تغيير الملة وأثره في تحديد الشريعة واجبة التطبيق

تغيير الملة وأثره في تحديد الشريعة واجبة التطبيق

شرط تطبيق الشريعة الخاصة اتحاد الطرفين طائفة وملة وقت رفع الدعوى فاذا اختلفا في ذلك تطبق احكام الشريعة الاسلامية، ولا تثور المشكلة إذا نشأ النزاع بين مختلفي الطائفة والملة منذ قيام العلاقة بينهما وبقائهما على هذا الاختلاف حتى الفصل في النزاع إذ لا جدال في تطبيق احكام الشريعة الاسلامية في هذه الحالة.

تغيير الملة وأثره في تحديد الشريعة واجبة التطبيق

تغيير الملة وأثره في تحديد الشريعة واجبة التطبيق

تغيير الملة هو مصطلح قانوني يشير إلى تغيير الشخص انتماءه الديني ضمن نفس الديانة، مثل انتقال الفرد من طائفة مسيحية إلى أخرى، أو من مذهب إسلامي إلى آخر. في مصر، يعد تغيير الملة موضوعًا معقدًا نظرًا لتداخل القوانين الدينية مع القوانين المدنية، وهو ذو أثر مباشر في تحديد الشريعة واجبة التطبيق في قضايا الأحوال الشخصية.

الإطار القانوني لتغيير الملة في مصر

في مصر، تُنظم الأحوال الشخصية للأفراد غير المسلمين بناءً على قوانين الأحوال الشخصية للطوائف الدينية المختلفة. أما بالنسبة للمسلمين، فإن الشريعة الإسلامية هي المرجعية القانونية. وفيما يلي توضيح للإطار القانوني:

  1. الدستور المصري:

    • تنص المادة الثانية من الدستور على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع.
    • بالنسبة لغير المسلمين، يُطبق قانون الأحوال الشخصية الخاص بطوائفهم الدينية، بشرط وجود قانون موحد لتلك الطائفة.
  2. قانون الأحوال الشخصية:

    • يخضع الأفراد للقوانين التي تنظمها ديانتهم وطائفتهم في مسائل الزواج، الطلاق، الحضانة، والميراث.
    • تغيير الملة يؤثر بشكل مباشر على تطبيق هذه القوانين، إذ يتم تحديد الشريعة واجبة التطبيق بناءً على ملة الشخص المسجلة في الأوراق الرسمية.

أسباب تغيير الملة

  1. أسباب دينية:

    • رغبة الشخص في اتباع طائفة أخرى داخل نفس الديانة.
  2. أسباب قانونية:

    • الهروب من القيود القانونية لطائفة معينة (مثل صعوبة الحصول على الطلاق في الكنيسة الأرثوذكسية).
    • رغبة في تطبيق قواعد قانونية أكثر مرونة.
  3. أسباب شخصية واجتماعية:

    • الزواج من شخص ينتمي إلى طائفة أو ملة مختلفة.
    • قناعات شخصية أو تغيير في الإيمان.

إجراءات تغيير الملة في مصر

  1. التقديم لجهة الاختصاص:

    • يجب تقديم طلب رسمي إلى الجهة الدينية المختصة التي ينتمي إليها الشخص، مثل الكنيسة الأرثوذكسية أو الكاثوليكية.
  2. إصدار شهادة تغيير الملة:

    • بعد الموافقة، تصدر الجهة الدينية شهادة بتغيير الملة، تُستخدم في تعديل البيانات الرسمية.
  3. تحديث البيانات في السجل المدني:
    • يتم تعديل خانة الملة في البطاقة الشخصية أو شهادة الميلاد.

أثر تغيير الملة على الشريعة واجبة التطبيق

  1. في الزواج والطلاق:

    • تغيير الملة قد يُتيح لأحد الطرفين الخضوع لشريعة مختلفة تسمح بالطلاق، خاصة في الطوائف المسيحية التي تُقيد الطلاق بشدة.
    • قد يؤدي تغيير الملة إلى بطلان الزواج إذا كانت الطائفة الجديدة لا تعترف به.
  2. في الميراث:

    • يؤثر تغيير الملة على تطبيق قواعد الميراث في حالة وجود اختلافات بين الطوائف.
    • إذا اعتُبر الشخص مرتدًا عن ديانته، قد تُحرم بعض الطوائف الشخص من الميراث.
  3. في الحضانة:

    • قد يؤدي تغيير الملة إلى تغيير المعايير القانونية لتحديد حق الحضانة.
  4. في القيد الرسمي:

    • تغيير الملة يؤثر على الوثائق الرسمية مثل البطاقة الشخصية وشهادة الميلاد، مما يؤدي إلى تغيير الجهة المختصة التي تُطبق الشريعة على الفرد.

المشاكل القانونية المرتبطة بتغيير الملة

  1. التلاعب القانوني:

    • يلجأ بعض الأشخاص إلى تغيير الملة كوسيلة للحصول على حقوق معينة، مثل الطلاق، وليس عن قناعة دينية.
  2. النزاعات الأسرية:

    • يؤدي تغيير الملة أحيانًا إلى نزاعات بين أفراد الأسرة، خاصة عند تطبيق قواعد جديدة تؤثر على حقوق أحد الأطراف.
  3. التعقيدات الإجرائية:

    • تواجه بعض الحالات صعوبات في الحصول على اعتراف رسمي بتغيير الملة بسبب تعقيدات قانونية أو رفض الجهة الدينية.

الرأي القانوني والديني

  1. الرأي القانوني:

    • يرى بعض القانونيين ضرورة وضع إطار قانوني مُوحد لتغيير الملة لتجنب التلاعب.
    • هناك دعوات لإصلاح قوانين الأحوال الشخصية للطوائف المسيحية لتجنب اللجوء إلى تغيير الملة.
  2. الرأي الديني:

    • تختلف الآراء داخل الطوائف المسيحية حول مشروعية تغيير الملة.
    • يعتبر البعض تغيير الملة تهربًا من الالتزام بتعاليم الطائفة الأصلية.

الحلول المقترحة

  1. إصلاح قوانين الأحوال الشخصية:

    • وضع قانون موحد للطوائف المسيحية لتقليل اللجوء إلى تغيير الملة كحل قانوني.
  2. التوعية القانونية:

    • زيادة الوعي بين المواطنين حول تبعات تغيير الملة والإجراءات المرتبطة بها.
  3. تعزيز الشفافية في الإجراءات:

    • تقليل التعقيدات الإجرائية وتوضيح الخطوات اللازمة لتغيير الملة.

مكتب المستشار محمد منيب المحامى

تغيير الملة قضية معقدة ذات أبعاد قانونية ودينية واجتماعية، تؤثر بشكل مباشر على الشريعة واجبة التطبيق في الأحوال الشخصية.

وبينما يوفر تغيير الملة حلولًا قانونية لبعض الأفراد، فإنه يثير تساؤلات حول التوازن بين الالتزام الديني والاحتياجات القانونية.

لذلك، يتطلب هذا الموضوع إصلاحات شاملة تضمن حقوق الجميع مع احترام الخصوصيات الدينية لكل طائفة.

حكم تغيير الملة أو الطائفة في ظل القانون ٤٦٢ لسنة ١٩٥٥

كان النص في المادة السابعة منه على أنه (لا يؤثر في تطبيق الفقرة الثانية من المادة المتقدمة تغيير الملة أو الطائفة بما يخرج أحد الخصوم عن وحدة طائفية إلى أخرى أثناء سير الدعوى إلا إذا كان التغيير إلى الإسلام فتطبق الفقرة الأولى من المادة السادسة من هذا القانون.

فاذا كان الخصوم متحدي الطائفة والملة وقت رفع الدعوى طبقت شريعتهم والا طبقت الشريعة العامة، وأي تغيير الملة يطرأ بعد نشوء العلاقة الزوجية ينتج أثره طالما كان قبل رفع الدعوى، أما بعد رفع الدعوى أمام القضاء فلا ينتج تغيير الملة ثمة آثار من حيث تحديد الشريعة واجبة التطبيق الا إذا كان تغيير الملة اثناء سير الدعوى كان إلى الاسلام، ففي هذه الحالة ينتج أثره ويعتد به في استبعاد تطبيق الشريعة الخاصة وتطبق الشريعة العامة وهي الشريعة الاسلامية.

وتطبيقاً لذلك قضى بأنه لما كان ذلك. وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده قبل رفع الدعوى. كان ينتمي إلى الطائفة المارونية الكاثوليكية، والطاعنة تنتمي إلى طائفة الأقباط الأرثوذكس. وأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف واثبات طلاق المطعون ضده للطاعنة أمام محكمة أول درجة بجلسة٢٤/٦/٢٠٠٠م على ما أورده بمدوناته من أن الثابت أن المستأنف. المطعون ضده.

قد انضم إلى الطائفة المارونية بتاريخ ٢/٧/١٩٩٨م حتى صدور قرار بفصله من تلك الطائفة بتاريخ ١/٥/٢٠٠٠م لعدم التزامه بقوانين الكنيسة والواجبات الروحية، وأنه بجلسة ٢٤/٦/٢٠٠٠م أوقع يمين الطلاق على المستأنف عليها. الطاعنة، بحضور وكيلها، وهو مختلف الملة والطائفة معها، مما يتعين معه إعمال أحكام الشريعة الاسلامية،،،،

وإثبات طلاقه لها بإرادته المنفردة، فإن هذا الذي خلص إليه الحكم المطعون فيه، ينطوي على مخالفة القانون، ذلك بأنه اعتد بدلالة فصل المطعون ضده من طائفة الموارنة الكاثوليكية، باعتباره أنه أصبح بلا ملة أو طائفة، مختلفاً مع الطاعنة في هذا الشأن، رغم أن هذا الاختلاف جاء بعد إقامة الدعوى الماثلة، ومن ثم فلا أثر له في مراكز الخصوم فيها والقانون الواجب التطبيق عليها. الأمر الذي يعيبه بما يوجب نقضه، لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

(الطعن رقم ٨٦٨ لسنة ۷۲ ق تاريخ الجلسة٥/٢/٢٠٠٧)

كما قضى بأنه إذ كان الثابت أن الطاعنة انضمت إلى طائفة السريان الأرثوذكس بعد أن كانت من طائفة الأقباط الأرثوذكس ولم يعول الحكم المطعون فيه على تغيير الملة لحصوله أثناء سير الدعوى، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه. وأن الشريعة الإسلامية هي القانون العام الواجب التطبيق في مسائل الأحوال الشخصية بالنسبة للمصريين غير المسلمين المختلف الطائفة والملة

وتصدر الأحكام فيها طبقاً لما هو مقرر في المادة ۲۸۰  من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى في قضائه إلى أن الطاعنة والمطعون عليه غير متحدى الطائفة والملة وطبق في شأنهما أحكام الشريعة الإسلامية ولم يعتد ب تغير الملة الحاصل أثناء سير الدعوى فإنه بذلك لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه إذ العبرة باتحاد الطائفة والملة أو اختلافهما وقت رفع الدعوى ما لم يكن التغيير إلى الإسلام

(الطعن ٢٩ لسنة ٣٤ ق جلسة ٣٠ / ٣ / ١٩٦٦ مكتب فني ۱۷ ج ۲ ص ۷۹۲)

وتجدر الإشارة إلى أنه ولان كان تغيير الملة أو الطائفة أمر يتصل بحرية العقيدة إلا أنه عمل إرادي من جانب الجهة الدينية المختصة، ومن ثم فهو لا يتم ولا ينتج أثره إلا بعد الدخول في الملة أو الطائفة الجديدة التي يرغب الشخص في الانتماء إليها بقبول طلب انضمامه إليها وإتمام الطقوس والمظاهر الخارجية الرسمية المتطلبة، مما مقتضاه وجوب أن تكون للطائفة أو الملة،

ويكون للرئاسة الدينية والتي يرغب الشخص في الانضمام إليها سلطة البحث في دوافع وبواعث طلب تغيير الملة أو الطائفة لقبول الانضمام إليها براءة، كما لها سلطة تتبع مدى سلامة هذا الانضمام بعد حصوله، ولها أن تبطله وتعتبره كأن لم يكن متى استبان لها أن الشخص كان عند انضمامه إليها سيئ النية ولم يستهدف من تغير الملة إلا التحايل على القانون .

وقضى في ذلك (بأنه لما كان البين من الأوراق أن الطاعنة قد تمسكت أمام محكمة الموضوع بصورية الشهادة الصادرة من كنيسة الروم الأرثوذكس بالقدس الشريف، وأن المطعون ضده لا زال قبطيا أرثوذكسيا ويتحد معها في الملة والطائفة وأن تلك الشهادة المقدمة لم يهدف منها المطعون ضده سوى التحايل على القانون،

وإذ أغفل الحكم المطعون فيه تناول هذا الدفاع بالرد رغم أنه دفاع جوهري كان من المتعين على المحكمة أن تقول كلمتها فيه، إذ من شأنه تغير وجه الرأي في الدعوى ومن ثم فإنه يكون. فضلا عن مخالفة للقانون. قد شابه القصور في التسبيب مما يتعين معه نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي سببي الطعن.

وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه صادرا بإثبات طلاق ” فيتعين الفصل في الموضوع عملا بالفقرة الثالثة من المادة ٦٣ من القانون رقم 1 لسنة ۲۰۰۰ بشأن تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية وكان الثابت من الأوراق.

على نحو ما سلف. أن المطعون ضده لم يقدم ما يفيد تمام قبول طلب انضمامه إلى طائفة الروم الأرثوذكس من رئاسة هذه الطائفة الكائن وجودها القانوني بمدينة الإسكندرية والمعترف بها من دولة جمهورية مصر العربية والمعتمدة بها فإنه يكون قد أخفق في إثبات ما ادعاه من تمام تغيير الملة أو الطائفه ويضحى والطاعنة متحدي الطائفة والملة ويغدو طلاقه للطاعنة بالإرادة المنفردة عملا بأحكام الشريعة الاسلامية غير قائم على سند من الواقع والقانون بما يتعين معه القضاء في موضوع الاستئناف رقم ١٥٠ لسنة ٥ ق القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى.

(الطعن رقم ٦٤١ لسنة ٧١ ق تاريخ الجلسة ١٦ / ٦ / ٢٠٠٣)

ومن نافلة القول إلى أن النص المذكور وإن كان يقتصر على تغيير الملة أو الطائفة الا انه من باب أولى ينتج أثره إذا كان بـ تغيير الملة اثناء سير الدعوى الى الاسلام، كما لم يرتب النص ثمة أثر على تغيير الملة الى اخرى أثناء سير الدعوى إلا إذا كان التغيير إلى الاسلام.

حكم تغيير الملة أو الطائفة بعد صدور القانون ١ لسنة ٢٠٠٠

لما صدر القانون ١ لسنة ۲۰۰۰ لم يحدد معياراً آخر لـ تغيير الملة أو الطائفة فظل الأمر على حاله كما كانت تنص المادة السابعة من القانون رقم ٤٦٢ لسنة ١٩٥٥ وبقي معيار وقت رفع الدعوى هو الاساس في تحديد القواعد الموضوعية واجبة التطبيق، وتسري كذلك حالة تغير الملة المنصوص عليها في المادة السابعة من ذات القانون المذكور.

تجدر الاشارة الى انه وكما سلف القول إن نص المادة السابعة من القانون رقم ٤٦٢ لسنة ١٩٥٥ وإن كان يقتصر على تغيير الملة أو الطائفة الا انه من باب أولى ينتج أثره إذا كان بـ تغيير الملة اثناء سير الدعوى الى الاسلام، كما لم يرتب النص ثمة أثر على تغير الملة الى اخرى أثناء سير الدعوى، إلا إذا كان التغيير إلى الاسلام

فإن تغيير الملة اثناء سير الدعوى لا يعتد به ولا ينتج ثمة أثر، وتظل الشريعة التي كانت تحكم الخصوم عند رفع الدعوى هي نفسها التي تسري على النزاع حتى بعد تغيير الملة، ما لم يكن التغيير إلى الاسلام، وذلك استناداً الى ان القانون قد اقام قرينة على ان التحول اثناء سير الدعوى قصد به التحايل على تطبيق احكام الشريعة الخاصة والتهرب من تطبيقها وهذه القرينة قاطعة لا تقبل اثبات العكس والتي اقامها القانون على افتراض نية الغش والتحايل على القانون

error: