الوكالة الصادرة لمصلحة الوكيل أو الأجنبي في القانون المدني

الوكالة الصادرة لمصلحة الوكيل أو الأجنبي في القانون المدني

تُعد الوكالة الصادرة لمصلحة الوكيل أو الأجنبي من الاستثناءات الهامة على القواعد العامة في القانون المدني، حيث تُمنح فيها الوكالة لا لمجرد تنفيذ إرادة الموكل، بل لتحقيق مصلحة مستقلة تعود على الوكيل نفسه أو على شخص ثالث. وفي هذه الحالة، لا يجوز للموكل عزل الوكيل بإرادته المنفردة، كما لا يجوز للوكيل التنحي عن الوكالة دون رضا صاحب المصلحة، إلا إذا وُجد سبب مشروع. ويُقصد بالمصلحة هنا أن تكون حقيقية ومباشرة، كأن يُعهد إلى الوكيل ببيع شيء واستيفاء ثمنه وفاءً لدين له، أو تنفيذ تصرف لصالح الغير كضمان له. وتُعد هذه الوكالة ملزمة للطرفين، وتحظى بحماية قانونية خاصة، فلا تنتهي بموت الموكل أو الوكيل إذا اقتضت المصلحة استمرارها، ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بخلاف ذلك.

إنتهاء الوكالة بموت الموكل لا يتعلق بالنظام العام :

إنتهاء الوكالة بموت الموكل لا يُعتبر من النظام العام، وبالتالي يجوز للأطراف الاتفاق على استمرار الوكالة بعد الوفاة، متى كانت هناك مصلحة تقتضي ذلك. فالأصل أن تموت الوكالة بموت الموكل باعتبارها قائمة على الاعتبار الشخصي، لكن هذا الحكم ليس آمراً على وجه الإطلاق، بل هو قابل للاتفاق على خلافه. فإذا اتفق الموكل والوكيل صراحة على أن تظل الوكالة سارية بعد وفاة الموكل، فإن هذا الاتفاق يكون صحيحًا وملزمًا، وتظل الوكالة قائمة ويستمر الوكيل في تنفيذها، ويُحتج بها في مواجهة الورثة. وتظهر أهمية هذا الاستثناء في الحالات التي تتعلق بـمصلحة مستمرة أو تصرفات لم تكتمل بعد الوفاة، مما يحقق استقرار المعاملات ويحترم إرادة الأطراف.

موت الوكيل :

يؤدي موت الوكيل إلى انتهاء الوكالة من حيث الأصل، لأن الوكالة تقوم على الثقة والاعتبار الشخصي، وهي عناصر تزول بوفاة الوكيل، فلا يمكن استمرار العلاقة التعاقدية مع ورثته، ما لم يوجد اتفاق يقضي بخلاف ذلك. ولا يحق للورثة الاستمرار في تنفيذ الوكالة إلا إذا كانت الأعمال التي شرع فيها الوكيل قابلة للانفصال عن شخصه، وكان استمرارها ضروريًا ولم تكن تتطلب تدخلًا شخصيًا مباشرًا منه. ومع ذلك، إذا كانت الوكالة صادرة لمصلحة الموكل أو الغير، فقد تستمر نافذة إلى أن يتم تنفيذها، حمايةً للمصلحة المرتبطة بها. ويهدف هذا الحكم إلى ضمان استقرار التصرفات القانونية، ومنع التداخل غير المشروع من ورثة الوكيل في شؤون لا تختص بهم.

إلتزامات ورثه الوكيل :

إذا توفي الوكيل، فإن الوكالة تنقضي من حيث الأصل، إلا أن القانون يُرتب على ورثته بعض الالتزامات المحددة، حرصًا على صيانة مصالح الموكل وعدم الإضرار به. وتتمثل هذه الالتزامات في أن يقوم الورثة، في حدود استطاعتهم وظروفهم، بما يلزم للمحافظة على حقوق الموكل، كتسليم المستندات أو الأموال التي كانت بحوزة الوكيل وقت وفاته، أو إبلاغ الموكل أو ورثته بواقعة الوفاة وتمكينهم من اتخاذ ما يلزم من إجراءات عاجلة. ولا يجوز لورثة الوكيل الاستمرار في تنفيذ الوكالة أو القيام بأي تصرف جديد باسم الموكل، لأن العلاقة التعاقدية قد انتهت، ولا يمتد أثرها إليهم إلا في حدود المحافظة على مصالح الموكل وعدم الإضرار بها، وهو ما يراعي التوازن بين مصلحة الموكل وعدم تحميل الورثة التزامات تتجاوز ما ورثوه فعليًا.

تنظيم قانون المحاماة لإنتهاء وكالة المحامي بموته :

نص قانون المحاماة المصري على أن وكالة المحامي تنتهي بوفاته، شأنها في ذلك شأن أي وكالة تقوم على الاعتبار الشخصي والثقة، نظرًا لخصوصية مهنة المحاماة وارتباطها المباشر بشخص المحامي وخبرته ومهاراته. وعلى هذا، فإن وفاة المحامي تؤدي إلى انقضاء وكالته بقوة القانون، ولا تنتقل إلى ورثته، لأنهم لا يحلون محلّه في مباشرة الدعوى أو الإجراءات، لعدم توافر الصفة أو التأهيل القانوني اللازم. ومع ذلك، تظل آثار الأعمال التي أنجزها المحامي قبل وفاته صحيحة ونافذة، ولا تتأثر بموته، كما يلتزم ورثته عند الاقتضاء برد الأوراق والمستندات والمبالغ التي كانت لديه لصالح موكله، دون أن يكون لهم الحق في الاستمرار في أي إجراء قانوني نيابةً عنه. ويهدف هذا التنظيم إلى حماية حقوق الموكل وضمان حسن سير العدالة.

إنتهاء الوكالة وفقا للقواعد العامة :

تنتهي الوكالة وفقًا للقواعد العامة في القانون المدني بأحد الأسباب التي تؤدي إلى زوال الرابطة التعاقدية بين الموكل والوكيل. ومن هذه الأسباب: إتمام العمل الموكل به، إذ تنقضي الوكالة بمجرد تنفيذ التصرف أو إتمام الغرض الذي وُكل إليه؛ كما تنتهي أيضًا بانتهاء الأجل المحدد لها إذا كانت محددة المدة، أو بموت أحد الطرفين أو بفقده لأهليته، ما لم يُتفق على استمرارها رغم ذلك. كذلك، تنتهي الوكالة بإرادة أحد الطرفين، سواءً بعزل الموكل للوكيل أو بتنحي الوكيل عن مهمته، بشرط ألا يلحق ذلك ضررًا جسيمًا بالطرف الآخر، أو أن تكون الوكالة قد صدرت لمصلحة الوكيل أو الغير، فلا يجوز حينها إلغاؤها إلا برضاه. وهذه القواعد تستند إلى أن الوكالة عقد رضائي يقوم على الثقة، وتزول بزوالها أو بتحقق أسباب الانتهاء التي يقرها القانون.

أسباب إنتهاء الوكالة وفقا للقواعد العامة

(أ) إتمام العمل الموكل فيه :

يُعد إتمام العمل الموكل فيه أحد الأسباب الرئيسية لانتهاء الوكالة وفقًا للقواعد العامة في القانون المدني، إذ أن الوكالة عقد يُبرم لتنفيذ تصرف قانوني محدد أو القيام بعمل معين لصالح الموكل، فإذا قام الوكيل بتنفيذه على الوجه المتفق عليه، زالت الغاية من العقد وانقضت الوكالة تلقائيًا. ويشترط أن يكون العمل قد تم بصورة كاملة ونهائية، فإذا بقي جزء من العمل لم يُنجز، فلا تنتهي الوكالة إلا بعد الانتهاء منه، ما لم يكن القصور بسبب خارج عن إرادة الوكيل. وينصرف هذا الحكم سواء أكانت الوكالة صريحة أو ضمنية، مؤقتة أو غير محددة المدة، ما دامت الغاية منها قد تحققت، إذ لا مبرر لبقاء الرابطة التعاقدية بعد تحقق الهدف منها.

(ب) إنتهاء الأجل المعين للوكالة :

ينتهي عقد الوكالة بانتهاء الأجل المعين لها إذا كانت الوكالة محددة المدة، وذلك وفقًا للقواعد العامة في القانون المدني. فإذا اتفق الطرفان على أن تستمر الوكالة لمدة معينة، فإنها تنقضي بانقضاء هذا الأجل دون حاجة إلى تنبيه أو إجراء إضافي، ما لم يكن هناك اتفاق أو عرف يقضي بخلاف ذلك. ويُستفاد هذا الحكم من الطبيعة الزمنية لبعض الوكالات التي تُعقد لتنفيذ أعمال خلال مدة معينة، فتنتهي تلقائيًا بانتهاء تلك المدة، سواء أتم الوكيل العمل أو لم يتمه، طالما لم يُمدد العقد صراحة أو ضمنًا. ويُراعى في هذا السياق أن استمرار الوكيل في تنفيذ أعمال الموكل بعد انقضاء الأجل، مع علم الموكل وسكوته، قد يُعد تجديدًا ضمنيًا للوكالة.

(جـ) إستحالة التنفيذ :

تُعد استحالة تنفيذ العمل الموكل فيه سببًا من أسباب انتهاء الوكالة وفقًا للقواعد العامة في القانون المدني، إذ أن الوكالة تُبرم لتنفيذ تصرف قانوني أو القيام بعمل محدد، فإذا أصبح تنفيذ هذا العمل مستحيلاً استحالة نهائية بسبب أجنبي لا يد للوكيل فيه، انقضت الوكالة تلقائيًا لانعدام محلها. ومثال ذلك: هلاك الشيء محل التصرف، أو صدور قانون يمنع القيام بالفعل محل الوكالة. ويشترط في هذه الحالة أن تكون الاستحالة مطلقة ودائمة، لا مجرد صعوبة في التنفيذ أو استحالة وقتية. ويترتب على ذلك زوال التزام الوكيل وانتفاء مسؤوليته عن عدم التنفيذ، ما دام لم يرتكب خطأ، كما لا يجوز إلزامه بأي تبعة تعاقدية بعد زوال محل الوكالة.

(د) تغير أهلية الموكل والوكيل :

يُعد تغير أهلية الموكل أو الوكيل من الأسباب التي تؤدي إلى انتهاء الوكالة وفقًا للقواعد العامة في القانون المدني، وذلك إذا ترتب على هذا التغير فقدان الأهلية اللازمة للتصرف القانوني محل الوكالة. فإذا أصيب الموكل أو الوكيل بجنون أو عته أو صدر قرار بالحجر عليه، فإن الوكالة تنقضي بقوة القانون، لأن الأهلية شرط جوهري لقيام العقد واستمراره. ويُشترط أن يكون التغير في الأهلية جوهريًا ومؤثرًا على القدرة القانونية للطرف، لا مجرد نقص طفيف أو عارض. كما تنتهي الوكالة أيضًا إذا فقد الوكيل الأهلية المهنية التي تخوله القيام بالتصرف، كأن يشطب اسم المحامي من الجدول. غير أن الوكالة لا تنقضي بمجرد تغير الأهلية إلا إذا أدى ذلك إلى استحالة مباشرة الوكيل لمهمته أو إلى زوال إرادة الموكل.

(هـ) الإفلاس :

يُعد الإفلاس من الأسباب التي تؤدي إلى انتهاء الوكالة في بعض الحالات وفقًا للقواعد العامة في القانون المدني، وذلك إذا كان من شأنه أن يؤثر على قدرة أحد الطرفين على أداء التزاماته. فإذا أُشهر إفلاس الموكل، فإن الوكالة تنقضي بالنسبة إلى الأعمال المتعلقة بإدارة أمواله المفلسة، لأن هذه الإدارة تنتقل إلى السنديك (أمين التفليسة) وفقًا لأحكام قانون الإفلاس، ولا يجوز للوكيل الاستمرار في تمثيل المفلس في هذه الأمور.
أما إذا أُشهر إفلاس الوكيل، فإن الوكالة تنقضي إذا كان الإفلاس يمنعه من تنفيذ التصرفات الموكل بها، خاصة إذا كانت متعلقة بأموال الغير أو تقتضي الثقة، مثل وكالة تجارية أو مالية، لأن الإفلاس يُضعف هذه الثقة. ومع ذلك، لا تنقضي الوكالة بمجرد الإفلاس إلا إذا أثّر على تنفيذها، أو نص القانون أو الاتفاق على ذلك صراحة.

(و) الفسخ وتحقق الفسخ :

يُعد الفسخ من أسباب انتهاء عقد الوكالة إذا وقع بإرادة أحد الطرفين أو بحكم من القضاء، ويكون ذلك في الحالات التي يخل فيها الطرف الآخر بالتزاماته. فإذا أخلّ الوكيل بالتزاماته الجوهرية، كالتعدي أو التقصير الجسيم في تنفيذ الوكالة، جاز للموكل أن يطلب فسخ العقد. كما يحق للوكيل أيضًا طلب الفسخ إذا أخلّ الموكل بالتزاماته، كأن يمتنع عن دفع الأجر المتفق عليه.

ويتحقق الفسخ إما اتفاقًا بين الطرفين، أو قضاءً بناءً على دعوى ترفع أمام المحكمة، وتُقدَّر فيها جسامة الإخلال. ويترتب على تحقق الفسخ زوال الرابطة العقدية بأثر رجعي، وكأن الوكالة لم تكن، مع احتفاظ الطرف غير المخطئ بحقه في التعويض إن لحقه ضرر.

أحكام تترتب على إنتهاء الوكالة أيا كان سبب أنتهائها :

يترتب على انتهاء الوكالة، أياً كان سبب انتهائها، عدة أحكام قانونية هامة، أبرزها: زوال سلطة الوكيل في تمثيل الموكل، فلا يجوز له بعد ذلك إجراء أي تصرف باسم الموكل أو لحسابه، وإلا اعتُبر فعله باطلاً أو غير نافذ في حق الموكل. كما يلتزم الوكيل برد ما بقي لديه من مستندات أو أموال تخص الموكل، وتسوية الحساب بينهما.

ويظل الوكيل مع ذلك مُلزماً، بعد انتهاء الوكالة، باتخاذ ما تقتضيه الضرورة العاجلة لصالح الموكل، إذا تعذر إخطاره بانتهاء الوكالة في الوقت المناسب، ويستمر هذا الالتزام حتى يبلغ الموكل علمًا بانتهائها أو يُعيّن وكيلًا جديدًا. كذلك، لا يؤثر انتهاء الوكالة على التصرفات السابقة التي تمت صحيحًا أثناء قيامها.

عدم إنتهاء الوكالة بأثر رجعي :

الأصل أن انتهاء الوكالة لا يترتب عليه أثر رجعي، وإنما يقتصر أثره على المستقبل فقط، أي من تاريخ تحقق سبب الانتهاء. فالتصرفات التي قام بها الوكيل باسم الموكل أثناء قيام الوكالة تظل صحيحة ومنتجة لآثارها القانونية، طالما تمت في حدود الوكالة وقبل علمه بانتهائها، ولو كان السبب لاحقًا مثل موت أحد الطرفين أو العزل أو التنحي. ويرجع ذلك إلى أن العقد قد أنشأ مركزًا قانونيًا صحيحًا، لا يجوز المساس به بأثر رجعي حرصًا على استقرار التعاملات وثقة الغير حسن النية. أما ما يقع بعد انتهاء الوكالة، فلا يكون نافذًا في حق الموكل إلا إذا أجازه أو استفاد منه فعليًا.

عدم إنتهاء الوكالة إلا من وقت العلم بسبب إنتهائها :

لا تنتهي الوكالة في مواجهة الغير إلا من وقت علمه بسبب انتهائها، سواء كان هذا السبب هو العزل أو التنحي أو موت أحد الطرفين أو الحجر عليه، وذلك حمايةً لمصلحة التعامل واستقرار المعاملات. فإذا قام الغير بإبرام تصرف مع الوكيل بعد زوال الوكالة، وكان هذا الغير جاهلًا بانتهائها، فإن التصرف يُعد صحيحًا ونافذًا في حق الموكل، متى كان الوكيل قد باشره في حدود سلطته السابقة. فالعبرة في انتهاء آثار الوكالة ليست بمجرد تحقق السبب، بل بتحقق العلم الفعلي به لدى الغير المتعامل مع الوكيل، وذلك تطبيقًا لقاعدة “العلم هو مناط الاحتجاج”.

وجوب إتخاذ الوكيل الإجراءات التحفظية :

يترتب على انتهاء الوكالة التزام الوكيل، رغم زوال صفته التمثيلية، باتخاذ الإجراءات التحفظية التي تقتضيها مصلحة الموكل، إذا كان لا يزال في إمكانه ذلك، وخاصة في الحالات التي يكون فيها الموكل غائبًا أو لم يُبلَّغ بعد بانتهاء الوكالة. ويشمل ذلك مثلًا حفظ الأموال أو المستندات، أو اتخاذ ما يلزم لمنع ضياع حق من حقوق الموكل أو تفويت مصلحة عاجلة له. ويستند هذا الالتزام إلى واجب الوفاء وحسن النية، كما أنه يمثل امتدادًا لواجب العناية المفروض على الوكيل خلال تنفيذ الوكالة، ويظل قائمًا إلى أن يتمكن الموكل أو من يخلفه من تسلم الأمور محل الوكالة.

مكتب محامى مصر محمد منيب المستشار القانونى

✔️ تواصل معنا الآن للحصول على استشارة قانونية مدفوعة!
✔️ ضمان السرعة والدقة في إنجاز معاملاتك القانونية.استشارة قانونية شاملة.حرصا منا على وقت عملائنا من قبل المستشار محمد منيب شخصيا خدمة مقابلة اون لاين من خلال تطبيق meet على Gmail توفر لك دعماً قانونياً عبر الانترنت .

📞 للاستفسار أو الحجز خدمة العملاء: 01006321774

📞 التواصل: احجز موعد مسبق  01006321774  –  01223232529

📍 عنوان المكتب: 13 شارع الخليفه من شارع الهرم بجوار السجل المدني

error: