يُفترض أن كل ما ورد فيه من معلومات صحيحة، ما لم يتم إثبات العكس من خلال وسائل إثبات أخرى، مثل الأدلة الكتابية، أو الشهادات، أو القرائن.
يشير النص في هذه المادة إلى أن الوثائق الرسمية تتمتع بأولوية قانونية على غيرها من الوثائق، مما يساهم في استقرار المعاملات القانونية، حيث يصبح من الصعب التراجع عن أو تعديل ما ورد في هذه المحررات إلا في الحالات التي يقررها القانون، بما يضمن عدم تهاون في التعامل مع مثل هذه الوثائق.
3. الحالات التي يسمح فيها القانون بإثبات ما يخالف المحررات الرسمية
أوضحت المادة 8 أنه يُسمح بإثبات ما يخالف أو يجاوز ما هو مدون في المحررات الرسمية في حالات استثنائية، وذلك من خلال وسائل الإثبات الأخرى، مثل:
-
الدليل الكتابي: قد يُقدّم دليل كتابي آخر من قبل الطرف الذي يرغب في إثبات مخالفة أو تجاوز لما هو مدون في المحرر الرسمي، على أن يكون هذا الدليل الكتابي ذا حجية قانونية.
-
الشهادات: يمكن للمحكمة أن تقبل شهادة الشهود في الحالات التي يسمح فيها القانون بذلك، إذا كان الشاهد يمتلك معلومات ذات علاقة بالواقعة المدونة في المحرر الرسمي.
-
القرائن: في حال وجود قرائن قوية تدل على وجود خطأ مادي أو إرادي في المحرر الرسمي، يمكن استخدامها لإثبات أن ما ورد في المحرر ليس دقيقًا.
4. طعن في المحررات الرسمية
يشير النص أيضًا إلى أن إثبات ما يخالف أو يجاوز ما هو مدون في المحررات الرسمية يكون ممكنًا فقط في الحالات التي يسمح فيها القانون، أي أن الطعن في المحررات الرسمية ليس أمرًا سهلاً. إذ تتطلب الحالات الاستثنائية التي يجوز فيها إثبات مخالفات أو تجاوزات للمحرر الرسمي أن يكون الدليل المقدم قويًا ومؤيدًا بوسائل قانونية معترف بها، مثل الوثائق الكتابية أو الشهادات أو القرائن التي تُثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن هناك خطأ مادي أو أن ما تم توثيقه غير صحيح.
5. ضمان استقرار المعاملات
تعتبر المادة 8 من قانون الإثبات خطوة هامة نحو تحقيق العدالة و استقرار المعاملات القانونية. فالوثائق الرسمية تعتبر حجة في مواجهة الجميع، ويُفترض فيمن يتعامل مع هذه الوثائق الوثوق بها وعدم قبول الطعن فيها إلا في أضيق الحدود. بذلك تساهم المادة 8 في توفير الحماية للأطراف المتعاملين في الوثائق الرسمية، مثل العقود التجارية أو العقارات، من المنازعات القانونية التي قد تنشأ بسبب الأدلة المتضاربة أو الطعون في صحة الوثائق.
التطبيقات العملية للمادة 8
تستخدم المادة 8 في العديد من القضايا التي تتطلب توثيقًا رسميًا، مثل:
-
القضايا العقارية: في حالة النزاع حول ملكية العقارات أو حقوق الانتفاع، يُعد المحرر الرسمي مثل عقد الملكية أو عقد البيع دليلاً قاطعًا.
-
القضايا التجارية: في القضايا التي تتعلق بالعقود التجارية المبرمة بين الأطراف، تكون المحررات الرسمية مثل العقود الموثقة أمام كاتب العدل أو في السجلات التجارية دليلاً قويًا لا يجوز إثبات ما يخالفه إلا في حالات استثنائية.
الخاتمة
المادة 8 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية تلعب دورًا حاسمًا في تحديد نطاق حجية المحررات الرسمية في النظام القضائي المصري. من خلال التأكيد على أولوية الوثائق الرسمية في إثبات الوقائع، تساهم المادة 8 في استقرار المعاملات القانونية وتضمن حماية الأطراف المتعاملين بمحررات موثقة رسميًا. وفي الوقت نفسه، فإن النص يتيح إثبات ما يخالف المحرر الرسمي في حالات استثنائية، بما يعزز العدالة القضائية ويضمن عدم تعسف الأطراف في استخدام المحررات الرسمية.
ما يتبع عند إحالة القاضي المنتدب القضية على المحكمة
عندما يُكلف القاضي المنتدب بالقيام بإجراءات الإثبات في قضية معينة، قد يتطلب الأمر إحالة القضية إلى المحكمة للفصل فيها بعد إتمام هذه الإجراءات. في هذه الحالة، يتبع القاضي المنتدب خطوات محددة لضمان أن يكون الفصل في القضية مستندًا إلى كافة الأدلة والإجراءات التي تم جمعها.
أولًا، يعد القاضي المنتدب تقريرًا يوضح فيه كافة الإجراءات التي تم اتخاذها أثناء عملية الإثبات، ويقدم فيه نتائج التحقيقات أو الخبرات أو الشهادات التي تم الاستماع إليها. هذا التقرير يُعتبر جزءًا أساسيًا من ملف القضية ويُحيل إلى المحكمة المختصة لتقديمه كدليل عند اتخاذ القرار النهائي.
ثانيًا، إذا كانت المحكمة بحاجة إلى المزيد من التوضيحات أو الأدلة، يمكنها أن تُعيد القضية إلى القاضي المنتدب لإجراء إجراءات إضافية أو لطلب إثبات وقائع أخرى.
أخيرًا، عندما تقوم المحكمة بفحص التقرير والإجراءات المرفقة به، تصدر حكمها بناءً على مجموع الأدلة، بما في ذلك ما تم جمعه من خلال القاضي المنتدب، مع مراعاة حقوق الأطراف وإجراءات العدالة.
المادة 9 من قانون الإثبات المصري
تعتبر المادة 9 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية رقم 25 لسنة 1968 من المواد الجوهرية في تنظيم إجراءات الإثبات في النظام القضائي المصري. تتعلق هذه المادة بموضوع إثبات التزامات المدعى عليه في القضايا المدنية والتجارية، وتستهدف تسهيل مهمة القاضي في توجيه الإثبات وإجراءاته بحيث لا تُظلم أي من الأطراف في الدعوى. فهي تُنظم كيفية تقديم الإثباتات المتعلقة بما هو مدعى به، وأيضًا كيفية إثبات الالتزامات التي تقع على عاتق المدعى عليه.
نص المادة 9 من قانون الإثبات المصري
تنص المادة 9 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية على ما يلي:
للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات بشرط أن تبين أسباب العدول بالمحضر ويجوز لها ألا تأخذ بنتيجة الإجراءات بشرط أن تبين أسباب ذلك من حكمها .
شرح وتحليل المادة 9
1. تحديد التزامات المدعى عليه
تُشير المادة 9 إلى أهمية تحديد التزامات المدعى عليه في القضية، أي أن المدعى عليه ملزم بإثبات أن ما هو مدعى به من قبل المدعي في دعواه غير صحيح أو مبني على خطأ. هذا يشمل التزام المدعى عليه بتقديم المستندات التي تدعم موقفه إذا كان يملك مستندًا أو وثيقة تتعلق بالواقعة المدعى بها.
2. حيازة المستندات والوثائق
إذا كان المدعى عليه في حوزته مستند أو وثيقة تدعم دفاعه أو تُظهر الحقيقة المغايرة لما يدعيه المدعي، يصبح مُلزمًا بتقديم هذه الوثائق للمحكمة. بمعنى آخر، يُعتبر من الواجبات القانونية على المدعى عليه تقديم المستندات التي تملكها حوزته إذا كانت تلك المستندات تتعلق بالقضية وتُعتبر دليلًا في صالحه.
-
مثال: إذا كان المدعى عليه في دعوى فسخ عقد، وكان لديه نسخة من العقد الموقّع مع المدعي، فيجب عليه تقديم هذا العقد كدليل على صحة موقفه و رفض الدعوى.
3. تأثير الوثائق في إثبات الوقائع
المستندات أو الوثائق التي تقع في حيازة المدعى عليه تعد من أبرز الأدلة التي يُفترض أن تكون في صالحه، ومن ثم يصبح له دور أساسي في الإثبات. ويُتوقع من المدعى عليه استخدام هذه الوثائق لإثبات الحقائق أو الدفاعات التي يدعيها. إذا كان المدعى عليه يمتنع عن تقديم الوثائق في حين أنها موجودة لديه، قد يؤدي ذلك إلى تقدير سلبي ضد دفاعاته، حيث قد يعتبر القاضي هذا الامتناع على أنه قرينة ضد المدعى عليه.
4. التزام المدعى عليه بتقديم المستندات
هذه المادة تُرسي مبدأ الشفافية و النزاهة في تقديم الأدلة. المدعى عليه لا يحق له التملص من مسؤولية تقديم المستندات التي في حوزته إذا كانت تلك المستندات تدعم موقفه، حيث يمكن أن تكون الوثيقة أو المستند حاسمًا في الفصل في القضية. بناءً على ذلك، يلتزم المدعى عليه بتقديم كل ما لديه من أدلة مكتوبة، مثل العقود، الرسائل، الفواتير، أو أي مستندات أخرى متعلقة بالقضية.
5. تأثير عدم تقديم المستندات
إذا قام المدعى عليه بإخفاء مستندات أو عدم تقديم الوثائق التي في حوزته على الرغم من أنها قد تدعم موقفه، فإن المحكمة قد تتخذ من هذا الفعل دليلاً على إخفاء الحقيقة. في هذه الحالة، يُعتبر المدعى عليه في موقف ضعيف، وقد تؤدي المحكمة إلى الاستناد إلى ما قدمه المدعي من أدلة، وخاصة إذا كانت الأدلة في صالحه، مما قد يسهم في فقدان المدعى عليه لقضيته.
6. الالتزامات القانونية وفقًا للقانون
المادة 9 تشير إلى أن التزام المدعى عليه بتقديم المستندات ليس مجرد اختيار، بل هو التزام قانوني يجب على المدعى عليه احترامه. إذا لم يقدم المستندات أو الوثائق، فإنه يمكن أن يُعتبر مخالفًا للواجبات القانونية، ما قد يؤثر سلبًا على قرارات المحكمة.
7. تطور مبدأ “حيازة الوثيقة” في القضاء
المادة 9 تمثل تطورًا مهمًا في الفكر القانوني في مصر حيث تضع المسؤولية على عاتق المدعى عليه في تقديم الوثائق التي قد تؤثر في القرار النهائي. هذا يمكن أن يكون بمثابة حافز للمدعى عليه لإظهار الشفافية و النزاهة في تقديم الأدلة المتاحة له.
التطبيقات العملية للمادة 9
تستخدم المادة 9 في العديد من القضايا التي تتطلب التحقق من المستندات أو الوثائق التي قد تكون بحوزة المدعى عليه، مثل:
-
قضايا العقارات: إذا كان المدعى عليه يمتلك عقد ملكية أو وثائق ملكية عقار ويقوم المدعي بتقديم دعوى لفقدان الملكية، يصبح المدعى عليه ملزمًا بتقديم تلك الوثائق لإثبات ملكيته.
-
قضايا التجارة: في حال كان المدعى عليه قد وقع على عقد تجاري أو صفقة تجارية مع المدعي، يجب عليه تقديم العقد أو الفواتير أو أية مستندات تدعم موقفه.
-
الديون: إذا كان المدعى عليه مدينًا ويملك إيصالات سداد أو شيكات أو مستندات دفع، فيجب عليه تقديم تلك الوثائق لإثبات سداد المبلغ أو إظهار أنه ليس مدينًا.
الخاتمة
المادة 9 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية تعتبر من المواد الجوهرية التي تعزز من العدالة القانونية و الشفافية في القضايا المدنية والتجارية. فهي تفرض التزامًا قانونيًا على المدعى عليه بتقديم المستندات أو الوثائق التي في حوزته والمتعلقة بالواقعة المدعى بها، مما يساهم في تحقيق مبدأ التوازن بين الأطراف. إذا التزم المدعى عليه بتقديم الأدلة الكافية، فإن ذلك يُعزز من صدقية دفاعاته و موقفه القانوني في الدعوى.
حق المحكمة في العدول عن الحكم التمهيدي وعدم الأخذ بنتيجة الإجراء
تتمتع المحكمة بسلطة تقديرية واسعة في العدول عن الحكم التمهيدي الذي أصدرته في مرحلة سابقة من الإجراءات، وذلك في حال وجدت أن النتائج أو الأدلة التي تم التوصل إليها لا تؤثر بشكل جوهري على موضوع الدعوى أو لا تُسهم في تحقيق العدالة. على سبيل المثال، إذا كانت المحكمة قد قررت إجراء إثبات معين، مثل إثبات حالة أو سماع شهادة شهود، ثم تبين لها بعد تنفيذ الإجراء أن النتائج لا تساهم في وضوح الوقائع أو لا تدعم الحقائق القانونية في القضية، فإن لها الحق في العدول عن الحكم التمهيدي وعدم الأخذ بنتيجة ذلك الإجراء.
هذا يعني أن المحكمة ليست ملزمة بالاعتماد على ما تم جمعه من أدلة أو مستندات بناءً على ذلك الحكم التمهيدي، ويحق لها اتخاذ قرار جديد بناءً على التقييم الكامل للأدلة المتوافرة أمامها. هذه الصلاحية تضمن للمحكمة مرونة في إتمام إجراءات الدعوى بما يتماشى مع تحقيق العدالة و سلامة الإجراءات القضائية.
لا إلتزام ببيان أسباب العدول إذا كانت المحكمة هي التي أتخذت إجراءات الإثبات من تلقاء نفسها
إذا قررت المحكمة اتخاذ إجراءات الإثبات من تلقاء نفسها، أي دون طلب من أحد الأطراف في الدعوى، فإنها لا تكون ملزمة بتوضيح أسباب العدول عن تلك الإجراءات في حال قررت عدم الأخذ بنتيجتها. في هذه الحالة، تكون المحكمة صاحبة السلطة التقديرية الكاملة في اتخاذ القرار بشأن ضرورة استمرار تلك الإجراءات أو العدول عنها بناءً على قناعتها التامة.
ذلك لأن المحكمة في هذه الحالة تسعى لتحقيق العدالة وحماية سلامة الدعوى من خلال استخدام سلطتها التقديرية في إدارة إجراءات الإثبات. وعليه، إذا تبين لها بعد تنفيذ الإجراء أنه غير مجدي أو لا يساهم في تحقيق الغرض من الدعوى، يمكنها العدول عن الاستمرار في الأخذ بنتائج هذا الإجراء دون الحاجة إلى تقديم تبرير مفصل لهذا العدول، بما يتماشى مع مبدأ المرونة القضائية و تحقيق العدالة الفعالة.
جزاء مخالفة حكم المادة
عند مخالفة حكم المادة في قانون الإثبات، خاصة إذا تعلق الأمر بعدم الالتزام بالإجراءات القانونية المحددة أو الامتناع عن تقديم المستندات أو الوثائق المطلوبة في إطار الإثبات، فإن المحكمة قد تفرض جزاءات قانونية ضد الطرف المخالف. تتمثل هذه الجزاءات في تقدير القاضي للمخالفة وتطبيقها بما يتماشى مع مقتضيات العدالة، حيث يمكن أن يؤدي الامتناع عن تنفيذ ما طلبته المحكمة إلى تأثير سلبي على موقف الطرف المخالف.
على سبيل المثال، إذا كان المدعى عليه قد امتنع عن تقديم مستندات أو وثائق كان يملكها وكان من المفترض أن يتم تقديمها وفقًا لحكم المادة، يمكن للمحكمة أن تعتبر هذا الامتناع قرينة ضد المدعى عليه، مما قد يؤدي إلى اتخاذ قرار سلبي ضده. كما أن الامتناع عن الامتثال للأوامر القضائية قد يعرض الطرف المخالف إلى فرض غرامات مالية أو تأجيل الفصل في القضية أو حتى الرفض التام للأدلة التي قد تكون في صالحه.
بالتالي، فإن مخالفة حكم المادة تؤثر في سير القضية وقد تضر بمصلحة الطرف المخالف، حيث تحرص المحكمة على تطبيق مبدأ العدالة وضمان سير الإجراءات وفقًا للقانون.
حالتان يتقيد فيهما القاضي بنتيجة الحكم التمهيدي
القاضي يتقيد عادةً بنتيجة الحكم التمهيدي في حالتين رئيسيتين:
-
إذا كانت نتيجة الحكم التمهيدي قد أصبحت نهائية: عندما يصدر الحكم التمهيدي في مرحلة سابقة من الإجراءات ويكون قد اكتسب قوة الأمر المقضي، أي لم يتم الطعن عليه أو تم رفض الطعن، فإن القاضي يكون ملزمًا بالامتثال لما نص عليه هذا الحكم عند اتخاذ القرارات في المراحل اللاحقة من الدعوى. على سبيل المثال، إذا قرر الحكم التمهيدي إجراء معينًا مثل إثبات حالة أو سماع شهادة شهود، فإن القاضي لا يمكنه العدول عن هذا القرار إلا في حالة حدوث ظروف استثنائية تقتضي ذلك.
-
إذا كانت المحكمة قد أسست قرارها اللاحق على الحكم التمهيدي: إذا كانت المحكمة قد استخدمت نتيجة الحكم التمهيدي كأساس لإصدار حكم نهائي أو لتوجيه إجراءات أخرى في الدعوى، فإنها تصبح ملزمة بتطبيق تلك النتيجة. في هذه الحالة، إذا تم اتخاذ قرار بناءً على إجراء تمهيدي، لا يمكن للقاضي تغيير هذا القرار دون وجود مبرر قانوني قوي يسمح بذلك. وبالتالي، يكون القاضي مقيدًا بنتيجة الحكم التمهيدي لأن ذلك يشكل جزءًا من تسلسل الإجراءات القضائية التي يجب الالتزام بها.
في الحالتين، يتضح أن الحكم التمهيدي يشكل جزءًا أساسيًا من مراحل الدعوى ويؤثر على استمرار الإجراءات بشكل يؤكد التزام المحكمة بما تم اتخاذه من قرارات تمهيدية.
مكتب محامى مصر محمد منيب المحامى المصرى
✔️ تواصل معنا الآن للحصول على استشارة قانونية مدفوعة!
✔️ ضمان السرعة والدقة في إنجاز معاملاتك القانونية.استشارة قانونية شاملة.حرصا منا على وقت عملائنا من قبل المستشار محمد منيب شخصيا خدمة مقابلة اون لاين من خلال تطبيق meet على Gmail توفر لك دعماً قانونياً عبر الانترنت .
📞 للاستفسار أو الحجز خدمة العملاء: 01006321774
📞 التواصل: احجز موعد مسبق 01006321774 – 01223232529
📍 عنوان المكتب: 13 شارع الخليفه من شارع الهرم بجوار السجل المدني
اشهر محامى احوال شخصية شاطر فى القاهرة
اشهر محامى احوال شخصية فى القاهرة
دور محامى الاحوال الشخصية فى الخلافات الزوجية
شروط إنعقاد الزواج في قانون الأحوال الشخص