المحل والسبب في عقد الوكالة في القانون المدني

المحل والسبب في عقد الوكالة في القانون المدني

يشترط لصحة عقد الوكالة في القانون المدني أن يكون له محل مشروع وسبب مشروع. فالمحل هو العمل القانوني الذي يُفوض الوكيل في إجرائه، مثل البيع أو الشراء أو الإيجار أو التقاضي، ويجب أن يكون هذا المحل ممكنًا ومشروعًا ومحددًا أو قابلاً للتحديد، وأن يدخل ضمن الأعمال التي يجوز قانونًا الإنابة فيها. أما السبب، فهو الدافع أو الغرض الذي من أجله تم التوكيل، كالرغبة في تسيير شؤون الموكل أو القيام بأعمال لصالحه. ويُشترط في السبب كذلك أن يكون مشروعًا، فإن كان مخالفًا للنظام العام أو الآداب كالتوكيل في عمل غير مشروع، كانت الوكالة باطلة. وتُعد هذه الشروط من تطبيقات القواعد العامة في العقود، حيث لا يُتصور قيام عقد صحيح إلا إذا توافر له محل وسبب مشروعان، مع احترام ما قد يفرضه القانون من شكليات خاصة ببعض التصرفات التي تُباشر بموجب الوكالة.

المحل في الوكالة :

يتمثل محل عقد الوكالة في العمل القانوني الذي يُكلّف الوكيل بالقيام به نيابة عن الموكل، كإبرام عقد بيع أو إيجار أو رفع دعوى أو قبض دين. ويُشترط في هذا المحل أن يكون ممكنًا، ومشروعًا، ومحددًا أو قابلاً للتحديد، أي أن يكون من الأعمال التي يجوز القيام بها قانونًا، والتي يقبل القانون الإنابة فيها. ويجوز أن يكون محل الوكالة تصرفًا قانونيًا واحدًا، أو مجموعة من التصرفات، كما يمكن أن تكون الوكالة عامة تشمل كل ما يمكن إجراؤه من أعمال، أو خاصة تقتصر على تصرف معين. ويُراعى في ذلك أن بعض التصرفات لا يجوز التوكيل فيها إلا بتفويض خاص، كالإقرار والصلح والتصرف في الحقوق العقارية. وإذا خلا التوكيل من تحديد المحل تحديدًا كافيًا، فلا يُعتد به في بعض الحالات التي تتطلب فيها الوكالة وضوحًا ودقة في الاختصاص، وإلا عُدت الوكالة باطلة أو غير منتجة لأثرها.

تطبيق القواعد العامة :

يُعد عقد الوكالة من العقود الرضائية التي تسري عليها القواعد العامة المنصوص عليها في نظرية العقد في القانون المدني، ما لم يرد بشأنها نص خاص. ومن ثم، تخضع الوكالة لأحكام الرضا والمحل والسبب والأهلية، فيجب أن يكون رضاء الطرفين سليمًا وخاليًا من العيوب كالغلط أو الإكراه أو التدليس، وأن يكون محل الوكالة مشروعًا وممكنًا، وأن يكون سببها مشروعًا أيضًا. كما تُطبق قواعد النيابة في التعاقد على الوكيل، بما يترتب عليها من آثار في حدود سلطاته، والتزاماته نحو الموكل. ويترتب على بطلان أي ركن من هذه الأركان بطلان عقد الوكالة. كذلك، إذا كانت الوكالة تتضمن تصرفًا قانونيًا معينًا يشترط له شكل خاص – كالبيع العقاري – وجب أن تكون الوكالة محررة بالشكل ذاته. وهكذا فإن القواعد العامة تمثل الإطار القانوني الحاكم لعقد الوكالة، ما لم يرد استثناء بنص خاص في بابها.

الشروط الواجب توافرها في محل عقد الوكالة

1- أن يكون التصرف ممكنا :

يشترط في محل عقد الوكالة أن يكون التصرف موضع الوكالة ممكنًا، أي غير مستحيل من الناحية القانونية أو الواقعية وقت التعاقد. فالمستحيل لا يمكن أن يكون محلاً صحيحًا للوكالة، لأن الوكالة تقوم على تنفيذ عمل قانوني لصالح الموكل، فإذا كان تنفيذ هذا العمل غير ممكن، انتفى محل العقد. وتتحقق الاستحالة القانونية إذا كان التصرف محل الوكالة ممنوعًا بنص في القانون، كما لو أوكل شخص غير مالك في بيع عقار لا يجوز التصرف فيه لوجود حظر قانوني عليه. أما الاستحالة الواقعية فتتحقق إذا كان تنفيذ التصرف غير ممكن ماديًا، كمن يوكل غيره في بيع سيارة قد تلفت قبل إنشاء الوكالة. وبالتالي، فإن إمكان التصرف شرط جوهري لصحة محل الوكالة، ويؤدي انتفاؤه إلى بطلان العقد.

2- أن يكون التصرف معينا أو قابلا للتعيين :

من الشروط الجوهرية في محل عقد الوكالة أن يكون التصرف معينًا أو قابلاً للتعيين، أي أن يكون العمل الذي يُكلَّف به الوكيل واضحًا ومحددًا بصورة تزيل الجهالة. فالتحديد يضمن معرفة نطاق سلطة الوكيل، ويحول دون تجاوزه أو تعسفه، ويُمكّن الغير من التحقق من حدود هذه السلطة. ويكون التعيين صريحًا إذا ورد في عقد الوكالة بيان دقيق للتصرف محل الوكالة، كأن يُوكَّل شخص في بيع عقار معين أو في رفع دعوى محددة. كما يكون التعيين ضمنيًا أو قابلاً للتعيين من خلال طبيعة العلاقة أو الظروف المحيطة، كما في الوكالة العامة التي تخوّل الوكيل القيام بجميع التصرفات المعتادة في نوع معين من الأعمال. فإذا كان محل الوكالة مبهمًا أو غير قابل للتحديد، كانت الوكالة باطلة لعدم وجود محل صحيح يمكن تنفيذه أو الرقابة على مدى تنفيذه.

3- أن يكون التصرف مشروعا :

من الشروط الأساسية لصحة محل عقد الوكالة أن يكون التصرف مشروعًا، أي غير مخالف للنظام العام أو الآداب أو نصوص القانون الآمرة. فلا تصح الوكالة إذا كان موضوعها القيام بعمل غير مشروع، كأن يوكّل شخص غيره في التهرب من الضرائب، أو في إخفاء أموال عن دائنيه، أو في بيع مال مسروق أو مغصوب. فمثل هذه الوكالة تكون باطلة بطلانًا مطلقًا لانعدام المحل المشروع، ولا تترتب عليها أي آثار قانونية. ويُعتبر هذا الشرط تطبيقًا عامًا لفكرة مشروعية المحل، التي تسري على كافة العقود المدنية، ويهدف إلى حماية المصلحة العامة وردع التعاملات غير المشروعة تحت ستار العقود الشكلية.

جزاء تخلف شروط  محل الوكالة :

إذا تخلف أحد الشروط الجوهرية الواجب توافرها في محل عقد الوكالة، كأن يكون التصرف غير ممكن، أو غير مشروع، أو غير معين وقابل للتعيين، أو غير قابل للنيابة فيه، فإن الوكالة تكون باطلة بطلانًا مطلقًا. ويترتب على هذا البطلان أن العقد لا ينتج أي أثر قانوني، فلا تلزم الوكالة أطرافها، ولا تترتب عليها مسؤولية قانونية على الموكل أو الوكيل، باستثناء ما قد ينشأ عن الفعل الضار إذا قام الوكيل بتصرف ضار رغم علمه بالبطلان. كما يحق لكل ذي مصلحة التمسك بالبطلان أمام القضاء، ويُحكم به من تلقاء نفس المحكمة. ويُعد هذا الجزاء تطبيقًا مباشرًا للقواعد العامة في العقود المدنية بشأن بطلان التصرف لفقدان أحد أركانه الأساسية، ومنها المحل.

المستشار القانونى محمد منيب

✔️ تواصل معنا الآن للحصول على استشارة قانونية مدفوعة!
✔️ ضمان السرعة والدقة في إنجاز معاملاتك القانونية.استشارة قانونية شاملة.حرصا منا على وقت عملائنا من قبل المستشار محمد منيب شخصيا خدمة مقابلة اون لاين من خلال تطبيق meet على Gmail توفر لك دعماً قانونياً عبر الانترنت .

📞 للاستفسار أو الحجز خدمة العملاء: 01006321774

📞 التواصل: احجز موعد مسبق  01006321774  –  01223232529

📍 عنوان المكتب: 13 شارع الخليفه من شارع الهرم بجوار السجل المدني

error: