“عقد الوكالة “في القانون المدني
عقد الوكالة في القانون المدني هو عقد يلتزم بمقتضاه شخص، يُسمى الوكيل، بأن يقوم بعمل قانوني لحساب شخص آخر يُسمى الموكل. وتعد الوكالة من العقود الرضائية التي تنعقد بمجرد توافق الإرادتين، ما لم يشترط القانون أو الاتفاق شكلًا معينًا، كما قد تكون الوكالة مقرونة بأجر أو تكون مجانية. وتختلف الوكالة عن غيرها من العقود بأنها تتعلق دائمًا بتصرف قانوني، مثل البيع أو التقاضي أو الإدارة، ويشترط في الوكيل أهلية القيام بالتصرف الموكل به. وتخضع العلاقة بين الطرفين لأحكام الأمانة، حيث يلتزم الوكيل بتنفيذ الوكالة طبقًا لتعليمات الموكل وبما يحقق مصلحته، كما يُسأل عن أي تقصير أو انحراف عن حدود الوكالة. وتنتهي الوكالة إما بانتهاء الغرض منها أو بعزل الوكيل أو بتنازله عنها أو بوفاة أحد الطرفين، ما لم تكن الوكالة غير قابلة للعزل لسبب معتبر.
التنظيم التشريعي لعقد الوكالة في القانون المدني :
خصص التقنين المدنى الجديد لعقد الوكالة الفصل الثالث من الباب الثالث من الكتاب الثاني كأحد العقود الواردة على العمل المواد من ٦٩٩ إلى ۷۱۷ .وقد أوضحت المذكرة الإيضاحية للتقنين المدني الجديد تحت عنوان (نظرة عامة) التنظيم الذى وضعه المشروع لعقد الوكالة ، ونكتفى بإيراد نصوص هذه المذكرة الإيضاحية فيما يلى :
” فصل المشروع عقد الوكالة عن موضوع النيابة بوجه عام . فوضع مبدأ النيابة وما يتصل بها من أحكام بين القواعد العامة للالتزامات .وجعل عقد الوكالة في مكانه بين العقود المسماة التي ترد على العمل، إذ الوكالة محلها عمل الوكيل . وقد روعي ، بعد فصل الوكالة عن النيابة ،ألا تتكرر النصوص فى الموضوعين . فاختصت النيابة بالمبادئ العامة ، دون نظر إلى مصدر النيابة هل هو العقد أو القانون .
تعريف عقد الكالة وخصائصه :
عرفت المادة ٦٩٩ من التقنين المدنى الجديد عقد الوكالة بقولها :” الوكالة عقد بمقتضاه يلتزم الوكيل بأن يقوم بعمل قانوني لحساب الموكل “.
ويبين من هذا التعريف أن للوكالة عدة خصائص تخلص فيما يأتي :
– الوكالة عقد من عقود التراضى، أى أنها تنعقد بالإيجاب والقبول.
وقبول الوكيل قد يكون صريحا أو ضمنيا .
ويعتبر قبولا ضمنيا من الوكيل أن يقوم بتنفيذ الوكالة . كما يعتبر سكوت الوكيل قبولا إذا تعلقت الوكالة بأعمال تدخل في مهنته ، كما هو الأمر فى المحامى والوكيل بالعمولة ، أو كان قد عرض خدماته علنا بشأنها (1) .
غير أن عقد الوكالة قد يكون شكليا – كما سنرى – إذا كان التصرف القانوني محل الوكالة هو تصرف شكلي .
– الوكالة من عقود التبرع – بحسب الأصل وعلة ذلك أن الموكل يختار الوكيل عادة من بين أصداقه أو ذوى قرباه . فالشخص لا يعهد إلى الغير بمصالحه جزافا وعن غير خبرة ، إنما يختار من بينهم من يكون
الوكالة شرعا هي إقامة الإنسان غيره مقام نفسه فى تصرف مملوك له معلوم قابل للنيابة شرعا .
تمييز عقد الوكالة عما يشتبه من عقود
1- الوكالة والبيع :
يُفرّق القانون المدني بين عقد الوكالة وعقد البيع من حيث الطبيعة والآثار القانونية، رغم ما قد يثار من تشابه بينهما في بعض الحالات، خاصة عند قيام الوكيل بالبيع لحساب الموكل. فعقد الوكالة هو عقد يُفوض فيه الموكلُ شخصًا آخر – الوكيل – للقيام بتصرف قانوني لحسابه، بينما عقد البيع هو عقد ناقل للملكية بمقابل بين طرفين هما البائع والمشتري. ويكمن الفارق الجوهري في أن الوكالة لا تُنشئ في ذاتها نقلًا للملكية، بل تُخول الوكيل سلطة إبرام البيع لصالح الموكل، أما البيع فينشئ التزامات متبادلة بين طرفيه ويؤدي إلى انتقال الملكية عند توافر شروطه. كذلك، في عقد الوكالة يكون الوكيل نائبًا عن الموكل، فلا يتصرف باسمه الخاص، بينما في البيع يكون العاقد متصرفًا لحسابه الشخصي. ومن ثم، فإن الوكالة تمهيد لعقد البيع أو أداة لتنفيذه، لكنها ليست بيعًا في ذاتها، ولا تترتب عليها آثاره إلا إذا تم التصرف الذي خُوِّل به الوكيل.
2- الوكالة والشركة :
يُميّز القانون المدني بين عقد الوكالة وعقد الشركة رغم ما قد يظهر من تشابه بينهما في بعض صور التعاون بين الأشخاص. فعقد الوكالة هو عقد يُفوِّض فيه الموكل شخصًا آخر للقيام بتصرف قانوني لحسابه، ويعمل فيه الوكيل باسم الموكل ولصالحه، دون أن يكون له نصيب في الأرباح أو الخسائر إلا إذا اتُّفق على أجر. أما عقد الشركة، فهو اتفاق بين شخصين أو أكثر يساهم كل منهم بحصة في مشروع مشترك، ويتقاسمون الأرباح والخسائر الناتجة عنه، ويعمل الشركاء فيه لحساب بعضهم البعض ولصالح الجماعة. والمعيار الأساسي للتمييز هو نية المشاركة في الربح والخسارة، فإن وُجدت هذه النية والتزمت الأطراف بالمساهمة بحصص واستهداف الربح، فنحن بصدد شركة، أما إذا اقتصر الأمر على قيام شخص بعمل قانوني لحساب غيره دون تحمل نتائج المشروع، فهي وكالة. ويترتب على هذا التمييز آثار قانونية مهمة، خاصة من حيث المسؤولية والتصرف في الأموال وموقف الغير حسن النية.
3- الوكالة والوديعة :
يُفرّق القانون المدني بوضوح بين عقد الوكالة وعقد الوديعة، رغم أن كليهما قد يتضمن تسليم شيء من شخص لآخر. فعقد الوكالة يهدف إلى تمكين الوكيل من القيام بتصرف قانوني لحساب الموكل، كالبيع أو التقاضي أو الإدارة، ويعمل الوكيل فيه باسم الموكل ونيابة عنه. أما عقد الوديعة، فهو عقد يلتزم فيه الوديع بحفظ مال منقول يودعه لديه شخص آخر، والامتناع عن استعماله، ثم رده عند الطلب، دون أن يكون له سلطة في التصرف فيه أو القيام بأي عمل قانوني بشأنه. والمعيار الأساسي للتمييز هو طبيعة العمل المطلوب: فإن كان المطلوب مجرد الحفظ والرد، فهي وديعة، أما إن كان المطلوب القيام بتصرف قانوني، فهي وكالة. كذلك، في الوكالة تكون العلاقة قائمة على النيابة، بينما في الوديعة تقوم على الأمانة. هذا التمييز له أثر عملي كبير في تحديد مسؤولية الطرفين وحدود التصرف في الشيء محل العقد.
4- الوكالة والإيجار :
يختلف عقد الوكالة عن عقد الإيجار من حيث طبيعة العلاقة والغرض منها، رغم أن كليهما قد يتضمن قيام شخص بعمل لصالح آخر مقابل أجر. فعقد الوكالة يُفوض فيه الموكلُ الوكيلَ للقيام بتصرف قانوني لحسابه، كبيع أو شراء أو تمثيله أمام القضاء، ويعمل فيه الوكيل باسم الموكل ونيابة عنه، مما يعني أن الوكالة تقوم على النيابة القانونية. أما عقد الإيجار، فيلتزم فيه المستأجر باستعمال شيء معين أو الانتفاع بخدمة يؤديها المؤجر، دون أن ينوب عنه أو يمثله، ودون أن يقوم بتصرفات قانونية لحسابه. كما أن الإيجار غالبًا ما ينصب على أعمال مادية أو الانتفاع بشيء، بخلاف الوكالة التي تنصب على أعمال قانونية. والمعيار الفارق هنا هو وجود النيابة في الوكالة، وغيابها في الإيجار، بالإضافة إلى أن العلاقة في الوكالة تقوم على الثقة في شخص الوكيل، بينما في الإيجار لا تكون شخصية المتعاقد بنفس الأهمية في الغالب.
5- الوكالة والعمل :
يتميّز عقد الوكالة عن عقد العمل رغم أن كليهما قد يتضمن قيام شخص بعمل لحساب آخر، وقد يكون بأجر. فعقد الوكالة يُخوِّل الوكيل القيام بتصرف قانوني لحساب الموكل وباسمه، ويقوم على أساس النيابة، إذ ينوب الوكيل عن الموكل في علاقاته مع الغير. أما عقد العمل، فيلتزم فيه العامل بأداء عمل مادي أو ذهني تحت إشراف وتوجيه صاحب العمل، دون نيابة عنه، وإنما لحسابه فقط. كما أن العلاقة في عقد العمل تتسم بوجود عنصر التبعية القانونية والتنظيمية، وهو ما لا يوجد في عقد الوكالة، حيث يتمتع الوكيل بحرية أوسع في تنفيذ المهام ما لم يُقيَّد بتعليمات. والمعيار الأساسي للتمييز هو أن الوكالة تدور حول تصرف قانوني يتم بالنيابة، بينما العمل يدور حول تنفيذ عمل فعلي لحساب الغير دون تمثيله قانونًا أمام الآخرين.
6- الوكالة والمقاولة :
يُفرّق القانون المدني بين عقد الوكالة وعقد المقاولة رغم ما قد يبدو من تشابه بينهما في بعض الصور العملية، إذ ينصّ عقد الوكالة على قيام الوكيل بتصرف قانوني لحساب الموكل وباسمه، كالبيع أو الإدارة أو التقاضي، وتقوم العلاقة فيه على النيابة والثقة، وقد يكون العمل بأجر أو بغير أجر. أما عقد المقاولة، فهو عقد يلتزم فيه المقاول بإنجاز عمل مادي أو فني معين لصالح شخص آخر هو رب العمل، مقابل أجر محدد، دون أن ينوب عنه أو يمثله قانونًا. ولا تُشترط في المقاولة فكرة النيابة أو التصرف باسم الغير، بل يكفي تنفيذ العمل المتفق عليه، سواء تم بجهد المقاول الشخصي أو بالاستعانة بغيره. والمعيار الفاصل بين العقدين هو أن الوكالة تنصب على تصرف قانوني يتم بالنيابة، بينما تنصب المقاولة على تنفيذ عمل مادي لحساب الغير دون تمثيله.
المستشار محمد منيب محامي مصر / أفضل محامٍ قضايا المحاكم المدنية في مصر
13 شارع الخليفة من شارع الهرم ناصية فندق الفاندوم، بجوار السجل المدنى، الهرم، الجيزة.