حالة ما إذا كان الوكيل ممنوعا من إنابه غيره في القانون المدني

حالة ما إذا كان الوكيل ممنوعا من إنابه غيره في القانون المدني

إذا كان الوكيل ممنوعًا من إنابة غيره في تنفيذ الوكالة، سواء بنص الاتفاق أو لطبيعة التصرف الموكل به، فأناب مع ذلك شخصًا آخر، فإن هذه الإنابة تكون باطلة، ويُعتبر النائب قد تصرف دون صفة، ولا تترتب آثار الوكالة بينه وبين الموكل. وفي هذه الحالة، يتحمل الوكيل الأصلي مسؤولية كاملة عن التصرفات التي أجراها النائب، ويُسأل أمام الموكل عن كل ضرر يلحقه نتيجة هذه الإنابة المخالفة، سواء أكان الضرر ناشئًا عن خطأ النائب أو عن عدم تنفيذ الوكالة أو سوء تنفيذها.

العلاقة المباشرة بين الموكل ونائب الوكيل :

في حالة ترخيص الوكيل بإنابة غيره وتعيين نائب عنه، تنشأ علاقة قانونية مباشرة بين الموكل ونائب الوكيل، ويصبح النائب كأنه وكيل أصلي للموكل في حدود ما أُنيط به من مهام. وبموجب هذه العلاقة، يلتزم نائب الوكيل قبل الموكل بتنفيذ الوكالة بالعناية المطلوبة، ويُسأل أمامه عن أي خطأ أو تقصير في التنفيذ. كما يملك الموكل مباشرة الرجوع على النائب بالمطالبة بالتعويض إذا ترتب ضرر نتيجة فعله، دون حاجة للرجوع على الوكيل الأصلي أولاً. وتقوم هذه العلاقة على أساس من الحلول محل الوكيل في تنفيذ ما فُوِّض به، ما دام الموكل قد وافق صراحة أو ضمنًا على هذه الإنابة.

موافاة الموكل بالمعلومات الضرورية وتقديم الحساب :

يُعد التزام الوكيل بموافاة الموكل بالمعلومات الضرورية وتقديم الحساب من الالتزامات الجوهرية في عقد الوكالة، إذ يلتزم الوكيل بإحاطة الموكل بكل ما يهمه من بيانات تتعلق بسير تنفيذ الوكالة، وما يعترضها من صعوبات أو ظروف تؤثر على مصالح الموكل، حتى يكون هذا الأخير على بينة من أمره ويتمكن من توجيه الوكيل أو تعديل التعليمات عند الحاجة. كما يلتزم الوكيل، عند انتهاء الوكالة أو بناء على طلب الموكل، بأن يقدم له حسابًا مفصلًا يتضمن الإيرادات والمصروفات وجميع التصرفات التي قام بها نيابة عنه، مع ما يثبت ذلك من مستندات، وذلك تطبيقًا للقاعدة العامة في وجوب المحافظة على مصالح الموكل والوفاء بالأمانة. ويُسأل الوكيل عن أي إهمال أو تقصير في هذا الالتزام، ويكون مسئولًا عن التعويض إن ترتب على ذلك ضرر للموكل.

النص القانوني للمادة 705 مدني تنص على :-

على الوكيل أن يوافى الموكل بالمعلومات الضرورية عما وصل إليه فى تنفيذ الوكالة ، وأن يقدم له حساباً عنها .

موافاة الموكل بالمعلومات الضرورية عما وصل إليه في تنفيذ الوكالة :

يُعد التزام الوكيل بموافاة الموكل بالمعلومات الضرورية عما وصل إليه في تنفيذ الوكالة من الالتزامات المستمرة والملازمة لطبيعة عقد الوكالة، ذلك أن الوكيل لا يتصرف باسمه وإنما لحساب الموكل، مما يوجب عليه إطلاع الموكل على مجريات الأمور أولاً بأول، وبخاصة عند حدوث تطورات جوهرية أو عراقيل غير متوقعة. ويهدف هذا الالتزام إلى تمكين الموكل من متابعة تنفيذ الوكالة وتقييم سيرها، بل وقد يوجه الوكيل بتعديل أسلوب التنفيذ أو إنهائه إذا اقتضت مصلحته ذلك. وإذا أخلّ الوكيل بهذا الالتزام، وامتنع عن إبلاغ الموكل بالمعلومات الجوهرية التي توصل إليها أثناء قيامه بالوكالة، فإن ذلك قد يشكل إخلالاً بواجب الأمانة ويُعرضه للمساءلة المدنية عن الأضرار التي تترتب على هذا الإخلال.

مضمون الإلتزام :

يتمثل مضمون التزام الوكيل بموافاة الموكل بالمعلومات في أن يطلع الوكيل موكله على كل ما يتعلق بتنفيذ الوكالة من وقائع ونتائج وتطورات قد تؤثر في مركز الموكل القانوني أو المالي. ويشمل ذلك كل البيانات الجوهرية، سواء أكانت متعلقة بسير التنفيذ أو بالعقبات التي تعترضه أو بالفرص المتاحة التي قد تحقق فائدة للموكل. ويجب أن تكون هذه المعلومات صحيحة وكاملة ومقدمة في الوقت المناسب، حتى يتسنى للموكل أن يتخذ قراراته عن بينة، وله أن يطلب من الوكيل توضيحات أو مستندات كلما رأى ضرورة لذلك. ويقع هذا الالتزام على عاتق الوكيل طوال مدة تنفيذ الوكالة، ويظل قائماً حتى بعد انتهائها، إذا ترتب على التنفيذ التزامات أو آثار مستمرة تتطلب علم الموكل بها.

إلتزام الوكيل بتقديم حساب عن الوكالة :

يُعد الالتزام بتقديم الحساب من الالتزامات الجوهرية التي تقع على عاتق الوكيل في علاقته بالموكل. ومقتضى هذا الالتزام أن يُفصِّل الوكيل للموكل ما قام به من أعمال وما أنفقه من مبالغ وما تسلمه من أموال أو حقوق لحساب الموكل، مع إرفاق ما يثبت ذلك من مستندات. ويجب أن يكون هذا الحساب واضحًا ودقيقًا ومقدَّمًا في الميعاد المناسب، سواء كان ذلك أثناء تنفيذ الوكالة أو بعد انتهائها. ويُستهدف من هذا الالتزام تمكين الموكل من مراقبة أداء الوكيل والتثبت من مدى وفائه بحدود الوكالة وتعليماتها، ومن ثم فإن إخلال الوكيل بتقديم الحساب يُعد خطأً يُسأل عنه، وقد يبرر إلزامه بالتعويض، بل قد يُفسر في غير مصلحته إذا ثار نزاع بشأن ما قام به من أعمال.

مضمون الإلتزام :

مضمون الالتزام بتقديم الحساب يتمثل في قيام الوكيل بعرض مفصل على الموكل يوضح فيه جميع التصرفات والأعمال التي باشرها تنفيذاً للوكالة، مشفوعة بما يلزم من مستندات مؤيدة، مثل الإيصالات، والعقود، والمراسلات، وما إلى ذلك. ويشمل ذلك أيضاً بيان الإيرادات والمصروفات، وكل ما دخل في ذمته أو خرج منها لحساب الموكل. ويجب أن يكون هذا العرض صادقاً ودقيقاً، يُمكّن الموكل من الوقوف على حقيقة ما تم، ومدى التزام الوكيل بالتفويض الممنوح له. ويُقدَّم الحساب عادةً عند انتهاء الوكالة، إلا إذا اتفق الطرفان على خلاف ذلك أو اقتضت طبيعة الوكالة تقديم الحساب دورياً أو على فترات متقاربة.

إقرار الحساب :

إقرار الحساب هو تصرف يصدر من الموكل، يتضمن قبوله لما قدمه الوكيل من بيان بأعماله وتصرفاته خلال تنفيذ الوكالة، ويُعد بمثابة تصفية نهائية للعلاقة بين الطرفين من حيث الحقوق والالتزامات. ويترتب على إقرار الحساب سقوط حق الموكل في الرجوع على الوكيل بالمطالبة عن أي مخالفة أو تقصير سابق، ما لم يثبت الموكل أن الإقرار تم بناءً على غش أو تدليس أو خطأ جوهري. ولا يشترط أن يكون الإقرار صريحاً، بل يجوز أن يكون ضمنياً يُستفاد من تصرفات الموكل التي لا تترك مجالاً للشك في رضاه بالحساب، كأن يقبض الرصيد دون تحفظ أو يستخدم البيانات في معاملاته.

حالة تعدد الوكلاء :

حالة تعدد الوكلاء تعني أن يُسند الموكل الوكالة إلى أكثر من شخص، وقد يكون ذلك لتنفيذ ذات العمل أو أعمال مختلفة. وتختلف آثار التعدد بحسب ما إذا كان الوكلاء مأذونين بالعمل مجتمعين أو منفردين. فإذا نص سند الوكالة أو قصد الموكل أن يعملوا مجتمعين، فلا يجوز لأحدهم الانفراد بالتصرف إلا بموافقة الآخرين، ويكون ما يصدر خلاف ذلك باطلاً في مواجهة الموكل. أما إذا كان يحق لكل منهم العمل بمفرده، فإن ما يقوم به أحدهم من تصرفات تنتج آثارها في حق الموكل. ويُسأل الوكلاء مسؤولية تضامنية إذا اتفقوا على العمل المشترك أو إذا اقتضت طبيعة التصرف ذلك، أما إذا انفرد أحدهم بتجاوز أو تعسف، فلا يتحمل الآخرون تبعة خطئه ما لم يُسهموا فيه أو يقرّوه.

ميعاد تقديم الحساب :

ميعاد تقديم الحساب في عقد الوكالة يرتبط بطبيعة الوكالة والاتفاق بين الطرفين. فإن لم يُحدد أجل معين لتقديم الحساب، التزم الوكيل بتقديمه فور انتهاء مهمته أو عند طلب الموكل، بحسب الأحوال. ويجوز للموكل أن يطالبه بتقديم حساب دوري إذا كانت الوكالة مستمرة أو تنفذ على مراحل، ويعد امتناع الوكيل عن تقديم الحساب في الوقت المناسب إخلالًا بالتزامه العقدي، يُرتب مسئوليته عند وقوع ضرر للموكل. ويجب أن يكون الحساب مفصلًا، مدعومًا بالمستندات المؤيدة لما قام به من أعمال وتصرفات نيابة عن الموكل.

أكبر محامى قضايا المدنى المستشار / محمد منيب المحامى

 

error: