إثبات الوكالة في القانون المدني
يُخضع القانون المدني إثبات الوكالة للقواعد العامة في الإثبات، فيُجوز إثباتها بالكتابة أو بالبينة أو بالقرائن، وذلك بحسب طبيعة التصرف القانوني محل الوكالة. فإذا كانت الوكالة تتعلق بتصرف يشترط فيه القانون شكل معين (كالبيع العقاري أو الهبة غير المقبوضة)، وجب أن تُثبت الوكالة بنفس الشكل، أي بالرسمية مثلًا، حتى تكون صحيحة ونافذة. أما إذا كانت الوكالة تتعلق بتصرف لا يشترط فيه شكل خاص، جاز إثباتها بجميع طرق الإثبات بما فيها الوكالة الضمنية، والتي تُستخلص من الوقائع والظروف، مثل تعيين شخص مديرًا لأعمال الغير أو تسليمه مستندات للتصرف باسمه. كما يُعتد في الإثبات بإقرار الموكل أو الوكيل، أو بقرائن قوية تدل على وجود التوكيل. ومع ذلك، إذا أُنكر قيام الوكالة وكانت محل نزاع أمام القضاء، فإن عبء الإثبات يقع على من يدعي وجودها، وفقًا لقاعدة “البينة على من ادعى”.
عبء إثبات الوكالة الوكالة :
يقع عبء إثبات الوكالة على عاتق من يتمسك بها ويدعي وجودها، سواء كان هو الوكيل الذي قام بالتصرف ويحتج بوجود التوكيل، أو الغير الذي يستند إلى أثر ذلك التصرف في مواجهته. فالأصل أن من يدّعي وجود الوكالة عليه إثباتها، وذلك تطبيقًا للقاعدة العامة في الإثبات التي تقضي بأن “البينة على من ادعى”. ويكون الإثبات بحسب نوع التصرف الذي تمت الوكالة بشأنه، فإذا كان التصرف يحتاج لشكل خاص كالرسمية، وجب أن تكون الوكالة بذات الشكل. أما إذا كان لا يتطلب شكلًا معينًا، جاز إثباتها بجميع طرق الإثبات بما فيها القرائن والوكالة الضمنية. ويُشترط أن يكون الإثبات واضحًا وكافيًا لإقناع القاضي بأن الموكل قد فوّض الوكيل في القيام بالتصرف محل النزاع، وإلا عُدّ الوكيل متجاوزًا حدود سلطته ويكون مسؤولا عن ذلك.
إثبات الوكالة الصريحة :
تُثبت الوكالة الصريحة إذا عبّر الموكل صراحة، كتابةً أو شفاهةً، عن تفويضه للوكيل في القيام بتصرف قانوني معين أو عدة تصرفات محددة. ويُفضل أن تكون هذه الوكالة مكتوبة لسهولة الإثبات، خاصة إذا تعلّق محلها بتصرف يتطلب شكلًا خاصًا كالرهن أو بيع العقار، حيث يجب أن تكون الوكالة مكتوبة ومحررة بالشكل الذي يتطلبه القانون للتصرف ذاته. وفي غير هذه الحالات، يجوز إثبات الوكالة الصريحة بأي دليل كتابي كالمحررات العرفية أو المراسلات أو حتى الرسائل الإلكترونية، إذا ثبتت نسبتها إلى الموكل. أما في حالة الإنكار أو النزاع، فعلى من يتمسك بالوكالة الصريحة أن يقدم دليلاً قاطعًا وواضحًا على صدور الإذن من الموكل، إذ لا يُفترض التوكيل ولا يُستنتج من مجرد قيام شخص بتصرف نيابة عن آخر، بل يلزم إثبات وجود إرادة صريحة واضحة من الموكل بتفويض الوكيل.
(أ) الوكالة المكتوبة :
الوكالة المكتوبة هي التي يحرّرها الموكل في محرر رسمي أو عرفي، وتُعد أقوى وسائل إثبات وجود الوكالة وحدودها. وتتميز هذه الصورة من الوكالة بأنها تمنح الوكيل صفة قانونية واضحة، وتحدد بدقة نطاق التصرفات التي يجوز له القيام بها، مما يُجنب النزاعات حول تجاوز حدود التوكيل. وفي بعض الحالات، يشترط القانون أن تكون الوكالة مكتوبة، مثلما إذا كانت الوكالة متعلقة بتصرف يجب أن يتم في شكل رسمي كبيع العقار أو رهنه، حيث لا تكون الوكالة صحيحة إلا إذا وردت بالشكل الذي يتطلبه القانون للتصرف ذاته. ويجوز أن تكون الوكالة المكتوبة في صورة توكيل خاص أو عام، وتُعد قابلة للاحتجاج بها في مواجهة الغير متى كانت ثابتة التاريخ ومطابقة للواقع. وتُستخدم الوكالة المكتوبة بكثرة في المعاملات التجارية، والعقود البنكية، والإجراءات القضائية، لما فيها من وضوح وضمان لحقوق الطرفين.
(ب) الوكالة الشفوية :
الوكالة الشفوية هي التي يُعبَّر عنها بالإرادة القولية دون تحرير كتابي، وتُعد صحيحة من حيث المبدأ، ما لم يشترط القانون شكلاً معينًا لإثبات الوكالة أو التصرف محلها. وتكون الوكالة الشفوية كافية إذا كان التصرف الذي يُجريه الوكيل لا يتطلب الكتابة أو الرسمية، مثل شراء منقول بسيط أو قبض مبلغ نقدي. ويجوز إثبات الوكالة الشفوية بجميع طرق الإثبات، بما في ذلك شهادة الشهود والقرائن، متى كان ذلك جائزًا بالنسبة للتصرف محل الوكالة. ومع ذلك، تُعد الوكالة الشفوية أكثر عرضة للإنكار والنزاع، نظرًا لغياب دليل مادي مكتوب، لذا يُنصح غالبًا بتوثيقها كتابيًا متى تعلق الأمر بتصرفات جوهرية أو مالية كبيرة. وإذا وُجدت قرائن قوية على وجود الوكالة الشفوية، كقيام شخص بالتصرف الدائم باسم آخر بموافقته، فقد يُفهم منها قيام وكالة ضمنية يُعتد بها قضائيًا.
سريان قواعد الإثبات سالفة الذكر على الغير :
تسري قواعد إثبات الوكالة، سواء كانت صريحة أو ضمنية، في مواجهة الغير بنفس الأحكام التي تسري بين الموكل والوكيل، متى تمسّك هذا الغير بوجود الوكالة أو أنكرها. فإذا كان الغير يحتج بوجود الوكالة، فعليه أن يثبتها وفقًا للقواعد العامة للإثبات، أي بحسب طبيعة التصرف محل الوكالة والشكل الذي يتطلبه القانون. أما إذا كان الغير ينكر وجودها، فعليه أن يُظهر أن الوكيل قد تصرف خارج حدود وكالته أو دون تفويض أصلاً. وفي كل الأحوال، فإن الغير حسن النية يُحمى إذا تعامل مع وكيل ظاهري بناءً على مظهر قانوني مشروع أوجده الموكل، كأن يكون التوكيل مكتوبًا أو شهيرًا أو مستمرًا دون اعتراض، إذ يسري في هذه الحالة مبدأ الوكالة الظاهرة. وبالتالي فإن قواعد إثبات الوكالة ليست قاصرة على أطراف العقد، بل تمتد آثارها إلى الغير متى تعلّق بها مصلحة قانونية.
إثبات الوكالة الضمنية :
تُثبت الوكالة الضمنية في القانون المدني باللجوء إلى القرائن التي تدل على قيام علاقة الوكالة رغم عدم وجود اتفاق صريح بين الموكل والوكيل. ويُستدل على الوكالة الضمنية من تصرفات الطرفين وسلوكهما، أو من طبيعة العلاقة بينهما، أو من الظروف المحيطة، كأن يُجري شخص تصرفًا باسم غيره بموافقته المتكررة أو دون اعتراض منه. ومن أبرز صور الإثبات الضمني، سكوت الموكل عن إنكار تصرفات متكررة قام بها الوكيل باسمه، أو استمرار الوكيل في إدارة شؤون الموكل بشكل ظاهر ومعروف. ويشترط في هذه القرائن أن تكون قوية ومتفقة مع منطق الأمور، وتُقدَّر من قبل المحكمة بحسب ظروف كل حالة. ويُراعى عند الإثبات الضمني أن يكون التصرف الذي تمت الوكالة بشأنه لا يتطلب شكلاً خاصًا، إذ لا يجوز إثبات الوكالة الضمنية لتصرفات يشترط القانون لها الكتابة أو الرسمية، كبيع العقار أو إنشاء الرهن الرسمي.
إثبات الوكالة في الحضور أمام المحاكم :
يتطلب القانون لإثبات الوكالة في الحضور أمام المحاكم أن تكون الوكالة ثابتة بالكتابة، سواء في محرر رسمي أو عرفي، وذلك لضمان جدية التوكيل وحماية لحقوق الخصوم. ويُشترط أن يُبيّن في التوكيل تفويض الوكيل صراحة في التقاضي، سواء كان ذلك للرفع أو الدفاع أو الاستئناف أو الطعن. ويجب أن تُرفق صورة من سند التوكيل بملف الدعوى، ويُطلع القاضي على أصل التوكيل أو صورته الموثقة عند الاقتضاء. ولا يُعتد بالوكالة الشفوية في هذا المجال، كما لا يُقبل من أحد الخصوم الادعاء بوجود وكالة قضائية دون تقديم الدليل الكتابي. ويُراعى أن تكون الوكالة القضائية خاصة أو عامة، ويكفي أن تكون عامة إذا ورد بها تفويض في جميع التصرفات والإجراءات القضائية، ما لم يستلزم القانون تفويضًا خاصًا في أعمال بعينها كالإقرار أو الصلح أو التحكيم. ويُعد ذلك تنظيمًا لحماية الإجراءات القضائية من التلاعب أو الإنكار، وضمانًا لحسن سير العدالة.
مكتب محامى مصر محمد منيب المستشار القانونى
✔️ تواصل معنا الآن للحصول على استشارة قانونية مدفوعة!
✔️ ضمان السرعة والدقة في إنجاز معاملاتك القانونية.استشارة قانونية شاملة.حرصا منا على وقت عملائنا من قبل المستشار محمد منيب شخصيا خدمة مقابلة اون لاين من خلال تطبيق meet على Gmail توفر لك دعماً قانونياً عبر الانترنت .
📞 للاستفسار أو الحجز خدمة العملاء: 01006321774
📞 التواصل: احجز موعد مسبق 01006321774 – 01223232529
📍 عنوان المكتب: 13 شارع الخليفه من شارع الهرم بجوار السجل المدني