جواز المراهنة بإذن خاص من وزير الشئون البلدية والقروية في القانون المدني
رغم أن الأصل في الرهان والمقامرة هو البطلان لمخالفتهما النظام العام والآداب، فقد أجاز القانون في بعض الحالات الخاصة جواز المراهنة إذا صدرت بإذن خاص من وزير الشئون البلدية والقروية أو من الجهة الإدارية المختصة. ويُعد هذا الإذن التشريعي استثناءً محدودًا من القاعدة العامة، ويُشترط لصحته أن يكون صادرًا وفقًا لأحكام القانون وتحت إشراف الدولة. وغالبًا ما يُمنح هذا الإذن في نطاق مسابقات أو ألعاب ذات طابع رياضي أو ترفيهي منظّم، كسباق الخيل أو اليانصيب المرخص، بحيث تُمارس في أماكن مرخصة وتخضع لرقابة حكومية دقيقة. ويترتب على منح هذا الإذن اكتساب الرهان صفة المشروعية المدنية، مما يجيز المطالبة بالحقوق الناشئة عنه ويمنع تطبيق أحكام البطلان التي تسري على الرهانات المحظورة.
عدم مشروعية الرهان بإذن خاص من الناحية المدنية :
رغم ما قد يُمنح من إذن خاص لبعض الرهانات من الجهات الإدارية، كوزير الشئون البلدية والقروية، فإن ذلك لا يكفي بذاته لإضفاء المشروعية المدنية على عقد الرهان، ما لم يكن هذا الإذن مؤسسًا على نص قانوني صريح يجيز هذا النوع من العقود. فالإذن الإداري لا يُغيّر من الطبيعة القانونية للرهان كتصرف يُخالف النظام العام والآداب، ما لم يتوافر له سند قانوني يجعل منه استثناءً مقبولًا. وبالتالي، يظل الرهان باطلًا من الناحية المدنية حتى وإن صدر بإذن إداري، إذا لم يكن ذلك الإذن مبنيًا على قاعدة تشريعية واضحة تجيزه. ويترتب على هذا البطلان عدم إنشاء أي التزام قانوني بين الأطراف، وعدم أحقية أي طرف في المطالبة بالربح أو استرداد ما دفع بموجب هذا العقد.
جريمة التراهن مستحدثة بالقانون رقم 135 لسنة 1947 :
استحدث المشرّع المصري بموجب القانون رقم 135 لسنة 1947 جريمة جديدة تتمثل في التراهن أو التحريض عليه أو تنظيمه دون ترخيص، وذلك في إطار سعي الدولة لمواجهة صور المقامرة المستترة التي انتشرت في صور جديدة تحت مسميات مختلفة. وقد جرّم هذا القانون كل من يباشر التراهن أو يشجع عليه أو يسهل انعقاده، سواء تم ذلك في أماكن عامة أو خاصة، وسواء كان الرهان متعلقًا بأحداث رياضية أو غيرها. ويُعد هذا التشريع خطوة هامة لتوسيع نطاق التجريم، حيث لم يقتصر على المشاركين فقط، بل شمل المنظمين والمحرضين، مع تقرير عقوبات جنائية تهدف إلى الردع العام والخاص، حماية للنظام العام وللأخلاق الاجتماعية. ويُلاحظ أن هذا التجريم يستند إلى فلسفة تعتبر التراهن صورة من صور القمار، ولو تم في ظاهر قانوني أو باسم الرياضة أو الترفيه.
أركان جريمة الرهان
1- الركن المادي :
الركن المادي في جريمة الرهان يتمثل في السلوك الإجرامي الخارجي الذي يُجسد الفعل المجرَّم قانونًا، وهو عادةً إبرام الرهان أو تنظيمه أو التوسط فيه أو تسهيل انعقاده بين أطرافه. ويتخذ هذا السلوك صورًا متعددة، كإنشاء مكان تُمارس فيه المراهنات، أو الإعلان عنها، أو تلقي الأموال مقابل الاشتراك فيها، أو حتى مجرد إعداد الوسائل المادية اللازمة لإجرائها. كما يدخل في نطاق الركن المادي كل فعل يسهم في قيام الرهان أو استمراره، سواء كان ذلك علنًا في الأماكن العامة، أو خفيًا في أماكن خاصة. ولا يُشترط لقيام الركن المادي أن يتحقق بالفعل انتقال المال أو تحصيل الربح، بل يكفي أن تُعقد المراهنة أو يُشرع فيها لتحقيق هذا الركن، مما يُظهر الطابع الوقائي للتجريم، ويؤكد أن القانون يُعاقب على الفعل بمجرد وقوعه دون اشتراط تحقق نتيجة ضارة فعلية.
(أ) عرض الرهان :
عرض الرهان يُعد من الأفعال التي تدخل ضمن النطاق المادي لجريمة الرهان، ويقصد به التصريح أو الإعلان أو المجاهرة برغبة أحد الأشخاص في إبرام رهان مع غيره على أمر معين، سواء كان متعلقًا بنتيجة واقعة مستقبلية أو منافسة رياضية أو غيرها من الأمور التي لا تخضع للحساب أو التقدير المنطقي. ويكفي لقيام العرض أن يُعبّر الشخص صراحة أو ضمنًا عن رغبته في الدخول في رهان، سواء كان العرض موجهًا إلى شخص محدد أو إلى العموم، وسواء تم القبول به لاحقًا أو لا. ويأخذ عرض الرهان أهمية قانونية لأنه يُعد بداية لتنفيذ فعل مجرَّم إذا تعلق بمقامرة أو رهان محظور، حتى وإن لم يكتمل الاتفاق، ويُعد بذلك من صور الشروع في الجريمة متى توافرت بقية شروط التجريم. ويُظهر ذلك حرص المشرّع على محاصرة ظاهرة الرهان منذ لحظة نشأتها الأولى، حمايةً للمجتمع من مخاطرها الاقتصادية والأخلاقية.
(ب) إعطاء الرهان :
إعطاء الرهان يُعد من الأفعال التي تدخل في نطاق الركن المادي لجريمة الرهان، ويقصد به قيام أحد أطراف الرهان بتسليم المبلغ أو الشيء المتراهن عليه للطرف الآخر، سواء تم ذلك عند بدء الرهان أو عند نهايته تنفيذًا لما تم الاتفاق عليه. ويُعد هذا الفعل صورة من صور تنفيذ الاتفاق المجرَّم، حيث يتحقق به أحد أخطر الآثار السلبية للرهان، وهو انتقال المال دون مقابل مشروع، اعتمادًا على المصادفة أو الحظ، مما يُخل بمبدأ العدالة الاقتصادية. ولا يشترط أن يتم الإعطاء نقدًا أو فورًا، بل يكفي أن يتم التسليم فعلاً ولو على سبيل الأمانة أو في وقت لاحق. ويُعد من قبيل الإعطاء أيضًا ما إذا أُودع الرهان لدى شخص ثالث كأمين حتى يُحسم النزاع أو تُعرف النتيجة. ويُعد هذا التصرف مجرَّمًا متى تعلق برهان باطل أو محظور قانونًا، ولو تم برضا الأطراف، لأن الرضا لا يُسبغ المشروعية على عمل غير مشروع بطبيعته.
(ج) تلقى الرهان :
تلقي الرهان هو أحد الأفعال التي تُكوّن الركن المادي لجريمة الرهان، ويُقصد به استلام الشخص للمبلغ أو الشيء المتراهن عليه من أحد أطراف الرهان، سواء بصفته طرفًا مباشرًا في الرهان أو وسيطًا أو منظِّمًا له. ويأخذ هذا الفعل صورًا متعددة، فقد يتم التلقي نقدًا أو عينًا، مباشرة أو عن طريق وسيلة إلكترونية، وقد يكون الغرض من التلقي هو الاحتفاظ بالرهان لحين إعلان النتيجة أو تصفية الحسابات بين المتراهنين. وتزداد خطورة هذا الفعل عندما يصدر من شخص يجعل من تلقي الرهانات نشاطًا معتادًا أو مصدرًا للربح، مما يُعد ممارسة منظمة لأعمال المقامرة المحظورة. وقد اعتبر المشرّع هذا الفعل مجرَّمًا في ذاته لما ينطوي عليه من تشجيع على الاستمرار في الرهان وتيسير وسائله، حتى وإن لم يقع ضرر مادي مباشر. ويُظهر تجريم تلقي الرهان أن القانون لا يقتصر على معاقبة من يقامر فقط، بل يمتد إلى كل من يسهم في دعم هذا النشاط أو تسهيله.
(د) إستعمال الرهان :
استعمال الرهان يُقصد به الانتفاع الفعلي أو التصرف في المبلغ أو الشيء المتراهن عليه بعد الحصول عليه نتيجة للمقامرة أو الرهان، سواء من قِبل الطرف الفائز أو من ينوب عنه. ويتحقق هذا الاستعمال عندما يقوم الشخص مثلاً بإنفاق المال الذي كسبه من الرهان، أو إدخاله في تعامل مالي آخر، أو استخدامه في أي غرض شخصي أو تجاري. ويُعد هذا الفعل امتدادًا للرهان المحظور، ويُنظر إليه على أنه تأكيد لإتمام الجريمة ووقوع الأثر المادي لها، مما قد يُرتب مسؤولية جنائية أو مدنية بحسب السياق. كما أن الاستعمال قد يُستخدم كقرينة على وقوع الرهان، خصوصًا في الحالات التي يصعب فيها إثبات الاتفاق أو إعطاء الرهان كتابةً. ويأخذ القانون من هذا الفعل دليلاً على اشتراك الشخص في نشاط غير مشروع، مما يبرر في بعض الأحوال مصادرة المال المستعمل أو التحفظ عليه، خاصة إذا كان من أعمال المقامرة المحرمة.
الركن المعنوى ( القصد الجنائي ) :
الركن المعنوي في جريمة الرهان يتمثل في توافر القصد الجنائي العام، أي علم الجاني بطبيعة الفعل الذي يقوم به وإرادته في ارتكابه. ويجب أن يكون المتهم عالمًا بأنه يشترك في رهان أو مقامرة محرمة قانونًا، وأن يقصد الدخول في هذا النشاط غير المشروع طمعًا في الكسب السريع أو استغلالًا للحظ والمصادفة. ولا يشترط القانون لقيام القصد الجنائي توفر نية الإضرار بالغير، بل يكفي مجرد العلم بمخالفة الفعل للنظام العام أو الآداب العامة، وأن الشخص تعمّد الدخول فيه رغم ذلك. كما يُفترض القصد الجنائي فيمن يعتاد تنظيم الرهانات أو يتلقى الأموال عنها، إذ يستخلص من تكرار السلوك وسياقه. فإذا انتفى العلم أو الإرادة، كأن يجهل الشخص طبيعة النشاط أو يُجبر عليه، انتفى القصد الجنائي، ومن ثم لا تُقام مسؤوليته الجنائية.
البيوع الآجلة في البورصة :
البيوع الآجلة في البورصة هي صفقات يتم الاتفاق فيها على بيع أوراق مالية (مثل الأسهم أو السندات) بسعر محدد، على أن يتم تسليمها ودفع ثمنها في تاريخ لاحق. وتتميز هذه البيوع بأنها تقوم على توقعات المتعاملين لتحركات الأسعار، حيث يهدف البائع إلى تحقيق ربح إذا انخفض السعر عند موعد التسليم، بينما يراهن المشتري على ارتفاع السعر. وقد أثارت هذه المعاملات جدلًا قانونيًا حول مدى مشروعيتها، خاصة إذا كانت لا تُبنى على نية التبادل الحقيقي بل مجرد مضاربة على فروق الأسعار، مما يجعلها أقرب إلى المقامرة. ولهذا حرص المشرع على تنظيمها ووضع ضوابط صارمة لها، مثل قيد التعامل في بورصات مرخصة وتحت إشراف الدولة، تفاديًا للغش والمخاطر غير المشروعة، ولضمان التوازن بين حماية المتعاملين واستقرار الأسواق المالية.
النص القانوني للمادة 46 من القانون رقم 17 لسنة 1999 (المعدل) بإصدار قانون التجارة :
” تكون العمليات المضافة إلى أجل صحيحة ولو قصد المتعاقدون منها أن تؤول إلى مجرد التزام بدفع فروق الأسعار بشرط أن تعقد العملية في سوق الأوراق المالية وأن تتعلق بصكوك مدرجة في جداول أسعار هذا السوق ويصدر بتنظيم هذه العمليات قرار من الوزير المختص”
المقصود بالعمليات الواردة بالمادة :
نصت المادة على أن تكون العمليات المضافة إلى أجل صحيحة ولو نصد المتعاقدون منها أن تؤول إلى مجرد التزام بدفع فروق الأسعار .
والبيع الأجل هو الذى يتفق فيه الطرفان على تأجيل التسليم الناقل ، ودفع الثمن إلى يوم معين يسمى يوم التصفية للملكية ، ، ويتشابه البيع الأجل بالبيع العاجل فى أن تسليم المبيع ، ودفع الثمن يقعان فى وقت واحد .
ويختلف عن بيع النسيئة في أن ملكية المبيع تنتقل بالتسليم إلى المشترى الذى يبقى مدينا بالثمن . ومع أن بيع النسيئة جائز قانونا إلا أنه غير مستعمل في البورصات ، حيث يحصل التعامل بواسطة السماسرة بين
بائعين ومشترين غير متعارفين .
ويختلف البيع الآجل عن بيع السلم ، في أن هذا الأخير يعقد خارج البورصة بمقتضى عقود خاصة تعقد مع مراسل ، أو متعهد معروف ، ليسلم كمية من المثليات في ميعاد معين .
شروط صحة هذه العمليات :
تكون العمليات المضافة إلى أجل صحيحة ولو كان قصد المتعاقدون منها أن تؤول إلى مجرد التزام بدفع فروق الأسعار إذا توافرت الشروط الآتية :
1 – أن تعقد العملية في سوق الأوراق المالية (البورصة) .
٢- أن تتعلق العملية بصكوك مدرجة في جدول أسعار هذا السوق.
٣- أن تتم طبقا للتنظيم الذى يضعه القرار الذي يصدره الوزير المختص.
المستشار / محمد منيب المحامي
أفضل محامٍ قضايا المحاكم المدنية في مصر
13 شارع الخليفة من شارع الهرم ناصية فندق الفاندوم، بجوار السجل المدنى، الهرم، الجيزة.
📞 للاستفسار أو الحجز خدمة العملاء: 01006321774