آثار الوكالة بالنسبة للغير في القانون المدني
تترتب على الوكالة، في مواجهة الغير، آثار قانونية ملزمة متى تصرف الوكيل باسم الموكل وفي حدود سلطاته، إذ يُنسب التصرف مباشرة إلى الموكل، ويُعتبر كأنه صدر عنه شخصيًا. ويُرتب هذا التصرف حقوقًا والتزامات في ذمة الموكل تجاه الغير، دون حاجة لإقرار لاحق، ما دام الغير قد تعامل مع الوكيل وهو يعلم أو يفترض علمه بأن التصرف يجري باسم الموكل. أما إذا تجاوز الوكيل حدود وكالته، فلا يكون التصرف ملزمًا للموكل إلا إذا أقرّه صراحة أو ضمنًا، وفي هذه الحالة فقط تنصرف آثاره إليه. وتُعد هذه القاعدة تطبيقًا لمبدأ “النيابة”، الذي يُميز الوكالة في القانون المدني، ويُحقق التوازن بين مصلحة الغير في استقرار التعاملات، ومصلحة الموكل في ألا يُلزم إلا بما أذن به.
حالة إلتزام الوكيل حدود الوكالة :
إذا التزم الوكيل حدود الوكالة الممنوحة له، وتصرف باسم الموكل ولحسابه، فإن جميع الآثار القانونية المترتبة على هذا التصرف تنصرف إلى الموكل مباشرة، ويُعد التصرف كما لو كان قد صدر منه شخصيًا. ويُعد الوكيل في هذه الحالة قد أدى مهمته على الوجه الصحيح، فلا يُسأل تجاه الغير أو تجاه الموكل عن النتائج القانونية للتصرف، طالما لم يرتكب خطأ أو تجاوزًا. ويُشترط في ذلك أن يكون الغير قد علم أو كان ينبغي أن يعلم أن الوكيل يتصرف باسم الموكل، وإلا التزم الوكيل شخصيًا بالتصرف. وتُعد هذه القاعدة من المبادئ الجوهرية في نظام النيابة، وتهدف إلى تحقيق الأمان القانوني في المعاملات، وضمان استقرارها بين الموكل والغير.
علاقة الموكل بالغير :
تقوم علاقة الموكل بالغير على ما يُبرمه الوكيل من تصرفات قانونية باسم الموكل وفي حدود سلطاته، فتنعقد هذه التصرفات مباشرة بين الموكل والغير، وتنتج آثارها في ذمة الموكل لا الوكيل، سواء من حيث الحقوق أو الالتزامات. فإذا تعاقد الوكيل مع الغير وفقًا لما خوّله له عقد الوكالة، أصبح الموكل هو الطرف الأصلي في العلاقة، ويجوز للغير الرجوع عليه بالمطالبة بالتنفيذ أو التعويض، كما يجوز للموكل مطالبة الغير بتنفيذ التزاماته. أما إذا تجاوز الوكيل حدود وكالته، فلا تترتب أي علاقة قانونية بين الموكل والغير، إلا إذا أقر الموكل هذا التصرف، وفي هذه الحالة يُعتبر الإقرار بمثابة وكالة لاحقة، تنشئ العلاقة القانونية بين الطرفين بأثر رجعي.
عدم إنصراف آثر التصرف المبني على غش إلى الموكل :
إذا صدر من الوكيل تصرف قانوني باسم الموكل، ولكن هذا التصرف شابه غش أو تدليس ارتكبه الوكيل دون علم الموكل، فإن آثار هذا التصرف لا تنصرف إلى الموكل، ولا يُلزم بها، سواء في مواجهة الغير أو تجاه الوكيل نفسه. ويُبنى هذا الحكم على أن الغش يفسد الرضا ويُسقط الحماية القانونية عن التصرف، كما أن الوكيل قد تجاوز حدود الأمانة المفترضة في العلاقة التعاقدية. ولا يُسأل الموكل عن تصرفات الوكيل الغشّاشة، إلا إذا ثبت أنه كان يعلم بالغش أو أقرّه بعد وقوعه. وتكمن الحكمة من ذلك في حماية الموكل من الأضرار الناتجة عن إساءة استعمال الوكالة، وضمان عدم تحميله تبعات تصرفات لا تمثله لا شكلاً ولا موضوعًا.
مسئولية الوكيل قبل الغير عن خطئه :
يُسأل الوكيل قبل الغير عن الخطأ الذي يرتكبه أثناء تنفيذ الوكالة إذا ألحق بهذا الغير ضررًا نتيجة تجاوزه حدود الوكالة أو إهماله أو تقصيره في أداء واجبه، سواء كان ذلك عن قصد أو عن خطأ غير مقصود. وتقوم مسؤوليته في هذه الحالة على أساس المسؤولية التقصيرية، لا العقدية، لأن الغير لم يكن طرفًا في عقد الوكالة. فإذا أبرم الوكيل تصرفًا دون أن يُفصح عن صفته، أو تجاوز سلطاته، أو ارتكب غشًا أو تدليسًا، أصبح مسؤولًا شخصيًا أمام الغير عما نتج عن خطئه من أضرار. وتُقدر هذه المسؤولية وفقًا للقواعد العامة في المسؤولية المدنية، وتكفل للغير الحق في التعويض، ضمانًا لاستقرار المعاملات وحماية لحسن النية في التعامل.
حالة خروج الوكيل عن حدود الوكالة :
إذا خرج الوكيل عن حدود الوكالة، بأن تجاوز ما خُوِّل له من صلاحيات أو تصرف في أمر لم يأذن له به الموكل، فإن التصرف الذي أجراه لا ينصرف أثره إلى الموكل، ولا يُلزمه قانونًا، إلا إذا أقرّه صراحة أو ضمنًا بعد وقوعه. وفي حال عدم الإقرار، يُعد الوكيل قد تصرف في غير ملك، ويقع عليه وحده ما يترتب على هذا التصرف من التزامات تجاه الغير. وقد يُسأل أيضًا عن الأضرار التي تلحق بالموكل نتيجة هذا التجاوز، إذا ثبت أنه تصرف بإهمال أو سوء نية. ويهدف هذا الحكم إلى حماية الموكل من التصرفات غير المأذون بها، وضمان احترام حدود النيابة التي قررها، دون أن يُحمّل تبعات لم يخترها أو لم يوافق عليها.
إقرار الموكل للتصرف الذي عقده الوكيل خارجا عن حدود الوكالة :
إذا أقرّ الموكل التصرف الذي عقده الوكيل خارجًا عن حدود الوكالة، فإن هذا الإقرار يُرتب جميع الآثار القانونية للتصرف في حق الموكل، ويُعتبر كأن الوكيل قد تصرف بإذن مسبق. ويجوز أن يكون الإقرار صريحًا، كأن يعلن الموكل قبوله للتصرف، أو ضمنيًا، كأن ينفذ الالتزامات الناشئة عنه أو يستفيد من نتائجه دون اعتراض. ويُشترط لصحة الإقرار أن يكون الموكل عالمًا بجميع عناصر التصرف عند إقراره، وأن يتم ذلك في وقت لا يزال فيه التصرف قابلاً للإلزام. وبالإقرار، يتحول التصرف إلى عمل قانوني صحيح وملزم للموكل بأثر رجعي، منذ تاريخ صدوره عن الوكيل، وفقًا لمبدأ الإجازة اللاحقة التي تُغني عن التوكيل السابق.
علاقة الوكيل بالغير :
تقوم علاقة الوكيل بالغير على ما يصدر عنه من تصرفات أثناء تنفيذ الوكالة، فإذا أفصح الوكيل عن صفته وتصرف في حدود سلطاته، فإن العلاقة القانونية تنشأ مباشرة بين الموكل والغير، ولا يكون الوكيل طرفًا فيها، فلا يُسأل عن تنفيذ الالتزامات الناتجة عنها. أما إذا لم يُفصح عن صفته، أو تجاوز حدود وكالته، فإن الوكيل يُسأل شخصيًا أمام الغير، ويكون مسؤولًا عن تنفيذ الالتزام أو تعويض الضرر، ما لم يُقر الموكل التصرف. وفي جميع الأحوال، يُفترض حسن نية الغير، ويُحمى إذا تعامل مع وكيل ظاهر تُوحي تصرفاته بأنه مخوّل، وفقًا لقاعدة الظاهر واستقرار المعاملات.
تعريف الوكالة الظاهرة :
الوكالة الظاهرة هي حالة يقوم فيها شخص بالتعامل مع الغير باسم الموكل، ويُخلق في ذهن هذا الغير اعتقاد مشروع بأن هذا الشخص وكيل عن الموكل، نتيجة سلوك إيجابي أو سلبي صدر من الموكل نفسه، كأن يترك شخصًا يتصرف باسمه على مرأى ومسمع دون اعتراض، أو يُظهره بمظهر الوكيل. وفي هذه الحالة، تُعتبر الوكالة قائمة في مواجهة الغير حسن النية، رغم عدم وجود توكيل فعلي، حمايةً للثقة المشروعة واستقرار التعامل. ويترتب على الوكالة الظاهرة أن تنصرف آثار التصرف مباشرة إلى الموكل، متى ثبت أن الغير كان حسن النية، وأن سلوك الموكل هو الذي أوحى بوجود هذه الصفة.
شروط الوكالة الظاهرة
الشرط الأول : أن يعمل الوكيل باسم الموكل دون نيابة :
إذا عمل الشخص باسم الموكل دون أن تكون له نيابة صحيحة عنه، فإن التصرف الذي يجريه لا ينصرف أثره إلى الموكل، لعدم وجود رابطة قانونية تربط بينهما تجيز تمثيله، ويُعد في هذه الحالة قد تصرف عن الغير بغير حق. ولا يُلزم هذا التصرف الموكل، إلا إذا أقرّه صراحة أو ضمنًا بعد وقوعه، وفقًا لأحكام الفضالة أو الإجازة اللاحقة. أما إذا لم يصدر إقرار من الموكل، فإن التصرف لا يرتب في حقه أي أثر، ويُسأل من أبرمه شخصيًا عن نتائجه تجاه الغير، خصوصًا إذا أُوهم الغير بحسن نية بوجود النيابة. ويُفهم من ذلك أن العمل باسم الغير لا يكفي وحده لنفاذ التصرف في حقه، بل يجب أن يكون صادرًا عن شخص يملك سلطة النيابة قانونًا أو اتفاقًا.
الشرط الثاني : أن يكون الغير الذي يتعامل مع الكبار حسن النية يعتقد أن الوكيل نائب :
يشترط لانصراف أثر التصرف في حالة الوكالة الظاهرة أن يكون الغير الذي تعامل مع الوكيل حسن النية، أي أن يعتقد اعتقادًا مشروعًا بأن الشخص الذي يتصرف أمامه هو نائب عن الموكل، وأن هذا الاعتقاد مبني على مظهر خارجي خلقه الموكل بسلوكه أو بإهماله، كأن يترك الغير يتعامل مع شخص يتصرف باسمه دون اعتراض. ويُشترط كذلك ألا يكون الغير قد أهمل في التحقق من صفة هذا الشخص، إذا كان في ظروف الحال ما يثير الشك. فإذا توفر حسن النية من جانب الغير، وكان هناك مظهر معقول للوكالة، التزم الموكل بالتصرف رغم عدم وجود وكالة حقيقية، وذلك حمايةً لاستقرار التعاملات وثقة الغير المشروعة في الظاهر.
الشرط الثالث : أن يقوم مظهر خارجي للوكالة منسوب للموكل :
يشترط لقيام الوكالة الظاهرة أن يوجد مظهر خارجي للوكالة منسوب إلى الموكل، أي أن يصدر عن الموكل نفسه، بالفعل أو بالسكوت، ما يُوحي للغير بأن هناك وكالة قائمة، فيتولد في ذهن الغير اعتقاد مشروع بأن الشخص الذي يتعامل باسمه نائب عنه. وقد يتمثل هذا المظهر في أن يُجيز الموكل للغير التصرف في شؤونه علنًا دون اعتراض، أو في أن يترك شخصًا يتعامل معه الآخرون على أنه وكيله دون أن يُنكر هذه الصفة. ويُعد هذا المظهر هو الأساس الذي تستند إليه نظرية الوكالة الظاهرة، ويترتب عليه التزام الموكل بالتصرف رغم عدم وجود وكالة حقيقية، حمايةً للغير حسن النية ومنعًا للإضرار به بسبب سلوك الموكل.
الشرط الرابع : أن يكون الموكل قد أسهم بخطئه في ظهور الشخص بمظهر الوكيل :
من الشروط الأساسية لقيام الوكالة الظاهرة أن يكون الموكل قد أسهم بخطئه في ظهور شخص بمظهر الوكيل، أي أن يُنسب إلى الموكل سلوك إيجابي أو سلبي أدّى إلى أن يعتقد الغير، بحسن نية، بأن هناك وكالة قائمة. ويتحقق هذا الخطأ إذا تصرّف الموكل بطريقة توحي للغير بوجود علاقة وكالة، كأن يسمح لشخص بإبرام تصرفات باسمه دون اعتراض، أو يُقرّ ضمنًا تلك التصرفات، أو يُهمل في تصحيح هذا الانطباع لدى الغير. ويُعد هذا الخطأ سببًا لقيام المظهر الخارجي الذي بُني عليه اعتقاد الغير، فيُلزم الموكل بالتصرف رغم عدم وجود وكالة حقيقية، حمايةً لمبدأ استقرار المعاملات وثقة الغير المشروعة.
مكتب المستشار محمد منيب /أشهر مكتب محاماة في الهرم و فيصل
📞 للاستفسار أو الحجز خدمة العملاء: 01006321774
📞 التواصل: احجز موعد مسبق 01006321774 – 01223232529
📍 عنوان المكتب: 13 شارع الخليفه من شارع الهرم بجوار السجل المدني