حق الإرتفاق في القانون المدني

حق الإرتفاق في القانون المدني

حق الارتفاق هو حق عيني يتقرر لمصلحة عقار معين يُسمى “العقار المنتفع”، على عقار آخر يُسمى “العقار المرتفق به”، يملكه شخص آخر، ويهدف هذا الحق إلى تسهيل استعمال العقار المنتفع أو تحسينه. ومن أمثلة حقوق الارتفاق: حق المرور، وحق المجرى، وحق المسيل. ويشترط أن يكون العقاران مملوكين لشخصين مختلفين، وأن يكون هناك منفعة دائمة للعقار المنتفع. ويجب تسجيل حق الارتفاق في السجل العقاري حتى يكون نافذًا في مواجهة الغير، ما لم يكن ناشئًا عن وضع يد ظاهر ومستمر وطويل الأمد.

حق الإرتفاق المادة 1015 في القانون المدني

تُعد حقوق الارتفاق من أبرز القيود القانونية التي ترد على حق الملكية العقارية، وهي تفرض التزامات على مالك عقار معين لصالح عقار آخر مجاور، كحق المرور أو المسيل أو المجرى. وقد نظّم المشرّع المصري هذه الحقوق في المواد من (1012) إلى (1029) من القانون المدني. وتأتي المادة 1015 لتتناول أحد أهم أسباب انقضاء حق الارتفاق، وهو زوال العلة التي برّرت وجود هذا الحق.

النص القانوني للمادة 1015 مدني

الارتفاق حق يحد من منفعة عقار لفائدة عقار غيره يملكه شخص آخر ويجوز أن يترتب الارتفاق على مال عام إن كان لا يتعارض مع الاستعمال الذى خصص له هذا المال. 

شرح المادة 1015 وتحليلها

مفهوم “زوال العلة”

العلة المقصودة هنا هي السبب العملي أو الحاجة الفعلية التي أدت إلى إنشاء الارتفاق. فإذا انتفت هذه الحاجة، لم يعد هناك مبرر لبقاء الحق.

مثال توضيحي:

إذا كان لعقار داخلي لا منفذ له إلى الطريق العام، فتم تقرير حق ارتفاق بالمرور عبر عقار مجاور. ثم تم فتح شارع عام جديد يصل إلى العقار الداخلي من جهة أخرى، فإن علة الارتفاق (انعدام الطريق) قد زالت، فينقضي الارتفاق تلقائيًا.


عدم عودة الحق إذا عادت العلة

المشرع قرر في الفقرة الثانية من المادة أن حق الارتفاق لا يعود تلقائيًا إذا عادت العلة، إلا إذا نص القانون صراحةً على خلاف ذلك.

توضيح:

إذا تم إلغاء الطريق الجديد وأصبح العقار محاصرًا مرة أخرى، فلا يعود حق المرور القديم إلا إذا وُجد نص قانوني يُجيز ذلك أو تم الاتفاق بين الأطراف من جديد.


الطبيعة القانونية لانقضاء الارتفاق وفقًا للمادة 1015

  • الانقضاء يتم بقوة القانون: أي بمجرد زوال العلة دون الحاجة إلى صدور حكم قضائي.

  • ولكن، إذا وقع نزاع بشأن وجود العلة من عدمه، فإن الفصل فيه يكون من اختصاص المحكمة المختصة بناءً على الواقع والبينات.


الحكمة من نص المادة 1015

  1. تحقيق العدالة بين العقارات المتجاورة وعدم تحميل عقار بتكليف دون مبرر.

  2. ضمان مرونة النظام العقاري واستجابته لتغير الأحوال والوقائع.

  3. الحد من النزاعات المستقبلية بتحديد ضوابط واضحة لانتهاء الارتفاق.


تطبيقات قضائية وفقهية

  • قد يستند القضاء إلى المادة 1015 في أحكامه لإنهاء حقوق مرور أو مسيل إذا ثبت تغير ظروف العقار المنتفع.

  • الفقه المدني يؤكد أن هذه المادة تطبق فقط على الارتفاقات الناشئة عن الضرورة، لا تلك التي تكون اتفاقية دائمة بين الأطراف، إلا إذا نُص على خلاف ذلك.


التمييز بين زوال العلة المؤقت والدائم

من المهم التفرقة بين:

  • زوال دائم للعلة ➤ يؤدي إلى انقضاء الارتفاق.

  • زوال مؤقت أو طارئ ➤ لا يؤدي إلى الانقضاء، بل قد يُجمّد استعمال الحق فقط.

مثال: إذا فُتح طريق بديل ولكنه مؤقت (كطريق ترابي أثناء الإنشاء)، فلا يُعتبر زوالًا دائمًا للعلة.

تعريف عقد الإرتفاق :

عقد الارتفاق هو اتفاق يتم بين مالك عقار يُراد تحميله بالارتفاق، ومالك عقار آخر يُستفيد من هذا الارتفاق، ويهدف إلى إنشاء حق ارتفاق يُمكّن العقار المنتفع من الاستفادة بطريقة معينة من العقار المرتفق به، كحق المرور أو المجرى أو المسيل. ويُعد هذا العقد من التصرفات القانونية التي تُنشئ حقًا عينيًا يتبع العقار المنتفع، ويجب تسجيله في الشهر العقاري حتى يكون نافذًا في مواجهة الغير، ما لم يكن الارتفاق ظاهرًا ومُستمرًا.

الفرق بين حق الإرتفاق والقيود القانونية على الملكية :

يختلف حق الارتفاق عن القيود القانونية على الملكية من حيث المصدر والغاية. فحق الارتفاق هو حق عيني يتقرر لمصلحة عقار معين على عقار آخر مملوك للغير، وينشأ غالبًا باتفاق أو وضع يد، ويهدف إلى تحقيق مصلحة خاصة لعقار معين، كحق المرور أو المسيل. أما القيود القانونية على الملكية فهي حدود تفرضها القوانين والأنظمة لتحقيق المصلحة العامة، مثل قيود التنظيم والبناء أو منع استعمال العقار بطريقة تضر الجيران. وبذلك، فإن الارتفاق يستند إلى علاقة بين مالكي عقارين، بينما القيود القانونية تصدر من السلطة العامة وتُطبق على الجميع دون الحاجة لاتفاق مسبق.

شروط حق الإرتقاء :

الشرط الأول : أن يوجد عقاران :

من الشروط الأساسية لقيام حق الارتفاق أن يوجد عقاران متميزان، أحدهما يُعرف بـ”العقار المنتفع”، وهو الذي يستفيد من حق الارتفاق، والآخر يُسمى “العقار المرتفق به”، وهو الذي يتحمل عبء هذا الحق. ويجب أن يكون العقاران مستقلين ومملوكين لشخصين مختلفين، لأن الارتفاق لا يُتصور بين أجزاء العقار الواحد المملوك لنفس الشخص. فلا يُنشأ الارتفاق إلا إذا كان هناك تعدد في الملكية، وارتباط بين العقارين من حيث المنفعة، بحيث يخدم أحدهما الآخر بصورة دائمة وثابتة.

الشرط الثاني : أن يكون العقاران مملوكين لشخصين مختلفين :

من الشروط الجوهرية لقيام حق الارتفاق أن يكون العقاران مملوكين لشخصين مختلفين، أي لا يجوز أن يكون المالك واحدًا للعقار المنتفع والعقار المرتفق به في الوقت ذاته. وذلك لأن الارتفاق يُعد قيدًا على حق الملكية، ولا يمكن للمالك أن يفرض قيدًا على نفسه في ملكه الخاص. فإذا اجتمعت الملكية في شخص واحد، فإن حق الارتفاق ينقضي تلقائيًا، ويعود إذا عادت الملكية إلى الانفصال بين الشخصين، ولكن بشرط أن يكون ذلك بنص أو باتفاق جديد، لأن الارتفاق لا يعود تلقائيًا بمجرد الانفصال.

الشرط الثالث : أن يكون التكليف واقعا على العقار لا مفروضا على الشخص :

من الشروط الأساسية لحق الارتفاق أن يكون التكليف واقعًا على العقار المنتفع وليس مفروضًا على الشخص. يعني ذلك أن حق الارتفاق يُقرر لمصلحة العقار ويظل تابعًا له، بغض النظر عن تغيُّر مالكه. فإذا انتقل ملكية العقار المنتفع، يظل حق الارتفاق قائمًا ويُنتقل مع العقار إلى المالك الجديد. هذا الشرط يهدف إلى ضمان استمرارية منفعة العقار المرتفق به دون التأثير بتغييرات في الأشخاص المالكة، ويُظهر أن الارتفاق حق عيني مرتبط بالعقار ذاته وليس حقًا شخصيًا مرتبطًا بالشخص صاحب الملكية.

الشرط الرابع : أن يكون التكليف مقررا لصالح العقار لا الشخص :

من الشروط الجوهرية لحق الارتفاق أن يكون التكليف مقرَّرًا لصالح العقار المنتفع، وليس لصالح شخص معين. بمعنى آخر، يهدف حق الارتفاق إلى تحقيق منفعة دائمة لمصلحة العقار نفسه، وليس لصالح صاحب العقار بشكل شخصي. هذا يعني أن الارتفاق يرتبط بالعقار ويظل قائمًا طالما استمر العقار في الحاجة إليه، حتى في حال تغير مالك العقار المنتفع. على سبيل المثال، إذا كان هناك حق ارتفاق بالمرور على عقار معين، فإن هذا الحق يكون لصالح العقار المنتفع وليس لصالح مالكه الشخصي، وبالتالي يظل قائمًا مهما تغير مالك العقار المنتفع. وهذا يميز حق الارتفاق عن الحقوق الشخصية التي تنقضي بزوال الشخص الذي تم تخصيص الحق لصالحه.

خصائص حق الإرتفاق :

يتمتع حق الارتفاق بعدة خصائص تميزه عن غيره من الحقوق العينية. أولاً، هو حق عيني عقاري، أي أنه يتعلق بالعقار ويُقر لمصلحة عقار معين، وليس شخصًا بعينه. ثانيًا، حق دائم: يتسم الارتفاق بكونه مستمرًا ومرتبطًا بالعقار المنتفع، ولا يتأثر بتغيُّر مالكه، بل ينتقل معه. ثالثًا، حق تبعي: لا يمكن أن يوجد حق ارتفاق بدون وجود عقار مرتفق به وعقار منتفع، حيث يجب أن يرتبط حق الارتفاق بعقار آخر ويُفيد العقار المنتفع. رابعًا، قيد على الملكية: حيث يتعين على مالك العقار المرتفق به تحمل عبء هذا الحق، وهو ما يُعتبر تقييدًا لحقه في التصرف في عقاره بحرية. أخيرًا، قابليته للانقضاء: حق الارتفاق ينقضي في حال زوال العلة التي اقتضت وجوده، كما في حالة زوال الحاجة إلى المصلحة التي نشأ من أجلها الارتفاق.

الأشياء التي يرد عليها حق الإرتفاق :

يمكن أن يرد حق الارتفاق على عقارات ثابتة فقط، أي على الممتلكات العقارية الملموسة مثل الأراضي والمباني. لا يمكن أن يرد حق الارتفاق على أشياء منقولة أو حقوق شخصية، لأن الارتفاق هو حق عيني يتعلق بالعقار بشكل دائم ومستمر. وبذلك، يجب أن يكون للعقار المنتفع حاجة فعلية لاستخدام العقار المرتفق به لتحقيق منفعة معينة، مثل حق المرور أو المجرى أو المسيل. كما يمكن أن يشمل حق الارتفاق العقارات المملوكة لأشخاص مختلفين، حيث يُقرر لمصلحة عقار معين على عقار آخر مملوك للغير، ويجب أن تكون المنفعة الناتجة عن هذا الحق دائمة وثابتة، مما يضمن أن يظل حق الارتفاق قائمًا طالما استمر العقار المنتفع في الحاجة إليه.

ترتيب الإرتفاق على المال العام إذا كان لا يتعارض مع الإستعمال الذي خصص له :

حق الارتفاق قد يُرتب على المال العام إذا كان ذلك لا يتعارض مع الاستعمال الذي خصص له هذا المال. وفقًا للقانون، يمكن أن يكون المال العام، مثل الطرق العامة أو الأراضي المملوكة للدولة، محلًا لحق الارتفاق إذا كانت هناك حاجة ماسة لمصلحة عقار آخر. ومع ذلك، يشترط أن لا يؤدي هذا الحق إلى الإضرار أو المساس بالوظيفة العامة أو المصلحة العامة التي خصص المال العام من أجلها، مثل الطريق العام أو المساحات الخضراء. فإذا كان الارتفاق سيؤثر سلبًا على استخدام المال العام المخصص لخدمة الجمهور، فلا يجوز ترتيبه. في هذا السياق، يهدف القانون إلى تحقيق التوازن بين حقوق الأفراد في الاستفادة من العقارات وبين الحفاظ على المصالح العامة والوظائف التي تخصص لها الأملاك العامة.

الأثر المترتب على حق الإرتفاق في الحالتين الثانية الثالثة :

الأثر المترتب على حق الارتفاق في الحالتين الثانية والثالثة يتضمن تأثيرات قانونية هامة تتعلق بكيفية تطبيق الحق وحقوق الأطراف المعنية. في الحالة الثانية، وهي الحالة التي يكون فيها العقار المنتفع في حاجة مستمرة إلى منفعة الارتفاق، يُحتفظ بالحق طالما بقيت الحاجة قائمة، ويظل العقار المنتفع يتمتع بحق الاستفادة من الارتفاق.

في هذه الحالة، يظل مالك العقار المنتفع قادرًا على ممارسة حقه في ظل استمرار الحاجة إلى هذا الحق، مثل حق المرور عبر العقار المرتفق به.

أما في الحالة الثالثة، وهي الحالة التي يتحمل فيها مالك العقار المرتفق به عبء الحق، يُجبر مالك العقار المرتفق به على التزام بتوفير المنفعة للعقار المنتفع، كأن يفتح طريقًا للمرور أو يسمح بمرور المياه عبر عقاره.

إذا كان هناك تغيير في ملكية العقار المرتفق به، فإن حق الارتفاق ينتقل إلى المالك الجديد للعقار المنتفع، ويظل يطبق على العقار المرتفق به، مع ضرورة الحفاظ على شروط الحق وعدم تعديها أو المساس بها.

أقسام حقوق الإرتفاق :

القسم الأول : الإرتفاقات المستمرة وغير المستمرة :

يُقسّم حق الارتفاق إلى نوعين رئيسيين هما الإرتفاقات المستمرة والإرتفاقات غير المستمرة، وذلك بناءً على طبيعة الاستخدام ومدى استمراريته:

الإرتفاقات المستمرة:

هي تلك التي يتم فيها استعمال الحق بشكل دائم ومستمر دون الحاجة إلى تدخل من جانب صاحب العقار المنتفع. هذا النوع من الارتفاقات لا ينقطع بمرور الوقت، بل يظل قائمًا ويُستخدم بانتظام. من أمثلة الإرتفاقات المستمرة: حق المرور الذي يتيح لصاحب العقار المنتفع عبور العقار المرتفق به بشكل مستمر ودون انقطاع.

الإرتفاقات غير المستمرة:

هي التي تُستخدم فقط عند الحاجة، أي أنها لا تُمارس بشكل دائم وإنما بشكل متقطع. يُمكّن هذا النوع صاحب العقار المنتفع من استخدام الحق وفقًا لاحتياجاته، مثل الحق في استخراج المياه من بئر موجود في العقار المرتفق به، حيث يمكن استعماله فقط عندما يحتاج المنتفع إلى المياه.

تختلف هاتان الفئتان في مدى انتظام استخدام الحق، حيث تُعتبر الإرتفاقات المستمرة أكثر ثباتًا واستمرارية مقارنة بالإرتفاقات غير المستمرة التي قد تعتمد على الظروف أو الاحتياجات المتغيرة.

القسم الثاني : الإرتفاقات الظاهرة الإرتفاقات الغير ظاهرة :

يُقسّم حق الارتفاق أيضًا إلى نوعين رئيسيين بناءً على مدى وضوحه للغير، وهما الارتفاقات الظاهرة والارتفاقات غير الظاهرة:

الارتفاقات الظاهرة:

هي تلك التي تكون مرئية وواضحة للأطراف الثالثة التي لا علاقة لها بالحق. بمعنى آخر، يكون من الممكن ملاحظة وجود الحق واستخدامه بسهولة. على سبيل المثال، حق المرور عبر ممر معين بين العقارات يمكن أن يكون مرئيًا بوضوح، مما يجعل من السهل على أي شخص ملاحظة أن هناك حق ارتفاق قائمًا. ويعتبر هذا النوع من الارتفاقات مُحددًا للغير ويسهل تحديده.

الارتفاقات غير الظاهرة:

 هي التي لا تكون مرئية أو واضحة للأطراف الخارجية. في هذه الحالة، لا يكون من السهل على الغير ملاحظة وجود الحق أو طريقة استخدامه. مثال على ذلك هو حق استخدام المياه الجوفية في عقار ما أو حق الوصول إلى شبكة كهرباء تحت الأرض، حيث لا يتم ملاحظة أو رؤية استخدام هذه الحقوق من قبل الأفراد أو الأطراف الخارجية.

يترتب على كون الارتفاق ظاهرًا أو غير ظاهر تأثيرات قانونية، حيث تتيح الارتفاقات الظاهرة الإعلان العلني عن وجود الحق، بينما تتطلب الارتفاقات غير الظاهرة عادة إثبات وجود الحق بطريقة قانونية لتثبيته وتأكيده.

تداخل القسمين السابقين :

يحدث تداخل بين القسمين السابقين من الارتفاقات المستمرة وغير المستمرة والارتفاقات الظاهرة وغير الظاهرة، حيث يمكن أن يتواجد في بعض الحالات حق ارتفاق يجمع خصائص من كلا القسمين. على سبيل المثال، يمكن أن يكون هناك حق ارتفاق مستمر في شكل حق مرور ظاهر، حيث يستخدم صاحب العقار المنتفع الطريق بشكل مستمر، ويكون الطريق مرئيًا وواضحًا للآخرين. بالمقابل، قد يكون هناك حق ارتفاق غير مستمر، مثل حق استخدام مياه جوفية غير ظاهر، حيث يُستخدم الحق عند الحاجة فقط، لكنه لا يكون ملاحظًا للغير.

هذه التداخلات تخلق مواقف قانونية معقدة حيث يتم الجمع بين طبيعة الاستخدام (مستمر أو غير مستمر) ووضوح الارتفاق (ظاهر أو غير ظاهر). ويجب على المحاكم والأطراف المعنية أن تأخذ في الاعتبار كلا من خصائص الحق ومدى وضوحه للغير عند تفسير حقوق الارتفاق وتحديد كيفية تطبيقها بشكل يتناسب مع القوانين والظروف الواقعية.

القسم الثالث : الإرتفاقات الإيجابية والإرتفاقات السلبية :

الارتفاقات الإيجابية و الارتفاقات السلبية هما نوعان من حقوق الارتفاق يتم تحديدهما بناءً على طبيعة الحق وواجبات المالك.

الارتفاقات الإيجابية:

هي التي تُقرر لصالح العقار المنتفع حقًا في استخدام العقار المرتفق به بطريقة ما، بحيث يُمكّن صاحب العقار المنتفع من القيام بعمل أو تصرف في العقار المرتفق به. مثلًا، حق المرور عبر أرض مملوكة لشخص آخر أو حق استخراج المياه من بئر موجود في عقار آخر. هذه الحقوق تُمكن صاحب العقار المنتفع من الاستفادة الفعلية والمباشرة من العقار المرتفق به.

الارتفاقات السلبية:

هي التي تمنع مالك العقار المرتفق به من القيام بفعل معين كان يمكنه القيام به على عقاره، في حال كان هذا الفعل يؤثر سلبًا على حق الارتفاق. مثلًا، قد يُقرر حق الارتفاق السالب في حالة عدم السماح للمالك بإقامة بناء يحجب الضوء أو الهواء عن العقار المنتفع. هنا، لا يُسمح لمالك العقار المرتفق به بممارسة حقه في التصرف بحرية بما قد يؤثر على الاستفادة من حق الارتفاق لصالح العقار المنتفع.

الاختلاف بين الارتفاقات الإيجابية والسلبية يتضح في أن الأولى تتضمن القيام بعمل معين على العقار المرتفق به، بينما الثانية تتعلق بمنع القيام بفعل يضر بالمنفعة التي يحصل عليها العقار المنتفع.

أسباب كسب حق الإرتفاق المادة 1016 من القانون المدني

المادة 1016 من القانون المدني المصري تمثل جزءًا من أحكام الحقوق العينية المتعلقة بحق الارتفاق، وهي تمثل أهمية كبيرة في تنظيم العلاقة بين العقارات المختلفة التي يشترط بينها وجود منفعة لأحد العقارات على حساب الآخر. سنناقش في هذه المقالة تفاصيل المادة 1016 وأحكامها وتفسيرها.

نص المادة 1016 من القانون المدني المصري:

(١) حق الارتفاق يكسب بعمل قانونى أو بالميراث.
(٢) ولا يكسب بالتقادم إلا الارتفاقات الظاهرة بما فيها حق المرور.

شرح المادة 1016 من القانون المدني

المادة 1016 تتعلق بحق الارتفاق الذي يقرر لمصلحة عقار معين على عقار آخر. يتعين أن يكون حق الارتفاق محددًا لاستخدام العقار المنتفع بقدر ما يستدعيه من منفعة دون تجاوز الحدود المقررة. وهي تبين الحقوق المشتركة في الحالات التي يكون فيها العقار المرتفق به مملوكًا لعدة أشخاص. كما تنص على ضرورة التوازن بين الاستخدام المسموح به للعقار المرتفق به وبين الحاجة المبررة للعقار المنتفع.

مفهوم حق الارتفاق:

  • حق الارتفاق هو حق يمنح صاحب عقار معين (العقار المنتفع) منفعة أو استفادة من عقار آخر (العقار المرتفق به)، دون أن يمتلكه. هذا الحق يمكن أن يشمل حقوقًا مثل:

    • حق المرور: يسمح لصاحب العقار المنتفع بالمرور عبر العقار المرتفق به.

    • حق استخراج المياه: يسمح باستخدام المياه من بئر في العقار المرتفق به.

    • حق المجرى: يتعلق بإمدادات المياه أو الكهرباء.

الشرط الأساسي لحق الارتفاق:

لكي يتم الاعتراف بحق الارتفاق، يجب أن يكون بين العقارين وجود علاقة منفعة واضحة وصريحة. وهذا يعني أن العقار المنتفع يجب أن يحقق مصلحة حقيقية، ويجب أن يُقرر هذا الحق لصالح العقار ذاته، لا الشخص الذي يملكه. كما يقتصر هذا الحق على ما يحتاجه العقار المنتفع ولا يمكن تعديه إلى نطاق أوسع أو إلحاق ضرر بالعقار المرتفق به.

الخصوصية في حالة تعدد الملاك للعقار المرتفق به:

المادة 1016 تشير إلى الحالات التي يكون فيها العقار المرتفق به مملوكًا لعدة أشخاص. في هذه الحالة، يُعتبر حق الارتفاق حقًا مشتركًا بين هؤلاء الملاك. في مثل هذه الحالات، يمكن لكل مالك من الملاك ممارسة حق الارتفاق بما لا يتجاوز حدود الحاجة أو الضرورة ولا يتسبب في إلحاق الضرر بالعقار المرتفق به.

  • الحدود المقررة لاستخدام الحق: يجب على كل مالك أن يتبع حدود استخدام حق الارتفاق بما يتناسب مع حاجة العقار المنتفع، على ألا يتسبب في مضايقات أو أضرار للأطراف الأخرى المملوكة للعقار المرتفق به.

  • تقييد الضرر: يُشترط أن لا يُلحق مالك العقار المنتفع ضررًا بالعقار المرتفق به أو يعرقل أي من حقوق الملاك الآخرين، خاصة في حالة تعدد الملاك.

النظام القانوني لحق الارتفاق في حالة تعدد الملاك:

تعتبر المادة 1016 من القانون المدني المصري نظامًا قانونيًا متوازنًا لتحديد كيفية ممارسة حق الارتفاق عندما يتعلق الأمر بالعقارات ذات الملكية المشتركة. ففي حال وجود عدة ملاك للعقار المرتفق به، يعطى كل مالك الحق في الاستفادة من هذا الحق، ولكن دون الإضرار ببقية الملاك أو تجاوز الحدود المعقولة في استخدام الحق.

الآثار المترتبة على المادة 1016:

  1. استمرار حق الارتفاق مع العقار المنتفع:

    • يظل حق الارتفاق مرتبطًا بالعقار المنتفع، وبالتالي ينتقل مع انتقال ملكية العقار. هذا يعني أن العقار المنتفع سيظل يستفيد من حق الارتفاق حتى في حالة بيع العقار.

  2. التوازن بين الحقوق:

    • تساهم المادة في الحفاظ على التوازن بين حقوق أصحاب العقارات المختلفة بحيث يتمكن كل منهم من الاستفادة من حق الارتفاق دون الإضرار بحقوق الآخرين، خاصة في الحالات التي يكون فيها العقار المرتفق به مملوكًا لأكثر من شخص.

  3. حماية الملكية الخاصة:

    • تضمن المادة حماية حقوق مالكي العقار المرتفق به من خلال تقييد استخدام الحق بعدم تجاوز حدود الحاجة وعدم الإضرار بالعقار المرتفق به أو العقارات المجاورة. هذا يعكس التوازن بين حق الملكية وحق الارتفاق.

  4. إمكانية تحديد مدى الاستفادة:

    • يحق للمالكين المشتركين أن يتفقوا فيما بينهم على كيفية استخدام حق الارتفاق وفقًا للاحتياجات المشتركة، مما يوفر مرونة قانونية.

أسباب كسب حق الإرتفاق :

السبب الأول : العقد والوصية :

العقد والوصية هما من أبرز الأسباب القانونية التي يمكن من خلالها كسب حق الارتفاق. يتم اكتساب هذا الحق بموجب عقد بين مالك العقار المرتفق به ومالك العقار المنتفع، حيث يتفق الطرفان على منح حق الارتفاق لمصلحة العقار المنتفع. قد يكون هذا العقد صريحًا ومكتوبًا أو ضمنيًا، وفي الغالب يتم تحديد نوع الحق ومدة استفادة العقار المنتفع من العقار المرتفق به، مثل حق المرور أو حق استخراج المياه.

أما الوصية، فهي من الوسائل القانونية التي قد يكتسب بموجبها الشخص حق الارتفاق، حيث قد يقرر الشخص في وصيته تخصيص حق الارتفاق لصالح شخص آخر على عقار يمتلكه. وتعتبر الوصية وسيلة لتوثيق الرغبة في منح حق الارتفاق بعد وفاة المالك، وتنتقل الحقوق التي تحددها الوصية إلى المستفيد وفقًا للشروط الواردة فيها.

في كلا الحالتين، العقد أو الوصية يشكلان أساسًا قانونيًا لاكتساب حق الارتفاق، ويجب أن تكون الشروط والأحكام الخاصة بهذا الحق محددة بوضوح في الوثائق لضمان تنفيذها بطريقة قانونية صحيحة.

الأحكام الشكلية للتصرف القانوني :

الأحكام الشكلية للتصرف القانوني هي تلك الشروط التي تتعلق بالشكل الذي يجب أن يتم به التصرف القانوني لكي يكون صحيحًا وملزمًا. في القانون المدني، التصرف القانوني قد يقتضي أن يتم بطريقة معينة سواء من حيث الكتابة أو التوثيق أو حتى الشهادات اللازمة لضمان صحته.

على سبيل المثال، بعض التصرفات القانونية، مثل التبرعات الكبيرة أو بيع العقارات، تتطلب كتابة عقد رسمي وتوثيقه لدى الجهات المختصة كضمان لضمان تنفيذ هذه التصرفات وعدم الطعن في صحتها لاحقًا.

هذه الشروط الشكلية تهدف إلى حماية الأطراف وضمان أن التصرفات القانونية تمت بإرادة حرة وواعية، كما تهدف أيضًا إلى حماية المصلحة العامة من أي تصرف قد يتسبب في إضرار بالمجتمع أو الحقوق الخاصة بالآخرين.

في حال عدم استيفاء هذه الشروط الشكلية، قد يُعتبر التصرف القانوني باطلًا أو غير نافذ، إلا في حالات استثنائية قد يقرها القانون مثل الاستناد إلى الاعتراف أو التقادم .

الأحكام الموضوعية للتصرف القانوني :

الأحكام الموضوعية للتصرف القانوني تتعلق بالمحتوى والمضمون القانوني للتصرف نفسه، أي ما يتضمنه التصرف من حقوق وواجبات للمتصرف والمتصرف إليه. تختلف الأحكام الموضوعية بحسب نوع التصرف، مثل البيع أو الهبة أو الإيجار، حيث تحدد هذه الأحكام الحقوق التي يتم نقلها أو إنشاؤها بين الأطراف. على سبيل المثال، في عقد البيع، تُحدد الأحكام الموضوعية الحقوق التي ينتقل بموجبها المبيع من البائع إلى المشتري، مثل ملكية الشيء وثمنه، وكذلك الالتزامات المترتبة على كل طرف، مثل دفع الثمن أو تسليم السلعة.

تهدف هذه الأحكام إلى تحديد نطاق التصرف القانوني وتوضيح العلاقة بين الأطراف، بما يضمن التوازن بين الحقوق والواجبات. إذا كانت الأحكام الموضوعية غير مستوفاة أو مخالفة للنظام العام أو الآداب، قد يُعتبر التصرف غير صحيح أو باطل.

لذلك، تركز الأحكام الموضوعية على أن يكون التصرف مشروعًا، مُرضيًا للأطراف، ومحددًا من حيث الحقوق والالتزامات المترتبة عليه، بما يضمن عدم التعارض مع القوانين المعمول بها.

الإرتفاق الذي يرتبه المالك على الشيوع :

الارتفاق الذي يرتبه المالك على الشيوع هو حق ارتفاق يُقرر لصالح أحد الشركاء في المال الشائع، أي العقار الذي يكون مملوكًا لعدة أشخاص بشكل مشترك، بحيث يُمكن لكل شريك في هذا المال أن يمارس هذا الحق لصالح العقار المشترك. في هذه الحالة، يمكن للمالك أن يُرتب حق ارتفاق على العقار الشائع لصالح عقار آخر أو مصلحة معينة، مثل حق المرور أو حق استخراج المياه، بشرط ألا يتعارض مع استخدام الشيوع ذاته أو مع حقوق باقي الشركاء.

يعتبر هذا النوع من الارتفاق وسيلة لتنظيم العلاقة بين الشركاء في العقار الشائع وتوفير المنفعة اللازمة لأحدهم دون الإضرار بالباقين. يُشترط في هذه الحالة أن يتم تحديد حدود هذا الحق بشكل دقيق في الاتفاق بين الشركاء، وفي حال حدوث أي تجاوز أو تأثير سلبي على الشركاء الآخرين، يمكنهم الطعن في صحته أو طلب تعديل شروطه.

بشكل عام، يهدف الارتفاق الذي يرتبه المالك على الشيوع إلى تنظيم حقوق استخدام العقار المشترك مع الحفاظ على التوازن بين مصالح جميع الشركاء في هذا المال الشائع.

الإرتفاق الذي يرتبه المالك تحت شرط :

الارتفاق الذي يرتبه المالك تحت شرط هو حق ارتفاق يُمنح لصالح عقار معين (العقار المنتفع) على عقار آخر (العقار المرتفق به) مع تحديد شرط معين يعلق عليه هذا الحق. بمعنى آخر، يتم تحديد شرط قانوني يجب أن يتحقق لكي ينشأ الحق أو يستمر. هذا الشرط قد يكون واقعة مستقبلية مثل شرط تحقق أمر معين أو شرط واقعة معينة مثل شرط استمرارية حالة معينة للعقار المنتفع.

على سبيل المثال، قد يقرر المالك منح حق المرور عبر عقاره الآخر بشرط أن يكون العقار المنتفع في حاجة فعلية إلى هذا الحق، أو بشرط أن يلتزم المنتفع بعدم إلحاق ضرر بالعقار المرتفق به. في حال لم يتحقق الشرط المعلق عليه الحق، قد ينقضي هذا الارتفاق أو لا ينشأ من الأساس.

يتيح هذا النوع من الارتفاق للمالك المرونة في تنظيم حقوق العقارات بطريقة تضمن عدم تجاوز الشروط المحددة، مما يساعد في حماية حقوق الأطراف المتعددة في العلاقة العقارية.

الإرتفاق الذي يرتبه مالك العقار المرهون :

الارتفاق الذي يترتب على مالك العقار المرهون هو حق يُنشئه مالك العقار المرهون لصالح عقار آخر، ويكون هذا الارتفاق مرتبطًا بالعقار المرهون ذاته. عندما يُرهن مالك العقار حقًا عقاريًا لصالح دائن، قد يقوم المالك بترتيب حق ارتفاق على العقار المرهون لصالح عقار آخر، مثل حق المرور أو حق استخدام المياه. ومع ذلك، يظل هذا الارتفاق قائمًا طوال مدة الرهن ولا يتأثر به، مما يعني أن الدائن الذي يحصل على الرهن لا يحق له إلغاء هذا الارتفاق إلا إذا تم الاتفاق على خلاف ذلك.

يشترط في هذه الحالة أن يكون الحق المترتب على العقار المرهون لا يتعارض مع حقوق الدائن، وإذا كان هذا الارتفاق يسبب ضررًا أو يقلل من قيمة العقار المرهون، قد يكون للدائن الحق في اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية مصلحته. ومع ذلك، يظل هذا الارتفاق قائمًا طالما بقي العقار في وضع الرهن، ويجب على مالك العقار المرهون الالتزام بشروطه طوال مدة الرهن.

الأهلية اللازمة لترتيب حق الإرتفاق :

الأهلية اللازمة لترتيب حق الارتفاق تتطلب أن يكون الشخص الذي يقرر أو يرتب حق الارتفاق متمتعًا بالأهلية القانونية اللازمة للتصرف في حقوقه العقارية. بشكل عام، يجب أن يكون هذا الشخص بالغًا ولديه الأهلية الكاملة للقيام بالتصرفات القانونية التي تخص حقوق الملكية والعقارات. ويشمل ذلك القدرة على التعاقد والقدرة على فهم تبعات هذا التعاقد، بما في ذلك التزاماته القانونية تجاه الأطراف الأخرى.

في حالة كان الشخص قاصرًا أو فاقد الأهلية، فإنه لا يمكنه ترتيب حق الارتفاق بنفسه إلا إذا كان قد حصل على إذن قانوني من الوصي أو المحكمة. كذلك، يجب أن يتم الترتيب وفقًا للأحكام القانونية المتعلقة بالأهلية لتجنب بطلان التصرفات أو الطعن فيها. في حال تم ترتيب حق الارتفاق من شخص غير أهل لذلك، فإن ذلك قد يؤدي إلى بطلان هذا الحق أو تعديله وفقًا للشرائع القانونية.

لذلك، تقتضي الأهلية في ترتيب حق الارتفاق أن يكون الشخص قادرًا على تحمل المسؤولية القانونية والتصرف في ممتلكاته بطريقة صحيحة وشرعية.

السبب الثاني : إكتساب حق الإرتفاق بالتقادم :

يُعد التقادم أحد الأسباب القانونية التي يُكتسب بها حق الارتفاق، وذلك عندما يمارس صاحب العقار المنتفع هذا الحق على العقار المرتفق به بشكل مستمر وعلني وهادئ وبدون انقطاع لمدة زمنية يحددها القانون، وغالبًا ما تكون خمس عشرة سنة في القانون المدني المصري. ويشترط في هذه الحالة أن يكون الارتفاق من النوع الظاهر والمستمر، مثل فتح نافذة أو إنشاء مجرى مياه، حيث يمكن ملاحظة استعمال الحق بوضوح دون الحاجة لتجديده في كل مرة.

لا يمكن اكتساب الارتفاق بالتقادم إذا كان من النوع غير الظاهر، مثل منع البناء أو تحديد الارتفاع، لأن مثل هذه الحقوق لا تُمارس بشكل مادي يمكن ملاحظته. كما لا يُشترط في التقادم وجود عقد أو اتفاق بين الطرفين، بل يكفي الاستعمال الفعلي والعلني للحق طوال المدة القانونية، دون اعتراض من مالك العقار المرتفق به.

ويُعتبر اكتساب الارتفاق بالتقادم وسيلة لحماية الواقع القائم وتثبيت الأوضاع المستقرة، منعًا للنزاع بعد مرور الزمن وتراخي صاحب الحق في الاعتراض.

كسب حقوق الإرتفاق الظاهرة المستمرة وغير المستمرة بالتقادم :

تُكتسب حقوق الارتفاق الظاهرة سواء كانت مستمرة أو غير مستمرة عن طريق التقادم المكسب، ولكن بشروط معينة تختلف بحسب طبيعة الارتفاق. فالارتفاق الظاهر هو الذي تكون له علامات مادية واضحة تدل على وجوده، كأن يوجد باب أو طريق أو مجرى مياه. أما إذا كان الارتفاق ظاهرًا ومستمرًا، كحق مرور أو صرف مياه عبر أنابيب ظاهرة، فيمكن كسبه بالتقادم إذا استُخدم علنًا وبدون انقطاع لمدة 15 سنة، دون حاجة لإثبات أصل الحق أو وجود عقد.

أما الارتفاق الظاهر غير المستمر، مثل استعمال طريق معين للمرور عند الحاجة فقط، فيمكن أيضًا كسبه بالتقادم، بشرط إثبات أن الاستعمال كان يتم بصفة منتظمة وظاهرة خلال مدة التقادم، أي أن يُمارس الحق بشكل متكرر وواضح بما لا يترك شكًا في نية المنتفع باستعماله كحق.

والهدف من هذا النظام هو استقرار الأوضاع العقارية ومنع النزاعات التي قد تنشأ بسبب الإهمال أو السكوت الطويل من جانب مالك العقار المرتفق به، مما يُعد بمثابة إقرار ضمني بحق الغير في ممارسة هذا الارتفاق.

الحيازة التي تكسب حق الإرتفاق بالتقادم :

لكي تُكسب حق الارتفاق بالتقادم، يجب أن تتوافر في الحيازة عدة شروط أساسية حددها القانون، وهي أن تكون الحيازة هادئة، علنية، مستمرة، غير غامضة، وبنية التملك. فالحيازة التي تُكسب الارتفاق ليست مجرد استعمال عابر أو مؤقت، بل يجب أن يظهر المنتفع بها بمظهر صاحب الحق، ويستعمل الارتفاق دون انقطاع لمدة لا تقل عن 15 سنة. ويجب أن يكون هذا الاستعمال ظاهرًا، أي يمكن ملاحظته من قبل الغير، مثل فتح طريق مرور أو استخدام مجرى مياه أو فتحة تهوية.

كذلك، لا تُكسب الحيازة بالتقادم إذا كانت في الخفاء أو بالإكراه، أو إذا كانت مجرد سماح من المالك (أي على سبيل التسامح). ويجب أن تكون الحيازة موجهة إلى ممارسة حق ارتفاق معين بصفة منتظمة، وليس استخدامًا عامًا أو غير محدد.

وتُعتبر هذه الحيازة طريقًا قانونيًا لاكتساب حق الارتفاق دون الحاجة إلى عقد أو إذن من المالك، ما دامت الشروط متحققة، مما يعكس حرص القانون على استقرار المعاملات العقارية، وحماية الأوضاع القائمة التي استمرت دون اعتراض لمدة طويلة.

يشترط ألا تقوم الحيازة على رخصة من المباحث :

من الشروط الأساسية لاكتساب حق الارتفاق بالتقادم أن تكون الحيازة خالصة ومستقلة، وألا تكون قائمة على مجرد رخصة أو سماح من الغير، سواء كانت هذه الرخصة صادرة من مالك العقار أو من جهة إدارية مثل المباحث أو السلطات العامة.

فإذا كان استعمال الشخص لحق المرور أو فتح نافذة أو استخدام مجرى ماء قد تم بناءً على تصريح إداري أو رخصة مؤقتة، فإن هذه الحيازة لا تُعد أساسًا لاكتساب حق ارتفاق بالتقادم، لأنها لا تعبر عن نية التملك أو ممارسة الحق بصفته مستحقًا له، بل على العكس، تُعد استعمالًا تابعًا ومقيدًا بإرادة الجهة المانحة.

ولذلك، يشترط أن تكون الحيازة بنية التملك وليست مبنية على تسامح أو ترخيص، لأن الترخيص يُمكن للجهة المانحة أن تسحبه في أي وقت، مما يُفقد الحيازة عنصر الاستقرار والاستقلال، وهما شرطان جوهريان لاكتساب الحقوق بالتقادم.

مدة التقادم :

تُحدد مدة التقادم لاكتساب حق الارتفاق في القانون المدني بمدة خمس عشرة سنة متتالية، وذلك بالنسبة للارتفاقات الظاهرة سواء كانت مستمرة أو غير مستمرة. ويُقصد بهذه المدة أن يكون صاحب العقار المنتفع قد استعمل الحق بشكل علني، هادئ، مستمر، ودون انقطاع أو اعتراض من مالك العقار المرتفق به طوال هذه الفترة. فإذا تحققت هذه الشروط، فإن القانون يقر له حق الارتفاق بالتقادم، ولو لم يكن هناك عقد مكتوب أو اتفاق صريح.

والغاية من تحديد هذه المدة هي تحقيق الاستقرار القانوني والعقاري، ومنع النزاعات بعد مرور فترة طويلة على استعمال الحق دون معارضة. أما إذا انقطعت الحيازة خلال هذه المدة أو ثبت أنها كانت بناءً على سماح أو رخصة، فلا يُعتد بها ولا تُكسب أي حق بالتقادم.

السبب الثالث : إكتساب ملكية حقوق الإرتفاق بالميراث :

يُعد الميراث أحد الأسباب القانونية لاكتساب ملكية حق الارتفاق، حيث تنتقل الحقوق المتعلقة بالعقارات، بما في ذلك حقوق الارتفاق، من المورث إلى الورثة بقوة القانون فور وفاته. فإذا كان المورث مالكًا لعقار منتفع يرتبط بحق ارتفاق على عقار آخر، فإن هذا الحق ينتقل إلى الورثة مع ملكيتهم للعقار، باعتباره من الحقوق التابعة للعين. ولا يحتاج الورثة إلى أي إجراء إضافي لاكتساب هذا الحق، لأنه يُعد جزءًا من التركة.

وتُعامل حقوق الارتفاق الموروثة بنفس الأحكام التي كانت تُطبق على المورث، سواء في مداها أو شروط استعمالها، كما يجوز للورثة الاستمرار في استخدامها أو التصرف فيها في حدود القانون. وينطبق الأمر ذاته إذا كان المورث مالكًا لعقار مرتفق به، حيث تؤول الالتزامات المرتبطة بحق الارتفاق إلى الورثة أيضًا.

وبالتالي، فإن الميراث يُعتبر وسيلة مباشرة لاكتساب ملكية حقوق الارتفاق، ويعكس ذلك مبدأ استقرار المراكز القانونية واستمرارية الحقوق العقارية بانتقالها من جيل إلى آخر دون انقطاع.

المادة 1017 من القانون المدني

تقرر المادة 1017 من القانون المدني قاعدة أساسية في إنشاء حقوق الارتفاق، وهي أنه لا يجوز ترتيب حق ارتفاق إلا إذا كان العقار المرتفق به مملوكًا لشخص غير مالك العقار المنتفع، أي يشترط اختلاف الملكية بين العقارين.

ويُستثنى من هذا الحكم حالات خاصة، أبرزها إذا كان الارتفاق متعلقًا بمجرى مائي أو مصرف مشترك، حيث يجوز إنشاؤه حتى لو كان العقاران مملوكين لنفس الشخص، وذلك مراعاةً للطبيعة الفنية والعملية لهذه الارتفاقات.

ويهدف النص إلى التوازن بين احترام مبدأ وحدة الملكية، ومن جهة أخرى، تمكين أصحاب العقارات من إنشاء ارتفاقات ضرورية تضمن الانتفاع السليم بعقاراتهم، خاصة في حالات المرافق الزراعية والمائية.

نص المادة 1017 من القانون المدني المصري

(١) يجوز فى الارتفاقات الظاهرة أن ترتبه أيضا بتخصيص من المالك الأصلى.

(٢) ويكون هناك تخصيص من المالك الأصلى إذا تبين بأى طريق من طرق الإثبات أن مالك عقارين منفصلين قد أقام بينهما علامة ظاهرة، فأنشأ بذلك علاقة تبعية بينهما من شأنها أن تدل على وجود ارتفاق لو أن العقارين كانا مملوكين لملاك مختلفين.

ففى هذه الحالة إذا انتقل العقاران إلى أيدى ملاك مختلفين دون تغيير فى حالتهما، عد الارتفاق مرتبا بين العقارين لهما وعليهما ما لم يكن ثمة شرط صريح يخالف ذلك.

 مضمون المادة 1017 من القانون المدني

تضع المادة 1017 قاعدة مهمة من قواعد حق الارتفاق، وهي أن الأصل في حق الارتفاق أنه لا يُنشأ إلا إذا كان هناك عقاران مملوكان لشخصين مختلفين: أحدهما يُرتب عليه الحق (العقار المرتفق به)، والآخر يستفيد منه (العقار المنتفع). أي أن الاختلاف في الملكية بين العقارين شرط أساسي.

ولكن، استثناءً من هذا الأصل، أجاز المشرّع في ذات المادة ترتيب ارتفاق على عقار يملكه نفس الشخص في حالات خاصة، أهمها وجود مجرى مائي أو مصرف مشترك، حيث يُمكن ترتيب ارتفاق لمصلحة عقار مملوك لنفس الشخص، إذا اقتضت الضرورة التنظيمية أو الزراعية أو الفنية ذلك.


الغاية من القاعدة 

الغاية من هذا النص هي منع الأشخاص من ترتيب حقوق ارتفاق شكلية على أملاكهم الخاصة دون وجود مبرر قانوني أو مصلحة حقيقية، لأن الشخص يستطيع أن يُنظّم استعمال ممتلكاته دون حاجة لحق ارتفاق طالما أنه هو المالك لكليهما.

لكن، عندما تتطلب الأمور الفنية أو الزراعية، كما في حالة وجود مجرى مياه أو مصرف مشترك، فإن القانون يجيز إنشاء حق ارتفاق، حتى لو كان العقاران مملوكين لنفس الشخص، تمهيدًا لاحتمال نقل الملكية في المستقبل لأحد العقارين، مما يحافظ على العلاقة القانونية بين العقارين حتى بعد زوال وحدة الملكية.


 التطبيق العملي

  • إذا كان شخص يملك عقارين متجاورين، ويريد فتح مجرى مياه ري أو مصرف مشترك يمر من أحدهما لخدمة الآخر، فيجوز له قانونًا ترتيب هذا الحق رغم كونه المالك لكليهما، لأنه من الحقوق المرتبطة بالطبيعة والاستعمال.

  • عند انتقال ملكية أحد العقارين فيما بعد (بالبيع أو الميراث مثلًا)، يبقى الارتفاق قائمًا، ويُعامل على أنه رُتب لصالح عقار مملوك للغير من تاريخ إنشائه.


الطبيعة القانونية للحق

ما يُفهم من هذه المادة أن المشرّع قدّم نوعًا من المرونة القانونية، حيث راعى أن بعض الارتفاقات قد تكون ضرورية لاستعمال العقار بشكل فعّال، حتى وإن لم تتحقق القاعدة التقليدية التي تشترط اختلاف المالكين. وهو ما يُعبّر عن فلسفة القانون المدني في التوازن بين الحرية في تنظيم الملكية وعدم التعسف في استعمال الحقوق.


 موقف الفقه والقضاء

أشاد الفقه القانوني بهذه المادة باعتبارها تُعبّر عن فهم عميق للواقع العملي في العلاقات العقارية، وخصوصًا في البيئات الزراعية. كما أن محكمة النقض المصرية قررت في أكثر من موضع أن المادة 1017 تمثل استثناءً على القاعدة العامة، ولا يجوز التوسع في تفسيرها، ويجب قصرها على الحالات التي نص عليها القانون.

إنشاء حق الإرتفاق بتخصيص المالك الأصلي :

إنشاء حق الارتفاق بتخصيص المالك الأصلي يعني أن المالك الأول للعقارات يمكنه أن ينشئ حق ارتفاق لصالح أحد العقارين على حساب الآخر، وذلك دون الحاجة إلى أي اتفاق مع مالك العقار المرتفق به في وقت لاحق. في هذه الحالة، يكون المالك الأصلي هو من يحدد كيف سيُستخدم العقاران بطريقة تضمن استفادة أحدهما من الآخر، مثل تخصيص أحد العقارين للمرور أو لتوفير المياه من العقار الآخر. يُعتبر هذا التخصيص بمثابة تصرف قانوني من المالك الأصلي، بحيث يُسجل ويُعتبر جزءًا من العقار المُنتفع به، ولا يتطلب تعديلًا في الملكية أو نقل الحقوق إلا إذا تقرر ذلك في المستقبل.

الشروط الواجب توافرها لترتيب حق الإرتفاق بتخصيص المالك الأصلي :

الشرط الأول : وجود عقارين مملوكين لشخص واحد :

يُعد وجود عقارين مملوكين لشخص واحد من الشروط الأساسية لترتيب حق الارتفاق بتخصيص المالك الأصلي. في هذه الحالة، يُمكن للمالك الأصلي للعقارين تخصيص أحدهما لصالح الآخر، بحيث يترتب على ذلك إنشاء حق ارتفاق يربط العقار المنتفع بالعقار المرتفق به. يشترط أن يكون المالك هو نفسه صاحب الملكية لكلا العقارين في وقت التخصيص، مما يعني أن العقارين يجب أن يكونا تحت إدارة واحدة وملكية شخصية واحدة، وهو ما يسمح له بتحديد كيفية الاستفادة من أحدهما لصالح الآخر. في حال زوال وحدة الملكية بين العقارين (مثلًا عبر البيع أو الميراث)، لا يبقى الحق قائماً إلا إذا تم الاتفاق بين المالكين الجدد على استمراريته.

الشرط الثاني : جعل أحد العقارين تحرم بالفعل العقار الأخر :

يُعد جعل أحد العقارين يحرم بالفعل العقار الآخر شرطًا أساسيًا لترتيب حق الارتفاق بتخصيص المالك الأصلي. هذا الشرط يعني أنه يجب أن يكون هناك حاجة فعلية ومشروعة تبرر أن أحد العقارين يحتاج إلى الاستفادة من الآخر. بعبارة أخرى، لا يُمكن ترتيب حق الارتفاق إلا إذا كان العقار المنتفع يحتاج فعلًا إلى العقار الآخر من أجل أداء وظيفة معينة، مثل المرور أو المياه أو غيرها من الحقوق التي تساعد على تلبية احتياجاته. يجب أن تكون هذه العلاقة بين العقارين واضحة ودائمة، بحيث يصبح العقار المنتفع في حاجة ماسة للعقار الآخر ليتمكن من ممارسة الاستفادة منه. إذا لم تكن هذه الحاجة قائمة أو كانت قابلة للتغيير، فلا يُعتبر هذا التخصيص قانونيًا أو مستقرًا.

الشرط الثالث : وجود علاقة ظاهرة تدل على وجود الإرتفاق :

يُعد وجود علاقة ظاهرة تدل على وجود الارتفاق من الشروط الأساسية لترتيب حق الارتفاق بتخصيص المالك الأصلي. يشترط أن تكون الحاجة الفعلية للارتفاق واضحة ومرئية للطرفين وللغير، بحيث تكون هناك علامات أو دلائل مادية تدل على أن العقار المنتفع قد أصبح يستفيد فعليًا من العقار الآخر. هذه العلاقة الظاهرة يمكن أن تكون في شكل ممر مرئي، أو مصرف مائي، أو أي نوع آخر من الاستخدامات التي تُظهر بوضوح أن أحد العقارين يعتمد على الآخر في أداء وظيفة معينة. من خلال هذه العلاقة الظاهرة، يُمكن التأكد من وجود الارتفاق، حيث يُصبح الأمر معروفًا للآخرين ولا يمكن إنكاره. إذا لم تكن العلاقة ظاهرة أو لم يكن هناك دليل مادي على الاستفادة من العقار الآخر، فإن التخصيص قد يُعتبر غير قانوني أو غير مكتمل.

الشرط الرابع : صيرورة العقارين مملوكين لمالكين مختلفين :

يُعد صيرورة العقارين مملوكين لمالكين مختلفين من الشروط الأساسية لترتيب حق الارتفاق. وفقًا لهذا الشرط، لا يُمكن إنشاء حق الارتفاق إلا إذا كان العقار المرتفق به والعقار المنتفع مملوكين لشخصين مختلفين، مما يعني أنه لا يجوز لشخص واحد أن يرتب حق ارتفاق على عقارين يملكهُما معًا. يعتبر هذا الشرط ضروريًا لضمان استقلالية الحقوق بين الأشخاص، بحيث يُقيد الشخص مالك العقار المرتفق به في ممارسته لحقوق ملكيته لصالح العقار المنتفع. وإذا كانت الملكية واحدة، فلا يوجد ما يُبرر وجود حق ارتفاق على العقارين، حيث يُمكن للمالك أن يُنظم استخدام ممتلكاته دون الحاجة إلى ترتيب أي حقوق على أحدها لصالح الآخر.

الشرط الخامس : وجود شرط صريح يستبعد وجود الإرتفاق :

يُعتبر وجود شرط صريح يستبعد وجود الارتفاق من الشروط المهمة التي قد تمنع ترتيب حق الارتفاق. إذا كان هناك شرط صريح في عقد ملكية العقار أو في أي اتفاق قانوني آخر يوضح استبعاد وجود ارتفاق، فإن هذا الشرط يُعد ملزمًا للطرفين ولا يمكن التراجع عنه. هذا الشرط قد يتضمن نصًا صريحًا يُمنع بموجبه ترتيب أي حقوق ارتفاق على العقار، سواء كان ذلك في العقد الأول عند شراء العقار أو في أي وقت لاحق. الهدف من هذا الشرط هو حماية حقوق المالك في حالة كان يرغب في الحفاظ على حرية التصرف التامة في ملكيته دون أي قيود أو التزامات تفرضها حقوق ارتفاق على عقاراته. في حالة وجود هذا الشرط الصريح، فإنه يُعتبر مانعًا قانونيًا من إنشاء أو الاعتراف بحقوق الارتفاق على العقار، حتى وإن كانت الشروط الأخرى لإنشائه متوافقة.

إثبات توافر شروط إنشاء الإرتفاق بتخصيص المالك الأصلي :

إثبات توافر شروط إنشاء حق الارتفاق بتخصيص المالك الأصلي يتطلب من صاحب المصلحة تقديم أدلة واضحة تثبت توافر الشروط القانونية التي ينص عليها القانون.

أولًا، يجب إثبات وجود عقارين مملوكين لشخص واحد في وقت ترتيب الارتفاق، حيث يكون المالك هو من يقرر تخصيص أحد العقارين لصالح الآخر.

ثانيًا، يجب إثبات أن العقار المنتفع يحتاج إلى العقار المرتفق به بشكل فعال، أي وجود حاجة فعلية للاستفادة من العقار الآخر في تلبية احتياجات العقار المنتفع، مثل المرور أو تصريف المياه.

ثالثًا، ينبغي أن تكون العلاقة بين العقارين ظاهرة وواضحة، بحيث يمكن للغير أن يتعرف على استخدام العقار المرتفق به لصالح العقار المنتفع، كوجود ممرات أو قنوات واضحة تشير إلى هذه الاستفادة. وأخيرًا، يجب أن يتم إثبات أن العقارين أصبحا مملوكين لمالكين مختلفين بعد ترتيب الارتفاق، بحيث ينتقل حق الارتفاق مع العقار المنتفع عند انتقال ملكيته. وفي حال عدم وجود هذه الأدلة أو عدم توافر أحد الشروط، يُعد الارتفاق غير قائم قانونًا.

قيود البناء الإتفاقية المادة 1018 من القانون المدني

تُعتبر المادة 1018 من القانون المدني المصري من المواد المهمة التي تتعلق بحقوق الارتفاق في إطار العقارات المرهونة. هذه المادة تهدف إلى تنظيم العلاقة بين الراهن (الذي يضع العقار كضمان لدين) و المرتهن (الدائن الذي يملك الحق في العقار المرهون) في حال كان العقار المرهون يحتوي على حق ارتفاق لصالح عقار آخر.

تُعطي هذه المادة أهمية خاصة لضمان حقوق المرتهن في حالة وجود حقوق ارتفاق على العقار المرهون، بحيث لا يمكن للراهن تغيير أو إيقاف حق الارتفاق دون موافقة المرتهن. وهذا يُعتبر ضمانًا لحماية حقوق الدائنين، خاصة إذا كانت حقوق الارتفاق تُعتبر جزءًا أساسيًا من قيمة العقار المرهون أو من طريقة انتفاعه.

نص المادة 1018 من القانون المدني المصري

(١) إذا فرضت قيود معينة بحد من حق مالك العقار فى البناء عليه كيف شاء كأن يمنع من تجاوز حد معين فى الارتفاع بالبناء أو فى مساحة رقعته، فإن هذه القيود تكون حقوق ارتفاق على هذا العقار لفائدة العقارات التى فرضت لمصلحتها هذه القيود. هذا ما لم يكن هناك اتفاق يقضى بغيره.

(٢) وكل مخالفة لهذه القيود تجوز المطالبة بإصلاحها عينا، ومع ذلك يجوز الاقتصار على الحكم بالتعويض إذا رأت المحكمة ما يبرر ذلك.


أهمية المادة 1018 من القانون المدني 

تكتسب هذه المادة أهميتها من كونها تحمي حقوق الدائنين (المرتهنين) بشكل كبير، إذ تضمن لهم استقرار الضمانات التي يعتمدون عليها لضمان حقوقهم. فحقوق الارتفاق غالبًا ما تكون جزءًا لا يتجزأ من قيمة العقار المرهون أو من طريقة استخدامه، وبالتالي فإن تعديل هذه الحقوق أو إيقافها قد يؤثر بشكل كبير على قيمة العقار ويفقده جزءًا من ضماناته.

كما تساهم المادة في حماية الاستقرار العقاري من خلال ضمان أن أي تغييرات تطرأ على العقار المرهون – خاصة تلك التي تتعلق بالارتفاقات – تكون تحت إشراف المرتهن، ما يساعد في الحفاظ على قيمة العقار واستمرارية حقوقه.


العلاقة بين المادة 1018 والمادة 1017

تتعلق المادة 1018 مباشرة بـ المادة 1017 من القانون المدني المصري، والتي تتحدث عن ترتيبات حقوق الارتفاق على العقار المرهون. ففي حين أن المادة 1017 تنظّم إنشاء حقوق الارتفاق على العقار المرهون، فإن المادة 1018 تهتم بحمايتها وعدم تعديلها أو إيقافها دون موافقة المرتهن.

الترابط بين المادتين يعكس أهمية حقوق الارتفاق في المعاملات العقارية المرهونة وضرورة حماية هذه الحقوق من أي تغييرات قد تحدث دون موافقة الأطراف المعنية، وخاصة المرتهن الذي يعتمد على العقار المرهون كضمان.


تطبيقات المادة 1018 في الواقع العملي

مثال عملي:

افترض أن شخصًا قام برهن عقار للبنك كضمان لقرض، وكان هذا العقار يحتوي على حق ارتفاق مرور لصالح عقار آخر. في حالة أن الراهن قرر إيقاف أو تغيير هذا الحق بعد عقد الرهن، لن يكون له الحق في إيقاف هذا الحق أو تغييره إلا إذا وافق البنك (المرتهن) على ذلك. إذا كان هناك شرط صريح في عقد الرهن يسمح بتغيير حق الارتفاق من دون موافقة المرتهن، فإن التغيير يكون جائزًا، ولكن في حالة عدم وجود هذا الشرط، يُعتبر التغيير غير قانوني.

مثال آخر:

إذا كان العقار المرهون يحتوي على حق ارتفاق سحب مياه من بئر معين، وكان هذا الحق جزءًا من قدرة العقار على الاستخدام، فإن إيقاف هذا الحق أو تغييره بدون موافقة المرتهن قد يؤدي إلى إضعاف قيمة العقار المرهون وبالتالي التأثير على حقوق المرتهن.


الهدف من المادة 1018

الهدف الرئيسي من المادة 1018 هو حماية حقوق المرتهن في العقار المرهون، وذلك من خلال ضمان عدم تغيير أو إيقاف أي حقوق ارتفاق قد تؤثر على قيمة العقار. فحقوق الارتفاق تعتبر جزءًا أساسيًا من العقار، وإذا تم تعديلها أو إيقافها، فقد يتعرض العقار المرهون للتقليل من قيمته كضمان للديون.

كما تضمن المادة حماية الاستقرار المالي في المعاملات العقارية، حيث أن تعديل أو إيقاف حقوق الارتفاق قد يؤثر في قدرة الدائنين على استرداد ديونهم في حالة التخلف عن السداد.

قيود البناء الإتفاقية :

قيود البناء الاتفاقية هي تلك القيود التي يُتفق عليها بين الأطراف المعنية (مثل المالك والمشتري أو الأطراف التي تتعلق بعقارات مجاورة) وتنظم كيفية استخدام أو بناء العقار.

تختلف هذه القيود عن القيود القانونية التي تفرضها السلطات العامة، حيث تكون ناتجة عن اتفاق بين الأطراف وقد تشمل شروطًا معينة تتعلق بارتفاع المباني أو شكلها أو المسافات بين العقارات.

تهدف قيود البناء الاتفاقية إلى تحقيق مصلحة مشتركة بين الأطراف المعنية، مثل الحفاظ على الطابع المعماري لمنطقة معينة أو ضمان حقوق الجوار. على سبيل المثال، قد يتفق الجيران على ألا يتم بناء بناء طويل يعوق الإضاءة أو التهوية عن منازلهم. هذه القيود تعتبر ملزمة للأطراف طالما كانت صريحة في العقد أو الاتفاق، ويمكن للمحاكم التدخل في حال حدوث نزاع حول تنفيذها.

جزاء مخالفة القيود الإتفاقية للبناء :

جزاء مخالفة القيود الاتفاقية للبناء يتمثل في حق المتضرر في المطالبة القضائية بوقف الأعمال المخالفة أو إزالة البناء الذي تم بالمخالفة للقيود المتفق عليها، وذلك حفاظًا على الحقوق التي تم الاتفاق عليها تعاقديًا.

كما يمكن للمتضرر أن يطلب تعويضًا عن الضرر الذي أصابه نتيجة هذه المخالفة، سواء كان ضررًا ماديًا أو معنويًا. ويشترط أن تكون القيود واضحة وثابتة باتفاق صريح أو ضمني بين الأطراف، ويُراعى فيها أن تكون قد تم قيدها في السجلات العقارية إذا كانت من القيود التي يجب شهرها حتى تكون نافذة في حق الغير.

فإذا خالف أحد الملاك هذه القيود، يكون مسؤولا مدنيًا، وقد يُجبر على إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل المخالفة، ما لم يكن ذلك مستحيلاً، فيكتفى حينها بالتعويض المالي.

هل يجوز الإعفاء من القيود الإتفاقية للبناء ؟

يجوز الإعفاء من القيود الاتفاقية للبناء ولكن ذلك يتوقف على اتفاق الأطراف المعنية. فبما أن هذه القيود تستند إلى اتفاق خاص، فإنه يمكن تعديلها أو الإعفاء منها باتفاق جديد بين من لهم الحق في التمسك بها. فإذا كانت القيود مفروضة بموجب عقد بين المالك والغير (مثل الجيران أو المشتري)، فإنه يجوز للأطراف أن يتفقوا لاحقًا على الإعفاء منها كليًا أو جزئيًا، بشرط ألا يكون هذا الإعفاء مخالفًا للنظام العام أو يمس بحقوق أطراف أخرى لم تشارك في الاتفاق. أما إذا كانت القيود قد تم شهرها في السجل العقاري، فينبغي اتخاذ الإجراءات القانونية لتعديل أو محو هذه القيود رسميًا حتى تكون نافذة في مواجهة الغير.

مضمون الإرتفاق يحدد مصدره المادة 1019 من القانون المدني

تتناول المادة 1019 من القانون المدني المصري الأحكام المتعلقة بانقضاء حق الارتفاق، وهو أحد الحقوق العينية التي ترتبط عادةً بعقارين متجاورين، أحدهما يُسمى “العقار المرتفق” والآخر “العقار المرتفق به”. وتحدد هذه المادة الأسباب التي تؤدي إلى انقضاء هذا الحق، سواء لأسباب طبيعية، أو قانونية، أو بفعل الزمن.
error: