الأساس القانوني والضوابط العملية للدفوع المتعلقة بالمسائل الفرعية
الأساس القانوني والضوابط العملية للدفوع المتعلقة بالمسائل الفرعية
تُعد الدفوع الجنائية أحد أهم أدوات الدفاع الفني، غير أن أخطرها وأكثرها دقة هي الدفوع المتعلقة بالمسائل الفرعية، لما لها من تأثير غير مباشر لكنه عميق في مصير الدعوى الجنائية. فهذه الدفوع لا تتجه إلى إنكار الفعل الإجرامي ذاته بقدر ما تستهدف تفكيك الأساس القانوني الذي يقوم عليه الاتهام، من خلال مناقشة مسائل جانبية يتوقف عليها ثبوت الجريمة أو أحد أركانها.
وتبرز أهمية البحث في الأساس القانوني والضوابط العملية لهذه الدفوع، نظرًا لما يثور حولها من إشكاليات تتعلق بحدود اختصاص المحكمة الجنائية، ومدى التزامها بالرد عليها، وأثرها في الحكم الجنائي.
أولًا: ماهية المسائل الفرعية في الدعوى الجنائية
المسائل الفرعية هي تلك المسائل القانونية أو الواقعية التي تطرأ أثناء نظر الدعوى الجنائية، ولا تكون هي محل الاتهام الأصلي، إلا أن الفصل فيها يكون لازمًا أو مؤثرًا في الفصل في موضوع الدعوى.
فهي مسائل عارضة، لكنها ليست هامشية، إذ قد يترتب على حسمها نفي ركن من أركان الجريمة، أو سقوط صفة المجني عليه، أو بطلان دليل جوهري.
ومن أمثلتها:
منازعات الملكية أو الحيازة
صحة أو بطلان التصرفات القانونية
الصفة أو الأهلية
وجود علاقة قانونية سابقة تبرر الفعل
ثانيًا: الأساس القانوني للدفوع المتعلقة بالمسائل الفرعية
يقوم الأساس القانوني لهذه الدفوع على مجموعة من المبادئ المستقرة، من أهمها:
1- مبدأ حق الدفاع
يُعد حق الدفاع من الضمانات الدستورية الأصيلة، ويشمل تمكين المتهم من إثارة كل ما من شأنه التأثير في مسؤوليته الجنائية، سواء تعلّق ذلك بجوهر الاتهام أو بمسألة فرعية مرتبطة به.
ومن ثم، فإن حرمان المتهم من إثارة دفع يتعلق بمسألة فرعية منتجة يُعد إخلالًا بحق الدفاع.
2- شمول ولاية المحكمة الجنائية
الأصل أن المحكمة الجنائية مختصة بالفصل في كل ما يُعرض عليها من مسائل لازمة للفصل في الدعوى، ولو كانت في أصلها من اختصاص جهة قضائية أخرى، طالما كان الفصل فيها ضروريًا لحسم النزاع الجنائي.
ويُعد هذا المبدأ استثناءً تفرضه طبيعة الدعوى الجنائية واعتبارات سرعة الفصل فيها.
3- وحدة الواقعة الجنائية
تقوم العدالة الجنائية على مبدأ وحدة الواقعة، بما يقتضي عدم تجزئة عناصرها القانونية. فإذا كان ثبوت الجريمة متوقفًا على مسألة فرعية، تعيّن على المحكمة بحثها والفصل فيها.
ثالثًا: الطبيعة القانونية للدفوع المتعلقة بالمسائل الفرعية
تتسم هذه الدفوع بطبيعة قانونية خاصة، إذ لا يمكن تصنيفها دائمًا ضمن الدفوع الشكلية أو الموضوعية بشكل قاطع، فقد تكون:
دفوعًا موضوعية إذا انصبت على نفي ركن من أركان الجريمة
دفوعًا إجرائية إذا تعلقت بصحة دليل أو إجراء
أو ذات طبيعة مركبة تجمع بين الأمرين
وهذه الطبيعة الخاصة هي ما يفرض على المحكمة الجنائية التعامل معها بجدية وتحقيق دقيق.
رابعًا: سلطة المحكمة الجنائية في الفصل في المسائل الفرعية
الأصل أن المحكمة الجنائية تفصل بنفسها في المسائل الفرعية المعروضة عليها، متى كان الفصل فيها لازمًا للفصل في الدعوى الجنائية.
غير أن هذا الفصل يكون فصلًا عارضًا أو مؤقتًا، لا يحوز حجية أمام القضاء المختص بالفصل في الموضوع الأصلي للمسألة.
ولا يجوز للمحكمة أن تمتنع عن الفصل في مسألة فرعية بحجة خروجها عن اختصاصها، طالما كانت منتجة في الدعوى.
خامسًا: التفرقة بين المسائل الفرعية والمسائل الأولية
من الضوابط الجوهرية في هذا المجال التمييز بين:
المسألة الفرعية: تفصل فيها المحكمة الجنائية مباشرة دون وقف الدعوى
المسألة الأولية: يخرج الفصل فيها عن اختصاص المحكمة الجنائية، ويتوقف عليها الفصل في الدعوى، مما يوجب وقف السير فيها لحين حسمها من الجهة المختصة
ويُعد الخلط بين النوعين سببًا لفساد الحكم ومساسًا بحقوق الدفاع.
سادسًا: الضوابط العملية لإثارة الدفوع المتعلقة بالمسائل الفرعية
1- أن تكون المسألة منتجة في الدعوى
يشترط أن يكون الفصل في المسألة الفرعية مؤثرًا في الحكم، بحيث يترتب على قبول الدفع تغيير وجه الرأي في الدعوى.
2- الجدية وعدم الكيدية
لا تلتزم المحكمة بالرد على دفوع مرسلة أو واهية، بل يشترط أن يكون الدفع جديًا مؤسسًا على وقائع وأسانيد قانونية واضحة.
3- التوقيت القانوني لإثارة الدفع
يجب إثارة الدفع في الوقت المناسب وقبل إقفال باب المرافعة، حتى تتمكن المحكمة من بحثه وتحقيقه.
4- وضوح صياغة الدفع
يتعين أن يُصاغ الدفع بصياغة محددة وواضحة، مع بيان المسألة الفرعية محل الدفع وأثرها في الدعوى.
سابعًا: التزام المحكمة بالرد على الدفوع المتعلقة بالمسائل الفرعية
إذا كان الدفع جوهريًا ومنتجًا في الدعوى، التزمت المحكمة بالرد عليه ردًا صريحًا ومسببًا.
ويُعد إغفال الرد أو الاكتفاء برد ضمني غير كافٍ قصورًا في التسبيب وإخلالًا بحق الدفاع.
ثامنًا: أثر قبول أو رفض الدفع على الحكم الجنائي
1- في حالة قبول الدفع
يترتب على ذلك:
القضاء بالبراءة
أو استبعاد دليل جوهري
أو تعديل الوصف القانوني للواقعة
2- في حالة رفض الدفع
يجب أن يكون الرفض قائمًا على أسباب سائغة ومقبولة قانونًا، وإلا شاب الحكم عيب القصور.
تاسعًا: موقف محكمة النقض
استقر قضاء محكمة النقض على أن إغفال المحكمة الرد على دفع جوهري يتعلق بمسألة فرعية منتجة في الدعوى، يُعد إخلالًا بحق الدفاع يوجب نقض الحكم، متى كان من شأن هذا الدفع – لو صح – أن يغير وجه الرأي في الدعوى.
خاتمة الأساس القانوني والضوابط العملية للدفوع المتعلقة بالمسائل الفرعية
إن الدفوع المتعلقة بالمسائل الفرعية تمثل حجر زاوية في الدفاع الجنائي المتخصص، لما لها من دور حاسم في كشف الحقيقة القانونية للواقعة. ويظل نجاح هذه الدفوع مرهونًا بإدراك أساسها القانوني، والالتزام بضوابطها العملية، وحسن صياغتها وتقديمها في التوقيت المناسب، بما يحقق العدالة ويحفظ حقوق المتهم.
الدفوع المتعلقة بالمسائل الفرعية في الدعوى الجنائية
الأستاذ محمد منيب – خبرة متخصصة في الدفوع المتعلقة بالمسائل الفرعية في القضايا الجنائية
يُعد الأستاذ محمد منيب من المحامين المتخصصين في القضايا الجنائية وإعداد الدفوع المتعلقة بالمسائل الفرعية باحتراف ودقة، بخبرة قانونية تمتد لأكثر من 20 عامًا في ممارسة الدفاع أمام مختلف درجات المحاكم الجنائية.
وقد تميزت خبرته بالقدرة على التعامل مع أدق المسائل القانونية المرتبطة بالدعوى الجنائية، مثل منازعات الملكية، وصحة التصرفات القانونية، وانتفاء الصفة أو القصد الجنائي، وهي مسائل يكون لها تأثير حاسم في مصير الدعوى.
ويعتمد الأستاذ محمد منيب في عمله على منهج دفاعي تحليلي متكامل، يجمع بين الفقه الجنائي المستقر وأحكام محكمة النقض المصرية، مع صياغة دفوع قانونية دقيقة تستوفي الضوابط العملية والشكليات الإجرائية، بما يضمن أقصى حماية ممكنة لحقوق المتهم.
فإذا كنت تبحث عن محامٍ خبير في الدفوع الجنائية والمسائل الفرعية وقادر على بناء دفاع قوي من الأساس القانوني الصحيح، فإن مكتب الأستاذ محمد منيب يُعد اختيارًا موثوقًا لتحقيق أفضل النتائج القانونية.
محمد منيب المحامي محامي مصر
عنوان المكتب : 13 شارع الخليفه من شارع الهرم بجوار السجل المدني
- أرقام تليفونات المكتب :
- خدمة العملاء: 01006321774
- للاستفسار عبر الواتسآب مباشر (اضغط هنا): 01223232529
- بتحديد موعد بعد دفع قيمتها على فودافون كاش أو انستاباي

