إثبات صحة المحررات وفقا للمواد 28 : 48 من قانون الإثبات المصري

إثبات صحة المحررات وفقا للمواد 28 : 48 من قانون الإثبات المصري

وفقًا للمواد 28 إلى 48 من قانون الإثبات المصري، يُمكن إثبات صحة المحررات من خلال عدة طرق قانونية تختلف باختلاف نوع المحرر (رسمي أو عرفي).

المحررات الرسمية تتمتع بحجية مطلقة أمام القضاء، ولا يُطعن عليها إلا بالتزوير (مادة 11). ويُثبت المضمون المدون فيها بمجرد تقديمها، ولا يجوز إنكار توقيع الموظف المختص أو محتواها الرسمي إلا من خلال دعوى التزوير. المحررات العرفية يُمكن الطعن عليها بالإنكار أو الادعاء بالتزوير. وفقًا للمادة 29، إذا أُنكر التوقيع أو الختم أو بصمة الإصبع، يقع عبء الإثبات على من يتمسك بالمحرر. كما تتيح المادة 30 إلزام الخصم بحلف اليمين عند إنكاره.

المادة 28 من قانون الإثبات المصري

يعد قانون الإثبات المصري حجر الأساس في تنظيم وسائل الإثبات أمام المحاكم، حيث يحدد طرق تقديم الأدلة وحجيتها في مختلف أنواع الدعاوى. ومن بين مواده الهامة، تأتي المادة 28 التي تتناول مسألة إنكار الخط أو التوقيع أو الختم أو بصمة الإصبع في المحررات العرفية. تهدف هذه المادة إلى وضع إطار قانوني واضح لكيفية التعامل مع حالات الإنكار، وتحديد عبء الإثبات بين الخصوم، مما يعزز استقرار المعاملات القانونية ويحمي الحقوق.

نص المادة 28 من قانون الإثبات المصري

تنص المادة 28 على ما يلي:

للمحكمة أن تقدر ما يترتب على الكشط و المحو والتحشير وغير ذلك من العيوب المادية في المحررات من إسقاط قيمة في الإثبات أو إنقاصها وإذا كانت صحة المحرر محل سك في نظر المحكمة جاز لها من تلقاء نفسها أن تدعوا الموظف الذي صدر عنه أو الشخص الذي حرره ليبدى ما يوضح حقيقة الأمر فيه .

تحليل المادة 28 من قانون الإثبات المصري

1- نطاق الإنكار

توضح المادة أن الحق في إنكار المحرر العرفي مقصور فقط على الشخص الذي يُنسب إليه المحرر أو ورثته من بعده. وبالتالي:

  • لا يمكن لأي طرف آخر، ليس له مصلحة قانونية مباشرة، إنكار صحة المحرر.

  • يشمل الإنكار جميع صور التوقيع: سواء كان توقيعًا خطيًا، ختمًا، أو بصمة إصبع، وهي الوسائل الأكثر شيوعًا في المصادقة على المحررات العرفية.

2- عبء الإثبات

  • بمجرد أن يُنكر الشخص التوقيع أو الختم أو البصمة المنسوبة إليه، ينتقل عبء الإثبات إلى الطرف الآخر، أي من يتمسك بصحة المحرر.

  • غالبًا ما يُحال الأمر إلى الخبير الفني لإجراء المضاهاة والفحص الفني للتأكد من صحة المستند.

3- الفرق بين الإنكار والطعن بالتزوير

  • الإنكار في المادة 28 يقتصر على رفض الشخص نسبة التوقيع أو البصمة إليه، وفي هذه الحالة يكون على الخصم إثبات صحة المحرر.

  • أما الطعن بالتزوير، فيتعلق بادعاء أن المحرر قد تم تزويره بأي وسيلة كانت، ويتطلب إجراءات قانونية أكثر تعقيدًا، منها تحقيقات جنائية في بعض الحالات.

تطبيقات قضائية للمادة 28

  • في القضايا المدنية، مثل المنازعات التجارية أو العقارية، يلجأ بعض الأطراف إلى إنكار توقيعاتهم على عقود البيع أو الإيجار لإبطالها، مما يستوجب تطبيق المادة 28 وتكليف الجهة المختصة بفحص صحة التوقيع.

  • في القضايا المصرفية، يلجأ بعض المدينين إلى إنكار توقيعهم على الشيكات أو السندات الإذنية للتهرب من الالتزامات المالية، وهنا يكون على البنك أو الدائن تقديم دليل فني لإثبات صحة التوقيع.

أهمية المادة 28 في تحقيق العدالة

  • تمنع هذه المادة الأشخاص غير المعنيين بالمحرر من إثارة نزاعات غير ضرورية.

  • تساعد في تنظيم قواعد الإثبات ومنع الإنكار التعسفي للتوقيعات، مما يسهم في سرعة حسم النزاعات القضائية.

  • تضمن حماية الطرفين، بحيث لا يُلزم شخص بمحرر لم يوقعه، وفي ذات الوقت لا يُسمح للمدينين أو الملتزمين قانونيًا بالتملص من مسؤولياتهم دون دليل قاطع.

خاتمة

تعد المادة 28 من قانون الإثبات المصري من النصوص الهامة التي تحدد حدود الإنكار في المحررات العرفية، وتضع آليات واضحة لإثبات صحتها. فهي تسهم في تحقيق التوازن بين حماية الأفراد من التزامات غير صحيحة، وبين ضمان عدم إساءة استخدام الإنكار كوسيلة للهروب من المسؤوليات القانونية. لذلك، تبقى هذه المادة عنصرًا أساسيًا في القواعد المنظمة للإثبات في النظام القانوني المصري.

تقدير المحكمة ما يترتب على الكشط والمحو والتحشير وغير ذلك من العيوب المادية

تتمتع المحكمة بسلطة تقديرية واسعة في تقييم ما يترتب على العيوب المادية التي قد تشوب المحررات، مثل الكشط والمحو والتحشير وغير ذلك من التعديلات الظاهرة التي قد تؤثر على حجية المستند. وفقًا لقواعد الإثبات، فإن وجود مثل هذه العيوب لا يؤدي بالضرورة إلى بطلان المحرر، بل يعود تقدير أثرها إلى المحكمة التي تنظر في ظروف كل حالة على حدة.

قد ترى المحكمة أن هذه العيوب تؤثر في مصداقية المحرر إذا كانت جوهرية وتمس بيانات أساسية، وقد تستعين بخبير فني لتحديد ما إذا كانت تلك التعديلات مقصودة بغرض التزوير أو أنها مجرد تصحيحات لا تؤثر على مضمون المستند. كما يجوز للمحكمة أن تسترشد بقرائن أخرى، مثل طبيعة التعديلات وسياق المحرر، لتحديد مدى تأثير العيوب على حجيته القانونية.

حالة ما إذا كانت صحة المحررات محل شك

إذا كانت صحة المحررات محل شك، فإن المحكمة لا تأخذ بها كدليل قاطع إلا بعد التحقق من مدى مصداقيتها وحجيتها. في هذه الحالة، يجوز للمحكمة استخدام سلطتها التقديرية في فحص المحرر، والاستناد إلى القرائن والأدلة الأخرى للتأكد من صحته.

ويمكن للطرف المعترض إنكار التوقيع أو الطعن بالتزوير، وهنا يقع عبء الإثبات على الطرف الذي يتمسك بالمحرر. قد تلجأ المحكمة إلى ندب خبير فني لمضاهاة التوقيعات أو فحص المستند من حيث المحتوى، والتعديلات، وأسلوب الكتابة، وعوامل أخرى. وفي حال استمر الشك ولم تُحسم صحة المحرر، فقد تستبعده المحكمة من الأدلة، أو تأخذ به مع تقدير مدى قوته في الإثبات بناءً على المعطيات المتاحة.

سلطة القاضي المستعجل في تقدير ما يترتب على الكشط والمحو والتحشير وغير ذلك من العيوب المادية

يتمتع القاضي المستعجل بسلطة تقديرية واسعة في تقدير أثر العيوب المادية التي قد تشوب المحررات، مثل الكشط، المحو، والتحشير، وذلك عند الفصل في الدعاوى ذات الطابع المستعجل التي لا تحتمل التأخير. وباعتبار أن اختصاص القاضي المستعجل يقتصر على الإجراءات الوقائية دون المساس بأصل الحق، فإنه لا يفصل في صحة المستندات بشكل نهائي، بل يكتفي بتقييم مدى جديتها وتأثير العيوب المادية عليها لاتخاذ قرار وقتي مناسب.

وفي سبيل ذلك، قد يستعين القاضي بقرائن قوية مثل وضع المستند، ومدى وضوح التعديلات، وظروف تقديمه، وقد يأمر بإجراء فحص فني سريع إذا كان ذلك ضروريًا لحسم النزاع المستعجل. فإذا رأى أن العيوب تؤثر على مصداقية المحرر بشكل جوهري، فله أن يستبعده من الاعتداد به كدليل وقتي، دون أن يحسم الأمر نهائيًا، حيث يبقى الفصل في صحة المحرر من اختصاص قاضي الموضوع.

المادة 29 من قانون الإثبات المصري

يُعد قانون الإثبات المصري أحد القوانين الأساسية التي تنظم طرق ووسائل الإثبات في المنازعات المدنية والتجارية، وهو يحدد القواعد التي يجب اتباعها لإثبات صحة المحررات والمستندات. من بين مواده الهامة، تأتي المادة 29 التي تتناول مسألة إنكار التوقيع أو بصمة الإصبع أو الختم في المحررات العرفية، وتوضح الإجراءات القانونية التي يجب اتباعها في حالة الإنكار.

نص المادة 29 من قانون الإثبات المصري

تنص المادة 29 على ما يلي:

إنكار الخط أو الختم أو الإمضاء أو بصمة الإصبع يرد على المحررات غير الرسمية , أما إدعاء التزوير فيرد على جميع المحررات الرسمية وغير الرسمية .

تحليل المادة 29 من قانون الإثبات المصري

1- نطاق الإنكار وحق الادعاء

توضح المادة 29 أن الحق في إنكار صحة المحرر العرفي يقتصر على:

  • الشخص المنسوب إليه التوقيع أو الختم أو البصمة.

  • ورثة ذلك الشخص أو خلفاؤه في الحقوق.

وبالتالي، لا يجوز لأي طرف آخر، ليس له صلة مباشرة بالمحرر، إنكار صحته، كما لا يقبل الإنكار إلا من الشخص الذي يُنسب إليه المحرر أو من يخلفه قانونًا.

2- عبء الإثبات

تقرر المادة 29 قاعدة أساسية في الإثبات، وهي أن من يتمسك بالمحرر هو المسؤول عن إثبات صحته إذا أنكر الطرف الآخر توقيعه أو بصمته أو ختمه. وتعتبر هذه القاعدة ضمانة قانونية تمنع إلزام أي شخص بمحرر لم يوقعه فعليًا.

3- طرق إثبات صحة المحرر

إذا أنكر الشخص صحة توقيعه أو بصمته أو ختمه، يُمكن لمن يتمسك بالمحرر اللجوء إلى عدة وسائل لإثبات صحته، منها:

  • الاستعانة بخبير خطوط لمضاهاة التوقيع أو الختم أو البصمة مع مستندات أخرى ثابتة.

  • القرائن القانونية، مثل تقديم مستندات أخرى متصلة بنفس السياق أو الإشارة إلى اعترافات سابقة بصحة المحرر.

  • الإثبات بالشهادة في بعض الحالات التي يسمح بها القانون.

الفرق بين الإنكار والطعن بالتزوير

من المهم التفرقة بين:

  • الإنكار: وهو مجرد رفض الشخص الاعتراف بأن التوقيع أو البصمة أو الختم تخصه، وفي هذه الحالة يقع عبء الإثبات على من يتمسك بالمحرر.

  • الطعن بالتزوير: وهو ادعاء بأن المحرر مزور بالكامل أو تم التلاعب فيه، ويتطلب إجراءات أكثر تعقيدًا، مثل التحقيق الفني والقضائي في الأمر.

تطبيقات المادة 29 في القضاء المصري

تُطبق المادة 29 في العديد من الحالات العملية، ومنها:

  • في العقود والاتفاقيات العرفية: إذا أنكر أحد المتعاقدين توقيعه على عقد بيع أو إيجار، يكون على الطرف الآخر إثبات صحة التوقيع قبل أن يُعتد بالمحرر.

  • في التعاملات المصرفية: قد ينكر العميل توقيعه على شيك أو سند إذني، وفي هذه الحالة يتعين على البنك أو المستفيد إثبات صحة التوقيع.

  • في الدعاوى المدنية والتجارية: حيث يتمسك أحد الخصوم بمحرر ضد الطرف الآخر، فإذا أُنكر التوقيع، وجب عليه إثبات صحته قبل أن يكون للمحرر حجية قانونية.

أهمية المادة 29 في تحقيق العدالة

  • تحمي الأفراد من إلزامهم بمحررات لم يوقعوها.

  • تضمن العدالة والتوازن بين الأطراف، حيث لا يُمكن إلزام شخص بمحرر إلا بعد التحقق من صحته.

  • تمنع إساءة استخدام المحررات العرفية، من خلال اشتراط إثبات صحتها عند إنكارها.

  • تسهم في حسم النزاعات القانونية بآلية واضحة للإثبات.

خاتمة

تُعد المادة 29 من قانون الإثبات المصري من القواعد الأساسية التي تحكم حجية المحررات العرفية، حيث تحدد إجراءات إنكار التوقيع أو البصمة أو الختم، وتوضح كيفية إثبات صحتها. وتُعتبر هذه المادة من الأحكام التي توازن بين حماية الأفراد من الالتزامات غير المشروعة، وبين الحفاظ على استقرار التعاملات القانونية، مما يجعلها أحد الدعائم الرئيسية لتحقيق العدالة في نظام الإثبات المصري.

الطعن بالإنكار والإدعاء بالتزوير

يُعد الطعن بالإنكار والادعاء بالتزوير من الوسائل القانونية التي يمكن استخدامها للطعن في صحة المحررات العرفية، لكن هناك فرق جوهري بينهما.

  • الطعن بالإنكار هو إنكار الشخص المنسوب إليه التوقيع أو البصمة أو الختم لصدور هذا التوقيع منه، ويقتصر هذا الطعن على صاحب التوقيع أو ورثته. في هذه الحالة، يقع عبء الإثبات على الطرف الذي يتمسك بالمحرر، حيث يتعين عليه إثبات صحة التوقيع من خلال الاستعانة بخبير مضاهاة أو قرائن أخرى.

  • الادعاء بالتزوير هو ادعاء أحد الأطراف بأن المحرر تم تزويره كليًا أو جزئيًا بأي وسيلة كانت، مثل التلاعب في البيانات أو إضافة توقيع غير صحيح. وعند الطعن بالتزوير، يجب على من يدعيه أن يُثبت وقوع التزوير، وقد يتطلب الأمر ندب خبير فني أو تحقيق قضائي معمق، لأن التزوير يُعد جريمة تستوجب العقوبة إذا ثبتت.

بالتالي، الإنكار يتعلق فقط برفض التوقيع، بينما التزوير يشمل الطعن في المحرر ككل، ولكل منهما إجراءات قانونية مختلفة وفقًا لقواعد الإثبات المصرية.

حالات للمحرر العرفي يجب فيها سلوك طريق الإدعاء بالتزوير

هناك بعض الحالات التي لا يكفي فيها الطعن بالإنكار ضد المحرر العرفي، بل يجب فيها سلوك طريق الادعاء بالتزوير لإثبات عدم صحة المستند. ومن أبرز هذه الحالات:

  1. إذا كان المحرر يحمل توقيع المدعى عليه ولكنه يدعي أنه تم تزوير مضمونه أو التعديل فيه بعد التوقيع، كأن يُضاف إليه شرط جديد أو مبلغ مالي لم يكن متفقًا عليه.

  2. إذا كان المحرر العرفي صادرًا عن شخص متوفى أو غائب، حيث لا يمكن لهذا الشخص إنكار التوقيع بنفسه، مما يستوجب الادعاء بالتزوير للطعن في صحة المحرر.

  3. إذا ادعى الشخص أن توقيعه تم استغلاله أو الحصول عليه بالإكراه أو التلاعب، كحالة توقيع شخص على ورقة بيضاء ثم استخدامها لاحقًا لإثبات التزام لم يوافق عليه.

  4. إذا احتوى المحرر على كشط أو محو أو تحشير يؤثر في مضمونه بشكل جوهري، مما يثير الشك في صحة المستند ويتطلب تحقيقًا فنيًا لإثبات ما إذا كان هناك تلاعب أو تزوير.

  5. إذا كان هناك دليل أو قرائن قوية تفيد بأن المستند لم يصدر عن الشخص المنسوب إليه، مثل اختلاف أسلوب الكتابة أو وجود توقيع غير مطابق لتوقيعات أخرى ثابتة.

في هذه الحالات، يكون الادعاء بالتزوير هو المسار القانوني الصحيح، حيث يتطلب الأمر ندب خبير مضاهاة وفحصًا فنيًا دقيقًا، وقد يؤدي إثبات التزوير إلى بطلان المحرر وفرض عقوبات جنائية على من قام بتزويره.

لا يجوز اللجوء إلى الإنكار بعد الإدعاء بالتزوير

لا يجوز اللجوء إلى الإنكار بعد الادعاء بالتزوير، لأن الطعنين يختلفان في طبيعتهما وآثارهما القانونية. فالطعن بالإنكار يقتصر على رفض الشخص نسبة التوقيع أو البصمة أو الختم إليه، ويترتب عليه انتقال عبء الإثبات إلى الطرف الذي يتمسك بالمحرر. أما الادعاء بالتزوير، فيعني الاعتراف ضمنيًا بوجود التوقيع لكنه يُطعن في صحة المحرر ذاته بسبب التزوير الكلي أو الجزئي.

بمجرد أن يسلك الشخص طريق الادعاء بالتزوير، فإنه يكون قد أقر ضمنيًا بأن التوقيع صادر عنه لكنه ينازع في صحة المحرر، وبالتالي لا يمكنه لاحقًا التراجع وإنكار التوقيع، لأن ذلك تناقض قانوني يُخل بمصداقية الطعن. ولهذا، يُلزم القانون من يدعي التزوير بإثباته وفقًا للإجراءات المحددة، ولا يُسمح له بتغيير موقفه إلى الإنكار كوسيلة بديلة للدفاع.

هل يجوز الإدعاء بالتزوير بعد الطعن بالإنكار ؟

نعم، يجوز الادعاء بالتزوير بعد الطعن بالإنكار، ولكن بشرط ألا يكون الإنكار قد تم الفصل فيه نهائيًا. فإذا أنكر الشخص صحة توقيعه أو بصمته أو ختمه، ثم ثبت من خلال الخبرة الفنية أو أي وسيلة إثبات أخرى أن التوقيع صحيح، فإنه لا يزال بإمكانه الطعن بالتزوير إذا كان هناك دليل على أن المحرر قد تم التلاعب في مضمونه أو تزويره جزئيًا بعد التوقيع.

ولكن إذا تمسك الشخص أولًا بالإنكار وحده ولم يُثبت ادعاؤه، فقد يُؤخذ ذلك على أنه إقرار ضمني بصحة المحرر، مما قد يُضعف موقفه في الادعاء بالتزوير لاحقًا. لذلك، يُفضل عند وجود شبهة تزوير في المحرر الجمع بين الطعنين منذ البداية أو سلوك الإدعاء بالتزوير مباشرةً إذا كانت هناك قرائن قوية تدعمه.

إنكار الخط والإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع وتحقيق الخطوط

يُعد إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع من الوسائل التي يُمكن للمدعى عليه اللجوء إليها للطعن في صحة المحررات العرفية المنسوبة إليه. وفقًا لقواعد الإثبات، إذا أنكر الشخص أن التوقيع أو الختم أو البصمة تخصه، يقع عبء الإثبات على الطرف الذي يتمسك بالمحرر، ويكون عليه إثبات صحته من خلال تحقيق الخطوط.

يتم تحقيق الخطوط بواسطة خبراء متخصصين، حيث يُجرى فحص دقيق للمحرر ومقارنته بمستندات رسمية أخرى تحتوي على توقيعات أو أختام أو بصمات ثابتة للشخص المعني. تشمل هذه العملية مضاهاة الخطوط، وتحليل أسلوب الكتابة، وفحص خصائص التوقيع أو البصمة للتأكد مما إذا كان المحرر قد صدر بالفعل عن الشخص المنسوب إليه أم لا.

وإذا ثبت من خلال التحقيق أن التوقيع أو البصمة صحيحة، فإن المحرر يكتسب حجيته القانونية، أما إذا لم يتمكن الطرف المتمسك بالمحرر من إثبات صحته، فإنه يفقد قوته في الإثبات، ما لم تكن هناك أدلة أخرى تدعمه.

المادة 30 من قانون الإثبات المصري

يعد قانون الإثبات المصري من القوانين الأساسية التي تنظم طرق ووسائل إثبات الحقوق والالتزامات في الدعاوى المدنية والتجارية، ويضع القواعد التي تحكم مدى حجية المستندات والمحررات في الإثبات. ومن بين مواده الهامة، تأتي المادة 30، التي تتعلق بآلية التعامل مع المحررات العرفية عند إنكارها، وتحدد الإجراءات القانونية التي يجب اتباعها لإثبات صحتها.

نص المادة 30 من قانون الإثبات المصري

تنص المادة 30 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 على ما يلي:

إذا أنكر من يشهد عليه المحرر خطه أو إمضاءه أو ختمه أو بصمة أو نكر ذلك خلفه أو نائبه وكان المحرر منتجا في النوع ولم تكف وقائع الدعوي ومستنداتها لتكوين عقيدة المحكمة في شأن صحة الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة إصبعه أمرت المحكمة بالتحقيق بالمضاهاة أو بسماع الشهود بكليهما .

تحليل المادة 30

 حجية المحرر العرفي في الإثبات

تنص القاعدة العامة في القانون المصري على أن المحرر العرفي حجة على من وقّعه، وذلك بمجرد اعترافه الصريح أو الضمني بصدوره عنه. وتعتبر المحررات العرفية من وسائل الإثبات الأساسية التي يعتمد عليها في التعاملات المدنية والتجارية، ولكن عند الطعن فيها، يجب اتباع إجراءات قانونية محددة.

 الإنكار الصريح كشرط لنفي الحجية

تشترط المادة 30 أن يكون الإنكار صريحًا حتى يتمكن الشخص من التنصل من المستند العرفي المنسوب إليه. فإذا لم ينكر الشخص توقيعه أو ختمه أو بصمته بشكل واضح، فإن المحرر يصبح حجة قاطعة ضده ولا يُقبل منه الإنكار بعد ذلك، إلا وفق الإجراءات المحددة قانونًا.

 إجراءات إنكار المحرر العرفي

إذا أراد الشخص الطعن في صحة المحرر العرفي، فهناك إجراءات قانونية يجب اتباعها، ومنها:

  • الطعن بالإنكار: إذا كان المحرر يحمل توقيعه أو بصمته، يجوز له إنكار ذلك، مما يلزم الطرف الآخر بإثبات صحة المحرر من خلال تحقيق الخطوط أو خبراء التزييف والتزوير.

  • الإدعاء بالتزوير: إذا لم يكن الإنكار وحده كافيًا، يجوز لمن يُنسب إليه التوقيع أن يدعي تزوير المحرر، متبعًا الإجراءات القانونية للفصل في صحة المستند.

  • الاعتراض على مضمون المستند: حتى في حالة ثبوت صحة التوقيع، يمكن للطرف الطاعن أن يجادل في محتوى المحرر إذا كان هناك سبب قانوني يدعم موقفه.

 متى يكون المحرر حجة ملزمة؟

يُصبح المحرر العرفي حجة ملزمة في الحالات التالية:

  • إذا لم ينكر الشخص صراحةً توقيعه أو بصمته أو ختمه عند الاحتجاج به عليه.

  • إذا أقر الشخص ضمنيًا أو صراحةً بصحة المستند في أي مرحلة من مراحل التقاضي.

  • إذا ثبت توقيعه من خلال الخبرة الفنية، أو بوسائل الإثبات الأخرى التي يحددها القانون.

الفرق بين المادة 30 والمادة 29 من قانون الإثبات

  • المادة 29 تتعلق بحالة الطعن بالإنكار، حيث يتحمل الطرف الذي يتمسك بالمحرر عبء إثبات صحته.

  • المادة 30 تنظم مسألة الإنكار الصريح، بحيث لا يُقبل إنكار المحرر العرفي إلا إذا تم التصريح به بوضوح ووفق الإجراءات المقررة.

التطبيقات القضائية للمادة 30

تُطبق المادة 30 في العديد من القضايا، مثل:

  • عقود البيع والإيجار: إذا احتج شخص بعقد عرفي ولم ينكره الطرف الآخر صراحة، فإنه يصبح ملزمًا به.

  • الشيكات والسندات الإذنية: عند إنكار الشخص توقيعه على شيك أو سند، يكون على البنك أو المستفيد إثبات صحته وفق الإجراءات القانونية.

  • المعاملات التجارية: في حال وجود فاتورة أو اتفاق عرفي موقّع، لا يمكن للطرف الآخر إنكاره إلا إذا اتبع الإجراءات القانونية للطعن فيه.

أهمية المادة 30 في تحقيق العدالة

  • تمنع التلاعب والإنكار غير المبرر للمحررات العرفية.

  • تضمن استقرار المعاملات القانونية والتجارية من خلال إلزام الأطراف بالمستندات التي وقعوا عليها.

  • تحقق التوازن بين حماية الحقوق وإثبات الالتزامات وفق إجراءات واضحة ومنظمة.

خاتمة

تُعد المادة 30 من قانون الإثبات المصري من الأحكام الأساسية التي تحكم مدى حجية المحررات العرفية، حيث تمنع الإنكار غير الصريح، وتلزم الأطراف بإثبات ادعاءاتهم وفق الإجراءات القانونية المحددة. ويسهم هذا النص في تحقيق الاستقرار في التعاملات المدنية والتجارية، ويمنع إساءة استخدام الحق في الطعن بالمستندات، مما يعزز من قوة النظام القانوني في مصر.

شروط إجراء المحكمة التحقيق عند إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع

عند إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع في المحررات العرفية، لا يجوز للمحكمة أن تأمر بإجراء تحقيق الخطوط إلا عند توافر شروط محددة وفقًا لقواعد الإثبات. ومن أهم هذه الشروط:

الشرط الأول : أن يكون المحرر منتجا في النزاع

يشترط لإجراء تحقيق الخطوط عند إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع أن يكون المحرر منتجًا في النزاع، أي أن يكون له تأثير جوهري في حسم القضية. فلا يجوز للمحكمة أن تأمر بالتحقيق في صحة محرر لا يؤثر في موضوع الدعوى أو لا يرتبط بها ارتباطًا مباشرًا.

على سبيل المثال، إذا كان النزاع يتعلق بسداد دين معين، واحتج أحد الأطراف بسند موقّع من المدين، فإن هذا السند يُعتبر منتجًا في الدعوى، ويحق للطرف الآخر إنكاره، مما يستدعي تحقيق الخطوط. أما إذا كان المحرر موضوع الإنكار غير مرتبط بالنزاع الأساسي، أو أن الفصل في القضية ممكن دون الحاجة إليه، فإن المحكمة قد ترفض طلب التحقيق تجنبًا لإضاعة الوقت والجهد في إجراء غير ضروري.

بالتالي، لا تأمر المحكمة بإجراء تحقيق الخطوط إلا إذا كان للمحرر دور حاسم في إثبات أو نفي الحقوق أو الالتزامات المتنازع عليها بين الأطراف.

الشرط الثاني : ألا تكفي وقائع الدعوى ومستنداتها لتكوين عقيدة المحكمة

تحقيق الخطوط عند إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع هو ألا تكفي وقائع الدعوى ومستنداتها لتكوين عقيدة المحكمة بشأن صحة المحرر. بمعنى أنه إذا كانت المحكمة قادرة على الفصل في النزاع استنادًا إلى أدلة أخرى واضحة وقاطعة، فلا يكون هناك داعٍ لإجراء تحقيق الخطوط.

على سبيل المثال، إذا قدم أحد الأطراف مستندات رسمية أو قرائن قوية تثبت صحة التوقيع أو الختم، أو إذا اعترف الطرف المنكر بصحة المحرر في مناسبة سابقة، فقد ترى المحكمة أن تحقيق الخطوط غير ضروري، لأن لديها من الأدلة ما يكفي لتكوين عقيدتها دون الحاجة إلى إجراءات إضافية.

أما إذا كان هناك تعارض في الأدلة أو عدم كفاية المستندات المقدمة، بحيث لا تستطيع المحكمة الاطمئنان إلى صحة المحرر أو بطلانه، فإنها تأمر بإجراء تحقيق الخطوط كوسيلة حاسمة للفصل في النزاع. وبذلك، يعتمد قرار المحكمة في إجراء التحقيق على مدى الحاجة إليه لاستجلاء الحقيقة وتحقيق العدالة بين الأطراف.

المضاهاة في قانون الإثبات

تُعد المضاهاة إحدى الوسائل الفنية التي يلجأ إليها القضاء للتحقق من صحة الخط أو التوقيع أو الختم أو بصمة الإصبع عند إنكارها أو الطعن فيها بالتزوير. وقد نظم قانون الإثبات المصري إجراءات المضاهاة لضمان دقة الفحص وحياديته.

ماهية المضاهاة وإجراءاتها

المضاهاة هي عملية مقارنة بين الخط أو التوقيع أو البصمة الواردة في المستند المطعون فيه، وبين نماذج رسمية أو محررات معتمدة تعود إلى الشخص المنسوب إليه التوقيع، بهدف تحديد ما إذا كانت متطابقة أم لا. وتتم المضاهاة عادةً من خلال ندب خبير خطي أو جنائي متخصص، حيث يقوم بفحص المحرر محل النزاع باستخدام أساليب علمية وتقنية دقيقة.

الشهود في قانون الإثبات المصري

يُعد سماع الشهود من أهم وسائل الإثبات التي نص عليها قانون الإثبات المصري، حيث يتيح للأطراف تقديم شهادات أشخاص لديهم معرفة مباشرة بالوقائع المتنازع عليها. وتعتبر شهادة الشهود أداة فعالة في إثبات الحقوق أو نفيها، خاصة في الحالات التي لا يكون فيها دليل كتابي كافٍ.

شروط قبول الشهادة

يشترط القانون لقبول الشهادة أن يكون الشاهد:

  1. ذا أهلية قانونية للإدلاء بالشهادة، أي أن يكون بالغًا وعاقلًا.

  2. قد شاهد الواقعة بنفسه أو سمعها مباشرة، فلا تُقبل الشهادة بالسماع عن الغير إلا في حالات استثنائية.

  3. غير متحيز لأي طرف، إذ يجب أن يكون الشاهد محايدًا وألا تكون له مصلحة شخصية في النزاع.

حجية الشهادة في الإثبات

تُعتبر شهادة الشهود دليلًا تقديريًا يخضع لقناعة المحكمة، حيث لها السلطة في تقييم مدى صدق الشهادة ومطابقتها للوقائع. ويمكن للمحكمة رفض الشهادة إذا تبين أنها غير متماسكة أو متناقضة مع الأدلة الأخرى.

حدود استخدام الشهادة

يُجيز القانون الاعتماد على الشهادة في المسائل التي لا يشترط فيها الدليل الكتابي، مثل الوقائع المادية والأحداث غير الموثقة رسميًا. أما في العقود التي تتجاوز قيمتها حدًا معينًا، فيلزم الإثبات بالكتابة، ما لم توجد استثناءات قانونية.

التحقيق بالمضاهاة أو بالشهود أو بهما معا

يز قانون الإثبات المصري للمحكمة اللجوء إلى التحقيق بالمضاهاة أو بالشهود أو بهما معًا، وفقًا لطبيعة النزاع والأدلة المقدمة فيه. ويُستخدم التحقيق بهذه الوسائل عند الطعن في صحة المحررات العرفية، سواء بإنكار التوقيع أو الادعاء بالتزوير، أو عند الحاجة لإثبات وقائع لا يمكن التحقق منها بالكتابة وحدها.

 التحقيق بالمضاهاة

يتم اللجوء إلى المضاهاة عندما يُنكر أحد الأطراف توقيعه أو بصمته أو ختمه على مستند معين، حيث تقوم المحكمة بندب خبير لمقارنة التوقيع أو الخط مع مستندات أخرى معتمدة، لتحديد ما إذا كان المحرر صادرًا عن الشخص المنسوب إليه أم لا.

 التحقيق بالشهود

يستخدم التحقيق بشهادة الشهود عندما تكون الواقعة المطلوب إثباتها أو نفيها غير موثقة كتابيًا، ويكون هناك أشخاص لديهم معرفة مباشرة بالحادثة. ويجوز سماع الشهود لتأكيد أو نفي واقعة مادية، مثل تاريخ توقيع عقد، أو الظروف التي أُبرم فيها.

التحقيق بالمضاهاة والشهود معًا

في بعض الحالات، قد يكون الجمع بين المضاهاة وسماع الشهود ضروريًا للوصول إلى الحقيقة. فمثلًا، إذا تم الادعاء بأن توقيع شخص على عقد معين تم تحت الإكراه، يمكن للمحكمة إجراء المضاهاة للتأكد من صحة التوقيع، مع سماع الشهود لمعرفة ملابسات توقيع العقد والظروف التي أحاطت به.

المحكمة المختصة بالفصل في الطعن بالإنكار

تختص المحكمة التي تنظر الدعوى الأصلية بالفصل في الطعن بالإنكار، وفقًا لقواعد قانون الإثبات المصري. فإذا أنكر أحد الأطراف توقيعه أو بصمته أو ختمه على محرر عرفي، فإن المحكمة المختصة بموضوع النزاع الأساسي هي التي تفصل في هذا الإنكار، دون الحاجة إلى رفع دعوى مستقلة.

تمتلك المحكمة سلطة تقديرية في قبول أو رفض الطعن بالإنكار، ويقع على عاتق الطرف المتمسك بالمحرر إثبات صحته من خلال تحقيق الخطوط أو وسائل الإثبات الأخرى. فإذا وجدت المحكمة أن المحرر ذو أهمية للفصل في القضية، يمكنها الأمر بإجراء تحقيق بالمضاهاة أو سماع الشهود، وفقًا لما تراه ضروريًا لتحقيق العدالة.

وفي حال كان المحرر محل الإنكار مؤثرًا في الدعوى، فإن المحكمة لا تفصل في النزاع إلا بعد حسم مسألة صحة المحرر، لضمان إصدار حكم مبني على أدلة قانونية سليمة.

المادة 31 من قانون الإثبات المصري

يُعتبر الإثبات أحد أهم الركائز في النظام القانوني المصري، حيث يُستخدم لإظهار الحقيقة في المنازعات القانونية. ومن بين وسائل الإثبات التي نظمها قانون الإثبات المصري، نجد المضاهاة وسماع الشهود عند الطعن في صحة المحررات العرفية. وقد جاءت المادة 31 من قانون الإثبات المصري لتحدد الإجراءات التي تتبعها المحكمة عند إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع.

نص المادة 31 من قانون الإثبات المصري

تنص المادة 31 على ما يلي:

يحرر محضر تبين به الحالة المحرر وأوصافه بيانا كافيا يوقعه رئيس الجلسة وكاتب المحكمة والخصوم ويجب توقيع المحرر ذاته من رئيس الجلسة ولكتاب .

تحليل المادة 31 من قانون الإثبات المصري

تُحدد هذه المادة الإطار القانوني لكيفية تعامل المحكمة مع الطعن بالإنكار، وفقًا للخطوات التالية:

  1. وجوب الطعن بالإنكار صراحة

    • لا يجوز للمحكمة أن تفصل في صحة المحرر من تلقاء نفسها، بل يجب أن يتقدم الخصم بإنكار صريح وواضح للخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة المنسوبة إليه.

    • لا يكفي مجرد الادعاء العام بعدم صحة المحرر، بل يجب أن يكون هناك إنكار قانوني صريح يتمسك به الطاعن أمام المحكمة.

  2. ضرورة عدم كفاية الأدلة الأخرى

    • تشترط المادة أن تكون وقائع الدعوى والمستندات المقدمة غير كافية لتكوين عقيدة المحكمة بشأن صحة المحرر.

    • فإذا كانت المحكمة تستطيع الفصل في النزاع بناءً على أدلة قوية ومستندات دامغة، فلا يكون هناك داعٍ لإجراء تحقيق بالمضاهاة أو سماع الشهود.

    • أما إذا وجدت المحكمة أن الأدلة المتاحة لا تحسم المسألة، فعليها اللجوء إلى إجراءات التحقيق.

  3. سلطة المحكمة في تحديد وسيلة التحقيق

    • أعطت المادة المحكمة سلطة تقديرية واسعة لاختيار الوسيلة المناسبة للتحقيق، وذلك عبر:

      • المضاهاة: من خلال مقارنة الخط أو التوقيع أو الختم مع مستندات رسمية أو أوراق أخرى معتمدة.

      • سماع الشهود: عبر الاستماع إلى شهادات أشخاص شهدوا توقيع المحرر أو لديهم معرفة بظروفه.

      • الجمع بين الطريقتين: إذا رأت المحكمة أن ذلك ضروري للوصول إلى الحقيقة.

تطبيقات المادة 31 في القضاء المصري

يُستفاد من أحكام المحاكم المصرية أن المادة 31 تُطبق في الحالات التالية:

  • عندما يُنكر شخص توقيعه على عقد معين، ويكون لهذا العقد أثر حاسم في النزاع.

  • عند الطعن في صحة سند دين أو إقرار كتابي يعتمد عليه أحد الأطراف لإثبات التزام معين.

  • في حالات التزوير التي يتم فيها الادعاء بأن المحرر لا يعود إلى صاحبه الحقيقي.

أهمية المادة 31 في تحقيق العدالة

تلعب هذه المادة دورًا محوريًا في:

  1. حماية حقوق الأفراد: بمنع إجبار شخص على الاعتراف بمحرر لم يوقعه فعليًا.

  2. مكافحة التزوير: من خلال التحقيق الدقيق عند وجود شكوك حول صحة المحررات العرفية.

  3. تحقيق العدالة القضائية: عبر منح المحكمة السلطة التقديرية لاختيار أنسب وسائل التحقيق للوصول إلى الحقيقة.

خاتمة

تمثل المادة 31 من قانون الإثبات المصري ضمانة قانونية أساسية في حالات الطعن بالإنكار، حيث توازن بين حق المدعي في إثبات المحررات وحق المدعى عليه في إنكارها، مع منح المحكمة السلطة الكاملة لتقدير الأدلة واتخاذ القرار المناسب. ويُظهر تطبيق هذه المادة في القضاء المصري مدى حرص النظام القانوني على إرساء قواعد العدل والإنصاف، من خلال إجراءات تحقيق دقيقة تضمن عدم استغلال المحررات العرفية في الإضرار بحقوق الأفراد.

ما يجرى عليه العمل تطبيقا لهذه المادة

تطبق المحاكم المصرية المادة 31 من قانون الإثبات وفقًا لما استقر عليه القضاء من مبادئ، حيث يُلزم الخصم الذي ينكر الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع بإنكار صريح وواضح أمام المحكمة. فإذا لم تكف المستندات والوقائع المطروحة في الدعوى لتكوين قناعة المحكمة بشأن صحة المحرر، فإنها تأمر بإجراء تحقيق بالمضاهاة أو بسماع الشهود أو بكليهما، وفقًا لما تراه ضروريًا للوصول إلى الحقيقة.

كما جرى العمل على أن عبء إثبات صحة المحرر يقع على عاتق من يتمسك به، بحيث يكون عليه تقديم المستندات التي تصلح لإجراء المضاهاة أو استدعاء الشهود إذا اقتضى الأمر. وتتم المضاهاة عادة من خلال ندب خبير خطي معتمد لإجراء الفحص الفني، بينما يتم سماع الشهود للتحقق من ظروف تحرير المستند وما إذا كان الموقع قد قام بذلك بإرادته الحرة.

وتؤكد الأحكام القضائية أن للمحكمة سلطة تقديرية مطلقة في تقرير ما إذا كانت الأدلة المطروحة تكفي لتكوين قناعتها، أو إذا كانت بحاجة إلى تحقيق إضافي. كما أن المحكمة غير ملزمة بإجراء التحقيق إذا وجدت أن إنكار المحرر مجرد وسيلة للمماطلة أو أن هناك قرائن قوية تؤكد صحة التوقيع دون حاجة إلى فحص إضافي.

لا يترتب البطلان علة مخالفة حكم المادة

من المبادئ المستقرة في القضاء المصري أن مخالفة حكم المادة 31 من قانون الإثبات لا يترتب عليها البطلان تلقائيًا، إذ إن هذه المادة تمنح المحكمة سلطة تقديرية واسعة في تقدير الأدلة واللجوء إلى المضاهاة أو سماع الشهود عند الطعن بالإنكار. وبالتالي، إذا رأت المحكمة أن وقائع الدعوى ومستنداتها كافية لتكوين عقيدتها بشأن صحة المحرر، فإنها غير ملزمة بإجراء تحقيق إضافي.

كما أن الامتناع عن تطبيق المضاهاة أو سماع الشهود لا يؤدي إلى بطلان الحكم، طالما أن المحكمة أسست قناعتها على أدلة وقرائن قانونية كافية. وفي حالة الطعن على الحكم، فإن محكمة النقض لا تُبطل الحكم إلا إذا ثبت أن المحكمة أهملت في تقدير الأدلة بشكل جوهري أو رفضت إجراء التحقيق رغم وجود ضرورة قانونية واضحة لذلك.

المادة 32 من قانون الإثبات المصري

يُعد الإثبات من العناصر الأساسية لتحقيق العدالة في النظام القانوني المصري، ويعتمد على مجموعة من الوسائل التي تساعد المحكمة في كشف الحقيقة. ومن بين هذه الوسائل، تحقيق الخطوط، الذي يُلجأ إليه عند الطعن بإنكار التوقيع أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع. وقد جاءت المادة 32 من قانون الإثبات المصري لتحدد كيفية إجراء التحقيق بالمضاهاة والضوابط المرتبطة بها.

نص المادة 32 من قانون الإثبات المصري

تنص المادة 32 على ما يلي:

 يشمل منطوق الحكم الصادر بالتحقيقات على :

( أ) نائب أحد قضاء المحكمة لمباشرة التحقيق .

( ب) تعيين خبير أو ثلاثة خبراء .

( ج) تحديد اليوم والساعة اللذان يكون فيهما التحقيق 

تحليل المادة 32 من قانون الإثبات المصري

تتناول هذه المادة كيفية إجراء المضاهاة عند الطعن بصحة المحررات العرفية، وتحدد المصادر التي يمكن الاعتماد عليها في إجراء المضاهاة، والتي تشمل:

  1. محررات رسمية ثابتة

    • يجب أن يكون المحرر المستخدم في المضاهاة ثابت الصدور عن الشخص المنسوب إليه الخط أو التوقيع.

    • تُعتبر المحررات الرسمية، مثل العقود الموثقة والسجلات الحكومية، من أقوى أدلة المضاهاة، لأنها تتمتع بقرينة الصحة ما لم يُثبت تزويرها.

  2. محررات عرفية يعترف بها الخصم

    • يجوز إجراء المضاهاة على محررات عرفية إذا كان الخصم قد سبق له الاعتراف بها أو لم ينازع في صحتها.

    • يشترط أن تكون هذه المحررات محررة في ظروف طبيعية، دون إكراه أو تلاعب.

  3. كتابة مأخوذة أمام المحكمة

    • في حال عدم وجود محررات رسمية أو عرفية يمكن المضاهاة عليها، يجوز للمحكمة إلزام الخصم بكتابة نموذج أمامها، ليتم استخدامه في التحقيق.

    • هذا الإجراء يمنح المحكمة وسيلة إضافية للتحقق من صحة التوقيع أو الخط المتنازع عليه.

تطبيقات المادة 32 في القضاء المصري

استقرت الأحكام القضائية على عدة نقاط عند تطبيق المادة 32، أبرزها:

  • لا يجوز الاعتماد على محررات مشكوك في صحتها للمضاهاة، إذ يجب أن تكون موثوقة وثابتة.

  • إذا لم تكن هناك مستندات صالحة للمضاهاة، لا يجوز إجبار الخصم على تقديم مستنداته الخاصة، لأن ذلك قد يعرضه للإدانة الذاتية.

  • للمحكمة سلطة تقديرية في قبول أو رفض أدلة المضاهاة، ويحق لها اللجوء إلى خبير خطي لتقديم رأي فني في صحة المستندات.

أهمية المادة 32 في تحقيق العدالة

تُسهم المادة 32 في:

  1. ضمان دقة التحقيق عند الطعن بصحة المحررات، مما يحمي الأفراد من التزوير والادعاءات الكيدية.

  2. توفير وسائل قانونية موثوقة للتحقق من صحة المستندات، مما يساعد المحكمة في الوصول إلى حكم عادل.

  3. تحقيق التوازن بين طرفي النزاع، حيث لا يُقبل الطعن بالإنكار دون وجود تحقيق قانوني دقيق يعتمد على أدلة صحيحة.

خاتمة

تُعد المادة 32 من قانون الإثبات المصري إطارًا قانونيًا مهمًا لتنظيم إجراءات تحقيق الخطوط بالمضاهاة، حيث توفر معايير واضحة لاختيار المستندات التي يتم الاعتماد عليها، مما يسهم في تحقيق العدالة ومنع التلاعب بالمحررات العرفية. وتعكس هذه المادة مدى حرص المشرع المصري على إرساء قواعد الإثبات العادلة والموضوعية، بما يحفظ الحقوق ويضمن نزاهة الإجراءات القضائية.

متى يتم ندب أحد قضاة المحكمة لمباشرة التحقيق

يتم ندب أحد قضاة المحكمة لمباشرة التحقيق في حالات معينة تتطلب جمع الأدلة واستكمال إجراءات الإثبات، وخاصة عند الطعن بإنكار الخط أو التوقيع أو الإدعاء بالتزوير. ويتم هذا الندب في الأحوال التالية:

  1. إذا رأت المحكمة ضرورة لإجراء التحقيق بنفسها ولكن وجدت أن ظروف القضية تستلزم تكليف أحد قضاتها للقيام بهذه المهمة.

  2. عند صدور قرار بإجراء تحقيق في صحة المحررات، سواء عن طريق المضاهاة أو سماع الشهود، ورأت المحكمة أن تعيين قاضٍ مختص يساعد في تسريع وتسهيل الإجراءات.

  3. في القضايا التي تتطلب إجراءات مطولة ودقيقة، مثل القضايا الجنائية أو المدنية المعقدة، حيث يكون للقاضي المنتدب سلطة جمع الأدلة وسماع الشهود والتأكد من صحة المستندات.

  4. إذا كان التحقيق يستلزم انتقال القاضي إلى موقع معين، كإجراء معاينة أو الاستماع إلى شهود في أماكن متفرقة.

يُكلف القاضي المنتدب بمهام محددة وفقًا لقرار المحكمة، ويتعين عليه تقديم تقرير بنتائج التحقيق ليتم عرضه على هيئة المحكمة قبل إصدار الحكم النهائي

ندب خبير أو ثلاثة خبراء

عند الطعن بإنكار التوقيع أو الإدعاء بالتزوير، يجوز للمحكمة أن تندب خبيرًا واحدًا أو ثلاثة خبراء لإجراء التحقيق الفني اللازم. ويتم ذلك في الحالات التي ترى فيها المحكمة أن الرأي الفني ضروري لحسم النزاع، خاصة في المسائل التي تتطلب دقة علمية وتحليلًا فنيًا، مثل فحص الخطوط، المضاهاة، وتحديد صحة الأختام أو بصمات الأصابع.

يتم ندب خبير واحد كقاعدة عامة، ولكن في الحالات التي يكون فيها الأمر معقدًا أو يتطلب رأيًا جماعيًا، يمكن ندب ثلاثة خبراء لضمان دقة الفحص والتأكد من صحة التقرير. وفي هذه الحالة، يكون رأي الأغلبية هو المعتمد، وإذا اختلفت آراؤهم، فللمحكمة سلطة تقديرية في الأخذ بما تراه أقرب إلى الحقيقة.

يتعين على الخبراء تقديم تقرير مفصل عن نتائج الفحص الفني، ويحق للمحكمة أن تأخذ به أو ترفضه إذا وجدت فيه تناقضات أو لم يكن مبنيًا على أسس علمية سليمة.

الرجوع إلى القواعد العامة في البطلان

عند عدم وجود نص صريح في قانون الإثبات يُحدد جزاء البطلان لمخالفة إجراء معين، فإنه يجب الرجوع إلى القواعد العامة في البطلان المنصوص عليها في القانون المدني وقانون المرافعات. ووفقًا لهذه القواعد، لا يُحكم ببطلان الإجراء إلا إذا ترتب على المخالفة إخلال جوهري بحقوق الخصوم أو ضمانات الدفاع.

ويتمثل الأساس القانوني للبطلان في:

  1. البطلان النسبي: إذا كانت المخالفة قابلة للتصحيح، ولا تؤثر بشكل جوهري على سير العدالة، فيجوز تصحيحها بناءً على طلب أحد الخصوم.

  2. البطلان المطلق: إذا كانت المخالفة تتعلق بالنظام العام، مثل عدم احترام قواعد الإثبات الجوهرية أو انتهاك حق الدفاع، فإن البطلان يكون وجوبيًا ولا يجوز تصحيحه.

وبناءً على ذلك، لا يُحكم ببطلان أي إجراء من إجراءات الإثبات، بما في ذلك التحقيق بالمضاهاة أو سماع الشهود، إلا إذا ثبت أن المخالفة قد أثرت على نتيجة الحكم أو أضرت بحقوق أحد الخصوم بشكل لا يمكن تصحيحه.

المادة 33 من قانون الإثبات المصري

يُعد الإثبات في المسائل المدنية والتجارية أحد أهم وسائل تحقيق العدالة، حيث تعتمد المحكمة على أدلة واضحة وقانونية لإصدار أحكامها. ومن بين الوسائل التي نظمها قانون الإثبات المصري نجد تحقيق الخطوط بالمضاهاة، والذي يتم اللجوء إليه عند الطعن في صحة المحررات العرفية. وقد جاءت المادة 33 من قانون الإثبات المصري لتحدد القواعد الخاصة بالمحررات التي يمكن الاعتماد عليها عند إجراء المضاهاة.

نص المادة 33 من قانون الإثبات المصري

تنص المادة 33 على ما يلي:

 يكلف قلم الكتاب الخبير الحضور أمام القاضي في اليوم والساعة المعينين لمباشرة التحقيق 

تحليل المادة 33 من قانون الإثبات المصري

تضع هذه المادة ضوابط صارمة لضمان صحة عملية المضاهاة ومنع استخدامها بطرق قد تؤدي إلى الخطأ أو التلاعب. ومن أبرز هذه الضوابط:

  1. المضاهاة على الأوراق الرسمية

    • تُعد المحررات الرسمية أقوى دليل للمضاهاة، لأنها صادرة عن جهة رسمية وتتمتع بقرينة الصحة ما لم يُثبت تزويرها.

    • من الأمثلة على هذه المستندات: عقود التوثيق، محاضر الشرطة، السجلات الرسمية، وثائق الأحوال المدنية.

  2. المضاهاة على أوراق عرفية معترف بصحتها

    • يمكن إجراء المضاهاة على محررات عرفية بشرط أن يكون الخصم قد اعترف بصحتها صراحة أو ضمنًا.

    • يُشترط أن تكون هذه المحررات مكتوبة في ظروف طبيعية دون شبهة تزوير أو إكراه.

  3. المضاهاة على جزء من المحرر المطعون فيه يُقر الخصم بصحته

    • إذا طعن الخصم بالتزوير في جزء من المحرر، لكنه اعترف بصحة جزء آخر، فيمكن إجراء المضاهاة على الجزء المعترف به.

    • هذا الإجراء يمنع التحايل، حيث لا يُمكن للخصم إنكار المستند بالكامل إذا كان قد أقر بصحة جزء منه.

أهمية المادة 33 في تحقيق العدالة

تُحقق المادة 33 عدة أهداف قانونية هامة، منها:

  1. ضمان دقة المضاهاة: عبر اشتراط الاعتماد على مستندات رسمية أو محررات ثابتة، مما يمنع استخدام وثائق غير موثوقة.

  2. حماية الخصوم من الادعاءات الكيدية: من خلال عدم السماح بإجراء المضاهاة على مستندات غير معترف بها رسميًا.

  3. تقليل فرص التزوير والتلاعب: من خلال فرض معايير واضحة على الأدلة المستخدمة في المضاهاة.

تطبيقات المادة 33 في القضاء المصري

استقرت أحكام المحاكم المصرية على المبادئ التالية عند تطبيق المادة 33:

  • إذا لم يجد القاضي محررات رسمية أو عرفية معترف بصحتها، فلا يجوز له إجراء المضاهاة، مما قد يؤدي إلى رفض الطعن بالتزوير.

  • إذا اعترف الخصم بصحة جزء من المحرر، فلا يمكنه إنكاره بالكامل، بل يتم الاعتماد على الجزء المعترف به لإجراء المضاهاة.

  • القاضي هو السلطة العليا في تقدير صلاحية المستندات للمضاهاة، وله رفض أي دليل لا يتماشى مع الضوابط القانونية.

خاتمة

تُعتبر المادة 33 من قانون الإثبات المصري إحدى الركائز الأساسية في تنظيم إجراءات تحقيق الخطوط، حيث تضع ضوابط قانونية دقيقة للمضاهاة، مما يضمن العدالة وحماية الحقوق. ومن خلال اشتراط الاعتماد على مستندات رسمية أو معترف بها، تمنع المادة 33 أي استغلال سيئ لإجراءات الإثبات، مما يُسهم في تعزيز المصداقية القانونية وضمان نزاهة المحاكمات.

جزاء عدم تكليف قلم الكتاب الخبير الحضور أمام القاضي

يُعد عدم تكليف قلم الكتاب للخبير بالحضور أمام القاضي مخالفة للإجراءات المنصوص عليها في قانون الإثبات، ولكنه لا يؤدي بالضرورة إلى بطلان التحقيق أو التقرير الفني، إلا إذا ثبت أن هذا الإجراء قد أخل بحقوق أحد الخصوم أو أثر على سير العدالة.

ففي حال إغفال قلم الكتاب تكليف الخبير بالحضور، يجوز للمحكمة تصحيح هذا الإجراء إما بإعادة التكليف أو باستدعاء الخبير مجددًا لمباشرة مهمته أمام القاضي. ولكن إذا ترتب على هذا الإغفال ضرر فعلي، كعدم تمكن الخصم من مناقشة الخبير أو تقديم دفوعه الفنية، فقد يؤدي ذلك إلى بطلان تقرير الخبير أو إعادة التحقيق مجددًا.

وتبعًا للقواعد العامة في البطلان، فإن عدم استدعاء الخبير يُعد بطلانًا نسبيًا، يجوز التمسك به ممن تضرر منه، ولا يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض إلا إذا كان متعلقًا بالنظام العام.

حكم المادة لا يتعلق بالنظام العام

الأحكام الواردة في قانون الإثبات، ومنها القواعد المنظمة لتحقيق الخطوط والمضاهاة، تُعد في معظمها من القواعد الإجرائية التي تهدف إلى تنظيم وسائل الإثبات دون المساس بجوهر النظام العام. وبالتالي، فإن مخالفة بعض هذه الأحكام لا تستوجب البطلان تلقائيًا، ما لم يثبت أن هناك إخلالًا جوهريًا بحقوق أحد الخصوم أو بسلامة إجراءات التقاضي.

وبناءً على ذلك، فإن القواعد المتعلقة بإجراءات المضاهاة أو سماع الشهود أو ندب الخبراء لا تُعتبر من النظام العام، مما يعني أنه يجوز للخصوم الاتفاق على مخالفتها أو التنازل عن التمسك ببطلانها، طالما أن ذلك لا يخل بحقوقهم الجوهرية في الدفاع والإثبات. كما أن الدفع ببطلان أي إجراء منها يجب أن يتم في الوقت المناسب أمام محكمة الموضوع، ولا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، إلا إذا كان متعلقًا بالنظام العام.

المادة 34 من قانون الإثبات المصري

يُعد الإثبات في المواد المدنية والتجارية أحد أهم جوانب تحقيق العدالة، حيث تعتمد المحكمة على وسائل الإثبات المختلفة للوصول إلى حقيقة النزاع. ومن بين هذه الوسائل تحقيق الخطوط والمضاهاة، والذي يلعب دورًا حاسمًا في الطعون المتعلقة بالمحررات العرفية، سواء من خلال الإنكار أو الادعاء بالتزوير. وقد جاءت المادة 34 من قانون الإثبات المصري لتضع القواعد الخاصة بتحديد الأوراق التي يُمكن استخدامها كأداة لإجراء المضاهاة، بهدف ضمان صحة التحقيقات ومنع أي تلاعب قد يُؤثر على نتائجها.

نص المادة 34 من قانون الإثبات المصري

على الخصوم أن يحضروا في الموعد المذكور لتقديم ما لديهم من أوراق المضاهاة والإنفاق على ما يصلح منها لذلك فإن تخلف الخصم المكلف بالإثبات بغير عذر جاز اعتبار الأوراق المقدمة للمضاهاة صالحة لها .

تحليل المادة 34

تُحدد هذه المادة الإطار القانوني الدقيق لإجراءات المضاهاة، حيث تشترط أن تكون المضاهاة قائمة على مستندات أو أدلة ثابتة ومنسوبة إلى الشخص الذي يُحتج عليه بالمحرر المطعون فيه. ويهدف هذا الشرط إلى تحقيق أعلى درجات الموثوقية في نتائج التحقيق.

أهم الشروط التي وضعتها المادة 34 للمضاهاة:

  1. أن يكون المستند المستخدم في المضاهاة ثابت الصلة بالخصم

    • لا يُمكن إجراء المضاهاة على أي مستند، بل يجب أن يكون مستندًا ثابتًا نسبته إلى الشخص الذي يُطعن ضده بالمحرر.

    • يُقصد بذلك أن تكون هذه المستندات إما رسمية أو عرفية معترف بها أو سبق استخدامها في معاملات أخرى.

  2. إجراء المضاهاة على نفس نوع التوقيع المطعون فيه

    • إذا كان الطعن يتعلق بالإمضاء، فيجب أن تُجرى المضاهاة على إمضاءات أخرى ثابتة لنفس الشخص.

    • إذا كان الطعن يتعلق بالختم أو بصمة الإصبع، فيجب أن تكون المقارنة مع أختام أو بصمات ثابتة الصلة بالخصم.

  3. منع استخدام مستندات غير معتمدة أو غير ثابتة

    • لا يجوز استخدام محررات غير معروفة المصدر أو لا تحمل صفة رسمية أو لم يُقر بها الخصم سابقًا.

    • هذا يمنع التلاعب أو استخدام وثائق مزورة لإثبات صحة محرر مطعون فيه.

أهمية المادة 34 في تحقيق العدالة

تلعب المادة 34 دورًا جوهريًا في تحقيق العدالة من خلال:

  1. ضمان صحة الأدلة المستخدمة في المضاهاة، مما يعزز دقة التحقيقات.

  2. منع التلاعب والتزوير، حيث تضع ضوابط صارمة على الوثائق التي يُمكن مقارنتها بالمحرر المطعون فيه.

  3. حماية حقوق الخصوم، من خلال عدم السماح باستخدام أدلة غير معترف بها أو لم تُثبت نسبتها إلى الطرف المعني.

  4. تحقيق الموازنة بين طرفي النزاع، بحيث لا يتم الإضرار بأي طرف من خلال إجراءات غير عادلة في التحقيق بالمضاهاة.

تطبيقات المادة 34 في القضاء المصري

استنادًا إلى أحكام المحاكم المصرية، فإن المادة 34 تُطبق وفقًا للمبادئ التالية:

  • إذا لم يتوافر مستند رسمي أو عرفي ثابت يُمكن المضاهاة عليه، فإن المحكمة قد ترفض إجراء التحقيق بالمضاهاة.

  • القاضي له السلطة التقديرية في قبول أو رفض المستندات المقدمة لإجراء المضاهاة، وله رفض أي مستند يراه غير صالح لهذا الإجراء.

  • في حالة عدم توافر مستندات صالحة للمضاهاة، يمكن اللجوء إلى وسائل إثبات أخرى مثل شهادة الشهود أو الأدلة الفنية.

  • إذا ثبُت أن المستند المستخدم في المضاهاة مزور أو غير ثابت الصلة بالخصم، فإن التقرير الفني الناتج عنه يكون بلا حجية قانونية.

مقارنة المادة 34 مع القوانين المقارنة

  • في القانون الفرنسي، تشترط المضاهاة أن تكون على مستندات رسمية أو مستندات اعترف بها الشخص سابقًا، وهو ما يتشابه مع نص المادة 34 من القانون المصري.

  • في القانون الإنجليزي، يُسمح بالاستعانة بالخبراء في تحليل المستندات دون التقيد الصارم بالمضاهاة على مستندات محددة، مما يمنح المحكمة مرونة أكبر في إجراءات التحقيق.

  • في القانون الإماراتي، هناك توجه مماثل لنص المادة 34، حيث يتم اشتراط أن تكون المضاهاة على مستندات ثابتة الصلة بالخصم لضمان نزاهة التحقيق.

خاتمة

تُعتبر المادة 34 من قانون الإثبات المصري ركيزة أساسية في تنظيم إجراءات المضاهاة، حيث تضع معايير واضحة للمستندات التي يمكن الاعتماد عليها لضمان تحقيق الدقة والعدالة. ومن خلال اشتراط أن تكون المستندات المستخدمة في المضاهاة ثابتة الصلة بالخصم، تُسهم هذه المادة في حماية الحقوق، وتقليل فرص التزوير، وضمان نزاهة الأدلة أمام المحاكم.

حضور الخصوم لتقديم أوراق المضاهاة

يُعد حضور الخصوم لتقديم أوراق المضاهاة من الإجراءات الجوهرية في تحقيق صحة الخطوط أو التوقيعات المطعون فيها، حيث يهدف هذا الحضور إلى ضمان شفافية عملية الإثبات وتمكين كل طرف من مناقشة المستندات المقدمة للمضاهاة.

وفقًا لقواعد الإثبات، يُلزم القاضي الخصوم بتقديم الأوراق المعتمدة للمضاهاة في جلسة التحقيق، بحيث يتسنى للطرف الآخر الاطلاع عليها وإبداء ملاحظاته أو الاعتراض عليها إذا رأى أنها غير صالحة للمضاهاة. كما يجوز للمحكمة أن تستدعي الخصوم لإبداء رأيهم حول المستندات المقدمة، أو لإلزامهم بتقديم أوراق رسمية أو عرفية تصلح للمضاهاة إذا كانت بحوزتهم.

وفي حالة امتناع أحد الخصوم عن تقديم المستندات المطلوبة دون مبرر مقبول، يجوز للمحكمة أن تستنتج من ذلك قرينة ضده، أو تلجأ إلى وسائل إثبات أخرى مثل ندب خبير لفحص المستندات أو الاعتماد على شهادة الشهود.

جزاء تخلف الخصوم عن الحضور

يُعد حضور الخصوم في إجراءات تقديم أوراق المضاهاة أمرًا ضروريًا لضمان نزاهة التحقيق وسلامة الإثبات. وإذا تخلف أحد الخصوم عن الحضور دون عذر مقبول، يترتب على ذلك آثار قانونية تختلف حسب موقف الخصم المتغيب وطبيعة الإجراء المطلوب.

  1. إذا كان المتخلف هو المدعي بالطعن في التوقيع أو المحرر

    • قد يُفسَّر تخلفه عن الحضور على أنه تنازل ضمني عن ادعائه بالتزوير أو عدم جديته في الطعن.

    • للمحكمة في هذه الحالة أن ترفض الطعن وتعتبر المحرر صحيحًا ما لم يكن هناك دليل آخر على التزوير.

  2. إذا كان المتخلف هو من يُحتج عليه بالمحرر

    • إذا امتنع الخصم عن الحضور أو عن تقديم أوراق المضاهاة المطلوبة، يجوز للمحكمة أن تستنتج من ذلك قرينة ضده، أي أنها قد تعتبر هذا الامتناع دليلًا على صحة التوقيع أو المستند المطعون فيه.

    • يمكن للمحكمة إلزامه بتقديم مستندات أخرى أو الاستعانة بخبير لإجراء التحقيق الفني اللازم.

  3. إذا كان التخلف يتعلق بجلسات التحقيق أو المضاهاة

    • يجوز للمحكمة استكمال التحقيق في غيبة المتخلف، طالما أن الخصم الآخر قدّم مستندات صالحة للمضاهاة.

    • للمحكمة أيضًا توقيع جزاءات إجرائية، مثل رفض طلب التحقيق أو المضاهاة إذا كان التأخير ناتجًا عن مماطلة الخصم.

وبذلك، فإن جزاء التخلف عن الحضور يعتمد على ظروف القضية، ويمنح القاضي سلطة تقديرية لاتخاذ القرار المناسب، بما يحقق العدالة ويمنع أي طرف من استغلال الإجراءات لتعطيل الفصل في النزاع.

المادة 35 من قانون الإثبات المصري

يُعد الإثبات عنصراً جوهرياً في تحقيق العدالة، حيث تعتمد المحاكم على مجموعة من القواعد المنظمة لوسائل الإثبات لضمان الوصول إلى الحقيقة. ومن بين هذه الوسائل، تأتي المضاهاة، التي تُستخدم في حالة الطعن بصحة التوقيع أو الخط أو الختم أو بصمة الإصبع. وقد وضعت المادة 35 من قانون الإثبات المصري ضوابط واضحة تتعلق بإجراءات المضاهاة، وخصوصًا فيما يتعلق بانتداب الخبراء في هذا المجال.

نص المادة 35 من قانون الإثبات المصري

على الخصم الذي ينازع في صحة المحرر أن يحضر بنفسه للاستكتاب في الموعد الذي يعينه القاضي لذلك . فإن امتنع من الحضور بغير عذر مقبول جاز الحكم بصحة المحرر .

تحليل المادة 35 من قانون الإثبات المصري

تتناول هذه المادة الحالات التي لا تتوافر فيها أوراق صالحة للمضاهاة، حيث تمنح المحكمة صلاحية اختيار الطريقة المناسبة لإثبات صحة المحرر المطعون فيه. ويُمكن تحليل مضمون المادة وفقًا للنقاط التالية:

 غياب الأوراق الصالحة للمضاهاة

  • الأصل في تحقيق الخطوط هو إجراء المضاهاة على مستندات ثابتة الصلة بالشخص المعني.

  • لكن في بعض الحالات، قد لا تتوافر أوراق رسمية أو عرفية معترف بها تصلح للمضاهاة، وهنا تُمنح المحكمة سلطة البحث عن وسائل بديلة للتحقيق.

 سلطة المحكمة في اختيار وسائل الإثبات البديلة

  • أعطت المادة 35 القاضي سلطة تقديرية واسعة لاختيار الوسيلة الأنسب لإثبات صحة المحرر.

  • من بين الوسائل التي يُمكن للمحكمة اللجوء إليها:

    • سماع شهادة الشهود لإثبات صحة التوقيع أو الخط.

    • الاستعانة بخبير في فحص الخطوط أو البصمات.

    • توجيه اليمين المتممة، إذا رأت المحكمة أن الأدلة غير كافية لكنها لا تزال في حاجة إلى ترجيح أحد الجوانب.

 اليمين المتممة كوسيلة إثبات

  • تُعتبر اليمين المتممة إحدى الوسائل التي قد تلجأ إليها المحكمة وفقًا للمادة 35.

  • هذه اليمين لا تُعد دليلاً مستقلاً، لكنها تُستخدم عندما ترى المحكمة أن الأدلة غير كافية لإثبات صحة المستند.

  • إذا حلف الخصم اليمين، فإن ذلك قد يكون سببًا في ترجيح صحة المحرر، أما إذا نكل عن الحلف، فقد يكون ذلك قرينة ضده.

أهمية المادة 35 في تحقيق العدالة

  • تُوفر المرونة للمحكمة، حيث لا تُلزمها بوسيلة معينة، بل تتيح لها اختيار الطريقة المناسبة لتحقيق العدالة.

  • تحول دون تعطيل الفصل في القضايا، حيث تمنع الخصوم من استغلال عدم وجود مستندات للمضاهاة كوسيلة لتعطيل الفصل في النزاع.

  • تحمي حقوق المتقاضين، من خلال تمكين المحكمة من استخدام كل الوسائل المتاحة للوصول إلى الحقيقة.

تطبيقات المادة 35 في القضاء المصري

استنادًا إلى أحكام المحاكم المصرية، هناك عدة تطبيقات للمادة 35، من بينها:

  1. إذا لم تكن هناك مستندات صالحة للمضاهاة، يجوز للمحكمة الاستعانة بشهادة الشهود لإثبات صحة التوقيع أو الخط.

  2. يجوز للمحكمة ندب خبير لفحص التوقيع أو البصمة باستخدام تقنيات الفحص الحديثة.

  3. إذا لم تكن هناك أدلة كافية، يمكن للمحكمة توجيه اليمين المتممة لأحد الخصوم لترجيح أحد الاحتمالات.

  4. إذا نكل الخصم عن حلف اليمين، فقد تستنتج المحكمة قرينة ضده وتعتبر الطعن غير جدي.

مقارنة المادة 35 مع القوانين المقارنة

  • في القانون الفرنسي، تعتمد المحكمة على المستندات المتاحة للمضاهاة، وفي حال عدم توافرها، يجوز لها اللجوء إلى شهادة الشهود والخبراء.

  • في القانون الإنجليزي، يُمنح القاضي سلطة تقديرية واسعة في اختيار وسيلة الإثبات، بما في ذلك اليمين عند الضرورة.

  • في القانون الإماراتي، هناك نص مشابه للمادة 35، حيث يسمح للقاضي باللجوء إلى وسائل الإثبات المختلفة عندما لا تتوافر أوراق صالحة للمضاهاة.

خاتمة

تُعد المادة 35 من قانون الإثبات المصري حلاً عمليًا ومرنًا للمشكلات التي قد تنشأ عند الطعن في صحة المحررات، حيث تمنح القاضي حرية اختيار الطريقة المناسبة للإثبات. ومن خلال السماح باستخدام وسائل بديلة مثل شهادة الشهود، اليمين المتممة، أو الخبرة الفنية، تضمن هذه المادة تحقيق العدالة وعدم عرقلة إجراءات التقاضي بسبب غياب المستندات الصالحة للمضاهاة.

الحضور للإستكتاب في قانون الإثبات المصري

يُعد الاستكتاب إحدى الوسائل المهمة في تحقيق صحة الخطوط أو التوقيعات المطعون فيها في قانون الإثبات المصري. ويهدف إلى إجراء مقارنة مباشرة بين خط أو إمضاء أو بصمة الخصم وبين المحرر المطعون فيه، مما يُمكن الخبير من الوصول إلى رأي فني دقيق حول صحة المستند.

عند أمر المحكمة بإجراء الاستكتاب، يجب على الخصم المعني الحضور شخصيًا في الموعد المحدد للقيام بكتابة نموذج جديد أمام القاضي أو الخبير المختص، وذلك لضمان صحة العينة المستخدمة في المضاهاة. وإذا تخلف الخصم عن الحضور دون عذر مقبول، فإن المحكمة قد تستنتج من ذلك قرينة ضده، مما قد يؤدي إلى اعتبار الطعن غير جدي أو حتى رفضه، وفقًا للظروف الموضوعية لكل قضية.

ويمثل الاستكتاب ضمانة أساسية لنزاهة إجراءات الإثبات، حيث يُستخدم كبديل للمضاهاة عندما لا تتوافر أوراق صالحة للمقارنة، مما يسهم في تحقيق العدالة ومنع التلاعب بالأدلة الكتابية.

إمتناع الخصم عن الحضور بغير عذر مقبول

يُعد امتناع الخصم عن الحضور بغير عذر مقبول تصرفًا قد يؤثر على موقفه القانوني، خاصة في القضايا المتعلقة بالطعن في صحة التوقيعات أو الخطوط. فإذا أمرت المحكمة بحضوره لإجراء الاستكتاب أو تقديم أوراق للمضاهاة أو الإدلاء بشهادته، ثم تخلف دون تقديم سبب مشروع، فإن ذلك قد يُفسَّر على أنه قرينة ضده.

وفقًا لقواعد الإثبات، يمكن أن يترتب على هذا الامتناع عدة نتائج قانونية، منها:

  1. اعتبار الطعن غير جدي، مما يؤدي إلى رفضه والإبقاء على صحة المحرر المطعون فيه.

  2. استنتاج المحكمة قرينة ضده، أي أن الامتناع قد يُعد دليلاً ضمنيًا على صحة المستند المشكوك فيه.

  3. اللجوء إلى وسائل إثبات أخرى، مثل المضاهاة على مستندات أخرى أو الاستعانة بشهادة الشهود والخبراء.

وفي جميع الأحوال، تتمتع المحكمة بسلطة تقديرية واسعة في تقدير أثر الامتناع، وتحديد ما إذا كان يشكل عرقلة لسير العدالة أو محاولة للتلاعب بالإجراءات القانونية.

المادة 36 من قانون الإثبات المصري

يُعتبر الإثبات جوهر العملية القضائية، حيث يعتمد القاضي في إصدار أحكامه على الأدلة المقدمة إليه وفقًا للقانون. ومن بين الوسائل المهمة في الإثبات، تأتي المضاهاة والاستكتاب، اللذان يُستخدمان عند الطعن في صحة المحررات والتوقيعات. وقد نظمت المادة 36 من قانون الإثبات المصري مسألة امتناع الخصم عن الاستكتاب، ومنحت المحكمة سلطة تقديرية في التعامل مع هذا الامتناع.

نص المادة 36 من قانون الإثبات المصري

تكون مضاهاة الخط أو الإمضاء أو الختم و بصمة الإصبع الذي حصل إنكاره على ما هو لمن يشهد عليه المحرر من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة إصبع .

تحليل المادة 36 من قانون الإثبات المصري

 الاستكتاب كوسيلة للإثبات

الاستكتاب هو إجراء قانوني يُطلب فيه من الخصم كتابة نص معين أمام المحكمة أو الخبير، وذلك لمقارنته بالمحرر المطعون فيه بهدف إثبات صحة التوقيع أو الخط. ويُستخدم الاستكتاب في الحالات التي لا تتوافر فيها مستندات صالحة للمضاهاة، أو عندما يكون من الضروري الحصول على نموذج كتابي جديد لمزيد من الدقة في التحقيق.

 أثر الامتناع عن الاستكتاب

تتناول المادة 36 حالة امتناع الخصم عن تنفيذ أمر المحكمة بإجراء الاستكتاب دون تقديم عذر مقبول، وقد أعطت المحكمة في هذه الحالة سلطة تقديرية في اعتبار هذا الامتناع قرينة على صحة المحرر.

دلالات هذا الحكم القانوني:

  • إذا امتنع الطاعن في صحة المحرر عن الاستكتاب، فقد تستنتج المحكمة أن هذا الامتناع يمثل إقرارًا ضمنيًا بصحة المستند.

  • المحكمة ليست ملزمة باعتبار الامتناع قرينة على صحة المحرر، حيث تظل لها سلطة تقديرية لتقييم ظروف القضية.

  • إذا قدّم الخصم عذرًا مقبولًا لعدم الحضور، كظروف قهرية أو مانع طبي، فلا يجوز للمحكمة أن تستنتج قرينة ضده.

 الطبيعة القانونية للقرينة الناتجة عن الامتناع

  • تُعد هذه القرينة قرينة قضائية وليست قانونية، أي أنها ليست دليلاً قاطعًا وإنما تُترك لتقدير القاضي.

  • يجوز للقاضي تدعيم هذه القرينة بوسائل إثبات أخرى، مثل شهادة الشهود أو تقارير الخبرة الفنية.

  • لا يُلزم القاضي باعتبار الامتناع دليلاً على صحة المستند، بل يستطيع الاستناد إلى عناصر أخرى للفصل في النزاع.

تطبيقات المادة 36 في القضاء المصري

استنادًا إلى أحكام المحاكم المصرية، هناك عدة تطبيقات للمادة 36، منها:

  1. إذا امتنع الطاعن في صحة التوقيع عن إجراء الاستكتاب دون مبرر، يجوز للمحكمة رفض الطعن واعتبار المستند صحيحًا.

  2. إذا ادعى الطاعن وجود تزوير في التوقيع وطلب الاستكتاب، ثم امتنع عن الحضور، يمكن للمحكمة اعتبار ذلك قرينة ضده.

  3. إذا برر الخصم امتناعه بعذر مقبول، كمرض موثق بتقرير طبي، فلا يجوز اعتبار ذلك قرينة على صحة المحرر.

  4. إذا كان الامتناع مقترنًا بظروف أخرى تدل على التلاعب أو المماطلة، يمكن للمحكمة اعتباره دليلًا إضافيًا على صحة المستند.

أهمية المادة 36 في تحقيق العدالة

  • منع التعسف في الطعن بالتزوير: تمنع المادة 36 الخصوم من استخدام الطعن بالتزوير كوسيلة لتعطيل الدعوى.

  • توازن بين حقوق الأطراف: حيث تمنح المتهم بالتزوير فرصة للدفاع عن نفسه، وفي الوقت ذاته تضع جزاءً على من يحاول المماطلة.

  • تعزيز مصداقية المستندات: من خلال وضع جزاء قانوني على من يرفض التعاون مع المحكمة، مما يساهم في استقرار المعاملات القانونية.

مقارنة المادة 36 بالقوانين المقارنة

  • في القانون الفرنسي، يُعتبر الامتناع عن الاستكتاب قرينة قوية ضد الطاعن، ولكن يمكن تفاديها بتقديم أعذار مقبولة.

  • في القانون الإنجليزي، تتمتع المحكمة بسلطة إلزام الشخص بالخضوع للاستكتاب، وإذا امتنع دون مبرر، يُعتبر ذلك دليلًا ضد ادعائه.

  • في القانون الإماراتي، ينص على جزاءات واضحة للامتناع عن الاستكتاب، تشمل فرض غرامات أو رفض الطعن بالتزوير مباشرة.

خاتمة

تُعد المادة 36 من قانون الإثبات المصري أداة مهمة في تحقيق العدالة ومنع إساءة استخدام الطعن بالتزوير. فمن خلال منح المحكمة سلطة تقديرية في تقدير أثر الامتناع عن الاستكتاب، تُحافظ هذه المادة على التوازن بين حقوق الخصوم، مع ضمان عدم تعطيل الفصل في النزاعات بسبب المماطلة.

مضاهاة الخط ولو كان دون توقيع

يُجيز قانون الإثبات المصري المضاهاة على الخط حتى لو كان غير موقع، وذلك إذا كان هذا الخط ثابت النسبة إلى الشخص المطلوب مضاهاة كتابته. فالمضاهاة لا تقتصر على الإمضاءات أو الأختام أو البصمات، بل يمكن أن تشمل مقارنة خط اليد ذاته، بشرط أن تكون العينة المستخدمة للمضاهاة ثابتة الصدور عن صاحبها وفقًا للقانون.

تُستخدم هذه الوسيلة عندما يكون الطعن منصبًا على خط كتابة وليس على توقيع فقط، كأن يدّعي أحد الخصوم أن مستندًا معينًا مكتوب بخط غيره، وفي هذه الحالة يمكن اللجوء إلى مضاهاة الكتابة على مستندات أخرى ثبتت صحتها، مثل خطابات شخصية أو مستندات رسمية سابقة.

ويتم إجراء المضاهاة بواسطة خبير الخطوط الذي يقارن خصائص الكتابة، مثل اتصال الحروف، الضغط على القلم، الميل، والتكرارات النمطية، ليصل إلى رأي فني حول مدى التطابق أو الاختلاف بين الخطين.

المادة 37 من قانون الإثبات المصري

يُعتبر الإثبات الكتابي من أقوى وسائل الإثبات في القضايا المدنية والتجارية، حيث يُعتمد على المستندات لإثبات الحقوق والالتزامات بين الأطراف. وعندما يتم الطعن في صحة المستندات، يلجأ القاضي إلى وسائل فنية مثل المضاهاة للتحقق من صحة الخطوط والتوقيعات. وقد نظمت المادة 37 من قانون الإثبات المصري أحكام المضاهاة، وبيّنت كيفية اختيار المستندات الصالحة للمقارنة.

نص المادة 37 من قانون الإثبات المصري

 لا يقبل للمضاهاة في حالة عدم اتفاق الخصوم إلا :

( أ) الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع الموضوع على محررات رسمية .

( ب) الجزء الذي يعترف الخصم بصحته من المحرر المقتضي تحقيقه .

( ج) خطه أو إمضاؤه الذي يكتبه أمام القاضي أو البصمة التي يطبعها أمامه .

تحليل المادة 37 من قانون الإثبات المصري

 مفهوم المضاهاة في الإثبات

المضاهاة هي إجراء قانوني يُستخدم للتحقق من صحة الكتابة أو التوقيع أو البصمة، وذلك بمقارنتها بعينة أخرى ثابت صحتها. وتتم المضاهاة بواسطة خبير خطوط يتم ندبه من قبل المحكمة، حيث يقوم بفحص الخصائص الفنية للكتابة، مثل:

  • شكل الحروف والتوصيلات بينها.

  • الضغط على القلم واتجاه الكتابة.

  • درجة الميل والتكرارات النمطية في الكتابة.

 شروط المضاهاة وفقًا للمادة 37

حددت المادة 37 ثلاثة مصادر رئيسية يجب أن تستند إليها المضاهاة، وهي:

المستندات المسلم بها من الخصم

  • يجب أن تكون الأوراق المستخدمة في المضاهاة غير متنازع فيها وثابتة النسبة إلى صاحبها.

  • يمكن أن تشمل هذه المستندات عقودًا سابقة، خطابات، إيصالات، أو أي أوراق أخرى أقر الخصم بصحتها.

 الكتابة أمام القاضي

  • إذا لم تكن هناك مستندات معترف بها، يجوز للقاضي إلزام الخصم بالاستكتاب أمامه، مما يتيح للمحكمة والخبير الحصول على نموذج مباشر للمضاهاة.

  • يهدف هذا الإجراء إلى ضمان صحة العينة المستخدمة في المضاهاة ومنع التلاعب أو الطعن في الأوراق المقدمة.

الكتابة أمام الخبير

  • إذا تعذر الاستكتاب أمام القاضي، يجوز إجراؤه أمام الخبير المنتدب في حضور الخصوم، مع اتخاذ الضمانات الكافية لضمان صحة العينة.

أهمية المادة 37 في الإثبات

  • تحديد إطار قانوني دقيق للمضاهاة، مما يمنع الاعتماد على أوراق غير موثوقة.

  • منع الطعن العشوائي في المستندات، حيث لا يجوز الاحتجاج بأوراق غير ثابتة المصدر.

  • حماية حقوق الأطراف، إذ تضمن هذه المادة أن تتم المضاهاة على مستندات رسمية أو معترف بها، مما يقلل من مخاطر التزوير أو التلفيق.

تطبيقات قضائية للمادة 37

جاء في العديد من الأحكام القضائية أن المضاهاة لا تكون صحيحة إلا إذا تمت على أوراق ثابتة النسبة إلى صاحبها. ومن التطبيقات العملية للمادة 37:

  1. إذا طعن شخص في صحة توقيعه على عقد بيع، يمكن للمحكمة إجراء المضاهاة على خطابات أو مستندات سبق أن أقر بها في قضايا سابقة.

  2. إذا ادّعى شخص أن توقيعه على سند مالي مزور، يمكن للقاضي إلزامه بالاستكتاب أمام الخبير لإجراء المضاهاة.

  3. إذا لم تكن هناك مستندات صالحة للمضاهاة، ورفض الخصم الاستكتاب، يجوز للمحكمة اعتبار هذا الرفض قرينة ضده بموجب المادة 36 من قانون الإثبات.

مقارنة المادة 37 بالقوانين المقارنة

  • في القانون الفرنسي، لا تُقبل المضاهاة إلا على مستندات رسمية أو كتابات تم إقرارها صراحةً.

  • في القانون الإنجليزي، يتمتع القاضي بسلطة أوسع في تحديد المستندات المناسبة للمضاهاة، وقد يطلب عينات كتابية من جهات رسمية.

  • في القانون الإماراتي، تنظم قواعد الإثبات أحكام المضاهاة بشكل مماثل للمادة 37، حيث تشترط أن تكون العينة المستخدمة معترفًا بها أو مأخوذة أمام جهة رسمية.

 الانتقادات والمقترحات

 الانتقادات

  • لا تحدد المادة 37 كيفية التصرف إذا لم تتوافر أي مستندات صالحة للمضاهاة ولم يحضر الخصم للاستكتاب.

  • لم تنص على إمكانية استخدام وسائل تكنولوجية حديثة، مثل تحليل الخط إلكترونيًا باستخدام برامج الذكاء الاصطناعي.

 المقترحات

  • تعديل النص القانوني بحيث يُسمح للمحكمة بالاعتماد على مستندات رسمية أخرى عند تعذر الحصول على مستند مسلم به.

  • إدراج وسائل التحقق الإلكترونية ضمن وسائل الإثبات، مما يعزز دقة المضاهاة.

 خاتمة

تُعد المادة 37 من قانون الإثبات المصري من الضمانات الأساسية لتحقيق العدالة في المنازعات المتعلقة بالمحررات الكتابية. فمن خلال اشتراطها أن تكون المضاهاة قائمة على مستندات ثابتة المصدر، تمنع هذه المادة اللجوء إلى أساليب غير دقيقة أو مشكوك فيها. ورغم أن النص الحالي يُشكل حماية قانونية فعالة، إلا أن التطورات التكنولوجية تستدعي تطوير أساليب الإثبات، وهو ما يمكن أن يُؤخذ في الاعتبار مستقبلاً.

ورود أوراق المضاهاة على سبيل الحصر

نصت المادة 37 من قانون الإثبات المصري على أنه لا يقبل للمضاهاة في حالة عدم اتفاق الخصوم إلا :

( أ) الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع الموضوع على محررات رسمية .

( ب) الجزء الذي يعترف الخصم بصحته من المحرر المقتضي تحقيقه .

( ج) خطه أو إمضاؤه الذي يكتبه أمام القاضي أو البصمة التي يطبعها أمامه .

وهكذا، فإن ورود أوراق المضاهاة على سبيل الحصر يهدف إلى ضمان الدقة والعدالة في تحقيق صحة المحررات، ومنع الاعتماد على أدلة غير ثابتة قانونًا.

صدور أمر أداء بموجب سند إذني لا يضفى على السند صفة الرسمية

إن صدور أمر أداء بناءً على سند إذني لا يمنح هذا السند صفة الرسمية، لأن السند الإذني في أصله يُعد محررًا عرفيًا، وليس محررًا رسميًا. فالمحررات الرسمية هي تلك التي يصدرها موظف عام مختص بموجب سلطته القانونية، مثل العقود الموثقة والشهادات الصادرة عن الجهات الحكومية.

أما السند الإذني، فهو ورقة تجارية تتضمن تعهدًا مكتوبًا من شخص بدفع مبلغ معين في تاريخ محدد، ويُعتبر دليلًا على الدين لكنه لا يكتسب الرسمية لمجرد تقديمه لاستصدار أمر أداء. ويبقى الطعن في صحته ممكنًا، سواء بالإنكار أو الادعاء بالتزوير، شأنه شأن أي محرر عرفي آخر.

وبالتالي، فإن القوة التنفيذية التي يكتسبها السند الإذني عند صدور أمر الأداء لا تجعله رسميًا، بل تظل قابليته للطعن قائمة وفقًا لقواعد الإثبات المنصوص عليها في القانون.

القاضي ليس ملزما بقبول كافة المحررات المقدمة للمضاهاة

القاضي غير ملزم بقبول كافة المحررات التي يقدمها الخصوم للمضاهاة، بل يتمتع بسلطة تقديرية في اختيار الأوراق الصالحة لإجراء المضاهاة، وفقًا لما يراه مناسبًا لتحقيق العدالة. ويستند ذلك إلى المادة 37 من قانون الإثبات المصري، التي حددت أوراق المضاهاة على سبيل الحصر، وهي:

  1. المحررات المسلَّم بها من الخصم.

  2. المحررات التي تم كتابتها أمام القاضي.

  3. المحررات التي تم كتابتها أمام الخبير المنتدب.

وبناءً على ذلك، يحق للقاضي رفض أي مستند لا تتوافر فيه هذه الشروط، مثل المحررات المشكوك في صحتها أو التي لم يثبت صدورها عن صاحبها. كما أن للقاضي أن يقرر إلزام الخصم بالاستكتاب إذا لم يجد أوراقًا صالحة للمضاهاة، مما يؤكد أن اختياره للأوراق المقدمة يخضع لسلطته التقديرية وفقًا لظروف كل دعوى.

القاضي غير ملزم  بالإستعانة بخبير عند إستكتاب الخصم

القاضي غير ملزم بالاستعانة بخبير عند إجراء الاستكتاب للخصم، حيث يتمتع بسلطة تقديرية في تحديد مدى الحاجة إلى رأي فني. فوفقًا لقانون الإثبات المصري، يمكن للقاضي إجراء الاستكتاب بنفسه ومقارنة الخط أو التوقيع أو البصمة بالمحررات المقدمة للمضاهاة، دون الاستعانة بخبير خطوط، إذا رأى أن الأمر لا يتطلب خبرة فنية خاصة.

لكن إذا كانت المسألة تحتاج إلى تقييم فني دقيق، كحالات الاشتباه في التزوير أو الاختلافات الطفيفة التي لا يمكن للقاضي الفصل فيها مباشرة، جاز له ندب خبير خطوط لإجراء الفحص الفني وإبداء الرأي.

وبذلك، يظل للقاضي الحرية في الاكتفاء بملاحظاته الشخصية أو الاستعانة بالخبرة الفنية وفقًا لما يراه ضروريًا لتحقيق العدالة.

نتيجة تقرير الخبير ليست ملزمة للقاضي

وفقًا لقواعد الإثبات في القانون المصري، لا يُلزم القاضي بنتيجة تقرير الخبير، بل يظل التقرير مجرد عنصر من عناصر الإثبات يخضع لتقدير المحكمة. فالقاضي له كامل الحرية في الأخذ بتقرير الخبير أو رفضه كليًا أو جزئيًا، بشرط أن يُبدي أسبابًا واضحة لذلك في حكمه.

ويرجع ذلك إلى أن دور الخبير استشاري وليس قضائي، فهو يقدم رأيًا فنيًا بناءً على الفحص والتحليل، لكن الفصل في صحة المستندات أو التوقيعات يظل من اختصاص القاضي وحده. فإذا رأى القاضي أن التقرير مشوب بالقصور أو التناقض، أو أن هناك أدلة أخرى ترجح خلاف ما انتهى إليه الخبير، جاز له تجاهل التقرير أو إعادة ندب خبير آخر للوصول إلى الحقيقة.

وبذلك، يؤكد القانون على سلطة القاضي التقديرية، بحيث لا يكون ملزمًا برأي الخبير إلا إذا اقتنع بصحته ووجد فيه ما يعزز قناعته بالحكم العادل في القضية.

عدم تقيد المحكمة في المضاهاة التي تجربها بنفسها بأوراق المضاهاة الواردة بالمادة

رغم أن المادة 37 من قانون الإثبات المصري حصرت أوراق المضاهاة في المحررات المسلم بها من الخصم، أو المكتوبة أمام القاضي، أو المكتوبة أمام الخبير، إلا أن المحكمة ليست مقيدة بهذه الأوراق إذا قامت بالمضاهاة بنفسها.

فالقاضي، باعتباره الخبير الأعلى في الدعوى، له سلطة تقديرية واسعة في اختيار المستندات التي يراها صالحة لإجراء المضاهاة، حتى لو لم تكن من بين الأوراق المحددة في المادة 37. ويهدف ذلك إلى تحقيق العدالة ومنع تقييد القاضي بإجراءات قد تؤدي إلى عرقلة إثبات الحقيقة.

وبالتالي، يجوز للمحكمة أن تعتمد على مستندات أخرى ترى أنها تعكس خط أو توقيع الخصم بوضوح، طالما لم يطعن الخصم عليها، مما يتيح مرونة أكبر في إجراءات الإثبات وفقًا لظروف كل دعوى.

المادة 38 من قانون الإثبات المصري

يُعد الإثبات عن طريق المضاهاة من الوسائل الفنية المهمة التي يعتمد عليها القضاء للتحقق من صحة التوقيعات أو الخطوط أو الأختام عند الطعن بالتزوير. وقد نظم قانون الإثبات المصري هذا الإجراء، حيث تناولت المادة 38 الأحكام الخاصة بكيفية تحديد أوراق المضاهاة في التحقيقات المتعلقة بالمحررات المشكوك في صحتها.

نص المادة 38 من قانون الإثبات المصري

يجوز للقاضي أن يأمر بإحضاره المحررات الرسمية المطلوبة للمضاهاة عليها من الجهة التي تكون بها أو ينتقل مع الخبير إلى محلها للإطلاع عليها بغير نقلها .

تحليل المادة 38 من قانون الإثبات المصري

 الهدف من المادة 38

تحدد المادة الإجراء البديل الذي تتبعه المحكمة إذا لم تكن هناك أوراق صالحة للمضاهاة، حيث تمنح المحكمة سلطة إلزام الشخص المنسوب إليه المحرر بأن يكتب بنفسه نموذجًا للخط أو التوقيع أو الختم أو البصمة، ليتم مقارنتها بالمحرر محل النزاع.

 متى يتم اللجوء إلى الاستكتاب؟

يتم اللجوء إلى هذا الإجراء عند عدم توافر أي مستند صالح للمضاهاة وفقًا لما حددته المادة 37 من قانون الإثبات، والتي قيدت أوراق المضاهاة في:

  1. المحررات المسلم بها من الخصم.

  2. المحررات المكتوبة أمام القاضي.

  3. المحررات المكتوبة أمام الخبير.

فإذا لم تتوفر هذه الأوراق، أصبح الاستكتاب أمام المحكمة أو الخبير وسيلة إلزامية للتحقق من صحة المحرر.

 كيفية إجراء الاستكتاب

أعطت المادة 38 المحكمة خيارين عند إجراء الاستكتاب:

  • أن يتم أمام القاضي مباشرةً، حيث يقوم الخصم بكتابة ما يمليه القاضي تحت إشرافه.

  • أن يتم أمام خبير منتدب من المحكمة، حيث يشرف الخبير على عملية الاستكتاب، ويجري الفحص الفني اللازم لمقارنة العينة المكتوبة بالمحرر محل النزاع.

الضمانات القانونية في الاستكتاب

حتى يكون الاستكتاب وسيلة إثبات موثوقة، وضع القانون عدة ضمانات، منها:

  • ضرورة أن يتم تحت إشراف جهة قضائية أو خبير مختص لضمان نزاهة الإجراء.

  • يجب أن يكون الخصم حاضرًا أثناء الاستكتاب حتى لا يتم التلاعب بالعينات.

  • يتم تسجيل ملاحظات حول طريقة الكتابة والسمات الخطية أو البصمات لضمان دقة المقارنة.

أهمية المادة 38 في الإثبات

  • تحقيق العدالة ومنع التلاعب، إذ تمنع أي طرف من التنصل من توقيعه أو خطه بحجة عدم وجود أوراق مضاهاة.

  • منح القاضي مرونة في الإثبات، حيث توفر وسيلة إضافية للتحقق عند غياب المستندات الأخرى.

  • تأكيد مبدأ حياد المحكمة، إذ يتم الإجراء تحت إشراف قضائي مباشر لضمان النزاهة والشفافية.

تطبيقات قضائية للمادة 38

في العديد من الأحكام القضائية، لجأت المحاكم المصرية إلى تطبيق المادة 38 عندما أنكر أحد الأطراف توقيعه على عقد أو مستند مالي، ولم تكن هناك مستندات أخرى صالحة للمضاهاة، حيث أمرت المحكمة بإجراء استكتاب تحت إشراف خبير خطوط، وأخذت بنتائج الفحص الفني للمضاهاة كدليل إثبات في القضية.

الفرق بين المادة 38 والمادة 37

  • المادة 37 تحدد المستندات التي تصلح للمضاهاة على سبيل الحصر.

  • المادة 38 توضح الإجراء البديل عند غياب المستندات، وهو إلزام الخصم بالاستكتاب.

  • المادة 38 تمنح المحكمة سلطة إلزامية، بينما المادة 37 تقيد الأوراق التي يمكن استخدامها.

الانتقادات والمقترحات

أ. الانتقادات

  • لم تحدد المادة الإجراء الذي يُتبع في حال رفض الخصم الاستكتاب، مما قد يفتح المجال للمماطلة.

  • لم تشر إلى استخدام الوسائل الحديثة، مثل التحليل الرقمي للخطوط والتوقيعات.

ب. المقترحات

  • تعديل المادة 38 بحيث يتم اعتبار الامتناع عن الاستكتاب قرينة ضد الخصم.

  • السماح باستخدام التكنولوجيا الحديثة في تحليل الخطوط والتوقيعات إلكترونيًا.

خاتمة

تُعد المادة 38 من قانون الإثبات المصري ضمانة أساسية لحل النزاعات المتعلقة بصحة المحررات عند غياب أوراق المضاهاة. فمن خلال إلزام الخصم بالاستكتاب، تمنع هذه المادة أي طرف من التهرب من التزاماته، وتوفر للمحكمة أداة فعالة للوصول إلى الحقيقة. ومع التطور التكنولوجي، قد يكون من المفيد تحديث آليات الإثبات لتشمل وسائل تحليل الخطوط الرقمية، مما يعزز دقة إجراءات الإثبات في القضايا الحديثة.

إحضار الأوراق الرسمية المطلوبة للمضاهاة

عند إجراء المضاهاة للتحقق من صحة التوقيع أو الخط أو البصمة، يجب إحضار الأوراق الرسمية المطلوبة التي تصلح للمقارنة وفقًا لما حددته المادة 37 من قانون الإثبات المصري. وتشمل هذه الأوراق:

  1. المحررات الرسمية أو العرفية المسلَّم بها من الخصم دون منازعة.

  2. المحررات التي تم تحريرها أمام القاضي أثناء نظر الدعوى.

  3. المحررات التي تمت كتابتها أمام خبير منتدب من المحكمة.

يتم طلب هذه الأوراق من الجهات المختصة أو الخصوم أنفسهم، ويجب تقديمها إلى المحكمة في الموعد المحدد حتى لا يتسبب التأخير في تعطيل إجراءات الإثبات. كما أنه في حالة عدم توافر أوراق رسمية للمضاهاة، يجوز للمحكمة اللجوء إلى الاستكتاب وفقًا للمادة 38 من قانون الإثبات.

ويهدف هذا الإجراء إلى ضمان دقة التحقيق ومنع أي محاولة للتلاعب أو تقديم مستندات غير موثوقة، مما يعزز نزاهة الأحكام القضائية.

حالة تقديم صورة رسمية من أوراق المضاهاة

عند تقديم صورة رسمية من أوراق المضاهاة بدلًا من الأصل، يثور التساؤل حول مدى صلاحيتها لإجراء المضاهاة عليها. والأصل أن المضاهاة تُجرى على المحررات الأصلية لضمان دقة الفحص والمقارنة، حيث إن الصور قد تفتقر إلى التفاصيل الفنية الدقيقة، مثل الضغط في الكتابة، أو تباين الحبر، أو الخصائص الطبيعية للتوقيع أو البصمة.

ومع ذلك، قد تقبل المحكمة الصورة الرسمية لإجراء المضاهاة في حالات استثنائية إذا تعذر تقديم الأصل، بشرط:

  1. ثبوت مطابقة الصورة للأصل، وعدم الطعن عليها من الخصم.

  2. عدم وجود شبهة تزوير أو تحريف في الصورة المقدمة.

  3. اقتناع المحكمة بصلاحيتها لإجراء المقارنة، وهو أمر يخضع لتقدير القاضي.

أما إذا كانت الصورة غير كافية لإجراء المضاهاة، فللمحكمة رفض الاعتماد عليها، وقد تأمر بإحضار الأصل أو اللجوء إلى الاستكتاب كبديل لإثبات صحة التوقيع أو الخط.

المادة 39 من قانون الإثبات المصري

يُعد الإثبات بالكتابة من أهم وسائل الإثبات في القانون المدني والتجاري، ويكتسب الطعن بالتزوير أهمية خاصة عندما يكون هناك نزاع حول صحة المحررات المقدمة أمام القضاء. وقد نظم قانون الإثبات المصري هذا الأمر من خلال عدة مواد، من بينها المادة 39 التي تحدد القواعد المتعلقة بإحضار أوراق المضاهاة عند الطعن بالتزوير.


نص المادة 39 من قانون الإثبات المصري

 في حالة تسليم المحررات الرسمية لقلم الكتاب تقوم الصورة التي تنسخ منها مقام الأصل متى كانت ممضاة من القاضي المنتدب والكاتب والموظف الذي يسلم الأصل ومتى أعيد الأصل إلى محله , ترد الصور المأخوذة منه إلى قلم الكاتب ويصير إلغاؤه .

تحليل المادة 39 من قانون الإثبات المصري

سلطة القاضي في طلب أوراق المضاهاة

تعطي المادة 39 سلطة تقديرية واسعة للقاضي في الأمر بإحضار أوراق المضاهاة، حتى لو لم تكن مقدمة من أحد الخصوم. فالقاضي، باعتباره المسؤول عن الكشف عن الحقيقة، يستطيع أن يطلب أي ورقة رسمية أو غير رسمية إذا رأى أنها ضرورية للمضاهاة.

أنواع الأوراق التي يجوز للقاضي طلبها

وفقًا للمادة، تشمل أوراق المضاهاة التي يمكن للقاضي طلبها:

  • المحررات الرسمية: مثل العقود الموثقة، والسجلات الحكومية، والشهادات الرسمية.

  • المحررات العرفية: مثل العقود الخاصة، والإيصالات، والمراسلات بين الأطراف.

  • السجلات الرسمية: يمكن للقاضي الاطلاع على السجلات الحكومية للتحقق من صحة خط أو توقيع أو بصمة أي شخص.

 شروط طلب أوراق المضاهاة

لكي يأمر القاضي بإحضار أوراق المضاهاة، يجب أن تتوفر الشروط الآتية:

  1. أن تكون الورقة المطلوبة لازمة لإجراء المضاهاة، أي أن هناك حاجة فعلية لمقارنتها بالمحرر المطعون فيه بالتزوير.

  2. أن تكون الورقة موثوقة وغير مشكوك فيها، حتى تكون أساسًا صالحًا لإجراء المضاهاة.

  3. أن تكون الورقة متاحة ويمكن الحصول عليها، حيث لا يجوز للقاضي إلزام جهة بتقديم ورقة غير موجودة أو تم إتلافها.

 الفرق بين المادة 39 والمادة 37

  • المادة 37 حصرت أوراق المضاهاة في المحررات المسلم بها من الخصم، أو المكتوبة أمام القاضي، أو المكتوبة أمام الخبير.

  • المادة 39 وسّعت نطاق المضاهاة، حيث منحت القاضي سلطة طلب أوراق إضافية من أي جهة يراها ضرورية، حتى لو لم تكن مقدمة في الدعوى.

أهمية المادة 39 في الإثبات

  • تمنح القاضي مرونة كبيرة في التحقق من صحة المحررات المشكوك فيها.

  • تمنع التحايل أو إخفاء الأدلة، حيث يستطيع القاضي طلب أي ورقة يرى ضرورتها.

  • تدعم مبدأ البحث عن الحقيقة، حيث لا يقتصر الإثبات على الأوراق التي يقدمها الخصوم فقط.

تطبيقات قضائية للمادة 39

في العديد من القضايا، استخدمت المحاكم المصرية هذه المادة لإلزام جهات حكومية أو أطراف أخرى بتقديم مستندات رسمية للمضاهاة. على سبيل المثال:

  • في قضية طعن بالتزوير على عقد بيع، أمرت المحكمة بإحضار عقد آخر من الشهر العقاري لمقارنة توقيع البائع.

  • في نزاع حول وصية مكتوبة بخط اليد، طلب القاضي سجلات الأحوال المدنية للتحقق من خط المتوفى.

الانتقادات والمقترحات

أ. الانتقادات

  • لم تحدد المادة آلية الطعن على قرار القاضي بإحضار أوراق المضاهاة، مما قد يثير بعض الإشكاليات.

  • لم توضح مدى إلزام الجهات الحكومية بتقديم السجلات الرسمية، مما قد يسبب تأخيرًا في بعض القضايا.

ب. المقترحات

  • إضافة نص يحدد إجراءات الاعتراض على طلب إحضار الأوراق.

  • وضع ضوابط زمنية تلزم الجهات بتقديم الأوراق خلال مدة محددة لمنع تعطيل الفصل في القضايا.

ملخص المادة 

تُعد المادة 39 من قانون الإثبات المصري أداة مهمة لضمان الوصول إلى الحقيقة في القضايا المتعلقة بالطعن بالتزوير. فمن خلال منح القاضي سلطة طلب أي ورقة رسمية أو غير رسمية للمضاهاة، توفر هذه المادة مرونة كبيرة في الإثبات وتحدّ من فرص التلاعب أو إخفاء الأدلة. ومع ذلك، قد يكون من المفيد وضع إجراءات أكثر تفصيلًا لتنظيم تطبيقها بشكل أكثر دقة وفاعلية.

المادة 40 من قانون الإثبات المصري

يعد الإثبات بالكتابة من أهم وسائل الإثبات في النظام القانوني المصري، حيث يُمكن الاعتماد على المحررات الرسمية والعرفية لإثبات الحقوق والالتزامات. ولضمان صحة هذه المحررات، أتاح القانون وسائل للطعن فيها، ومنها المضاهاة والاستكتاب. في هذا السياق، تنظم المادة 40 من قانون الإثبات المصري إجراءات استكتاب الخصم عند الطعن في صحة الخط أو التوقيع أو البصمة، وذلك لضمان تحقيق العدالة والتأكد من صحة المحرر.

نص المادة 40 من قانون الإثبات المصري

يوقع الخبير والخصوم والقاضي والكاتب على أوراق المضاهاة قبل الشروع في التحقيق ويذكر ذلك في المحضر .

تحليل المادة 40 من قانون الإثبات المصري

 إجراءات الاستكتاب وأوراق المضاهاة

تنظم المادة 40 كيفية إجراء التحقيق بالمضاهاة، حيث يتعين على المحكمة أن تحدد بدقة الأوراق التي سيتم استخدامها في المضاهاة. ولا يجوز أن تُجرى المضاهاة إلا على أوراق تتوفر فيها ضمانات الثبوت والموثوقية.

أنواع الأوراق التي تُجرى عليها المضاهاة

حددت المادة 40 ثلاثة أنواع رئيسية من أوراق المضاهاة، وهي:

  1. الأوراق الرسمية: وهي المحررات الصادرة عن الجهات الرسمية التي تحمل توقيعات أو بصمات أصحابها، مثل عقود الشهر العقاري أو وثائق الأحوال المدنية.

  2. الأوراق المعترف بها من الخصم: أي مستندات غير رسمية يعترف الخصم بأنها صادرة منه، مثل العقود الخاصة أو المراسلات الشخصية.

  3. الأوراق التي تم تحريرها أمام القاضي أو الخبير: حيث يمكن للمحكمة أن تأمر الخصم بكتابة نموذج أمامها أو أمام خبير متمكن، بهدف التحقق من صحة خطه أو توقيعه أو بصمته.

إلزام المحكمة بتحديد أوراق المضاهاة

ألزمت المادة المحكمة بتحديد المستندات التي ستُستخدم في المضاهاة، لضمان أن يكون هناك معيار واضح للتحقيق وعدم ترك الأمر للتقدير العشوائي. فإذا لم تحدد المحكمة الأوراق التي ستتم المضاهاة عليها، فإن ذلك قد يؤدي إلى بطلان إجراءات التحقيق.

أهمية المادة 40 في الإثبات القضائي

  • تضمن دقة وحيادية التحقيق في حالات الطعن بالتزوير.

  • تحدد إجراءات واضحة تمنع التلاعب في أوراق المضاهاة.

  • تحمي حقوق الخصوم من خلال إلزام المحكمة باستخدام أوراق موثوقة للمضاهاة.

التطبيقات القضائية للمادة 40

في بعض القضايا، استندت المحاكم إلى المادة 40 عند الفصل في نزاعات تتعلق بالطعن بالتزوير. ومن أبرز التطبيقات:

  • في دعوى مدنية طُعن فيها بتزوير عقد بيع، أمرت المحكمة بإجراء المضاهاة على توقيع البائع باستخدام عقد رسمي سابق مسجل باسمه.

  • في قضية تتعلق بإثبات وصية مكتوبة بخط اليد، أمر القاضي بإجراء المضاهاة على توقيعات سابقة موجودة في سجلات الشهر العقاري.

الانتقادات والمقترحات

أ. الانتقادات

  • لم تنص المادة على الإجراء الواجب اتباعه في حال عدم توفر أوراق مضاهاة رسمية أو معترف بها.

  • لم توضح بشكل دقيق الآلية التي يمكن بها الاعتراض على الأوراق المحددة للمضاهاة.

ب. المقترحات

  • إضافة نص يسمح للمحكمة باستخدام وسائل تقنية حديثة مثل التحليل الرقمي للتوقيعات في حال عدم توفر أوراق مضاهاة مناسبة.

  • وضع إجراءات اعتراض واضحة للخصوم على الأوراق المحددة للمضاهاة، لضمان تحقيق العدالة.

خاتمة

تمثل المادة 40 من قانون الإثبات المصري ضمانة مهمة لحماية المحررات من التزوير، من خلال تنظيم إجراءات المضاهاة والاستكتاب وفق معايير قانونية واضحة. فهي تضمن عدم التلاعب بالأدلة الكتابية، وتعزز مصداقية المحررات، مما يسهم في تحقيق العدالة وإنصاف الأطراف المتنازعة. ومع ذلك، يمكن تطوير النصوص التشريعية بإضافة وسائل أكثر حداثة لضمان دقة إجراءات الإثبات وتحديث القواعد بما يتناسب مع التطورات التكنولوجية الحديثة.

جزاء مخالفة أحكام المادة 40 من قانون الإثبات

عند مخالفة أحكام المادة 40 من قانون الإثبات المصري، فإن ذلك قد يؤدي إلى بطلان إجراءات التحقيق بالمضاهاة، نظرًا لكون هذه الأحكام تتعلق بسلامة إجراءات الإثبات التي تؤثر بشكل مباشر على صحة الأحكام القضائية. ويترتب على المخالفة عدة نتائج قانونية، أبرزها:

  1. بطلان تقرير المضاهاة: إذا لم تعين المحكمة الأوراق التي تُجرى عليها المضاهاة كما يقتضي نص المادة، فإن تقرير المضاهاة يفقد قوته القانونية، مما يؤدي إلى عدم الاعتداد به كدليل في الدعوى.

  2. إعادة التحقيق: قد تضطر المحكمة إلى إعادة إجراءات المضاهاة على أوراق صحيحة وفقًا لما نصت عليه المادة 40، مما يؤدي إلى تأخير الفصل في النزاع.

  3. الطعن في الحكم: يمكن للخصم المتضرر من مخالفة المادة 40 الطعن على الحكم، سواء بالاستئناف أو بالنقض، إذا أثبت أن إجراءات المضاهاة تمت على أوراق غير صالحة أو لم يتم تحديدها بشكل صحيح.

  4. التأثير على حجية الدليل: في حالة إجراء المضاهاة على أوراق غير معتمدة قانونًا، قد يؤدي ذلك إلى إهدار قيمة الدليل الكتابي المقدم، مما يؤثر على القناعة القضائية.

لذلك، تلتزم المحاكم بضرورة الامتثال الصارم لأحكام المادة 40، لضمان صحة التحقيقات وعدم تعريض الأحكام القضائية للبطلان أو الطعن القانوني.

المادة 41 من قانون الإثبات المصري

يعد الإثبات بالكتابة من الوسائل الأساسية في النظام القانوني المصري، وخاصة في القضايا المدنية والتجارية. ولضمان سلامة المحررات وتجنب التزوير، وضع المشرّع المصري ضوابط محددة لإجراء المضاهاة والاستكتاب عند الطعن في صحة المحررات. ومن بين هذه القواعد، تأتي المادة 41 من قانون الإثبات المصري، التي تحدد آلية استكتاب الخصم في حال الطعن بخطه أو توقيعه أو بصمته.

نص المادة 41 من قانون الإثبات المصري

 تراعى فيما يتعلق بأولي الخبرة القواعد المقررة في الفصل المتعلق بالخبرة 

تحليل المادة 41

نطاق تطبيق المادة

تنظم هذه المادة الإجراءات التي يمكن اتخاذها عند الطعن في صحة الخط أو الإمضاء أو البصمة، حيث تمنح الحق للخصم الذي ينازع في صحة الورقة أن يطلب أحد الأمرين:

  • استكتاب خصمه أمام القاضي أو الخبير المختص، بهدف مقارنة الخط أو التوقيع أو البصمة المشكوك فيها بما يكتبه الخصم أمام المحكمة.

  • تقديم شهوده لإثبات عدم صحة المحرر، حيث يمكن الاعتماد على شهادة الشهود كوسيلة إثبات مساندة أو بديلة في بعض الحالات.

حق الخصم في طلب الاستكتاب

يعتبر الاستكتاب أحد أهم وسائل الإثبات عندما يكون هناك نزاع حول صحة التوقيع أو الخط، حيث يُجبر الخصم على كتابة نموذج أمام المحكمة أو الخبير لإجراء المقارنة. ويشترط لقبول طلب الاستكتاب ما يلي:

  • أن يكون هناك نزاع جدي حول صحة التوقيع أو الخط.

  • أن يكون المحرر المطعون فيه منتجًا في النزاع، أي أن الفصل في القضية يعتمد عليه.

  • ألا يكون هناك أوراق مضاهاة رسمية أو معترف بها تغني عن الاستكتاب.

 تقديم الشهود كبديل للاستكتاب

في بعض الحالات، يمكن للخصم الطاعن بصحة المحرر أن يستعين بالشهود لإثبات التزوير، خصوصًا إذا لم يكن الاستكتاب ممكنًا أو إذا كانت هناك أدلة أخرى تدعم ادعاءه. ويكون ذلك في الحالات التالية:

  • إذا كان المحرر يشتمل على ظروف كتابية غير طبيعية يصعب التحقق منها بالمضاهاة فقط.

  • إذا كان التزوير قد تم بطريقة لا يمكن كشفها بالمضاهاة التقليدية، مثل الضغط على التوقيع أو التقليد المتقن.

  • إذا كان هناك شهود عيان رأوا واقعة التزوير أو لديهم معلومات مباشرة عنها.

أهمية المادة 41 في الإثبات القضائي

  • توفر وسيلة مباشرة للتحقق من صحة التوقيع أو الخط عبر الاستكتاب الفوري.

  • تمنح الخصوم حق اللجوء إلى الشهود كوسيلة إثبات مساندة، مما يعزز العدالة.

  • تساعد المحكمة في الوصول إلى الحقيقة بوسائل متعددة، سواء بالمضاهاة أو الشهادة.

التطبيقات القضائية للمادة 41

في العديد من القضايا، اعتمدت المحاكم على هذه المادة للفصل في الطعون بالتزوير، ومن الأمثلة على ذلك:

  • في دعوى طعن بتزوير عقد بيع، طلب المدعي استكتاب المدعى عليه أمام المحكمة لمقارنة توقيعه مع التوقيع الموجود على العقد.

  • في قضية طعن في صحة وصية، قدم الخصم شهادة شهود لإثبات أن المتوفى لم يكن قادرًا على التوقيع بنفسه وقت تحرير الوثيقة.

الانتقادات والمقترحات

أ. الانتقادات

  • لم تحدد المادة الإجراءات الواجب اتباعها في حالة رفض الخصم الاستكتاب، مما قد يؤدي إلى تعقيد الإجراءات.

  • لم توضح المادة مدى إلزام المحكمة بقبول الشهود كوسيلة إثبات بديلة أو مكملة للمضاهاة.

ب. المقترحات

  • تعديل المادة لإضافة جزاء قانوني في حالة امتناع الخصم عن الاستكتاب دون عذر مقبول، مثل اعتباره قرينة ضده.

  • توضيح حالات قبول شهادة الشهود، بحيث لا يُترك الأمر لاجتهاد القاضي وحده، مما يضمن توحيد الأحكام.

خاتمة

تُعد المادة 41 من قانون الإثبات المصري من النصوص المهمة التي تكفل تحقيق العدالة في حالات الطعن بالتزوير، حيث تتيح للخصم الطاعن طلب استكتاب خصمه أو الاستعانة بالشهود لإثبات صحة ادعائه. ومع ذلك، فإن تطبيق هذه المادة يحتاج إلى مزيد من التوضيح والتحديث لمواكبة التطورات الحديثة في وسائل الإثبات، وضمان عدم تعسف أي طرف في استخدام هذه الإجراءات.

مراعاة القواعد المقررة في الفصل المتعلق بالخبرة

عند إجراء التحقيق بالمضاهاة أو الاستكتاب وفقًا لقانون الإثبات المصري، يجب مراعاة القواعد المقررة في الفصل الخاص بالخبرة، وذلك لأن المضاهاة والاستكتاب غالبًا ما يتمان بواسطة خبير منتدب من المحكمة. وتتضمن هذه القواعد عدة أمور أساسية، منها:

  1. تعيين الخبير: يجب أن يكون الخبير المعين من أهل التخصص في فحص الخطوط والتواقيع والبصمات، وأن يتمتع بالحياد والنزاهة.

  2. التزام الخبير بالمهمة المحددة: لا يجوز له الخروج عن حدود المأمورية التي حددتها المحكمة، ويجب عليه التقيد بالأوراق المعتمدة للمضاهاة.

  3. تمكين الخصوم من مناقشة تقرير الخبير: يحق للخصوم الاطلاع على تقرير الخبير والطعن عليه، سواء من خلال تقديم دفوع فنية أو طلب ندب خبير آخر.

  4. عدم إلزام القاضي برأي الخبير: رغم أهمية تقرير الخبير، فإن للمحكمة السلطة التقديرية في الأخذ به أو رفضه بناءً على وقائع الدعوى وأدلة أخرى.

لذلك، فإن مراعاة هذه القواعد يضمن تحقيق العدالة، ويمنع أي تعسف أو خطأ قد ينشأ عن عملية التحقيق بالمضاهاة أو الاستكتاب.

المادة 42 من قانون الإثبات المصري

يعد قانون الإثبات المصري من القوانين الأساسية التي تنظم طرق ووسائل الإثبات أمام المحاكم، ويحدد الأحكام الخاصة بطرق تحقيق صحة المستندات عند الطعن فيها. وتأتي المادة 42 من هذا القانون لتضع إطارًا قانونيًا لموضوع تحقيق الخطوط، حيث تتناول الأدلة المستخدمة عند الطعن بإنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع، مما يساهم في كشف الحقيقة وتحقيق العدالة.


نص المادة 42 من قانون الإثبات المصري

لا تسمع شهادة الشهود إلا فيما يتعلق بإثبات حصول الكتابة أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع على المحرر المقتضي تحقيقه ممن تنسب إليه .

وتراعى في هذه الحالة القواعد المقررة في الفصل الخاص بشهادة الشهود .


تحليل المادة 42 

الهدف من المادة

تهدف المادة 42 إلى بيان الطرق القانونية التي يمكن استخدامها في تحقيق صحة المستندات عند الطعن فيها بالإنكار أو الادعاء بالتزوير. وتعطي هذه المادة للمحكمة حرية الاختيار بين طريقتين رئيسيتين للإثبات:

  1. المضاهاة: وهي مقارنة الخط أو التوقيع أو الختم أو البصمة مع مستندات أخرى ثابتة الصحة.

  2. سماع الشهود: وهو الاستماع إلى أقوال الأشخاص الذين شهدوا تحرير المستند.

كما تمنح المادة للمحكمة إمكانية الجمع بين الطريقتين إذا رأت أن ذلك ضروري للوصول إلى الحقيقة.

طرق تحقيق صحة المحررات وفقًا للمادة 42

 المضاهاة

المضاهاة هي الطريقة الأكثر شيوعًا في تحقيق الخطوط، وتعتمد على مقارنة التوقيع أو الخط الموجود في المستند المطعون فيه بمستندات أخرى موثوق بها. وتتم المضاهاة وفقًا للقواعد التالية:

  • يجب أن تكون أوراق المضاهاة ثابتة الصحة، مثل المستندات الرسمية أو التوقيعات التي أقر بها الشخص سابقًا.

  • يمكن للمحكمة أن تجري المضاهاة بنفسها أو تستعين بخبير في فحص المستندات للتحقق من صحتها.

  • إذا كانت المضاهاة غير كافية لتكوين عقيدة المحكمة، يمكن اللجوء إلى وسائل أخرى مثل سماع الشهود أو الاستكتاب.

 سماع الشهود

إذا كان هناك لبس أو غموض في نتيجة المضاهاة، يمكن للمحكمة اللجوء إلى شهادة الشهود. وتتمثل أهمية الشهود في:

  • إثبات ما إذا كان الشخص قد وقع بالفعل على المستند أم لا.

  • توضيح الظروف التي تم فيها التوقيع، مثل وجود إكراه أو تدليس.

  • تأكيد أو نفي صحة المحرر بناءً على مشاهداتهم المباشرة.

 الجمع بين الطريقتين

في بعض الحالات، قد لا تكون المضاهاة وحدها كافية لإثبات صحة أو بطلان المحرر، ولذلك تمنح المادة 42 للمحكمة سلطة الجمع بين المضاهاة وسماع الشهود، مما يعزز من دقة التحقيق ويساعد القاضي في تكوين عقيدة واضحة حول صحة المستند.

أهمية المادة 42 في الإثبات القضائي

  1. تحقيق العدالة بدقة: توفر هذه المادة أكثر من طريقة للتأكد من صحة المستند، مما يمنع التزوير والتلاعب بالمحررات.

  2. منح المحكمة سلطة تقديرية واسعة: تتيح للقاضي استخدام المضاهاة، سماع الشهود، أو الجمع بينهما وفقًا لظروف كل قضية.

  3. حماية حقوق الأطراف: إذ تمكن المدعى عليه من الدفاع عن نفسه إذا طُعن على مستنداته، كما تمنح المدعي وسيلة لإثبات ادعائه عند الشك في صحة المحررات.

التطبيقات القضائية للمادة 42

في الممارسات القضائية، يتم الاعتماد على المادة 42 في العديد من القضايا، ومن أبرز التطبيقات:

  • في حالات الطعن بالتزوير على توقيع شخصي، يتم إجراء المضاهاة بين التوقيع المطعون فيه وتوقيعات أخرى رسمية.

  • عند إنكار بصمة الإصبع على مستند معين، يمكن للمحكمة الاستعانة بخبير بصمات مع سماع شهادة الأشخاص الذين شاهدوا التوقيع بالبصمة.

  • في العقود التجارية والمحررات العرفية، قد يتم الجمع بين المضاهاة وسماع الشهود لضمان التأكد من صحة المستندات المتنازع عليها.

الانتقادات والمقترحات

أ. الانتقادات

  • لم تحدد المادة أولوية وسيلة الإثبات، مما قد يؤدي إلى اختلاف التطبيقات بين المحاكم.

  • قد يؤدي الاعتماد على شهادة الشهود إلى إمكانية التلاعب أو تقديم شهادات غير دقيقة.

  • عدم تحديد الضوابط الخاصة بالمضاهاة والشهود، مما يترك الأمر بالكامل للسلطة التقديرية للمحكمة.

ب. المقترحات

  • إدراج معايير محددة للمضاهاة، مثل نوع المستندات المسموح باستخدامها للمقارنة.

  • وضع ضوابط واضحة للاستماع إلى الشهود، مثل ضرورة أن يكونوا قد شهدوا التوقيع بأنفسهم.

  • الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة، مثل تحليل التوقيع إلكترونيًا، لضمان دقة نتائج المضاهاة.

خاتمة

تعتبر المادة 42 من قانون الإثبات المصري من الأحكام المهمة التي توفر إطارًا قانونيًا لتحقيق صحة المحررات عند الطعن فيها، حيث تمنح المحكمة مرونة في استخدام المضاهاة، سماع الشهود، أو الجمع بينهما للوصول إلى الحقيقة. ورغم أهميتها في كشف التزوير وضمان العدالة، إلا أن تطبيقها يحتاج إلى مزيد من التنظيم لمنع إساءة استخدامها وضمان دقة الإثباتات المقدمة أمام القضاء.

سماع شهادة الشهود فيما يتعلق بحصول الكتابة أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الأصبع

يعد سماع شهادة الشهود من وسائل الإثبات التي يمكن اللجوء إليها عند الطعن في حصول الكتابة أو التوقيع أو الختم أو بصمة الإصبع على محرر معين. فإذا ادعى أحد الخصوم أن التوقيع أو الختم الموجود على المستند ليس صادرًا منه، أو أنه تم تزويره أو تحريفه، يجوز له الاستعانة بالشهود لإثبات ادعائه، وفقًا لما تقرره المحكمة.

ويكون دور الشهود في هذه الحالة محصورًا في:

  1. إثبات أو نفي صدور الكتابة أو التوقيع أو البصمة عن الشخص المنسوب إليه.

  2. الإدلاء بشهادتهم حول ظروف تحرير المستند، مثل مكان وزمان توقيعه وما إذا كان الشخص قد قام بالتوقيع بكامل إرادته أو تحت تأثير إكراه أو خداع.

  3. الشهادة بشأن طبيعة المحرر وما إذا كان قد تم التوقيع عليه على بياض ثم أُضيفت إليه بيانات لاحقًا بطريقة غير مشروعة.

يتمتع القاضي بسلطة تقديرية في قبول شهادة الشهود وتقدير مدى قوتها وتأثيرها في القضية، كما يمكنه الجمع بين شهادة الشهود والمضاهاة للوصول إلى حقيقة ما إذا كان المحرر صحيحًا أم لا.

مراعاة القواعد المقررة في الفصل الخاص بشهادة الشهود

عند الاستناد إلى شهادة الشهود لإثبات أو نفي حصول الكتابة أو التوقيع أو البصمة على محرر معين، يجب الالتزام بالقواعد العامة المقررة في الفصل الخاص بشهادة الشهود وفقًا لقانون الإثبات المصري. ومن أهم هذه القواعد:

  1. جواز الإثبات بالشهادة: لا يجوز اللجوء إلى شهادة الشهود إلا إذا كان القانون يسمح بذلك، مثل الطعن بالتزوير في المحررات العرفية عند عدم كفاية أدلة المضاهاة.

  2. شروط الشاهد: يجب أن يكون الشاهد مؤهلًا قانونيًا للإدلاء بشهادته، أي أن يكون عاقلًا وبالغًا، وألا تكون له مصلحة شخصية في النزاع تؤثر على نزاهته.

  3. وجوب أداء الشهادة أمام المحكمة: لا يُعتد بأقوال الشهود إلا إذا أُدلي بها شفويًا أمام القاضي المختص، حيث يتاح للخصوم مناقشتهم وطرح الأسئلة عليهم.

  4. سلطة القاضي في تقدير الشهادة: للمحكمة السلطة التقديرية في تقييم أقوال الشهود، ولها أن تأخذ بها أو ترفضها إذا تبين عدم اتساقها مع باقي الأدلة.

  5. منع الشهادة السماعية: لا تقبل الشهادة المبنية على السماع من الغير، بل يجب أن يكون الشاهد قد رأى أو سمع الواقعة بنفسه.

مراعاة هذه القواعد يضمن عدالة الإجراءات، ويمنع إساءة استخدام الشهادة كوسيلة للإثبات، مما يساعد المحكمة على الوصول إلى الحقيقة بشكل دقيق ومنصف.

المادة 43 من قانون الإثبات المصري

يعد قانون الإثبات المصري من أهم القوانين المنظمة لطرق الإثبات أمام المحاكم، حيث يحدد الوسائل القانونية التي يمكن الاعتماد عليها لإثبات أو نفي الحقوق. ومن بين الأحكام المهمة التي يتضمنها هذا القانون، تأتي المادة 43 التي تتعلق بطرق تحقيق صحة المحررات عند الطعن فيها، سواء بالمضاهاة أو بشهادة الشهود.

نص المادة 43 من قانون الإثبات المصري

إذا حكم بصحة كل المحرر فيحكم على من أنكره بغرامة لا تقل على مائتي جنيه ولا تجاوز ألف جنيه .

تحليل المادة 43

 الهدف من المادة

تهدف المادة 43 إلى منح المحكمة سلطة تقديرية واسعة في التحقق من صحة المحررات، بحيث لا تكون المضاهاة الوسيلة الوحيدة للإثبات، وإنما يمكن اللجوء إلى شهادة الشهود أو وسائل أخرى إذا رأت المحكمة ذلك ضروريًا.

 متى تطبق هذه المادة؟

تطبق هذه المادة في الحالات التي يكون فيها الطعن على صحة المحرر، مثل:

  • ادعاء التزوير على توقيع أو إمضاء أو ختم أو بصمة إصبع.

  • وجود طعن جدي في صحة المستند وعدم كفاية المضاهاة لإثبات صحته أو بطلانه.

 دور المحكمة في تقدير وسائل الإثبات

بموجب المادة 43، للمحكمة سلطة تقديرية واسعة في اختيار الوسيلة المناسبة، وتشمل:

  • المضاهاة: مقارنة الخطوط والتوقيعات والبصمات مع مستندات أخرى موثوقة.

  • شهادة الشهود: سماع أقوال الشهود حول ظروف تحرير المستند، وما إذا كان قد تم تزويره أو توقيعه عن طريق الإكراه أو التدليس.

  • أي وسيلة أخرى تراها المحكمة مناسبة، مثل اللجوء إلى خبير متخصص في فحص الوثائق والمستندات، أو استخدام التقنيات الحديثة لكشف التزوير.

العلاقة بين المضاهاة وشهادة الشهود

وفقًا لهذه المادة، يمكن للمحكمة الجمع بين المضاهاة وشهادة الشهود، بحيث تعتمد على الشهادة لدعم نتائج المضاهاة أو لحسم الشكوك المتبقية.

عدم إلزام المحكمة بوسيلة معينة

المادة 43 تعطي المحكمة الحرية الكاملة في اختيار الوسيلة المناسبة، فهي غير ملزمة بقبول المضاهاة وحدها إذا لم تكفِ لتكوين عقيدتها، كما أنها غير مجبرة على سماع الشهود إذا رأت أن الأدلة الكتابية كافية للفصل في النزاع.

أهمية المادة 43 في الإثبات القضائي

  1. تحقيق العدالة: تضمن المادة عدم الاعتماد على وسيلة واحدة فقط (المضاهاة)، مما يساعد المحكمة في الوصول إلى نتيجة أكثر دقة وعدالة.

  2. المرونة في الإثبات: تتيح للمحكمة استخدام أكثر من وسيلة للتأكد من صحة المحررات، مما يقلل من فرص وقوع الأخطاء القضائية.

  3. حماية الحقوق: تمكن الخصوم من تقديم أدلة متعددة لإثبات صحة أو تزوير المستندات، مما يعزز حقوق الدفاع.

التطبيقات القضائية للمادة 43

في العديد من القضايا، استندت المحاكم إلى هذه المادة لإثبات صحة أو بطلان المستندات، ومن الأمثلة على ذلك:

  • إذا كانت المضاهاة غير حاسمة، لجأت المحكمة إلى استجواب الشهود الذين شهدوا واقعة التوقيع.

  • في بعض القضايا، اعتمدت المحكمة على تقارير الخبراء الفنيين في مجال فحص المستندات لكشف وجود أي تزوير.

الانتقادات والمقترحات

أ. الانتقادات

  • لم تحدد المادة بشكل دقيق ما هي الوسائل الأخرى التي يمكن اللجوء إليها، مما قد يؤدي إلى اختلاف التطبيقات القضائية.

  • قد يؤدي الاعتماد على شهادة الشهود إلى زيادة التلاعب والتأثير على مسار القضايا.

ب. المقترحات

  • تعديل المادة لتحديد المعايير التي يجب مراعاتها عند اللجوء إلى شهادة الشهود كوسيلة إثبات إضافية.

  • إدراج استخدام التكنولوجيا الحديثة، مثل تحليل التوقيع إلكترونيًا، ضمن الوسائل الأخرى المقبولة للتحقيق في صحة المستندات.

خاتمة

تعتبر المادة 43 من قانون الإثبات المصري من النصوص القانونية المهمة التي تمنح المحكمة مرونة كبيرة في التحقق من صحة المحررات، من خلال الجمع بين المضاهاة، وسماع الشهود، واللجوء إلى أي وسيلة أخرى تراها مناسبة. ورغم أهميتها في تحقيق العدالة، إلا أن تطبيقها يحتاج إلى مزيد من الضوابط لمنع إساءة استخدامها وضمان استناد الأحكام إلى أدلة قوية وموثوقة.

تطور مقدار الغرامة في قانون الإثبات المصري

شهد قانون الإثبات المصري تطورًا ملحوظًا في مقدار الغرامات التي تفرض في حالات معينة، مثل التقاضي بسوء نية، والامتناع عن تقديم المستندات، والإدعاء بتزوير دون وجه حق. وقد ارتبط هذا التطور بالتغيرات الاقتصادية والقانونية التي استدعت تعديل قيمة الغرامات لجعلها أكثر فعالية ورادعة.

في البداية، كانت الغرامات التي ينص عليها قانون الإثبات رمزية نسبيًا، لكنها زادت تدريجيًا مع تعديل القوانين لمواكبة معدلات التضخم والتغيرات الاقتصادية، بحيث أصبحت ذات أثر رادع لمنع إساءة استخدام الحق في الادعاء بالتزوير أو عرقلة سير العدالة. كما أن بعض التعديلات أتاحت للمحكمة سلطة تقديرية في تحديد مقدار الغرامة وفقًا لظروف كل حالة، مما يحقق توازنًا بين العقوبة والعدالة.

النطاق الزمني للغرامة في قانون الإثبات المصري

يُحدد النطاق الزمني للغرامة في قانون الإثبات المصري وفقًا للحالة التي تُفرض فيها الغرامة والإجراءات المرتبطة بها. فالغرامة قد تُفرض في لحظة ارتكاب المخالفة، مثل تقديم ادعاء بتزوير دون دليل كافٍ، أو قد تُحدد بعد انتهاء التحقيق أو الفصل في الدعوى، عندما يتبين للمحكمة أن أحد الأطراف قد تعمّد تعطيل سير العدالة.

كما أن تنفيذ الغرامة يخضع لمهل قانونية محددة، حيث يتم إلزام المحكوم عليه بسدادها خلال مدة معينة، وإلا جاز اتخاذ إجراءات تنفيذية بحقه وفقًا للقواعد العامة في التنفيذ الجبري. في بعض الحالات، قد يكون للقاضي سلطة إلغاء أو تخفيض الغرامة إذا ثبت أن المخالفة ارتُكبت بحسن نية أو لظروف قهرية.

القضاء بالغرامة في حالة القضاء بصحة كل المحرر

عند الطعن بتزوير محرر ما أمام المحكمة، ثم يثبت بعد التحقيق صحته بالكامل، يجوز للقاضي الحكم بتوقيع غرامة على المدعي بالتزوير، وذلك وفقًا لأحكام قانون الإثبات المصري. تهدف هذه الغرامة إلى ردع الادعاءات الكيدية ومنع إساءة استخدام إجراءات الطعن بالتزوير كوسيلة لتعطيل الفصل في القضايا.

وتُفرض الغرامة في هذه الحالة على أساس أن الطاعن لم يتمكن من إثبات ادعائه، مما يدل على أنه قد يكون قد استغل حق الطعن بطريقة غير مشروعة. ومع ذلك، يظل للمحكمة سلطة تقديرية في فرض الغرامة أو الإعفاء منها إذا تبين أن الطاعن كان لديه شبهة جدية في التزوير، حتى وإن لم يثبت ذلك بشكل قاطع.

لا يجوز الحكم بالغرامة إذا قضى بعدم قبول الطعن بلإنكار

وفقًا لقواعد الإثبات في القانون المصري، لا يجوز للمحكمة الحكم بالغرامة على من طعن بالإنكار إذا انتهت إلى عدم قبول الطعن، وذلك لأن عدم القبول يتعلق بأمور إجرائية أو شكلية، وليس بفحص موضوع الطعن ذاته.

فعدم قبول الطعن بالإنكار قد يكون بسبب تقديمه في غير الوقت المحدد قانونًا، أو لعدم اتباع الإجراءات الواجبة، أو لأن الطاعن ليس له صفة قانونية في الإنكار، وفي هذه الحالات لا يُعتبر الإنكار ادعاءً كيديًا أو سيئ النية يستوجب توقيع غرامة.

أما إذا تم رفض الطعن بعد فحصه موضوعيًا، فقد يكون للقاضي سلطة تقديرية في فرض الغرامة، خاصة إذا تبين أن الإنكار كان بقصد المماطلة وتعطيل الفصل في النزاع.

لا يجوز القضاء بالغرامة إذا قضت المحكمة برفض الدفع بالجهالة وبصحة المحرر

عند قيام أحد الأطراف بالدفع بالجهالة تجاه محرر عرفي، ثم تقضي المحكمة برفض هذا الدفع وتؤكد صحة المحرر، فإنه لا يجوز لها الحكم بالغرامة على من أثار الدفع. ويرجع ذلك إلى أن الدفع بالجهالة يختلف عن الطعن بالتزوير، فهو لا يُعد اتهامًا بالتزوير وإنما مجرد إنكار لصدور المحرر من الشخص المنسوب إليه.

وبالتالي، فإن رفض الدفع بالجهالة لا يعني أن صاحبه قد تصرف بسوء نية أو تعمد الكيد للطرف الآخر، بل قد يكون قد استند إلى شبهة حقيقية في عدم نسبته للمحرر. لذا، لا يمكن اعتبار الدفع بالجهالة وسيلة للمماطلة تستوجب توقيع غرامة، طالما أنه لم يكن هناك ادعاء كاذب أو تعسف في استعمال الحق.

هل تتعدد الغرامة في قانون الإثبات المصري

وفقًا لقانون الإثبات المصري، الأصل أن الغرامة لا تتعدد بتعدد المحررات المطعون فيها بالتزوير داخل القضية الواحدة، طالما أن الادعاء بالتزوير جاء في إطار نزاع واحد. بمعنى أنه إذا طعن أحد الأطراف بالتزوير على عدة مستندات دفعة واحدة، وثبت أن ادعاءه غير صحيح، فإن المحكمة تقضي عليه بغرامة واحدة، وليس بغرامة عن كل محرر على حدة.

أما إذا كان الطعن بالتزوير قد تم في دعاوى متعددة ومستقلة، أو إذا كان الطاعن قد قدم طعونًا متكررة في مراحل مختلفة بقصد المماطلة والتعطيل، فقد يجوز للمحكمة أن تحكم عليه بأكثر من غرامة، على اعتبار أن كل طعن يشكل إجراءً مستقلاً يستوجب الجزاء. وفي كل الأحوال، يبقى تقدير توقيع الغرامة وتعددها خاضعًا لسلطة المحكمة التقديرية، وفقًا لظروف كل دعوى.

القضاء بالغرامة وجوبى في قانون الإثبات المصري

وجوبية القضاء بالغرامة في قانون الإثبات المصري

يُعد القضاء بالغرامة في بعض حالات الطعن بالتزوير في قانون الإثبات المصري وجوبيًا، أي أن المحكمة ملزمة بالحكم بها إذا ثبت عدم صحة الادعاء بالتزوير. وذلك لأن الغرامة في هذه الحالات تهدف إلى ردع الطعون الكيدية التي قد يستخدمها بعض الخصوم كوسيلة لتعطيل الفصل في النزاع أو إطالة أمد التقاضي دون سند قانوني.

فوفقًا للقانون، إذا طعن أحد الخصوم بالتزوير، وثبت للمحكمة بعد التحقيق أن الطعن غير صحيح، فعليها أن تحكم على الطاعن بغرامة إلزامية دون أن يكون لها سلطة تقديرية في الإعفاء منها. ومع ذلك، يظل للمحكمة تقدير مقدار الغرامة في حدود ما ينص عليه القانون، مع مراعاة ملابسات كل حالة على حدة.

التنازل عن الطعن بالأنكار

يجوز للخصم الذي طعن بإنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع أن يتنازل عن طعنه في أي مرحلة من مراحل الدعوى، طالما لم يصدر حكم بات في المسألة. ويترتب على هذا التنازل اعتبار المحرر صحيحًا ومنسوبًا إليه، ويصبح منتجًا لآثاره القانونية دون الحاجة إلى تحقيق الخطوط.

لكن التنازل عن الإنكار لا يؤثر على باقي دفوع الطاعن، فله أن يتمسك بأي دفوع أو أدلة أخرى للطعن في مضمون المحرر أو مدى حجيته في الإثبات. كما أن التنازل لا يعفي الطاعن من الغرامة إذا كان قد استخدم الإنكار بسوء نية، حيث يجوز للمحكمة توقيعها عليه إذا ثبت أن الطعن لم يكن جديًا وكان بغرض المماطلة أو التعطيل.

تكييف الغرامة في قانون الإثبات المصري

تُكيف الغرامة في قانون الإثبات المصري على أنها جزاء مدني وليس عقوبة جنائية، إذ تهدف إلى ردع الطعون الكيدية في المحررات، وليس إلى العقاب بالمعنى الجنائي. فهي تُفرض لضمان حسن استعمال الحق في الطعن بالإنكار أو الادعاء بالتزوير، ومنع إساءة استخدام الإجراءات القانونية بهدف تعطيل الفصل في النزاعات.

وتتميز هذه الغرامة بأنها تُفرض تلقائيًا في بعض الحالات، مثل رفض الادعاء بالتزوير، وهي غير مرتبطة بتعويض الطرف الآخر، بل تُدفع لخزانة الدولة. كما أنها لا تستلزم وجود ني ة جنائية، وإنما يكفي أن يكون الطعن غير صحيح أو غير جدي، مما يجعلها في جوهرها جزاءً إجرائيًا لحماية استقرار المعاملات القانونية.

عدم جواز الطعن بالإستئناف أو النقض في الغرامة إلا مع الحكم المنهى للخصومة

وفقًا لقواعد قانون الإثبات المصري، لا يجوز الطعن بالاستئناف أو النقض على الحكم الصادر بتوقيع الغرامة نتيجة الطعن بالتزوير أو الإنكار، إلا إذا كان الطعن مقترنًا بالحكم المنهي للخصومة برمتها.

ويرجع ذلك إلى أن الغرامة في هذه الحالة تُعتبر قرارًا تابعًا لإجراءات الطعن في المحرر، وليست حكمًا نهائيًا مستقلًا يمكن الطعن عليه بشكل منفصل. وبالتالي، لا يمكن للخصم أن يطعن على الغرامة وحدها، وإنما يجب أن يكون طعنه موجهًا للحكم الصادر في موضوع الدعوى ككل، مما يعكس الطبيعة الإجرائية لهذه الغرامة، باعتبارها وسيلة لردع الطعون الكيدية دون تعطيل سير العدالة.

المادة 44 من قانون الإثبات المصري

 نص المادة 44 من قانون الإثبات المصري

إذا قضت المحكمة بصحة المحرر أو برده أو قضت بسقوط الحق فيه أخذت الحق في إثبات صحته أخذت في نظر موضوع الدعوي في الحال أو حددن لنظره أقرب جلسة .

 مفهوم المادة 44 وأهميتها

تحدد هذه المادة الجزاء المترتب على رفض الطعن بالتزوير، حيث تلزم المحكمة بالحكم بغرامة مالية على مدعي التزوير إذا تبين أن طعنه غير صحيح. ويأتي هذا النص لحماية النظام القانوني من إساءة استعمال الحق في الادعاء بالتزوير، وضمان عدم استخدامه كوسيلة لتعطيل الفصل في القضايا.

شروط تطبيق المادة 44

لكي يتم توقيع الغرامة وفقًا لهذه المادة، يجب توافر الشروط التالية:

  1. وجود طعن بالتزوير قدمه أحد الخصوم خلال سير الدعوى.

  2. رفض المحكمة لهذا الطعن بعد التحقيق في ادعاء التزوير وثبوت عدم صحته.

  3. الحكم بتوقيع الغرامة على مدعي التزوير تلقائيًا، دون حاجة إلى طلب من الخصم الآخر، حيث تعتبر الغرامة في هذه الحالة وجوبية.

 طبيعة الغرامة في المادة 44

  • الغرامة المنصوص عليها في المادة وجوبية وليست تقديرية، أي أن القاضي ملزم بتوقيعها بمجرد رفض الطعن بالتزوير.

  • قيمتها تتراوح بين 5 و100 جنيه، ويحدد القاضي مقدارها وفقًا لظروف الدعوى وملابسات الطعن.

  • الغرامة لا تعتبر تعويضًا للخصم المتضرر، بل هي جزاء مدني إجرائي، تؤول إلى خزانة الدولة.

 علاقة الغرامة بالتعويضات

أكدت المادة 44 أن توقيع الغرامة على مدعي التزوير لا يمنع المحكمة من الحكم بتعويض إضافي للطرف المتضرر، إذا ثبت أن الطعن بالتزوير قد تسبب له في ضرر، مثل تأخير الفصل في القضية أو الإضرار بسمعته القانونية أو المالية.

 الطعن على الغرامة في ضوء المادة 44

  • لا يجوز الطعن بالاستئناف أو النقض على الحكم الصادر بالغرامة وحدها.

  • يجب أن يكون الطعن موجهًا إلى الحكم النهائي في القضية، بحيث يكون الطعن بالغرامة مرتبطًا بالحكم المنهي للخصومة.

 أهداف المادة 44 في قانون الإثبات

  1. منع الطعون الكيدية التي قد يستخدمها بعض الخصوم لتعطيل الفصل في الدعاوى دون مبرر قانوني.

  2. الحفاظ على استقرار التعاملات القانونية، بحيث لا يُترك الباب مفتوحًا أمام أي شخص للطعن في صحة المحررات دون دليل قوي.

  3. تحقيق التوازن بين حق الطعن بالتزوير وضرورة عدم إساءة استخدامه، من خلال فرض جزاء على من يثبت أنه استخدم الطعن بسوء نية.

الخاتمة

المادة 44 من قانون الإثبات المصري تُعد إحدى الضمانات القانونية التي تمنع استغلال الطعن بالتزوير كأداة للمماطلة في الدعاوى. فمن خلالها، يُمكن القضاء من فرز الطعون الجدية عن الطعون الكيدية، مما يعزز من كفاءة العدالة ويحقق سرعة الفصل في المنازعات. وفي الوقت ذاته، تضمن المادة عدم حرمان أي شخص من حقه المشروع في الطعن بالتزوير متى كان لديه مبررات قانونية قوية لذلك.

عدم جواز الحكم بصحة المحرر أو برده أو بسقوط الحق في إثبات صحته وفي الموضوع بحكم واحد

يُقرر قانون الإثبات المصري أنه لا يجوز للمحكمة أن تفصل في صحة المحرر أو بطلانه أو سقوط الحق في إثبات صحته، وفي موضوع الدعوى نفسها بحكم واحد. والسبب في ذلك هو ضرورة الفصل أولًا في مسألة صحة المحرر بشكل مستقل، باعتبارها مسألة أولية يتوقف عليها الحكم في موضوع الدعوى. فإذا تم الفصل في صحة المحرر وثبتت صحته أو بطلانه، عندها فقط يمكن للمحكمة الانتقال إلى بحث موضوع النزاع وإصدار الحكم فيه. ويهدف هذا التنظيم إلى تحقيق ضمانات العدالة ومنع الإضرار بحقوق الخصوم، خاصة إذا كان الفصل في صحة المحرر قد يؤثر تأثيرًا جوهريًا على موضوع النزاع.

جواز الحكم بعدم قبول الطعن بالإنكار لأنه غير منتج وفي موضوع الدعوى بحكم واحد

يجيز قانون الإثبات المصري للمحكمة الحكم بعدم قبول الطعن بالإنكار إذا كان غير منتج في الدعوى، وفي ذات الوقت الفصل في موضوع النزاع بحكم واحد. وذلك لأن الطعن بالإنكار يتطلب أن يكون منتجًا ومؤثرًا في الفصل في الدعوى، فإذا رأت المحكمة أنه غير منتج—أي أنه لا يؤثر على جوهر النزاع أو على النتيجة النهائية للحكم—جاز لها رفضه مباشرة دون الحاجة إلى تحقيقه. وفي هذه الحالة، يجوز للمحكمة إصدار حكم واحد يشمل عدم قبول الطعن بالإنكار، والفصل في موضوع الدعوى، وذلك تجنبًا لإطالة أمد التقاضي وتحقيقًا لمبدأ سرعة الفصل في المنازعات.

وجوب إطلاع المحكمة على المحرر المطعون عليه بالإنكار

يُعد اطلاع المحكمة على المحرر المطعون عليه بالإنكار إجراءً جوهريًا وضروريًا في قانون الإثبات المصري، حيث لا يجوز لها الفصل في الطعن دون فحص المستند محل النزاع. إذ يتعين على المحكمة التأكد من وجود المحرر ذاته ومقارنته بالإنكار المقدم من الخصم، باعتبار أن ذلك يمثل الخطوة الأولى في التحقق من جدية الطعن. كما أن هذا الإجراء يضمن عدم استبعاد مستند قانوني صحيح دون أساس، ويحفظ حقوق الخصوم في إثبات أو نفي صحتها وفقًا للإجراءات القانونية السليمة. وفي حالة عدم تقديم المحرر المطعون فيه، قد يؤدي ذلك إلى رفض الطعن بالإنكار، ما لم يقدم الطاعن مبررًا مقبولًا لذلك.

لا يترتب البطلان على عدم إطلاع المحكمة على المحرر في دعوى رد وبطلان المحرر إذا كان قد سبق الحكم بصحة التوقيع في دعوى سابقة وتعين المستند

إذا كان المحرر محل النزاع قد سبق الحكم بصحة التوقيع عليه في دعوى سابقة، وتم تحديد المستند بشكل قاطع، فإن عدم إطلاع المحكمة عليه مجددًا في دعوى رد وبطلان المحرر لا يترتب عليه بطلان الحكم. ويرجع ذلك إلى أن حكم صحة التوقيع لا يعني بالضرورة صحة التصرف ذاته، لكنه يثبت فقط أن التوقيع صادر ممن وقّع به. وبالتالي، إذا كان هناك حكم سابق بصحة التوقيع وتعين المحرر بوضوح، فإن المحكمة لا تكون ملزمة بالاطلاع عليه مرة أخرى، ما لم يكن ذلك ضروريًا للفصل في النزاع الجديد المتعلق برد وبطلان المحرر.

فصل هيئة المحكمة في الطعن بالإنكار والإدعاء بالتزوير لا يشكل مانعا لها من نظر الموضوع

يُقر قانون الإثبات المصري بأن فصل المحكمة في الطعن بالإنكار أو الادعاء بالتزوير لا يشكل مانعًا قانونيًا يحول دون نظرها لموضوع الدعوى. وذلك لأن الفصل في مسألة الإنكار أو التزوير يعد إجراءً تمهيديًا يتعلق بأدلة الإثبات، وليس حكمًا في أصل الحق المتنازع عليه. وبالتالي، فإن ذات الهيئة التي تنظر في الطعن بصحة المحرر أو ادعاء التزوير يمكنها، بعد حسم هذه المسألة، أن تواصل نظر الدعوى والبت في موضوعها، طالما لم تتوافر أسباب قانونية أخرى تستوجب تنحيها، مثل وجود خصومة شخصية بين القاضي وأحد الخصوم.

إهمال الخصم في تقديم مالديه من أدلة قانونية أخرى أو إبداء دفاع جديد بفوت الحكمة من القاعدة المنصوص عليها بالمادة

إذا أهمل الخصم في تقديم ما لديه من أدلة قانونية أخرى أو إبداء دفاع جديد في الوقت المناسب، فإنه بذلك يفوّت الحكمة من القاعدة المنصوص عليها في المادة، والتي تهدف إلى ضمان حسن سير العدالة وتمكين الخصوم من تقديم كافة وسائل الإثبات المتاحة لهم. فالقانون يمنح الأطراف حق الدفاع وتقديم الأدلة، لكن لا يجوز لهم التراخي أو الإهمال في ممارسة هذا الحق، ثم الادعاء لاحقًا بحرمانهم منه. وبالتالي، فإن أي تقصير في تقديم المستندات أو الدفوع في المواعيد المحددة يؤدي إلى سقوط هذا الحق، ولا تلزم المحكمة بتمكين الخصم من إعادة فتح باب الإثبات بعد إغلاقه وفقًا للإجراءات القانونية.

يجوز توجيه اليمين الحاسمة بعد رفض الطعن بالإنكار أو الإدعاء بالتزوير

يجيز قانون الإثبات المصري توجيه اليمين الحاسمة بعد رفض الطعن بالإنكار أو الادعاء بالتزوير، وذلك لأن هذه الوسائل القانونية تهدف إلى الطعن في صحة المحرر، بينما اليمين الحاسمة تعد وسيلة لإثبات الحق ذاته. فإذا رفضت المحكمة الطعن بالإنكار أو الادعاء بالتزوير، وأصبح المحرر حجة قانونية في الإثبات، يظل من حق الخصم، إن لم يكن لديه دليل آخر، أن يلجأ إلى اليمين الحاسمة كآخر وسيلة لحسم النزاع، إذ تُعد هذه اليمين إجراءً قضائيًا شخصيًا موجّهًا إلى ضمير الخصم، ويترتب على أدائها أو النكول عنها الفصل النهائي في النزاع.

القضاء برد وبطلان السند المثبت للتصرف لا يحول دون إثباته بدليل آخر

إن القضاء برد وبطلان السند المثبت للتصرف لا يعني بالضرورة نفي وجود التصرف ذاته، بل يقتصر أثر الحكم على إبطال المستند كوسيلة إثبات دون المساس بجوهر الحق المتنازع عليه. لذلك، يظل للخصم الذي يتمسك بوجود التصرف الحق في إثباته بأي دليل آخر مقبول قانونًا، سواء كان ذلك عن طريق البينة أو القرائن أو اليمين الحاسمة، وفقًا لقواعد الإثبات المنصوص عليها في القانون. ويهدف هذا المبدأ إلى تحقيق العدالة ومنع إهدار الحقوق بناءً على بطلان مستند شكلي، طالما أن التصرف ذاته يمكن إثباته بأدلة أخرى مشروعة.

القضاء بصحة المحرر أو برده وبطلانه لا يجوز الطعن فيه إستقلالا

يُقرر قانون الإثبات المصري أن الحكم الصادر بصحة المحرر أو برده وبطلانه لا يجوز الطعن فيه استقلالًا، أي بشكل منفصل عن الحكم الصادر في موضوع الدعوى. ويرجع ذلك إلى أن الفصل في صحة المحرر يُعد إجراءً تمهيديًا لا يُحسم به النزاع بالكامل، بل هو مجرد وسيلة لتحديد ما إذا كان المستند صالحًا للاعتماد عليه كدليل في الدعوى. وبالتالي، لا يكون لهذا الحكم طبيعة نهائية أو مستقلة، مما يستوجب الانتظار حتى الفصل في موضوع الدعوى ذاته، ليتم الطعن على الحكم برمته، متضمنًا ما قضى به بشأن صحة المحرر أو بطلانه.

سريان حكم المادة على الطعن بالجهالة

ينطبق حكم المادة المتعلقة بعدم جواز الطعن استقلالًا في الحكم الصادر بصحة المحرر أو برده وبطلانه على الطعن بالجهالة أيضًا. فالطعن بالجهالة، كغيره من وسائل الطعن في المحررات، يُعد مسألة فرعية تتعلق بإثبات المستند، ولا يُحسم بها النزاع الأساسي. لذا، إذا فصلت المحكمة في الطعن بالجهالة، سواء برفضه أو قبوله، فإن هذا الحكم لا يجوز الطعن عليه منفردًا، بل يجب الانتظار حتى صدور الحكم في موضوع الدعوى بالكامل، ليكون الطعن على الحكم النهائي شاملاً لكل ما تضمنه من قرارات، بما في ذلك ما يتعلق بالمحرر المطعون عليه بالجهالة.

المادة 45 من قانون الإثبات المصري

المادة 45 من قانون الإثبات المصري – دراسة شاملة

نص المادة 45 من قانون الإثبات المصري

يجوز لمن بيده محرر غير رسمي أن يختصم من يشهد عليه ذلك المحرر ليقر بخطه أو بإمضائه أو بختمه أو ببصمة إصبعه ولو كان الالتزام الوارد به غير مستحق الأداء ويكون ذلك بدعوة أصلية بالإجراءات المعتادة .

شرح المادة 45 من قانون الإثبات المصري

تُحدد هذه المادة قاعدة إجرائية مهمة تتعلق بالطعن في الأحكام الخاصة بالمحررات المقدمة كدليل في الدعوى، حيث تُنظم كيفية الطعن في الأحكام التي تقضي بصحة المحرر أو برده وبطلانه، وذلك على النحو التالي:

عدم جواز الطعن استقلالًا في الحكم الصادر بصحة المحرر أو برده أو بطلانه

  • تنص المادة على أنه لا يجوز الطعن على الحكم الصادر بشأن المحرر بشكل مستقل، بل يجب أن يكون الطعن موجهًا إلى الحكم الصادر في موضوع الدعوى ذاته.

  • أي أن الخصم الذي يريد الاعتراض على الحكم المتعلق بصحة المحرر، يجب أن ينتظر حتى يصدر الحكم النهائي في القضية، ثم يطعن عليه شاملاً ما يتعلق بالمحرر.

  • السبب في ذلك أن الحكم الخاص بالمحرر هو مجرد حكم تمهيدي أو تحضيري، لا يُنهي النزاع الأساسي بين الخصوم، وبالتالي لا يجوز الطعن عليه وحده.

 عدم بطلان إجراءات التحقيق بسبب الطعن

  • تنص المادة أيضًا على أن الطعن في الحكم الصادر في موضوع الدعوى لا يؤدي إلى بطلان إجراءات التحقيق التي أجرتها المحكمة حول صحة المحرر.

  • بمعنى أنه حتى لو تم الطعن على الحكم النهائي الذي تضمن حكمًا بصحة أو بطلان المحرر، فإن إجراءات التحقيق التي أجرتها المحكمة، مثل المضاهاة، سماع الشهود، أو تقارير الخبراء، تظل صحيحة وسارية المفعول، ولا يتم إلغاؤها بمجرد الطعن.

  • هذه القاعدة تهدف إلى ضمان استقرار إجراءات التقاضي ومنع إساءة استخدام الطعون لتعطيل سير الدعوى.

الحكمة من المادة 45 من قانون الإثبات

  1. تفادي تعطيل القضايا

    • لو سُمح للخصوم بالطعن بشكل منفصل على الحكم الخاص بصحة المحرر، فقد يؤدي ذلك إلى تأخير البت في الموضوع الأصلي للدعوى وإطالة أمد النزاعات.

  2. تحقيق استقرار الأحكام

    • الحكم الصادر بشأن صحة المحرر لا يُعد حكمًا نهائيًا في النزاع، بل هو إجراء تحضيري، لذا فإن الطعن عليه يجب أن يكون مرتبطًا بالحكم النهائي الذي يفصل في النزاع ككل.

  3. حماية إجراءات التحقيق من البطلان

    • المادة تمنع اعتبار إجراءات التحقيق باطلة بسبب الطعن، مما يحفظ الجهد المبذول في التقاضي ويحافظ على استقرار الأحكام القضائية.

تطبيقات قضائية للمادة 45

  • إذا صدر حكم بصحة توقيع على سند، ثم صدر حكم لاحق في موضوع الدعوى بناءً على هذا السند، فلا يجوز الطعن على الحكم الخاص بالتوقيع وحده، بل يجب الطعن على الحكم النهائي في الدعوى.

  • إذا تم رفض الطعن بالتزوير على مستند معين، فلا يجوز الطعن على هذا الرفض وحده، بل يجب الطعن ضمنيًا عند الطعن على الحكم النهائي في النزاع.

  • في حالة وجود تقرير خبير بشأن مضاهاة خط أو توقيع، فإن الطعن على الحكم في موضوع الدعوى لا يُبطل إجراءات التحقيق التي تمت بناءً على تقرير الخبير.

الفرق بين الطعن على صحة المحرر والطعن في الموضوع

وجه المقارنة الطعن على صحة المحرر الطعن في موضوع الدعوى
طبيعته حكم تمهيدي حكم نهائي
إمكانية الطعن عليه استقلالًا غير جائز جائز
أثر الطعن لا يؤدي إلى بطلان إجراءات التحقيق قد يؤدي إلى تعديل الحكم النهائي أو إلغائه

الخلاصة

المادة 45 من قانون الإثبات المصري تُرسخ مبدأً مهمًا في التقاضي، وهو أن الأحكام المتعلقة بصحة المحررات لا يجوز الطعن عليها بشكل منفصل، بل يجب أن يكون الطعن على الحكم النهائي الذي يتضمنها. كما أنها تؤكد على أن إجراءات التحقيق تبقى صحيحة وسارية حتى لو تم الطعن في الحكم النهائي. هذه القواعد تساعد في تحقيق الاستقرار القانوني، سرعة الفصل في النزاعات، ومنع استغلال الطعون لتعطيل سير العدالة.

دعوى تحقيق الخطوط الأصلية في قانون الإثبات المصري

دعوى تحقيق الخطوط الأصلية هي إحدى وسائل الإثبات المنصوص عليها في قانون الإثبات المصري، وتُستخدم عندما يُنكر أحد الخصوم توقيعه أو خطه أو ختمه أو بصمة إصبعه على محرر عرفي، ويريد الطرف الآخر إثبات صحة هذا المحرر. ووفقًا لأحكام القانون، تتم هذه الدعوى عبر إجراءات تحقيقية تعتمد على المضاهاة أو الاستكتاب أو سماع الشهود أو الاستعانة بالخبراء.

تُرفع دعوى تحقيق الخطوط أمام المحكمة المختصة، التي تقوم بفحص المستند المطعون فيه، وتقارن بينه وبين أوراق مضاهاة رسمية أو معتمدة، كما يجوز لها أن تأمر باستكتاب الشخص المنسوب إليه التوقيع أو الخط. ويهدف هذا الإجراء إلى الوصول إلى الحقيقة بشأن صحة المحرر المتنازع عليه، وهو إجراء وقائي لضمان عدم استناد القضاء إلى مستندات غير صحيحة.

وفي جميع الأحوال، فإن المحكمة تتمتع بسلطة تقديرية واسعة في الأخذ بنتيجة التحقيق أو رفضها إذا لم تطمئن إليها، ولا تُلزم برأي الخبير الذي يُنتدب في القضية، إذ إن تقرير الخبير هو مجرد عنصر من عناصر الإثبات وليس دليلًا قاطعًا.

يكفي لقبول الدعوى وجود مصلحة محتملة للمدعى

يشترط القانون لقبول أي دعوى أن يكون للمدعي مصلحة قانونية قائمة، غير أنه لا يشترط أن تكون هذه المصلحة محققة فعليًا وقت رفع الدعوى، بل يكفي أن تكون مصلحة محتملة إذا كان هناك خطر جدي أو احتمال قوي بوقوع ضرر في المستقبل.

والمقصود بالمصلحة المحتملة أن يكون المدعي مهددًا بالتعرض لضرر مؤكد الوقوع أو مرجح إذا لم يُبادر برفع الدعوى، كأن يطعن شخص في مستند لم يُستخدم ضده بعد، ولكنه من المحتمل أن يُستخدم ضده مستقبلًا في دعوى أخرى.

وقد استقر الفقه والقضاء المصري على أن المصلحة المحتملة تكفي لقبول الدعوى متى كانت قائمة على أساس سليم، أي أن هناك واقعة أو وضعًا قانونيًا يمكن أن يؤدي إلى الإضرار بالمدعي. وهذا المبدأ يهدف إلى حماية الحقوق قبل وقوع الضرر، ومنع الخصوم من استغلال التأخير في رفع الدعوى لإحداث ضرر غير قابل للتدارك لاحقًا.

كيفية رفع الدعوى في قانون الإثبات المصري

وفقًا لقانون الإثبات المصري، يتم رفع الدعوى من خلال تقديم صحيفة دعوى إلى المحكمة المختصة، والتي يجب أن تتضمن البيانات الأساسية، مثل اسم المدعي والمدعى عليه، وموضوع الدعوى، والطلبات، والأسانيد القانونية التي يستند إليها المدعي.

تُقدم الصحيفة إلى قلم الكتاب بالمحكمة المختصة، حيث يتم قيدها برقم محدد، ثم يتم إعلان المدعى عليه بصحيفة الدعوى عن طريق محضر المحكمة وفقًا للإجراءات القانونية.

بعد ذلك، تبدأ المحكمة في نظر الدعوى وفقًا للإجراءات المحددة في قانون المرافعات، حيث يمكن للخصوم تقديم مستنداتهم ودفوعهم، وتقرر المحكمة الوسائل المناسبة للإثبات، مثل الشهود، الخبرة، المضاهاة، أو توجيه اليمين.

وفي بعض الحالات، قد يُطلب اتخاذ إجراءات تحفظية مثل إثبات الحالة أو ندب خبير قبل الفصل في الموضوع. وبعد انتهاء المرافعات، تصدر المحكمة حكمها استنادًا إلى الأدلة المطروحة في الدعوى.

المحكمة المختصة بنطر الدعوى

تُحدد المحكمة المختصة بنظر الدعوى وفقًا لنوعها وقيمتها، وذلك وفقًا لقواعد الاختصاص الولائي والاختصاص النوعي والاختصاص المحلي المنصوص عليها في قانون المرافعات المصري.

  1. الاختصاص الولائي: يُحدد ما إذا كانت الدعوى تُرفع أمام المحاكم العادية أو المحاكم المتخصصة (مثل مجلس الدولة في الدعاوى الإدارية).

  2. الاختصاص النوعي: يُحدد المحكمة المختصة حسب طبيعة النزاع، مثل محكمة المواد الجزئية للدعاوى الصغيرة، أو المحكمة الابتدائية للدعاوى الأكبر قيمة، أو محكمة الأسرة في المسائل الأسرية.

  3. الاختصاص المحلي: يُحدد المحكمة بناءً على مكان إقامة المدعى عليه أو مكان تنفيذ الالتزام، وفقًا للقواعد العامة في قانون المرافعات.

ويترتب على رفع الدعوى أمام محكمة غير مختصة الدفع بعدم الاختصاص، وقد تقوم المحكمة بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة إذا رأت عدم اختصاصها.

دعوى صحة التوقيع تحفيظة لا شأن لها بالتصرف الثابت بالمحرر

دعوى صحة التوقيع تُعد من الدعاوى التحفظية التي يقتصر نطاقها على إثبات أن التوقيع المنسوب إلى المدعى عليه صحيح، دون أن يمتد ذلك إلى مناقشة مضمون التصرف القانوني الوارد في المحرر.

فهي لا تهدف إلى إثبات صحة التصرف ذاته أو نفاذه، بل تقتصر على التأكد من أن التوقيع صحيح وصادر ممن نسب إليه، مما يمنع المدعى عليه من إنكاره لاحقًا. وبالتالي، فإن الحكم الصادر بصحة التوقيع لا يؤكد شرعية التصرف أو صحته من الناحية القانونية، وإنما يمنع فقط المنكر من الطعن في صدور التوقيع عنه.

وعليه، يمكن لمن صدر ضده الحكم بصحة التوقيع أن يطعن في بطلان التصرف ذاته أو عدم نفاذه لأي سبب قانوني، كعدم الأهلية أو وجود عيب في الإرادة، لأن هذه الدعوى لا تتعلق بأصل الحق أو صحة التصرف ذاته.

المادة 46 من قانون الإثبات المصري

نص المادة 46 من قانون الإثبات المصري:

إذا حضر المدعي عليه وأقر , وأثبتت المحكمة إقراره وتكون جميع المصروفات على المدعي ويعتبر المحرر معترفا به إذا سكت المدعي عليه أو لم ينكره أو لم ينسبه إلى سواه .

مفهوم المادة 46 من قانون الإثبات المصري

تُقر المادة 46 بحق من يحوز محررًا عرفيًا في إقامة دعوى ضد الشخص المنسوب إليه التوقيع، وذلك بهدف إلزامه بالإقرار بأن الخط أو التوقيع أو الختم أو البصمة الواردة في المحرر تخصه، دون أن يكون هذا الإقرار مرتبطًا باستحقاق الالتزام الوارد في المحرر.

وتُعرف هذه الدعوى باسم “دعوى صحة التوقيع”، وهي دعوى تحفظية تهدف إلى إثبات صحة التوقيع فقط، دون النظر في صحة التصرف القانوني ذاته أو مدى إلزاميته أو نفاذه.

 شروط تطبيق المادة 46

  1. وجود محرر عرفي: يجب أن يكون هناك مستند عرفي يحمل توقيع المدعى عليه، ولا يجوز تطبيق هذه المادة على المحررات الرسمية.

  2. حيازة المدعي للمحرر: يجب أن يكون المدعي هو الحائز الفعلي للمحرر، وله مصلحة قانونية في تأكيد صحة التوقيع.

  3. وجود توقيع منسوب للمدعى عليه: سواء كان توقيعًا بخط اليد أو ختمًا أو بصمة إصبع.

  4. إمكان رفع الدعوى رغم عدم حلول أجل الالتزام: أي أن الدعوى يمكن رفعها حتى لو لم يكن الالتزام الوارد بالمحرر قد أصبح مستحق الأداء بعد.

  5. إقامة الدعوى وفقًا للإجراءات المعتادة: يجب تقديم صحيفة الدعوى إلى المحكمة المختصة وإعلان المدعى عليه وفقًا لقواعد قانون المرافعات.

 الطبيعة القانونية لدعوى صحة التوقيع

  • دعوى صحة التوقيع هي دعوى تحفظية وليست موضوعية، أي أنها لا تفصل في صحة التصرف القانوني ذاته، بل تقتصر على إثبات أن التوقيع الوارد في المحرر صادر بالفعل عن المدعى عليه.

  • الحكم الصادر في الدعوى لا يمنع المدعى عليه من الطعن في صحة التصرف ذاته، كأن يدعي أن العقد باطل أو غير نافذ لأي سبب قانوني.

  • لا يجوز في هذه الدعوى مناقشة الالتزامات الجوهرية الناشئة عن المحرر، وإنما تقتصر فقط على صحة التوقيع ذاته.

 الفرق بين دعوى صحة التوقيع ودعوى صحة ونفاذ العقد

وجه المقارنة دعوى صحة التوقيع دعوى صحة ونفاذ العقد
الهدف إثبات صحة التوقيع فقط تنفيذ العقد ونقل الملكية
الطبيعة القانونية دعوى تحفظية دعوى موضوعية
إثبات صحة التصرف لا تثبت صحة التصرف تثبت صحة التصرف ونفاذه
الإلزام بتنفيذ الالتزام لا تلزم المدعى عليه بتنفيذ الالتزام تلزم المدعى عليه بتنفيذ الالتزام

 أهمية المادة 46 في الواقع العملي

  • تساعد في حماية حقوق حائز المحرر العرفي، إذ يمكنه الحصول على حكم بصحة التوقيع لمنع المنكر من الادعاء بعدم صدوره عنه.

  • تعتبر من أكثر الدعاوى شيوعًا، خاصة في العقود المدنية والتجارية.

  • تمنع وقوع نزاعات مستقبلية بشأن صدور التوقيع، مما يسهل التعاملات القانونية بين الأفراد.

 الدفع بعدم قبول دعوى صحة التوقيع

يمكن للمدعى عليه أن يدفع بعدم قبول الدعوى في بعض الحالات، مثل:

  1. عدم وجود توقيع منسوب إليه في المحرر.

  2. الطعن بالتزوير إذا ادعى أن التوقيع ليس صادرًا عنه.

  3. عدم وجود مصلحة للمدعي في رفع الدعوى، كأن يكون الالتزام غير متعلق به.

  4. انقضاء الالتزام بمضي المدة، إذا كان الالتزام الوارد في المحرر قد سقط بالتقادم.

الخاتمة

المادة 46 من قانون الإثبات المصري تُنظم دعوى صحة التوقيع باعتبارها وسيلة قانونية لحماية حائز المحرر العرفي من إنكار التوقيع لاحقًا. وعلى الرغم من أن هذه الدعوى تثبت فقط صحة التوقيع ولا تتعرض لصحة التصرف ذاته، إلا أنها تُعد ضمانة قانونية قوية لإثبات صدور التوقيع عن صاحبه، مما يسهل التعاملات المدنية والتجارية بين الأفراد.

حضور المدعى عليه وإقرار بالخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع

إذا حضر المدعى عليه في دعوى صحة التوقيع وأقر بأن الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع الواردة في المحرر صادرة عنه، فإن ذلك يُعد إقرارًا قضائيًا ملزمًا له، ولا يجوز له بعد ذلك إنكار صحة التوقيع في أي نزاع مستقبلي. ويترتب على هذا الإقرار انتهاء الدعوى فورًا دون الحاجة إلى إجراءات تحقيق إضافية، حيث يصبح التوقيع مثبتًا قانونًا، مع بقاء الحق في المنازعة حول صحة التصرف القانوني ذاته أو المطالبة ببطلانه لأسباب أخرى.

المادة 47 من قانون الإثبات المصري

نص المادة 47 من قانون الإثبات المصري:

 إذا لم يحضر المدعي عليه حكمت المحكمة في غيبته بصحة الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع . ويجوز استئناف هذا الحكم في جميع الأحوال .

مفهوم المادة 47 من قانون الإثبات المصري

تنظم المادة 47 إجراءات دعوى تحقيق الخطوط عندما يدّعي أحد الخصوم أن توقيع محرر عرفي غير صادر عنه، وتحدد كيفية تعامل المحكمة مع هذه الدعوى بناءً على موقف المدعى عليه.

توضح المادة حالتين رئيسيتين:

  1. إقرار المدعى عليه بصحة التوقيع: إذا حضر المدعى عليه وأقر بصحة التوقيع أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع، فإن المحكمة تثبت هذا الإقرار في محضر الجلسة، وتنتهي الدعوى دون الحاجة إلى تحقيق. وفي هذه الحالة، يتحمل المدعي جميع المصروفات.

  2. إنكار المدعى عليه أو تخلفه عن الحضور: إذا أنكر المدعى عليه صحة التوقيع أو لم يحضر، تتولى المحكمة إجراء التحقيق وفقًا لقواعد الإثبات، من خلال المضاهاة أو الشهود أو الاستكتاب أو الخبرة.

 إجراءات المحكمة وفق المادة 47

1. في حالة إقرار المدعى عليه بصحة التوقيع

  • تقوم المحكمة بإثبات الإقرار في محضر الجلسة.

  • يتم إلزام المدعي بالمصروفات، لأنه رفع الدعوى دون حاجة إلى تحقيق.

  • ينتهي النزاع فورًا، ويصبح التوقيع مثبتًا قانونًا.

2. في حالة إنكار المدعى عليه أو عدم حضوره

  • تقوم المحكمة بإجراءات تحقيق الخطوط وفقًا لقواعد الإثبات، والتي تشمل:

    • المضاهاة: مقارنة التوقيع محل النزاع بتوقيعات أخرى ثابتة.

    • الاستكتاب: إلزام المدعى عليه بكتابة نموذج مماثل أمام القاضي أو الخبير.

    • سماع الشهود: إذا وُجدت شهادة تثبت صحة التوقيع أو تنفيه.

    • ندب خبير: للاستعانة بمتخصص في الخطوط والتوقيعات لإبداء رأيه الفني.

 أثر إقرار المدعى عليه بصحة التوقيع

  • يصبح التوقيع مثبتًا قانونًا، ولا يجوز إنكاره في أي نزاع مستقبلي.

  • الحكم الصادر في هذه الدعوى لا يمنع الطعن في صحة التصرف القانوني ذاته، كأن يدعي أحد الأطراف أن العقد باطل لعيب في الإرادة أو لعدم توافر الأركان القانونية.

  • يتحمل المدعي جميع المصروفات، لأنه أقام الدعوى دون مبرر بعد إقرار المدعى عليه.

أهمية المادة 47 في الواقع العملي

  • تساعد على حسم النزاعات المتعلقة بصحة التوقيع بسرعة، مما يضمن استقرار التعاملات القانونية.

  • تمنع استخدام دعوى صحة التوقيع كوسيلة للمماطلة أو التهرب من الالتزامات.

  • تحمي حقوق المدعى عليه من الإنكار غير المبرر، حيث تُلزمه المحكمة بإثبات صحة توقيعه إذا أنكر.

 الدفع بعدم قبول الدعوى في ضوء المادة 47

يمكن للمدعى عليه الدفع بعدم قبول دعوى صحة التوقيع أو تحقيق الخطوط في بعض الحالات، مثل:

  1. عدم وجود مصلحة للمدعي في رفع الدعوى.

  2. الطعن بالتزوير، مما يستوجب تحقيقًا موسعًا يتجاوز مجرد إنكار التوقيع.

  3. وجود حكم سابق بصحة التوقيع، مما يجعل الدعوى غير مقبولة لسابقة الفصل فيها.

 الفرق بين دعوى صحة التوقيع ودعوى تحقيق الخطوط

وجه المقارنة دعوى صحة التوقيع دعوى تحقيق الخطوط
الهدف إثبات أن التوقيع صادر عن صاحبه إنكار صحة التوقيع والطعن فيه
إجراءات الإثبات لا تتطلب تحقيقًا إذا أقر المدعى عليه تتطلب تحقيقًا مثل المضاهاة والاستكتاب
نتيجة الدعوى إثبات صحة التوقيع فقط دون صحة التصرف قد تؤدي إلى بطلان المحرر إذا ثبت التزوير
تأثيرها على الالتزام لا تؤثر على صحة العقد قد تؤدي إلى سقوط الالتزام إذا ثبت التزوير

الخاتمة

المادة 47 من قانون الإثبات المصري توضح كيفية تعامل المحكمة مع دعوى تحقيق الخطوط بناءً على موقف المدعى عليه. فإذا أقر المدعى عليه بصحة التوقيع، تنتهي الدعوى دون تحقيق، ويتحمل المدعي المصروفات. أما إذا أنكر أو تغيب، فتتولى المحكمة إجراءات الإثبات وفقًا للقواعد القانونية. وتساهم هذه القاعدة في تحقيق العدالة ومنع الإنكار التعسفي، مع ضمان سرعة الفصل في النزاعات المتعلقة بالمحررات العرفية.

تخلف المدعى عليه عن الحضور

إذا تخلف المدعى عليه عن الحضور في الجلسة المحددة لنظر دعوى تحقيق الخطوط دون عذر مقبول، فإن ذلك يُعد بمثابة إنكار لصحة التوقيع أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع. ووفقًا لقواعد الإثبات، تقوم المحكمة في هذه الحالة بإجراء التحقيق اللازم وفقًا للوسائل القانونية المتاحة، مثل المضاهاة والاستكتاب وسماع الشهود وندب خبير إذا لزم الأمر.

ويترتب على غياب المدعى عليه ما يلي:

  1. عدم سقوط الدعوى: فلا يجوز الدفع بعدم قبولها لمجرد غيابه.

  2. وجوب إجراء التحقيق: على المحكمة أن تتحقق من صحة التوقيع بوسائل الإثبات المختلفة.

  3. عدم اعتبار الغياب بمثابة إقرار: حيث لا يمكن افتراض صحة التوقيع بسبب عدم الحضور، بل يجب أن تستكمل المحكمة إجراءات الإثبات.

وبالتالي، فإن غياب المدعى عليه لا يؤدي إلى رفض الدعوى أو اعتبار التوقيع صحيحًا تلقائيًا، بل يستلزم من المحكمة اتخاذ الإجراءات القانونية للتحقق من صحة المحرر المتنازع عليه.

إستئناف الحكم الصادر في الدعوى في جميع الأحوال

يكون الحكم الصادر في دعوى تحقيق الخطوط أو دعوى صحة التوقيع قابلًا للاستئناف في جميع الأحوال، وذلك وفقًا للقواعد العامة في قانون المرافعات. فإذا قضت المحكمة بصحة التوقيع أو برده وبطلانه، يجوز لأي من الخصوم الطعن على الحكم أمام محكمة الاستئناف المختصة. ويشمل نطاق الاستئناف جميع ما يتعلق بإجراءات التحقيق، مثل سلامة إجراءات المضاهاة أو الاستكتاب، ومدى صحة تقرير الخبير، وأي دفوع قانونية تتعلق بصحة المحرر. كما أن استئناف الحكم يتيح للخصم فرصة إعادة مناقشة الأدلة التي استند إليها الحكم الابتدائي، مما يحقق ضمانة إضافية لسلامة الأحكام القضائية وحماية الحقوق القانونية للأطراف.

المادة 48 من قانون الإثبات المصري

نص المادة 48 من قانون الإثبات المصري

إذا أنكر المدعي عليه الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع فيجرى تحقيق طبقا للقواعد المتقدمة .

الشرح والتفسير

تقرر هذه المادة مبدأً مهمًا في الدعاوى المتعلقة بتحقيق الخطوط وصحة التوقيع، وهو جواز الطعن بالاستئناف على الأحكام الصادرة في هذه الدعاوى مهما كانت نتيجتها. وبذلك، تتيح المادة فرصة للخصوم لمراجعة الأحكام التي قد تصدر ضدهم، مما يعزز من ضمانات العدالة والحق في التقاضي على درجتين.

مجال تطبيق المادة

يشمل حكم المادة 48 نوعين من الدعاوى:

  1. دعوى تحقيق الخطوط: وهي الدعوى التي تُرفع للتحقق من صحة الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع عند إنكارها أو الطعن عليها بالتزوير.

  2. دعوى صحة التوقيع: وهي الدعوى التي تهدف إلى إثبات صحة توقيع المدعى عليه على مستند معين، دون أن تتعرض المحكمة لموضوع التصرف القانوني الثابت في المحرر.

أهمية المادة 48 في تحقيق العدالة

  • تمنح الحق للمتضرر من الحكم الابتدائي في الطعن عليه أمام محكمة أعلى، مما يضمن المراجعة القضائية لسلامة الحكم.

  • تساعد على تفادي الأخطاء المحتملة التي قد تقع فيها محكمة أول درجة سواء في إجراءات التحقيق أو التقدير القانوني للأدلة.

  • تعزز من استقرار المعاملات القانونية من خلال ضمان فحص الدليل المستندي على درجتين من التقاضي.

إجراءات الاستئناف وفقًا للمادة 48

  • يتم استئناف الحكم الصادر في دعاوى تحقيق الخطوط وصحة التوقيع وفقًا للقواعد العامة المنصوص عليها في قانون المرافعات.

  • يتم تقديم الاستئناف خلال المواعيد القانونية المقررة للاستئناف.

  • تنظر محكمة الاستئناف في كافة الدفوع الموضوعية والشكلية، ولها أن تؤيد الحكم أو تلغيه أو تعدله.

الطبيعة القانونية لحكم الاستئناف

  • الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف يعتبر نهائيًا، إلا إذا كان قابلًا للطعن بالنقض وفقًا للشروط المحددة في القانون.

  • لا يمنع الاستئناف من تنفيذ الحكم الابتدائي، ما لم تقرر المحكمة وقف التنفيذ لحين الفصل في الاستئناف.

خاتمة

تعتبر المادة 48 من قانون الإثبات المصري ضمانة مهمة لحماية الحقوق القانونية للخصوم في دعاوى تحقيق الخطوط وصحة التوقيع. فهي تعكس مبدأ التقاضي على درجتين، مما يحقق المزيد من الضمانات الإجرائية، ويضمن تصحيح أي أخطاء قد تقع في الأحكام الابتدائية، وهو ما يسهم في تحقيق العدالة واستقرار المعاملات المدنية والتجارية.

إنكار المدعى عليه في قانون الإثبات المصري

في قانون الإثبات المصري، يُعد إنكار المدعى عليه وسيلة من وسائل الدفاع التي يستخدمها للطعن في صحة المحرر المقدم ضده. فإذا كان المحرر عرفيًا، يجوز للمدعى عليه إنكار توقيعه أو بصمته أو ختمه عليه، وفي هذه الحالة يقع على عاتق المدعي عبء إثبات صحة المحرر بكافة وسائل الإثبات المقررة قانونًا، مثل تحقيق الخطوط أو المضاهاة أو الاستكتاب أو سماع الشهود. أما إذا كان المحرر رسميًا، فلا يُقبل من المدعى عليه مجرد الإنكار، بل يجب عليه الطعن بالتزوير لإثبات عدم صحة ما ورد في السند الرسمي. ويترتب على الإنكار إيقاف حجية المحرر مؤقتًا إلى حين الفصل في صحته، مما يجعله إجراءً جوهريًا في المنازعات المدنية والتجارية.

دعوى صحة التوقيع تتسع لتحقيق دفاع المدعى عليه بإختلاس التوقيع

دعوى صحة التوقيع في قانون الإثبات المصري هي دعوى تحفظية تهدف فقط إلى إثبات أن التوقيع على المحرر صادر بالفعل من المدعى عليه، دون أن يمتد نطاقها إلى بحث صحة التصرف القانوني الوارد في المحرر. ومع ذلك، تتسع هذه الدعوى لنظر دفاع المدعى عليه بشأن اختلاس توقيعه، حيث يجوز له الدفع بأن توقيعه قد تم اختلاسه أو الحصول عليه بوسيلة غير مشروعة، مثل الغش أو الإكراه أو استغلال ظروف معينة. وفي هذه الحالة، يكون للمدعى عليه الحق في إثبات واقعة الاختلاس بكافة طرق الإثبات المتاحة، بما في ذلك شهادة الشهود والقرائن، خاصة إذا لم يكن المحرر يتضمن التزامًا ماليًا يزيد عن النصاب القانوني المقرر للإثبات بالشهادة. فإذا ثبت الاختلاس، فإنه يؤدي إلى سقوط حجية التوقيع وبطلان المحرر، مما يحمي المدعى عليه من الالتزامات التي لم تصدر عنه بإرادة حرة.

صدور حكم غير نهائي بتزوير المحرر يوجب وقف دعوى صحة التوقيع حتى صيرورة الحكم نهائيا

إذا صدر حكم غير نهائي يقضي بتزوير المحرر، فإن ذلك يترتب عليه وقف دعوى صحة التوقيع لحين صيرورة الحكم باتًّا ونهائيًا. ويرجع ذلك إلى أن ثبوت تزوير المحرر يعني انتفاء وجوده قانونًا، مما يؤثر بشكل مباشر على موضوع دعوى صحة التوقيع التي تقوم على افتراض صحة المحرر. وبالتالي، لا يجوز للمحكمة الفصل في صحة التوقيع على مستند مشكوك في سلامته القانونية قبل حسم مسألة تزويره نهائيًا. ويُعد هذا الوقف ضروريًا تجنبًا لصدور أحكام متعارضة، حيث قد يُقضى بصحة التوقيع على محرر ثبت تزويره لاحقًا، مما يؤدي إلى اضطراب المراكز القانونية للخصوم.

القضاء بصحة التوقيع يمنع صاحب التوقيع من المنازعة في صحة توقيعه سواء بطربق الدعوى أو الدفع

القضاء بصحة التوقيع في دعوى صحة التوقيع يُعد حكمًا يحوز حجية مؤقتة تقتصر على إثبات أن التوقيع الصادر عن المدعى عليه حقيقي، لكنه لا يمتد إلى إثبات صحة التصرف القانوني ذاته. ومع ذلك، فإن هذا الحكم يمنع صاحب التوقيع من المنازعة في صحة توقيعه سواء عن طريق رفع دعوى مستقلة أو من خلال الدفع بعدم صحة التوقيع في نزاع لاحق. ويعود ذلك إلى أن القضاء بصحة التوقيع يُغلق باب الإنكار بعد صدور الحكم، بحيث يصبح التوقيع غير قابل للجدل قانونًا، إلا إذا ثبت وقوع تزوير أو اختلاس للتوقيع من خلال دعوى تزوير مستقلة. وبالتالي، فإن هذا الحكم يعزز استقرار المعاملات القانونية ويمنع التسويف أو التلاعب من جانب المدين بعد ثبوت صحة توقيعه على المحرر.

مكتب المحامى محمد منيب فى الهرم 

error: