تطبيقات في مسئولية المحامي نحو موكله في القانون المدني
تُعد مسؤولية المحامي تجاه موكله من أبرز تطبيقات مسؤولية الوكيل في القانون المدني، ويُلزم المحامي ببذل عناية الرجل المعتاد في أداء واجباته المهنية، لا بتحقيق نتيجة. فإذا أخل المحامي بواجباته أو ارتكب خطأ مهنيًا – كإهمال ميعاد الطعن، أو عدم تقديم المستندات الجوهرية، أو عدم حضور الجلسات دون عذر – كان مسؤولًا عن تعويض الضرر الذي أصاب الموكل، ما لم يثبت أن السبب أجنبي لا يد له فيه. وتخضع مسؤولية المحامي للقواعد العامة في المسؤولية العقدية، ويُشترط لقيامها وجود خطأ، وضرر، وعلاقة سببية بينهما، كما لا يجوز الاتفاق على إعفاء المحامي من المسؤولية عن الغش أو الخطأ الجسيم، لأن ذلك يُعد مخالفة للنظام العام.
إستخلاص خطأ المحامي نحو موكله مسألة تقديرية :
استخلاص خطأ المحامي في مواجهـة موكله يُعد من المسائل التقديرية التي تدخل في نطاق سلطة محكمة الموضوع، فهي التي تُقدّر مدى إخلال المحامي بالتزامه ببذل العناية الواجبة، وذلك بحسب ظروف كل دعوى وملابساتها. ويجوز للمحكمة أن تعتبر أن تقصير المحامي – كإغفال تقديم دفاع جوهري، أو عدم مراعاة ميعاد – يمثل خطأً مهنيًا يوجب مسؤوليته، متى ثبت أن المحامي لم يبذل العناية التي يقتضيها واجبه المهني. ولا رقابة لمحكمة النقض على هذا التقدير متى كان سائغًا ومستندًا إلى أسباب مقبولة من الواقع، إذ أن الخطأ المهني لا يُفترض، وإنما يتعين التحقق منه في ضوء طبيعة العمل المتفق عليه، ومقارنته بما يُنتظر من المحامي المعتاد في مثل تلك الظروف.
حالة تعدد الوكلاء
النص القانوني للمادة 707 مدني تنص على :-
(1) إذا تعدد الوكلاء كانوا مسئولين بالتضامن متى كانت الوكالة غير قالبة للانقسام ، أو كان الضرر الذى أصاب الموكل نتيجة خطأ مشترك . على أو الوكلاء ولو كانوا متضامنين لا يسألون عما فعله أحدهم مجاوزاً حدود الوكالة أو متعسفاً فى تنفيذها .
(2) وإذا عين الوكلاء فى عقد واحد دون أن يرخص فى انفرادهم فى العمل ، كان عليهم أن يعملوا مجتمعين إلا إذا كان العمل مما لا يحتاج فيه إلى تبادل الرأي آقبض الدين أو وفائه .
سلطة الوكلاء عند تعددهم في العمل لحساب الموكل :
إذا تعدد الوكلاء للعمل لحساب الموكل، فإن الأصل أن تكون سلطتهم مشتركة، فلا يجوز لأي منهم الانفراد بالتصرف ما لم يكن هناك نص أو اتفاق يخول أحدهم سلطة الانفراد. ويُفترض في هذه الحالة أن يتصرف الوكلاء مجتمعين، وأن يكون عملهم متضافرًا، حماية لمصلحة الموكل ومنعًا من تعارض التصرفات. ومع ذلك، إذا ورد في سند الوكالة نص صريح يجيز لأحد الوكلاء الانفراد بالتصرف، أو إذا كانت طبيعة العمل تقتضي السرعة ولا تحتمل التأخير، جاز لأي منهم مباشرة التصرف منفردًا، على أن يُراعى في جميع الأحوال عدم الإضرار بالموكل. وتخضع هذه المسألة في النهاية لتقدير القاضي بحسب ظروف كل حالة.
جواز إنفراد أحد المحامين الموكلين بالعمل :
إذا وُكِّل عدد من المحامين في الدعوى الواحدة دون أن يُقيّد عملهم بالاشتراك فيما بينهم، جاز لأيٍّ منهم الانفراد بالعمل متى لم يكن في سند التوكيل ما يمنع ذلك، لأن الأصل في تعدد المحامين الموكلين أنهم يملكون سلطة متساوية في تمثيل الموكل، ما لم يُنص على خلاف ذلك صراحة. ويشمل هذا الانفراد مباشرة إجراءات الخصومة، كالحضور أمام المحكمة، أو تقديم المذكرات، أو حتى الطعن في الأحكام، ما دام أن العمل يدخل ضمن حدود الوكالة. أما إذا ورد بالتوكيل اشتراط صريح بوجوب العمل المشترك، فلا يجوز الانفراد، ويكون العمل الصادر من أحدهم وحده غير منتج لآثاره إلا إذا أجازه الموكل أو وافق عليه باقي الوكلاء.
التضامن بين الوكلاء في المسئولية :
إذا تعدد الوكلاء في تنفيذ الوكالة، فلا يُسأل كل منهم عن أعمال غيره إلا إذا ثبت أن الضرر قد نشأ عن فعل مشترك، أو وُجد اتفاق صريح أو ضمني على التضامن بينهم، أو كانت طبيعة العمل تقتضي ذلك. والتضامن بين الوكلاء في المسئولية لا يُفترض، بل يجب النص عليه صراحة في عقد الوكالة أو أن يكون هناك سبب قانوني خاص يبرره، كأن يكون العمل الموكل به لا يتجزأ، أو أن يكون الضرر نتيجة تعاونهم أو تواطئهم. وفي هذه الحالات يُسأل الوكلاء مسؤولية تضامنية أمام الموكل، ويجوز له الرجوع على أيٍّ منهم بجميع التعويض، على أن يكون لمن دفع الحق في الرجوع على الآخرين بنصيبهم في المسئولية.
عدم مسئولية الوكلاء عند تجاوز أحدهم حدود الوكالة أو تعسفه في تنفيذها :
إذا تعدد الوكلاء فإن الأصل أن كل وكيل يُسأل فقط عن الأعمال التي باشرها بنفسه في حدود الوكالة، ولا يسأل عن تصرفات غيره من الوكلاء، خاصة إذا تجاوز أحدهم حدود الوكالة أو تعسف في تنفيذها، ما لم يكن ثمة اتفاق أو نص صريح على التضامن أو إذا ثبت علم باقي الوكلاء بهذا التجاوز أو التعسف وسكوتهم عنه دون اعتراض. وعليه، فإن تجاوز أحد الوكلاء لحدود التوكيل أو تعسفه في تنفيذ ما وُكِّل فيه لا يرتب مسئولية على باقي الوكلاء، طالما لم يشاركوا فيه أو يقرّوه أو يُظهر منهم تقصير في منعه، وهذا تطبيق لمبدأ شخصية المسئولية في الالتزامات.
إنابة الوكيل غيره
النص القانوني للمادة 708 مدني تنص على :-
(1) إذا أناب الوكيل عنه غيره فى تنفيذ الوكالة دون أن يكون مرخصاً له فى ذلك ، كان مسئولا عن عمل النائب كما لو كان هذا العمل قد صدر منه هو ، ويكون الوكيل ونائبه فى هذه الحالة متضامنين فى المسئولية .
(2) أما إذا رخص للوكيل فى إقامة نائب عنه دون أن يعين شخص النائب ، فإن الوكيل لا يكون مسئولا إلا عن خطئه فى اختيار نائبه ، او عن خطئه فيما أصدره له من تعليمات .
(3) ويجوز فى الحالتين السابقتين للموكل ولنائب الوكيل أن يرجع كل منها مباشرة على الآخر.
حالة عدم ترخيص الموكل للوكيل بإنابة غيره :
إذا لم يرخص الموكل للوكيل صراحة أو ضمناً في أن يُنيب غيره في تنفيذ الوكالة، فإن الوكيل لا يجوز له أن يُوكل غيره في تنفيذها، ويُعتبر متجاوزًا حدود سلطته إذا فعل ذلك، وتبقى العلاقة القانونية قائمة بين الموكل والوكيل الأصلي دون أن تنصرف آثار تصرفات النائب الجديد إلى الموكل، إلا إذا أجاز الموكل تلك التصرفات صراحة أو ضمناً. وفي هذه الحالة، يكون الوكيل مسؤولاً عن تصرفات النائب الذي اختاره دون ترخيص، حتى لو لم يُخطئ في اختياره أو في توجيهه، لأن اختياره أصلاً يُعد مخالفًا لما تم الاتفاق عليه، وتترتب عليه المسئولية المدنية الكاملة تجاه الموكل عن أي ضرر ناتج عن تصرفات النائب.
حالة ترخيص الموكل للوكيل بإنابة غيره دون أن يعين شخص النائب :
إذا رخّص الموكل للوكيل في أن يُنيب غيره عنه دون أن يعيّن شخص النائب، كان للوكيل أن يختار من يشاء للقيام بالوكالة، وفي هذه الحالة يُلزم الوكيل بأن يُحسن اختيار النائب، وأن يبذل في ذلك عناية الرجل المعتاد، فإذا أحسن الاختيار، فإن العلاقة القانونية تنتقل بين الموكل والنائب، ويخرج الوكيل من المسئولية عن أعمال النائب، فلا يُسأل إلا إذا أخطأ في اختياره أو في توجيهه أو رقابته له إن اقتضى الأمر ذلك. أما إذا أساء الوكيل الاختيار، أو قصّر في توجيه النائب أو رقابته، فإنه يظل مسؤولاً أمام الموكل عن الضرر الذي ينشأ من ذلك.
حالة ترخيص الموكل للوكيل بإنابة غيره مع تعيين شخص النائب :
إذا رخّص الموكل للوكيل في أن يُنيب غيره عنه، وعيَّن له شخص النائب الذي يباشر الوكالة، فإن الوكيل لا يكون مسؤولًا عن تصرفات هذا النائب، إلا إذا كان يعلم أن هذا الشخص غير أهلٍ لتنفيذ الوكالة أو كان في استطاعته أن يتبيّن ذلك ببذل العناية المعتادة ولم يفعل. ففي هذه الحالة، تنتقل العلاقة القانونية مباشرة بين الموكل والنائب المعيّن، ويُعتبر النائب نائبًا عن الموكل لا عن الوكيل، ويكون الموكل هو المسؤول عن أعماله، ما لم يثبت خطأ الوكيل في القبول بهذا النائب المعيّن رغم عدم صلاحيته.
13 شارع الخليفة من شارع الهرم ناصية فندق الفاندوم، بجوار السجل المدنى، الهرم، الجيزة.
📞 للاستفسار أو الحجز خدمة العملاء: 01006321774