التفرقة بين القضاء الوقتي والقضاء المستعجل
التفرقة بين القضاء الوقتي والقضاء المستعجل
أن سلطة قاضي الأمور الوقتية في إصدار أوامر على العرائض تتشابه مع سلطة قاضي الأمور المستعجلة،
ووجه المشابهة هو أن كلا منهما يأمر في النهاية بإجراء وقتي أو تحفظي، غير أن اختصاص كل منهما يختلف عن اختصاص الآخر اختلافا جوهريا،
فسلطة قاضي الأمور الوقتية هي سلطة ولائية، أما سلطة قاضي الأمور المستعجلة فهي سلطة قضائية،
التفرقة بين القضاء الوقتي والقضاء المستعجل
والقرار الصادر من القاضي الوقتي يسمى (أمراً) أما قرار القاضي المستعجل فهو (حكم) ويجب تسبيبه.
كما يلاحظ أيضاً أن قاضي الأمور الوقتية في المحكمة الابتدائية هو رئيسها، أما القاضي المستعجل فهو قاض جزئي.
اختلاف اجراءات القضاء الوقتى عن القضاء المستعجل
كذلك تختلف الإجراءات في الحالتين:
فالقاضي الوقتي ينظر الطلب المقدم إليه في خلوته دون سماع أقوال أحد من الخصوم وفي غير حضورهم
أما القاضي المستعجل فإن النزاع يرفع إليه على هيئة دعوى، تعلن عريضتها إلى الخصم، وينظرها القاضي في جلسة علنية يحضر فيها الخصوم ويبدون دفاعهم، ويجابه كل منهم الآخر بمستنداته وأسانيده-
أو على الأقل تهيأ لهم الوسيلة للحضور، وإبداء دفاعهم ومناقشة دفاع خصومهم.
سلطة القاضي الوقتي
سلطة القاضي الوقتي إنما ترجع في الواقع إلى أن الإجراء الذي يطلب منه يقتضى المباغتة بطبيعته
وإلا لفات الفرض منه. فهذا هو جوهر عمل القاضي الوقتي: إصدار أوامر في حالات تقتضي بطبيعتها المباغتة.
سلطة القاضي المستعجل
القاضي المستعجل لا يستطيع أن يتعرض لأصل الحق ولا يملك الحكم إلا بإجراء وقتي أو تحفظي، ولكنه لا يكون مختصاً إلا إذا كانت هناك منازعة قائمة فعلا،
يصدق عليها وصف الاستعجال، بمعنى أن يخشى عليها من فوات الوقت، وهو حين يجلس لفض هذه المنازعة، فإنما يفعل ذلك بصفته قاضياً يمارس سلطته القضائية.
فاختصاص القاضي المستعجل يختلف إذن اختلافاً بيناً عن اختصاص قاضي الأمور الوقتية من جملة وجوه، أهمها أن ما يقرره كل منهما يصدر عن سلطة تختلف عن السلطة التي يصدر عنها قرار الآخر، ولهذا لا يجوز أن يصدر القاضي المستعجل أمراً على عريضة، ولا أن يصدر قاضي الأمور الوقتية حكما في منازعة مستعجلة.
انواع الاختصاص القضائى
ويخلص مما تقدم أن ثمة نوعين من الاختصاص
أولهما: الاختصاص القضائي، أي الاختصاص بفض المنازعات وتقرير الحقوق وإلزام المدين أو المعتدي بأدائها لأربابها.
وثانيهما: الاختصاص الولائي، أي الاختصاص بإصدار الأوامر، على أساس أن القاضي هو أحد الولاة، وله- بهذه الصفة- حق الأمر، الذي يقابله- من جانب الأفراد- واجب الطاعة
والقاضي حين يمارس هذا الاختصاص إنما يعدل أمور الناس ويديرها ويأمر باتخاذ التدابير أو إجراءات الضبط،
التي يراها كفيلة بصيانة مصالحهم واحترام أوضاعهم وتأمين مراكزهم- لا على أساس تطبيق نصوص محددة في القانون بالنسبة لكل حالة
وإنما على أساس الملاءمة وتقدير الظروف القائمة، إلى أن يعرض النزاع على القضاء الموضوعي فيحسمه بتقرير الحق لصاحبه وإلزام خصمه بأدائه إليه نزولا على حكم القانون.
الصفة الوقتية للأوامر الولائية
وقد يكون من الخير أن نكرر الإشارة أخيراً إلى أن الأوامر التي تصدر من القاضي بناء على سلطته الولائية لا يمكن أن تكون لها إلا صفه وقتية نظراً لأنها لا تستهدف حسم الخصومة أو تقرير الحق، ولا تعدو أن تكون إجراء من إجراء من إجراءات الضبط أو الأمن التي يتخذها الحكام إلى أن يتسنى البت في موضوع النزاع- فالوقتية هنا مردها إلى سبب وجود الأوامر وإلى الغاية أو الهدف منها.
ومن ثم فإن القاضي بإصدارها لا يستنفد سلطته- وهذه نتيجة هامة للصفة الوقتية للأوامر
فيجوز أن يعرض النزاع عليه فيفصل في موضوعه برأي يخالف الأمر الذي أصدره على العريضة
ولا يعتبر ذلك مناقضة منه لرأيه لأن قضاءه بالنسبة للعريضة وقتي.
ويكون للقاضي كذلك الحق في العدول عن الأمر إذا ما تبين أنه قد أصدره على أساس معلومات خاطئة أدلى
بها من تقدم إليه بطلب الأمر- أو تغيرت الظروف التي أدت إلى إصدار الأمر- ولذلك يجوز للقاضي الذي أصدر
الأمر أن يلغيه إذا ما رفع إليه تظلم وتبين أحقية المتظلم.
فالأوامر إذن –على خلاف الأحكام- لا تحوز حجية الأمر المقضي.
مقارنة بين الأوامر على العرائض وأوامر الأداء
من حيث الطبيعة والجوهر
يوجد خلاف أساسي بين أوامر الأداء والأوامر على العرائض فإن القاضي في الأوامر على العرائض يصدر عن سلطته الولائية، أما أوامر الأداء، فإنها تستند إلى سلطته القضائية لأنها لا تقرر إجراء وقياً وإنما تتضمن إثبات الحق لأحد الخصمين، وإلزام الآخر بأدائه. فهي إذن تحسم الخصومة وتتناول موضوع الحق وتشمل على عنصري الحكم القاضي وهما التقرير والإلزام.
ولهذا فإن أمر الأداء يعتبر في حقيقته حكماً قضائياً وإن كانت إجراءاته تشبه إجراءات الأوامر على العرائض لتقديمها على القضاء بطريق العريضة وصدورها في غيبة الخصوم ومن غير تسبيب ودون إعلان المدعي عليه أو إطلاعه على مستندات خصمه وتمكينه من مناقشة ادعاءاته.
كل ذلك لا يغير من طبيعة أوامر الأداء وهي أنها في حقيقتها أحكام قضائية تحسم النزاع وتقرر الحق وتلزم المدين بأدائه.
من حيث التكليف بالوفاء
يتميز نظام أوامر الأداء عن الأوامر على العرائض بأنه يجب أن يسبق استصدار أمر الأداء تكليف المدين بالوفاء بميعاد خمسة أيام وذلك لتنبيه المدين على الأجراء الذي سيتخذه ضده.
أما الأوامر على العرائض فلا يشترط أن يسبقها شيء من ذلك وهذا راجع إلى ما أسلفناه من اختلاف الأمرين في الطبيعة لأن إلزام الشخص بالدين يقتضي سبق إعذاره، أما الأوامر على العرائض فإن طبيعتها تقتضي المفاجأة أو المباغتة.
من حيث الاختصاص
يختلف النظامان في أن الأوامر على العرائض يختص بها قاضي الأمور الوقتية، أما أوامر الأداء فقد يختص بها قاض آخر. فالمختص بها إذن ليس هو بالضرورة قاضي الأمور الوقتية.
وقد لا يتضح هذا الفرق بالنسبة لأوامر الأداء التي تصدر من المحكمة الجزئية لأن الذي يصدرها هو قاضي المحكمة الجزئية وهو في نفس الوقت قاضي الأمور الوقتية فيها.
أما في أوامر الأداء التي تصدر من المحاكم الابتدائية- لأن قيمتها تزيد على ۲۵۰ جنيها- فإنها تصدر من أحد القضاة أو من رئيس إحدى الدوائر بالمحكمة الابتدائية وليس من رئيس تلك المحكمة. ولذلك فإن المشرع يحرص على التعبير على قاضي الأداءات بقوله: “القاضي المختص بإصدار أوامر الأداء”.
“ولو كان هذا القاضي هو قاضي الأمور الوقتية، فما كان أيسر على المشرع من التعبير عنه ببساطة بكلمة “قاضي الأمور الوقتية” (ونحن نعلم أن قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة الابتدائية هو رئيسها أو من يقوم مقامه). وإنما يسند إلى بعض قضاة المحكمة عند توزيع العمل عليهم في بداية العام بمعرفة الجمعية العمومية للمحكمة” مهمة النظر في طلبات أوامر الأداء وإصدار تلك الأوامر.
من حيث موعد إصدارها
تصدر الأوامر على العرائض في اليوم التالي على الأكثر من تقديمها. أما أوامر الأداء فقد حدد المشرع لإصدارها موعداً هو (۳) أيام من تاريخ تقديم الطلب، ومع أن كلا من الميعادين تنظيمي لأجزاء عليه، إلا أن المغايرة بين الميعادين مقصودة في التشريع لبيان الفرق بين هذين النوعين من الأوامر، وحتى لا تختلط أوامر العرائض بأوامر الأداء.
من حيث سلطة القاضي في رفض الطلب
يختلف هذان النوعان أيضا في أن القاضي يملك بالنسبة للأوامر على العرائض أن يصدر الأمر المطلوب أو أن يرفض إصداره ببساطة.
أما في حالة أوامر الأداء، فإنه إذا رأى ألا يجيب الطالب إلى كل طلباته لا يملك أن يرفض أمر الأداء مقتصراً على الرفض، وإنما يكون عليه أن يقرن الرفض بتحديد جلسة لنظر الدعوى أمام المحكمة مع تكليف الطالب بإعلان خصمه إليها. فإذا رفض دون تحديد جلسة جاز الرجوع إليه بطلب تحديد جلسة لنظر الموضوع على أساس استدراك ماسها عنه.
من حيث طرق الطعن
وطرق الطعن في النوعين تختلف، ففي خصوص الأوامر على العرائض نجد أن طريق الطعن الوحيد فيها هو التظلم فيها إلى القاضي الآمر أو المحكمة المختصة أو المحكمة التي تنظر الدعوى الأصلية.
والتظلم من الأوامر على العرائض ليس له ميعاد.
أما أوامر الأداء فطريق الطعن فيها هو أولا المعارضة (التي سماها المشرع باسم “التظلم”) وميعاد هذا التظلم عشرة أيام من تاريخ إعلان أمر الأداء للمدين فهو في هذا يختلف عن التظلم من الأوامر على العرائض في أن له ميعاداً محدداً وأن قواعد المعارضة تنطبق عليه مما يجعل وصفه بأنه تظلم مجرد تسمية لا تغير من طبيعته القانونية وهي أنه في حقيقته معارضة.
كما أن أوامر الأداء يمكن الطعن فيها بطريق آخر وهو الاستئناف، إذ أنه في حالة عدم حصول معارضة (تظلم) من أمر الأداء يمكن أن يستأنف أمر الأداء نفسه استئنافا مباشراً. وإذا رفع الظلم واعتبر كأن لم يكن فإن من صدر ضده أمر الأداء يملك أن يستأنف الأمر كما يستأنف الحكم قضائياً.
من حيث نفاذ الأوامر على العرائض وأوامر الأداء
فالأوامر على العرائض تعتبر نافذة نفاذاً معجلا بقوة القانون بمعنى أنه يمكن لمن
صدر لصالحه الأمر على العريضة أن ينفذه فوراً رغم التظلم منه ودون انتظار لأن التظلم
من الأوامر على العرائض لا ميعاد له فلا يمكن انتظار فوات موعد غير موجود وإلا لانتظرنا إلى أجل غير مسمى.
كما أن لا حاجة لأن يشمل القاضي أمره على العريضة بالنفاذ لأن النفاذ مستمد هنا من
نص القانون، إما أمر الأداء فقد يشمل بالنفاذ المعجل. ولكن يجب على كل حال أن يذكر
في أمر الأداء أنه مشمول بالنفاذ أو غير مشمول به. (انظر المادة ۲۰۹)
فإن لم يذكر فيه ذلك فلا يمكن تنفيذه، إلا إذا كان صادراً في مادة تجارية فينفذ بقوة القانون
ولكن بشرط الكفالة (المادة ۲۸۹ والمادة ۲۰۹ معاً
ويمكن أن نلخص ذلك في كلمة واحدة وهي أن الأمر على العريضة لا يحتاج في تنفيذه إلى
أن ينص القاضي فيه على نفاذه وذلك لأن القانون نفسه هو الذي يأمر بتنفيذه.
أما أمر الأداء فلا يمكن تنفيذه إلا إذا نص القاضي فيه على صلاحيته للتنفيذ وهو لا ينص على ذلك
إلا إذا كان القانون يجيز له أن يشمل الأمر بالنفاذ أو يوجب ذلك عليه. أو ينفذ أمر الأداء حتما
إذا كان القانون ينص على ذلك كما في حالة المواد التجارية.
من حيث سقوط أوامر الأداء والأوامر على العرائض
يختلف النوعان من حيث سقوطهما لأن الأمر على العريضة يسقط إذا لم يقدم للتنفيذ في ظرف ۳۰ يوما من تاريخ صدوره (مادة ۲۰۰ مرافعات
أما أمر الأداء فيسقط إذا لم يعلن المدين خلال (۳) شهور (مادة ۲۰۵
ويتبين من ذلك أن المانع من السقوط في الحالين يختلف فهو في الأوامر على العرائض تنفيذها
أو تقديمها للتنفيذ (على الأقل) فتنفيذ الأمر على عريضة أو الشروع في تنفيذه خلال ۳۰ يوما هو الذي يمنع سقوطه.
أما أوامر الأداء فإن استقرارها ليس رهيناً بتنفيذها بل بإعلانها. فالذي يمنع سقوط أمر الأداء هو إعلانه.
وليس للتنفيذ أثر في ذاته لأن أمر الأداء لو نفذ دون إعلان يسقط مع ذلك بعد (۳) أشهر من ت
اريخ صدوره ولا يغني تنفيذه عن إعلانه بل ويكون تنفيذه باطلا لعدم إعلانه قبل التنفيذ.
ولو أعلن دون تنفيذ فإنه يستقر لمدة ۱۵ سنة، ويغني إعلانه عن تنفيذه في هذا المقام.
كذلك تختلف مدة تحقق الواقعة المانعة من السقوط فهي في الأوامر على العرائض ۳۰ يوما (للتنفيذ)
وفي أوامر الأداء ۳ شهور (للإعلان) وهذا فارق ضخم بين أوامر الأداء والأوامر على العرائض.
كما لك التواصل معنا لحجز موعد الاستشارة المستشار محمد منيب المحامي
لتواصل اضغط هنا: 01006321774
وللواتساب اضغط هنا 01223232529
كما تتابعنا على صفحتنا على الفيس بوك
ملحوظة هامة : الإستشارة القانونية مع المستشار محمد منيب بتحديد موعد مسبق