عيوب الرضاء في عقد الوكالة في القانون المدني

عيوب الرضاء في عقد الوكالة في القانون المدني

يخضع عقد الوكالة كغيره من العقود لقاعدة “صحة الرضاء”، فيجب أن يكون رضا كل من الموكل والوكيل خالياً من العيوب التي تؤثر فيه، مثل الغلط، أو التدليس، أو الإكراه. فإذا شاب رضا أحد الطرفين أحد هذه العيوب، فإن العقد يكون قابلاً للإبطال لمصلحة من صدر منه الرضاء المعيب. ويشترط في هذه الحالة أن يكون العيب مؤثراً في التعاقد، أي لو لم يقع لما أبرم الطرف العقد. وتخضع دعوى الإبطال في هذه الحالة للأحكام العامة في القانون المدني من حيث المدة وعبء الإثبات، حيث يجب على من يدعي العيب أن يثبته. ويلاحظ أن التدليس غالباً ما يقع في شكل إيهام الموكل بمؤهلات غير حقيقية للوكيل، أو تضليل الوكيل بوجود سلطة لدى الموكل لا يملكها.

عيوب الإرادة بالنسبة للوكيل الذي أبرم العقد :

إذا شابت إرادة الوكيل عيوب كالغلط أو التدليس أو الإكراه عند إبرامه العقد مع الغير، فإن أثر ذلك لا ينصرف إليه شخصيًا، بل إلى الموكل، لأنه هو صاحب المصلحة في العقد، ويُعد هذا العقد مبرمًا لحسابه. وبالتالي، فإذا وقع الوكيل في غلط جوهري أو تعرض لتدليس أو إكراه دفعه إلى التعاقد، فإن الموكل يستطيع التمسك بإبطال العقد وفقًا للقواعد العامة، بشرط أن يكون العيب قد أثّر فعلاً في رضا الوكيل وقت إبرام العقد. ويُشترط أيضًا أن يكون الطرف الآخر في العقد قد علم أو كان من المفترض أن يعلم بهذا العيب، خاصة في حالتي التدليس والإكراه.

تصرف الوكيل وفقا لتعليمات الموكل :

يجب على الوكيل أن يتقيد في تصرفه بتعليمات الموكل التي صدرت إليه صراحة أو ضمناً، فإن خرج عنها كان مسؤولاً قبل الموكل عن الضرر الذي يلحقه من جراء ذلك، وفقاً للقواعد العامة في المسؤولية. ويُعد احترام تعليمات الموكل من أهم مظاهر التزام الوكيل بحسن تنفيذ الوكالة، لأن دور الوكيل يقتصر على تمثيل الموكل وتحقيق إرادته، لا استبدال إرادته بإرادة أخرى. فإذا خالف الوكيل التعليمات، حتى لو رأى أن ما قام به أنفع للموكل، فإنه يكون قد أخل بالتزامه، ما لم يكن هناك حالة ضرورة تبرر الخروج عن التعليمات وكان من المستحيل الرجوع إلى الموكل في الوقت المناسب.

تطبيق عيوب الإرادة بالنسبة لطرفى الوكالة :

تسري قواعد عيوب الإرادة المنصوص عليها في القانون المدني على طرفي عقد الوكالة، أي على الموكل والوكيل على السواء. فإذا شاب رضا أحدهما غلط أو تدليس أو إكراه أو غبن في الأحوال التي يعتد بها القانون، جاز له أن يطلب إبطال العقد. ويترتب على ذلك أن الوكالة التي تصدر عن موكل وقع في غلط جوهري، أو أُكره على إصدارها، أو خُدع بتدليس من الوكيل أو من الغير، تكون قابلة للإبطال لمصلحته. وكذلك الحال إذا قبل الوكيل الوكالة تحت تأثير عيب من عيوب الإرادة، فيحق له طلب إبطالها. وتُطبق في هذا الشأن نفس القواعد العامة لعقود الإرادة، من حيث شروط العيب، وعبء الإثبات، والأجل المقرر لطلب الإبطال.

الغلط :

الغلط يُعد أحد عيوب الإرادة التي تؤثر في صحة العقد، ويقع حين يتوهم أحد المتعاقدين أمراً غير مطابق للواقع عند إبرام العقد. ولكي يكون الغلط سبباً لإبطال العقد، يشترط أن يكون غلطاً جوهرياً، أي أن يصل إلى حد لو علم المتعاقد بالحقيقة لما أبرم العقد، وأن يكون المتعاقد الآخر قد علم أو كان من المفترض أن يعلم بهذا الغلط. والغلط قد يتعلق بشخص المتعاقد، أو بطبيعة العقد، أو بصفاته الجوهرية، أو بموضوع العقد أو محل الالتزام. وفي عقد الوكالة، إذا صدر التوكيل بناءً على غلط جوهري، كأن يظن الموكل أن الوكيل متخصص في نوع معين من التصرفات وهو ليس كذلك، فإن له أن يطلب إبطال الوكالة لهذا السبب وفقاً للقواعد العامة في القانون المدني.

الإكراه :

الإكراه هو أحد عيوب الإرادة التي تُؤثر في صحة عقد الوكالة، ويقع عندما يُضغط على أحد المتعاقدين بوسائل مادية أو معنوية تحمله على إبرام العقد دون أن يكون لديه حرية حقيقية في الاختيار. ويشترط القانون للاعتداد بالإكراه أن يكون من الشدة بحيث يخشى الشخص على نفسه أو على غيره من خطر جسيم محدق، كما يُشترط أن يكون هذا الخطر غير مشروع، وأن يكون الإكراه هو الدافع الأساسي للتصرف. وفي عقد الوكالة، إذا ثبت أن الموكل أو الوكيل قد أُكره على إبرام العقد، فإن العقد يكون قابلاً للإبطال لمصلحة من وقع عليه الإكراه، طبقًا للقواعد العامة المنصوص عليها في القانون المدني.

آثار الوكالة فيما بين الموكل والوكيل  (إلتزامات الوكيل)

الإلتزام الأول : إلتزام الوكيل بتنفيذ الوكالة :

أول التزامات الوكيل في عقد الوكالة هو الالتزام بتنفيذ الوكالة، ويُقصد بذلك أن يقوم الوكيل بالتصرف أو العمل الذي كُلّف به من قبل الموكل، وأن يُنفذه شخصيًا، ما لم يُصرح له بالاستعانة بغيره أو تقتضي طبيعة العمل ذلك. ويجب أن يتم تنفيذ الوكالة وفقًا لما تقتضيه مصلحة الموكل وبما يتفق مع حسن النية، فإن خالف الوكيل هذه الالتزامات أو قصّر في أدائها، عُدّ مسؤولًا عن أي ضرر يلحق بالموكل نتيجة هذا الإخلال. كما يلتزم الوكيل باتباع تعليمات الموكل وعدم تجاوز حدود الوكالة، وإلا تحمل التبعات القانونية لتصرفاته الزائدة عن نطاق التفويض.

النص القانوني للمادة 703 مدني تنص على :-

(1 ) الوكيل ملزم بتنفيذ الوكالة دون أن يجاوز حدودها المرسومة .

(2) على أن له أن يخرج عن هذه الحدود متى كان من المستحيل عليه أخطار الموكل سلفاً وكانت الظروف يغلب معها الظن بأن الموكل ما كان إلا ليوافق على هذا التصرف ، وعلى الوكيل فى هذه الحالة أن يبادر بإبلاغ الموكل خروجه عن حدود الوكالة .

مضمون الإلتزام :

مضمون الالتزام الواقع على الوكيل في تنفيذ الوكالة يتمثل في أن يباشر الأعمال أو التصرفات التي كُلِّف بها من الموكل، بذمة وكفاءة ووفق ما تقتضيه مصلحته. ويشمل هذا الالتزام عدة عناصر: أولًا، أن يُنفّذ الوكيل العمل بنفسه، ما لم يُصرح له بالاستعانة بغيره؛ ثانيًا، أن يُراعي تعليمات الموكل، فإن لم توجد تعليمات صريحة، وجب عليه أن يتصرف بما يحقق نفع الموكل في ضوء العرف وظروف الحال؛ ثالثًا، أن يتحلى بحسن النية، فلا يستغل الوكالة لمصلحته أو يضر الموكل. وبالتالي فإن جوهر هذا الالتزام هو الإخلاص في تنفيذ الوكالة وعدم التعدي أو التقصير فيها، وإلا التزم الوكيل بالتعويض.

جزاء الخروج على الحدود المرسومة للوكالة :

إذا خرج الوكيل عن الحدود المرسومة للوكالة، فإن تصرفه لا يُلزم الموكل إلا إذا أجازه صراحة أو ضمنًا، ويُعتبر الوكيل قد تصرف على مسؤوليته الخاصة، ويُسأل عن الأضرار التي تلحق بالموكل نتيجة هذا التجاوز. ويتمثل الخروج عن حدود الوكالة إما في مخالفة نطاقها الموضوعي، كأن يُبرم الوكيل عقد بيع بينما وكّل في الإيجار، أو في تجاوز الحدود الزمانية أو المكانية للوكالة. ويترتب على هذا الخروج، في الأصل، عدم نفاذ التصرف في حق الموكل، إلا إذا توافر حسن نية في الطرف الآخر المتعامل مع الوكيل، وفي بعض الحالات قد تنقلب المسؤولية إلى شخصية في مواجهة الوكيل، خاصة إذا ألحق بالموكل ضررًا بفعل التجاوز.

المستشار محمد منيب / للإستشارات القانونية

🔹 استشارات في القضايا المدنية والتجارية (العقود، الشركات، المعاملات التجارية).
🔹 استشارات في قضايا الأحوال الشخصية (الطلاق، الخلع، النسب، الميراث).
🔹 استشارات عقارية (الإيجارات، الملكية، الطعون على العقود، الشفعة).
🔹 استشارات قانونية جنائية (الدفاع في القضايا الجنائية، الطعون، الاستئناف).
🔹 استشارات تنفيذية لضمان تنفيذ الأحكام القضائية بأسرع وقت.

error: