الإقرار في قانون الإثبات المصري

الإقرار في قانون الإثبات المصري

الإقرار في قانون الإثبات المصري هو اعتراف الشخص بحق عليه لآخر، ويُعد من أقوى الأدلة في الإثبات، حيث يُلزم المُقِرّ بمضمونه ولا يجوز له الرجوع عنه إلا في حالات استثنائية. وفقًا للمادة 103 من قانون الإثبات المصري، فإن الإقرار يمكن أن يكون قضائيًا إذا صدر أمام المحكمة أثناء سير الدعوى، أو غير قضائي إذا صدر خارجها. والإقرار القضائي يُعد حجة قاطعة على المقرّ، بينما الإقرار غير القضائي يخضع لتقدير القاضي. ولا يكون الإقرار صحيحًا إلا إذا صدر عن شخص كامل الأهلية وبإرادة حرة، كما يجب أن يكون صريحًا وواضحًا.

المادة 103 من قانون الإثبات المصري

يُعد الإقرار من أقوى وسائل الإثبات في القوانين المدنية والجنائية، حيث إنه اعتراف صريح من الشخص بواقعة قانونية تؤدي إلى ثبوت حق للغير في مواجهته. وقد أفرد المشرع المصري للإقرار أحكامًا خاصة ضمن قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968، وتحديدًا في المادة 103، التي تُنظم شروط الإقرار القضائي وآثاره القانونية.

نص المادة 103 من قانون الإثبات المصري

تنص المادة 103 من قانون الإثبات المصري على أن:

 الإقرار هو اعتراف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعي بها عليه وذلك أثناء السير في الدعوى المتعلقة بهذه الواقعة .

تحليل المادة 103 من قانون الإثبات المصري

 تعريف الإقرار

وفقًا لنص المادة، يُعرف الإقرار بأنه اعتراف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعى بها عليه، مما يعني أنه:

  1. يجب أن يكون الإقرار صادرًا عن الخصم نفسه أو من ينوب عنه قانونًا.

  2. يجب أن يكون الاعتراف بواقعة قانونية، أي أمر يترتب عليه آثار قانونية، مثل الاعتراف بمديونية أو بعقد معين.

  3. يجب أن يصدر الإقرار أثناء سير الدعوى، أي أمام المحكمة المختصة بالنظر في النزاع.

  4. يكون الإقرار حجة قاطعة على المُقِرّ، أي أنه لا يجوز له التراجع عنه أو إنكاره لاحقًا.

 أنواع الإقرار

يمكن تقسيم الإقرار إلى نوعين رئيسيين:

  1. الإقرار القضائي:

    • هو الإقرار الذي يصدر أمام المحكمة أثناء سير الدعوى.

    • يتميز بأنه حجة قاطعة على المقرّ، ولا يجوز له الرجوع عنه، حتى لو أثبت أنه كان مخطئًا أو جاهلًا بحقيقة الأمر.

    • لا يحتاج إلى دليل إضافي لإثباته، فهو يعتبر كافيًا بذاته للحكم لصالح الطرف الآخر.

  2. الإقرار غير القضائي:

    • هو الإقرار الذي يصدر خارج المحكمة، سواء كان شفهيًا أو كتابيًا.

    • يخضع لسلطة القاضي في تقديره، حيث لا يكون ملزمًا مثل الإقرار القضائي.

    • قد يحتاج إلى أدلة أخرى لإثبات صحته.

 شروط صحة الإقرار

لكي يكون الإقرار صحيحًا وملزمًا قانونًا، يجب أن تتوافر فيه عدة شروط، منها:

  1. أن يصدر عن شخص كامل الأهلية: لا يُعتدّ بالإقرار الصادر عن شخص ناقص الأهلية، مثل القاصر أو المحجور عليه، إلا إذا صدر عن وليه أو وصيه.

  2. أن يكون صادرًا عن إرادة حرة: إذا ثبت أن الإقرار صدر تحت الإكراه أو التهديد، فإنه يُعتبر غير صحيح قانونًا.

  3. أن يكون واضحًا وصريحًا: لا يُعتد بالإقرار إذا كان غامضًا أو محتملاً لأكثر من تفسير.

 أثر الإقرار في الإثبات

بمجرد تحقق الإقرار القضائي وفقًا للمادة 103، فإنه يؤدي إلى النتائج التالية:

  1. يُعد حجة قاطعة على المُقرّ، أي لا يستطيع الرجوع عنه أو إنكاره.

  2. يعفي الخصم الآخر من عبء الإثبات، فلا يحتاج المدعي إلى تقديم أدلة أخرى لإثبات حقه.

  3. قد يُؤدي إلى الفصل في النزاع مباشرة، إذا كان الإقرار كافيًا لإثبات الحق المدعى به.

 حالات عدم الاعتداد بالإقرار

هناك بعض الحالات التي لا يُعتد فيها بالإقرار، ومنها:

  1. إذا صدر الإقرار عن شخص غير كامل الأهلية، كالمجنون أو القاصر.

  2. إذا كان الإقرار مخالفًا للنظام العام أو الآداب العامة، مثل الإقرار بديون غير مشروعة.

  3. إذا كان الإقرار مشوبًا بعيب من عيوب الإرادة، كالإكراه أو التدليس.

 الفرق بين الإقرار في المواد المدنية والجنائية

  • في القضايا المدنية، الإقرار القضائي يُعد دليلاً قاطعًا على ثبوت الحق، ويترتب عليه إلزام المقرّ بمضمونه.

  • في القضايا الجنائية، الإقرار يُعتبر قرينة قوية لكنه لا يكون ملزمًا للقاضي، حيث يمكن للمحكمة أن تستبعده إذا رأت أنه صدر تحت ضغط أو إكراه.

خاتمة

تُعتبر المادة 103 من قانون الإثبات المصري من النصوص الأساسية التي تُنظم حجية الإقرار في الإثبات، حيث جعلت الإقرار القضائي وسيلة إثبات قاطعة لا يجوز الرجوع عنها، مما يسهم في تحقيق الاستقرار القانوني وحسم النزاعات بسرعة. ورغم ذلك، فإن القانون وضع ضمانات لحماية الأفراد من الإقرارات غير الصحيحة، من خلال اشتراط الأهلية الكاملة وحرية الإرادة.

تعريف الإقرار في قانون الإثبات المصري

الإقرار في قانون الإثبات المصري هو اعتراف صريح من أحد الخصوم بواقعة قانونية مدعى بها عليه، مما يؤدي إلى ثبوت الحق للخصم الآخر. وفقًا للمادة 103 من قانون الإثبات المصري، يُعرف الإقرار بأنه اعتراف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية أثناء سير الدعوى، ويكون حجة قاطعة عليه. ويُشترط لصحة الإقرار أن يكون صادرًا عن شخص كامل الأهلية وبإرادة حرة، وأن يكون واضحًا وصريحًا. ويُعد الإقرار القضائي من أقوى أدلة الإثبات، حيث يُغني عن أي دليل آخر ولا يجوز للمُقِرّ الرجوع عنه بعد صدوره.

(أ) تعريف المشروع والفقه للإقرار

يُعرّف المشرّع المصري الإقرار في المادة 103 من قانون الإثبات بأنه اعتراف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعى بها عليه أثناء سير الدعوى، ويكون حجة قاطعة عليه. ويعني ذلك أن الإقرار هو إخبار الشخص بواقعة تُرتّب عليه التزامًا قانونيًا لصالح الغير، ولا يجوز له التراجع عنه متى كان قضائيًا.

أما في الفقه القانوني، فقد عُرّف الإقرار بأنه تصرف قانوني يصدر عن شخص ضد مصلحته، ويتضمن اعترافه بحق للغير عليه. ويُعد الإقرار من أقوى وسائل الإثبات، لأنه يُغني عن أي دليل آخر متى استوفى شروطه القانونية، مثل الصدور عن شخص كامل الأهلية وبإرادة حرة، وأن يكون واضحًا وصريحًا.

(ب) تعريف محكمة النفض للإقرار

عرّفت محكمة النقض المصرية الإقرار بأنه اعتراف الخصم بواقعة قانونية مدعى بها عليه، يترتب عليها ثبوت حق للغير في مواجهته، ويكون ذلك إما أمام القضاء أثناء سير الدعوى (إقرار قضائي) أو خارج المحكمة (إقرار غير قضائي). وأكدت محكمة النقض في أحكامها أن الإقرار القضائي يُعد دليلاً قاطعًا لا يجوز الرجوع عنه، بينما يخضع الإقرار غير القضائي لتقدير القاضي. كما شددت على ضرورة أن يكون الإقرار صادرًا عن إرادة حرة، صريحًا، وواضحًا، حتى يُعتد به كوسيلة للإثبات.

عناصر الإقرار في قانون الإثبات المصري

للإقرار عدة عناصر

(1)الإقرار إخبار .

(2) الإقرار يرد على واقعة قانونية .

(3) الإقرار يكون عن قصد .

(4) الإقرار تصرف قانوني من جانب واحد .

اولا : الإقرار إخبار :

المقصود بالإخبار في قانون الإثبات

الإخبار في قانون الإثبات هو إعلام شخص بواقعة معينة قد يترتب عليها آثار قانونية، سواء كان ذلك لمصلحته أو ضده. ويختلف الإخبار عن الإقرار، حيث إن الإقرار هو إخبار ذو طبيعة خاصة، يتمثل في اعتراف الشخص بحق للغير على نفسه، ويكون مُلزِمًا له. بينما قد يكون الإخبار مجرد نقل لمعلومة دون أن يتحمل المُخبِر أي التزام قانوني. ويُشترط في الإخبار، حتى يكون معتبرًا قانونًا، أن يكون صادرًا عن شخص ذي صفة، وأن يكون واضحًا في مضمونه، وقد يخضع لتقدير القاضي وفقًا لظروف كل واقعة.

الأصل في الإقرار أن يكون بتعبير صريح من المقر

يُشترط في الإقرار، وفقًا لقواعد الإثبات، أن يكون صريحًا وواضحًا حتى يُعتد به قانونًا. فالأصل أن يُعبّر المُقِرّ عن إقراره بألفاظ صريحة تدل بوضوح على اعترافه بالواقعة القانونية المدعى بها عليه، دون حاجة إلى استنتاج أو تأويل. ولا يُعتد بالإقرار الضمني إلا في حالات استثنائية، كأن يمتنع الشخص عن الإنكار في موضع يستوجب التصريح، أو أن يقوم بتصرف لا يُمكن تفسيره إلا على أنه إقرار ضمني. ومع ذلك، فإن الإقرار الصريح يظل الأقوى حجية، لأنه يُقطع فيه بثبوت الحق المدعى به، مما يجعله حجة قاطعة على المُقِرّ، وفقًا للمادة 103 من قانون الإثبات المصري.

الإستثناء أن يكون الإقرار ضمنيا

الأصل في الإقرار أن يكون صريحًا، إلا أن القانون يعترف في بعض الحالات بالإقرار الضمني، وهو ما يستفاد من سلوك أو تصرفات المُقرّ دون أن يُعبر عنه بألفاظ واضحة. ويُستنتج الإقرار الضمني عندما يقوم الشخص بتصرف لا يمكن تفسيره إلا على أنه اعتراف بالحق المدعى به، كأن يسدد جزءًا من الدين المطالب به دون اعتراض، أو يمتنع عن إنكار دعوى كان يجب عليه الرد عليها. ومع ذلك، يخضع الإقرار الضمني لتقدير القاضي، حيث يجب أن تكون الدلالة عليه واضحة ولا تحتمل التأويل، على عكس الإقرار الصريح الذي يُعد حجة قاطعة لا تقبل الجدل وفقًا لقانون الإثبات المصري.

أمثلة للإقرار الضمني

يُستنتج الإقرار الضمني من تصرفات أو مواقف تصدر عن الشخص وتدل على اعترافه بالحق المدعى به، حتى لو لم يُصرّح بذلك لفظًا. ومن أمثلة الإقرار الضمني:

  1. سداد جزء من الدين: إذا كان شخص مُطالبًا بدين معين، وقام بسداد جزء منه دون اعتراض على أصل الدين، فهذا يُعد إقرارًا ضمنيًا بوجوده.

  2. السكوت عند وجوب الإنكار: إذا وُجّه إلى شخص ادعاء معين أمام القضاء ولم يُنكره أو يعترض عليه رغم قدرته على ذلك، فقد يُعتبر هذا إقرارًا ضمنيًا.

  3. تنفيذ التزام دون منازعة: كأن يقوم المستأجر بسداد الإيجار عن فترة كان يدّعي عدم التزامه بها، مما يُعد إقرارًا ضمنيًا بوجوب السداد.

  4. عدم الاعتراض على تصرف معين: إذا قَبِل شخص مستندًا أو عقدًا يتضمن التزامًا عليه دون إبداء أي اعتراض، فقد يُعتبر هذا إقرارًا ضمنيًا بصحة الالتزام.

يخضع الإقرار الضمني لتقدير القاضي، الذي يُقيّم الظروف المحيطة به للتأكد من أنه لا يحتمل تفسيرًا آخر غير اعتراف الشخص بالحق المدعى به.

ما لا يصح إعتباره إقرار ضمنيا

لا يُعتبر كل تصرف أو سكوت من الشخص إقرارًا ضمنيًا، إذ يجب أن يكون الفعل أو الامتناع عن الفعل دالًا بوضوح على الاعتراف بالحق المدعى به، وألا يحتمل تفسيرًا آخر. ومن الحالات التي لا تُعد إقرارًا ضمنيًا:

  1. السكوت في غير موضع الإنكار: إذا لم يكن هناك التزام قانوني على الشخص بالرد أو الإنكار، فإن سكوته لا يُعد إقرارًا ضمنيًا.

  2. الأفعال التي تحتمل أكثر من تفسير: مثل سداد دين قديم دون تحديد سببه، فقد يكون السداد لاعتبار آخر وليس اعترافًا بصحة الدين المطالب به.

  3. السكوت الناتج عن الجهل أو اللبس: إذا كان الشخص غير مدرك لحقه في الاعتراض أو كان في موقف غير واضح، فلا يمكن اعتبار عدم اعتراضه إقرارًا ضمنيًا.

  4. التصرفات الناتجة عن الإكراه أو الخطأ: إذا قام شخص بتصرف معين تحت ضغط أو إكراه، فلا يُعتد به كإقرار ضمني.

وبذلك، فإن الإقرار الضمني لا يُستنتج إلا إذا كانت دلالته واضحة وقاطعة على اعتراف الشخص بالحق، وإلا فإنه لا يُعد وسيلة إثبات مُلزمة قانونًا.

لا يجوز تعليق الإقرار على شرط أو إضافته إلى أجل

الأصل في الإقرار، وفقًا لقواعد الإثبات، أن يكون قاطعًا وجازمًا، فلا يجوز للمُقِرّ تعليقه على شرط أو إضافته إلى أجل، لأن ذلك يتعارض مع طبيعة الإقرار باعتباره اعترافًا صريحًا بواقعة قانونية تثبت حقًا للغير. فإذا عُلّق الإقرار على شرط مستقبلي، فقد يفقد قيمته كدليل قاطع، لأنه يصبح معلقًا على أمر غير محقق. وكذلك، إذا أُضيف إلى أجل، فإنه لا يكون منتجًا لآثاره القانونية إلا عند حلول هذا الأجل، مما قد يُضعف من حجيته كوسيلة إثبات. لذا، يشترط في الإقرار أن يكون مباشرًا، منجزًا، وغير مقيد بأي شرط أو أجل حتى يُعتد به قانونًا ويُعتبر حجة قاطعة على المُقِرّ.

لا يلزم تسجيل الإقرار للإحتجاج به على المقر

لا يُشترط تسجيل الإقرار أو توثيقه لكي يكون حجة على المُقِرّ، فبمجرد صدوره صحيحًا ومستوفيًا لشروطه القانونية، يُعد حجة قاطعة عليه ولا يجوز له الرجوع عنه. فالإقرار تصرف قانوني يُلزم صاحبه بمجرد صدوره، سواء كان شفهيًا أمام المحكمة (إقرار قضائي) أو مكتوبًا خارجها (إقرار غير قضائي). ولذلك، يستطيع الطرف الآخر الاحتجاج بالإقرار على المُقِرّ دون الحاجة إلى تسجيله رسميًا، ما لم يكن القانون يتطلب ذلك في حالات معينة، كالإقرارات المتعلقة بالعقود العقارية التي تستوجب التسجيل لحماية حقوق الغير.

 ثانيا : الإقرار يرد على واقعة قانونية

تعريف الإقرار يرد على واقعة قانونية

الإقرار الذي يرد على واقعة هو إعلان أو اعتراف شخص بحدوث واقعة معينة، سواء كانت مادية أو قانونية، يترتب عليها أثر قانوني في مواجهته أو لصالح الغير. ويشمل ذلك الإقرار بوقوع حادث معين، أو تنفيذ التزام، أو تسليم شيء، ما لم يكن مرتبطًا بآثار قانونية تترتب عليه. ويختلف هذا النوع من الإقرار عن الإقرار الذي يرد على حق، إذ إن الإقرار بالحق يشمل الاعتراف بوجود التزام قانوني مترتب على الواقعة، مثل الإقرار بالدين أو الملكية.

التميز بين الإقرار و إنشاء الحق في الذمة

يختلف الإقرار عن إنشاء الحق في الذمة من حيث طبيعته وآثاره القانونية. فالإقرار هو إخبار بوجود حق سابق للغير على المُقرّ، أي أنه لا يُنشئ الحق، بل يقتصر على الاعتراف بواقعة قانونية أو بحق موجود بالفعل قبل الإقرار. لذلك، فإن الإقرار وسيلة إثبات، وليس تصرفًا منشئًا للحق.

أما إنشاء الحق في الذمة، فهو تصرف قانوني يُرتّب التزامًا جديدًا لم يكن موجودًا من قبل، كأن يتعهد شخص بدفع مبلغ مالي لشخص آخر بموجب عقد جديد. في هذه الحالة، لا يكون الشخص مُقرًا بحق سابق، وإنما هو يُنشئ حقًا جديدًا بموجب تصرف قانوني.

وبالتالي، فإن الإقرار يُثبت حقًا قائمًا، بينما إنشاء الحق يُؤسس التزامًا جديدًا لم يكن موجودًا قبل التصرف القانوني الذي أدى إلى نشأته.

ممن يصدر الإقرار ؟

يجب أن يصدر الإقرار عن شخص ذي صفة وأهلية قانونية حتى يكون صحيحًا وملزمًا. فالإقرار لا يكون معتبرًا إلا إذا صدر عن شخص كامل الأهلية، أي بالغًا عاقلًا غير محجور عليه، لأن الإقرار يُعد تصرفًا قانونيًا يُلزم المُقِرّ ولا يجوز له الرجوع عنه.

كما يشترط أن يكون المُقِرّ صاحب مصلحة في الواقعة القانونية التي يُقرّ بها، فلا يُعتد بالإقرار الصادر عن شخص لا علاقة له بالدعوى أو النزاع. أما إذا صدر الإقرار عن شخص ناقص الأهلية، مثل القاصر أو المحجور عليه، فلا يكون الإقرار ملزمًا له إلا إذا أجازه ممثله القانوني، وفقًا لما يقرره القانون في هذه الحالات.

ثالثا : الإقرار يكون عن قصد

تعريف الإقرار يكون عن قصد

الإقرار عن قصد هو إعلان الشخص بواقعة قانونية أو بحق للغير على نفسه بإرادة حرة ومدركة، مع علمه الكامل بآثاره القانونية. ويُشترط في الإقرار الصحيح أن يكون صادرًا عن إرادة حقيقية غير مشوبة بعيب من عيوب الرضا، مثل الإكراه أو الغلط أو التدليس. فإذا صدر الإقرار نتيجة خطأ غير مقصود أو في حالة جهل بالواقعة، فلا يُعتد به قانونًا. ويُعد الإقرار الصادر عن قصد من أقوى وسائل الإثبات، لأنه يُعبّر عن اعتراف صريح بالحق المدعى به، مما يجعله حجة قاطعة على المُقرّ لا يجوز له الرجوع عنها.

قضاء محكمة النقض

أكدت محكمة النقض المصرية في العديد من أحكامها أن الإقرار هو حجة قاطعة على المُقرّ ولا يجوز له الرجوع عنه متى صدر صحيحًا ومستوفيًا لشروطه القانونية. وقد قررت المحكمة أن الإقرار القضائي يُعد من أقوى أدلة الإثبات، ولا يحتاج إلى دليل آخر لإثبات الواقعة التي أُقرّ بها، طالما كان الإقرار صريحًا وواضحًا وغير معلق على شرط أو مضاف إلى أجل. كما أوضحت أن الإقرار غير القضائي، وإن كان يُعدّ دليلاً، إلا أنه يخضع لتقدير قاضي الموضوع، الذي يملك سلطة بحث مدى صحته وظروف صدوره.

وبذلك، استقر قضاء محكمة النقض على أن الإقرار يُعتبر من وسائل الإثبات الحاسمة التي تُلزم المُقرّ، ما لم يثبت أنه وقع تحت إكراه أو نتيجة خطأ جوهري يُبطل إرادته.

أمثلة من الفقه والقضاء لحالات لا يتوافر فيها هذا العنصر ولا تعد بالتالي إقرار

تناول الفقه والقضاء المصري عدة حالات لا يُعتبر فيها التصرف أو القول إقرارًا، لعدم توافر شروطه القانونية، ومن هذه الحالات:

  1. التعبير عن رأي أو وجهة نظر: إذا أدلى شخص برأيه حول مسألة قانونية أو واقعة معينة دون أن يكون قصده الاعتراف بحق للغير، فلا يُعد ذلك إقرارًا، كما لو قال شخص إنه يعتقد بوجود دين عليه دون تأكيد قاطع.

  2. السكوت الذي لا يُلزم صاحبه: لا يُعتبر السكوت إقرارًا إلا إذا كان في موضع يستوجب الرد والإنكار، كأن يُنسب لشخص دين أمام المحكمة ولا ينكره رغم قدرته على ذلك. أما السكوت العادي فلا يُعد إقرارًا.

  3. الإقرارات الناتجة عن خطأ أو جهل: إذا صدر عن شخص إقرار بحق معين، ثم تبين أنه كان يجهل حقيقة الواقعة أو كان مخطئًا في فهمها، فقد لا يُعتد بهذا الإقرار، كما لو أقر بدين ثم ثبت أنه سدّده بالفعل.

  4. الإقرار تحت الإكراه أو التهديد: إذا صدر الإقرار نتيجة إكراه مادي أو معنوي، كما لو أُجبر شخص على الاعتراف بحق غير حقيقي تحت التهديد، فإنه لا يُعتبر إقرارًا صحيحًا.

وقد أكدت محكمة النقض المصرية في أحكامها أن الإقرار لا يُعتد به إلا إذا كان صريحًا، جازمًا، صادراً عن إرادة حرة، ومدركًا لآثاره القانونية، وأن أي نقص في هذه الشروط يجعله غير ملزم لصاحبه.

رابعا: الإقرار تصرف قانوني من جانب واحد

تعريف الإقرار تصرف قانوني من جانب واحد

يُعرّف الإقرار بأنه تصرف قانوني يصدر عن شخص بإرادته المنفردة، يترتب عليه الإلزام بحقه تجاه الطرف الآخر دون الحاجة إلى قبوله. فالإقرار ليس عقدًا يتطلب إرادتين، بل هو تصرف قانوني من جانب واحد، حيث يقرّ الشخص بواقعة قانونية أو بحق للغير على نفسه، مما يجعله حجة قاطعة عليه. وبمجرد صدور الإقرار صحيحًا ومستوفيًا لشروطه، يصبح ملزمًا للمُقرّ، ولا يجوز له الرجوع عنه، إلا في حالات استثنائية، كأن يكون قد صدر عن غلط جوهري أو إكراه. وهذا ما يميّز الإقرار عن التصرفات الثنائية، التي تتطلب توافق إرادتين لإنتاج آثارها القانونية.

السبب ليس ركنا في الإقرار

يُعد الإقرار تصرفًا قانونيًا من جانب واحد، لكنه لا يتطلب توافر سبب ليكون صحيحًا ومنتجًا لآثاره. فالإقرار هو مجرد إخبار بواقعة قانونية أو اعتراف بحق للغير على المُقرّ، دون اشتراط بيان الدافع أو السبب الذي دفعه إلى ذلك. ولهذا، لا يُشترط أن يُثبت المُقرّ سبب التزامه أو يوضحه، لأن الإقرار يُعد بذاته دليلًا قاطعًا على ثبوت الحق، بغض النظر عن الأسباب التي دفعت المُقرّ إلى الاعتراف به. ومع ذلك، إذا ثبت أن الإقرار قد صدر نتيجة غلط أو تدليس أو إكراه، فإنه قد يكون قابلًا للإبطال وفقًا للقواعد العامة في القانون.

تطبيقات من قضاء محكمة النقض

استقر قضاء محكمة النقض المصرية على أن الإقرار يُعد حجة قاطعة على المُقرّ ولا يجوز له الرجوع عنه، طالما صدر صحيحًا ومستوفيًا لشروطه القانونية. ومن التطبيقات القضائية الهامة:

  1. الإقرار القضائي: قضت محكمة النقض بأن الإقرار الصادر أمام القضاء، متى كان صريحًا وواضحًا وغير معلق على شرط أو مضاف إلى أجل، يُعد دليلاً قاطعًا لا يحتاج إلى إثبات آخر، كما لا يجوز للمُقرّ الرجوع عنه بحجة الخطأ أو التسرع إلا في حالات استثنائية.

  2. الإقرار غير القضائي: قررت المحكمة أن الإقرار غير القضائي، وإن كان وسيلة إثبات، إلا أنه لا يكون مُلزِمًا بذاته، بل يخضع لتقدير قاضي الموضوع، الذي يقيّم مدى صحته وسلامة الظروف التي صدر فيها.

  3. الإقرار في المسائل المالية: أكدت محكمة النقض أن الإقرار بالدين يُعدّ كافيًا لإثبات المديونية، ما لم يُثبت المُقرّ وجود سبب قانوني يُبطله، كالإكراه أو الغلط.

  4. الإقرار والسكوت: حكمت المحكمة بأن السكوت لا يُعد إقرارًا إلا إذا توافرت ظروف تجعله بمنزلة اعتراف ضمني، مثل عدم إنكار الدين عند مواجهته به في موضع يستوجب الرد.

تؤكد هذه التطبيقات أن الإقرار، وفقًا لمحكمة النقض، يُعتبر من أقوى وسائل الإثبات، ويُرتب آثارًا قانونية تُلزم المُقرّ، طالما لم يثبت وجود سبب قانوني ينفي إرادته الحرة عند صدوره.

محل الإقرار

يُقصد بـ محل الإقرار الواقعة القانونية أو الحق الذي يُقرّ به الشخص، ويشترط فيه أن يكون ممكنًا، ومُحددًا، وغير مخالف للنظام العام أو الآداب. فقد يكون محل الإقرار واقعة مادية، كالإقرار بحدوث حادث معين، أو حقًا شخصيًا أو عينيًا، مثل الإقرار بالدين أو الاعتراف بملكية عقار للغير.

ويشترط أن يكون محل الإقرار واردًا على أمر يمكن إثباته قانونًا، فلا يُعتد بالإقرار إذا كان منصبًا على واقعة مستحيلة الحدوث أو على أمر غير مشروع. كما يجب أن يكون المحل واضحًا ومحددًا تحديدًا كافيًا حتى يُمكن الاحتجاج به، فلا يُعتبر الإقرار صحيحًا إذا كان غامضًا أو غير قابل للتحديد.

يجب أن يكون المقر به معينا أو قابلا للتعيين

يشترط لصحة الإقرار أن يكون المُقرّ به معينًا أو قابلاً للتعيين، أي أن يكون واضحًا ومحددًا بحيث لا يثير الغموض أو اللبس عند تنفيذه. فإذا كان الإقرار منصبًا على حق معين، كالإقرار بدين أو بملكية عقار، فيجب أن يكون هذا الحق محددًا بذاته أو يمكن تحديده بالرجوع إلى عناصر خارجية مؤكدة.

فلا يُعتد بالإقرار إذا كان غامضًا أو غير محدد تحديدًا كافيًا، كأن يقرّ شخص بمديونية غير معلومة القدر دون إمكانية تعيينها. وفي حال كان الإقرار عامًا لكنه قابل للتحديد، كأن يقرّ المدين بوجود دين لكنه لم يحدد قيمته، فإنه يكون صحيحًا، لكن يتطلب اللجوء إلى وسائل أخرى لتحديد مقداره.

تطبيقات من قضاء محكمة النقض

استقر قضاء محكمة النقض المصرية على أن الإقرار يُعد من أقوى وسائل الإثبات، ويُرتّب أثرًا قانونيًا مُلزِمًا للمُقرّ متى استوفى شروطه. ومن أبرز التطبيقات القضائية على الإقرار:

  1. حجية الإقرار القضائي: قضت محكمة النقض بأن الإقرار الصادر أمام المحكمة، إذا كان صريحًا وواضحًا وغير معلق على شرط، يُعد دليلاً قاطعًا لا يحتاج إلى إثبات آخر، ولا يجوز للمُقرّ الرجوع عنه إلا في حالات استثنائية كالغلط أو الإكراه.

  2. الإقرار غير القضائي وتقدير القاضي: قررت المحكمة أن الإقرار غير القضائي يُعد دليلاً ولكنه لا يكون مُلزِمًا للقاضي، بل يخضع لتقديره، حيث يمكنه بحث ظروف صدوره ومدى مطابقته للواقع.

  3. عدم اعتبار السكوت إقرارًا إلا بشروط: أكدت محكمة النقض أن السكوت لا يُعد إقرارًا إلا إذا كان في موقف يستوجب الرد والإنكار، مثل مواجهة الشخص بحق عليه وعدم اعتراضه في ظروف تدل على موافقته.

  4. الإقرار بالدين وأثره القانوني: حكمت المحكمة بأن إقرار المدين بوجود الدين يُعد حجة قاطعة عليه، ولا يجوز له التنصل منه إلا إذا أثبت وجود سبب قانوني يُبطله، كالإكراه أو الوفاء السابق بالدين.

تؤكد هذه الأحكام أن الإقرار في القضاء المصري يُعد وسيلة إثبات قوية، لكنه يخضع لضوابط دقيقة لضمان صحته وأثره القانوني.

صورية الإقرار

صورية الإقرار تعني أن الإقرار قد صدر من المُقرّ شكليًا دون أن يكون معبرًا عن الحقيقة، أي أنه لا يعكس إرادته الحقيقية، وإنما صدر بناءً على اتفاق بينه وبين المستفيد منه بغرض تحقيق غاية معينة، مثل التحايل على القانون أو الإضرار بالغير.

وقد استقر قضاء محكمة النقض المصرية على أن الإقرار متى ثبتت صوريته، فإنه لا يكون حجة على المُقرّ، ويمكنه إثبات هذه الصورية بكافة طرق الإثبات، بما في ذلك شهادة الشهود والقرائن، إذا كان الإقرار غير مرتبط بعقد مكتوب. أما إذا كان الإقرار جزءًا من تصرف قانوني مكتوب، فلا يجوز إثبات صوريته إلا بالكتابة، ما لم تكن هناك حالة استثنائية تجيز ذلك، مثل وجود غش أو تدليس.

وبذلك، فإن صورية الإقرار تؤدي إلى نفي حجيته القانونية، ويجوز الطعن عليه وإثبات حقيقته بطرق الإثبات المقبولة قانونًا، وفقًا لظروف كل حالة.

نطاق تطبيق الإقرار

يتحدد نطاق تطبيق الإقرار من حيث الأشخاص والمجال القانوني الذي يُعتد فيه بالإقرار كوسيلة إثبات. فالإقرار يُلزم المُقرّ وحده، ولا يمتد أثره إلى الغير، فلا يُحتج به على شخص لم يصدر عنه أو لم يكن طرفًا فيه. كما أنه يقتصر على الواقعة التي أُقرّ بها فقط، ولا يمكن تفسيره على نحو يوسع نطاقه ليشمل أمورًا لم ترد في عباراته صراحة.

أما من حيث المجال القانوني، فإن الإقرار يُطبق في المسائل المدنية والتجارية والجنائية، لكنه يخضع لضوابط مختلفة في كل مجال. ففي المسائل المدنية، يُعد الإقرار القضائي حجة قاطعة لا يجوز الرجوع عنها، أما في المجال الجنائي، فإن الإقرار، رغم أهميته، يخضع لتقدير القاضي، حيث يجب أن يكون صادرًا عن إرادة حرة، ولا يكفي وحده للإدانة ما لم تدعمه أدلة أخرى.

وبذلك، فإن نطاق تطبيق الإقرار يخضع لعدة اعتبارات، منها شخص المُقرّ، طبيعة الواقعة المُقرّ بها، والمجال القانوني الذي يُستخدم فيه كدليل إثبات.

لا يقبل الإقرار فيما يخالف حكم القانون

الإقرار، رغم كونه وسيلة قوية للإثبات، لا يكون مقبولًا إذا خالف نصًا قانونيًا آمرًا أو تعارض مع النظام العام والآداب العامة. فلا يجوز للشخص أن يُقرّ بأمر يحرّمه القانون أو يمنعه صراحة، مثل الإقرار بملكية أموال مكتسبة من نشاط غير مشروع، أو الإقرار بالتزام غير قانوني كدَين ناتج عن مقامرة محرمة.

وقد استقر قضاء محكمة النقض المصرية على أن الإقرار الذي يتضمن مخالفة لأحكام القانون يُعد باطلًا ولا يُعتد به كدليل إثبات، حتى لو صدر عن إرادة حرة وصحيحة، لأن القواعد القانونية الآمرة لا يجوز الاتفاق على مخالفتها أو التحايل عليها.

وبالتالي، فإن الإقرار لا تكون له أي حجية قانونية إذا كان من شأنه الإخلال بالنظام القانوني العام أو المساس بحقوق لا يجوز التنازل عنها وفقًا لأحكام القانون.

لا يقبل الإقرار فيما يخالف النظام العام أو الآداب

لا يكون الإقرار مقبولًا إذا تعارض مع النظام العام أو الآداب العامة، وذلك لأن القواعد التي تحكم النظام العام والآداب تعتبر من الأسس الجوهرية التي لا يجوز الاتفاق على مخالفتها أو التحايل عليها. فإذا أقرّ شخص بأمر مخالف للقانون أو للآداب العامة، كالإقرار بعقد غير مشروع أو التزام ناتج عن معاملة غير قانونية، فإن هذا الإقرار يكون باطلًا ولا يُعتد به.

وقد استقر قضاء محكمة النقض المصرية على أن الإقرار الذي يتضمن اعترافًا بأمر غير مشروع لا يُعتبر دليلًا قانونيًا، ولا يجوز الاحتجاج به أمام القضاء، لأنه يتعارض مع المبادئ الأساسية التي يقوم عليها المجتمع.

وبذلك، فإن الإقرار لا يُنتج أي أثر قانوني إذا كان من شأنه الإخلال بالقيم الأساسية أو الاعتراف بتصرفات محرمة قانونًا أو مخالفة للآداب العامة، حمايةً للمصلحة العامة ومنعًا لإضفاء الشرعية على التصرفات غير المشروعة.

عدم ورود الفسخ على الإقرار

الإقرار تصرف قانوني من جانب واحد يترتب عليه إلزام المُقرّ بحق للغير، وبمجرد صدوره صحيحًا ومستوفيًا لشروطه، فإنه يُصبح حجة قاطعة على المُقرّ ولا يجوز فسخه أو التراجع عنه بإرادته المنفردة. وذلك لأن الفسخ، وفقًا للقواعد العامة، ينصرف إلى العقود التي تتطلب إرادتين، بينما الإقرار يُعدّ إثباتًا لحق أو واقعة قانونية لا يمكن الرجوع عنها أو إبطالها إلا في حالات استثنائية، كأن يثبت المُقرّ أنه وقع في غلط جوهري، أو كان مُكرهًا، أو أن الإقرار صدر منه تحت تأثير تدليس أو غش.

وقد استقر قضاء محكمة النقض المصرية على أن الإقرار، سواء كان قضائيًا أو غير قضائي، لا يجوز فسخه أو الرجوع عنه بإرادة المُقرّ المنفردة، لأنه يُعد بمثابة إقرار نهائي بصحة الواقعة المُقرّ بها، ما لم يثبت أن هناك سببًا قانونيًا يُبطل الإقرار من أساسه.

يجب على المحكمة أن تتناول في حكمها الإقرار الصادر في الدعوى

يتعين على المحكمة، عند إصدار حكمها، أن تتناول بالبحث الإقرار الصادر في الدعوى، سواء كان إقرارًا قضائيًا أو غير قضائي، لأن الإقرار يُعدّ من أقوى وسائل الإثبات، وله أثر حاسم في تحديد الحقوق والالتزامات بين الخصوم.

وقد استقر قضاء محكمة النقض المصرية على أن إغفال المحكمة للإقرار الصادر أمامها، دون بحثه أو التعليق عليه، يُعدّ قصورًا في التسبيب يترتب عليه بطلان الحكم. إذ يجب على المحكمة أن تتحقق من صحة الإقرار، ومدى تطابقه مع وقائع الدعوى، وأن تُبين في حكمها أثره القانوني على النزاع المطروح أمامها.

وبالتالي، فإن المحكمة مُلزمة قانونًا بتحليل الإقرار وتقدير قيمته في الإثبات، وبيان أثره في موضوع النزاع، وذلك تحقيقًا للعدالة وضمانًا لاحترام المبادئ القانونية المستقرة في الإثبات.

أهلية المقر

يشترط لصحة الإقرار أن يكون صادرًا عن شخص يتمتع بالأهلية القانونية اللازمة للتصرف فيما يُقرّ به، وذلك لأن الإقرار يُعد تصرفًا قانونيًا من جانب واحد، يترتب عليه التزام المُقرّ بنتائجه.

وبحسب القواعد العامة في القانون المصري، فإن أهلية الإقرار تتوقف على طبيعة الحق أو الالتزام المُقرّ به:

  • إذا كان الإقرار متعلقًا بحقوق مالية، فيجب أن يكون المُقرّ بالغًا، عاقلًا، متمتعًا بأهلية التصرف، فلا يُعتد بإقرار القاصر أو المحجور عليه فيما يضرّ بحقوقه المالية إلا إذا كان بإذن من وليه أو الوصي عليه.

  • أما إذا كان الإقرار متعلقًا بحقوق غير مالية، كالإقرار بالنسب أو الزواج، فيُكتفى بأهلية التمييز، أي أن يكون المُقرّ مدركًا لمعنى إقراره وآثاره.

وقد استقر قضاء محكمة النقض المصرية على أن الإقرار الصادر عن شخص ناقص الأهلية أو فاقدها يكون باطلًا أو قابلًا للإبطال، بحسب حالة المُقرّ وقت صدوره، ولا يُرتب أثره القانوني إلا إذا صدر عن إرادة صحيحة ومؤهلة قانونًا.

إقرار المريض مرض الموت

يخضع إقرار المريض في مرض الموت لقواعد خاصة نظرًا لخطورة حالته وإمكانية التأثير على إرادته. فوفقًا للقانون والقضاء المصري، يُعامل إقرار المريض في هذه الحالة معاملة الوصية، إذا كان الإقرار يتضمن تصرفًا ماليًا لمصلحة الغير، ويُشترط فيه ألا يتجاوز ثلث التركة ما لم يجزه الورثة.

وقد استقر قضاء محكمة النقض المصرية على أن الإقرار الصادر عن المريض في مرض موته المخوف يُعد صحيحًا إذا كان لصالح أحد الورثة أو الغير، لكنه لا يكون نافذًا في حق الورثة إلا في حدود الثلث، ما لم يوافقوا على ما زاد عن ذلك.

كما أن المحكمة تتحقق من كون المرض هو مرض موت، أي أن يكون خطيرًا ومفضيًا إلى الوفاة، وأن يكون المُقرّ عالمًا بحالته الصحية وقت الإقرار. فإذا ثبت أن الإقرار صدر تحت تأثير المرض أو في ظروف تدعو إلى الشك في إرادة المُقرّ، جاز الطعن عليه بعدم الصحة أو الادعاء بأنه صدر تحت تأثير الإكراه أو التغرير.

شروط إعتبار التصرف مضافا إلى ما بعد الموت

يُشترط لاعتبار التصرف مضافًا إلى ما بعد الموت أن يكون التصرف منشئًا لحق أو ناقلًا له، لكن لا يُنتج أثره إلا بعد وفاة المُتصرف، بحيث لا يكون للمتصرف حق الرجوع فيه متى صدر صحيحًا. ومن أهم الشروط التي يجب توافرها:

  1. نية التأجيل إلى ما بعد الوفاة: يجب أن يكون القصد الواضح للمتصرف أن لا يكون للتصرف أي أثر حال حياته، بل يبدأ سريانه بعد وفاته، كما هو الحال في الوصية.

  2. عدم تعارض التصرف مع أحكام الميراث: إذا كان التصرف متعلقًا بحق مالي أو توزيع التركة، فيجب ألا يخالف القواعد الآمرة للميراث، وإلا اعتُبر باطلًا أو موقوفًا على إجازة الورثة.

  3. خضوعه لأحكام الوصية: في حالة التصرفات المالية، يُعامل التصرف معاملة الوصية، فلا يكون نافذًا إلا في حدود ثلث التركة، ما لم يُجزه الورثة.

  4. توافر الأهلية عند التصرف: يجب أن يكون المُتصرف مؤهلًا قانونيًا لإجراء التصرف وقت صدوره، وألا يكون تحت تأثير إكراه أو نقص في الأهلية.

  5. عدم قابلية التصرف للإلغاء بإرادة المتصرف المنفردة: حيث يفقد المُتصرف حقه في العدول عنه بمجرد إقراره به متى كان مستوفيًا لشروطه القانونية.

وقد استقر قضاء محكمة النقض المصرية على أن التصرف الذي يُؤجل أثره إلى ما بعد الموت، متى ثبتت حقيقته، يُعد وصية ولو سُمّي بيعًا أو هبة، ويخضع لأحكام الوصايا في القانون.

المقصود بمرض الموت

مرض الموت هو المرض الذي يغلب فيه الهلاك، ويفقد فيه المريض قدرته على إدارة شؤونه بشكل طبيعي، وينتهي بوفاته. ويُشترط في هذا المرض أن يكون خطيرًا ومخوفًا، بحيث يُؤدي إلى الوفاة في فترة قصيرة دون أن يُشفى منه المريض أو تعود إليه صحته.

وقد استقر قضاء محكمة النقض المصرية على أن مرض الموت هو الذي يُلازم المريض حتى وفاته، ويحدّ من قدرته على التصرف بحرية وإدراك كامل. وبالتالي، فإن التصرفات المالية الصادرة عن المريض في هذه الحالة، خاصة إذا كانت لصالح أحد الورثة، تخضع لأحكام الوصية ولا تكون نافذة إلا في حدود ثلث التركة، ما لم يُجزها بقية الورثة.

ويُحدد مرض الموت استنادًا إلى الظروف الواقعية والشهادات الطبية ومدة المرض، بحيث إذا ثبت أن المرض لم يكن خطيرًا وقت التصرف، فلا يُعد مرض موت، أما إذا كان المرض قد انتهى بالوفاة وكان من شأنه التأثير على إرادة المريض، فإنه يُرتب آثارًا قانونية خاصة، لا سيما في مسائل التصرفات المالية والميراث.

إثبات ورثة المتصرف أن العمل القانوني قد صدر من مورثهم وهو في مرض الموت

يحق لورثة المتصرف الطعن في التصرفات التي أجراها مورثهم إذا ثبت أنها صدرت أثناء مرض موته المخوف، وذلك لأن هذه التصرفات قد تؤثر على حقوقهم في التركة، خاصة إذا كانت لصالح أحد الورثة أو الغير بشكل يُخلّ بقواعد الميراث.

ويجب على الورثة، لإثبات أن التصرف صدر في مرض الموت، تقديم الأدلة والقرائن التي تُثبت أن مورثهم كان يعاني من مرض خطير أفضى إلى وفاته، مثل:

  • التقارير والشهادات الطبية التي تثبت طبيعة المرض ومدته واحتمالية الوفاة منه.

  • شهادة الشهود الذين عاينوا حالته الصحية وقت التصرف.

  • القرائن القانونية، مثل تدهور حالته الصحية قبيل التصرف مباشرةً أو عدم قدرته على إدارة شؤونه.

وقد استقر قضاء محكمة النقض المصرية على أن الورثة متى أثبتوا أن التصرف صدر في مرض الموت، فإنه يُعامل معاملة الوصية، ولا يكون نافذًا إلا في حدود ثلث التركة، ما لم يُجزه الورثة. كما أن عبء إثبات أن التصرف لم يكن في مرض الموت يقع على المستفيد منه إذا ثبت أن المورث كان مريضًا وقت إجرائه.

بذلك، فإن إثبات أن التصرف صدر أثناء مرض الموت يُؤدي إلى تطبيق أحكام الوصية عليه، مما يحدّ من آثاره حفاظًا على حقوق الورثة.

إثبات المتصرف إليه أن التصرف ليس تبرعا

عند الطعن في تصرف قانوني بدعوى أنه كان تبرعًا مستترًا أو وصية مضافة إلى ما بعد الموت، يكون على المتصرف إليه (المستفيد من التصرف) إثبات أن هذا التصرف كان معاوضة وليس تبرعًا، أي أنه تم بمقابل عادل وليس بغرض التبرع أو مجاملة المتصرف له.

ويتم ذلك من خلال تقديم أدلة قانونية وواقعية، مثل:

  • إثبات وجود مقابل مالي تم دفعه فعليًا للمتصرف، كإبراز إيصالات أو مستندات تثبت السداد.

  • إثبات نية البيع أو المعاوضة من خلال بنود العقد، خاصة إذا كان هناك شرط صريح يفيد بأن التصرف تم بعوض وليس على سبيل التبرع.

  • شهادة الشهود أو القرائن القاطعة التي تثبت أن المتصرف لم يقصد التبرع، بل أراد البيع أو أي تصرف بمقابل حقيقي.

وقد استقر قضاء محكمة النقض المصرية على أن عبء إثبات أن التصرف لم يكن تبرعًا يقع على المتصرف إليه متى طعن الورثة أو الغير في التصرف وادعوا أنه كان تبرعًا مستترًا. وفي حال ثبوت أن التصرف كان في مرض الموت، فإنه يُعامل معاملة الوصية، ما لم يُثبت المتصرف إليه أنه تم بعوض حقيقي ومناسب.

بذلك، فإن إثبات أن التصرف لم يكن تبرعًا يستلزم تقديم أدلة دامغة تُظهر أن هناك التزامًا متبادلاً بين الطرفين، وأن المستفيد لم يحصل على الحق بدون مقابل.

لا يلزم أهلية المقر له

لا يُشترط في المُقرّ له أن يكون متمتعًا بالأهلية القانونية الكاملة حتى يُعتد بالإقرار لصالحه، لأن الإقرار يُعتبر تصرفًا قانونيًا من جانب واحد يُنشئ حقًا في ذمة المُقرّ، ولا يتطلب قبولًا من المُقرّ له حتى يكون نافذًا.

وبذلك، فإن الإقرار يكون صحيحًا حتى لو كان المُقرّ له قاصرًا أو ناقص الأهلية أو فاقدها، كأن يُقرّ شخص بمديونية لصالح طفل قاصر أو شخص عديم الأهلية، إذ يُرتب الإقرار أثره في حق المُقرّ بمجرد صدوره منه، ويكتسب المُقرّ له الحق بموجبه، مع بقاء حق من ينوب عنه قانونًا في التصرف في هذا الحق وفقًا للقواعد القانونية.

وقد استقر قضاء محكمة النقض المصرية على أن الإقرار يُعدّ وسيلة إثبات قاطعة، ولا يتوقف أثره على أهلية المُقرّ له، طالما كان الإقرار صحيحًا مستوفيًا لشروطه القانونية.

يجوز للمقر له رد الإقرار

رغم أن الإقرار يُعدّ تصرفًا قانونيًا من جانب واحد يترتب عليه إلزام المُقرّ بنتائجه، إلا أن للمُقرّ له الحق في رد الإقرار ورفض الاستفادة منه، خاصة إذا كان الإقرار يتضمن التزامًا أو منحة لا يرغب في قبولها.

ويكون رد الإقرار صريحًا أو ضمنيًا، كأن يُصرّح المُقرّ له بعدم قبوله للإقرار، أو أن يقوم بأي تصرف يدل على رفضه له، مثل التخلي عن الحق الذي أقرّ به المُقرّ لصالحه.

وقد استقر قضاء محكمة النقض المصرية على أن الإقرار لا يُرتب أثره في مواجهة المُقرّ له إلا إذا قبله، فإذا رفضه صراحةً أو ضمنًا، فإنه لا يُلزمه بأي التزام ولا يُرتب له أي حق.

وبذلك، فإن للمُقرّ له حرية قبول الإقرار أو رفضه، خاصة إذا كان يترتب عليه التزامات أو آثار لا تتناسب مع مصلحته أو إرادته.

الوكالة في الإقرار

يجوز أن يصدر الإقرار عن طريق وكيل مفوض بذلك صراحة، حيث يُمكن للشخص أن يُنيب غيره في الإقرار نيابة عنه، شريطة أن يكون التفويض واضحًا وصريحًا في موضوع الإقرار. ولا يُفترض في الوكيل حق الإقرار نيابة عن الموكل إلا إذا كان ذلك داخلًا ضمن حدود الوكالة المخولة له.

وقد استقر قضاء محكمة النقض المصرية على أن الإقرار يُعد تصرفًا قانونيًا من جانب واحد، ولا يجوز للوكيل القيام به إلا إذا كان مفوضًا فيه تفويضًا خاصًا، إذ لا يُستفاد حق الإقرار من مجرد الوكالة العامة في إدارة الأعمال.

وبذلك، فإن الوكالة في الإقرار تقتضي:

  1. تفويضًا خاصًا أو نصًا صريحًا في الوكالة يُجيز للوكيل الإقرار نيابة عن الموكل.

  2. عدم تجاوز الوكيل حدود التفويض الممنوح له، وإلا اعتُبر الإقرار غير ملزم للموكل.

  3. خضوع الإقرار الصادر من الوكيل لنفس الأحكام التي تسري على الإقرار الصادر من الأصيل، من حيث الأثر القانوني وإلزاميته.

وعليه، فإذا صدر الإقرار من وكيل دون تفويض خاص، كان للموكل حق إنكاره، ولا يُرتب أثرًا قانونيًا ضده.

تطبيقات من قضاء محكمة النقض

استقر قضاء محكمة النقض المصرية على عدة مبادئ هامة بشأن الإقرار، ومن أبرز تطبيقاتها القضائية:

  1. حجية الإقرار وأثره القاطع: قضت محكمة النقض بأن الإقرار القضائي حجة قاطعة على المُقرّ، ولا يجوز له الرجوع عنه، لأنه يعد اعترافًا صريحًا بواقعة قانونية تُرتب عليه التزامًا، إلا إذا ثبت أنه وقع بطريق الغلط أو الإكراه أو ثبتت صوريته.

  2. الإقرار في مرض الموت: أكدت المحكمة أن الإقرار الصادر من المورث حال مرض موته المخوف يُعامل معاملة الوصية، فلا ينفذ إلا في حدود ثلث التركة، ما لم يُجزه الورثة، خاصة إذا كان يتضمن تبرعًا لأحدهم.

  3. الإقرار الضمني: أوضحت المحكمة أن الإقرار قد يكون ضمنيًا إذا كانت تصرفات المُقرّ تفيد اعترافه بحق الغير، مثل السكوت عن الإنكار عند التزامه بالتزامات تفترض إقراره بالدين.

  4. عدم اشتراط أهلية المُقرّ له: قررت المحكمة أن الإقرار لا يتوقف أثره على أهلية المُقرّ له، لأن الحق المُترتب عليه ينشأ بمجرد صدور الإقرار من المُقرّ، حتى لو كان المُقرّ له قاصرًا أو فاقد الأهلية.

  5. رد الإقرار من المُقرّ له: أكدت المحكمة أن الإقرار لا يُلزم المُقرّ له بقبوله، فإذا رفضه صراحة أو ضمنًا، لم يُرتب أي أثر في مواجهته، مما يعني أن الإقرار ليس ملزمًا للمستفيد منه إذا لم يرغب في التمسك به.

خلاصة المبادئ القضائية

تُظهر هذه التطبيقات أن الإقرار يُعد من أقوى وسائل الإثبات، لكنه يخضع لضوابط قانونية تحكم آثاره، ولا يُعتد به إلا إذا كان مستوفيًا لشروطه القانونية، سواء من حيث الأهلية أو الصياغة أو النية الواضحة للمُقرّ.

وجوب بيان الحكم دخول الإقرار في حدود الوكالة

يجب على المحكمة، عند الفصل في نزاع يتعلق بإقرار صادر من وكيل، أن تتحقق مما إذا كان الإقرار قد صدر في حدود الوكالة المخولة له أم جاوزها، وذلك من خلال الاطلاع على نصوص التوكيل وظروف الإقرار.

وقد استقر قضاء محكمة النقض المصرية على أن الإقرار يُعد تصرفًا قانونيًا خطيرًا، لا يجوز للوكيل مباشرته إلا إذا كان مفوضًا فيه تفويضًا خاصًا أو كان الإقرار يدخل ضمن التصرفات التي تخوله الوكالة العامة القيام بها. وبناءً على ذلك، فإن الحكم القضائي الذي يستند إلى إقرار صادر من وكيل يجب أن يُبين بوضوح ما إذا كان الإقرار قد تم في حدود الوكالة أم لا، وإلا عُدّ قاصرًا في تسبيبه وقابلاً للطعن.

فإذا كان الإقرار قد تجاوز صلاحيات الوكيل، كان للموكل حق إنكاره، ولا يُرتب أثرًا قانونيًا ضده. أما إذا كان داخلًا في نطاق الوكالة، فإنه يُلزم الموكل بكامل آثاره.

إقرار المحامي على موكله

الأصل أن المحامي لا يملك الإقرار بالحق أو التنازل عنه نيابة عن موكله، إلا إذا كان مفوضًا بذلك تفويضًا خاصًا وصريحًا. فوكالة المحامي في المرافعة والدفاع أمام المحاكم لا تشمل الإقرار أو التصرف في الحقوق محل النزاع، إلا إذا ورد تفويض واضح في سند الوكالة يجيز له ذلك.

وقد استقر قضاء محكمة النقض المصرية على أن إقرار المحامي في الجلسات أو أثناء المرافعة لا يُلزم الموكل، ما لم يكن الإقرار متعلقًا بإجراء في الخصومة، كقبول التأجيل أو الطعن في قرار إجرائي، أو كان مفوضًا فيه تفويضًا خاصًا. أما إذا كان الإقرار متعلقًا بأصل الحق محل النزاع، فلا يُعتد به ضد الموكل إلا إذا ثبت أنه فوض محاميه صراحة في الإقرار عنه.

وبذلك، فإن أي إقرار يصدر من المحامي بشأن إلزام موكله أو الاعتراف بحق للخصم لا يُرتب أثرًا قانونيًا على الموكل إلا إذا ثبت تفويضه لمحاميه بذلك، وإلا جاز له الطعن بعدم سريان هذا الإقرار في مواجهته.

إقرار ممثل الشخص المعنوي

يخضع إقرار ممثل الشخص المعنوي لنطاق الصلاحيات المخولة له، فلا يكون الإقرار الصادر عنه ملزمًا للشخص المعنوي إلا إذا صدر في حدود سلطته القانونية أو التفويض الممنوح له. فإذا تجاوز الممثل القانوني صلاحياته، كان الإقرار غير ملزم للشخص المعنوي، إلا إذا أُقرّ من الجهة المختصة داخله.

وقد استقر قضاء محكمة النقض المصرية على أن إقرار ممثل الشخص المعنوي لا يكون حجة على الكيان الذي يمثله إلا إذا صدر في حدود التفويض المخول له بموجب القانون أو النظام الأساسي للجهة التي يمثلها. فإذا ثبت أن الإقرار قد جاوز سلطاته أو لم يكن في مصلحة الشخص المعنوي، فإنه لا يسري في حقه.

وبذلك، فإن الإقرار الصادر من ممثل شركة أو جمعية أو مؤسسة عامة يجب أن يكون في إطار سلطاته المحددة قانونًا، وإلا كان غير ملزم للشخص المعنوي، ويجوز الطعن فيه بعدم الاختصاص أو تجاوز السلطة.

تحصيل الحكم لأركان الإقرار

يجب على المحكمة عند استنادها إلى إقرار في حكمها أن تتحقق من توافر أركانه الأساسية، وإلا كان الحكم معيبًا بالقصور في التسبيب. وتتمثل هذه الأركان في:

  1. صدور الإقرار عن إرادة حرة للمُقرّ، دون إكراه أو غلط جوهري يؤثر على إرادته.

  2. وضوح الإقرار في تحديد الواقعة القانونية المقر بها، بحيث يكون صريحًا أو ضمنيًا يستفاد بوضوح من تصرفات المُقرّ.

  3. اتجاه الإقرار إلى ترتيب أثر قانوني على عاتق المُقرّ لمصلحة المُقرّ له.

وقد استقر قضاء محكمة النقض المصرية على أن الحكم الذي يُؤسس على إقرار يجب أن يُبيّن بوضوح عناصره وأركانه، وأن يوضح كيف استخلص توافرها، وإلا كان مشوبًا بعيب القصور في التسبيب، مما يعرضه للبطلان.

لذلك، فإن المحكمة لا تكتفي بمجرد الإشارة إلى الإقرار، بل يجب أن تُحلله وتستظهر أركانه وظروف صدوره، حتى يكون الحكم مؤسسًا على دعائم قانونية سليمة.

نوعا الإقرار في قانون الإثبات المصري

الإقرار نوعان :-

اولا : الإقرار القضائي .

ثانيا : الإقرار غير قضائي .

 اولا : الإقرار القضائي في قانون الإثبات المصري

تعريف الإقرار القضائي

عرّف قانون الإثبات المصري الإقرار القضائي في المادة 103 بأنه:

الإقرار هو اعتراف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعي بها عليه وذلك أثناء السير في الدعوى المتعلقة بهذه الواقعة .

ويُعد الإقرار القضائي من أقوى وسائل الإثبات، حيث يُشكل حجة قاطعة على المقرّ، فلا يجوز له الرجوع عنه بعد صدوره، إلا إذا ثبت أنه وقع نتيجة غلط جوهري أو إكراه.

وقد استقر قضاء محكمة النقض المصرية على أن الإقرار القضائي هو اعتراف صريح أو ضمني يصدر من أحد الخصوم في مجلس القضاء أثناء نظر الدعوى، ويكون ملزمًا له، ويُغني الخصم الآخر عن تقديم أي دليل لإثبات الواقعة المقرّ بها.

وبذلك، فإن الإقرار القضائي يُعد بمثابة دليل كامل في الإثبات، لا يجوز تجزئته أو الرجوع عنه إلا في حالات محددة، مما يجعله من أهم وسائل الإثبات في النظام القانوني المصري.

شروط الإقرار القضائي

حتى يكون الإقرار القضائي صحيحًا ومنتجًا لآثاره القانونية، يجب أن تتوفر فيه عدة شروط أساسية، وهي:

الشرط الأول : صدور الإقرار من أحد الخصوم في الدعوى

يشترط لصحة الإقرار القضائي أن يصدر من أحد الخصوم في الدعوى، أي من الشخص الذي يكون طرفًا في النزاع، سواء كان مُدعيًا أو مُدعى عليه، أو من يمثله قانونًا بتفويض خاص. فلا يُعتد بالإقرار الصادر من الغير الذي لا صفة له في النزاع، لأنه لا يُرتب أثرًا قانونيًا في القضية المطروحة أمام المحكمة.

كما يجب أن يكون المُقرّ متمتعًا بالأهلية القانونية الكاملة، فلا يُعتد بإقرار ناقص الأهلية أو عديمها، كالقاصر أو المحجور عليه، إلا في الحدود التي يُجيزها القانون. وإذا صدر الإقرار من وكيل عن أحد الخصوم، فلا يكون ملزمًا إلا إذا كان الوكيل مفوضًا تفويضًا خاصًا بالإقرار، لأن الإقرار يُعد تصرفًا قانونيًا من شأنه الإضرار بالمُقرّ.

وقد استقر قضاء محكمة النقض المصرية على أن الإقرار لا يُرتب أثره القانوني إلا إذا صدر من خصم في الدعوى يتمتع بالأهلية والصفة اللازمة، أما الإقرار الصادر من الغير فلا يُعتبر حجة ضد أحد أطراف النزاع.

الشرط الثاني : صدور الإقرار من الخصم أمام القضاء

يُشترط لصحة الإقرار القضائي أن يصدر أمام المحكمة المختصة أثناء نظر الدعوى، أي أن يكون في مجلس القضاء، سواء كان ذلك شفويًا أثناء الجلسات أو مكتوبًا في مذكرة مقدمة للقاضي.

ويجب أن يكون الإقرار واضحًا وصريحًا، بحيث لا يعتريه غموض أو احتمال، وأن يُدلي به الخصم بمحض إرادته أثناء سير الدعوى. فإذا صدر الإقرار خارج مجلس القضاء، كأن يكون في محضر عرفي أو أمام جهة غير مختصة، فإنه لا يُعتبر إقرارًا قضائيًا، بل يُعد إقرارًا غير قضائي يخضع لتقدير المحكمة من حيث حجيته في الإثبات.

وقد استقر قضاء محكمة النقض المصرية على أن الإقرار القضائي يجب أن يكون صريحًا وقاطعًا في ثبوته، وأن يتم أمام القضاء المختص أثناء نظر الدعوى، حتى يكتسب صفته الملزمة للمُقرّ، ولا يجوز العدول عنه إلا في حالات استثنائية.

أمثلة لما لا يعتبر إقرارا قضائيا

هناك العديد من الحالات التي لا تُعد إقرارًا قضائيًا، نظرًا لعدم استيفائها شروط الإقرار القضائي، ومن أبرزها:

  1. الإقرار الصادر خارج مجلس القضاء: إذا أقرّ الخصم بواقعة قانونية أو مادية في محادثة خاصة أو في مستند غير مقدم للمحكمة، فإنه لا يُعد إقرارًا قضائيًا، بل يُعتبر إقرارًا غير قضائي يخضع لتقدير المحكمة.

  2. الإقرار الصادر من غير ذي صفة في الدعوى: لا يُعتد بالإقرار إذا صدر من شخص لا يُعتبر خصمًا في النزاع، كأن يُقرّ أحد الشهود أو أحد أقارب الخصم بواقعة محل الدعوى، لأنه ليس طرفًا فيها.

  3. الإقرار الصادر من محامٍ دون تفويض خاص: إذا أقرّ المحامي عن موكله بحق للخصم دون أن يكون مفوضًا بذلك تفويضًا خاصًا في سند الوكالة، فلا يُعد هذا إقرارًا قضائيًا ملزمًا للموكل.

  4. الإقرار المعلق على شرط أو المضاف إلى أجل: لا يُعتبر الإقرار صحيحًا إذا كان معلقًا على شرط لم يتحقق بعد، أو إذا كان مرتبطًا بأجل مستقبلي، لأن الإقرار يجب أن يكون قاطعًا وحاسمًا في إثبات الواقعة.

  5. الإقرار الغامض أو غير المحدد: إذا كان الإقرار غير واضح في مضمونه، أو يحتمل أكثر من تفسير، أو لم يحدد بدقة الواقعة المقرّ بها، فلا يُعتبر إقرارًا قضائيًا منتجًا لآثاره القانونية.

  6. الإقرار المشوب بعيب من عيوب الإرادة: إذا ثبت أن الإقرار صدر تحت تأثير الإكراه، أو نتيجة غلط جوهري يؤثر على إرادة المُقرّ، فإنه لا يكون إقرارًا قضائيًا صحيحًا.

وقد استقر قضاء محكمة النقض المصرية على أن الإقرار لا يُعتبر قضائيًا إلا إذا صدر بوضوح من أحد الخصوم أمام القضاء أثناء سير الدعوى، وكان غير معلق على شرط أو مرتبط بأجل، وخاليًا من أي عيب من عيوب الإرادة.

هل يشترط أن يصدر الإقرار القضائي أمام محكمة مختصة ؟

نعم، يُشترط لصحة الإقرار القضائي أن يصدر أمام محكمة مختصة بنظر النزاع، سواء كانت محكمة الموضوع أو محكمة الطعن، وذلك أثناء السير في الدعوى. فإذا صدر الإقرار أمام جهة غير مختصة، فإنه لا يُعد إقرارًا قضائيًا، بل يُعتبر إقرارًا غير قضائي يخضع لتقدير المحكمة من حيث حجيته في الإثبات.

ويُشترط أيضًا أن يتم الإقرار في إطار خصومة قائمة، أي أن يكون هناك نزاع مطروح أمام المحكمة وقت صدور الإقرار، بحيث يكون الإقرار منتجًا لأثره القانوني في الدعوى. أما إذا صدر الإقرار في محكمة غير مختصة أو في دعوى أخرى لا تتصل بالنزاع الأصلي، فإنه لا يُعتبر إقرارًا قضائيًا ملزمًا.

وقد استقر قضاء محكمة النقض المصرية على أن الإقرار القضائي هو الذي يصدر أمام محكمة مختصة أثناء نظر الدعوى، فإذا صدر أمام محكمة غير مختصة، فإنه لا يُعد إقرارًا قضائيًا ملزمًا، وإنما يكون مجرد قرينة تخضع لتقدير المحكمة المختصة.

الشرط الثالث : صدور الإقرار أثناء السير في الدعوى المتعلقة بموضوع الإقرار

يُشترط لصحة الإقرار القضائي أن يصدر أثناء نظر الدعوى المتعلقة بالواقعة أو الحق الذي يُقرّ به الخصم، أي أن يكون هناك نزاع مطروح أمام المحكمة بشأن المسألة التي يتناولها الإقرار. فإذا صدر الإقرار قبل رفع الدعوى أو بعد الفصل فيها نهائيًا، فإنه لا يُعد إقرارًا قضائيًا، بل يكون مجرد إقرار غير قضائي يخضع لتقدير القاضي من حيث حجيته في الإثبات.

ويُقصد بالسير في الدعوى أن تكون المحكمة لا تزال مختصة بنظر النزاع ولم يصدر فيها حكم نهائي بات. فإذا صدر الإقرار في دعوى أخرى لا تتعلق مباشرة بموضوع الإقرار، فإنه لا يُعد إقرارًا قضائيًا ملزمًا للخصم الآخر.

وقد استقر قضاء محكمة النقض المصرية على أن الإقرار القضائي هو الذي يصدر أثناء السير في الدعوى المتعلقة بموضوعه، ويُعد حجة قاطعة على المقرّ، أما الإقرار الصادر قبل رفع الدعوى أو بعد انتهائها بحكم نهائي، فلا يُعتبر إقرارًا قضائيًا بالمعنى القانوني الدقيق.

المادة 104 من قانون الإثبات المصري

تُعد المادة 104 من قانون الإثبات المصري من النصوص القانونية المهمة التي تُحدد طبيعة الإقرار غير القضائي ومدى قوته في الإثبات. فبينما يُعد الإقرار القضائي حجة قاطعة لا تقبل الرجوع، يختلف الأمر بالنسبة للإقرار غير القضائي الذي يخضع لتقدير المحكمة وفقًا للظروف المحيطة به.

نص المادة 104 من قانون الإثبات المصري

تَنُص المادة 104 على ما يلي:

الإقرار حجة قاطعة على المقر .

ولا يتجزأ الإقرار على صاحبه إلا إذا انصب على وقائع متعددة وكان وجود واقعة منها لا يستلزم حتما وجود في الوقائع الأخرى .

تحليل المادة 104 من قانون الإثبات المصري

 مفهوم الإقرار غير القضائي

الإقرار غير القضائي هو ذلك الإقرار الذي يصدر خارج مجلس القضاء، أي خارج نطاق المحكمة، سواء كان ذلك شفويًا في مجلس خاص، أو مكتوبًا في مستندات رسمية أو عرفية، أو حتى من خلال تصرفات تفيد ضمنًا اعتراف الشخص بحق للغير.

مدى حجية الإقرار غير القضائي

وفقًا لنص المادة 104، فإن الإقرار غير القضائي لا يُعد دليلاً قاطعًا على المقرّ، كما هو الحال في الإقرار القضائي، بل يخضع لتقدير المحكمة. ويعود ذلك إلى أن الإقرار غير القضائي قد يكون عرضة للتأويل أو التحريف أو عدم الوضوح، مما يجعله أقل قوة من الناحية القانونية.

 الاستثناءات الواردة على القاعدة

رغم أن الأصل أن الإقرار غير القضائي لا يُعد حجة ملزمة، إلا أن هناك حالات استثنائية يقر فيها القانون بحجيته، ومنها:

  1. الإقرار الوارد في مستند رسمي: كالإقرار الوارد في العقود الموثقة أمام الشهر العقاري أو المحررات الرسمية.

  2. إقرار التاجر في دفاتره التجارية إذا كان ذلك لمصلحة الغير وفقًا لأحكام القانون التجاري.

  3. الإقرار الوارد في عقود الإذعان، حيث قد يُعتد بالإقرار غير القضائي في بعض الحالات التي يفرضها القانون.

 الفرق بين الإقرار القضائي وغير القضائي

المعيار الإقرار القضائي الإقرار غير القضائي
مكان صدوره أمام المحكمة أثناء الدعوى خارج المحكمة (شفويًا أو كتابيًا)
حجيته في الإثبات دليل قاطع لا يقبل الرجوع يخضع لتقدير المحكمة
إمكانية التراجع عنه لا يجوز الرجوع عنه يمكن نفيه أو الطعن عليه

 التطبيقات القضائية للإقرار غير القضائي

استقر قضاء محكمة النقض المصرية على أن الإقرار غير القضائي لا يكون ملزمًا إلا إذا توافرت بشأنه أدلة تعززه، ويترك تقديره لمحكمة الموضوع. ومن ذلك:

  • إذا استند الخصم إلى إقرار غير قضائي صادر عن الطرف الآخر، فللمحكمة سلطة تقديرية في قبوله أو رفضه وفقًا للظروف المحيطة به.

  • الإقرار الوارد في محادثة غير موثقة أو في رسالة غير رسمية قد لا يكون له قوة الإثبات الكافية ما لم يدعمه دليل آخر.

خاتمة

تؤكد المادة 104 من قانون الإثبات المصري أن الإقرار غير القضائي ليس حجة قاطعة في الإثبات، بل يخضع لتقدير المحكمة وفقًا للظروف المحيطة به. وهذا ما يميزه عن الإقرار القضائي، الذي يعد دليلاً ملزمًا للمُقرّ ولا يجوز الرجوع عنه. وتظل سلطة المحكمة في تقدير الإقرار غير القضائي ضمانة قانونية لمنع إساءة استخدامه أو استغلاله في غير موضعه.

حجية الإقرار القضائي

القاعدة في حجية الإقرار القضائي

الإقرار القضائي يُعد من أقوى وسائل الإثبات في القانون، حيث تقضي القاعدة العامة بأنه حجة قاطعة على المقرّ ولا يجوز الرجوع عنه. ويرجع ذلك إلى أنه صادر عن الخصم بنفسه أمام المحكمة أثناء سير الدعوى، مما يجعله ملزمًا له دون حاجة إلى دليل إضافي.

وتستند هذه القاعدة إلى مبدأ استقرار المعاملات القضائية، إذ لا يجوز للخصم أن يُناقض نفسه بإقرار أمر أمام المحكمة ثم ينكره لاحقًا، وإلا لأدى ذلك إلى الإضرار بحسن سير العدالة. لذلك، فإن الإقرار القضائي يُعتبر دليلاً نهائيًا، لا يحتاج إلى إثبات إضافي، ولا يجوز للمقرّ العدول عنه إلا في حالات استثنائية، مثل ثبوت صدوره عن غلط أو إكراه.

وقد استقر قضاء محكمة النقض المصرية على أن الإقرار القضائي متى استوفى شروطه يُعد بمثابة اعتراف قاطع، يلزم المحكمة بالأخذ به دون أن يكون لها سلطة تقديرية في رفضه أو تقييم حجيته.

الأثر الأول من آثار الإقرار القضائي

الإقرار حجة قاطعة عل المقر

يُعد الإقرار القضائي من أقوى وسائل الإثبات، حيث يكون حجة قاطعة على المقرّ ولا يجوز له الرجوع عنه بعد صدوره أمام القضاء. فالإقرار هو اعتراف صريح أو ضمني بواقعة قانونية تؤدي إلى ترتيب آثار قانونية ضد المقرّ نفسه ولصالح الطرف الآخر. ووفقًا لقواعد الإثبات، فإن الإقرار يُعامل كدليل نهائي لا يحتاج إلى إثبات إضافي، لأنه يصدر عن إرادة حرة للمقرّ، مما يجعله مُلزِمًا له في مواجهة القضاء والخصوم. ولا يُقبل الرجوع عن الإقرار إلا في حالات استثنائية، مثل وقوع المقرّ في غلط جوهري أو تعرضه للإكراه أو التدليس عند الإدلاء به. ولذلك، يكتسب الإقرار أهمية خاصة في تسهيل حسم النزاعات القضائية بسرعة وكفاءة.

مضمون هذا الأثر

يتمثل مضمون الأثر القاطع للإقرار القضائي في أنه يجعل الواقعة المقرّ بها ثابتة دون الحاجة إلى أي دليل آخر، حيث يُعتبر الإقرار دليلاً مُلزِمًا على المقرّ نفسه ولا يستطيع التراجع عنه بإرادته المنفردة. وبذلك، يُغني الإقرار عن أي وسائل إثبات أخرى، فلا يُطلب من الطرف الآخر تقديم أدلة إضافية لإثبات الواقعة المقرّ بها. كما أن القاضي مُلزم بالأخذ بالإقرار متى توافرت شروطه القانونية، ولا يملك سلطة تقديرية في رفضه أو تقييم قيمته مثل باقي أدلة الإثبات. وبالتالي، فإن الإقرار القضائي يُعد وسيلة مباشرة وقطعية لحسم النزاع، مما يعزز من استقرار المعاملات وسرعة البت في القضايا..

قضاء محكمة النقض في الحجية القاطعة للإقرار

استقر قضاء محكمة النقض المصرية على أن الإقرار القضائي يُعد حجة قاطعة على المقرّ، ولا يجوز له الرجوع عنه بإرادته المنفردة، باعتباره من أقوى وسائل الإثبات في القانون. وقد أكدت المحكمة في العديد من أحكامها أن الإقرار متى صدر صحيحًا ومستوفيًا لشروطه القانونية، فإنه يُلزم المقرّ ويُغني الخصم عن تقديم أي دليل آخر لإثبات الواقعة المقرّ بها. كما أوضحت أن القاضي ليس له سلطة تقديرية في الأخذ بالإقرار متى كان صريحًا وواضحًا، إذ يُعتبر بمثابة اعتراف نهائي يُغلق باب المنازعة حول الواقعة المقرّ بها. ولا يُقبل الطعن في الإقرار أو الرجوع عنه إلا في حالات استثنائية، مثل ثبوت وقوعه تحت تأثير الإكراه أو التدليس أو الخطأ الجوهري.

حجية الإقرار قاصرة على المقر

يتميز الإقرار القضائي بأن حجيته قاصرة على المقرّ وحده دون أن تمتد إلى غيره من الأطراف، أي أنه لا يضر إلا بمن صدر عنه ولا يفيد إلا من صدر لصالحه. فإذا أقرّ شخص بحق معين ضد نفسه، فإن هذا الإقرار يُلزمه وحده ولا يفرض أي التزام على غيره ممن لم يشارك في الإقرار. كما لا يُمكن أن يحتج بالإقرار على شخص ثالث لم يكن طرفًا في النزاع، لأن الإقرار يعتمد على الإرادة الحرة للمقرّ ولا يُنشئ التزامات على غيره إلا إذا وُجد نص قانوني يقضي بذلك. وبالتالي، فإن الإقرار يظل وسيلة إثبات شخصية لا تتعدى أثرها إلى أطراف آخرين لم يصدر عنهم هذا الإقرار.

يجب الا يكون المقر كاذبا في إقراره

يجب ألا يكون المقرّ كاذبًا في إقراره، لأن الإقرار يُعد من أقوى وسائل الإثبات التي تُلزم المقرّ وتؤثر على مسار الدعوى القضائية. فإذا كان الإقرار مبنيًا على الكذب أو الاحتيال، فقد يؤدي ذلك إلى الإضرار بحقوق الآخرين وتعطيل سير العدالة. ولذلك، اشترط القانون أن يكون الإقرار صادرًا عن إرادة حرة وصادقًا في مضمونه، وإلا جاز الطعن فيه بسبب التدليس أو الغلط الجوهري. وفي بعض الحالات، إذا ثبت أن الإقرار كان كاذبًا ومخالفًا للحقيقة، فقد يعرّض المقرّ نفسه للمساءلة القانونية، خاصة إذا كان الإقرار يهدف إلى التهرب من الالتزامات أو الإضرار بحقوق الغير.

سريان إقرار المرث على الوارث

يُعتبر الإقرار الصادر عن المورث ملزمًا لورثته، ما لم يكن الإقرار قد صدر بغرض الإضرار بحقوقهم أو كان مشوبًا بالتدليس. فالأصل أن ما يقرّ به المورث في حياته من حقوق أو التزامات يُسري على الورثة باعتبارهم خلفاء له، ويترتب عليه آثار قانونية تلزمهم في حدود ما آل إليهم من التركة. وقد استقر قضاء محكمة النقض على أن إقرار المورث يكون حجة على الورثة متى كان الإقرار متعلقًا بحق من حقوق التركة، أما إذا كان الإقرار يتضمن تصرفًا ينطوي على تبرع أو إضرار بمصالح الورثة دون مبرر، فإنه لا يكون ملزمًا لهم إلا إذا ثبتت صحته وفقًا للقانون.

هل تمتد حجية الإقرار إلى الدائنين والخلف الخاص ؟

الأصل أن حجية الإقرار تقتصر على المقرّ نفسه ولا تمتد إلى غيره، ومع ذلك فإن تأثير الإقرار قد يمتد إلى الدائنين والخلف الخاص في بعض الحالات. فبالنسبة للدائنين، لا يُلزمهم إقرار مدينهم إذا كان من شأنه الإضرار بحقوقهم، كأن يقرّ المدين بوجود دين غير حقيقي بغرض تقليل أمواله المتاحة للسداد. أما بالنسبة للخلف الخاص، وهو من انتقلت إليه حقوق المقرّ بعقد معاوضة (مثل المشتري الذي اشترى عقارًا من المقرّ)، فإن الإقرار الصادر من السلف لا يكون حجة عليه إلا إذا كان متصلاً بالحق الذي انتقل إليه وثابتًا قبل انتقال الملكية. وبالتالي، فإن حجية الإقرار لا تمتد تلقائيًا إلى الدائنين والخلف الخاص، إلا في الحدود التي لا تؤدي إلى الإضرار بحقوقهم المشروعة.

عدم سريان إقرار أحد المدينين المتضامنين بالدين في حق الباقين

الأصل في الالتزام التضامني أن يكون كل مدين ملتزمًا بكامل الدين تجاه الدائن، لكن إقرار أحد المدينين المتضامنين بالدين لا يسري في حق الباقين، بل يظل الإقرار حجة قاصرة على من صدر عنه فقط. فإذا أقرّ أحد المدينين المتضامنين بوجود الدين أو بزيادته، فإن هذا الإقرار يُلزمه وحده ولا يمكن للدائن الاحتجاج به على بقية المدينين المتضامنين، لأن الإقرار يعتبر تصرفًا قانونيًا شخصيًا لا يتعدى أثره إلى الغير. ومع ذلك، إذا كان الإقرار صادرًا عن جميع المدينين أو وكيلاً عنهم، فإنه يكون ملزمًا لهم جميعًا.

بقاء حجية الإقرار ولو زالت صفة الخصم

يظل الإقرار القضائي محتفظًا بحجيته القانونية حتى لو زالت صفة الخصم الذي صدر عنه، لأن الإقرار يُنشئ حقًا للطرف الآخر بمجرد صدوره، ولا يؤثر في ذلك خروج المقرّ من النزاع أو فقدانه لصفته كخصم في القضية. فمثلاً، إذا أقرّ شخص بدين معين ثم زالت صفته كمدين بسبب الوفاء أو التصرف في أمواله، فإن إقراره يبقى حجة عليه ولا يمكنه التنصل منه بزوال صفته. وتأكيدًا لهذا المبدأ، استقر قضاء محكمة النقض على أن الإقرار يُرتب أثره القانوني بمجرد صدوره، ولا يتأثر بالتغيرات اللاحقة في مركز المقرّ القانوني.

بقاء حجية الإقرار ولو قضى بسقوط الخصومة أو إنقضائها

يظل الإقرار القضائي محتفظًا بحجيته القانونية حتى لو قضت المحكمة بسقوط الخصومة أو انقضائها لأي سبب، مثل عدم السير فيها خلال المدة المحددة قانونًا أو بسبب الوفاة أو الترك. فالإقرار بمجرد صدوره يُنشئ حقًا للطرف الآخر ولا يتأثر بانتهاء الخصومة الإجرائية، لأن أثره موضوعي وليس إجرائيًا، أي أنه يظل دليلاً قاطعًا على المقرّ ولا يمكنه التنصل منه لاحقًا. وقد أكدت محكمة النقض أن الإقرار، باعتباره اعترافًا صريحًا بثبوت حق أو واقعة، يظل قائمًا بآثاره القانونية حتى لو انتهت الخصومة لأي سبب إجرائي، ما لم يثبت بطلانه أو عدم صحته قانونًا.

بقاء حجية الإقرار ولو قضى بإعتبار الدعوى كأن لم تكن

يظل الإقرار القضائي محتفظًا بحجيته القانونية حتى لو قضت المحكمة باعتبار الدعوى كأن لم تكن، لأن الإقرار يُعد تصرفًا قانونيًا مستقلًا عن إجراءات الخصومة. فالقضاء باعتبار الدعوى كأن لم تكن هو حكم إجرائي ينهي الدعوى من الناحية الشكلية، لكنه لا يمحو الآثار الموضوعية للإقرار الصادر خلالها. وبذلك، يبقى الإقرار دليلاً قاطعًا ضد المقرّ، ويجوز للخصم التمسك به في دعوى جديدة أو الاستناد إليه كوسيلة إثبات قائمة بذاتها. وقد استقر قضاء محكمة النقض على أن الإقرار القضائي لا يسقط بزوال الخصومة، لأنه يُنشئ حقًا بمجرد صدوره ولا يمكن الرجوع عنه إلا في الحالات التي يجيزها القانون.

بقاء حجية الإقرار في حالة القضاء بعدم إختصاص المحكمة بنظر الدعوى وبإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة

يظل الإقرار القضائي محتفظًا بحجيته القانونية حتى لو قضت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأحالتها إلى المحكمة المختصة، لأن الإقرار يُعد دليلاً قاطعًا على المقرّ بمجرد صدوره، بغض النظر عن الجهة القضائية التي تنظر النزاع. فمسألة الاختصاص تتعلق بشكل الدعوى وإجراءاتها، ولا تؤثر على الحجية الموضوعية للإقرار. وعند إحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة، يكون الإقرار الصادر أمام المحكمة غير المختصة ملزمًا للمقرّ أمام المحكمة المحال إليها، ويجوز للخصم التمسك به كدليل إثبات لا يحتاج إلى إعادة الإدلاء به. وقد أكدت محكمة النقض أن الإقرار حجة ذاتية قائمة بذاتها، لا تتأثر بقرارات الإحالة أو تغيير المحكمة المختصة بنظر النزاع.

زوال صفة الإقرار القضائي بالحكم في الدعوى بعدم قبولها لرفعها من غير ذي صفة أو لإنتفاء المصلحة

إذا قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة أو لانتفاء المصلحة، فإن الإقرار الصادر خلالها يفقد صفته كإقرار قضائي، لأنه يكون قد صدر في نطاق دعوى غير مقبولة قانونًا. فالإقرار القضائي يفترض وجود خصومة صحيحة بين أطراف ذوي صفة ومصلحة، وبالتالي إذا زالت الخصومة بحكم بعدم القبول، فإن الإقرار الصادر فيها لا يُرتب آثاره كإقرار قضائي ملزم، لكنه قد يُعتد به كإقرار غير قضائي يخضع لتقدير المحكمة في أي دعوى لاحقة تتوافر فيها شروط القبول. وقد استقر قضاء محكمة النقض على أن الإقرار الصادر في دعوى انتهت بعدم القبول لانتفاء الصفة أو المصلحة لا يكون له حجية الإقرار القضائي، لكنه قد يُؤخذ كقرينة قضائية بحسب ظروف كل حالة . 

الأثر الثاني من آثار الإقرار القضائي

عدم جواز العدول عن الإقرار

الأصل في الإقرار القضائي أنه لا يجوز العدول عنه بعد صدوره، لأنه يُعد من أقوى وسائل الإثبات التي تلزم المقرّ وتعفي الخصم من تقديم أي دليل آخر لإثبات الواقعة المقرّ بها. فالإقرار القضائي يُنشئ حقًا للطرف الآخر بمجرد الإدلاء به أمام المحكمة، وبالتالي لا يجوز للمقرّ الرجوع عنه بإرادته المنفردة. وقد أكدت محكمة النقض أن الإقرار القضائي حجة قاطعة على المقرّ، ولا يجوز الرجوع عنه إلا إذا ثبت أنه صدر نتيجة غلط جوهري أو إكراه أو تدليس، وفقًا لما يقرره القانون. ويهدف هذا المبدأ إلى تحقيق استقرار المعاملات وحسم النزاعات بسرعة وفعالية.

هل يجوز الرجوع في الإقرار نتيجة لغلط في القانون ؟

الأصل أن الإقرار القضائي لا يجوز الرجوع عنه، لأنه يُعد حجة قاطعة على المقرّ، ولكن استثناءً قد يُسمح بالرجوع عنه إذا كان الإقرار قد صدر بناءً على غلط جوهري في القانون أثّر على إرادة المقرّ. ويُقصد بالغلط في القانون أن يكون المقرّ قد أساء فهم القاعدة القانونية المطبقة على الواقعة التي أقرّ بها، بحيث لو كان على دراية صحيحة بها لما قام بالإقرار. ومع ذلك، فإن مجرد الجهل أو الخطأ في تفسير القانون لا يكفي وحده للرجوع عن الإقرار، بل يجب أن يكون الغلط جوهريًا ومؤثرًا على صحة الإرادة، وفقًا لما يقدره القاضي في كل حالة. وقد استقر قضاء محكمة النقض على أن الرجوع عن الإقرار بسبب الغلط في القانون لا يُقبل إلا إذا كان الغلط جوهريًا ومؤثرًا، بحيث يثبت أن المقرّ لم يكن ليقرّ لولا هذا الخطأ.

الأثر الثالث من آثار للإقرار القضائي

عدم جواز تجرئة الإقرار

القاعدة العامة في القانون أن الإقرار لا يجوز تجزئته على المقرّ متى كان غير قابل للتجزئة بطبيعته، أي أنه يجب الأخذ به كاملًا بجميع عناصره دون استبعاد أي جزء منه إذا كان متصلًا اتصالًا لا يقبل الفصل. فإذا أقرّ شخص بواقعة معينة، فلا يجوز للخصم أو المحكمة أن تأخذ بما يفيده وتطرح ما يضره، إلا إذا كان الإقرار يتضمن أمورًا متعددة يمكن فصل بعضها عن بعض دون أن يؤثر ذلك على جوهره. وقد استقر قضاء محكمة النقض على أن الإقرار يُلزم المقرّ بكل ما جاء فيه، ولا يجوز الأخذ بجزء منه وترك الجزء الآخر إذا كان متلازمًا وغير قابل للتجزئة، إلا إذا كان هناك دليل مستقل يُثبت عدم صحة الجزء المستبعد.

مدى قاعدة عدم تجزئة الإقرار

قاعدة عدم تجزئة الإقرار تعني أنه لا يجوز للخصم أو المحكمة الأخذ بجزء من الإقرار وإهمال جزء آخر منه، طالما كان غير قابل للتجزئة بطبيعته. ويُطبق هذا المبدأ عندما يكون الإقرار متصلاً في أجزائه بحيث لا يمكن فصل بعضها عن بعض دون الإخلال بمضمونه. ومع ذلك، فإن هذه القاعدة ليست مطلقة، حيث يجوز تجزئة الإقرار في حالتين: الأولى إذا كان الإقرار يتضمن عدة وقائع أو التزامات منفصلة يمكن فصل بعضها عن بعض، والثانية إذا كان هناك دليل مستقل يكذب الجزء الذي يريد المقرّ التمسك به لنفي مسؤوليته. وقد أكدت محكمة النقض أن القاعدة تهدف إلى تحقيق العدالة ومنع التحايل، بحيث لا يُسمح للمقرّ بالاستفادة من جزء من إقراره ورفض الجزء الذي يضره.

الصورة الأولى : الإقرار البسيط

الإقرار البسيط هو الإقرار الذي يرد على واقعة قانونية أو مادية دون أن يقترن بأي قيد أو شرط أو إضافة من قبل المقرّ. ويتميز هذا النوع من الإقرار بأنه واضح وصريح، مما يجعله دليلاً كاملاً لا يحتاج إلى تفسير أو تأويل. فمثلاً، إذا أقرّ شخص أمام المحكمة بأنه مدين بمبلغ معين دون أن يضيف أي تحفظات أو شروط، فإن هذا الإقرار يكون بسيطًا وملزمًا له. ويُعتبر الإقرار البسيط من أقوى وسائل الإثبات، حيث لا يجوز للمقرّ الرجوع عنه أو تجزئته، كما أن المحكمة مُلزمة بالأخذ به متى ثبت صدوره صحيحًا ومستوفيًا لشروطه القانونية.

الصورة الثانية : الإقرار الموصوف

الإقرار الموصوف هو الإقرار الذي يقترن بوصف أو قيد يؤثر في مضمونه، بحيث يضيف المقرّ تفصيلاً يحدّ من نطاق التزامه أو يغيّر من طبيعة الواقعة المقرّ بها. فعلى سبيل المثال، إذا أقرّ شخص بأنه مدين بمبلغ معين، لكنه أضاف أنه قد سدّد جزءًا منه، فإن هذا الإقرار يكون موصوفًا، لأن الوصف الذي أضافه المقرّ يحدّ من التزامه. ويختلف الإقرار الموصوف عن الإقرار البسيط في أن المحكمة والخصم لا يمكنهما تجاهل القيد أو الوصف الذي أضافه المقرّ، إلا إذا وُجد دليل مستقل يكذّب هذا الوصف. وقد استقر قضاء محكمة النقض على أن الإقرار الموصوف يجب أن يُؤخذ بكامله، بما في ذلك القيود والأوصاف التي أضافها المقرّ، ما لم يثبت خلاف ذلك بدليل مستقل.

الصورة الثالثة : الإقرار المركب

الإقرار المركب هو الإقرار الذي يقترن بإضافة أو واقعة جديدة من شأنها أن تُنشئ للمقرّ حقًا أو تُسقط عنه الالتزام المقرّ به. بمعنى آخر، لا يقتصر المقرّ على الاعتراف بالواقعة أو الالتزام، بل يُضيف إليها ما قد يؤثر على آثار الإقرار. فمثلاً، إذا أقرّ شخص بأنه مدين بمبلغ معين، لكنه أضاف أنه قد قام بالوفاء به أو أن الدين مشروط بتحقق أمر معين، فإن هذا الإقرار يُعتبر مركبًا. ووفقًا للقانون، فإن الإقرار في هذه الحالة لا يُجزّأ على المقرّ، بمعنى أنه لا يجوز للخصم أو المحكمة الأخذ بجزءه الذي يثبت الحق وترك الجزء الذي ينفيه، إلا إذا وُجد دليل مستقل يُكذب الادعاء الإضافي. وقد أكدت محكمة النقض أن الإقرار المركب يُلزم المقرّ بكامل مضمونه، بما في ذلك الجزء الذي يتضمن نفيًا أو تقييدًا، ما لم يقم الدائن بإثبات خلاف ذلك بوسائل إثبات أخرى.

أحوال يبدو فيها أن الإقرار يتجزأ

رغم القاعدة العامة التي تمنع تجزئة الإقرار على المقرّ، إلا أن هناك حالات يبدو فيها أن الإقرار يمكن تجزئته، وذلك إذا كان يتضمن وقائع متعددة أو عناصر منفصلة يمكن الفصل بينها دون الإخلال بمضمونه. ومن أبرز هذه الحالات:

(أ) ظهور كذب الإقرار

رغم أن الإقرار يُعد من أقوى وسائل الإثبات وأشدها إلزامًا للمقرّ، إلا أنه قد يُثبت كذبه في بعض الحالات، مما ينزع عنه حجيته القانونية. ويكون ذلك إذا توافرت أدلة قاطعة تثبت أن الإقرار غير صحيح، مثل وجود مستندات أو شهود يُثبتون عكس ما أُقرّ به. كما أن ظهور كذب الإقرار قد يكون نتيجة تدليس أو إكراه دفع المقرّ إلى الإدلاء به. وفي هذه الحالات، يجوز للخصم أو المحكمة عدم الاعتداد بالإقرار، ويصبح غير ملزم للمقرّ. وقد استقر قضاء محكمة النقض على أن الإقرار، رغم حجيته، يمكن دحضه إذا تبيّن كذبه بأدلة قوية ومستقلة تثبت عدم صحة الواقعة المقرّ بها.

(ب) ثبوت الواقعة بدليل آخر غير الإقرار

رغم أن الإقرار يُعد دليلاً قاطعًا على المقرّ ولا يحتاج إلى إثبات إضافي، إلا أن الواقعة المقرّ بها قد تثبت أيضًا بدليل آخر مستقل، سواء كان ذلك في حالة إنكار الإقرار أو في حالة وجود نزاع حول مدى صحته. فقد تُثبت الواقعة بشهادة الشهود، أو بالمحررات الرسمية، أو بالقرائن القاطعة التي تؤكد صحتها دون الحاجة إلى الإقرار. ويكون هذا مهمًا في الحالات التي يكون فيها الإقرار محل شك، أو إذا حاول المقرّ الرجوع عنه بحجة الخطأ أو الإكراه. وقد استقر قضاء محكمة النقض على أن ثبوت الواقعة بدليل آخر لا يُلغي حجية الإقرار، لكنه قد يكون وسيلة لإثبات كذبه أو عدم صحته إذا كان هناك نزاع حوله.

(ج) تعدد الإقرارات

عند تعدد الإقرارات الصادرة عن المقرّ بشأن نفس الواقعة، قد يثير ذلك تساؤلات حول مدى حجيتها وكيفية التعامل معها قانونيًا. فإذا كانت الإقرارات متطابقة ومتسقة، فإنها تعزز بعضها البعض وتؤكد ثبوت الواقعة المقرّ بها. أما إذا كانت متناقضة أو متعارضة، فهنا يجب على المحكمة البحث في أسباب هذا التناقض، وفيما إذا كان أحد الإقرارات قد صدر عن غلط أو تدليس أو إكراه. وفي هذه الحالة، يمكن استبعاد الإقرار المشوب بعيب الإرادة أو الاعتماد على أدلة أخرى للفصل في النزاع. وقد استقر قضاء محكمة النقض على أن الإقرار حجة قاطعة، لكن إذا تعددت الإقرارات وتعارضت، وجب على المحكمة التحقق من مدى صحتها وأيها يُعتدّ به وفقًا لظروف كل حالة وما يتوافر من أدلة أخرى.

(د) الإفادة من الإقرار بوصف آخر

قد يُدلي المقرّ بإقراره في سياق قانوني معين، لكن يمكن أن يستفيد منه الخصم بوصف قانوني مختلف عن الذي قصده المقرّ. فمثلاً، إذا أقرّ شخص بأنه استلم مبلغًا معينًا لكنه وصفه بأنه قرض، فقد يتمسك الخصم بأن هذا المبلغ كان وفاءً لدين وليس قرضًا، إذا توافرت أدلة تدعم هذا التفسير. وفي هذه الحالة، لا يُغير المقرّ من طبيعة الواقعة المادية التي أقرّ بها، بل يظل ملتزمًا بها، ويبقى للمحكمة سلطة تقدير الإقرار في ضوء الظروف والوقائع المحيطة به. وقد استقر قضاء محكمة النقض على أن الوصف الذي يضفيه المقرّ على إقراره ليس بالضرورة ملزمًا للمحكمة، بل يجوز تفسير الإقرار وفقًا لحقيقته القانونية لا وفقًا لما أطلقه عليه المقرّ من وصف.

تفسير الإقرار

يُعد الإقرار من أقوى وسائل الإثبات، ولكن في بعض الحالات قد يكون غامضًا أو غير واضح في معناه أو نطاقه، مما يستدعي تفسيره لمعرفة حقيقته ومدى إلزامه للمقرّ. وعند تفسير الإقرار، يجب مراعاة ألفاظه الصريحة وسياقه العام، بالإضافة إلى الظروف التي صدر فيها، وذلك بهدف الوقوف على نية المقرّ وما إذا كان إقراره قاطعًا أم مشروطًا أم مقيدًا بوصف معين. كما أن القاعدة القانونية تقضي بأن الإقرار لا يُفسَّر لصالح المقرّ، بل يُؤخذ بأضيق نطاق ممكن لصالح الطرف الآخر. وقد استقر قضاء محكمة النقض على أن الإقرار يجب تفسيره تفسيرًا موضوعيًا وفقًا لظروفه، بحيث لا يجوز تحميله ما لا يحتمله، ولا تجزئته إذا كان غير قابل للتجزئة.

ثانيا : الإقرار غير قضائي في قانون الإثبات المصري

تعريف الإقرار غير قضائي

الإقرار غير القضائي هو الإقرار الذي يصدر عن المقرّ خارج مجلس القضاء، سواء كان ذلك في محادثة عادية، أو في مستند عرفي، أو أمام جهة غير مختصة. وهو يختلف عن الإقرار القضائي من حيث حجيته في الإثبات، إذ لا يُعتبر دليلاً قاطعًا على المقرّ، بل يخضع لتقدير المحكمة، التي يجوز لها أن تأخذ به أو تطرحه وفقًا للظروف والملابسات المحيطة به. كما يمكن إثبات الإقرار غير القضائي أو إنكاره بوسائل إثبات أخرى، مثل شهادة الشهود أو القرائن. وقد استقر قضاء محكمة النقض على أن الإقرار غير القضائي لا يتمتع بذات الحجية القاطعة للإقرار القضائي، ويُعامل كقرينة قضائية تخضع لتقدير المحكمة وفقًا لما يتوافر من أدلة أخرى في الدعوى.

شكل الإقرار غير القضائي

الإقرار غير القضائي قد يتخذ عدة أشكال وفقًا للمناسبة التي صدر فيها، ومن أبرز هذه الأشكال: الكتابي والشفهي. الإقرار الكتابي قد يتمثل في مستندات مكتوبة مثل الرسائل، أو العقود، أو السندات التي تحتوي على اعتراف من المقرّ بواقعة معينة أو التزام ما، بينما يمكن أن يكون الإقرار الشفهي في شكل محادثات أو تصريحات شفهية بين الأطراف أو أمام أشخاص غير مختصين قضائيًا.

ومن المهم أن نلاحظ أن الإقرار غير القضائي لا يشترط له شكل قانوني خاص ليكون صحيحًا، بل يكفي أن يكون صادرًا عن إرادة حرة ومتصلة بالواقعة المعترف بها. ومع ذلك، قد تكون الشهادة أو الكتابة أداة قوية في إثبات هذا النوع من الإقرار أمام المحكمة. وعلى الرغم من أنه لا يتمتع بالقوة القطعية للإقرار القضائي، إلا أن المحكمة قد تعترف به كدليل مؤثر في الدعوى بناءً على ظروف القضية وقوة الدليل.

إثبات الإقرار غير القضائي

إثبات الإقرار غير القضائي يكون من خلال الأدلة المتاحة التي يمكن أن تؤكد صحة الواقعة المقرّ بها، سواء كان هذا الإقرار شفهيًا أو مكتوبًا. في حالة الإقرار الكتابي، يمكن استخدام المستندات والرسائل التي تحتوي على الاعتراف بالواقعة أو الالتزام، ويُعتبر ذلك دليلاً قويًا يمكن الاستناد إليه أمام المحكمة. أما في حالة الإقرار الشفهي، فإنه يُثبت بشهادة الشهود أو عبر القرائن التي قد تدل على صدور الإقرار من المقرّ، مثل تصرفات أو تصريحات أخرى تؤكد ما تم الإقرار به.

ومع أن الإقرار غير القضائي لا يحظى بذات الحجية القاطعة التي يتمتع بها الإقرار القضائي، إلا أن المحكمة قد تقبله كدليل، شريطة أن يكون مؤيدًا بأدلة أخرى، ويجب على المحكمة أن تُقيّم ظروف صدوره ومدى صدقه وتأثيره في القضية. وقد أكدت محكمة النقض أن الإقرار غير القضائي يُعتبر بمثابة قرينة قضائية، ويخضع لتقدير المحكمة وفقًا للأدلة المساندة التي تؤكد صحته.

حجية الإقرار غير القضائي

الإقرار غير القضائي لا يتمتع بنفس الحجية القاطعة التي يتمتع بها الإقرار القضائي، حيث يُعتبر بمثابة دليل يحتمل الإثبات أو النفي أمام المحكمة، ويخضع لتقدير القاضي وفقًا للظروف المحيطة به. وعلى الرغم من أنه لا يُلزم المقرّ كما هو الحال مع الإقرار القضائي، إلا أن المحكمة قد تعترف به وتُعتبره قرينة على صحة الواقعة المقرّ بها إذا كان مدعومًا بأدلة أخرى.

حجية الإقرار غير القضائي تتحدد بناءً على قوة الدليل، سواء كان كتابيًا (مثل الرسائل أو المحررات) أو شفهيًا (مثل أقوال المقرّ أمام أشخاص غير قضائيين)، وتستطيع المحكمة أخذه بعين الاعتبار عند إثبات واقعة معينة إذا تبين لها أنه صادر عن إرادة حرة ومتوافقة مع الواقع. وعليه، فإن الإقرار غير القضائي لا يُعتبر حجة قاطعة على المقرّ، لكنه يظل دليلاً مرجعيًا يمكن أن يُؤثر في سير الدعوى إذا تم إثبات صحته وتوافر الأدلة المساندة له.

قضاء محكمة النقض في حجية للإقرار غير القضائي

قضاء محكمة النقض في حجية الإقرار غير القضائي يقرر أن الإقرار الذي يتم خارج إطار القضاء لا يُعتبر حجة قاطعة على المقرّ كما هو الحال مع الإقرار القضائي، بل يُعد قرينة قانونية يمكن أن تُؤخذ في الاعتبار ضمن الأدلة المقدمة في الدعوى. وفي هذا السياق، أكدت المحكمة أن الإقرار غير القضائي يُعتبر دليلاً مؤثرًا في حالة وجود أدلة أخرى تدعمه، مثل الشهادات أو القرائن التي تؤكد صحة الواقعة المقرّ بها.

ومع ذلك، فإن المحكمة قد ترفض الاعتداد بالإقرار غير القضائي إذا كان هناك ما يُثبت كذبه أو صدوره تحت إكراه أو تدليس، أو إذا كانت الظروف المحيطة به تُظهر أنه غير مؤثر في النزاع. وأوضحت محكمة النقض أن الإقرار غير القضائي لا يُلزم القاضي قبول حجته بشكل مطلق، بل يُتَرك له تقدير مدى مصداقيته بناءً على ما يتوافر من أدلة وشهادات في القضية، مما يجعل حجية الإقرار غير القضائي نسبية ويخضع لاختبار المحكمة للوقائع والدلائل المتاحة.

تجزئة الإقرار غير القضائي

تجزئة الإقرار غير القضائي تعد مسألة مهمة في تحديد مدى تأثير الإقرار في إثبات الواقعة المقرّ بها. بوجه عام، الإقرار غير القضائي لا يُعتبر قابلاً للتجزئة إذا كان يتعلق بواقعة واحدة أو التزام معين لا يمكن فصله إلى أجزاء دون أن يؤثر ذلك على جوهره. ومع ذلك، في بعض الحالات قد يُسمح بتجزئة الإقرار غير القضائي إذا كان يتضمن أجزاء منفصلة أو عناصر مستقلة يمكن التعامل معها بشكل مستقل عن باقي الإقرار.

فعلى سبيل المثال، إذا أقرّ شخص بواقعة معينة في مستند غير قضائي وأعطاها وصفًا معينًا، ثم أضاف إليها جزءًا آخر يتعلق بتوضيح أو استثناء، فإن المحكمة قد تأخذ بالجزء الذي يثبت الواقعة الأساسية وتستبعد الجزء الآخر إذا تبين أنه غير مؤثر أو مشوب بشكوك. وتُقدّر المحكمة هذه المسألة وفقًا للظروف المحيطة بالإقرار والأدلة الأخرى المتوافرة.

وقد استقر قضاء محكمة النقض على أنه يجوز تجزئة الإقرار غير القضائي في حالات معينة إذا كان منفصلًا عن باقي الإقرار ولا يتعارض مع جوهره، ويُترك للمحكمة تقدير مدى إمكانية تجزئة الإقرار وفقًا لما يظهر من الأدلة والوقائع في الدعوى.

رقابة محكمة النقض فيما يتعلق بالإقرار القضائي و الإقرار غير قضائي

تمارس محكمة النقض رقابة دقيقة على الإقرارات القضائية وغير القضائية في إطار وظيفتها في ضمان تطبيق القانون بشكل صحيح وحماية الحقوق القانونية للأطراف.

بالنسبة للإقرار القضائي، تقوم محكمة النقض بالتحقق من صحة الإقرار ومدى اتفاقه مع الواقع والتأكد من أن المقرّ قد أقرّ بإرادته الحرة، دون وجود أي تأثيرات خارجية مثل الإكراه أو الغلط. كما أنها تتأكد من أن الإقرار مستوفٍ لأركانه القانونية، مثل أن يكون صادرًا عن المقر في سياق قضائي، وأن يتم التعامل معه كدليل قاطع في القضية.

أما بالنسبة للإقرار غير القضائي، فإن محكمة النقض تُمارس رقابة على مدى صحة الإقرار وتقييم ظروف صدوره، بما في ذلك ما إذا كان المقرّ قد أقرّ بكامل إرادته أو إذا كانت هناك أدلة أخرى تدعم الإقرار أو تكذّبه. ورغم أن الإقرار غير القضائي لا يتمتع بذات الحجية القاطعة للإقرار القضائي، إلا أن المحكمة تتحقق من مدى تأثيره في القضية وتقدير مدى قوته كدليل ضمن باقي الأدلة.

في الحالتين، تتمثل وظيفة محكمة النقض في التأكد من أن الإقرارات تتفق مع الحقائق والوقائع المثبتة في الدعوى، وأنها تسهم في تحقيق العدالة دون الإضرار بحقوق الأطراف.

رأى فقهي يذهب إلى أن للإقرار غير القضائي حجية قاطعة

هناك رأي فقهي يرى أن للإقرار غير القضائي حجية قاطعة في الإثبات، ويستند هذا الرأي إلى القوة الدليلية الكبيرة التي يمكن أن يمتلكها الإقرار، حتى وإن كان قد تم خارج إطار القضاء. وفقًا لهذا الرأي، يُعتبر الإقرار غير القضائي دليلًا قويًا على الواقعة المقرّ بها إذا كان صادرًا عن المقرّ بإرادة حرة، ويمتاز بكونه واضحًا وصريحًا، ويُعد قرينة قانونية تدعم صحة الدعوى.

يدعم هذا الرأي الفقهي الفكرة القائلة بأن الإقرار غير القضائي يعكس نية المقرّ بوضوح، وأن المقرّ لا يمكنه الرجوع عنه بسهولة بعد أن أقرَّ بشيء من تلقاء نفسه، وأن إقرار الشخص بواقعة معينة سواء كان شفهيًا أو كتابيًا، يخلق واقعًا قانونيًا لا يمكن تجاهله، إذا كانت الظروف المحيطة بالإقرار تدل على صدقه وصدوره عن إرادة حرة.

وبناءً على ذلك، يرى أصحاب هذا الرأي أن حجية الإقرار غير القضائي قد تكون قوية بما يعادل الإقرار القضائي في بعض الحالات، خاصة إذا كانت الأدلة المؤيدة له تدعم صحة الوقائع المقرّ بها. ولكن، يتطلب هذا الرأي أن تكون المحكمة قد قامت بتحليل كافة الظروف المحيطة بالإقرار، وتقدير مدى قوة هذا الدليل في إطار الوقائع الأخرى المتاحة.

متى يعمل بأحكام الإقرار الواردة في قانون الإثبات أمام المحاكم الجنائية ؟

تُعد أحكام الإقرار الواردة في قانون الإثبات ذات أهمية خاصة أمام المحاكم الجنائية، حيث يُمكن أن تكون وسيلة قوية في إثبات الجريمة أو البراءة. ويُعمل بأحكام الإقرار أمام المحاكم الجنائية في الحالات التي يتم فيها الاعتراف بالجريمة من قبل المتهم، شريطة أن يكون الإقرار قد صدر عن إرادة حرة دون تأثير من إكراه أو غلط، وأن يكون واضحًا وصريحًا.

ومع ذلك، يترتب على القاضي في المحكمة الجنائية أن يتحقق من صحة الإقرار ومدى مطابقته للأدلة المتوافرة في القضية، حيث لا يُعتبر الإقرار دليلًا قاطعًا في جميع الحالات. على سبيل المثال، إذا كان الإقرار قد تم تحت إكراه أو تهديد، فإن المحكمة لا تأخذ به، ويمكن أن تستبعده تمامًا. كما أنه في حال كان الإقرار مشوبًا بالغموض أو الشك، قد يرفض القاضي الأخذ به ويبحث عن أدلة أخرى لدعم الجريمة المنسوبة إلى المتهم.

وفي بعض الحالات، يمكن للمحكمة الجنائية الأخذ بالإقرار بصفة استثنائية كدليل في الإثبات، خاصة إذا كان يتماشى مع الوقائع والشهادات الأخرى ويُعزز المصداقية والصدق في الأدلة المقدمة.

مكتب المستشار القانوني محمد منيب المحامى

مع تحيات موقع محامى مصر MohamyMasr.Com

المستشار القانونى محمد منيب المحامى

بفضل خبرته القانونية التي تمتد لأكثر من 20 عامًا، يمكنك الاعتماد عليه للحصول على أفضل تمثيل قانوني وضمان حقوقك أمام القضاء.

للاستفسار أو الحجز خدمة العملاء: 01006321774

📞 التواصل: احجز موعد مسبق  01006321774  –  01223232529

📍 عنوان المكتب: 13 شارع الخليفه من شارع الهرم بجوار السجل المدني

محامٍ شاطر جدًا في النزاعات المدنية

محامى مدني خبير قانوني 20 عامًا في المحاكم المدنية

المحامى الخبير والافضل فى قضايا المدنى

بيع ملك الغير فى القانون المدنى المصري كاملا

أكبر مكتب محاماة فى مصر فى تخصص مدنى وأسرة

أشهر محامى مدنى

error: