تنازل الواهب عن الرجوع في الهبة في القانون المدني
أجاز القانون المدني المصري للواهب أن يتنازل عن حقه في الرجوع في الهبة صراحة، ويُعد هذا التنازل تصرفًا جائزًا ومُرتبًا لأثره، ما دام قد صدر من الواهب وهو في كامل أهليته، دون إكراه أو تغرير. ويترتب على هذا التنازل سقوط حق الرجوع بصفة نهائية، فلا يجوز للواهب بعد ذلك أن يطالب باسترداد الشيء الموهوب، حتى لو توافرت الأعذار القانونية التي تبرر الرجوع، كجحود الموهوب له أو عجز الواهب عن المعيشة. ويُشترط أن يكون التنازل واضحًا وصريحًا، ويجوز تضمينه في عقد الهبة ذاته أو في اتفاق لاحق، كما يمكن أن يكون ضمنيًا إذا كانت ظروف الحال أو نصوص العقد تدل بوضوح على أن الواهب حقه في الرجوع. ويُعد هذا الحكم تطبيقًا لمبدأ حرية التعاقد، واحترامًا لإرادة المتبرع في الإبقاء على الهبة دون رجعة.
دعوى الرجوع عن الهبة :
دعوى الرجوع عن الهبة هي الوسيلة القانونية التي يلجأ إليها الواهب لاسترداد الشيء الموهوب إذا توافرت لديه أحد الأعذار التي نص عليها القانون، كالجهود، أو العجز عن المعيشة، أو ولادة ولد بعد الهبة. وتُرفع هذه الدعوى أمام المحكمة المختصة بطلب فسخ الهبة، ويشترط لقبولها أن تكون الهبة بلا عوض، وأن يكون الشيء الموهوب لا يزال قائمًا في يد الموهوب له، وألا يوجد مانع قانوني يحول دون الرجوع، كالهلاك أو التصرف أو كون الهبة لذوي رحم محرم. ويقع عبء إثبات العذر على الواهب، وللمحكمة سلطة تقديرية في قبول أو رفض الدعوى بحسب ظروف كل حالة. ولا يُقبل الرجوع في الهبة إلا بحكم قضائي نهائي، ولا يكفي مجرد رغبة الواهب أو إنذاره للموهوب له، مما يضمن التوازن بين حماية التبرع واستقرار الملكية من جهة، ومراعاة مصالح الواهب من جهة أخرى.
هدايا الخطبة
المقصود بهدايا الخطبة :
تلك الأشياء العينية أو النقدية التي يقدّمها أحد الخاطبين للآخر خلال فترة الخطبة، عادةً تعبيرًا عن نية الزواج وتقويةً للعلاقة، وتشمل الهدايا المادية كالمجوهرات والملابس والهدايا الشخصية، أو حتى مبالغ مالية تُعطى بهذه الصفة. وتُعد هذه الهدايا من الهبات المرتبطة بظرف معين، وهو إتمام الزواج، لذا فإنها تُعد موقوفة الأثر على تحقق هذا الظرف. فإذا لم يتم الزواج لأي سبب، اعتبر القانون أن الغرض من الهبة قد زال، مما يفتح المجال لطلب رد الهدايا، سواء كانت قائمة أو المطالبة بقيمتها عند الهلاك، وذلك بشرط ألا يكون الطرف الطالب للرد هو المتسبب في فسخ الخطبة دون مبرر.
هل تعتبر الشبكة من هدايا الخطبة ؟
تُعتبر الشبكة في القانون المصري من هدايا الخطبة، ما لم يوجد اتفاق صريح على خلاف ذلك، وقد استقر القضاء على أنها تُعامل معاملة الهبة المرتبطة بشرط إتمام الزواج. فهي تُقدَّم عادةً بوصفها تعبيرًا عن الجدية في نية الزواج، وليست من مقدم الصداق إلا إذا اتفق الطرفان صراحة على إدخالها ضمن المهر. ولذلك، إذا عُدلت الخطبة أو فُسخت دون سبب من الموهوب له، جاز للخاطب أن يسترد الشبكة أو قيمتها، بشرط إثبات أن العدول لا يُنسب إليه. أما إذا كانت الشبكة قد أُعطيت باعتبارها من المهر أو تم الاتفاق على أنها لا تُرد في حال فسخ الخطبة، فإنها تُعامل في هذه الحالة على أساس ما اتفق عليه الطرفان.
حكم رد هدايا الخطبة عند العدول عن الخطبة :
عند العدول عن الخطبة، تقضي القواعد العامة في القانون المصري بوجوب رد الهدايا التي قدمها أحد الطرفين للآخر خلال فترة الخطبة، باعتبارها هبة معلقة على شرط إتمام الزواج. فإذا تحقّق العدول دون إتمام الزواج، زال سبب الهبة، مما يُوجب رد الهدايا إذا كانت لا تزال قائمة، أو رد قيمتها إذا هلكت أو استُهلكت دون مبرر. ويُشترط لرد الهدايا ألا يكون الطرف الذي يطالب بها هو المتسبب في فسخ الخطبة دون عذر مقبول، وفي حال كان العدول مشروعًا أو وقع باتفاق الطرفين، يجوز رد الهدايا أيضًا. ولا يُشترط أن تكون الهدايا ثمينة، بل يُرد كل ما ثبت أنه قُدّم بمناسبة الخطبة، بما في ذلك الشبكة، ما لم يتفق الطرفان على اعتبارها جزءًا من المهر
اولا : الحكم قبل العمل بالقانون رقم (1) لسنة 2000 بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في الأحوال الشخصية :
قبل صدور القانون رقم (1) لسنة 2000، لم يكن هناك تنظيم إجرائي مستقل لمسائل الأحوال الشخصية، فكانت تخضع للقواعد العامة في قانون المرافعات، مما أدى إلى بطء الإجراءات وتعدد الجهات القضائية المختصة. كما كانت بعض الدعاوى المتعلقة بشؤون الأسرة، مثل رد الشبكة أو الهدايا أو طلب النفقة أو الرؤية، تُنظر أمام المحاكم المدنية أو الشرعية حسب طبيعة الطلب، دون توحيد في الإجراءات أو جهة الفصل، وهو ما أحدث نوعًا من التشتت القانوني والإجرائي. وكان ذلك الوضع محل انتقاد واسع، لافتقاده التنظيم الموحد، إلى أن جاء القانون رقم (1) لسنة 2000 ليضع نظامًا إجرائيًا خاصًا لمسائل الأحوال الشخصية، ينظم كيفية رفع الدعاوى والفصل فيها أمام محكمة الأسرة، ويحقق قدرًا من السرعة والتبسيط والخصوصية في نظر تلك المنازعات.
ثانيا : الحكم بعد العمل بالقانون رقم (1) بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية :
بعد العمل بالقانون رقم (1) لسنة 2000، أصبح رد هدايا الخطبة، بما في ذلك الشبكة، من مسائل الأحوال الشخصية التي تختص بها محكمة الأسرة، إذ نصت المادة الأولى من القانون على أن تسري أحكامه على دعاوى التطليق، والنفقة، والحضانة، ورد الهدايا، وغيرها من المسائل المرتبطة بعلاقات الخطبة والزواج. وبهذا التنظيم أصبحت دعوى رد الهدايا تُرفع أمام محكمة الأسرة وفقًا لإجراءات مبسطة وسريعة، وطبقًا لقواعد خاصة تراعي طبيعة الروابط الأسرية. وقد أكدت محكمة النقض أن دعوى استرداد الشبكة أو الهدايا بعد العدول عن الخطبة تدخل في اختصاص محكمة الأسرة باعتبارها منازعة ناشئة عن الخطبة، مما يعكس تطورًا تشريعيًا يهدف إلى توحيد جهة الاختصاص وتبسيط إجراءات التقاضي في شؤون الأحوال الشخصية.
آثار الرجوع ف الهبة :
يترتب على الرجوع في الهبة – سواء تم بالتراضي أو بحكم قضائي – زوال أثر الهبة بأثر رجعي، أي كأنها لم تكن، ويترتب على ذلك التزام الموهوب له برد الشيء الموهوب بعينه إلى الواهب، ما دام لا يزال موجودًا. أما إذا هلك الشيء الموهوب أو استُهلك، التزم الموهوب له برد قيمته وقت الهبة. كما يترتب على الرجوع انقضاء نقل الملكية الذي ترتب على الهبة، فيسترد الواهب ملكية الشيء الموهوب، ويُزال قيد الهبة إن كان مسجلًا. وإذا كان الموهوب له قد تصرف في الشيء الموهوب قبل الرجوع، فإن هذا التصرف لا يسري في حق الواهب إذا كان الرجوع قد تم بحكم نهائي وكان التصرف قد تم بعد رفع الدعوى، أما إذا تم التصرف قبل رفع دعوى الرجوع، فإنه يُعد صحيحًا ولا يجوز الرجوع على الغير حسن النية.
النصوص القانونية
النص القانوني للمادة 503 مدني تنص على :-
(1) يترتب على الرجوع في الهبة بالتراضي أو بالتقاضي أن تعتبر الهبة كان لم تكن .
(2) ولا يرد الموهوب له الثمرات إلا من وقت الاتفاق على الرجوع ، أو من وقت رفع الدعوى ، وله أن يرجع بجميع ما أنفقه من مصروفات ضرورية ، أما المصروفات النافعة فلا يجاوز في الرجوع بها القدر الذي زاد في قيمة الشيء الموهوب.
النص القانوني للمادة 504 مدني تنص على :-
(1) إذا استولي الواهب على الشيء الموهوب ، بغير التراضي أو التقاضي ، كان مسئولا قبل الموهوب له عن هلال الشيء سواء آان الهلاك بفعل الواهب أو بسبب أجنبي لا يد له فيه أو بسبب الاستعمال.
(2) أما إذا صدر الحكم بالرجوع في الهبة وهلك الشيء في يد الموهوب له بعد أعذاره بالتسليم ، فيكون الموهوب له مسئولا عن هذا الهلاك ، ولو كان الهلاك بسبب أجنبي.
إعتبار الهبة كأن لم تكن :
يترتب على الرجوع في الهبة، سواء تم بالتراضي أو بناءً على حكم قضائي، أن تُعتبر الهبة كأن لم تكن، أي تُمحى آثارها بأثر رجعي منذ صدورها، ويُعاد الحال بين الطرفين إلى ما كان عليه قبل إبرام عقد الهبة. ويعني ذلك أن الواهب يسترد الشيء الموهوب بعينه إن كان لا يزال موجودًا، أو قيمته وقت الهبة إن هلك أو استُهلك، كما تزول جميع الحقوق التي اكتسبها الموهوب له على الشيء، بما في ذلك الملكية، ويتحمل الأخير تبعة الهلاك إن كان ذلك بسبب يرجع إليه. ويُعد هذا الأثر من قبيل إعادة التوازن بين طرفي العقد بعد زوال السبب الذي قامت عليه الهبة، خاصة في الحالات التي يسمح فيها القانون بالرجوع لعذر مقبول أو عند تحقق أحد موانع بقاء الهبة.
ما يجب رده إلى الواهب :
عند الرجوع في الهبة، يجب على الموهوب له أن يرد إلى الواهب الشيء الموهوب بعينه إذا كان لا يزال موجودًا، سواء في حيازته أو تحت يده بأي صفة كانت. وإذا كان الشيء قد هلك أو استُهلك، التزم الموهوب له برد قيمته وقت الهبة، أي وقت تسليم الشيء وليس وقت الرجوع. كذلك، يلتزم الموهوب له برد الثمار التي جناها من الشيء الموهوب منذ تاريخ رفع دعوى الرجوع، باعتبار أن استحقاق الواهب للرد يبدأ من وقت مطالبته القضائية. أما التحسينات أو التكاليف التي أنفقها الموهوب له على الشيء، فيُنظر فيها وفقًا للقواعد العامة بشأن المصروفات النافعة والضرورية، وقد يكون له حق الرجوع بها أو الحبس حتى يستوفيها، بحسب الأحوال.
آثار الرجوع بالنسبة للغير :
لا يسري أثر الرجوع في الهبة في مواجهة الغير حسن النية إذا كان الموهوب له قد تصرف في الشيء الموهوب قبل رفع دعوى الرجوع، كأن باعه أو رهنه أو نقله بأي وسيلة من وسائل التصرف. ففي هذه الحالة، يُحترم تصرف الموهوب له ويظل نافذًا في حق الغير الذي تلقى الحق وهو حسن النية. أما إذا تم التصرف بعد رفع دعوى الرجوع، فإن الرجوع يُعد حجة على الغير، ويجوز للواهب استرداد الشيء من يد من آل إليه، ما لم يكن هذا الغير قد اكتسبه بحسن نية وقبل تسجيل دعوى الرجوع إن كان الشيء الموهوب عقارًا. ويهدف هذا الحكم إلى تحقيق التوازن بين مصلحة الواهب في استرداد ما وهبه، ومصلحة الغير في استقرار المعاملات وحماية من يتعاملون بحسن نية.
مكتب محاماة استشارات قانونيه متخصص في القضايا المدنية والعقارات
مكتب المستشار محمد منيب المحامى
✔️ تواصل معنا الآن للحصول على استشارة قانونية مدفوعة!
✔️ ضمان السرعة والدقة في إنجاز معاملاتك القانونية.
استشارة قانونية شاملة.حرصا منا على وقت عملائنا من قبل المستشار محمد منيب شخصيا خدمة مقابلة اون لاين من خلال تطبيق meet على Gmail توفر لك دعماً قانونياً عبر الانترنت .
📞 للاستفسار أو الحجز خدمة العملاء: 01006321774
📞 التواصل: احجز موعد مسبق 01006321774 – 01223232529
📍 عنوان المكتب: 13 شارع الخليفه من شارع الهرم بجوار السجل المدني