تمييز الصلح عما يلتبس به في القانون المدني
يُميز عقد الصلح في القانون المدني عن غيره من العقود التي قد تلتبس به، كالإبراء، والتنازل، والإقرار، والتحكيم، ذلك أن الصلح يتميز بأنه يقوم على وجود نزاع قائم أو محتمل، ويتضمن نزول كل من الطرفين عن جزء من إدعائه بقصد حسم هذا النزاع نهائيًا. أما الإبراء، فهو تصرف إرادي من جانب واحد يُسقط به الدائن حقه دون مقابل، والتنازل لا يشترط فيه وجود نزاع، وقد يكون عن حق أو عن دعوى. بينما التحكيم هو اتفاق على عرض النزاع على محكمين للفصل فيه، وليس تسوية ودية من الطرفين. أما الإقرار، فهو مجرد اعتراف بحق دون أن يتضمن عنصر التسوية أو التنازل. لذا فإن ما يُميز الصلح هو الجمع بين وجود النزاع، والتنازلات المتبادلة، ونية إنهاء الخلاف بحسم بات.
تمييز الصلح عما يلتبس به في القانون المدني
1- الصلح والتحكيم :
يتشابه الصلح مع التحكيم فى أن كل منهما يقصد به حسم خصومة دون استصدار حكم قضائي .ولكن يختلف الصلح عن التحكيم اختلافا كبيرا ، ففي الصلح بيت في النزاع أطراف الخصومة أنفسهم ، أما في التحكيم فالذي يبت في النزاع هم المحكمون . والتحكيم – عكس الصلح – لا يستلزم نزول كل من الخصمين عن وجه التقابل عن جزء من ادعائه ، بل يفصل المحكمون في النزاع كالقضاة طبقا لما يسفر عنه تكوين عقيدتهم في النزاع من واقع مستندات الدعوى وقد يقضون لطالب التحكيم بطلباته كلها أو بعضها. ويلتزم المحكمون في إجراءات الفصل في النزاع أحكام القانون رقم ٢٧ لسنة ۱۹٩٤) (المعدل) بإصدار قانون في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية .
2-الصلح والتسليم بالحق وترك الدعوى :
يختلف الصلح عن كل من التسليم بالحق وترك الدعوى من حيث الجوهر والآثار. فعقد الصلح هو اتفاق يتم بين الطرفين يتنازل فيه كل منهما عن جزء من ادعائه بهدف حسم النزاع نهائيًا، ويتضمن تنازلات متبادلة تنشئ التزامات جديدة. أما التسليم بالحق فهو إقرار من أحد الخصوم بصحة ما يدعيه الطرف الآخر، دون أن يتضمن أي تنازل من هذا الأخير، ويترتب عليه إنهاء النزاع لمصلحة المدعي دون الحاجة لحكم قضائي. في حين أن ترك الدعوى هو تنازل من المدعي عن السير في الدعوى القضائية، إما بصفة نهائية أو مؤقتة، دون أن يُعد ذلك صلحًا أو إقرارًا بالحق، ولا ينتج عنه بالضرورة إنهاء للنزاع إلا إذا قبله المدعى عليه أو تم بحكم القانون. وبالتالي، يتميز الصلح بأنه تصرف قانوني قائم على التراضي والتنازلات المتبادلة، بخلاف التسليم بالحق وترك الدعوى اللذين يعدان تصرفات قانونية أحادية الجانب.
3- الصلح وتوجيه اليمين الحاسمة :
يختلف الصلح عن توجيه اليمين الحاسمة من حيث الطبيعة والوظيفة. فالصلح عقد يتم باتفاق الطرفين، يهدف إلى إنهاء النزاع القائم أو المحتمل عن طريق التنازلات المتبادلة، وهو تصرف قانوني رضائي ينشئ التزامات جديدة ويؤدي إلى إنهاء الخصومة. أما اليمين الحاسمة فهي وسيلة إثبات يوجهها أحد الخصوم للآخر للفصل في النزاع عندما يعوز الدليل، ويُعد الاحتكام إليها اعترافًا ضمنيًا بعجزه عن الإثبات بوسائل أخرى. فإذا حلف الخصم اليمين قُضي له، وإذا نكل عنها خسر دعواه. وعلى عكس الصلح، لا يُعد توجيه اليمين الحاسمة تنازلًا أو تسوية، بل إجراء إثباتي قانوني يُنهي النزاع بناءً على ضمير الخصم لا على اتفاق الطرفين.
خصائص عقد الصلح :
يتميّز عقد الصلح بعدة خصائص قانونية تجعله فريدًا بين العقود، من أبرزها أنه عقد رضائي يتم بإرادة الطرفين دون حاجة إلى شكل خاص، ويُعد عقدًا ملزمًا للجانبين، إذ يترتب عليه التزامات متقابلة نتيجة التنازلات المتبادلة. كما أن الصلح يُعد من العقود النهائية، إذ يُقصد به وضع حد للنزاع القائم أو المحتمل بصفة باتة، ولا يجوز الرجوع عنه بإرادة منفردة. ويتميّز أيضًا بأنه عقد معاوضة غالبًا، لكونه يقوم على مقابل يتمثل في تنازل كل طرف عن جزء من ادعائه. وأخيرًا، فإن للصلح قوة تنفيذية، حيث يُغني عن اللجوء للقضاء إذا تم قبل رفع الدعوى، كما أن له حجية الأمر المقضي إذا أُبرم أثناء التقاضي وتم إثباته بمحضر الجلسة أو حُكم به.
الرضاء بالصلح :
يُعد الرضاء ركنًا جوهريًا في عقد الصلح، إذ لا ينعقد الصلح إلا إذا توافرت إرادتان سليمتان متطابقتان على إبرامه، شأنه في ذلك شأن سائر العقود. ويشترط أن يكون الرضاء خاليًا من عيوب الإرادة كالغلط أو الإكراه أو الغش، وإلا جاز لمن لحقه الضرر أن يطعن في الصلح ويطلب إبطاله. ويجوز التعبير عن الرضاء بالقول أو الكتابة أو حتى بالفعل إذا دلّ على إرادة أكيدة في التسوية. ويتميز الرضاء في الصلح بطابعه التسامحي، إذ يقوم على التنازل المتبادل بين الطرفين لحسم النزاع، ولذلك لا يُفترض فيه مجرد القبول، بل يتطلب نية صريحة في إنهاء الخلاف.
توافق الإيجاب والقبول في الصلح :
يتطلب انعقاد عقد الصلح في القانون المدني توافر توافق الإيجاب والقبول بين الطرفين، أي تطابق الإرادتين على العناصر الجوهرية للصلح، وهي موضوع النزاع والتنازلات المتبادلة. ويُشترط أن يكون الإيجاب واضحًا وجديًا، وأن يصدر القبول مطابقًا له من حيث المضمون دون تعديل أو تحفظ، وإلا عُدّ عرضًا جديدًا. ولا يكفي في الصلح مجرد الرغبة في إنهاء النزاع، بل لا بد من توافق الطرفين على التسوية المحددة محلًا وسببًا. وإذا وقع الخلاف على أحد عناصر الصلح الجوهرية، فلا يُعد العقد قد تم، مما يُظهر أهمية التلاقي الحقيقي بين الإيجاب والقبول لإبرام صلح صحيح ومنتج لآثاره القانونية.
الوكالة في الصلح :
يجوز أن يُبرم عقد الصلح عن طريق وكيل، ولكن يشترط في هذه الحالة أن يكون الوكيل مفوضًا تفويضًا خاصًا بإجراء الصلح، لأن الصلح من التصرفات التي تترتب عليها آثار قانونية هامة تمس الحقوق موضوع النزاع. فلا تكفي الوكالة العامة، بل يجب أن تتضمن الوكالة نصًا صريحًا يُخوِّل الوكيل حق إبرام الصلح أو التنازل أو قبول التنازل. وإذا أبرم الوكيل صلحًا دون تفويض خاص، فإن هذا الصلح لا يُلزم الأصيل ما لم يُجزه صراحة أو ضمنًا بعد ذلك. ويُراعى أن الصلح المبرم من وكيل مفوض له تفويضًا صحيحًا، يُعد نافذًا في حق الموكل بمجرد انعقاده، وله ذات الحجية القانونية.
الصلح القضائي والصلح غير القضائي
الصلح القضائي
المادة 103 مرافعات :
للخصوم أن يطلبوا إلى المحكمة فى أية حالة تكون عليها الدعوى إنبات ما اتفقوا عليه فى محضر الجلسة ويوقع منهم أو من وكلاتهم فإذا كانوا قد كتبوا ما اتفقوا عليه ألحق الاتفاق المكتوب بمحضر الجلسة وأثبت محتواه فيه .
ويكون المحضر الجلسة فى الحالين قوة السند التنفيذي وتعطى صورته وفقا للقواعد المقررة لإعطاء صور الأحكام .
ومع ذلك إذا كان طلب الخصوم يتضمن إثبات اتفاقهم على صحة التعاقد على حق من الحقوق العينية العقارية فلا يحكم بإلحاق ما اتفقوا عليه – كتابة أو شفاعة بمحضر الجلسة إلا إذا تم شهر الاتفاق المكتوب أو صورة رسمية من محضر الجلسة الذي أثبت فيه الاتفاق “.
طريقا الصلح القضائي :
الاثبات الصلح القضائي بمحضر جلسة المحكمة التي تنظر الدعوى طريقان الأول: أن يدلى الطرفان شفاهة بمضمون ما اتفقا عليه فيتولى القاضى إثبات ما اتفقا عليه ممحضر الجلسة ، ثم يوقع الطرفان أو وكلاؤهما المفوضين بالصلح على المحضر .
والثاني : أن يدون الطرفان ما اتفقا عليه أي ما تصالحا عليه في محرر ثم يقدمان هذا المحرر إلى المحكمة ويطلبان إثبات محتواه في محضر الجلسة ليكون له قوة السند واجب النفاذ .
إجراءات التصديق على الصلح :
التصديق على عقد الصلح، خاصة إذا كان غير قضائي، يُعد خطوة هامة لمنحه حجية قانونية أقوى وإمكانية تنفيذه مباشرة. ويُقصد بالتصديق أن يُعرض الصلح على جهة رسمية، كالمحكمة المختصة أو الموثق، لإثبات توقيعات الطرفين عليه والتحقق من أهليتهما وصحة إرادتهما. ويتم ذلك عادة بطلب يُقدَّم للمحكمة إذا كان الصلح متعلّقًا بنزاع قضائي سابق، أو لدى مكاتب الشهر العقاري أو التوثيق إذا كان خارج إطار الدعوى. وبموجب التصديق، يصبح عقد الصلح سندًا رسميًا قابلاً للتنفيذ الجبري، وله قوة الإثبات المقررة في القانون، مما يمنع أحد الطرفين من الإنكار أو التراجع دون مبرر قانوني.
محامى مصر محمد منيب محامي قضايا مدني
✔️ تواصل معنا الآن للحصول على استشارة قانونية مدفوعة!
✔️ ضمان السرعة والدقة في إنجاز معاملاتك القانونية.استشارة قانونية شاملة.حرصا منا على وقت عملائنا من قبل المستشار محمد منيب شخصيا خدمة مقابلة اون لاين من خلال تطبيق meet على Gmail توفر لك دعماً قانونياً عبر الانترنت .
📞 للاستفسار أو الحجز خدمة العملاء: 01006321774
📞 التواصل: احجز موعد مسبق 01006321774 – 01223232529
📍 عنوان المكتب: 13 شارع الخليفه من شارع الهرم بجوار السجل المدني