أحكام الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي
أحكام الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي
دراسة فقهية وقضائية في ضوء قانون الإجراءات الجنائية وأحكام محكمة النقض
تُعد الدعوى المدنية التابعة للدعوى الجنائية من أهم النظم القانونية التي أتاحها المشرّع للمضرور من الجريمة، إذ تمكّنه من المطالبة بالتعويض أمام القضاء الجنائي دون الحاجة إلى رفع دعوى مستقلة أمام القضاء المدني. غير أن هذا الطريق الاستثنائي لا يُفتح على إطلاقه، وإنما يخضع لضوابط وشروط صارمة، يترتب على الإخلال بها الحكم بعدم قبول الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي.
وقد أولى القضاء – وعلى رأسه محكمة النقض – عناية خاصة بتنظيم هذا الدفع، وبيان أحكامه، وحدوده، وآثاره، باعتباره من الدفوع الجوهرية التي يترتب على الفصل فيها استبعاد الدعوى المدنية من الخصومة الجنائية دون المساس بأصل الحق في التعويض.
أولًا: المقصود بالدفع بعدم قبول الدعوى المدنية
الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي هو دفع إجرائي شكلي يُوجَّه إلى حق المدعي بالحق المدني في استعمال طريق الادعاء المدني، متى تخلف أحد الشروط التي تطلبها القانون لقبول هذه الدعوى.
ويتميز هذا الدفع بأنه:
لا ينكر وقوع الضرر.
لا يناقش مقدار التعويض.
لا يتعرض لأصل الحق الموضوعي.
وإنما ينصب فقط على عدم توافر الشروط القانونية لسلوك طريق القضاء الجنائي.
ثانيًا: الأساس القانوني لأحكام عدم القبول
تستند أحكام الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية إلى مجموعة من المبادئ المستقرة، أهمها:
مبدأ التبعية
فالدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي لا تستقل بذاتها، وإنما تتبع الدعوى الجنائية وجودًا وعدمًا.مبدأ عدم ازدواج الخصومة
منعًا لطرح ذات النزاع أمام جهتين قضائيتين مختلفتين.مبدأ استقرار المراكز القانونية
حماية للمتهم من تعدد المطالبات عن واقعة واحدة.احترام قواعد الاختصاص والإجراءات
باعتبارها ضمانة أساسية لتحقيق العدالة.
ثالثًا: الطبيعة القانونية لأحكام عدم القبول
استقر الفقه والقضاء على أن الحكم بعدم قبول الدعوى المدنية:
حكم شكلي.
لا يحوز حجية في الموضوع.
لا يمنع المدعي المدني من إعادة رفع دعواه أمام القضاء المدني المختص.
كما قررت محكمة النقض أن:
هذا الدفع لا يتعلق بالنظام العام كأصل عام.
وإنما هو مقرر لمصلحة الخصوم.
ويجوز التنازل عنه صراحة أو ضمنًا.
رابعًا: أهم أحكام الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية
1. الحكم بعدم القبول لسبق رفع الدعوى أمام القضاء المدني
من المبادئ القضائية المستقرة أن:
«متى اختار المضرور طريق القضاء المدني للمطالبة بالتعويض، امتنع عليه الادعاء مدنيًا أمام القضاء الجنائي عن ذات الواقعة».
والعبرة في ذلك:
بسابقة رفع الدعوى.
لا بصدور حكم فيها.
ويترتب على هذا الحكم:
استبعاد الدعوى المدنية أمام المحكمة الجنائية.
استمرار نظرها أمام القضاء المدني.
2. الحكم بعدم القبول لانعدام الدعوى الجنائية
قضت محكمة النقض بأن:
«الدعوى المدنية التابعة لا تُقبل إلا إذا كانت هناك دعوى جنائية قائمة».
فإذا:
لم تُحرّك الدعوى الجنائية أصلًا.
أو انقضت قبل نظر الدعوى المدنية.
وجب الحكم بعدم قبول الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي.
3. الحكم بعدم القبول لانقضاء الدعوى الجنائية
إذا انقضت الدعوى الجنائية بسبب:
الوفاة.
التقادم.
العفو الشامل.
فإن المحكمة تقضي:
بانقضاء الدعوى الجنائية.
وبالتبعية بعدم قبول الدعوى المدنية.
دون التعرض لموضوع التعويض.
4. الحكم بعدم القبول لانتفاء الصفة أو المصلحة
من الأحكام المستقرة أن:
الصفة والمصلحة شرط أساسي لقبول الادعاء المدني.
ويجب أن تكون المصلحة شخصية ومباشرة.
فإذا رفعت الدعوى من شخص:
لم يلحقه ضرر مباشر.
أو لا تربطه علاقة قانونية بالواقعة.
قُضي بعدم قبول الدعوى المدنية.
5. الحكم بعدم القبول لعدم اتصال الضرر بالجريمة
قررت محكمة النقض أن:
«يشترط لقبول الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي أن يكون الضرر مباشرًا ناشئًا عن الجريمة».
فإذا كان الضرر:
غير مباشر.
أو احتمالي.
أو ناشئ عن سبب أجنبي.
وجب الحكم بعدم قبول الدعوى المدنية.
6. الحكم بعدم القبول لمخالفة القيد على حق الاختيار
إذا خالف المدعي المدني القيد الخاص بحقه في اختيار القضاء، بأن:
يرفع الدعوى أمام القضاء المدني.
ثم يعود للاختيار أمام القضاء الجنائي.
فإن المحكمة تقضي بعدم قبول الدعوى المدنية، تأسيسًا على سبق استعمال الحق.
7. الحكم بعدم القبول لعدم اختصاص المحكمة الجنائية
إذا قضت المحكمة:
بعدم اختصاصها بنظر الدعوى الجنائية.
فإنها:لا تملك الفصل في الدعوى المدنية.
وتقضي بعدم قبولها.
8. الحكم بعدم القبول لسبق الفصل في الدعوى المدنية
إذا سبق صدور حكم نهائي:
في ذات الدعوى.
وبذات السبب والموضوع.
امتنع إعادة طرحها أمام القضاء الجنائي، تطبيقًا لحجية الأمر المقضي.
خامسًا: توقيت إثارة الدفع وأثره على الحكم
الأصل أن:
يُثار الدفع بعدم القبول قبل الخوض في موضوع الدعوى.
ويجوز إثارته في أي مرحلة قبل إقفال باب المرافعة.
وقد استقرت محكمة النقض على أن:
إغفال المحكمة الرد على دفع جوهري بعدم القبول يعيب الحكم.
ويؤدي إلى نقضه.
سادسًا: سلطة المحكمة في الفصل في الدفع
للمحكمة الجنائية:
أن تفصل في الدفع استقلالًا.
أو أن تضمه للموضوع.
غير أنه:
إذا كان الدفع واضح الأساس.
أو متعلقًا بانعدام شرط من شروط القبول.
وجب الفصل فيه قبل التعرض لموضوع الدعوى المدنية.
سابعًا: الآثار المترتبة على أحكام عدم القبول
خروج الدعوى المدنية من الخصومة الجنائية.
استمرار نظر الدعوى الجنائية وحدها.
عدم المساس بأصل الحق في التعويض.
جواز لجوء المدعي المدني للقضاء المدني المختص.
ثامنًا: الفرق بين أحكام عدم القبول وأحكام الرفض
الحكم بعدم القبول:
شكلي
لا يحسم الحق
لا يحوز حجية في الموضوع
الحكم بالرفض:
موضوعي
يفصل في الحق
يحوز حجية تمنع إعادة الدعوى
خاتمة أحكام الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي
إن أحكام الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي تمثل أحد أهم تطبيقات التوازن بين حماية حق المضرور في التعويض، وضمان سلامة الإجراءات الجنائية ومنع إساءة استعمال حق الادعاء المدني.
وقد أرست محكمة النقض عبر أحكامها المتعاقبة قواعد واضحة تحكم هذا الدفع، تؤكد أن العدالة الجنائية لا تقتصر على إدانة الجاني أو براءته، بل تمتد إلى تنظيم طرق المطالبة بالحقوق المدنية في إطار قانوني منضبط.
الرفع بعدم قبول الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي
رؤية قانونية متقدمة لإدارة الادعاء المدني أمام المحاكم الجنائية – محمد منيب
يمتلك الأستاذ محمد منيب رؤية قانونية متقدمة في إدارة الادعاء المدني أمام المحاكم الجنائية، تقوم على الفهم الدقيق لأحكام قبول الدعوى المدنية وحدود التبعية بين الدعوى الجنائية والمدنية، وما استقر عليه قضاء محكمة النقض من ضوابط حاكمة لهذا المجال الدقيق.
ويعتمد في عمله على تحليل عميق لملف الدعوى منذ بدايته، للكشف عن أوجه القصور الإجرائي التي تُسقط الادعاء المدني شكلًا، سواء لانتفاء الصفة أو المصلحة، أو لسبق استعمال حق التقاضي، أو لانقضاء الدعوى الجنائية.
ويتميز محمد منيب بقدرته على صياغة دفوع قانونية محكمة، واختيار التوقيت الإجرائي الأمثل لإثارتها، بما يحقق حماية قانونية كاملة للمتهم ويضمن سلامة الحكم من الطعن. فإذا كنت تبحث عن محامٍ جنائي خبير في إدارة منازعات الادعاء المدني أمام القضاء الجنائي، فإن خبرة محمد منيب العملية ورؤيته القانونية المتقدمة تمثلان ركيزة أساسية لدفاع قوي قائم على أسس قانونية راسخة.
المستشار القانونى: محمد منيب المحامى
عنوان المكتب: 13 شارع الخليفه من شارع الهرم بجوار السجل المدني
📞 للاستفسار أو الحجز خدمة العملاء: 01006321774
📞 التواصل: احجز موعد مسبق 01006321774 – 01223232529
📍 عنوان المكتب: 13 شارع الخليفه من شارع الهرم بجوار السجل المدني

