الصلح في دعوى صحة التعاقد على حق من الحقوق العينية في القانون المدني
يُعد الصلح في دعوى صحة التعاقد على حق من الحقوق العينية، كالملكية أو الحقوق المتفرعة عنها (كالارتفاق أو الانتفاع)، وسيلة مشروعة لإنهاء النزاع بين الطرفين حول صحة العقد المنشئ لهذا الحق. فإذا ثار نزاع بشأن صحة عقد بيع أو هبة أو قسمة وارد على عقار أو حق عيني، جاز للمتخاصمين أن يبرموا صلحًا يتضمن اعتراف أحدهم بحق الآخر أو تنازله عن جزء من ادعائه، ويتم إثبات هذا الصلح في محضر الجلسة أو في عقد رسمي. ويترتب على هذا الصلح إنهاء النزاع القائم ويكون له ذات أثر الحكم، ما دام قد تم التصديق عليه أو أُثبت في حكم قضائي. ويُراعى أن الصلح في هذا النوع من الدعاوى يجب أن يُحرر في كتابة رسمية إذا تعلق الأمر بنقل أو إنشاء أو تعديل أو إنهاء حق عيني عقاري، وفقًا لما تقضي به المادة 35 مكررًا من قانون تنظيم الشهر العقاري المصري.
التدخل الهجومي في حالة طلب التصديق على الصلح :
التدخل الهجومي هو ذلك الذي يتقدم به الغير في دعوى قائمة بين طرفين، طالبًا الحكم لنفسه بحق يدعيه في مواجهة أحد الخصوم أو كليهما. وفي حالة طلب التصديق على الصلح بين طرفي دعوى، يجوز للغير أن يتدخل تدخلًا هجوميًا إذا كان له مصلحة قانونية في الاعتراض على هذا الصلح، كأن يدعي أن له حقًا في الحق محل النزاع أو أن الصلح يضر بمركزه القانوني. ومتى قُدِّم هذا التدخل، وجب على المحكمة أن تنظر فيه وتفصل أولًا في مدى قبوله، ثم في موضوعه إذا قُبل، قبل أن تفصل في طلب التصديق على الصلح. ويُشترط أن يكون للمتدخل مصلحة جدية ومباشرة، وأن يتم تدخله قبل قفل باب المرافعة، وإلا كان غير مقبول شكلاً.
إعتبار عقد الصلح الذي لم تصدق عليه المحكمة سندا في الدعوى :
عقد الصلح الذي يُبرمه الخصمان خارج مجلس القضاء، ولم تُصدّق عليه المحكمة، لا يفقد قيمته القانونية، بل يُعد سندًا كتابيًا ذا حجية في الإثبات، ويجوز تقديمه أمام المحكمة كدليل على ما تم الاتفاق عليه بين الطرفين. فإذا تمسك أحد الخصوم بهذا العقد في سياق الدعوى، تعيَّن على المحكمة أن تنظر في صحته من حيث توافر شروط الانعقاد، كالرضاء والمحل والسبب، وفي مدى مشروعية بنوده. فإذا تبيّن للمحكمة صحته وعدم مخالفته للنظام العام أو القانون، أمكن أن تُبني عليه حكمًا يُنهي النزاع. ولكن تجدر الإشارة إلى أن هذا الصلح، طالما لم يصدر به حكم أو لم يُوثَّق رسميًا، لا يرقى إلى مرتبة السند التنفيذي، ولا تكون له قوة الإلزام الجبري إلا بعد تصديقه أو تضمينه في حكم.
طبيعة الحكم الصادر من القاضي بالتصديق على الصلح وآثار ذلك :
يُعد الحكم الصادر من القاضي بالتصديق على عقد الصلح حكمًا قضائيًا كاشفًا، لا يُنشئ التزامًا جديدًا وإنما يُقرّ ما اتفق عليه الطرفان مسبقًا، ويضفي عليه الصيغة التنفيذية ويُكسبه قوة السند القضائي. فالقاضي لا يتدخل في تكوين الصلح ذاته، بل يقتصر دوره على التحقق من استيفاء العقد لشروطه القانونية، والتأكد من عدم مخالفته للنظام العام أو الآداب. ويترتب على هذا الحكم عدة آثار قانونية مهمة، أبرزها: انتهاء النزاع محل الصلح بحكم له حجية الأمر المقضي، وعدم جواز إعادة طرحه أمام القضاء من جديد، كما يصبح الصلح قابلاً للتنفيذ الجبري، شأنه شأن الأحكام النهائية، دون حاجة إلى دعوى جديدة. وبذلك يتعزز استقرار المراكز القانونية للأطراف، وتُختصر إجراءات التقاضي.
الحصول على إختصاص بموجب حكم التصديق على الصلح :
الحكم الصادر بالتصديق على عقد الصلح لا يقتصر أثره على إنهاء النزاع فحسب، بل قد يُكسب أحد الخصوم اختصاصًا قانونيًا لم يكن له من قبل، إذا تضمّن الصلح ما يُفيد اعتراف الطرف الآخر بحق معين. فبموجب هذا الحكم، يُعتبر الصلح سندًا قضائيًا يُمكن الاستناد إليه لاكتساب حقوق أو مزايا معينة، كحق الانتفاع أو الاستحقاق أو الحيازة. ويُعد التصديق القضائي على الصلح بمثابة إقرار قضائي صادر عن المحكمة، يمنح الطرف المستفيد منه اختصاصًا قانونيًا يتيح له مباشرة حقوقه استنادًا إلى حكم قضائي نهائي، له حجية الأمر المقضي به وقابل للتنفيذ الجبري، مما يُعزز مركزه القانوني ويمنحه الحماية القضائية اللازمة.
الرسوم المستحقة في حالة التصديق على الصلح :
عند التصديق على عقد الصلح أمام المحكمة، تُفرض رسوم قضائية تختلف بحسب طبيعة النزاع وقيمته. فإذا تم الصلح أثناء سير الدعوى، فإن الرسم يُحتسب عادة على أساس ما تم الاتفاق عليه بين الخصوم، ويُعامل الصلح كحكم نهائي من حيث الرسوم المستحقة عليه. أما إذا تم تقديم عقد الصلح للمحكمة ابتداءً للتصديق عليه دون وجود دعوى قائمة، فتُفرض رسوم نسبية باعتباره طلبًا قضائيًا مستقلًا. ويُراعى في تقدير الرسم ما إذا كان الصلح منصبًّا على حقوق مالية محددة أم غير مالية، حيث تُطبق القواعد العامة الواردة بقانون الرسوم القضائية. وتجدر الإشارة إلى أن الصلح يُعد سببًا في إنهاء النزاع وتوفير النفقات، لذا فقد يُعفى أحد الطرفين من الرسم باتفاق خاص، أو تلزم المحكمة أحدهما بها وفقًا لظروف النزاع واتفاق الصلح المبرم.
إثبات عقد الصلح
اولا : في ظل التقنين المدني الجديد :
تنص المادة ٥٥٢ مدنى على أن : “ لا يثبت الصلح إلا بالكتابة أو محضر رسمی ” .
والمقصود بالكتابة هنا أى كتابة ولو كانت عرفية والمقصود ” بمحضر رسمي” هو محضر الصلح الذي يقدمه الخصوم للقاضي فيقوم بالتصديق عليه وإلحاقه بمحضر الجلسة.
وكان النص كما ورد فى المادة ٧٤١ من المشروع التمهيدي خلوا من عبارة ” أو محضر رسمى إلا أن هذه العبارة أضيفت إلى المادة في الجنة القانون المدنى لأن اشتراط الكتابة فى إثبات الصلح يوهم بوجوب صدور الكتابة من الطرفين مع أن الصلح يثبت في محضر رسمى أمام القاضي.
وجاء بتقرير اللجنة : ” أضيفت إلى المادة عبارة ” أو بمحضر رسمي” لأن الصلح يقع أحيانا في المحاكم ويثبت في محاضرها .
ثانيا : في ظل القانون المدني القديم :
لم يرد نص فى القانون المدنى القديم خاصا بإثبات الصلح . ولذلك كانت تطبق القواعد العامة فى الإثبات فيجوز إثباته بالبيئة إذا لم تتجاوز قيمته عشرة جنيهات .
غير أن المحاكم المختلطة ألزمت نفسها بنص الفقرة الثانية من المادة ٢٠٤٤ من القانون المدنى الفرنسي التي أوجبت أن يحرر عقد الصلحبالكتابة ، واقتضت إثبات عقد الصلح بالكتابة أيا كانت قيمته ، بل كانت هذه المحاكم أشد غلوا فى تفسير النص المذكور من المحاكم الفرنسية نفسها ، فلم تجز الإثبات بالبينة عند وجود مبدأ ثبوت بالكتابة.
محامى مصر محمد منيب المحامى ماجستير القانون الدولى
خبرة 20 سنة – ماجستر القانون الدولى – معادلة ماجستير الشريعة الاسلامية – دراسات عليا القانون الخاص
✔️ تواصل معنا الآن للحصول على استشارة قانونية مدفوعة!
✔️ ضمان السرعة والدقة في إنجاز معاملاتك القانونية.
استشارة قانونية شاملة.حرصا منا على وقت عملائنا من قبل المستشار محمد منيب شخصيا خدمة مقابلة اون لاين من خلال تطبيق meet على Gmail توفر لك دعماً قانونياً عبر الانترنت .
📞 للاستفسار أو الحجز خدمة العملاء: 01006321774
📞 التواصل: احجز موعد مسبق 01006321774 – 01223232529
📍 عنوان المكتب: 13 شارع الخليفه من شارع الهرم بجوار السجل المدني