فوائد النفقات التي أنفقتها الوكيل في القانون المدني

فوائد النفقات التي أنفقتها الوكيل في القانون المدني

يستحق الوكيل، وفقًا لأحكام القانون المدني، فوائد على النفقات التي أنفقها في تنفيذ الوكالة متى كان قد أنفقها من ماله الخاص، وامتنع الموكل عن ردّها في الوقت المناسب. وتُحتسب هذه الفوائد من تاريخ الإنفاق لا من تاريخ المطالبة، متى كانت النفقات ضرورية ومثبتة، وكان الوكيل حسن النية ولم يتأخر في عرضها على الموكل أو تقديم حساب عنها. ويُعد هذا الحكم تطبيقًا لمبدأ عدم الإثراء بلا سبب، وضمانًا لحماية الوكيل من الخسارة الناتجة عن حرمانه من الانتفاع بأمواله التي أنفقها لحساب غيره. ويُراعى في تقدير الفوائد السعر القانوني المعمول به، ما لم يُتفق على خلاف ذلك أو يُوجد نص خاص يحدد سعرًا مغايرًا.

تقادم الإلتزام برد المصروفات في القانون المدني :

يتقادم الالتزام برد المصروفات التي أنفقها الوكيل في تنفيذ الوكالة بمضي خمس سنوات، وفقًا للقواعد العامة التي تسري على تقادم حقوق أصحاب المهن الحرة ومن يقومون بأعمال لحساب غيرهم بمقتضى تكليف. ويبدأ سريان هذا التقادم من تاريخ انتهاء الوكالة أو من اليوم الذي أنفق فيه الوكيل المصروفات لصالح الموكل، ما لم يوجد مانع قانوني أو سبب مشروع يوقف التقادم أو يقطعه. ويهدف هذا التقادم إلى استقرار المعاملات ومنع تراكم المطالبات المالية بعد فوات زمن طويل، ومع ذلك، إذا أقر الموكل بالدين أو تمسك الوكيل بحقه أمام القضاء خلال المدة، فإن ذلك يقطع التقادم ويُعيد احتساب المدة من جديد.

تعويض الوكيل عما يصيبه من ضرر :

يُلزم الموكل بتعويض الوكيل عما يصيبه من ضرر نتيجة تنفيذ الوكالة، إذا كان هذا الضرر قد نشأ عن عمل قام به الوكيل تنفيذًا لتعليمات الموكل أو في حدود ما أُوكل إليه وبحسن نية. ويشمل التعويض ما لحق الوكيل من خسارة فعلية أو ما فاته من كسب بسبب تنفيذ الوكالة، كأن يُلزم بدفع غرامات أو يتحمل مسؤولية قانونية لم يكن سببها تقصير منه. ويستند هذا الحكم إلى القواعد العامة في المسؤولية العقدية، وإلى مبدأ وجوب حفظ مصلحة الوكيل وعدم تحميله أعباء لم يكن له أن يتحملها لولا تنفيذه لأوامر الموكل. ويشترط لاستحقاق التعويض ألا يكون الضرر راجعًا إلى خطأ أو تجاوز من الوكيل، وإلا انتفى حقه في الرجوع على الموكل بما أصابه من ضرر.

النص القانوني للمادة 711 مدني تنص على :-

يكون الموكل مسئولا عما أصاب الوكيل من ضرر دون خطأ منه بسبب تنفيذ الوكالة تنفيذاَ معتاداً .

شرطا تعويض الوكيل عما يصيبه من ضرر

الشرط الأول : أن يكون تنفيذ الوكالة تنفيذا معتادا هو سبب ضرر :

إذا كان الضرر الذي أصاب الوكيل ناتجًا عن تنفيذ الوكالة تنفيذًا معتادًا، فإن الموكل يلتزم بتعويضه، لأن الوكيل في هذه الحالة لم يجاوز حدود مهمته، وإنما تصرف بما يقتضيه العُرف وطبيعة العمل الموكل به. ويُعد تنفيذ الوكالة تنفيذًا معتادًا سببًا كافيًا لتحميل الموكل تبعة ما يترتب عليه من أضرار، طالما لم يصدر من الوكيل خطأ أو تفريط. فالعبرة في قيام المسؤولية ليست بحدوث الضرر فحسب، وإنما بكون الوكيل قد التزم بالتصرف وفق ما يقتضيه حسن النية، والأصول المهنية، والتعليمات المألوفة في مثل هذه الحالات، مما يجعل الموكل هو الملزم بتحمل النتائج الضارة التي ترتبت على تنفيذ وكالته.

الشرط الثاني : ألا يقع خطأ في جانب الوكيل :

يشترط لتعويض الوكيل عما أصابه من ضرر أثناء تنفيذ الوكالة ألا يكون هناك خطأ في جانبه، أي أن يكون قد تصرف بحسن نية، وفي حدود التعليمات الممنوحة له، دون إهمال أو تجاوز أو تفريط. فإذا كان الضرر الذي لحق به نتيجة سلوكه الخاطئ أو تجاوزه حدود الوكالة، فلا يحق له المطالبة بالتعويض، لأن الضرر في هذه الحالة يُعزى إلى فعله الشخصي. ويُعد هذا الشرط تطبيقًا لمبدأ تحمل المسؤولية عن الخطأ الشخصي، كما يُحقق التوازن بين التزام الموكل بالتعويض، ووجوب تقيد الوكيل بحدود مهمته، وتنفيذها بالأمانة والحرص اللازمين.

هل يشترط ألا يكون هناك مصدر آخر للتعويض ؟

لا يُشترط، لتعويض الوكيل عما لحقه من ضرر أثناء تنفيذ الوكالة، ألا يكون هناك مصدر آخر للتعويض، بل يظل الموكل ملتزمًا بالتعويض متى توافرت شروطه، حتى ولو كان للوكيل الحق في الرجوع على جهة أخرى بالتعويض، كأن يكون له حق الرجوع على المسؤول عن الفعل الضار أو شركة تأمين. فالمسؤولية هنا تقوم على أساس العلاقة التعاقدية بين الموكل والوكيل، ولا تسقط لمجرد وجود مصدر آخر محتمل للتعويض. ومع ذلك، إذا حصل الوكيل بالفعل على تعويض كامل من جهة أخرى عن ذات الضرر، فلا يجوز له الجمع بين التعويضين، منعًا للإثراء بلا سبب، ويجوز في هذه الحالة للمحكمة أن تُخفّض التعويض أو تُعدله بما يحقق التوازن والعدالة.

الإعفاء من المسئولية وتعديلها :

يجوز للموكل والوكيل الاتفاق على الإعفاء من المسؤولية أو تعديل نطاقها في عقد الوكالة، سواء بالنسبة للضرر الذي قد يصيب أحدهما أو لرد النفقات أو الأتعاب، وذلك ما دام الاتفاق لا يخالف النظام العام أو الآداب العامة. فيمكن مثلًا أن يُعفى الموكل من مسؤولية تعويض الوكيل عن بعض الأضرار، أو يُشترط حد أقصى للنفقات التي يلتزم بردها، كما يمكن أن يُخفف من التزامات الوكيل تجاه الموكل. ومع ذلك، لا يسري الإعفاء من المسؤولية إذا ثبت وجود غش أو خطأ جسيم من الطرف المعفى، لأن هذه الأحوال تُعد تجاوزًا لا تجوز حمايته تعاقديًا. ويُراعى في تفسير شرط الإعفاء أو التعديل أن يكون واضحًا وصريحًا، وألا يؤدي إلى إهدار جوهر الالتزامات العقدية أو الإضرار الجسيم بالطرف الآخر.

ضمانات الوكيل

اولا : حق الحبس :

يُعد حق الحبس من أهم الضمانات التي يتمتع بها الوكيل، ويقصد به حقه في الامتناع عن رد ما في حيازته من أموال أو مستندات مملوكة للموكل، إذا لم يقم الأخير بدفع ما هو مستحق للوكيل من أتعاب أو نفقات أو تعويض. ويُشترط لمباشرة هذا الحق أن يكون المال المحبوس متعلقًا بالوكالة، وأن تكون مستحقات الوكيل ثابتة ولم تُدفع، كما يجب ألا يكون هناك اتفاق يُلزم الوكيل برد الأموال قبل الحصول على مستحقاته. ويهدف هذا الحق إلى حماية مصلحة الوكيل ومنع الموكل من الاستفادة من نتائج الوكالة دون الوفاء بالتزاماته، وهو حق مقرر بنص القانون، ولا يُسقط إلا إذا قام الوكيل برد الشيء أو تنازل عنه صراحة.

ثانيا : حق الإمتياز :

يُعد حق الامتياز من أبرز الضمانات التي كفلها القانون للوكيل، ويمنحه أولوية في استيفاء ما له من أتعاب ونفقات وتعويضات على الأموال أو الحقوق التي حصلها أو حفظها لمصلحة الموكل بموجب الوكالة. وهذا الامتياز يَسري على الأموال الناتجة عن العمل الذي قام به الوكيل، سواء كانت نقودًا أو منقولات أو مستحقات تم تحصيلها لصالح الموكل، ويُقدم على حقوق باقي الدائنين العاديين. ويستند هذا الحق إلى اعتبارات العدالة وحماية الجهد الذي بذله الوكيل، ويُعفى غالبًا من إجراءات الشهر أو التسجيل، طالما أن محل الامتياز ما زال في حيازة الوكيل. ويُعد الامتياز وسيلة فعّالة تُمكّن الوكيل من ضمان الحصول على حقوقه دون اللجوء إلى التقاضي في كل مرة.

ثالثا : حق الإختصاص :

حق الاختصاص هو أحد وسائل الضمان التي قد تُقرر للدائن، ويعني حقه في استيفاء دينه من ثمن أموال معينة مملوكة لمدينه، بناءً على أمر يصدر من القضاء، بشرط ألا يكون له ضمان عيني آخر. ورغم أن القانون المدني لا يُقرّ للوكيل حق الاختصاص تلقائيًا، إلا أنه يجوز له أن يطلب من المحكمة هذا الحق إذا لم يتمكن من استيفاء أتعابه أو نفقاته بالطرق العادية، وكانت في ذمة الموكل أموال ثابتة أو منقولة تصلح لضمان دينه. ويمنح القاضي هذا الحق كاستثناء، بناءً على توافر شروطه، ومنها أن يكون الدين محققًا ومعلومًا، وألا يكون مضمونًا بتأمين عيني آخر، وأن يُثبت الوكيل أن له مصلحة جدية في توقيع الاختصاص. ويُعد هذا الحق ضمانًا قضائيًا يمنح للوكيل أولوية قانونية في استيفاء حقه من أموال الموكل.

رابعا : تضامن الموكلين المتعدين :

إذا تعدد الموكلون في عقد الوكالة، فإن الأصل أن يكونوا غير متضامنين في الالتزام نحو الوكيل، إلا إذا اتفقوا صراحة على التضامن، أو كان موضوع الوكالة غير قابل للتجزئة، أو اقتضت طبيعة العمل ذلك. ففي هذه الحالات، يُعتبر الموكلون متضامنين في مواجهة الوكيل، ويجوز له الرجوع على أيٍّ منهم بالمطالبة بكامل الأتعاب أو النفقات أو التعويض المستحق له، على أن يكون لمن دفع الرجوع على الباقين بما يخصهم. ويهدف هذا الحكم إلى حماية الوكيل وضمان حصوله على حقوقه كاملة، دون أن يتكبد عناء مطالبة كل موكل على حدة، لا سيما إذا كان العمل الموكل به مشتركًا وغير قابل للتقسيم من حيث الجهد أو النتيجة.

 المستشار محمد منيب محامي قضايا مدني في الهرم

مقر مكتب مستشار قانونيى قضايا و قوانين مدني في الهرم، بجوار السجل المدني شارع الهرم.

للتواصل مع المستشار القانوني في الهرم، محامي في الهرم فيصل الجيزة 01006321774  –  01223232529

error: