الدفوع المتفرعة عن قيد الإذن : دراسة تحليلية شاملة

الدفوع المتفرعة عن قيد الإذن : دراسة تحليلية شاملة

الدفوع المتفرعة عن قيد الإذن: دراسة تحليلية شاملة

تُعد الدفوع المتفرعة عن قيد الإذن من الدفوع الإجرائية الدقيقة التي ترتبط بسلامة الإجراءات القانونية في مرحلة التحقيق أو الاستدلال، خاصة في الجرائم التي يشترط فيها القانون صدور إذن من جهة مختصة قبل اتخاذ إجراء معين مثل التفتيش، أو التسجيل، أو القبض في غير حالات التلبس، أو رفع الدعوى في الجرائم المقيدة بشكوى أو طلب أو إذن.

ويمثل هذا النوع من الدفوع خط دفاع مهم يُمكن أن يترتب عليه بطلان الإجراءات أو عدم قبول الدعوى، إذا ثبت أن الإذن غير صحيح أو جاء مخالفًا لما تتطلبه النصوص القانونية.

 مفهوم قيد الإذن وأساسه القانوني

قيد الإذن هو شرط إجرائي وضعه المشرّع ليحدّ من سلطة جهات التحقيق أو الضبط، فلا يجوز اتخاذ إجراء معين إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من جهة مختصة كالنيابة العامة أو من المجني عليه أو من جهة إدارية معينة.

والمشرع وضع قيد الإذن لتحقيق غرضين رئيسيين:

  1. حماية الحقوق والحريات الفردية من التعسف أو إساءة استعمال السلطة.

  2. ضمان جدّية الاتهام قبل المساس بالحرية أو الخصوصية أو الدخول في إجراءات تحقيق جذرية.

وبناء عليه، فإن أي مخالفة لقيد الإذن تجعل الإجراء مشوبًا بالبطلان، ما يفتح الطريق للدفوع المتفرعة عن هذا القيد.

 ما المقصود بالدفوع المتفرعة عن قيد الإذن؟

الدفوع المتفرعة عن قيد الإذن هي دفوع قانونية يثيرها المتهم أو دفاعه للطعن في سلامة الإجراءات التي اشترط القانون فيها الحصول على إذن مسبق، وذلك عندما يكون الإذن:

  • غير صادر أصلًا،

  • أو صادر من جهة غير مختصة،

  • أو صادر بناء على تحريات غير جدّية،

  • أو صدر بعد اتخاذ الإجراء وليس قبله،

  • أو صدر بناءً على وقائع غير صحيحة،

  • أو تجاوز الإذن نطاقه أو مدته أو موضوعه.

وفي كل حالة من الحالات السابقة، يتولد للمتهم حق في الدفع ببطلان الإجراء وما ترتب عليه من أدلة أو أحكام.

 الأساس القانوني للدفوع المتفرعة عن قيد الإذن

ترتكز هذه الدفوع على ثلاثة مبادئ جوهرية في القانون:

1) مبدأ المشروعية

لا يجوز اتخاذ أي إجراء إلا وفقًا للقانون، وإلا كان باطلًا.

2) مبدأ أن الإذن استثناء يجب الالتزام بشروطه

الإذن ليس قاعدة عامة، بل هو استثناء من الحظر، لذلك يجب تطبيقه بدقة.

3) جزاء مخالفة الإجراء هو البطلان

متى كان الإجراء متعلقًا بالنظام العام أو مرتبطًا بحقوق أساسية، فإن مخالفته تُبطل الإجراء.

 صور وأمثلة للدفوع المتفرعة عن قيد الإذن

١- الدفع ببطلان الإجراء لعدم صدور الإذن أصلًا

وهو أكثر الدفوع شيوعًا، ويثور عندما:

  • تقوم الشرطة بالتفتيش دون إذن

  • يتم تسجيل محادثات دون إذن

  • يتم القبض على شخص في غير حالات التلبس دون إذن

في مثل هذه الحالات يحكم ببطلان الإجراء لانعدامه.

٢- الدفع ببطلان الإذن لصدوره من جهة غير مختصة

الإذن يجب أن يصدر من جهة مختصة قانونًا مثل:

  • النيابة العامة في الجرائم العادية

  • النائب العام أو المحامي العام في الجرائم الخاصة

  • الوزير أو رئيس المؤسسة في الجرائم المقيدة بطلب أو إذن

إذا صدر الإذن من موظف غير مؤهل، كان الإذن باطلًا.

٣- الدفع ببطلان الإذن لانعدام أو عدم جدية التحريات

القضاء استقر على أن الإذن يجب أن يكون مبنيًا على تحريات جدّية، فإذا كانت التحريات:

  • سطحية

  • غير دقيقة

  • خالية من التحديد

  • قائمة على الظن فقط

فإن الإذن الصادر بناء عليها يكون باطلًا.

٤- الدفع ببطلان الإذن لصدوره بعد الإجراء وليس قبله

إذا قامت الشرطة بإجراء قبل الحصول على الإذن ثم استصدرت إذنًا لاحقًا لتغطيته، فإن الإذن يكون عديم الأثر.

٥- الدفع ببطلان الإذن لمجاوزته نطاقه القانوني

النطاق يشمل:

  • الزمان (مدة الإذن)

  • المكان (مكان التفتيش)

  • الأشخاص المشمولين

  • الهدف من الإجراء

إذا تجاوز القائم بالإجراء حدود الإذن، كان ما قام به باطلًا.

 آثار قبول الدفوع المتفرعة عن قيد الإذن

عندما تقبل المحكمة أحد هذه الدفوع، يترتب على ذلك:

١- بطلان الإجراء محل الإذن

مثل: بطلان التفتيش أو التسجيل.

٢- بطلان الأدلة التي نتجت عنه

لأنها وليدة إجراء باطل.

٣- قد يؤدي إلى براءة المتهم

إذا لم يتبق دليل مشروع في الدعوى.

٤- عدم جواز إعادة الإجراء بعد بطلانه

خاصة إذا كان متعلقًا بإذن موقوت أو نصي بطبيعته.

 العلاقة بين الدفوع المتفرعة عن قيد الإذن والدفع ببطلان الأدلة

عندما يُقبل الدفع ببطلان الإجراء بسبب الإذن، ينتقل القانون تلقائيًا إلى الدفع التالي وهو بطلان الدليل المستمد من الإجراء.

مثلًا:

  • إذا بطل تفتيش المنزل لعدم صدور إذن، تبطل كل المضبوطات.

  • إذا بطل تسجيل المكالمات، تبطل التسجيلات المستخرجة منه.

هذا الارتباط يعد جزءًا من حماية الحقوق الدستورية.

 الفرق بين الدفوع المتعلقة بقيد الإذن والدفوع المتعلقة بالشكوى أو الطلب

من المهم عدم الخلط بين:

قيد الإذن

يخص إجراءات مثل التفتيش أو التسجيل.

قيد الشكوى أو الطلب

يخص رفع الدعوى أو تحريكها.

وكلاهما يؤدي إلى البطلان، لكن طبيعة البطلان تختلف.

اجتهادات قضائية تدعم الدفوع المتفرعة عن قيد الإذن

القضاء المصري – خاصة محكمة النقض – أكّد في العديد من أحكامه:

  • ضرورة جدّية التحريات

  • ضرورة صدور الإذن من سلطة مختصة

  • أن الإذن يجب أن يكون سابقًا للإجراء

  • بطلان الأدلة الناتجة عن الإذن الباطل

  • وجوب تسبيب الإذن بشكل يسمح بالرقابة القضائية

وهذه المبادئ تعطي الدفاع قوة إضافية عند إثارة الدفع.

 أهمية هذا الدفع في حماية المتهم وضمان العدالة

تكمن أهمية الدفوع المتفرعة عن قيد الإذن في أنها وسيلة حقيقية لضمان:

  • احترام القانون

  • حماية الحياة الخاصة

  • منع تعسف السلطة

  • تأكيد جدّية الاتهام

  • تحقيق توازن بين مصلحة المجتمع وحرية الفرد

فهي ليست مجرد حيلة قانونية، بل ضمانة إجرائية أساسية.

 أهم النصائح عند صياغة الدفع المتفرع عن قيد الإذن

عند كتابة الدفع، يجب التركيز على:

  1. تحديد النص القانوني الذي يفرض الإذن.

  2. بيان مخالفة الإذن أو عدم وجوده.

  3. إيضاح أثر المخالفة على الإجراء.

  4. طلب بطلان الإجراء وما ترتب عليه.

  5. الاستناد إلى أحكام النقض الداعمة.

كل هذه الخطوات تجعل الدفع قويًا ومقبولًا أمام المحكمة.

الخاتمة الدفوع المتفرعة عن قيد الإذن: دراسة تحليلية شاملة

تُعد الدفوع المتفرعة عن قيد الإذن من أقوى الدفوع الإجرائية التي يمكن أن تغير مسار الدعوى بالكامل، لأنها ترتبط مباشرة بمشروعية الإجراء الذي بنيت عليه الدعوى، كما تُعد ضمانة أساسية لحماية الحقوق الدستورية والحريات الفردية، ولضمان التزام جهات التحقيق بالحدود القانونية.

حالات الإذن في النظام الإجرائي المصري : دراسة قانونية شاملة

المحامي المتمرس في القضايا الجنائية والإجرائية – محمد منيب

يبرز المحامي المتمرس في القضايا الجنائية والإجرائية – محمد منيب كأحد أهم الأسماء التي أثبتت جدارتها في ميدان الدفاع عن المتهمين وإدارة أخطر الملفات بحرفية قانونية نادرة.

فبفضل رؤيته التحليلية الدقيقة، وقدرته على تحويل الثغرات الإجرائية إلى مفاتيح للبراءة، أصبح محمد منيب الخيار الأمثل لكل من يواجه قضية جنائية تحتاج إلى عقل قانوني استثنائي.

ويعتمد محمد منيب في استراتيجية عمله على دمج خبرة السنين بأحدث أساليب البحث القانوني، مما يمنحه تفوقًا واضحًا عند إعداد المذكرات وصياغة الدفوع القادرة على قلب موازين الدعوى.

فإذا كنت تبحث عن محامٍ يتمتع بالثقة، والكفاءة، والقدرة على حماية حقوقك في كل مرحلة من مراحل التقاضي، فإن محمد منيب هو الاسم الذي يستحق أن ترسخ عليه اختيارك دون تردد.

مكتب المستشار / محمد منيب المحامي في الهرم

error: