إنتهاء الوديعة في القانون المدني
تنتهي الوديعة في القانون المدني بعدة أسباب، أهمها انتهاء الأجل المتفق عليه إذا كانت الوديعة لمدة محددة، أو بطلب المودِع استرداد الشيء إذا لم يكن هناك أجل، لأن الأصل أن الوديعة عقد غير لازم من جانب المودِع. كما تنتهي الوديعة بهلاك الشيء المودَع أو فقدانه لسبب لا يُنسب إلى خطأ الوديع، أو بوفاة أحد الطرفين إذا كانت شخصية أحدهما محل اعتبار، كالوديعة لدى شخص معين لصفاته الخاصة. كذلك تنتهي الوديعة إذا اتفق الطرفان على إنهائها، أو إذا وُضع حد لها بحكم قضائي. وعند انتهاء الوديعة، يلتزم الوديع برد الشيء بعينه إلى المودِع أو إلى من يخلفه، ما لم يوجد اتفاق أو مانع قانوني يبرر غير ذلك.
أسباب إنتهاء الوديعة
1- إنقضاء الأجل :
يُعد انقضاء الأجل من الأسباب الطبيعية لانتهاء عقد الوديعة في القانون المدني، فإذا كانت الوديعة محددة المدة باتفاق الطرفين، فإن العقد ينتهي تلقائيًا بانقضاء هذا الأجل دون حاجة إلى إنذار أو إجراء إضافي. ويترتب على ذلك التزام الوديع برد الشيء المودَع إلى المودِع فور انتهاء المدة، وإلا عُدّ مُقصِّرًا وتقوم مسؤوليته عن التأخير وما قد ينجم عنه من أضرار. أما إذا استمر الوديع في حيازة الشيء بعد انقضاء الأجل دون اعتراض من المودِع، فقد يُفهم من ذلك تجديد ضمني للوديعة وفقًا لنية الطرفين وظروف الحال، ما لم يكن هناك مانع قانوني.
2- رجوع أحد المتعاقدين عن الوديعة قبل إنقضاء الأجل :
يجوز لأي من طرفي عقد الوديعة، سواء المودِع أو الوديع، أن يرجع عن العقد حتى قبل انقضاء الأجل المتفق عليه، لأن عقد الوديعة من العقود غير اللازمة، ما لم تكن هناك ظروف خاصة أو اتفاق يُقيّد هذا الحق. فللمودِع أن يطلب استرداد الشيء المودَع في أي وقت، حتى قبل نهاية المدة، وللوديع أن يطلب إعفاءه من الاستمرار في حفظ الشيء، بشرط أن يُمهل المودِع وقتًا كافيًا لتسلمه، ما لم يكن هناك خطر عاجل. غير أن الرجوع عن الوديعة لا يكون مشروعًا إذا صدر في وقت غير مناسب أو على نحو يضر بالطرف الآخر دون مبرر، وفي هذه الحالة قد يُلزم الطرف الراجع بالتعويض إن توافر الضرر.
3- موت الوديع :
يترتب على موت الوديع في عقد الوديعة عدة آثار قانونية تختلف باختلاف طبيعة العقد وظروفه. فإن كانت الوديعة لا تقوم على اعتبار شخصي في الوديع، فلا ينقضي العقد بموته، بل تنتقل التزامات حفظ الشيء وردّه إلى ورثته، بشرط أن يكون في مقدورهم الوفاء بها دون ضرر أو حرج. أما إذا كانت شخصيته محل اعتبار في التعاقد، كما لو أودع المودِع الشيء لدى شخص لثقته الخاصة فيه أو لصفاته المهنية، فإن الوديعة تنقضي بموته. وفي جميع الأحوال، يجب على ورثة الوديع، فور علمهم بالوديعة، أن يبادروا إلى إخطار المودِع وتسليمه الشيء المودَع أو اتخاذ ما يلزم لحفظه إلى حين رده، وإلا قام في حقهم التزام بالتعويض عن أي ضرر يلحق بالمودِع نتيجة الإهمال أو التأخير.
4- هلاك الوديعة بقوة قاهرة أو حادث فجائي :
إذا هلكت الوديعة بسبب قوة قاهرة أو حادث فجائي، فإن الوديع لا يكون مسؤولًا عن هذا الهلاك، ولا يُلزم بالتعويض، طالما أثبت أن الحادث كان غير متوقع ولا يمكن دفعه، وأنه بذل في حفظ الشيء عناية الشخص المعتاد. وتُعتبر القوة القاهرة كل ظرف خارجي لا يد للوديع فيه، كالزلازل أو الحرائق أو الفيضانات، أما الحادث الفجائي فهو ما لا يُتوقع حصوله رغم إمكانية وقوعه نظريًا، كالوفاة المفاجئة أو انهيار مبنى دون إنذار. ويُشترط أن لا يكون للوديع يد في وقوع الضرر، وأن يُخطر المودِع بالهلاك متى أمكن ذلك. ويسقط التزام الوديع برد الشيء في هذه الحالة، لأن التزامه قد أصبح مستحيلًا بسبب خارج عن إرادته، وفقًا للقواعد العامة في نظرية القوة القاهرة في القانون المدني.
سقوط الحق في الوديعة بالتقادم :
يسقط الحق في المطالبة بالوديعة بالتقادم وفقًا للقواعد العامة المنصوص عليها في القانون المدني، حيث تنقضي دعوى المطالبة برد الشيء المودَع بمضي خمس عشرة سنة من تاريخ وجوب الرد، ما لم يرد نص خاص يقضي بمدة أقصر. وتبدأ مدة التقادم من وقت انتهاء عقد الوديعة، إما بانقضاء الأجل المتفق عليه أو بطلب المودِع استرداد الشيء، أو بتحقق سبب آخر لانتهاء العقد. غير أن هذه المدة قد تنقطع أو تقف في بعض الحالات الاستثنائية، كإقرار الوديع بالحق أو إذا وجد مانع أدبي أو قانوني حال دون رفع الدعوى. ويُعتبر التقادم سببًا لانقضاء الالتزام، بحيث لا يُقبل من المودِع مطالبة الوديع بعد انقضاء المدة، ما لم يكن هناك مسوغ قانوني يبرر وقف التقادم أو انقطاعه.
بعض أنواع الوديعة
الوديعة الشاذه ( الناقصة ) :
الوديعة الشاذة أو الناقصة هي صورة غير مألوفة من عقد الوديعة، وتتميز بخروجها عن القواعد التقليدية التي تقوم عليها الوديعة العادية. ففي هذه الحالة لا يلتزم الوديع بمجرد حفظ الشيء وردّه بعينه، بل قد يُرخّص له في استعماله أو التصرف فيه، كأن يُودع مبلغ من النقود ويُسمح له بإنفاقه مع الالتزام برد مثله، أو يُودع شيء مع الترخيص له في الانتفاع به. وبهذا تقترب الوديعة الشاذة من عقود أخرى كالقرض أو العارية، وتفقد أهم خصائص الوديعة الأصلية وهي التزام الحفظ وعدم الاستعمال. ومع ذلك، فإنها تخضع من حيث الجوهر إلى بعض أحكام الوديعة، لكن يُراعى فيها ما اتفق عليه الطرفان من أحكام خاصة، وتُطبق عليها القواعد العامة في الالتزامات بما يحقق التوازن بين مصلحة المودِع والوديع.
النص القانوني للمادة 726 مدني :-
إذاكانت الوديعة مبلغاً من النقود أو أى شيء آخر مما يهلك بالاستعمال ، وكان المودع عنده مأذوناً له فى استعمال أعتبر العقد قرضاً .
جواز أن تكون وديعة النقود والأشياء الأخرى القابلة للإستهلاك وديعة عادية :
يجوز أن تكون وديعة النقود أو الأشياء الأخرى القابلة للاستهلاك وديعة عادية، إذا اتفق الطرفان على أن يلتزم الوديع بحفظ الشيء وردّه بعينه دون التصرف فيه أو استهلاكه. ورغم أن طبيعة هذه الأشياء تجعلها عادة موضوعًا لعقود القرض أو الوديعة الناقصة، إلا أن إرادة الطرفين لها الدور الحاسم في تحديد طبيعة العقد. فإذا اتفقا صراحة على أن النقود أو الأشياء القابلة للاستهلاك تظل محفوظة بذاتها، دون أن يحق للوديع استعمالها، فإن العقد يُعتبر وديعة بالمعنى التقليدي، وتسرى عليه أحكام الوديعة العادية، بما في ذلك التزام الوديع برد ذات الشيء وعدم استعماله، وتكون مسئوليته قائمة في حالة ضياعه أو هلاكه إذا لم يثبت السبب الأجنبي.
آثار إعتبار الوديعة وديعة ناقصة :
إذا اعتُبرت الوديعة وديعة ناقصة، فإن ذلك يُرتب آثارًا قانونية تختلف عن أحكام الوديعة العادية، إذ يصبح الوديع في حكم المقترض، ويجوز له استعمال الشيء المودَع أو استهلاكه، بشرط رد مثله لا عينه. ومن ثمّ، تنتقل ملكية الشيء المودَع إلى الوديع بمجرد تسلّمه، ويلتزم برد مثله في النوع والكمية والجودة عند انتهاء الوديعة، لا برد ذات الشيء. ويكون الوديع في هذه الحالة مسؤولًا عن ردّ المثل، حتى ولو هلك الشيء بسبب قوة قاهرة، بخلاف ما هو مقرر في الوديعة العادية. كما قد يستحق المودِع فائدة إذا اتُفق على ذلك أو قضى به القانون، ما دامت الوديعة تُعد في حقيقتها قرضًا مستترًا، وتخضع لأحكام القرض من حيث رد المثل وضمان الهلاك، مع احتفاظها بمظهر الوديعة من حيث الشكل أو التسمية.
حواجز الإحتجاج بالمقاصة :
توجد بعض الحواجز القانونية التي تمنع أحد الطرفين من التمسك بالمقاصة، رغم توافر شروطها الموضوعية، وتُعرف هذه الحالات بـ “حواجز الاحتجاج بالمقاصة”. ومن أبرز هذه الحواجز: أولاً، إذا تم الحجز على الدين المراد إجراء المقاصة به، فلا يجوز للمدين أن يتمسك بالمقاصة إضرارًا بالحاجز. ثانيًا، إذا كان أحد الدينين غير قابل للحجز قانونًا، كالدين الخاص بنفقة، فإنه لا يجوز مقابلته بدين آخر بالمقاصة. ثالثًا، إذا تعهد أحد الطرفين صراحة بعدم التمسك بالمقاصة، التزم بذلك، ولا يجوز له التراجع. كذلك، لا تُقبل المقاصة إذا كانت تُخل بحقوق الغير اكتسبوها بحسن نية، كالمحال إليه الدين المحال قبل حصول المقاصة. فهذه الحواجز تهدف إلى حماية حقوق الغير وضمان استقرار التعاملات، ومنع إساءة استعمال المقاصة كوسيلة للتهرب من الوفاء بالالتزامات.
سريان الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية :
تسري الفوائد القانونية على المبالغ المستحقة من تاريخ المطالبة القضائية، إذا لم يكن هناك اتفاق أو نص خاص يحدد تاريخًا آخر للسريان. ويُقصد بالمطالبة القضائية رفع دعوى أمام المحكمة المختصة يطالب فيها الدائن بحقه، ويترتب على هذه المطالبة وضع المدين في حالة التباطؤ أو التأخير، مما يبرر ترتيب الفوائد تعويضًا عن هذا التأخير. ويشترط لسريان الفوائد أن يكون الدين معين المقدار أو قابلاً للتحديد، وألا يكون المدين قد تأخر عن الوفاء به لسبب مشروع. ويُعتبر هذا المبدأ تطبيقًا للقواعد العامة في المسئولية المدنية، حيث لا يُحمّل المدين تبعة التأخير في الدفع إلا من تاريخ إنذاره قضائيًا، حماية له من المطالبة بالفوائد عن مدة لم يكن فيها متمهلاً أو مقصرًا.
تحديد أجل للرد :
يجوز في عقد الوديعة أن يتفق الطرفان على تحديد أجل لرد الشيء المودَع، سواء كان هذا الأجل صريحًا منصوصًا عليه في العقد، أو ضمنيًا يُستفاد من طبيعة التعامل أو من ظروف الحال. ويترتب على تحديد الأجل التزام الوديع بعدم رد الشيء قبل حلول هذا الموعد إلا برضاء المودِع، كما يلتزم برده عند حلول الأجل دون مماطلة، وإلا اعتُبر في حالة تقصير وتقوم مسؤوليته عن أي ضرر يلحق بالمودِع نتيجة التأخير. ويُعد تحديد الأجل وسيلة تنظيمية تُحقق التوازن بين مصلحة المودِع في استرداد الشيء، ومصلحة الوديع في الاحتفاظ به مدة تكفي لتنفيذ التزامه بالحفظ، وقد يُلجأ إلى القضاء لتحديد الأجل إذا لم يكن هناك اتفاق وكان الرد الفوري غير ملائم لطبيعة الوديعة أو ظروفها.
إنتفاء جريمة خيانة الأمانة :
تنتفي جريمة خيانة الأمانة إذا انعدم أحد أركانها القانونية، وأهمها ركن تسلُّم المال على سبيل الأمانة، وقيام نية التملك لدى المتهم. فإذا ثبت أن المال لم يُسلَّم إلى الجاني على وجه الأمانة، وإنما على سبيل التملّك، كأن يكون تسلمه بموجب عقد بيع أو قرض، فإن الجريمة لا تقوم. كذلك تنتفي الجريمة إذا لم تتوافر نية التعدي أو التملك لدى المتهم، أو إذا ثبت أن التصرف في المال كان بإذن المالك أو برضا منه، أو في إطار علاقة مدنية بحتة يُفصل فيها أمام القضاء المدني. كما تنتفي الجريمة إذا أعاد المتهم المال قبل تحريك الدعوى الجنائية، مما قد يُعد قرينة على حسن النية، ما لم يكن هناك دليل على العكس. ويُراعى في ذلك أن خيانة الأمانة تُعد من الجرائم التي يتطلب القانون فيها توافر القصد الجنائي الخاص، وهو نية التعدي على المال وتسخيره لمصلحة المتهم أو الغير بغير وجه حق.
تبعة هلاك الشئ المودع :
تتحمل الوديعة في الأصل تبعة هلاك الشيء المودَع إذا وقع الهلاك بسبب أجنبي لا يد له فيه، كالقوة القاهرة أو الحادث الفجائي، طالما أنه بذل في حفظ الشيء عناية الشخص المعتاد. أما إذا كان الهلاك ناتجًا عن تقصير الوديع أو تفريطه أو مخالفته لتعليمات المودِع بشأن كيفية الحفظ، فإنه يُسأل عن الهلاك ويلتزم بالتعويض. ويُفترض في الوديع أنه مسؤول عن الهلاك إذا لم يتمكن من إثبات أن الحادث خارج عن إرادته ولم يكن بالإمكان دفعه. ويُراعى أن التزام الوديع هو التزام ببذل عناية لا بتحقيق نتيجة، لذا فلا يُسأل عن الهلاك إلا إذا ثبت خطؤه أو عدم بذله للعناية المطلوبة.
موقع محامى مصر . كوم
MohamyMasr.Com
المستشار القانونى: محمد منيب المحامى
📞 للاستفسار أو الحجز خدمة العملاء: 01006321774
📞 التواصل: احجز موعد مسبق 01006321774 – 01223232529
📍 عنوان المكتب: 13 شارع الخليفه من شارع الهرم بجوار السجل المدني