هل يملك أحد آخر إنهاء المقاولة بإرادته المنفردة في القانون المدني؟
في الأصل، لا يملك أي من طرفي عقد المقاولة إنهاءه بإرادته المنفردة دون مبرر، لأن العقد ملزم للجانبين، ويجب احترام الالتزامات الناشئة عنه. ومع ذلك، فقد خول القانون استثناءً خاصًا لرب العمل يجيز له التحلل من عقد المقاولة بإرادته المنفردة قبل تمام العمل، بشرط تعويض المقاول. أما المقاول، فلا يملك من تلقاء نفسه إنهاء العقد أو التراجع عنه دون سبب مشروع، وإلا اعتُبر ذلك إخلالًا يترتب عليه مسؤوليته وتعويض رب العمل. ويجوز للمقاول إنهاء العقد بإرادته إذا وُجدت ظروف قاهرة أو استحالة تنفيذ أو إخلال من رب العمل بواجباته، لكن في هذه الحالات يكون الإنهاء مشروعًا ومبنيًا على مبرر قانوني، وليس مجرد إرادة منفردة دون سبب.
شروط إنهاء رب العمل المقاولة بإرادته المنفردة :
لكي يُمارس رب العمل حقه في إنهاء عقد المقاولة بإرادته المنفردة، يجب توافر عدة شروط حددها القانون. أولًا، أن يتم الإنهاء قبل إتمام العمل، إذ لا يجوز له العدول بعد تمام التنفيذ أو التسليم. ثانيًا، أن يكون الإنهاء صادرًا من رب العمل نفسه، لا من طرف آخر، لأن هذا الحق مُخول له وحده بحكم القانون. ثالثًا، يجب أن يلتزم رب العمل بـتعويض المقاول تعويضًا عادلًا يشمل ما أنفقه من مصروفات، وما أنجزه من عمل، إضافة إلى ما فاته من كسب كان سيحققه لو استمر في تنفيذ المقاولة حتى النهاية. ويُشترط كذلك ألا يكون هناك اتفاق يمنع رب العمل من استعمال هذا الحق أو يقيده بشروط معينة، لأن الإرادة العقدية قد تُعدل من الأحكام القانونية.
نطاق تحلل رب العمل من عقد المقاولة بإرادته المنفردة :
يشمل نطاق تحلل رب العمل من عقد المقاولة بإرادته المنفردة جميع العقود التي يكون فيها محل الالتزام أداء عمل معين دون أن يكون العقد قد تم تنفيذه بالكامل، ويقتصر هذا الحق على الحالة التي يكون فيها العمل لا يزال جاريًا أو لم يبدأ بعد. ولا يميز القانون بين كون العمل بسيطًا أو ضخمًا، ولا بين أن يكون قد بدأ تنفيذه أو لا، ما دام لم يُستكمل وتسليمه لرب العمل. كما يشمل هذا الحق كل أنواع المقاولات، سواء كانت إنشائية أو صناعية أو فنية، ويُمارس دون حاجة إلى تبرير أو بيان سبب العدول. ومع ذلك، فإن نطاق هذا الحق محكوم بشرط التعويض العادل للمقاول عن ما أنفقه، وما أنجزه، وما فاته من ربح، فلا يجوز لرب العمل أن يتحلل من العقد دون مراعاة هذه القيود، وإلا تعرّض للمساءلة القانونية.
إنهاء عقد المقاولة بالإرادة المنفردة رخصة لرب العمل :
يُعد إنهاء عقد المقاولة بالإرادة المنفردة رخصة خاصة منحها القانون لرب العمل، تمكّنه من العدول عن العقد في أي وقت قبل تمام تنفيذ العمل، دون الحاجة إلى موافقة المقاول أو اللجوء إلى القضاء، وهو استثناء من مبدأ القوة الملزمة للعقد. وتقوم هذه الرخصة على اعتبار أن رب العمل هو صاحب المشروع، وقد تطرأ له ظروف تجعله غير راغب في الاستمرار، كعدم الحاجة إلى العمل أو تغيّر خطته الاقتصادية. لكن هذه الرخصة ليست مطلقة، بل يقيّدها القانون بوجوب تعويض المقاول تعويضًا عادلًا عمّا أنجزه من عمل، وما تكبده من نفقات، وما فاته من ربح كان سيحققه لو أُتمّ العقد. وبذلك يوازن القانون بين حرية رب العمل في إدارة مشروعه، وضمان حقوق المقاول وعدم الإضرار به.
كيفية إخطار رب العمل المقاول بالتحلل من المقاولة :
يجب على رب العمل، إذا أراد التحلل من عقد المقاولة بإرادته المنفردة، أن يُخطر المقاول بذلك بشكل واضح وصريح، ويُفضل أن يكون الإخطار كتابيًا لإثبات تاريخ صدوره ومضمونه، سواء تم ذلك بخطاب موصى عليه أو بإعلان رسمي أو بأي وسيلة تثبت التبليغ. ويجب أن يتضمن الإخطار نية رب العمل في إنهاء العقد قبل إتمام العمل، حتى يكون هذا الإنهاء منتجًا لآثاره القانونية. كما يُستحسن أن يوضح في الإخطار التزامه بتعويض المقاول عن الأعمال المنجزة والمصاريف وما فاته من كسب، تطبيقًا لنص المادة 663 من القانون المدني المصري. ويُعتبر هذا الإخطار هو اللحظة التي يبدأ منها حساب التعويض، وتحديد ما إذا كان المقاول قد شرع في تنفيذ العمل أو أنفق نفقات يُعتد بها، مما يضمن حقوق الطرفين ويحول دون المنازعة.
التعويض المستحق للمقاول بسبب التحلل من العقد
المصروفات التي أنفقها المقاول :
تشمل المصروفات التي أنفقها المقاول كل ما دفعه أو تحمّله من نفقات لازمة من أجل تنفيذ العمل المتفق عليه في عقد المقاولة، وذلك قبل أن يتحلل رب العمل من العقد. وتتنوع هذه المصروفات بحسب طبيعة المشروع، فقد تشمل تكاليف شراء المواد والأدوات، وأجور العمال، ونفقات النقل والتخزين، وتكاليف التراخيص أو الرسومات الفنية. ويُشترط أن تكون هذه المصروفات قد أُنفقت فعلًا، وأن تكون مرتبطة ارتباطًا مباشرًا بتنفيذ المقاولة. وعند تقدير التعويض المستحق للمقاول بسبب تحلل رب العمل من العقد، يُراعى إدخال هذه المصروفات في حساب التعويض، بشرط أن يُقدم المقاول ما يُثبتها، سواء بالفواتير أو العقود أو غيرها من وسائل الإثبات المقبولة قانونًا، ضمانًا لتعويضه عن الخسائر الفعلية التي لحقت به.
قيمة ما أنجزه المقاول من أعمال :
قيمة ما أنجزه المقاول من أعمال تُعد جزءًا أساسيًا من التعويض المستحق له إذا تحلل رب العمل من عقد المقاولة قبل إتمام العمل. ويُقصد بها المقابل المالي لما تم تنفيذه فعليًا من الأعمال المتفق عليها في العقد، سواء كانت مرحلة من مراحل المشروع أو جزءًا من العمل الكلي، ويُقدَّر ذلك إما بنسبة الإنجاز مقارنة بإجمالي المشروع، أو بحسب التقييم الفني لما تم إنجازه. ويشترط أن يكون العمل المنجز مطابقًا للمواصفات المتفق عليها، وقابلًا للاستفادة منه من قبل رب العمل. ويقوم هذا التقدير إما بالاتفاق بين الطرفين، أو يُحدد بواسطة خبير إذا وقع خلاف، ويُضاف إلى هذا المبلغ ما أنفقه المقاول من مصروفات، وما فاته من كسب، لتحديد كامل التعويض المستحق له نتيجة إنهاء العقد من جانب رب العمل بإرادته المنفردة.
قيمة ما كان المقاول يستطيع كسبه لو أنه أتم العمل :
قيمة ما كان المقاول يستطيع كسبه لو أنه أتم العمل تُعد أحد عناصر التعويض المستحق له عند تحلل رب العمل من عقد المقاولة بإرادته المنفردة. ويُقصد بها الربح المتوقع الذي كان سيتحقق للمقاول لو استمر في تنفيذ المشروع حتى نهايته، وهو ما يُعرف في الفقه القانوني بـ”الكسب الفائت”. ويُقدَّر هذا الربح عادةً بالفارق بين إجمالي الأجر المتفق عليه في العقد وبين ما كان سيتكبده المقاول من نفقات وتكاليف حتى إتمام العمل. ويُشترط أن يكون هذا الربح محققًا أو محتملًا على نحو غالب، لا مجرد أمل أو توقع غير مؤسس، ويجوز للمقاول إثباته بجميع طرق الإثبات، خاصة إذا وُجدت حسابات أو خبرات سابقة تُبين معدل الربح المعتاد في مثل هذا النوع من الأعمال.
تعويض المقاول عما يكون قد أصابه من ضرر أدبي :
يجوز أن يشمل التعويض المستحق للمقاول، في بعض الحالات، ما يكون قد أصابه من ضرر أدبي نتيجة تحلل رب العمل من عقد المقاولة بإرادته المنفردة، إذا ثبت أن هذا الإنهاء لم يكن فقط سببًا في خسائر مادية، بل ألحق بالمقاول مساسًا بسمعته المهنية أو مكانته التجارية. ويُشترط في هذه الحالة أن يكون الضرر الأدبي حقيقيًا وجديًا، كأن يتم العدول بطريقة مفاجئة أو مهينة أو تتضمن تشهيرًا أو إساءة تُسيء إلى مكانة المقاول في السوق، أو توحي بعدم كفاءته. ويُقدَّر التعويض عن هذا الضرر بحسب جسامته، وظروف العدول، ومدى تأثيره على السمعة المهنية، ويُخضع ذلك لتقدير القاضي وفقًا لمبادئ العدالة والإنصاف.
مكتب محامى مصر محمد منيب محامي قضايا مدني
✔️ تواصل معنا الآن للحصول على استشارة قانونية مدفوعة!
✔️ ضمان السرعة والدقة في إنجاز معاملاتك القانونية.استشارة قانونية شاملة.حرصا منا على وقت عملائنا من قبل المستشار محمد منيب شخصيا خدمة مقابلة اون لاين من خلال تطبيق meet على Gmail توفر لك دعماً قانونياً عبر الانترنت .
📞 للاستفسار أو الحجز خدمة العملاء: 01006321774
📞 التواصل: احجز موعد مسبق 01006321774 – 01223232529
📍 عنوان المكتب: 13 شارع الخليفه من شارع الهرم بجوار السجل المدني